إِنَّ الْحَمْدَ لِلهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَسْتَهْدِيهِ، وَنَعُوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أَنْفُسِنَا ومِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وأَشْهَدُ أَنْ لَا إله إلا الله وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ ولا نظيرَ له ولا مثالَ له، وَأَشْهَدُ أَنَّ سيدنا ونَبِيَّنَا وَحَبِيبَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ وَصَفْوَتُهُ مِنْ خلقهِ وأمينهُ على وحيهِ، صَلَّى اللَّهُ – تعالى – عَلَيْهِ وعَلَى آله الطيبين الطاهرين وصحابته المُبارَكين الميامين وأتباعهم بإحسانٍ إلى يوم الدينِ وسَلَّمَ تسليماً كثيراً.
عباد الله:
أوصيكم ونفسي الخاطئة بتقوى الله العظيم ولزوم طاعته، كما أُحذِّركم وأُحذِّر نفسي من عصيانه ومُخالَفة أمره لقوله جل من قائل:
مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ۗ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ ۩
ثم أما بعد:
أيها الإخوة المسلمون الأحباب، أيتها الأخوات المسلمات الفاضلات، يقول الله – سبحانه وتعالى من قائلٍ – في كتابه الكريم بعد أن أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ:
إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ ۩ لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ ۩ خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ ۩ إِذَا رُجَّتِ الأَرْضُ رَجًّا ۩ وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا ۩ فَكَانَتْ هَبَاءً مُّنبَثًّا ۩ وَكُنتُمْ أَزْوَاجًا ثَلاثَةً ۩ فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ ۩ وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ ۩ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ ۩ أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ۩ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ۩ ثُلَّةٌ مِّنَ الأَوَّلِينَ ۩ وَقَلِيلٌ مِّنَ الآخِرِينَ ۩
صدق الله العظيم وبلَّغ رسوله الكريم ونحن على ذلكم من الشاهدين، اللهم اجعلنا من شهداء الحق، القائمين بالقسط، آمين اللهم آمين.
أيها الإخوة الأحباب، أيتها الأخوات الفاضلات:
ضرب أحدهم مثلاً، ساحرٌ يقف أمام جمهوره من المُشاهِدين وفي يده قُبعةٌ يُبرِزها لهم غير مرة على أنها فارغة وإنها لكذلك، وبحركاته الخفيفة السحرية يُخرِج أرنباً أبيض يتراقص أمام الناس ويتلفَّت في فزع وفي خوف، يُكمِل هذا الفيلسوف مثله فيقول وفي فرو هذا الأرنب تسعى بقةٌ صغيرةٌ لا يراها الناظرون، تسعى بين أهداب هذا الفرو الناعم المُتكاثِف، والسؤال: هل لهذه البقة الصغيرة غير المرئية أن تُدرِك بشكل بانورامي هذا المشهد الذي يُحيِّر البشر أمثالنا؟ كيف تم ذلك؟ كيف أمكنه أن يصطنع هذا؟ بأي حيلة اصطنع هذه الخارقة فيما يبدو أو هذا السحر على ما يظهر؟ نحن نتحيَّر ونتبلبل، فهل يُمكِن لهذه البقة أن تُشاهِد بانورامياً المشهد كله فضلاً عن أن تُفكِّر كما نحن نُفكِّر نحن في حل هذا اللُغز؟
نحن بقة الكون أيها الإخوة، لكن البقة أسعد حظاً منا من وجوه، قد يُساوي حجمها بالقياس إلى حجم الأرنب كله جُزءاً من مائة ألف أو خمسمائة ألف جُزء، شيئ معقول! أما حجمنا نحن بالنسبة إلى هذا الكون الذي نعيش فيه فهو شيئٌ لا يُذكَر ولا يُمكِن حتى التعبير عنه، لأن حجم كوكبنا – الكرة الأرضية كلها بستة ملايير من البشر يقطنوها ويعمرونها – لا يزيد بالقياس إلى الكون كله – بنصف قطر قريب من أربعة عشر بليون سنة ضوئية – ربما – يقول العلماء – عن حجم حبة رمل واحدة بالنسبة إلى كوكب الأرض.
والسؤال: إذا كان هذا حجم الأرض بالنسبة إلى الكون فما هو حجم الإنسان بالنسبة إلى الكون؟ ما هي لياقات الإنسان واستعداداته ومُعطياته وأسبقياته لكي يُفكِّر في الله خالق الكون، البقة لا تستطيع أن تُفكِّر في الساحر الذي أخرج الأرنب، كيف يُمكِن أن نُفكِّر نحن – ونحن بهذا الحجم وبهذه الحيثية المُتضائلة، لا نهائية في تضائلها – في قضايا الوجود والميتافيزيقا Metaphysic – الماورائيات – وفي الله – تبارك وتعالى – وفي الآخرة وفي الخلود؟ كيف أمكن ذلك؟ كيف ذلك مُمكِن إلى اليوم؟ شيئ مُعجِز!
