افتتح الدكتور أحمد العرفج حلقته بعددٍ من الأسئلة التي تتعلَّق بموضوع رجال الدين في الإسلام.
تحدَّث الدكتور عدنان إبراهيم عن رجال الدين، وقال تواتر في الفترة الأخيرة استعمال هذه الكلمة كثيراً، مُشيراً إلى أن الكثير مِمَن يستعملونها ليسوا واعين بالضبط بمضمونها الحقيقي.
أوضح أنه حين يستعمل هذه الكلمة يُريد بها علماء الدين، لكن في الحقيقة هي ليست من الأدبيات الإسلامية العتيدة، فهي ترجمة لمُصطلَح أجنبي ينتمي إلى سياق ديني يختلف عن السياق الإسلامي وهو السياق الديني المسيحي.
أضاف أن هذه الكلمة هي ترجمة للكلمة اليونانية Kleros – أي Clergy بالإنجليزية – والتي تعني نظام الكهنة، فكلمة رجال الدين يُراد بها نظام الكهانة.
أوضح أن هذه الكلمة لا يُراد بها نظام الرهبنة، فالسلك الرهبني مُختلِف تماماً عن السلك الكهنوتي، لكن أحياناً قد نجد راهباً مُرسَّماً في السلك الكهنوتي، وأشار إلى أن السلك يُقصَد به نوع من التراتبية المُؤسَّسية.
أضاف أن هذه الكلمة أصلها من التوراة، فالتوراة تُؤكِّد على ضرورة هذه المعاني الكهنوتية.
ذكر أن المسيح حين أتى ألغى هذا المعنى واعتبر نفسه الوسيط الوحيد بين الله وبين الخليقة، أي أنه الكاهن الوحيد أو الوسيط الوحيد بين الله وبين الخلق، لكنه بتفويض منه أعطى هذا للحواريين الاثني عشر، ولذلك امتلأوا بنعمة روح القدس بتفويض من المسيح وليس بقدرتهم الذاتية.
أوضح أن الكاهن فيما بعد رُتبة في السلك الكهنوتي هي المُسماة بالقس، لكن وظيفة الكاهن بشكل عام إقامة طقوس خاصة مثل القداس المُقدَّس والأسرار السبعة فضلاً عن الوعظ والتبشير والتفسير.
أكَّد على أهمية الأسرار السبعة في الكهنوت، والتي تعني نيل نعمة إلهية غير منظورة عن طريق واسطة منظورة، مثل سر الأفخارستيا أو التناول أو القربان المُقدَّس، حيث يتحوَّل الخمر الذي يشربونه والرقاق الذي يأكلونه إلى لحم المسيح ودمه.
ذكر أن التعليل لهذا عندهم هو أننا نعيش في الجسد وليس في الروح، لذا لابد أن نرى شيئاً محسوساً يُعبِّر عن شيئ آخر غير محسوس.
ذكر بشكل مُقتضَب الأسرار السبعة، مُشيراً إلى أن بطرس بنى الكنيسة التي يعتقد الكاثوليك أنها كنيسة روما، ثم تسلسل التفويض في الأساقفة الكبار، وبالتالي الرئيس الأعظم بعد ذلك سيكون البابا الذي سيُعتبَر امتداداً أعلى ولذا هو ظل الله في الأرض.
أوضح أن الرُتب الكهنوتية تُقسَّم تقسيمات مُتشابِهة بين الكنائس ضمن هيراركية صارمة وتحدَّث باقتضاب عنها.
تحدَّث عن طبيعة سُلطات الكهنة مثل تفسير الكتاب المُقدَّس وخاصة البابا الذي يُعَد معصوماً، وقال الآن بدأوا يُناقِشون هذه العصمة، لكن هو معصوم عندهم لأن المسيح قال لبطرس على هذه الصخرة تبني كنيستي وما تحله في الأرض يكون في السماء محلولاً وما تربطه في الأرض يكون في السماء مربوطاً، أي أن عندهم حق التحليل والتحريم، لذلك الله قال اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ ۩.
أضاف أن من سُلطات الكهنة الحل من الخطايا، فيُمكِن أن يغفر لك أحدهم الذنوب كلها ومن هنا أتت هرطقة صكوك الغفران التي نشأت لما رأوا أن الحروب الصليبية لم تُؤت أكلها فأرداوا تعبئة الناس ليُشارِكوا في صليبيات جديدة، فيُمكِن أن تُغفَر ذنوبك كلها إذا اشتريت هذا الصك، وهذه الصكوك لها أثمان مُختلِفة ولم يشترها إلا الأغنياء أو مَن هو مُستعِد لحمل السيف ومُقاتَلة المُسلِمين.
