وسم -الشافعية
الشافعية أو المذهب الشافعي أو الفقه الشافعي اشتهر هذا المصطلح منذ البدايات المبكرة لنشوء المدارس الفقهية السنية المختلفة، لكنه بالتأكيد ظهر في حياة الإمام محمد بن إدريس الشافعي (150-204 هـ) الذي ينسب إليه المذهب الشافعي.
ويعتمد المذهب الشافعي في استنباطاته وطرائق استدلاله على الأصول التي وضعها الإمام الشافعي بشكل عام، لكن ليس بالضرورة أن تتوافق آراء المذهب الشافعي مع آراء الإمام الشافعي نفسه، بل قد يكون المذهب استقر على ورجّح خلاف ما رجحه الشافعي، لكن الأصول وطرائق الاستدلال واحدة.
ومما يُذكر أن الإمام الشافعي يُعد أول من دوّن كتاباً متكاملاً في العلم المعروف بأصول الفقه وذلك في كتابه الشهير الرسالة، كما دوّن كتباً أخرى منها: (الحجة) وهو الكتاب الفقهي الذي دوّنه أولاً في العراق ثم أعاد تأليفه وغير مذهبه في بضع عشرة مسألة فقهية فيه عندما سكن القاهرة وسمى الكتاب (الأم).
أبرز علماء الشافعية
الربيع بن سليمان الجيزي
عدنان إبراهيم
الربيع بن سليمان المرادي
البويطي
المزني
القاضي حسين
البيهقي
أبو إسحاق الشيرازي
البجيرمي
الخطيب الشربيني
الرافعي
أبو حامد الغزالي
السبكي
محي الدين يحيى بن شرف النووي
عبد الكريم بن محمد بن عبد الكريم بن الفضل بن الحسن القزويني الإمام أبو القاسم الرافعي
جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي
ابن حجر العسقلاني
جمال الدين الإسنوي
إمام الحرمين أبو المعالي الجويني
شهاب الدين الرملي
وغيرهم كثير
من روى عن الشا فعي في المذهب القديم:
محمد الزعفراني
والحسين الكرابيسي
إبراهيم أبو ثور
من رواة الشافعي في المذهب الجديد:
يوسف البويطي
إسماعيل ابن يحيى المزني
الربيع ابن سليمان المرادي
أماكن الانتشار:
ينتشر المذهب الشافعي في مختلف بقاع الأرض، حيث يوجد بشكل كبير في بلاد الشام ومصر وإندونيسيا وماليزيا وشرق أفريقيا وجنوب الهند وتعتبر الغالبية الكبری في اليمن وتنتشر في اجزاء منالحجاز وتهامة وفي الأحساء في المنطقة الشرقية وفي مناطق جازان وعسير جنوب السعودية ، وفي وسط العراق وإقليم كردستان، وفي أجزاء من إيران وجنوب سلطنة عمان.
أصول مذهب الإمام الشافعي
إن لكل مذهب فقهي أصوله، وبهذه الأصول تتميز المذاهب. وكلما كانت الأصول واضحة ومتفقة في المذهب، كانت الاستنباطات والاجتهادات أسدّ وأقرب. وقد جرت عادة حملة المذاهب بعد الأئمة على استنباط طرائق الاجتهاد والاستدلال من مناهج أصحاب المذاهب؛ ومن هنا نشأ علم الأصول في المذاهب.
أما في مذهب الإمام الشافعي : فقد كان الأمر مختلفا، فالإمام الشافعي هو الذي كان وضع أصول مذهبه بنفسه، وبدأ بناء المذهب على هذه الأصول، وكان “كتاب الرسالة” الأولى، ثم الثانية من أول ما كُتب في علم أصول الفقه، فالإمام الشافعي أول من وضع كتابا مستقلا في علم الأصول.
ولقد ساعد الشافعي في بناء علم الأصول أنه استطاع أن يَسْتَشِفّ مناهج المدارس الفقهية التي سبقته، فهو تلميذ المدرسة المكية، ووارثُ علمها، فقد ابتدأ الرضاع من معينها كما سبق في ترجمته.