للأسف أكثر الناس لا يرون في هذا إعجازاً ولا خارقاً، شيئاً عادياً، نحن نُفكِّر! لكن لا، المسألة ليست كذلك أيها الإخوة، انظروا إلى العباقرة الكبار، ألبرت أينشتاين Albert Einstein – عبقري العلماء في القرن العشرين الفائت أو المُنصِرم – يقول إن أشد الأشياء استغلاقاً على العقل الإنساني أن هذا الكون يُمكِن تعقله، أي مسألة أننا نعقل، قال شيئ غير مفهوم، هذا عبقري! هذا ليس مُجرَّد عالم، إنه ما وراء العالم أيها الإخوة، إنه فيلسوف بلا شك، وبتعريفي أنا للفلسفة رجلٌ فشل أن ينظر إلى الكون من منظور الاعتياد والألفة، هذا ألبرت أينشتاين Albert Einstein وهذا سر إبداعه ولوذعيته وخارقيته العلمية إن جاز التعبير، هذا الرجل شأنه شأن كل فيلسوف أصيل فشل أن ينظر إلى الكون من منظور الاعتياد والألفة، لم يستطع، لم يألف أي شيئ، وجد أن كل شيئ غريب، كل شيئ هو سحر، كل شيئ هو خارقة، كل شيئ هو مُعجِزة، تماماً كالعبقري الرومانسي الكبير شاتوبريان Chateaubriand الذي كان مُعاصِراً لنابليون بونابرت Napoléon Bonaparte حين قال ليس الخارق والمُعجِز مُعجِزاً بأكثر مما هو العادي، الله أكبر! هذه هي العقول أيها الإخوة، هؤلاء هم البشر الذي يُفكِّرون، ليسوا فقط يأكلون ويشربون وينامون أبداً، أو يحفظون ويتحصَّلون على شهادات! هؤلاء مُفكِّرون، قال كل شيئ مما تراه عادياً هو في الحقيقة مُعجِز، هذا معنى كلامه، فليس أي مُعجِز وليس أي خارق خارقاً ومُعجِزاً بأكثر من القدر الذي به العادي كذلك، هذا معنى كلمة شاتوبريان Chateaubriand، وهذا أينشتاين Einstein أيها الإخوة، يرى أن إمكانية أن نتعقَّل، أن نُفكِّر، وأن نطرح الأسئلة إمكانية غير مفهومة، كيف يحدث ذلك؟ كيف لنا أن نفعل ذلك على ضاءلتنا؟ والجواب أيها الإخوة إنه نور العقل، وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ ۩، النور الذي نوَّرنا الله – تبارك وتعالى – به، سر العقل أيها الإخوة!
وحين نتحدَّث عن العقل – انتبهوا – لا نتحدَّث عن العقل بالمعنى الذي يتناوله به أكثر علماء السيكولوجيا Psychology أو علماء النفس وأكثر الباحثين حتى في الذكاء على مُختلِف أنواع ومُستويات ومجالات ونُطق هذا الذكاء، الذكاءات المُتعدِّدة، لا! نتكلَّم بالمعنى الفلسفي، نحن مُتشبِّثون به، أي بهذا المعنى، لأنه في النهاية هو رأس مالنا، إن أضعناه ضاع كل شيئ، ضاع العلم وضاعت التجربة، كل شيئ يضيع، حتى الحس يضيع، لا يعود موثوقاً به، ميزة الإنسان أنه كائن عاقل، ليس بمعنى أنه ذكي، لا! عاقل بمعنى أنه ينطوي على أفكار لا يُمكِن تحصيلها إطلاقاً من مُجرَّد الحس والمحسوس وبالتجربة، مُستحيل طبعاً مهما جعجع ومهما طحن ومهما صرخ وصاح التجربيون والحسيون عبر القرون، هذه مسألة طويلة جداً جداً، فشلوا إلى الآن أن يُثبِتوا إمكانية برهنة مذهبهم التجريبي والحسي، مُستحيل! دائماً يحتاجون كما نحتاج نحن، أود أن أُعبِّر عن هذا المعنى بهذه الطريقة أيها الإخوة، عند مُستوى مُعيَّن من مُستويات البحث والفكر يلتقي التجريبي الحسي بالعقلاني الروحاني في الاعتماد على مباديء بأعيانها، مبدأ السببية أو العلية، مبدأ التناسب بين المعلولين أو بين العلة ومعلولها، مبدأ النهاية المعروف باستحالة التسلسل، ومبدأ الغيرية أو مبدأ عدم التناقض، هذه مباديء عقلية لا يُمكِن أن تفي باشتقاقها التجربة وحدها، يستحيل! والتجربة مُحتاجة إليها، ولا يُمكِن القيام بتجربة ناجحة علمية في أي حقل – في الفيزياء أو غيرها – بغير اعتماد هذه المباديء، فشل كل الماديين أن يتحدوا هذه الحقيقة، إلى اليوم يُجعجِعون ويتكلَّمون كثيراً، وأقواهم في الكلام ديفيد هيوم David Hume الاسكتلندي لكنه فشل، والأدلة على فشله كثيرةٌ جداً، هذا هو نور العقل وبه عرفنا الله – تبارك وتعالى – وعرفنا أن لهذا الكون إلهاً، أن لهذا الكون خالقاً ومُوجِداً، عرفنا هذا من ألوف السنين، مُذ كان الإنسان عرفنا هذا، ولا يزال الإنسان العاقل الذي يحترم عقله ولم يتشوَّش يعرف هذا، وأفتح مُزدوَجين لأقول (من أكبر أسباب أزمات الإنسان وخاصة في هذا العصر التشويش) كثرة التشويش والتشوش بكثرة المعلومات، الطحن والعجن والكلام والجعجعة، كلام كثير!
تقرأ في أي مسألة فتجد ملايين الصفحات الآن موجودة، ملايين! الآن المعرفة البشرية تتضاعف كل ثمانية أيام، شيئ مُذهِل ومُحيِّر، وهذا يُشوِّش الإنسان، يقول من أين لي اليقين؟ هذه المسائل تناولتها يا رجل في دقيقة أو دقيقتين وانحزت إلى صفة العقليين أو العقلانيين أو التعقليين بإزاء التجربيين الحسيين الماديين فمن أين لك هذا؟ كيف لي أن أجزم مثل جزمك؟ هناك ألوف الكتب في هذه المسألة، عشرات ألوف الأدلة، فكيف؟ هذا تشويش، انتبهوا فهذا تشويش، كله يُمكِن أن يُختزَل إلى براهين دقيقة جداً جداً، مهما شوَّش، مهما جعجع، ومهما صاح في النهاية لابد أن نُلزِمه بما يلزمه حقاً بهذه المباديء، لن يستطيع أن يُفلِت أبداً، لكن هذا الموضوع يحتاج إلى درس فلسفي مُعمَّق حتى نفهمه، وليس هذا مقصود وغرض الخُطبة اليوم، مقصودها شيئٌ آخر أيها الإخوة.
