لا أعتقد شخصياً بوجود تعارض بين نظرية “داروين” ووجود خالق مبدع للحياة. كما لا أعتقد أن المشكلة تكمن في مسألتيْ التطور وطريقة انبثاق الحياة ، بل في محاولة استغلالهما كبديل لوجود الخالق وادعاء ظهور الحياة بطريقة ذاتية واعتباطية..
فتطور الكائنات وبث الخلائق مثبت في آيات كثيرة مثل قوله تعالى (يزيد في الخلق ما يشاء)، و(فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة)… أما ظهور الانسان من العدم – أو من بركة طين كما سنرى في قصة ابن الطفيل – فيؤكده قوله تعالى (ﺇنا خلقناهم من طين لازب)، و(ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمأ مسنون)..
… على أي حال؛
في آخر مقال أشرت إلى أن أفكار داروين كانت موجودة قبله كفلسفة في الثقافات الهندية والفارسية والعربية، كما أشرت إلى أسبقية ابن خلدون في القول بتطور الكائنات وتحولها من نوع لآخر واستشهدت بفقرات مهمة من مقدمته الشهيرة ….
واليوم سأستعرض معكم أدلة وشواهد (أخرى) تثبت وجود علماء وفلاسفة عرب – غير ابن خلدون – سبقوا داروين في القول بتطور الكائنات ونشوء الحياة من العدم …
فهناك مثلًا ابن الطفيل الذي عبر عن آرائه من خلال قصة أعطاها عنوانا ذا دلالة خاصة (حي بن يقظان) .. ففي هذه القصة يذكر ابن الطفيل كيف تخلّق (حي) في بركة طين لزجة حيث تشكلت أعضاؤه أولا من فقاعات طينية مختلفة ثم تجمعت في النهاية إنسانا كاملا …
ويقول في مطلع حكايته: “… إن بطناً من الأرض تخمرت فيه الطينة على مر السنين والأعوام حتى امتزج فيها الحار بالبارد والرطب باليابس وحدث فيها تكافؤ وتعادل في القوى (وهو مايشير الى حدوث تفاعل كيميائي) وظهر في الوسط لزوجة بجسم لطيف في غاية الاعتدال (أشار إليها لاحقا باسم الروح) فتعلق به عنده (أي ارتبط بهيئة كإنسان) …”
أما إخوان الصفا (وهم جماعة شبه سرية من الفلاسفة المسلمين في القرن الرابع الهجري) فتحدثوا عن تشكّل الكواكب وتخلّق الكائنات وتطور الانسان في رسائل دعيت “تحفة إخوان الصفا”…
فعن خلق الكواكب يقولون: “… ثم تستقر الأجسام على الشكل الكري (الكروي) الذي هو أفضل الأشكال فكان منه عالم الأفلاك والكواكب… ولما ترتبت هذه الأكر (الأجسام) كما أراد باريها دارت الأفلاك بأبراجها وكواكبها… ثم تركبت (أو تخلقت) على طول الزمان أنواع التراكيب (أو الخلائق) فالنبات أشرف تركيبا من المعادن والحيوان أشرف تركيبا من النبات والإنسان أشرف تركيبا من جميع الحيوان…”
وسياق التركيبات هذه (التي تشكلت على طول الزمان) توحي بوجود سلسلة تطورية بدأت من المعادن فالنباتات فالحيوان ثم الانسان الذي أصبح أشرف تركيباً من جميع الحيوان !!
أما ابن سينا فيقول في كتاب الإشارات والتنبيهات :
” … وما يحدث في عالمنا, إنما ينتج عنه بمعاضدة الأفلاك … وما يبقى في الأرض ووجد امتزاجا تحصل منه المعادن، وإن وجد امتزاجا أكثر يحدث النبات، وإن وجد امتزاجا أعلى يحصل منه الحيوان، وإن وجد امتزاجا أحسن وأعدل يحدث منه الإنسان …”
ولاحظ هنا استعماله كلمة “امتزاج” كمرادف ل”تفاعل كيميائي” يحصل بين عناصر الأرض فينتج منه الكائنات الحية حتى إن وجد امتزاجا أحسن وأعدل يحدث منه الإنسان!!
… باختصار ؛ يمكن القول إن انبثاق الخلق وتقسيم الكائنات إلى مراتب (يتصل آخر مرتبة بأول مرتبة تالية كما شرح ابن خلدون) كانت فكرة مقبولة وسائدة ووردت أيضا في كتاب القزويني (عجائب المخلوقات) وكتاب الجاحظ (الحيوان) وابن مسكويه في (تهذيب الأخلاق) ناهيك عن رسائل إخوان الصفا التي ظهرت بين 334 و 373 هجرية…!!