قال إن مارتن لوثر Martin Luther قام بتأليف خمس وتسعين رسالة أسماها بحث في بيان قوة صكوك الغفران، وذلك لشدة نقمه على صكوك الغفران.
أضاف أنه مارتن لوثر Martin Luther علَّق ما كتبه على الباب الرئيس لكنيسة القصر، لذا قاموا بالتحقيق معه لكنه أجاب بجواب هو الأهم على مُستوى التاريخ الغربي كله بحسب ما قال توماس كارليل Thomas Carlyle، فهو قال لهم المفاسد الكهنوتية أنا أجزم بها ولا أتنازل عنهم، أما ما يُمكِن أن تعدونه مُخالَفة في العقائد المسيحية فأنا على أتم الاستعداد أن أتنازل عن أي شيئ إذا ثبت.
أكَّد أن الناس شكت كثيراً من مفاسد الكهنوت، مُشيراً إلى أن السلك الكهنوتي تغوَّل أموال الناس وأراضي الناس وعيَّشهم في فقر شديد على أمل أن يحظوا بالملكوت في الآخرة، لذا قال جون ويكلف John Wycliffe عن الكنيسة الإنجليزية إنها احتازت ثُلث أراضي إنجلترا، أما الجُزء الباقي من الأراضي فكانت تفرض عليه الضرائب والعشور، وهذا قمة في الإقطاعية لكن باسم السماء، لذا الناس ملت لأن الكنيسة تفننت في أخذ أموالهم.
أكَّد أن أهم شيئ في موضوع الكهنوت هو احتكار السلك الكهنوتي التفسير الديني، فتفسير الكتاب المُقدَّس حكر عليهم، وهنا خالفهم مارتن لوثر Martin Luther وهذا أزعجهم، لذا قام بترجمة الكتاب المُقدَّس من اللاتينية إلى الألمانية بطريقة راقية وسلسة وجميلة، بحيث كان يُمكِن أن يقرأ الكتاب المُقدَّس لأول مرة المرأة العادية والتاجر وإلى آخره.
أضاف أن مارتن لوثر Martin Luther قال أنا لا أُؤمِن بالكهنوت، لأن كل مسيحي عنده سر الكهنوت، ولذا لا يُوجَد في الكنائس البروتستانتية هذه الهيراركية، مُشيراً إلى أن البروتستانتية انقسمت إلى فرق كثيرة أصولها حوالي خمسين لكن يتفرَّع منها حوالي ألف.
قال إن الحديث عن انتقال الكهنوت إلى الدين الإسلامي يحتاج إلى تدقيق ومُحاضَرة كبيرة لإطلاق مثل هذه الدعوى، فليس لدينا سر أن تضع يدك وتُنيل مَن تضع يدك عليه سر النعمة الإلهية – هذا أحد الأسرار السبعة – إلا عند بعض الصوفية.
أضاف أن ليس لدينا مَن يُصرِّحون بشكل واضح بأنهم يحتكرون السُلطة التعليمية، أي سُلطة تفسير النص المُقدَّس، لكن بعض العلماء ينزعج بطريقة غير مُبرَّرة من أي واحد خارج المُؤسَّسة العلمية أو طبقة العلماء.
تساءل هل لدينا طبقة علماء؟ وقال الطبقة في أدنى تجلياتها هي التي ينتظم فيها أُناس مُتماثِلون، لذا ربما يكون لدينا طبقة علماء دين.
قال القرآن ليس مُلغَزاً بحيث لا يفهمه إلا رجل توفَّر على تعليم ديني رسمي، ومع ذلك بعض العلماء ينزعجون مِمَن يُفسِّر كتاب الله، وهذه مسحة خفيفة من الكهنوتية، فيجب أن يُعطى أي إنسان فرصة أن يتكلَّم في كتاب الله وحين يُخطئ يُمكِن الرد عليه بكل أدب وهدوء.
أكَّد على أن منطق الوصاية انتهى خاصة أننا الآن في عصر السماوات المفتوحة، فنحن أصبحنا في حالة سيولة معرفية والناس لم يعودوا مُقتنِعين بألا يسمعوا في الدين إلا لرجال دين.
