هل غفلت الأمة عن تقديس الله وانشغلت بالصلاة على النبي؟

standard

حوار عميق بين الدكتور عدنان إبراهيم والبروفيسور عمرو شريف”


تقديس الله والصلاة على النبي

عمرو شريف:
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
لقد سعدتُ كثيرًا، كما شاركني السعادة مريدوا أستاذنا المجدد العلّامة الدكتور عدنان إبراهيم، بعودته من خلال الحوار مع “بيت الحكمة”. الحوار كان بعنوان “العلم والدين”، وقد لخّص سلسلة المحاضرات التي قدمها بنفس العنوان منذ عامين.
لقد أرسلت رابط الحوار إلى أخي الدكتور عدنان إبراهيم، فردّ علي شاكرًا، وأظهر اندهاشه من مفارقة طيبة، إذ كان منشغلًا بأمر شخصي مشترك بيننا، أثبت له أن الأعمال بالنيات.
بعد ذلك، استأذنت أخي الدكتور عدنان لطرح سؤال سبق أن ناقشته مع متابعي صفحتي، وقلت له في رسالة صوتية:
“من كرم الله علينا أننا كلما ذُكر اسم سيدنا محمد ﷺ، نبادر بالصلاة والسلام عليه كما أمرنا القرآن الكريم. هذه النعمة قد تعمّقت فينا لدرجة أن من يتخلف عنها يلقى العتاب واللوم.
ولكن للأسف، عندما يُذكر اسم الله عز وجل أو أيًّا من أسمائه الحسنى، لا نلحقها بما يليق بمقامه من تقديس وتنزيه. نقول: إن شاء الله، أو ما شاء الله، دون أن نقول مثلًا: “جل جلاله” أو “سبحانه وتعالى”.
لتفسير هذا، أشار الفيلسوف عبد الرحمن بدوي إلى أن ديانات الشرق تدور حول الرسول أكثر من المرسِل. فاعتبر أن المسلمين، وخاصة الصوفية، قد رفعوا منزلة النبي ﷺ مشابهة لما فعله المسيحيون بنبيهم، دون أن ينتقصوا من مقام الله عز وجل.”

رأي الدكتور عدنان إبراهيم

عدنان إبراهيم:
ما شاء الله، سيدي الحبيب، سؤال مبارك وفي محله. أول ما سمعت سؤالك، تذكرت اعتراض العقيد معمر القذافي، رحمه الله. كان يقول: “نحن نصلي على النبي ﷺ دائمًا، ولكن عندما نذكر اسم الله لا نضيف مثل: جل جلاله، أو تبارك وتعالى.”
عدنان إبراهيم:
ما خطر لي في هذا الباب هو أن الله عز وجل، في كتابه الكريم، لا يُتبع اسمه الأجلّ وصفًا من قبيل: “عز وجل” أو “سبحانه وتعالى”، إلا في سياقات تُعقّب على أقوال أو معتقدات منكرة. مثل قوله: “سبحانه وتعالى عما يقولون علوًا كبيرًا”، “سبحان الله عما يشركون”، وغيرها.
أما في غير ذلك، فإن الله عز وجل يوصف بجمل تُظهر عظمته ورحمته وحكمته. مثل قوله: “تبارك الذي بيده الملك”، أو “الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض”.
عدنان إبراهيم:
أما الصلاة على النبي ﷺ فهي امتثالٌ لأمر الله في قوله: “إن الله وملائكته يصلون على النبي…”. والعجيب أننا، بالصلاة عليه، نقتدي بالله نفسه.
عدنان إبراهيم:
جوهر الصلاة على النبي ﷺ هو الدعاء لله أن يصلي عليه، مما يظهر عبوديته لله واحتياجه إلى فضله ورحمته. بهذا، فإن الصلاة على النبي ليست فقط امتثالًا لأمر الله، بل هي توكيد على توحيد الله وتنزيه مقامه.

الفرق بين التقديس والتنزيه

عمرو شريف:
أستاذي الفاضل، ألا ترون أن مفهوم “الحقيقة المحمدية” الذي تتبناه بعض الصوفية يمثل تجاوزًا خطيرًا؟
عدنان إبراهيم:
سيدي العزيز، مفهوم “الحقيقة المحمدية” الذي يعتبر النبي ﷺ أول ما خلق الله، أو حتى أزلي الوجود، لا يملك دليلًا موثوقًا.
عدنان إبراهيم:
للأسف، بعض الصيغ الصوفية، مثل “النور الذاتي” أو “السر الساري في الأسماء والصفات”، تورطت في تعبيرات ملغزة قد تفتح باب الشرك الأكبر.

رأي الصوفية والحذر من الغلو

عمرو شريف:
ألا ترى أن بعض الصوفية يغرقون في الشرك عند تبنيهم هذه المعتقدات؟
عدنان إبراهيم:
رغم تجاوزات بعض الصوفية، لم تصل أي فرقة إسلامية إلى الادعاء بإلهية النبي ﷺ. ومع ذلك، فإن بعض المعاصرين حاولوا الترويج لمفاهيم الحقيقة المحمدية بأدلة ضعيفة وغير موثوقة.
عدنان إبراهيم:
القرآن الكريم يركز على بشرية النبي ﷺ وعبوديته لله. أي اعتقاد يخالف ذلك لا يستقيم مع تعاليم الدين.

أهمية الانضباط المنهجي

عمرو شريف:
ما رأيكم في الأسباب التي تجعل البعض يتجاوز في مقام الرسالة؟
عدنان إبراهيم:
الانحرافات تنبع من ضعف المنهجية والاعتماد على تأويلات وتأصيلات غير دقيقة. كما أن المبالغة في تبجيل النبي ﷺ قد تكون مدفوعة بالعاطفة، لكنها لا تعفي من ضرورة الالتزام بالأسس العقدية الصحيحة.
عدنان إبراهيم:
لذلك، علينا أن نلتزم بالمنهجية العلمية الصارمة التي تحمي العقيدة من الانحرافات.
عمرو شريف:
جزاكم الله خيرًا أستاذنا الفاضل. بارك الله في علمكم ونفعنا بكم.
عدنان إبراهيم:
اللهم آمين، وبارك الله فيكم سيدي. نسأل الله أن يوفقنا جميعًا لما يحب ويرضى.

#رفاق_رحلة_عقل

تعاليق

تعاليق الفايسبوك

أضف تعليق

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: