أول ما سيلفت انتباهك فورا هو زيه.. لا نري كثيرا شيخا على المنبر ببذلة أنيقة.. هذا الزى يليق بعمرو خالد أو معز مسعود وباقى «الدعاة الجدد»، لكن أن يعتلى إمام منبر رسول الله ليخطب الجمعة بهذا الزى فهو منظر غير معتاد، لكن الجديد فى عدنان ابراهيم يتجاوز المظهر الى أبعاد أخرى.
شهرته بدأت من اليوتيوب، ومشاهدو قناته تعدوا الأربعة ملايين شخص، وأقل فيديو له 10 آلاف متابع. «أنا رجل احترم عقلى»، هكذا يصف الشيخ نفسه، ولأنه يعرف أن معجزة الإنسان الحقيقية هى العقل فهو لا يسمح بأى تضاد بين العقل والدين، متسلحا بعلم شرعى متين ومستعينا بعلوم إنسانية أخرى تبحر فيها كالفلسفة والفيزياء والفلك.
يشن الرجل حملة «إبراهيمية» عنيفة لتحطيم الأصنام التى وجدنا عليها آباءنا عاكفين، فلا تقديس عنده للصحابة كأنهم ملائكة، ولا إقرار بخوارق يأجوج ومأجوج، ولا قبول بالتناقضات داخل الأحاديث على علاتها. الفرق بينعدنان ابراهيم وغيره ممن يطلق عليهم بسخرية اسم «المسلمون الليبراليون» هو أن عدنان ابراهيم شيخ بالمعنى الدينى للمصطلح، فالرجل من مواليد معسكر النصيرات بمدينة غزّة، سنة 1966، ، وبسبب ظروف الحرب، انتقل إلى فيينا أوائل التسعينيات، حيث أنهى دراسة الطب بجامعتها، والدراسات الشرعية فى كلية الإمام الأوزاعى بلبنان، والتى تخرّج فيها بدرجة مشرّف جدّا. وهو لا يستسهل فينكر السنة مثلا كما يفعل البعض، بل يمحصها بأدوات العالم الخبير، فيقبل ما يصح متنا وسندا، أى عقلا نقلا، ويشيح بالباقى بلا مبالاة لأنه غير مفيد. يقول الرجل فى أحد فيديوهاته بجرأة يحسد عليها: «إنى ألمح فى إلحاد بعض الملحدين، من حيث بواعثه والأسباب الحاملة عليه، قدرا من الإنسانية والآدمية لا أجده فى إيمان معظم هؤلاء المؤمنين. كلما ازداد شبابنا ثقافة وقراءة وانفتاحا، سيعلو المد الإلحادى واللادينى، لأن الخطاب الإسلامى بائس، خطاب المشائخ مسكين وعاطفى، غير مثقف. لا يمكن أن يقنع هذه العقول الطلعة، المتعطشة للمعرفة».
أسلوبه القوى وشعبيته المتزايدة وخطابه التجديدى وعلمه الغزير أكسبته الكثير من الأعداء الذين عانوا فى محاولة تصنيفه، فهو أحيانا شيعى (رغم أنه يهاجم غيبيات الشيعة بضراوة)، وتارة ملحد (له سلسلة فيديوهات مطولة فى الرد على الملحدين)، ولما لا يكون إذن صوفيا باطنيا (الرجل يقول عن نفسه إنه سنى شافعى)، حتى لم يتبق لهم إلا أن يقولوا عنه إنه كاهن أوشاعر أوساحر! لو أنصفنا فإن عدنان ابراهيم هو مشروع مارتن لوثر إسلامى، لكنه لم يعلق اعتراضاته على أستار الكعبة بعد.
حسام محفوظ
المصدر
حسام محفوظ
المصدر
أضف تعليق