ثم اتجه إلى المدرسة المدنية وتلقى العلم على شيخها، وإمامهما، ووارث علمها الإمام مالك بن أنس، وظلّ الإمام الشافعي معه حتى توفّاه الله، وكان تأثر به تأثرا بالغا، حتى صار يفتي على أصوله ويتكلم بلسانه. وكان ذلك والشافعي لا زال في مرحلة مبكرة، فقد مات الإمام مالك والشافعي في الخامسة أو السادسة والعشرين من عمره.
ثم لما ورد بغداد، والتقى بحامل سيف الأحناف، ولسانهم : محمد بن الحسن الشيباني، تلميذ أبي حنيفة النجيب، وناشر مذهبه، والمُقَعِّد لأصوله، الضابط لفروعه، لما التقى به الإمام الشافعي، حرص على أخذ علم مدرسة العراق منه، فأكبّ عليه مجتهدا في التحصيل، حريصا على الشاردة قبل الواردة، فاستطاع خلال فترة وجيزة حمل علم الإمام محمد بن الحسن، وقد تقدمت في ترجمة الإمام الشافعي رواية أبي عبيد عنه إذ يقول : ” كتبت عن محمد وقر بعير “.
وشرع الشافعي، سليل المدرسة المكية والمدنية، بمقارنة علم مدرسة أبي حنيفة بالمدرستين الأخرىين، وقال في ذلك فيما رواه عنه أحمد بن أبي سريج كما تقدم في ترجمة الشافعي : ” قد أنفقت على كتب محمد ستين دينارا، ثم تدبرتها، فوضعت إلى جنب كل مسألة حديثا”، يعني: رد عليه.
لقد استطاع الإمام الشافعي من خلال هذه الدراسات وغيرها أن يتعرف أصول المذاهب التي تقدمته، واستطاع بما وهبه الله من ذكاء خارق، وكمال عقل، وحسن فهم، وسعة إدراك، وموسوعية معرفة، وكثرة حفظ، وصفاء ذهن، وقبل ذلك وبعده ما حباه الله اياه من توفيق وتسديد، استطاع أن يتعمق في علم أصول الفقه، وأن يضع “رسالته ” الأولى، بطلب من شيخه الإمام عبد الرحمن بن مهدي، والتي رأى فيها مشايخه فتحا عظيما من الله لهذه الأمة تحقق علي يديه.
قال جعفر ابن أخي أبي ثور الكلبي، عن عمه : “كتب عبد الرحمن بن مهدي إلى الشافعي وهو شاب أن يضع له كتابا فيه معاني القرآن، ويجمع قبول الأخبار، وحجة الإجماع، وبيان الناسخ والمنسوخ، فوضع له كتاب ” الرسالة “. قلت : ولما رآها الامام عبد الرحمن بن مهدي فرح وسُرّ بها غاية السرور، وأخذ يدعو للشافعي في كل صلاة، كما مرّ في ترجمة الإمام.
الأصل الأول : كتاب الله
والاستدلال به يتوقف على معرفة اللغة، ومعرفة أقسامها. وهو ينقسم إلى : أمر ونهي، وعام وخاص، ومجمل ومبين، وناسخ ومنسوخ.
الأصل الثاني : السنة
والسنة في اللغة : أصلها الطريقة المحمودة، قال الخطابي، فإذا أُطلقت انصرفت إليها، وقد تستعمل غير مقيدة، كقولهم : من سنّ سنة سيئة. وتطلق على الواجب في عُرف اللغويين والمحدّثين، وأما في عُرف الفقهاء، فيطلقونها على ما لا ليس بواجب، وتطلق في مقابلة البدعة.
والسنة في المصطلح : تُطلق على ما صدر من النبي من ألأقوال، والأفعال، والتقرير، والهم، وهذا الأخير لم يذكره الأصوليون، ولكن الشافعي استعمله في الاستدلال.
