في البدء، وأولاً، أتوجه بالشكر العميق إلى المشايخ الكرام في هيئة كبار العلماء الموقرة لأنها تفاعلت وتجاوبت، ولو حتى بالتنبيه والتنويه عبر تغريدة إلى برنامج عابر في حياتنا مثل برنامج “صحوة”. هذا برهان على أن كبار العلماء في بلدنا ليسوا أبداً في غياب أو برج عال حول ما يدور في تفاصيل أيامنا، وهم للحق مدركون طبيعة المرحلة ووسائط اتصالاتها المجتمعية. ثانياً، أرجو ألا يدخل قراء النوايا إلى الأهداف الموجبة لمثل هذا المقال، بالقول إن شخصاً شاردا وهامشيا مثلي يكتب إلى هيئة كبار العلماء التي يندر جدا أن يحاكيها كاتب بمقال. والجواب على مثل هؤلاء: إن لم نسأل ونستفتي ونطلب الرأي من مثل هذه المقامات الرفيعة فممن إذا نطلب الأجوبة؟ مع بعض هؤلاء الأفاضل جلسنا من قبل على طاولات الحوار الوطني وهم، ويشهد الله مدرسة في الاعتدال والوسطية.
كان لا بد من التمهيد السابق لنبدأ الفكرة: في تغريدة هيئة كبار العلماء تحذير من ضلالات عدنان إبراهيم، وأنا أبداً لست بطالب علم كي أناقش مثل هذا التحذير أو أفند مثل الضلالات، ولكن هنا سأقفز للجملة الأخيرة من التغريدة القصيرة وهي تقول “ونطالب المتخصصين بكشف ذلك للجميع”. أنا شخصياً لا أعتقد أن فوق هيئة كبار العلماء الموقرين متخصصاً يفوق قاماتهم في القدرة على الكشف وتجلية الحقيقة. واسمحوا لي إن قلت إنني أتوجس عندما أسمع من علماء مطالبة من غيرهم بكشف ما حولنا وخصوصاً في النوازل الكبرى والقضايا الدينية الملتبسة الشائكة. هم في هذه التغريدة مثل الطبيب البروفسور، وأستاذ الجامعة الذي يقول إن بهذا النائم على السرير الأبيض عدة كسور مضاعفة ثم يطلب من طلابه بالجامعة علاجها وترميمها. أما الحديث عن “الطلب من المتخصصين” فهذا هو الأمر الذي تركنا عرضة لآلاف الفتاوى المتضاربة من آلاف المجتهدين وأصحاب الأهواء ومنتسبي المدارس والملل والجماعات والنحل. فنحن لا نثق إلا في هيئة كبار العلماء وخصوصاً عندما يتعلق الأمر بأسئلة مثل الجهاد والعقائد وأركان هذا الدين وفرائضه، فلو أننا اخترناها ووحدها كمرجع ثابت وحيد لما كنا في هذه البحور اللجية المتلاطمة. ومن حقي الشخصي أن أسأل هيئة كبار العلماء الأفاضل وأرجو ألا يدخل بيننا من ينازعني كمواطن مسلم في هذا الحق: عدنان إبراهيم يقول إنه وفي كل حديثه للبرنامج إنما يناقش الفروع لا الأصول، وهكذا أرى رغم أنني ألتمس التوضيح فقد أكون مخطئاً: هذا وأنا أستاذ جامعة في تحليل الخطاب، فما بالك بالمشاهد العادي لهذا البرنامج. عدنان إبراهيم، وفي موقعه الإلكتروني، يدعو لحوار بينه وبين أي عضو من أعضاء هذه الهيئة الجليلة، وهو مقترح معقول مقبول ومن يدري فقد تكون لثمرات مثل هذا الحوار الراقي تأثيرها على ملايين المسلمين، وهذا في صلب عمل هيئة كبار علمائنا الموقرة. أما ترك المسألة للمتخصصين فأنا أرى أنه (لا يفتى وهؤلاء الأفاضل في موئل الحرمين الشريفين).
أضف تعليق