إِنَّ الْحَمْدَ لِلهِ، نَحْمدُهُ ونَسْتَعينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أَنْفُسِنَا وسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وأَشْهَدُ أَنْ لَا إله إلا الله وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سيدنا وَنَبِيَّنَا وَحَبِيبَنَا مُحَمَّدًا عَبْده وَرَسُولُهُ وَصَفْوَتُهُ مِنْ خلقهِ وأمينهُ على وحيه ونجيبهُ من عبادهِ، صَلَّى اللَّهُ – تعالى – عَلَيْهِ وعَلَى آله الطيبين الطاهرين وصحابته المُبارَكين المُنتجَبين وأتباعهم بإحسانٍ إلى يوم الدينِ وسَلَّمَ تسليماً كثيراً.
عباد الله:
أوصيكم ونفسي الخاطئة بتقوى الله العظيم ولزوم طاعته، كما أُحذِّركم وأُحذِّر نفسي من عصيانه ومُخالَفة أمره لقوله سُبحانه وتعالى:
مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ۗ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ ۩
أما بعد:
أيها الإخوة المسلمون الأفاضل، يقول الله – سُبحانه وتعالى من قائل – بعد أن أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ:
وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ۩ الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ۩ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَىٰ مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ۩ أُولَٰئِكَ جَزَاؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ۩
ويقول سيدنا وحبيبنا محمد – عليه الصلاة وأفضل السلام – اطلبوا الخير دهركم كله، أي في دهركم كله، قال اطلبوا الخير دهركم كله، وتعرَّضوا لنفحات رحمة ربكم، فإن لربكم نفحات من رحمته، يُصيب بها مَن يشاء مِن عباده، وسلوا الله – سُبحانه وتعالى – أن يستر عوراتكم، وأن يُؤمِّن روعاتكم، اللهم استر عوراتنا، وآمن روعاتنا، واحفظنا من بين أيدينا ومن خلفنا وعن أيماننا وعن شمائلنا ومن فوقنا، ونعوذ بعظمتك وعزتك أن نُغتال من تحتنا، اللهم آمين.
هذا الحديث أخرجه الإمام البيهقي عن أبي هُريرة والإمام ابن أبي الدنيا وأبو نُعيم في حلية الأولياء والحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن أنس – رضيَ الله عنهم وأرضاهم أجمعين -، وهو حديث جليل المعنى وعظيم الفائدة، اطلبوا الخير دهركم كله، وتعرَّضوا لنفحات رحمة ربكم، إذن لله – سُبحانه وتعالى – نفحات في أيام دهره، في أيام دهره وأوقاته وأزمانه، ومن آكد هذه الأوقات والأزمان التي يتجلى الله فيها – سُبحانه وتعالى – على عباده وينفحهم نفحات رحماته ومغفرته ورضوانه هذا الشهر الفضيل الكريم، الذي منّ الله – تبارك وتعالى – علينا فأدركناه وعشنا طرفاً منه، ولا زلنا في ثُلث الرحمة الأول منه، فأوله – كما تعلمون – أو ثُلثه الأول هو ثُلث الرحمة، نسأل الله – عز وجل – أن يعمنا جميعاً برحمته، وأن يُفيض علينا من أفضاله، وأن يُسبِغ علينا نعمه، ظاهرةً وباطنةً، اللهم آمين.
كيف يتعرَّض المُؤمِن والمُؤمِنة لنفحات رحمة الله – تبارك وتعالى -؟ بأعمال صالحة كثيرة، لكن في هذا الشهر على وجه الخصوص ينبغي عليه أن يُراعي أموراً، نبَّه عليها رسولنا – عليه الصلاة وأفضل السلام – ونوَّه بها، وقد سمعتم في الخُطبة الماضية من حديث سلمان الذي أخرجه الإمام أبو محمد بن خُزيمة في صحيحه قوله – عليه الصلاة وأفضل السلام – فاستكثروا فيه من أربع خصال، أي فاستكثروا في شهر رمضان من أربع خصال، خصلتين تُرضون بهما ربكم، وخلصتين لا غناء بكم عنهما، فأما اللتان تُرضون بهما ربكم فشهادة أن لا إله إلا الله وتستغفرونه، وأما اللتان لا غناء بكم عنهما فتسألونه الجنة وتعوذون به من النار.