ويطلق على ما ترجح جانب وجوده على جانب عدمه ترجيحا ليس معه المنع من النقيض. البحر المحيط للزركشي 4/164
منزلة السنة عند الشافعية:
نص الامام الشافعي في ” الرسالة ” على أن السنة منزَّلة كالقرآن، محتجا بقول الله (واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة) سورة الأحزاب 34. فذكر السنة بلفظ التلاوة كالقرآن، وبين سبحانه أنه آتاه مع الكتاب غير الكتاب،، وهو ما سنّه على لسانه مما لم يذكره فيه، ولهذا قال ” ألا إني قد أوتيت القرآن، ومثله معه “.رواه أبو داود. وفي بعض طرقه قال : ” أوتيت القرآن، وأوتيت مثله ” من السنن التي لم ينطق بها القرآن بنصه، وما هي الا مفسرة لإرادة الله به، كتحريم الحمار الأهلي، وكل ذي ناب من السباع، وليسا بمنصوصين في الكتاب. المرجع السابق.
وقال ابن حبان في صحيحه في قوله : ” بلغوا عني ولو آية “، قال : ” فيه دلالة على أن السنة يقال فيها : آي. وقال الشافعي في “الرسالة ” : في باب فرض طاعة الرسول : قال الله : (من يطع الرسول فقد أطاع الله) سورة النساء 80. وكل فريضة فرضها الله في كتابه كالحج، والصلاة، والزكاة، لولا بيان الرسول ما كنا نعرف كيف نأتيها، ولا كان يمكننا أداء شيء من العبادات، واذا كان الرسول من الشريعة بهذه المنزلة، كانت طاعته على الحقيقة طاعة لله.
والسنة تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي ” الرِّسَالَةِ ” : لَا أَعْلَمُ خِلَافًا بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ سُنَنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَنْقَسِمُ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ :
أَحَدُهَا : مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ نَصَّ كِتَابٍ، فَبَيَّنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ نَصِّ الْكِتَابِ.
وَالثَّانِي : مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ جُمْلَةَ كِتَابٍ، فَبَيَّنَ عَنْ اللَّهِ مَا أَرَادَ، وَهَذَانِ الْوَجْهَانِ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِيهِمَا.
وَالثَّالِثُ : مَا سَنَّ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَيْسَ فِيهِ نَصُّ كِتَابٍ، وَاخْتَلَفُوا فِيهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : جَعَلَ اللَّهُ [ لَهُ بِمَا ] فَرَضَ مِنْ طَاعَتِهِ، وَسَبَقَ فِي عِلْمِهِ مِنْ تَوْفِيقِهِ لِرِضَاهُ، أَنْ يَسُنَّ فِيمَا لَيْسَ فِيهِ نَصُّ كِتَابٍ.
وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : لَمْ يَسُنَّ سُنَّةً قَطُّ إلَّا وَلَهَا أَصْلٌ فِي الْكِتَابِ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : بَلْ جَاءَتْهُ رِسَالَةُ اللَّهِ فَأَثْبَتَ سُنَّتَهُ بِفَرْضِ اللَّهِ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : أُلْقِيَ فِي رُوعِهِ كَمَا سَنَّ. البحر المحيط
والسنة على قسمين:
1- الأقوال : وَتَنْقَسِمُ إلَى نَصٍّ، وَظَاهِرٍ مُجْمَلٍ وَغَيْرِهِ، وَقَدْ سَبَقَتْ مَبَاحِثُ الْأَقْوَالِ بِأَقْسَامِهَا مِنْ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، وَالْعَامِّ وَالْخَاصِّ، وَالْمُجْمَلِ وَالْمُبَيَّنِ، وَالنَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ. 2- الأفعال : وَعَادَتُهُمْ يُقَدِّمُونَ عَلَيْهَا الْكَلَامَ عَلَى الْعِصْمَةِ ؛ لِأَجْلِ أَنَّهُ يَنْبَنِي عَلَيْهَا وُجُوبُ التَّأَسِّي بِأَفْعَالِهِ.
