مع انطلاقة شهر رمضان عاود برنامج «صحوة» الذي يقدمه الصديقان عدنان إبراهيم وأحمد العرفج إطلالته على جماهيره الواسعة.
وقبيل انطلاقة البرنامج، قامت شخصية دينية مرموقة بالتصريح ضده «ينبغي على القنوات ألا تقابله وأن لا تهتم به لأنه مشبوه بأفكاره وآرائه .. وهؤلاء لديهم انخداع بأنفسهم وغرور، وإلا فإن مناصحتهم طيبة وممكنة».
هذا التصريح أكسب البرنامج وصناعه دعاية عريضة، وأتذكر حين أطلق الناشر هشام علي حافظ صحيفته الدولية كان ينتشي بهجوم رؤساء الدول أمثال أنور السادات وجعفر النميري على صحيفته، وقال، رحمه الله، إن صناع الصحف ينفقون أموالاً طائلة على الدعاية، وحين تقوم شخصية عامة بالتطرق إلى صحيفة، ولو سلبيا، فهي تقوم بدعاية مجانية للمنتج يفوق أثرها الدعاية المدفوعة، وهذا يذكرنا بأسلوب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في حملته الانتخابية التي طبق فيها أسلوب الدعاية السلبية فحققت انتشاراً واسعاً وبأقل كلفة في تاريخ الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
الجدل الواسع الذي أثاره عدنان إبراهيم بداية من منبر خطبة الجمعة في مسجده في فيينا دليل على تأثيره الحقيقي والكبير، وحين يحقق داعية أو مفكر نجاحاً ملحوظاً يثير غيرة أنداده تماماً كما في عالم الفن والصحافة أو في أي مجال، ونتذكر هنا ظاهرة الدعاة الجدد أواخر التسعينات التي نالت ردود الفعل نفسها من الدعاة التقليديين وإن كانت ظاهرة عدنان إبراهيم أصدق وأعمق.
قال تركي الحمد في مقابلة أجريتها معه قبل أكثر من عشر سنوات: «مهمة الفقه هي فتح الأبواب والنوافذ، لكن فقهاء اليوم للأسف يقومون بإغلاق النوافذ والأبواب»، المسلم يريد أن يعيش حياة طبيعية من دون تأنيب ضمير، وهذا ما وجده البعض في خطاب عدنان إبراهيم، كما وجدوه في خطاب الأزهر في مراحل سابقة، وما يتميز به هذا الخطاب هو أن دائرة المباح أكبر وأعظم من دائرة الحلال والحرام معاً، وهذا هو الإسلام الحق.
المسلم يريد أيضاً أن يغير واقعه، فأزمة التخلف بثالوثها الفتاك (الاستبداد، التطرف، الفساد) لا تطاق، وتغيير الواقع لا يكون من دون الخطاب النقدي، وهذا ما نجح فيه إبراهيم عبر مراجعة الرواية التاريخية، التي عدها البعض في خطأ فادح جزءاً من الدين، وتفكيك العوامل السلبية والخرافية في الخطاب الديني وإعلاء قيم العلم والعقل من داخل الدين.
عدنان إبراهيم ليس الأول في مجاله، فقد سبقته نخب عريضة، لكنه ربما يحظى بكاريزما القبول وموهبة التسهيل والتسويق.
لعدنان إبراهيم كأي إنسان أخطاؤه، لكن حصيلة خطابه في المجمل جيدة وإيجابية.
بدلاً من رفض عدنان إبراهيم والتهجم عليه الأولى الاستفادة منه واستثمار خطابه لإحياء قيم المناظرة والحوار والتغيير، ولا سلطة تحسم الخلاف بين عدنان إبراهيم وخصومه إلا سلطة المنطق، أما أزمان الوصاية فقد ولت بلا رجعة.
أضف تعليق