للأسف طبعاً يأتيك مِن الشباب المُسلِم مَن يتشوَّش، أنا أجد دائماً الشباب المُسلِم الأكاديمي الجامعي المُتعلِّم والمُثقَّف هم الذين يقلقون ويتشوَّشون ويطرحون هذه الأسئلة، بعضهم طرح سؤالاً: هل انتهى الدين؟ هل الوقت الذي يُقال فيه إن الإيمان خُدعة؟ خُدعة خدعنا بها الدماغ عن طريق كيمياء الدماغ، العلماء أثبتوا هذا بالتجربة يا رجل، ما هذا؟ كيف؟ والآن سأُحدِّثكم عن هذه القضية، لكن انتبهوا واستسلفوا هذه الفكرة، قبل التجربة وبعد التجربة، قبل ما سأقص عليكم من تجارب علمية وما سيأتي من هذه التجارب إلى يوم يرث الله الأرض ومَن عليها العقل هو المُسيطر، له الأولية! التجارب تُعطينا المعلومات – Data – والعقل هو الذي يُفسِّر ويُعيد التأويل ويبحث عن المغزى، هو الذي يُعطيك النموذج للفهم يا أخي، هذه مُجرَّد معلومات Data، ليس أكثر من هذا، انتبهوا – هذا هو – والآن سوف نرى من خلال العلماء المُتخصِّصين في هذا الحقل الجديد ما يُؤكِّد هذا، ويبدو أنني اعتدت على أن أصدمكم بحقول جديدة في المعرفة العلمية المُتخصِّصة، نعم هذه موجودة، نحن يبدو أننا بعيدون عنها لكنها موجودة، حقل يُعرَف بعلم الأديان العصبي، اسمه علم الأديان العصبي! أي أصبح البحث في الثيولوجيا Theology أيضاً يتسلَّط فيه وعليه علم الأعصاب، اسمه Neurotheology، علم الأديان العصبي، علم اللاهوت العصبي Neurotheology، هذا – نعم – حقل علمي، تأسَّس من قبل ما يزيد بقليل عن عشر سنين فقط، أزيد من عشر سنين! هذا الحقل الآن علم، مُؤلَّفات وكُتب دراسات وتجارب علمية مُحترَمة في أمريكا بالذات وفي كندا، في شمال كندا، مُجلَّدات الآن في هذا الشيئ.
ما هو علم الأديان العصبي Neurotheology؟ وماذا يقول؟ سوف ترون أن هناك مَن اعتمد عليه مِن ملاحدة العالم عرباً كانوا أم غير عرب على أن الأديان انتهى دورها، عرفنا سر الشعوذة الدينية، خُدعة كيمياوية من خُدع الدماغ وتلافيفه وفصوصه Lobes، ليس أكثر من هذا! ما القصة حتى لا أُطوِّل عليكم؟ سوف نرى كيف يُمكِننا بالمنهج السليم وبالمنهج العقلي الصارم – بصرامة منهجية وجدية علمية – مُعالَجة هذه المُعطيات الجديدة، هي جديدة بلا شك على المُستوى التجريبي والعلمي.
الحكاية أيها الإخوة تبدأ حين لاحظ بعض العلماء شيئاً هاماً عن الأشخاص الذين يتعرَّضون لنوع من الصرع – Epilepsy أو Epilepsie – وهو صرع الفص الصدغي -Temporal lobe – الذي يتموضع فوق الأذنين، من جهة اليمين واليسار، وطبعاً الكورتكس Cortex أو القشرة الدماغية -Cerebral cortex – قسَّموها إلى عدة فصوص: الفص القذالي Occipital lobe، الفص الصدغي Temporal lobe، الفص الجبهي Frontal lobe، الفص الجداري Parietal lobe، هذه فصوص الدماغ المعروفة لمَن درس التشريح، قالوا وجدنا أن هؤلاء الذين يُعانون من صرع الفص الصدغي – Temporal lobe – يُبرِزون نشاطات دينية ودعاوى ومزاعم دينية، أنه يُوحى إليهم، أنه مُلهَمون، أنهم يعيشون حالة من النشوة – Ecstasy – الدينية الروحية وهي فريدة جداً جداً، أنهم يخبرون أنواعاً من البهجات الداخلية يُمكِن التعبير عنها وأنواعاً من المعاني التي تتعدى المنطق العقلي، عجيب! لاحظ العلماء هذا، وفعلاً بالاختبار ثبت هذا، ثبت أنهم فعلاً أزيد من غيرهم.
راماشاندران Ramachandran – بروفيسور Professor مشهور جداً من أصل هندي وهو أمريكي يعمل في جامعة كاليفورنيا، سان دييغو California, San Diego – قام بأبحاث رائدة في هذا المجال، إلى ما توصَّل
البروفيسور راماشاندران Professor Ramachandran؟ أتى بأشخاص عاديين أمثالنا – إن كنا عاديين، قد يكون بعضنا يُعاني من نوبات صرع خفيفة، على كل حال أتى بأُناس عاديين من أمثالنا إن شاء الله – وبأُناس مصروعين، يتعانون هذا المرض: صرع الفص الصدغي Temporal lobe epilepsy، وهكذا كانت التجربة: شاشة أمامهم، ووصَّل طبعاً أُصبع الواحد منهم بقطبين كهربيين لكي يقيس ما يُعرَف بمُقاوَمة الجلد الجلفانية Galvanic skin resistance، أي المُقاوَمة الجلفانية للجلد، تقيس التعرق وأشياء أُخرى، المُهِم تستطيع أن تعرف بعض العمليات الحيوية من خلال هذا القياس الجلفاني الكهربي.
عرض عليهم كلمات مُحايدة Neutral ولم تكن هناك استجابة، لم يُوجَد تعرق، عرض عليهم كلمات مُثيرة تتعلَّق بالشهوة الجنسية، فُوجِدَت استجابة طفيفة عند الذين يُعانون الصرع، عرض كلمات دينية، فُوجِدَت استجابة مُذهِلة، يتحسَّسون! عندهم حساسية خاصة لكل ما هو ديني، مثل الله، الكتاب، الرسول، الكتاب المُقدَّس، القدّيس، الرهبان، الدير Kloster، أي كلمة دينية! عزرا Ezra، أشعياء Isaiah، بنيامين Benjamin، إيمانويل Immanuel، وإلى آخره، مع الكلمات الدينية عندهم تكون هناك استجابة رهيبة! الناس العاديون أمثالنا فعلوا معهم نفس الشيئ، إزاء الكلمات المُحايدة لا استجابة، إزاء الكلمات الجنسية والمُثيرة تُوجَد استجابة عالية، أقل منها إزاء الكلمات الدينية، أقل عند العاديين! يستجيبون أكثر للشهوات وهذه مُصيبتنا إذن، مُصيبة العاديين! يستجيبون للشهوات أكثر من دعوات الروح، يقولون الحمد لله نحن أصحاء، لسنا مصروعين إذن، هكذا يتعجَّل بعضهم مُباشَرةً ليقفز، وهكذا كل إنسان مُتدين ومُغرَم بالروحانيات وتلاوة الكُتب المُقدَّسة، هو إنسان إلى حدٍ ما غير طبيعي، أي أنه مصروع، مصروع أو يُعاني بدايات صرع.