الأصل الثالث : الإجماع
الإجماع لغة : يطلق في اللغة على معنيين : العزم على الشيء والإمضاء، والثاني : الاتفاق.
الإجماع في المصطلح : هُوَ اتِّفَاقُ مُجْتَهِدِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ وَفَاتِهِ فِي حَادِثَةٍ عَلَى أَمْرٍ مِنْ الْأُمُورِ فِي عَصْرٍ مِنْ الْأَعْصَارِ. فَخَرَجَ اتِّفَاقُ الْعَوَامّ، فَلَا عِبْرَةَ بِوِفَاقِهِمْ وَلَا خِلَافِهِمْ، وَيَخْرُجُ أَيْضًا اتِّفَاقُ بَعْضِ الْمُجْتَهِدِينَ. وَبِالْإِضَافَةِ إلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ خَرَجَ اتِّفَاقُ الْأُمَمِ السَّابِقَةِ، وَإِنْ قِيلَ بِأَنَّهُ حُجَّةٌ عَلَى رَأْيٍ، لَكِنَّ الْكَلَامَ فِي الْإِجْمَاعِ الَّذِي هُوَ حُجَّةٌ.
حجية الإجماع:
قال الإمام الشافعي في ” الرسالة ” ص 471-476: ” فقال لي قائل : قد فهمتُ مذهبك في أحكام الله، ثم أحكام رسوله، وأنّ من قَبِل عن رسول الله، فعن الله قَبِل، فإن الله افترض طاعة رسوله، وقامت الحجة بما قلتَ : بأن لا يحلَّ لمسلم عَلِمَ كتاباً ولا سنة أن يقول بخلاف واحد منهما، وعلمتُ أن هذا فرضُ الله. فما حجتك في أن تَتْبع ما اجتمع الناس عليه مما ليس فيه نص حكم لله ولم يحكوه عن النبي ؟ أتزعُمُ ما يقول غيرك أن إجماعهم لا يكون أبداً إلا على سنة ثابتة وإن لم يحكوها ؟ قال : فقلت له : أمَّا ما اجتمعوا عليه فذكروا أنه حكاية عن رسول الله، فكما قالوا إن شاء الله وأما ما لم يحكوه، فاحتمل أن يكون قالوا حكايةً عن رسول الله، واحتمل غيره، ولا يجوز أن نَعُدَّه له حكايةً، لأنه لا يجوز أن يحكي إلا مسموعاً، ولا يجوز أن يحكي شيئاً يُتَوَهَّم يمكن فيه غير ما قال. فكنا نقول بما قالوا به اتباعاً لهم، ونعلم أنهم إذا كانت سنن رسول الله لا تَعزُبُ عن عامتهم، وقد تعزُبُ عن بعضهم. ونعلم أن عامّتهم لا تجتمع على خلافٍ لسنة رسول الله، ولا على خطأ إن شاء الله. فإن قال : فهل من شيء يدل على ذلك وتشدُّه به ؟ قيل : أخبرنا سفيان عن عبد الملك بن عمير عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه : أن رسول الله قال : ” نَصَّرَ الله عبداً “. أخبرنا سفيان عن عبد الله بن أبي لبيد عن ابن سليمان بن يسار عن أبيه : ” أن عمر بن الخطاب خطبَ الناسَ بالجابية فقال : إن رسول الله قام فينا كمَقَامي فيكم، فقال : “أكرموا أصحابي، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يظهر الكذب، حتى إن الرجل لَيَحْلف، ولا يُستحلف، ويَشهد ولا يُستشهد، ألا فمن سرَّه بَحبَحَة الجنة، فليلزم الجماعة، فإن الشيطان مع الفَذّ، وهو من الاثنين أبعد، ولا يخلُوَنَّ رجل بامرأة، فإن الشيطان ثالثهم، ومن سَرَّته حسنته وساءته سيئته فهو مؤمن “. قال : فما معنى أمر النبي بلزوم جماعتهم ؟ قلت : لا معنى له إلا واحد. قال : فكيف لا يحتمل إلا واحداً ؟ قلت : إذا كانت جماعتهم متفرقة في البلدان، فلا يقدر أحدٌ أن يلزم جماعةَ أبدانِ قومٍ متفرقين، وقد وُجِدَت الأبدان تكون مجتمعة من المسلمين والكافرين والأتقياء والفُجَّار، فلم يكن في لزوم الأبدان معنى، لأنه لا يمكن، ولأن اجتماع الأبدان لا يصنع شيئاً، فلم يكن للزوم جماعتهم معنى، إلا ما عليهم جماعتهم من التحليل والتحريم والطاعة فيهما، ومن قال بما تقول به جماعةُ المسلمين فقد لزم جماعتهم، ومن خالف ما تقول به جماعةُ المسلمين، فقد خالف جماعتهم التي أُمِرَ بلزومها، وإنما تكون الغفلة في الفُرقة، فأما الجماعة فلا يمكن فيها كافةً غفلةٌ عن معنى كتاب ولا سنة ولا قياس إن شاء الله “. انتهى
قلت : والإجماع حجة شرعية عند جميع العلماء، ولم يخالف فيه غير النّظّام والروافض.
