اللّا تحديد (Uncertainty) هو مفهوم أساسي في فيزياء الكم، ينص على أن هناك حدودًا معينة لما يمكننا قياسه بدقة فيما يتعلق بسلوك الجسيمات دون الذرية (مثل الإلكترونات). أحد أشهر الأمثلة على ذلك هو مبدأ هايزنبرغ لعدم اليقين، الذي ينص على أنه لا يمكننا قياس موضع وزخم جسيم بدقة تامة في نفس الوقت؛ كلما زادت دقة قياس أحدهما، قلَّت دقة قياس الآخر.
كيف يرتبط اللّا تحديد بالقضاء والقدر؟
يرى بعض الفلاسفة واللاهوتيين أن فكرة اللّا تحديد في فيزياء الكم قد تفتح المجال لفهم جديد لمفهوم القضاء والقدر في الدين. وهنا بعض النقاط التي تساعد في توضيح هذا الربط:
-
الاحتمالية واليقين: في العالم الكمومي، هناك نوع من الاحتمالية، حيث لا يتم تحديد موقع الجسيم أو حالته بشكل مطلق، بل يتم تقدير ذلك بناءً على احتمالات مختلفة. في هذا السياق، يُنظر إلى “القدر” ليس كحتمية صارمة لكل شيء يحدث في الكون، بل قد يشمل مجالًا للمرونة والتغيير.
-
مفهوم الاختيار الإلهي: إذا كان الكون على مستوى الكمومي يعمل وفق نظام غير حتمي بالكامل، فقد يرى البعض أن هذا يعكس إرادة الله في خلق عالم يسمح بحرية الاختيار والمصائر المفتوحة. وهكذا، يُفسر بعض اللاهوتيين أن الله قد يُعطي البشر مساحة للاختيار والحرية، وهذا قد يتماشى مع نصوص دينية تبرز مرونة القضاء والقدر.
-
النصوص الدينية وتغير المصير: هناك نصوص في الإسلام تشير إلى إمكانية تغيير القدر بالدعاء أو الأعمال الصالحة، مثل الحديث “لا يرد القضاء إلا الدعاء”. ومن هنا، يمكن أن يُرى أن العالم ليس حتميًّا بالكامل، بل يوجد فيه مجال لتدخل الإرادة الإلهية أو البشرية.
هل “اللّا تحديد” يعني أن الله لا يعلم المستقبل؟
مفهوم “اللّا تحديد” قد يُفهم خطأً على أنه يناقض علم الله. لكن في التفسيرات اللاهوتية، يظل علم الله شاملًا وكاملًا، بحيث يعرف جميع الاحتمالات الممكنة التي قد تحدث. بعبارة أخرى، “اللّا تحديد” يتعلق بتجربة البشر في القياس والمعرفة، وليس بإحاطة الله بالعلم الكامل عن الكون.
أضف تعليق