عرض الدكتور أحمد العرفج مُداخَلة الحلقة التي تحدَّث فيها الشيخ عادل الكلباني عن موضوع رجال الدين، وقال لا يُوجَد في الإسلام ما يُسمى برجال الدين لكن في الوقت نفسه لا يُوجَد ما يُسمى بالمُفكِّر الإسلامي، فالمُصطلَح الشرعي هو العلماء.
لاحظ أن الدكتور عدنان إبراهيم ينتقد العلماء ويتهمهم بالهمجية والوحشية ويحصر الفهم في عقليته ومَن وافقه، فضلاً عن أنه يرد أحياناً أشياء مُتفَق عليها عند جميع العلماء، لذا يقع في الهجوم الشرس، وهو هجوم غير مُقدِّر للجهود وغير مُحترِم للرأي الآخر.
ختم الشيخ عادل الكلباني مُداخَلته بالتأكيد على أن مُصطلَح العلماء هو المُصطلَح الشرعي الأسلم وإن كان لا مشاحة في الاصطلاح وتساءل أين يضع الدكتور عدنان إبراهيم نفسه؟ مُشيراً إلى ضرورة أن يحترم العلماء وأن يُقدِّرهم وأن يحترم آراءهم فضلاً عن أن يرد عليهم بلطف واحترام وتقدير وإجلال.
قال الدكتور عدنان إبراهيم أشكر أخي الفاضل فضيلة الشيخ المُقرئ البارع عادل الكلباني حفظه الله، وأكَّد على أنه مُقرئ بارع وشخص محبوب.
قال مبدئياً بيني وبينه الأعمال والمواد المُتاحة لي وهي بالمئات وبيني وبينه الناس، مُشيراً إلى أن الشيخ قال عنه إنه لا يحترم العلماء ولا يُوقِّرهم وهذا غير صحيح بالمرة.
أضاف أنه مُبالِغ جداً في احتشام العلماء والأئمة والتعريف بهم دائماً والتنويه بفضلهم والتعويل عليهم.
أوضح أن الشيخ لو قال إنه يبدو أحياناً قاسياً مع بعض المواقف لبعض العلماء المُعاصِرين لكان أقرب إلى الإنصاف، مُشيراً إلى أن ليس من هديه وطريقته أن يذكر أحداً باسمه، وهذا يعرفه مَن يُتابِعه.
قال لا يُوجَد الآن مُفكِّر أو داعية يُهاجَم ويُنبَذ ويُسَب ويُتهَم بالكفر والزندقة والعمالة والكثير من البذاءات مثل عدنان إبراهيم ولا يرد على مَن يسبه، فهو يعتصم بأدب السكوت والإغضاء، خاصة أنه لا يمتلك أي وقت لهذه الأشياء.
قال ما مِن رأي له لم يُسبَق إليه مثل حد الرجم أو قتل المُرتَد أو إنكار عودة عيسى أو إنكار المهدي أو إنكار الناسخ والمنسوخ، فهو لم يتفرَّد برأي وإنما يُنوِّر فقط هذه الآراء بمزيد من الأدلة وما إلى ذلك.
تمنى أن يشتبك مَن لا يُحبِّذ طريقته مع آرائه وليس مع شخصه مثلما يفعل هو، وقال إنه يضع نفسه حيث وضعه الله وحيث أهلته شهادته وقدراته وأعماله، وهذا كان رداً على سؤال الشيخ الأخير.
أوضح أنه لم يُسم نفسه مُفكِّراً إسلامياً ولم يقترح على أحد أن يُلقِّبه بأي لقب، وأشار إلى أن مُصطلَح المُفكِّر الإسلامي هو فعلاً مُصطلَح حديث وهو فضفاض، ففي حالته وحالة مَن مثله قد يُراد به مَن ضم إلى علمه بالعلوم الشرعية علمه بأشياء أُخرى كالأفكار والمذاهب والفلسفات والعلوم الحديثة.
أوضح أنه حصل على العديد من الشهادت الشرعية وأنه يشتغل بالعلم الشرعي مُنذ نعومة أظافره، فضلاً عن أنه قرأ ألوف الكُتب.
قال إنه ليس من رجال الدين لأنه ضد هذا المُصطلَح وهو ليس مُجتهِداً لأنه أكثر بصراً بحالة نفسه من أن يدّعي الاجتهاد.