هذه استنتاجات ليست علمية بالمرة، لا يُمكِن أن يكون الاستنتاج العلمي هكذا أبداً، هذه هي تجارب راماشاندران Ramachandran، كيف فسَّرها هو؟ سأُرجيء هذا إلى ما بعد دقائق إن شاء الله، كيف فسَّرها هو؟ العالم نفسه في كاليفورنيا California كيف فسَّرها؟ سوف نرى!
هناك عالم آخر في أقصى شمال كندا وهو عالم مُحترَم وبروفيسور Professor – أستاذ جامعي – اسمه مايكل بيرسينجر Michael Persinger أيضاً اشتغل على هذا الموضوع، وذهب خُطوة إلى الأمام واخترع خُوذةً، يُسمونها خَوذة، لكنها خُوذة مثل بُوتقة، فهو اخترع خُوذة – أي Helmet – اسماها بعضهم خُوذة الله أو خُوذة الرب God Helmet، هذه الخُوذة مصنوعة بطريقة مُعيَّنة، تُوضَع على رأس الشخص المُختبَر أو أي شخص عادي يُريد أن يخضع للتجربة، وهذه تصطنع أو تُوجِد أو تخلق مجالاً مغناطيسياً ضعيفاً Weak، هذا المجال يعمل على ماذا أيها الإخوة؟ على استحثاث وعلى التأثير على الفص الصدغي، أعني على الفصين الصدغيين من يمين وشمال، هذا هو!
نُريد أن نعرف النتائج، العجيب – قال – أن النتائج كانت مُذهِلة لي، قال أذهلني أن ثمانين في المائة – أي ثمانية من كل عشرة من الأشخاص المُختبَرين الخاضعين للتجربة – أظهروا استجابات مُعيَّنة، فسَّروها هم بشكل واضح بأنهم خبروا خبرات روحية، دخلوا في عالم روحي مُعيَّن، أصبحوا قريبين من عالم الغيبيات، من عالم الله، ومن عالم الملكوت، وسمى هذا هو بالحضور المحسوس أو المحس Sensed presence، اسمه Sensed presence، الحضور المحسوس أو المُحَس الذي فسَّره بأن الشخص يشعر بأن هناك شيئاً أكبر منه، يتجاوزه في المكان وفي الزمان وفي القدرة، يُحيط به، يكتنفه، يتواجد معه من جهة مُعيَّنة وربما من أكثر من جهة، يُحِس الشخص بهذا تماماً إحساساً عميقاً، يقول بيرسينجر Persinger هذا الذي تدعوه الأديان الله أو الإله، شيئ يتجاوزني! قال هذا الشيئ من الفص الصدغي، يخرج منه، أي من الفص الصدغي Temporal lobe وليس من وراء الكون، هذه مُسارَعة إلى تفسير مُتعجِّل جداً جداً، وليس علمياً هذا التفسير.
على كل حال هذا هو الحضور المُحَس، لكن – لكي أكون أميناً مع هذه التجربة – بيرسينجر Persinger سجَّل مُلاحَظة ذات بال، لم ينتبه إليها الملاحدة، بالذات ملاحدة المُسلِمين والعرب, أن الفص الصدغي اليمين أو الأيمن أكثر نشاطاً وأكثر تحسساً للنواحي الدينية، يُستثار بسرعة الفص الأيمن، سوف تقولون من أجل ذلك وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ ۩، وكذلك فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ ۩، أهذا هو؟ هذا هو، هذا يعني أن له علاقة، الجانب اليمين هذا مُتميِّز.
طبعاً هناك تجربة أيضاً لها علاقة بالبروفيسور مايكل بيرسينجر Professor Michael Persinger مُثيرة جداً، لماذا؟ دخل على الخط مُلحِد عالمي، أشهر ملاحدة العصر الآن على الإطلاق، لو سألت أي مُثقِّف مَن هو أكبر مُلحِد الآن؟ سوف يقول لك ريتشارد دوكنز Richard Dawkins، العالم التطوري الشهير جداً جداً، البريطاني الذي يُبشِّر بالإلحاد تماماً كما يُبشِّر بالتطورية بطريقته، صاحب كتاب صانع الساعات الأعمى The Blind Watchmaker أو الجين الأناني السفيش جين The Selfish Gene، فهو مشهور جداً، لا أحد يدرس البيولوجيا Biology والتطور ولا يعرف ريتشارد دوكنز Richard Dawkins، أكبر مُلحِد في العالم، وله كتاب كبير اسمه خُدعة الله أو وهم الله The God Delusion، أستغفر الله العظيم! هذا الرجل تطوَّع سنة ألفين وثلاثة وذهب إلى شمال كندا عند الدكتور بيرسينجر Persinger وقال أنا مُتطوِّع لإجراء هذه التجربة، وأنا شديد التشوف بأن أخبر خبرة دينية، هو لا يعرف طعم الدين ولا طعم الإحساس بالغيب أبداً أبداً أبداً، إنسان مادي صرف والعياذ بالله، فظيع هذا الرجل، وأثَّر للأسف كثيراً، قلت لكم مرة الآن في الشمال الإفريقي – في الدول الإسلامية هناك – للأسف الشديد كثير جداً من المُثقَّفين يبعثون لي أكثر من رسالة استغاثة، الأكاديميون هناك يُعانون من انتشار أفكار هذا الرجل وأنها ساحقة وحملت الكثير على الكفر والإلحاد، ولذلك سيحتاج مني هذا – إن شاء الله – أكثر من مُحاضَرة لكي أُناقِش أفكاره كلها بدقة، خاصة في وهم الله تبارك وتعالى، وسوف ترون أنها سخيفة جداً جداً جداً، لا يُمكِن أن يتورَّط فيلسوف عقلي فيما تورَّط فيه عالم كبير، هذا عالم لكنه ليس فيلسوفاً فانتبهوا، والفلاسفة أذكى بكثير، هذا معروف، بحسب كلام علماء النفس أذكى البشر على الإطلاق الفلاسفة ثم الفنانون – الرسامون، المُوسيقاريون، وإلى آخره – ثم العلماء، العلماء درجة ثالثة، الفيلسوف عقل كبير جداً، مُعظَم الفلاسفة مُؤمِنون، عبر العصور مُعظَمهم مُؤمِنون، الفلاسفة الحقيقيون العقلانيون مُعظَمهم مُؤمِنون بالله تبارك وتعالى، بقوة تتجاوز الوجود هي المسؤولة عن إيجاده، العقل يقتضي هذا، ليس التجربة والحس والصدغي Temporal وما إلى ذلك، لا! هناك أشياء أعمق من هذا بكثير.