إذن شهادة أن لا إله إلا الله وتستغفرونه، أيضاً كأنه – عليه الصلاة وأفضل السلام – يتأوَّل القرآن، كأنه يتأوَّل القرآن! وقد أمره مولاه – سُبحانه وتعالى – ومُنزِل هذا القرآن عليه بقوله فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ ۩، إذن فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ ۩، وبعد هذا التهليل والتوحيد وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ ۩، إذن شهادة أن لا إله إلا الله وتستغفرونه، قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۩، إذن لا إله إلا الله، فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ ۩، قال فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ ۩، مرة أُخرى لا إله إلا الله ونستغفر الله.
يا أحبابي:
كأن هاتين الخصلتين اللتين نُرضي بهما ربنا أو فيهما رضاء ربنا – سُبحانه وتعالى – تمهيد وحُسن توسل وتقدمة بين يدي الخصلتين اللتين لا غناء بنا عنهما، كأن هاتين الخصلتين الأوليين تحلية وتطهير، لأنهما في معنى التوبة والإنابة، في معنى التوبة والإنابة أن يبوء الصائم والصائمة بإثمه وذنبه، يعترف به، وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ۩، والذي يكون مِنَ الظَّالِمِينَ ۩ ما الذي يطلبه؟ أن يغفر الله له ذنبه وأن يُقيله عثرته، ولذا قال -عليه الصلاة وأفضل السلام – دعوة أخي ذي النون في بطن الحوت ما دعا بها أحد إلا استجاب الله له، لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ۩، والمعنى واضح، هو يشهد لله بالوحدانية – سُبحانه وتعالى – وبالفردانية، وبعد ذلك يبوء ويعترف ويُقِر بذنبه وإثمه، ويطلب من الله – تبارك وتعالى – أن يُقيله وأن يغفر له وأن يتفضَّل عليه بالرحمة والجود والمغفرة – سُبحانه وتعالى -.
فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ۩، كلمات استغفار، كلمات استغفار من ذنبه الذي عصى به وخرج عن أمر الله – سُبحانه وتعالى -، وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا ۩، روى الإمام أبو بكر البيهقي في شُعب الإيمان عن أنس – رضيَ الله تعالى عنهما وأرضاهما – في هاته الكلمات التي تلقاها آدم – عليه الصلاة وأفضل السلام – أنه قال الآتي، وقد قال البيهقي وذكر ذلك أنه عن النبي وقد شك فيه، فهذا لابد أن يكون له حُكم المرفوع، لا يُمكِن أن يُعطاه أنس بالاجتهاد، وإنما هو له حُكم المرفوع، لكنه قال وقد شك فيه، قال آدم – عليه السلام – لا إله إلا أنت، سُبحانك اللهم وبحمدك، عملت سوءاً وظلمت نفسي، فاغفر لي، إنك أنت خير الغافرين، الجُملة الأولى أو الكلمة الأولى، طبعاً وَكِلْمَةٌ بِهَا كَلَامٌ قَدْ يُؤَمّ، أي كلمات يُمكِن أن تكون بمعنى ثلاث جُمل، هي ثلاث كلمات بمعنى ثلاث جُمل.
الكلمة الثانية لا إله إلا أنت – انظروا، كلها تبدأ بالتهليل وبالتوحيد، لا إله إلا أنت، لأنك تُعطي الله وتشهد لله تبارك وتعالى بما هو له أهل، وتبوء على نفسك لله بما أنت له أهل، وهو الإثم والذنب والمعصية والضعف والذلة والانكسار لأجل هذا العصيان -، سُبحانك اللهم وبحمدك، عملت سوءاً وظلمت نفسي، فارحمني إنك أنت أرحم الراحمين، الكلمة الثالثة لا إله إلا أنت، سُبحانك اللهم وبحمدك، عملت سوءاً وظلمت نفسي، فتُب علىّ، إنك أنت التوّاب الرحيم.
