وسم -ابن رشد
نشأ ابن رشد وسط أسرة أندلسية بارزة مارست الفتوى والزعامة الفقهية، فجده المشهور باسم ابن رشد الجد، للتمييز بينه وبين حفيده الفيلسوف، كان شيخ المالكية وقاضي الجماعة وإمام جامع قرطبة، كما كان جده من كبار مستشاري أمراء الدولة المرابطية. أما والده فهو أبو القاسم أحمد بن أبي الوليد، الذي كان فقيها له مجلس يدرس فيه في جامع قرطبة، وله تفسير للقرآن في أسفار، وشرحً على سنن النسائي وتولى القضاء في قرطبة عام 532 هـ، بينما كان ابنه ابن رشد آنذاك في الثانية عشرة من عمره. فترك أبو القاسم القضاء لينقطع إلى التدريس والتأليف، في الفقه والتفسير والحديث، إلى أن توفي سنة 563 هـ عندما كان ابنه في أوج نشاطه الفلسفي. فعايش ابن رشد الحفيد في شبابه أواخر العصر المرابطي، وتميز ذلك العصر بسلطة الفقهاء على الفكر والثقافة والمجتمع والسياسة.
درس ابن رشد الفقه على يدي الفقيه الحافظ أبي محمد بن رزق، واستظهر كتاب الموطأ حفظا للأمام مالك على يدي أبيه الفقيه أبي القاسم ، ودرس، أيضا، على أيدي الفقيه أبي مروان عبد الملك بن مسرة، والفقيه ابن بشكوال وأبي بكر بن سمحون، وأبي جعفر بن عبد العزيز، الذي أجاز له أن يفتي في الفقه مع الفقيه أبي عبد الله المازري. كما درس على أيدي أبو جعفر هارون، وأبو مروان ابن جبرول من بلنسية، وكان أقرب من أبو بكر بن زاهر (أحد أبناء ابن زهر)، وفي الفلسفة تأثر بابن باجة، كما كان صديقا لابن طفيل.
خدمته في البلاط
تولى القضاء سنة 1169م في إشبيلية ثم في قرطبة. وحين استقال ابن طفيل من طبابة الخليفة اقترح اسم ابن رشد ليخلفه في منصبه، فاستدعاه الخليفة الموحدي أبو يعقوب يوسف إلى مراكش سنة 578هـ وجعله طبيبه الخاص، وقربه منه وقضى في مراكش زهاء عشر سنوات. وكان الخليفة أبو يعقوب يستعين بابن رشد إذا احتاج الأمر للقيام بمهام رسمية عديدة، ولأجلها طاف في رحلات متتابعة في مختلف أصقاع المغرب؛ فتنقَّل بين مراكش وإشبيلية وقرطبة، ثم ولاَّه منصب قاضي الجماعة في قرطبة ثم في إشبيلية، فلما مات أبو يعقوب يوسف وخلفه ابنه المنصور الموحدي زادت مكانة ابن رشد في عهده مكنة ورفعة، وقرَّبه الأمير إليه، ولكن كاد له بعض المقرَّبين من الأمير، فأمر الأمير بنفيه وتلامذته إلى قرية اليسانة التي كان أغلب سكانها من اليهود، وأحرق كتبه، وأصدر منشورًا إلى المسلمين كافَّة ينهاهم عن قراءة كتب الفلسفة، أو التفكير في الاهتمام بها، وهَدَّد مَنْ يُخَالِف أمره بالعقوبة. وبقي بتلك القرية لمدة سنتين، وبعد تأكد السلطان من بطلان التهمة السياسية التي كانت وراء تلك النكبة عفا عنه واستدعاه من جديد إلى مراكش وأكرم مثواه كأحد كبار رجال الدولة. ثم إن السلطان نفسه أخذ في دراسة الفلسفة والاهتمام بها أكثر من ذي قبل. ولكن الفيلسوف لم يهنأ بهذا العفو فأصيب بمرض لم يمهله سوى سنة واحدة مكث بها بمراكش حيث توفي سنة 595هـ/ 1198م.وقد دفن بها، قبل أن تنقل رفاته في وقت لاحق إلى مسقط رأسه قرطبة.