أشار إلى أن الاجتهاد عموماً خمس رُتب وتحدَّث عن هذا الموضوع بشكل مُختصَر للتأكيد على أن الاجتهاد كلمة كبيرة.
علَّق على مقولة الإمام ابن القيم التي ذكرها الدكتور أحمد العرفج وهي أن الفتوى توقيع عن الله قائلاً إن هذه العبارة من هذا الإمام الجليل قد يُساء فهمها، مُشيراً إلى أنه أدرى مِمَن انتقده بسبب استعمال هذه العبارة، فهو يعلم الفرق بين الحكم المنصوص عليه بطريقة قطيعة الدلالة وبين الحكم المأخوذ بالاجتهاد.
ذكر مقولة الإمام الجويني التي قال فيها مُعظَم الأحكام مأخوذة بطريقة الاجتهاد، ولذلك هي مسارح نظر.
ألمع إلى أن ابن القيم أراد أن يُهوِّل الموضوع في نفس مَن يُفتي لأن الفتوى ليست لعباً بالدين، فالفتوى قد يُستحَل بها الدماء كما يحدث الآن.
ذكر أن الشيخ عادل الكلباني قال عنه إنه يتهم العلماء بالوحشية والهمجية وأوضح أنه يقول هذا عن الذين يُطرِّقون طريقاً للإرهاب والقتل والتفجير والتذبيح بفتواهم، فهؤلاء لا يتردَّد أن يصفهم بأنهم أكثر من وحوش وأكثر من مُجرِمين وأكثر من قتلة، خاصة أنهم شوَّهوا الإسلام وشوَّهوا حياة المُسلِمين وشوَّهوا العالم بما فيه.
أضاف أن العلماء قديماً كانوا يقولون لبعض مَن يُفتي ها هنا أولى بالحبس من السرّاق، لأن السرّاق يُفسِدون على الناس دُنياهم وهؤلاء يُفسِدون على الناس دينهم، مُشيراً إلى أنهم أفسدوا على الناس دينهم ودُنياهم.
أوضح أنه دائماً ما يقول لمَن يسمعه إياك أن تتبعني، لست مُجتهِداً ولست إماماً، فأنا أجتهد بالمعنى العامي للاجتهاد وليس بالمعنى الأصولي، مُشيراً إلى أنه يُثير تساؤلات من أجل التفكير.
أضاف أنه أعلن براءته في الدنيا قبل الآخرة مِن كل مَن اتبعه على اسمه أو حباً له أو تعصباً له، فهو برئ منه في الدنيا والآخرة، لأن الله سيُحاسِب كل أحد بحسب عقله وقناعته.
أكَّد على أنه لا يدّعي بأنه صاحب الرأي الوحيد، فهو يفعل عكس هذا ويُغري الناس بنقده، مُشيراً إلى أنه لم يُصادِر على مُداخَلة الشيخ عادل وقال إنه يُريد أن يسمعها وأن يسمعها المُشاهِدون.
قال إن عندنا علماء وفقهاء يُنسَبون إلى تخصصاتهم فضلاً عن وجود بعض الرُتب داخل التخصص الواحد، لكن لا يُوجَد رجال دين.
ذكر أن الظاهر بيبرس أمر بإقصار القضاء على المذاهب الأربعة لأول مرة لأن قبل ذلك كانت الفتوى على مذاهب كثيرة، ومع تمادي الزمن كما قال المقريزي صارت الفُتيا والخوانق والرُبط والمدارس وما إلى ذلك على المذاهب الأربعة، ومَن يخرج عن المذاهب لا يُولى الخطابة أو الإمامة أو الإفتاء ويُنسَب إلى البدعة ويُحرَم من كل شيئ.
ذكر أن ولي الدين العراقي قال لشيخه البلقيني ما الذي قصَّر بالتقي السُبكي عن الاجتهاد وقد استكمل آلته؟ فسكت، ثم قال ولي الدين أنا أعتقد أن هذا بسبب الوظائف، فابتسم مُوافِقاً له.
قال إن الشيخ محمد بن صالح العثيمين له كلمة جميلة وهي أن العلماء ثلاثة: عالم أمة، عالم مِلة، وعالم دولة.
أوضح أن عالم الأمة الذي يتكلَّم بحسب ما يُرضي الجمهور، وهذا خطير جداً، وعالم الدولة يفعل الشيئ نفسه لكن بحسب ما يُلبي مُتطلِّبات الدولة والسُلطة، وهذا سيئ جداً، أما عالم المِلة هو الذي يُقرِّر المسائل وفق ما تُعطيه الأدلة، وهذا هو العالم المطلوب.