يبدو أن هذه الكلمات لو قالها أيضاً أي مُذنِب أو أي مُذنِبة فإن الله – تبارك وتعالى – يستجيب ويغفر ويتجاوز، لا إله إلا هو! فلا يتعارضه – سُبحانه وتعالى – ذنب أن يغفره إذا صدق العبد اللجأ إليه وإذا صدق في العود إليه، لا إله إلا هو! فقد روى الإمام الحاكم أبو عبد الله في مُستدرَكه على الصحيحين بإسناد قال فيه رجاله مدنيون، أي من الأنصار، المشهود لهم بالخير والصدق، قال رجاله مدنيون، لا يُعرَف واحد منهم بجرح، ثم روى بإسناده – رحمة الله تعالى عليه – عن محمد بن عبد الله بن محمد بن جابر بن عبد الله الأنصاريين عن أبيه عن جده أنه كان جالساً في مجلس رسول الله – عليه الصلاة وأفضل السلام -، فجاء رجل يقول واذنوباه، واذنوباه، قال قالها مرتين أو ثلاثاً، يستغيث بالله من كثرة ذنوبه، يستغيث بالله من كثرة ذنوبه وفرط معاصيه، واذنوباه، واذنوباه، قالها مرتين أو ثلاثاً، فقال له الحبييب الرؤوف الرحيم – عليه الصلاة وأفضل السلام – قل يا عبد الله اللهم مغفرتك أوسع من ذنوبي، ورحمتك أرجى عندي من عملي.
قال ورحمتك أرجى عندي من عملي، ولذا لا يدخل أحدنا الجنة بعمله، إنما بماذا؟ برحمة الله، حتى النبي كما في الصحيحين، وهذه مسألة معروفة، ومغفرتك أوسع من ذنوبي، مهما عظمت وتكاثرت ذنوبي فمغفرة الله أوسع منها، إنها لا تتعايا مغفرة الله، ولا تتعاظم الله – تبارك وتعالى – أن يغفرها وأن يمحوها وأن يطمس عليها جُملةً واحدةً إذا شاء وتفضَّل – سُبحانه وتعالى -، وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ۩.
قال قل يا عبد الله اللهم مغفرتك أوسع من ذنوبي، ورحمتك أرجى عندي من عملي، فقالها الرجل، ثم قال النبي – عليه الصلاة وأفضل السلام – عُد، ما معنى عُد هنا؟ أي كرِّر، فأعاد الرجل، ثم قال النبي عُد، فأعاد، ثم قال قُم، قد غفر الله لك، دون أن يسأله عن ذنوبه، وربما كانت كبائر، وربما كانت جُملةً عظيمةً طائلةً من الصغائر، لكن دون أن يستفصله، ودون أن يُحقِّق معه، ودون أن يسأله عن تفاصيل هذه الذنوب، قال له قُم، قد غفر الله لك.
وقد روى الأربعة – أصحاب السُنن الأربعة – والإمام ابن حبان في صحيحه عن الإمام عليّ – عليه السلام وكرَّم الله وجهه -، قال – رضيَ الله تعالى عنه وأرضاه – كنت رجلاً إذا سمعت حديثاً من رسول الله – عليه الصلاة وأفضل السلام – نفعني الله منه بما شاء أن ينفعني، وكنت إذا سمعت أحد أصحابه يُحدِّث عنه بحديث استحلفته، الحديث غير القرآن، حتى الصحابة، قال أستحلفهم، أستحلفك بالله هل سمعت هذا من رسول الله؟ وطبعاً هو يعلم أن الصحابة إخوانه كلهم عدول – إن شاء الله -، لكنه يستوثق، أسمعته من رسول الله؟ قال فإن حلف لي صدَّقته، وحدَّثني أبو بكر – رضيَ الله تعالى عنه وأرضاه – وصدق أبو بكر، إذن لم يكن الإمام عليّ مِمَن يستحلف مَن؟ أبا بكر، فأبو بكر ليس مِمَن يُستحلَف، إنه فوق الشُبهة وفوق الظنة وفوق الاستحلاف، إذا حدَّث بشيئ فهو الصدّيق، هو الصدّيق الأكبر، صدّيق هذه الأمة وأفضلها بعد رسول الله – عليه الصلاة وأفضل السلام -.