على كل حال ذهب الرجل وأُخضِع للتجربة أربعين دقيقة مُتوالية، والنتيجة كانت كما توقَّعها بعضهم وكما توقَّع دوكنز Dawkins بنفسه – أكيد – أنه لم يشعر بشيئ، تحرَّكت ساقه اليُسرى قليلاً أثناء عمل هذا المجال المغناطيسي من خُوذة الرب، ساقه اليمنى تشنَّجت قليلاً، شعر بضيق في نفسه، شعر بحرج – بُلغة القرآن الكريم – ونوع من الحصر والضيق في التنفس، بدوخة بسيطة في البداية شعر، قال ورأيتني أسبح في ظلامٍ دامسٍ، وَمَن كَانَ فِي هَٰذِهِ أَعْمَىٰ فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَىٰ وَأَضَلُّ سَبِيلًا ۩، مُعظَم الناس على الإطلاق يرون أشياء عجيبة، أشياء كالأنوار، لأشياء بهيجة كالورود والروائح، أشياء غريبة، نشوة Ecstasy، نشوة روحية! لكن هذا لا، قال ظلام دامس، سيكون صعباً إن لم أُصرِّح بأنني لم أخبر مثل هذه المشاعر وحدي قبل التجربة حين عشت في ظلام دامس، قال في ليلة مُعيَّنة أطفأت الأنوار وعشت نفس الأحاسيس، أي نفس المشاعر، ليس من شيئ جديد قال، عجيب جداً!
بيرسينجر Persinger صُدِم، لكن هذا ليس عجيباً مِمَن ختم الله على قلبه، مِمَن كان في هذه أعمى، مِمَن هو في الظلمات عمهٌ، الله يقول ظلمات، مِمَن على ران قلبه ما كان يكسب، يخدم الإلحاد بإخلاص، أنا مُتأكِّد عرضت له بعض البراهين التي هزته لأنه لا يُمكِن أن يكون في ذكاء برتراند راسل Bertrand Russell كفيلسوف، ذاك فيلسوف عالمي، ومع ذلك اعترف راسل Russell أن هناك بعض البراهين التي هزته من الأعماق على وجود الله وردها بصلف وغرور، وقد شرحتها مرة بل وأكثر من مرة، لا يُمكِن ألا يكون هذا تعرَّض لبعض هذه البراهين، لكن ردها أيضاً بتجاهل ماكر، لأن لديه إرادة الإلحاد كما يدعوها بليز باسكال Blaise Pascal، يُريد أن يكون مُلحِداً، يعز عليه أن يتراجع وأن يقول للناس بعد أربعين سنة من الكتابات والمُحاضَرات والتبشير المُخلِص بالإلحاد الصادق أنا الآن جاهل وكنت على خطأ وأستغفر الله، يعز عليه أكيد! ولذلك كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ ۩، وَمَن كَانَ فِي هَٰذِهِ أَعْمَىٰ فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَىٰ وَأَضَلُّ سَبِيلًا ۩، الله يقول حتى حين يُحشَر وحين يُبعَث لو رددناه إلى الدنيا لعاد إلى كفره، الله يتحدَّث عن حالة استعصاء عجيبة، حالة صاحبها لا يتمتع بقابلية لالتقاط المعنى الروحي الحسي الديني، للدخول في تجربة دينية حقيقية، ليست من صُنع المُخ أبداً، المُخ مُستقبِل فقط، انتبهوا فهي ليست من صُنع المُخ، وسأقول لكم تفسيري الخاص بعد ذلك.