عرض الدكتور أحمد العرفج فيديو الحلقة للفنان الهويريني، ومُلخَّصه أنه انتقد وجود زي مخصوص للعلماء الذي يستغله البعض في مُختلَف الأديان ليقول للناس ها أنا رجل دين فاسألوني.
قال الدكتور عدنان إبراهيم إن علماء الدين لهم زي مخصوص وهذا أتى من التأثر برجال الدين في الأديان الأُخرى وخاصة النصارى.
أشار إلى أن العمامة في القرن الرابع عشر الهجري كانت بحسب العلم، فكلما زاد العلم كانت العمامة أكثر تكويراً، فحتى العمامة كانت تُعطي رسالة للناس.
أوضح أنه لا يرتاح إلى مسألة الزي المخصوص للعلماء، وقال إن الصحابة حين ساحوا في الأمصار المُختلِفة لم يتميَّزوا من بين الناس بزي خاص، لأن الرسول نفسه لم يتميَّز من بين سائر الناس بزي خاص.
علَّق على مقولة لحوم العلماء مسمومة قائلاً إن لحوم الناس عموماً مسمومة، واستدل بقول الله وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۩، فالغيبة من الكبائر.
أضاف أن العلماء الذين ساهموا في تدمير الأمة ومد الإرهاب بسبب الكلام غير المُنضبِط وغير العلمي وغير الإنساني لحومهم ليست مسمومة، لكن العلماء الذين يتصفون بالصلاح وخاصة إذا كانوا مظلومين غيبتهم أعظم جُرماً من غيبة المُسلِم العادي، لأنه عالم له حق التوقير والإجلال.
تساءل ما هي السمات التي لو توفَّر عليها العالم أو اتصف بها يبعد أن يكون كاهناً؟ وأجاب قائلاً من أهم هذه السمات ألا يتدخَّل في صلاحيات الله، فالكهنة فعلوا هذا والآن بعض العلماء دون أن يدري يفعل هذا بصوت جهير وخاصة على الفضائيات حين يُدخِل بعض الناس النار ويحكم عليهم فضلاً عن أن مفاتي الإرهاب يُدخِلون الناس الجنة، يقولون اذهبوا فجِّروا أنفسكم ولكم الجنة، فمن أين لهم أن يعلموا أن لهم الجنة؟
أضاف أن هذا لا يعلمه أحد، لا يعلمه لا أبو بكر ولا عمر ولا عليّ ولا حتى رسول الله إلا بوحي وهو القائل والذي نفسي بيده وأنا رسول الله لا أدري ما يُفعَل بي، وهذا قبل أن يُوحى إليه أنه غُفِر إليه ما تقدَّم من ذنبه وما تأخَّر.
حذَّر من الحكم على الناس بإدخالهم الجنة أو النار لأن هذه كهانة، ثم أكَّد على أن العالم يُحترَم لكنه ليس مُقدَّساً كالبابوات، فالمُقدَّس له معنيان: المعنى الأول أنه مُنزَّه عن الخطيئة، والمعنى الثاني أنه مُنزَّه عن الخطأ العلمي.
استشهد بأن عمر كان يُفتي بأن المرأة لا تُورَّث من دية زوجها ثم تراجع حين وضح له الحق وبأن أبا هُريرة كان يُفتي بأن مَن أصبح جُنباً فليُفطِر ثم تراجع حين أُقيم عليه الدليل.
ذكر أن الحسن بن زياد أفتى أحدهم بشيئ ثم تبيَّن له أنه أخطأ فاكترى مَنادياً يُنادي في الطرقات مَن أفتاه الحسن بن زياد في كذا بكذا فالفتوى غلط وليأته، وحين لم يأته أحد كف عن الفتوى لأيام بسبب الهم والغم وهذا من تقواه إلى أن آتاه الرجل فأخبره بالصواب.
أكَّد على أن الدين المتين هو الذي حين يُخطئ فيه العلماء يتراجعون على رؤوس الأشهاد واستدل بقصة أوردها أبو بكر بن العربي في أحكام القرآن عن مجلس أبي الفضل الجوهري.
غرَّد قائلاً: لا رهبانية في الإسلام ولا كهنوت في الإسلام.
أضف تعليق