وحدَّثني أبو بكر – رضيَ الله تعالى عنهم وأرضاهم أجمعين – وصدق أبو بكر، أنه سمع النبي – عليه الصلاة وأفضل السلام – يقول ما من عبد يُذنِب ذنباً فيُحسِن الطُهور – أي التطهر، وأما الطَهور فهو الماء الذي نتطهَّر به – ثم يقوم فيُصلي ركعتين ويستغفر الله – تبارك وتعالى – إلا غفر الله له، ثم قرأ قول الله – تبارك وتعالى – وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَىٰ مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ۩، آية المقام، قرأ هذه الآية الجليلة.
ولذا لا يُوجَد ذنب يا إخواني يتعاظم الله أن يغفره، لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ۩ وبالذات في هذا الشهر، وأكثروا من التوبة والإنابة والاستغفار آناء الليل وأطراف النهار، لأن هذا الوقت الذي أكرمنا الله بالعيش فيه وجعله ظرفاً لأعمالنا وظرفاً لطاعاتنا، ظرفاً زمنياً لأعمالنا وطاعاتنا، هذا الوقت من أدعى وأرجى وأحرى وأقمن الأوقات أن يتقبَّل الله فيه – سُبحانه وتعالى – وأن يغفر وأن يرحم وأن يتجاوز وأن يُعطي العطاء العميم، فالخاسر فيه مَن خسر، والظافر فيه مَن ظفر، جعلني الله وإياكم من الظافرين المُنجِحين المُفلِحين، اللهم آمين.
وروى الإمام البيهقي والإمام الحاكم وقال صحيح الإسناد عن أبي سعيد الخدري – رضيَ الله عنه وأرضاه -، أن إبليس – لعنة الله عليه، يرفعه إلى رسول الله، لعنة الله تعالى على إبليس – قال وعزتك لا أزال أغوي عبادتك ما دامت أرواحهم في أجسادهم، هذا هدفي وهذه طريقتي وهذا مقصدي، هذه رسالته في الحياة – والعياذ بالله -، إبليس! وعزتك لا أزال أغوي عبادك ما دامت أرواحهم في أجسادهم، فبماذا أجابه الملك الجليل الغفور الرحيم؟ أجابه – تبارك وتعالى – بقوله وعزتي وجلالي وأنا لا أزال أغفر لهم ما استغفروني، في أي الذنوب وقعوا، ما استغفروني سأغفر لهم، حتى من الشرك، لو عاشوا يُشرِكون بي ثم لم يموتوا إلا وقد استغفروني وشهدوا لي بالوحدانية فسأغفر لهم.
فقد روى الإمام الترمذي في صحيحه – هو يُسميه الصحيح، الجامع الصحيح – أو في جامعه وسُننه – رحمة الله عليه – عن أنس – عن أنس بن مالك، رضيَ الله تعالى عنه وأرضاه -، عن النبي – عليه الصلاة وأفضل السلام -، أنه قال قال الله عز وجل – حديث رباني إلهي قدسي، هكذا يُسمى – يا عبدي إنك مهما رجوتني ودعوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أُبالي، إذن هذا هو أول سبب من أسباب المغفرة فاحفظوها، ثلاثة أسباب هامة جداً، مهما رجوتني ودعوتني، الرجاء والدعاء! ما فتح الله لعبد باب دعاء ومنعه الإجابة، هكذا قال النبي، إذا أسعدك الله – تبارك وتعالى – وجعلك من الذين يلظون ويُلِحون ويُكرِّرون ويُحافِظون ويستعصمون بالدعاء فأنت – إن شاء الله – مُجاب الدعاء، إن عاجلاً وإن آجلاً، فما فتح الله لعبد باب دعوة إلا منحه الإجابة – سُبحانه وتعالى -، نعم! ولذا كان السلف الصالح كما قال عمر الفاروق – رضيَ الله تعالى عنه وأرضاه -، كانوا أكثر ما يخافون ليس من أن يُمنعوا الإجابة، ولكن من أن يُمنعوا الدعاء.