على كل حال هذه واحدة، لي تعليق الآن، دوكنز Dawkins كان يعلم بالتجربة وأتى مُتطوِّعاً لها، كل التجارب الذي أجراها راماشاندران Ramachandran وبيرسينجر Persinger وغيرهما تجارب المفروض فيها وهكذا كان أن المُختبَرين لا يعلمون بأغراضها، ليس عندهم أي معلومة! وإنما أُفيدوا وأُحيطوا علماً بأنها تجارب لها علاقة بالاسترخاء Relaxation، فقط بالاسترخاء! ليس لها علاقة لا بالدين ولا بالكلام هذا أبداً ولا بالفص الصدغي، لكن دوكنز Dawkins كان يعلم، انتبهوا! ألا يُؤثِّر هذا على قراره؟ طبعاً يُؤثِّر، هو سيأتي مدفوعاً بقرار ألا أتفاعل، سأبقى تحت سُلطة الحس الواعي، ووعيي المُريد ألا أخضع لأي شيئ خارجي، لذلك أنا سأقترح هنا كمُسلِم قارئ للقرآن مُقترَحاً يا ليت علماء مُسلِمين وأطباء مُسلِمين يأخذون به، وهذه تجارب سهلة جداً جداً، لا تُكلِّف شيئاً، يُمكِن أن تشتري هذه الخُوذة البسيطة بمائة دولار وتقوم بهذه الأشياء، وطبعاً هذه أشياء بسيطة يقوم بها أي طبيب لكن بمُواصَفات علمية مُعيَّنة لابد أن يُقام بها، فهذا سهل، ليس شيئاً صعباً أبداً أبداً، لذلك بعض الأطباء قاموا بها – لم يكونوا بروفيسورات Professors كباراً – مثل نيوبيرج Newberg، نيوبيرج Newberg في مُستشفى بنسلفانيا Pennsylvania Hospital له تجارب رائدة جداً وهو طبيب ربما لا يُجاوِز الأربعين سنة، ليس بروفيسوراً Professor في الجامعة، ليس أستاذاً، هو طبيب في مُستشفى بنسلفانيا Pennsylvania Hospital، وقام بتجارب رائدة وهي أعمق من تجارب المذكورين، فيُمكِن لطبيب مُسلِم أن يقوم بهذا، أنا سأقترح على هذا الطبيب المُسلِم الافتراضي أن يقوم بالتالي، تجربة قصيرة المدى وتجربة طويلة المدى، ربما تستمر عشرين أو ثلاثين سنة كالتالي، في التجربة قصيرة المدى لابد أيضاً أن نتفحَّص ما يجري – وذلك بوساطة التصوير بالرنين المغناطيسي MRI – ويحصل في الفص الجبهوي Frontal lobe، لأن هذا الفص بحسب مباديء الفسيولوجيا Physiology أو وظائف الأعضاء مسؤول عن اجتراح القرارات، هذا فص الإرادة، أُريد أو لا أُريد؟ ينبغي هذا، فإن وجدنا هذا الفص عند دوكنز Dawkins يعمل تماماً – ما شاء الله – ويتروى بكمية أزيد من الدم فسوف يكون معنى ذلك أن عند الرجل إرادة لموقف مُعيَّن مُسبَق، سوف يبدو كل شيئ واضحاً طبعاً، ولذلك لن يستقبل الفصان الصدغيان شيئاً زائداً عن الوضع الطبيعي، ولذلك القرآن لم ينسب التكذيب إلى هذا الفص الصدغي، إنما نسبه إلى الفص الجبهوي، كَلَّا لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ ۩ نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ ۩، طبعاً علماء المُسلِمين – الحمد لله – وبعض أطبائهم تكلَّموا في هذه القضية في إطار ما يُعرَف بالإعجاز العلمي وعندهم أبحاث معروفة، أصبحت أشياء بديهية هذه، لكن هذا ثابت قبل أبحاثهم، ثابت أن هذا الفص له علاقة باتخاذ القرارات، باجتراح القرارات، إذن التكذيب يبدأ من هنا، لابد أن نتخبر ماذا يجري على الفصين في وقت واحد، وعملية مُمكِنة وسهلة جداً جداً.
طبعاً في التجربة على المدى الطويل يأتي الطبيب إلى أشخاص أذكياء في الثانويات – مثلاً – أو في الإعداديات من الأوائل ويقوم عليهم بهذه الاختبارات، نفس الاختبارات! ويُسجِّل ثم يتركهم، بعد ذلك يُتابِع بالذات التي يتخصَّصون في الدراسات الإنسانية وبالذات في الفلسفة واللاهوت، أي علم الدين، بلا شك طبعاً نسبة من هؤلاء الذين يتخصَّصون في الدراسات الإنسانية وبالذات الفلسفة سوف ينتهون إلى الشك والإلحاد كما يحصل في كل جامعات العرب اليوم، أليس كذلك؟ بعد عشر سنين أو خمس عشرة سنة سوف نُعيد التجربة، وسوف نُقارِن بين التجربتين، لكن لا على مُستوى رصد عمل الفص الصدغي وحده – فهذا غير مُفيد، سوف نرى طبعاً تفاوتاً، كان يشتغل ويستقبل والآن لا يستقبل مثل دوكنز Dawkins – وإنما على مُستوى رصد عمل الفصوص كلها، الفص الجبهوي Frontal lobe والفص الجداري Parietal lobe والفص الصدغي Temporal lobe، لكن لماذا الجداري Parietal هذا؟ سوف أقول لكم بعد قليل علمياً لماذا، وسوف نصل إلى نتائج صاعقة أيها الإخوة، تُؤيِّد قضية الدين والإيمان وهي مُؤيَّدة بذاتها ومُؤيَّدة بالعقل الإنساني ونور الله الذي سماه ديكارت Descartes أعدل الأشياء قسمة بين عباد الله، قال العقل هو أعدل الأشياء قسمة بين الخلق، العقل! إذا احترمنا وخضعنا له ولم نُقدِّم المصلحة عليه والقرارات السابقة أو المُسبَقة والدوجماوات Dogmas – العقائد – غير المُبرَّرة.
نعود أيها الإخوة، الدكتور بيرسينجر Persinger صُدِم طبعاً بهذه النتيجة، الرجل لم يتفاعل بالمرة، أي دوكنز Dawkins، قال عندي تفسيري الخاص، ومُهِم هذا التفسير لنا، قال قبل سنوات – بضع سنوات – كنت قد أعددت دراسة مبنية على استبيان – أسئلة تُطرَح – لفحص ما يُعرَف واختبار واستبار ما يُعرَف بحساسية الفص الصدغي Temporal lobe sensitivity، قال وجدنا هناك مُتصِلاً – Continuum – أو طيفاً – Spectrum – أو مدى، أي وجدنا مدى، في أقصى اليمين الأشخاص الذين لديهم نشاط فائق، نشاط هائل في هذا الفص، طبعاً مَن هم؟ المصروعون، صرعى هذا الفص، يليهم الأشخاص المُتدينيون والروحانيون ورجال الدين، في أقصى اليسار وجدنا أشخاصاً لا حساسية لفصوصهم الدماغية، أعني الفصوص الصدغية، لا حساسية! كأن الواحد منهم ميت، مثل دوكنز Dawkins، قال وأنا وجدت – وقالها بخجل – البروفيسور دوكنز Professor Dawkins: Much, much lower، أي أدنى بكثير جداً، أدنى بكثير جداً قال، قال Much, much lower، من ماذا؟ من الأشخاص المُتوسِّطين، هو يقول يبدو أنه تجاوز حتى أقصى اليسار، الرجل – قال – عجيب، ماسح!