… وكما قلت سابقاً:
المشكلة في نظرية داروين لا تكمن في مسألتيْ التطور وانبثاق الحياة من العدم (كون حدوثهما لا يخرج عن إرادة الخالق عز وجل) بل في محاولة استغلالها كبديل لوجود خالق ومبدع للحياة .. والفرق الحقيقي في نظري هو فرق “عقدي” وليس “علمياً” ويكمن في تبني أحد موقفين :
إما الاعتقاد بانبثاق الحياة وتطور الكائنات بطريقة ذاتية وبمحض الصدفة والاعتباط ، وإما حدوث ذلك في ظل المشيئة الآلهية والإرادة الربانية !!
ولكن من قال أن العقيدة،والعلم يتجزءان ،حتى نشذب ما جاء به ابن طفيل أو داروين وغيرهما
ونحن نعلم جليا أن فرضياتهم تتناقض والحقائق التي جاء بها القرآن الكريم،فنسقط في فخ المغالطة ؟
فالإنسان يتطور من علقة إلى مضغة إلى أن يتشكل ثم تُنفخ فيه الروح
وإذا نتبنى فكرة أنها تفاعلات كيمياوية، ذلك التشكَل في الأرحام ،فماذا عن الروح
والتي هي من أمر الله أي ليست خاضعة لتدرج زمكاني؟
،،،نعم هي فرضيات سايرت أزمنة مضت ،كان فيها العقل البشري
يقبع في بوتقة الادراية بما يدور حوله ،لكن مالذي يُجبرنا أن نعود أدراجنا إلى الخلف
ونغمس أفكارنا في بقعة من ظلام ،فقط لنضفي على نظرية التطور بعض بريق ؟؟
فمن ذا يجهل في زمن التيكنولوجيا أن العناصر تتحلل وتتشكل ،وعجلة التطور سارية
وليس لسيرورتها على درب الوقائع انتكاسا ؟
مزيد من الإكتشافات هو مانطمح إليه ،ولسنا نكتفي بما اجترَته عقول السابقين
من تخمينات تنتقص إلى براهين علمية تؤيَد ماجاءت به.
اعتقد الهدف من المقال هو اثنان هدف عقدي والهدف الاخر هو من باب عدم تمييز داروين بالكامل ولهذا هو يلتفت الى من سبقوا داروين نظريا فقط ولكن داروين ابهر العالم باثباته النظرية علميا وصدقتي اختي ” مزيد من الإكتشافات هو مانطمح إليه ،ولسنا نكتفي بما اجترَته عقول السابقين من تخمينات تنتقص إلى براهين علمية تؤيَد ماجاءت به “
بدأ بعض اعداء دكتورعدنان يبثون دعايات بأن الشيخ ملحد متستر بالشيوخيه ولهذا السبب فهو يدعو الى تصديق نظرية التطور وانه في سلسلة المؤيدات كان يكذب وهو ليست لديه النيه اصلا بعرض نقود نظرية التطور ولا يريد تقديم وعرض الجزء الثاني من السلسله الخاص بالاعتراضات والنقود للنظريه لانه اصلا مصدق بها وهو ملحد كافر زنديق متستر بالدين ليبث الافكار الالحاديه بين الشباب المسلم.
أذن ان لم يستعجل الدكتور بعرض الجزء الثاني من السلسله الخاص بالاعتراضات والنقود للنظريه فسيصدق غالبية محبي الدكتور ادعاءات اعداءه ولن يستمعوا الى أراءه فتخسر الامه الاصلاح الذي ينشده الشيخ للامه
كلام فاارغ
الله يسامحكم يا كتاب تاريخنا لقد افسدوا كل شى ‘حت الاية التى تقول {فَأَمَّا الزبد فَيَذْهَبُ جُفَآءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ الناس فَيَمْكُثُ فِي الأرض} [الرعد: 17] فقد افسدوها الى زمن طويل
اذ كيف لا ينقل عن ابن خلدون مثلا الا الأقول التى تقول انه معادى لسلالة العرب والأمثلة كثيرة ومتعددة عن السلاطين والبذخ و التحرش و الفساد والمثل المشهور (اذا عربت خربت ) اما ابن الطفيل فالقصة المشهورة ان الطفل الذى تربى فى احضان الذئبة انما هو ابن غير شرعى لأميرة قد تخلصت منه بطريقة رحيمة
واما اخوان الصفا من يسهع عنهم ؟
لقد مرت حاية طويلة ونحن لا نعرف من تراثنا الا الخرفات حتى اصبحنا لا نفرق بين نشأة الخلية وخل الروح.
كلام رائع ومنطقي ..وفعلا من يفهم يدرك بان العالم لم يخلق صدفة وان البشر لم تخلق عبث..وانا اراء ان التطور فعلا موجود وهذا التطور وما يحدث يديره الله جل جلالة ..فنحن لم ينكتشف من العلم الا القليل وهذا ما جاء فالقرآن..ولكن طبعا انا غير مؤومن بنظرية داروين بأن البشر اصلهم قردة ..هذا طبعا محال…وتبقى نظرية والنظرية ممكن ان تنتقد وتتغير وتتطوار اذا ما صدقت بالتنبؤات …
الى الامام الدكتور عدنان لك من اللف تحية وتقدير