بعض الأشقياء – والعياذ بالله – إذا شقيَ أبداً لا تتحرَّك فيه داعية أصلاً أن يدعو ربه – تبارك وتعالى -، والدعاء عبادة، والمُستكبِر عن دعاء ربه كالكافر به والمُستغني عن نعمه، وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي ۩، فالدعاء عبادة، الدعاء مُخ العبادة، في حديث آخر الدعاء هو العبادة، إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ۩، هو استكبار عن عبادة الله، الدعاء من آكد شارات العبودية وعلائم الذل لله – تبارك وتعالى -، أن تسأله جميع حاجتك، من حوائج الدنيا والآخرة، قال النبي حتى شسع النعل، حتى الملح، ملح الطعام! اسأل ربك إياه، فأنت لا تستغني عن شيئ من أفضال الله – تبارك وتعالى -، أنت تعيش في نعمه وجوده وعطاياه السابغة.
إنك مهما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أُبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء – العنان هو السحاب – ثم استغفرتني غفرت لك ولا أُبالي، يا ابن آدم لو أتيتني بقُراب الأرض – بالضم، بقُراب، أي ما يقرب من ملئها، أي مثل حجم الأرض، ما يملأ الأرض كلها من الذنوب – خطايا ثم لقيتني لا تُشرِك بي شيئاً غفرته لك، إذن ثلاثة أسباب يا أحبابي، ثلاثة أسباب للمغفرة والصفح والرحمة الإلهية، أولاً الدعاء والرجاء، ثانياً الاستغفار، ثالثاً التوحيد، أن نموت على توحيد الله، نسأله – تبارك وتعالى – أن يختم بالسعادة آجالنا، والسعادة هي أن نموت على شهادة أن لا إله إلا الله، محمد رسول الله – عليه الصلاة وأفضل السلام -.
روى الإمام أحمد في مُسنَده عن أم هانئ – رضيَ الله عنهما وأرضاهما – أن النبي – عليه الصلاة وأفضل السلام – قال لا إله إلا الله – التوحيد، أي السبب الثالث – لا تترك ذنباً ولا يسبقها عمل، أعظم عمل هي لا إله إلا الله، البطاقة! هناك حديث البطاقة، ولا تترك ذنباً، تُمحِّص وتطمس الذنوب جميعاً – بفضل الله تبارك وتعالى – إن شاء، فهذه ثلاثة أسباب للمغفرة.
ولاستغفار الله – سُبحانه وتعالى – صيغ كثيرة، وله فوائد جمة، لا نُريد أن نُفيض في ذكر فوائده، فهي كثيرة وأكثركم يعرفها، لكن من أهمها – ونرجو أن يُحقِّقنا الله به في شهر رمضان بالذات – أنها تصقل وتجلو القلوب من أصدائها، تصقل وتجلو القلوب من أصدائها كما روى أبو بكر البيهقي في شُعب الإيمان، عن أنس – رضيَ الله تعالى عنهم وأرضاهم أجمعين -، عن النبي – عليه الصلاة وأفضل السلام -، قال إن لهذه القلوب صدأً كصدأ النُحاس، وجلاؤها الاستغفار، كما روى أيضاً – من رواية أُخرى – أبو بكر البيهقي عن ابن عمر – رضيَ الله عنهم وأرضاهم أجمعين -، قال – صلى الله عليه وآله وأصحابه وسلم – إن هذه القلوب تصدأ كما يصدأ الحديد إذا أصابه الماء، قالوا وما جلاؤها يا رسول الله؟ أو ما صقالها يا رسول الله؟ قال كثرة ذكرة الموت وتلاوة القرآن، إذن ثلاثة أسباب من روايتين، كثرة ذكر الموت، تلاوة القرآن، واستغفار الله – تبارك وتعالى -.