يرى ابن رشد أن لا تعارض بين الدين والفلسفة، ولكن هناك بالتأكيد طرقاً أخرى يمكن من خلالها الوصول لنفس الحقيقة المنشودة. ويؤمن بسرمدية الكون ويقول بأن الروح منقسمة إلى قسمين اثنين: القسم الأول شخصي يتعلق بالشخص والقسم الثاني فيه من الإلهية ما فيه. وبما أن الروح الشخصية قابلة للفناء، فإن كل الناس على مستوى واحد يتقاسمون هذه الروح وروح إلهية مشابهة. ويدعي ابن رشد أن لديه نوعين من معرفة الحقيقة، الأول معرفة الحقيقة استناداً على الدين المعتمد على العقيدة وبالتالي لا يمكن إخضاعها للتمحيص والتدقيق والفهم الشامل، والمعرفة الثانية للحقيقة هي الفلسفة، والتي ذكر بأن عدد من النخبويين الذين يحظون بملكات فكرية عالية توعدوا بحفظها وإجراء دراسات جديدة فلسفية.
له مؤلفات عدة في أربعة أقسام: شروح ومصنفات فلسفية وعملية، شروح ومصنفات طبية، كتب فقهية وكلامية، كتب أدبية ولغوية، لكنه اختص بشرح كل التراث الأرسطي. وقد أحصى جمال الدين العلوي 108 مؤلفاً لابن رشد، وصلنا منها 58 مؤلفاً بنصها العربي. كما يصنف محمد عابد الجابري مؤلفات إبن رشد في سبعة أصناف: ١) مؤلفات علمية تشتمل على إجتهادات في مجالات مختلفة كالفقه في كتاب بداية المجتهد ونهاية المقتصد و الطب في كتاب الكليات في الطب, ٢) الردود النقدية كرده على الغزالي في كتب الضميمة و فصل المقال و تهافت التهافت و رده على الأشاعرة في كتاب الكشف عن مناهج الأدلة ٣) المختصرات التي يدلي فيها إبن رشد بأراء إجتهادية ويعرض فيها ما يعتبره الضروري في الموضوع الذي يتناوله ككتاب الضروري في أصول الفقه أو مختصر المستصفى و كتاب الضروري في النحو
شروح ابن رشد لكتاب أرسطو “عن الروح”، مخطوطة فرنسية، الربع الثالث من القرن الثالث عشر الميلادي.
من شروحاته وتلاخيصه لأرسطو:
تلخيص وشرح كتاب ما بعد الطبيعة (الميتافيزياء).
تلخيص وشرح كتاب البرهان أو الأورغنون.
تلخيص كتاب المقولات (قاطيفورياس).
شرح كتاب النفس
شرح كتاب القياس.
وله مقالات كثيرة ومنها:
مقالة في العقل.
مقالة في القياس.
مقالة في اتصال العقل المفارق بالإنسان.
مقالة في حركة الفلك.
مقالة في القياس الشرطي.
وله كتب كثيرة وأشهرها:
كتاب بداية المجتهد ونهاية المقتصد في الفقه.
كتاب مناهج الأدلة، وهو من المصنفات الفقهية والكلامية في الأصول.
كتاب فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من الاتصال، وهو من المصنفات الفقهية والكلامية. وقد أكد فيه ابن رشد على أهمية التفكير التحليلي كشرط أساسي لتفسير القرآن الكريم، وذلك على النقيض من اللاهوت الأشعري التقليدي، حيث كان يتم التركيز بدرجة أقل على التفكير التحليلي وبدرجة أكثر على المعرفة الواسعة من مصادر أخرى غير القرآن على سبيل المثال الحديث الشريف.
كتاب تهافت التهافت الذي كان رد ابن رشد على الغزالي في كتابه تهافت الفلاسفة.
كتاب الكليات.
كتاب “الحيوان”.
كتاب “المسائل” في الحكمة.
كتاب “جوامع كتب أرسطاطاليس” في الطبيعيات والإلهيات.
كتاب “شرح أرجوزة ابن سينا” في الطب.