الأصل الرابع قول الصحابي على القديم:
قال الإمام الشافعي في كتاب “الأم ” : مَا كَانَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ مَوْجُودَيْنِ فَالْعُذْرُ عَلَى مَنْ سَمِعَهُمَا مَقْطُوعٌ إلَّا بِاتِّبَاعِهِمَا، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ صِرْنَا إلَى أَقَأوِيلِ أَصْحَابِ الرَّسُولِ أَوْ وَاحِدِهِمْ، وَكَانَ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ – رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ – أَحَبَّ إلَيْنَا إذَا صِرْنَا إلَى التَّقْلِيدِ، وَلَكِنْ إذَا لَمْ نَجِدْ دَلَالَةً فِي الِاخْتِلَافِ تَدُلُّ عَلَى أَقْرَبِ الِاخْتِلَافِ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَنَتَّبِعُ الْقَوْلَ الَّذِي مَعَهُ الدَّلَالَةُ، لِأَنَّ قَوْلَ الْإِمَامِ مَشْهُورٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ النَّاسَ وَمِنْ لَزِمَ قَوْلُهُ النَّاسَ كَانَ أَظْهَرُ مِمَّنْ يُفْتِي الرَّجُلَ وَالنَّفَرَ، وَقَدْ يَأْخُذُ بِفُتْيَاهُ وَقَدْ يَدَعُهَا، وَأَكْثَرُ الْمُفْتِينَ يُفْتُونَ الْخَاصَّةَ فِي بُيُوتِهِمْ وَمَجَالِسِهِمْ، وَلَا يَعْنِي الْخَاصَّةَ بِمَا قَالُوا : عِنَايَتُهُمْ بِمَا قَالَ الْإِمَامُ. ثُمَّ قَالَ : فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ عَنْ الْأَئِمَّةِ فَأَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الدِّينِ فِي مَوْضِعِ الْأَمَانَةِ أَخَذْنَا بِقَوْلِهِمْ، وَكَانَ اتِّبَاعُهُمْ أَوْلَى بِنَا مِنْ اتِّبَاعِ مَنْ بَعْدِهِمْ. البحر المحيط 6/55
قال الزركشي : “وَهَذَا صَرِيحٌ مِنْهُ فِي أَنَّ قَوْلَ الصَّحَابِيِّ عِنْدَهُ حُجَّةٌ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْقِيَاسِ، كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ، فَيَكُونُ لَهُ قَوْلَانِ فِي الْجَدِيدِ، وَأَحَدُهُمَا مُوَافِقٌ لِلْقَدِيمِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ غَفَلَ عَنْ نَقْلِهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ”.