ويُؤكِّد هذا المعنى ويشهد له الحديث الذي أخرجه الإمام الترمذي وصحَّحه والإمام النسائي وابن ماجه وابن حبان والحاكم، أخرجوا جميعهم أو أخرجوا بأجماعهم عن أبي هُريرة – رضيَ الله تعالى عنهم وأرضاهم أجمعين -، أن النبي – عليه الصلاة وأفضل السلام – قال إن العبد إذا أذنب ذنباً نُكِتت في قلبه نُكتةٌ، والنكت – كما قلنا غير مرة – هو ماذا؟ هو النُقطة السوداء في الصفحة البيضاء، يُقال لها نُكتة، فإن كانت في صفحة سوداء مليئة فهي نُقطة – أي بالقاف وليس بالكاف -، نُكِتت في قلبه نُكتةٌ، فإن استغفر ونزع – إذن ما هو الشرط؟ الاستغفار – صُقِلت صفحة قلبه، فإن عاد عادت – والعياذ بالله -، حتى تَغلِف قلبه، أو زيد فيها، قال حتى تَغلِف قلبه، ما معنى تَغلِف قلبه؟ تغلق قلبه أي تصير له كالغِلاف، وربما رواه بعضهم بالتشديد فقال تُغلِّف، والأفصح تَغلِف، حتى تَغلِف قلبه – والعياذ بالله -، قال – عليه الصلاة وأفضل السلام – فذلك الران الذي ذكر الله في كتابه، كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ۩، أي من الخطيئات وعظائم الأمور وصغائرها – والعياذ بالله -، هو الران الذي يعلو القلب، فيصدأ القلب ويسود، ولا يعود يعرف معروفاً ولا يُنكِر مُنكَراً، إلا ما أُشرِب من هواه – والعياذ الله -.
الاستغفار جلاء وصقال القلوب، الاستغفار يزيد يا إخواني في رزق الإنسان، يزيد في رزقه، ويُبارِك أيضاً في رزقه، ويُفرِّج همومه، ويُذهِب كُربه، وغير ذلك، ألم يقل الله – تبارك وتعالى – على لسان نبي الله نوح فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا ۩ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا ۩ وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ۩؟! وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ ۩، في أول سورة هود وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ۩، وهذا أمر إلهي، ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعًا حَسَنًا إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ۩، هود قال لقومه وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ ۩، هذا كله من فوائد الاستغفار.
قال ابن عباس – رضيَ الله تعالى عنهما وأرضاهما – فيما أخرجه أحمد والحاكم وقال صحيح على شرط مُسلِم، أن النبي – عليه الصلاة وأفضل السلام – قال ما أكثر عبد من الاستغفار إلا جعل الله له من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ورزقه من حيث لا يحتسب، بكثرة الاستغفار! أكثِر دائماً وأدِم استغفار الله – تبارك وتعالى -، إلا جعل الله له من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ورزقه من حيث لا يحتسب.