أقول بين قوسين (هذا يُفسِّر لي بطريقة تجريبية بعض دلالات قوله – تبارك وتعالى – خَتَمَ اللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ ۩)، ختم يا حبيبي، لا يتأثَّر بأي شيئ! وأنه في ظلام يعمه، وهو عبَّر بهذا اللفظ تماماً، قال في ظلام، ظلام دامس! لم يُستحَث فيه شيئ، موجودة هذه! هذه الحالة القرآنية موجودة، قُلُوبُنَا غُلْفٌ ۩، أي في غلاف، غلاف من الرصاص لا يتأثَّر بأي إشعاع، لا كهرومغناطيسي ولا غيره، هذا غلاف مُرصَّص، القرآن أشار إلى هذه الحالات، موجودة هذه الحالات، وَلَوْ عَلِمَ اللَّه فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ – لكن لن يسمعوا – وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ ۩، الله يُسجِّل هذه الحالات، فهي موجودة يا دوكنز Dawkins، قبلك موجودة وبعدك وإلى يوم الدين.
نأتي الآن إلى تجارب الدكتور الأمريكي نيوبيرج Newberg من بنسلفانيا Pennsylvania، نيوبيرج Newberg كان أذكى قليلاً، قال سأذهب إلى مدى أبعد في التجارب هذه، ماذا فعل؟ قال لا أُريد أن أختلق أو أصطنع تجربة روحية عن عمد، أي تجربة صناعية هذه بخُوذة الرب، لا! قال سأترك الأشخاص المُتمرِّسين في اختبار هذه المشاعر وفي الدخول في هذه التجارب مثل رُهبان بوذيين أو راهبات فرانشيسكيات كاثوليكيات طبعاً وليسوا بروتستانتيات، الكاثوليك أكثر اهتماماً بهذه الأشياء من عقلانية البروتستانت، هذا معروف! ولذلك هو أجرى هذا على راهبات فرانشيسكيات، أي كاثوليكيات، سنتركهم بعد أن نضعهم في غُرفة هادئة تماماً حتى يصلوا إلى الذروة Peak، أي ذروة التأمل Peak of Meditation، معهم خيط، فقط يُحرَّك الخيط، الآن سنحقنهم دون أن يشعروا بمادة تسير في دمهم، يحملها تيار الدم إلى الدماغ، موصولة بجهاز كمبيوتر Computer مُخصَّص لهذه التجربة ومُصمَّم لهذه الأشياء ولما يُشابِه، وسوف نلتقط صوراً ثابتة وعميقة جداً لما يحدث في الدماغ، فعل هذا!
حين وصل الشخص وكان دكتوراً – هو بروفيسور Professor أيضاً لكن بوذي Buddhist – إلى القمة أعطاهم الإشارة فحصل كل شيئ، وجدوا شيئاً غريباً، الشيئ المُتوقَّع الأول كما في كل التجارب التي ذكرناها أن فعلاً منطقة الفص الصدغي بدأت الدماء تصلها أكثر، كمية أكبر من الدماء! هذا يعني أنها تنشَّطت، نشطة Aktiv هذه أكثر من الوضع العادي، هذا مُتوقَّع، وهذا ثبت في التجارب السابقة، الجديد كما أظهره الحاسوب باللون الأصفر – أي أن الدماء أقل الآن، اللون الأحمر يدل على أن الدماء أكثر – أن منطقة الفص الجداري – الفصوص الجدارية Parietal lobes – بدأت تتلوَّن باللون الأصفر، الدم بدأ يغيب يغيب يغيب، كأن هناك Switch on وهنا Switch off، قفلنا! بدأ يغيب الدم، فما علاقة هذا بهذا؟ طبعاً معروف عند كل مَن درس تشريح ووظائف الأعضاء أن الفصوص الجدارية – Parietal lobes – مسؤولة عن الشعور بالأنا وبالذات، أنا حسياً ومعنوياً، أنا! لماذا؟ لأنها تتعامل وتستثمر كل المُدخَلات والمُعطيات الحسية Sensory information، المعلومات الحسية كلها تأخذها وتُعيد تأويلها وتفسيرها ويُصبِح لديك شعور ثابت وقوي بالأنا، أنا! تشعر بنفسك.
إذا قمنا بعمل Switch off لهذه الفصوص ماذا يحدث؟ تشعر بالانفصال، بدأت تنفصل عن ذاتك، تنفصل عن ذاتك، تنفصل عن ذاتك، وبالتالي تتوحَّد بالآخر، بالكون! تشعر بأنك غبت عن ذاتك، ما يُعرَف بـ Loss of self، الغياب عن الذات! أي ما يُحدِّثنا عنه الصوفية سواء المُسلِمون أو المسيحيون أو البوذيون والرُهبان وإلى آخره، أغيب عن نفسي يقول لك، دخلت في عالم آخر! يتحدَّث طبعاً الهندوس والكاثوليك والصوفي المُسلِم والصوفي المسيحي وغير هؤلاء عن حالة التوحد بالغيب، التوحد في الملكوت، التوحد في الكون، التوحد في اللُغز الكبير، كلهم يتحدَّثون عن نفس الشيئ!
المُثير جداً في تجارب الدكتور نيوبيرج Newberg أنه أجراها على كاثوليك وعلى بوذيين وعلى غيرهم – أديان مُختلِفة وعقائد مُختلِفة تماماً – ودائماً النتيجة واحدة، الفصوص الصدغية تشتغل تماماً، تُروَّى بكميات أكبر من الدماء، الفصوص الجدارية تغيب عنها الدماء إلا قليلاً، ويغيب الإنسان عن ذاته، هذه التجربة الأكثر شهرةً في تجارب الدراويش والصوفية والفقراء حول العالم وعبر التاريخ، الغيب عن الذات!