الأصل الخامس القياس:
والنظر فيه أوسع من غيره من أبواب الأصول. قال إمام الحرمين الجُوينيّ: “الْقِيَاسُ مَنَاطُ الِاجْتِهَادِ، وَأَصْلُ الرَّأْيِ، وَمِنْهُ يَتَشَعَّبُ الْفِقْهُ وَأَسَالِيبُ الشَّرِيعَةِ، وَهُوَ الْمُفْضِي إلَى الِاسْتِقْلَالِ بِتَفَاصِيل أَحْكَامِ الْوَقَائِعِ مَعَ انْتِفَاءِ الْغَايَةِ وَالنِّهَايَةِ، فَإِنَّ نُصُوصَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مَحْصُورَةٌ مَقْصُورَةٌ، وَمَوَاضِعُ الْإِجْمَاعِ مَعْدُودَةٌ مَأْثُورَةٌ، فَمَا يُنْقَلُ مِنْهَا تَوَاتُرًا فَهُوَ الْمُسْتَنِدُ إلَى الْقَطْعِ، وَهُوَ مُعْوِزٌ قَلِيلٌ، وَمَا يَنْقُلُهُ الْآحَادُ مِنْ عُلَمَاءِ الْأَعْصَارِ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ أَخْبَارِ الْآحَادِ، وَهِيَ عَلَى الْجُمْلَةِ مُتَنَاهِيَةٌ، وَنَحْنُ نَعْلَمُ قَطْعًا أَنَّ الْوَقَائِعَ الَّتِي يَتَوَقَّعُ وُقُوعَهَا لَا نِهَايَةٌ لَهَا “.
القياس لغة : فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ تَقْدِيرُ شَيْءٍ عَلَى مِثَالِ شَيْءٍ آخَرَ وَتَسْوِيَتُهُ بِهِ، وَلِذَلِكَ سُمِّيَ الْمِكْيَالُ مِقْيَاسًا، وَمَا يُقَدَّرُ بِهِ النِّعَالُ مِقْيَاسًا، وَفُلَانٌ لَا يُقَاسُ بِفُلَانٍ : أَيْ لَا يُسَأوِيهِ.البحر المحيط 5/376
القياس اصطلاحا : هو رد الفرع إلى الأصل بعلة تجمعهما في الحكم وهو ينقسم إلى ثلاثة أقسام إلى قياس علة وقياس دلالة وقياس شبه.متن الورقات لإمام الحرمين الجويني ص 26
كتب الأصول في مذهب الشافعي:
لقد حظي مذهب الإمام الشافعي بميزة تفرد بها عن غيره، وهي غناه بكثرة المصنفات في علم الأصول، فالكتب المصنفة في أصول الفقه الشافعي كثيرة جدا، وقد أردتُ أن أُحصيَها فزاد ما وقفت عليه على 300 كتاب، دون كبير بحث، فتوقفت، ويكفي أن يعلم القارئ الفاضل، أن كتاب الإمام العلامة البيضاوي المسمى ” منهاج الوصول إلى علم الأصول ” قد بلغ عدد الكتب التي خدمته، إما بالشرح، أو التحشية، أو النظم، قد بلغت نحوا من 35 كتابا. فما بالك بغيره !!!
من أبرز المؤلفات في هذا المذهب:
الأم للشافعي.
الرسالة للشافعي.
منهاج الطالبين للنووي.
روضة الطالبين وعمدة المفتين للنووي
المجموع للنووي
متن أبي شجاع، الإقناع، تحفة المحتاج، مغني المحتاج، نهاية المحتاج، الوسيط، منهج الطلاب.
الحاوي الكبير للماوردي.
كفاية الأخيار للحصني.
مختصر المُزَنِيّ(المُزَنِيّ).
(التَّهْذِيْبُ، الفَتَأوَى) للإمام البغويّ.
الشَّرح الكبير المسمَّى(فتح العزيز), للإمام الرَّافعي.
المقدمة الحضرمية لعبد الله بأفضل الحضرمي
المنهج القويم شرح مسائل التعليم (شرح المقدمة الحضرمية)لابن حجر الهيتمي
عمدة السالك وعدة الناسك لأبي شهاب المصري