قال تقي الدين الحسن البِصري – رضوان الله تعالى عليه -، قال أكثِروا من الاستغفار في بيوتكم وفي مجالسكم وعلى موائدكم وفي طُرقكم وحيثما كنتم، فإنكم لا تدرون متى تُفتَّح أبواب السماء للإجابة، فأنت تسأل الله المغفرة، ربما فُتِح باب السماء ساعةً، فوافق ذلك ساعة القبول، فتُغفَر ذنوبك – إن شاء الله تبارك وتعالى -، ونفس هذا المعنى قاله لُقمان الحكيم لابنه – عليه السلام -، قال يا بُني عوِّد لسانك أستغفر الله العظيم، فإنك لا تدري متى تُوافِق ساعة إجابة، قال فإنك لا تدري متى تُوافِق ساعة إجابة، لكن من أرجى الأوقات وقت السحر للاستغفار، للحديث الذي خرَّجاه في الصحيحين من رواية أبي هُريرة – رضيَ الله عنهم وأرضاهم أجمعين -، أن النبي – عليه الصلاة وأفضل السلام – قال ينزل ربنا إلى السماء الدنيا – وفي بعضها إلى سماء الدنيا – في الثُلث الآخر من الليل، في الثُلث الآخر من الليل أي الأخير من الليل، فيقول – تبارك وتعالى – هل من داعٍ فأستجيب له؟ هل من سائل فأُعطيه؟ هل من مُستغفِر فأغفر له؟ في السحر!
ولذا روى الإمام الطبراني بإسناده عن مُحارِب بن دثار – رحمة الله تعالى عليهم أجمعين -، عن عمه، قال كنت أمر ببيت ابن مسعود سحراً، ربما وهو ذاهب – أي عم مُحارِب بن دثار – يُريد أن يُصلي أو يقوم الليل في المسجد، فيمر على بيت ابن مسعود، قال فأسمعه كل سحر يقول اللهم قد دعوتني فأجبت، وأمرتني فأطعت، وهذا سحرٌ، فاغفر لي، يقول اللهم قد دعوتني فأجبت، وأمرتني فأطعت، وهذا سحرٌ، أي هذا وقت السحر، يقول وهذا سحرٌ، فاغفر لي، فسأله عم مُحارِب بن دثار، سأله ما هذا الذي تقول يا صاحب رسول الله؟ أي لماذا بالذات وهذا سحرٌ؟ لماذا؟ هل فيها خصيصة مُعيَّنة؟ فقال أبو عبد الرحمن – رضيَ الله تعالى عنه وأرضاه – نعم، ألم تسمع إلى يعقوب نبي الله – عليه السلام – وقد أخَّر بنيه إلى هذا الوقت؟! قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي ۩، فأفهمه ابن مسعود أنه أخَّرهم إلى وقت السحر، في حديث رواه الإمام أحمد في الزُهد وذكرته مرة أنه – عليه الصلاة وأفضل السلام – قال – أي يعقوب – سأستغفر لكم ربي ليلة الجُمعة، الخميس ليلاً، قال ليلة الجُمعة في وقت السحر، فهذا من أرجى الأوقات للإجابة.
ما هو وقت السحر؟ ورد في الحديث الذي ذكرته عن الشيخين من رواية أبي هُريرة – رضيَ الله عنهم وأرضاهم أجمعين – ينزل ربنا إلى السماء الدنيا متى؟ في ثُلث الليل الآخر، فثُلث الليل الآخر هو السحر، وقال بعض العلماء كالسادة الشافعية أو نفر منهم هو السُدس الآخر، إذن إما السُدس وإما الثُلث، والثُلث دليله أقوى، وهو فترة أطول وأحسن للإنسان، أي الثُلث، فهذا وقت يُرجى فيه الإجابة أكثر من غيره – إن شاء الله تبارك وتعالى -.
صيغ الاستغفار ونختم بذلك كثيرة جداً، أفضلها سيد الاستغفار، وربما يحفظه أكثركم، فقد أخرج البخاري في صحيحه عن شدّاد بن أوس – رضيَ الله عنهم وأرضاهم أجمعين -، أن النبي – عليه الصلاة وأفضل السلام – قال سيد الاستغفار أن يقول العبد اللهم أنت ربي، خلقتني أنا وعبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علىّ – ما معنى أبوء كما قلنا؟ أعترف وأُقِر، أُقِر بهذه النعمة، ولا أنسبها إلى غيرك -، وأبوء بذنبي، فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، اللهم اغفر لنا، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت.
هناك صيغة جليلة جدا، أيضاً أخرجاها في الصحيحين، فقد سأل الصدّيق أبو بكر – رضيَ الله تعالى عنه وأرضاه – خليله وحبيبه محمداً – عليه الصلاة وأفضل السلام -، قال يا رسول الله علِّمني دعاءً أدعو به في صلاتي، وقد مر بي مُنذ فترة أن أبا بكر كان يدعو بهذا الدعاء بعد الصلاة الإبراهيمية، أي يقول إنك حميد مجيد، وعندنا التعوذات الأربعة، وكان يدعو بهذا الدعاء، علَّمه النبي أن يقوله، قال قل يا أبا بكر اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً، وإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرةً من عندك وارحمني، إنك أنت الغفور الرحيم.
اللهم اغفر لنا ما قدَّمنا وما أخَّرنا وما أسررنا وما أعلنا وما أسرفنا، اغفر لنا خطأنا وعمدنا، جدنا وهزلنا، وكل ذلك عندنا، إلهنا، إله الحق، مولانا، رب العالمين.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ۩، الحمد لله الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون، ويستجيب للذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله والكافرون لهم عذابٌ شديدٌ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا وحبيبنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، الصادق الوعد الأمين، صَلَىَ الله – تعالى – عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحابته المُبارَكين المُجاهِدين، وأتباعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
اللهم إنا نسألك الهُدى والتُقى والعفاف والغنى، اللهم إنا نسألك مُوجِبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والسلامة من كل إثم، والغنيمة من كل بر، والفوز بالجنة، والنجاة من النار.
اللهم اجعلنا نخشاك حتى كأنا نراك، وأسعِدنا بتقواك، ولا تُشقِنا بمعصيتك، وخِر لنا في قضائك، وبارك لنا في قدرتك، حتى لا نُحِب تأخير ما عجَّلت ولا تعجيل ما أخَّرت، واجعل اللهم غنانا في أنفسنا، وأمتِعنا بأسماعنا وأبصارنا وقواتنا أبداً ما أبقيتنا، واجعله الوارث منا، وانصرنا على مَن ظلمنا، وأرِنا فيه ثأرنا، وأقر بذلك عيوننا.
اللهم عذِّب الكفرة الذين يصدون عن سبيلك ويُكذِّبون رُسلك ويُقاتِلون أولياءك، إلهنا ومولانا، يا جبّار، يا قهار، اللهم أهلِكهم بدداً، ولا تُبق منهم أحداً، وأدِر عليهم دائرة السوء، واجعل نهايتهم في العالمين عبرةً يا رب العالمين، اللهم اكفناهم بما شئت يا الله، يا الله، يا الله، يا أرحم الراحمين.
اللهم اغفر لنا ولوالدينا، وللمُسلِمين والمُسلِمات، المُؤمِنين والمُؤمِنات، الأحياء منهم والأموات، بفضلك ورحمتك، إنك سميعٌ قريبٌ مُجيبُ الدعوات.
اللهم أعِذنا من شر نفوسنا، وألهِمنا رُشدنا، اللهم حصِّن فروجنا، واحفظ قلوبنا، اللهم يا مُصرِّف القلوب صرِّف قلوبنا على طاعتك، اللهم يا مُقلِّب القلوب ثبِّت قلوبنا على دينك.
اللهم أصلِح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلِح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلِح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، واجعل الحياة الدنيا زيادةً لنا في كل خير، واجعل الموت راحةً لنا من كل شر.
اللهم ارفع مقتك وغضبك عنا، لا تُسلِّط علينا بذنوبنا مَن لا يخافك فينا ولا يحرمنا، اللهم لا تُؤاخِذنا بما فعل السُفهاء منا، اللهم لا تُشمِت بنا الأعداء، ولا تجعلنا مع القوم الظالمين.
عباد الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ۩، اذكروا الله يذكركم، واشكروه يزِدكم، وسلوه يُعطِكم، وقوموا إلى صلاتكم يرحمني ويرحمكم الله.
(انتهت الخُطبة بحمد الله)
فيينا (1998)
أضف تعليق