الآن بعض الناس سيقول معنى ذلك فعلاً أن النشاط الديني والمسألة الدينية والإيمان وعدم الإيمان قضية كلها كيمياوية دماغية مُندَكة مُصمَّمة ومدموجة في تكويننا وبنيتنا الدماغية، هذه القضية! لكن ما المُشكِلة؟ أنا حتى هذا لست أُعارِضه مبدئياً، ما المُشكِلة؟ ما المُشكِلة أيها الإخوة؟ كما أن المعدة مُصمَّمة ومخلوقة ومصنوعة أو مُنشَّأة ومُطوَّرة – كما يقول علماء التطور ويطيب لهم ذلك دائماً – لكي تستجيب بالتعاطي مع ما يُعرَف بالطعام والشراب والرئتين مُصمَّمتين للتعاطي مع الهواء بالطريقة المُعقَّدة جداً والمعروفة وهكذا وهكذا يبدو أن الدماغ إذن مُصمَّم بطريقة للتعاطي مع الإيمان، مع الإلهام، ومع الوحي الإلهي، وهذا هو التفسير الأوسع – أقول في هذا المقام – لمُصطلَح الوحي الإلهي، طبعاً ليس وحي الإعلام – أتحدَّث بلُغة العقيدة – إنما وحي الإلهام، إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى ۩، وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ ۩، حتى المخلوقات الحشرية – ال حشرات – يُوحي الله إليها وتستجيب، وأوحى الله إلى أم موسى واستجابت وألقت بابنها في اليم ولم تخش عليه، غريب جداً! وهي ليست نبية، هذا المعنى الأوسع، الدماغ مُصمَّم لالتقاط هذه الإشارات – Signals – الإلهية، النبي أشار إلى هذا، قال إن لربكم في أيام دهركم – ماذا؟ – نفحات، ألا فتعرَّضوا لها، عجيب هذا التعبير، قبل أبي حامد الغزّالي! أبو حامد في معيار العمل – معيار العلم في المنطق، معيار العمل في التصوف والسلوك – تحدَّث عن توجيه العبد مرآة روحه ونفسه إلى جهة إشارات الغيب، أي لو كان الهوائي Antenna مُخترَعاً في أيام أبي حامد الغزالي لقال لابد أن تُوجِّه الهوائي Antenna بشكل سليم، نحن نقول المرآة Spiegel أو الطبق، فوجِّهه بدقة، لو اختلف جُزء من درجة تختفي الصور، أليس كذلك؟ يختفي كل شيئ ويموت التلفاز، لكن وجِّه توجيهاً دقيقاً، هنا قد يقول لي أحدكم لحظة، هل لهذا علاقة بالقبلة؟ حتماً له علاقة بالقبلة، مُستحيل أن قضية القبلة واستقبال القبلة في أي مكان في الكون – أي في أي مكان في الأرض لابد أن نستقبل القبلة – قضية اعتسافية واعتباطية أو لها معنى سوسيولوجي اجتماعي لكي يُوحِّدنا الله وما إلى ذلك، لا! وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ۩، دقِّق وتوجَّه!
هل بعد ذلك من الجيد أن نتوحَّد في النوم؟ لماذا حين كان ينام النبي كان يتوجَّه إلى القبلة؟ ينام على جنبه اليمين مُتجِهاً إلى القبلة، حتى الميت نضعه في حُفرته وفي لحده مُتوجِّهاً إلى القبلة، يبدو هذه الجهة بحسب وضعية الأرض – نعم – الله خلقها وصمَّمها لتكون جهة إرسال، وبالتالي عليك أن تُعيد توظيف هذه الأشياء وأن تعمل إعدادات Settings لنفسك بحيث تستطيع أن تستقبل، هذا على المُستوى الحسي، على مُستوى التركيبة الدماغية، ليس على مٌستوى صفاء الروح وتنقية النفس، هذا لا يزال مُستوى أعمق، ومطلوب هذا، النبي يقول تعرَّضوا لها، لذلك من آداب الدعاء أن تتوجَّه إلى القبلة، أفضل! هذا أفضل لكي تتعرَّض جداً فضلاً عن قضايا أُخرى كثيرة لكن هذا هو، لابد من التعرض.
الصادم جداً لي ولكم أيها الإخوة ما قاله البروفيسور راماشاندران Professor Ramachandran وهو مشهور جداً، مِن أشهر مَن أجروا هذه التجارب وذكرته اليوم غير مرة، هل تعرفون ماذا قال؟ قال لا أستطيع أنا ولا يستطيع العلماء الذين بحثوا في هذه المسائل وتحدَّثوا عن الدوائر الكهربية العصبية وعن تركيبة دماغنا وعن.. وعن… وعن… وإلى آخره – لا يستطيع أحد أبداً – أن يقول أن هذا يقتضي – أي من تداعياته، الـ Implications كما يُسمونها، من اللوازم أو التداعيات أو التوظيفات أو التدعيمات الفكرية Implications of the thought – أن يقول الله غير موجود وأن الأديان خُدعة، قال غير صحيح، هذا راماشاندران Ramachandran! ثم قال – علماً بأن الرجل نفسي علماني بحت، ليس له علاقة بالأديان، علماني تماماً، أنا أعرفه وقرأت له أشياء كثيرة – وإنما الأمر أشبه بهوائي Antennaـ استخدم هذه العبارة، بهوائي Antenna قال، قال وإنما الأمر أشبه بهوائي Antenna مُعيَّن موجود لكي يجعلنا أكثر استقبالاً وكفاءة في استقبال الغيب، عجيب! هذا هو الصحيح، المعدة مخلوقة لتُؤدي غرضاً، وكذلك الحال مع القلب والرئتين والكُلى والكبد والمرارة والطحال وإلى آخره، أليس كذلك؟ والدماغ مخلوق لكي يُؤدي أغراضاً بأعيانها.
ارجعوا الآن إلى المثل الذي شرعت خُطبتي بذكره، مثل القُبعة والساحر والبقة والأرنب، وقولوا مرة أُخرى فعلاً كيف تسنى لهذا الإنسان أن يُفكِّر في الله لا إله إلا هو؟ كيف؟ أنا شخصياً هذا الأمر طيلة حياتي مُحتار فيه، وأعرف أنه صعب جداً جداً جداً، كيف؟ بهذا اللُطف الإلهي، بهذه الإشارات الإلهية التي مَن أحسن استقبالها ولم يستكبر ولم تكن له ناصية مُستكبِرة تُريد أن تُكذِّب وأن تُشاغِب وأن تعبث وأن تلعب بمصيرها أبداً، وإنما هو مُتواضِع، مُتواضِع للحق!
فكَّرت بعمق أيها الإخوة ووجدت في النهاية أن تقريباً مُعظَم إن لم يكن كل مشاكل الإنسان والبشرية فعلاً بسبب الاستكبار، لأن الجاهل تُحَل مُشكِلته، تُعلِّمه! لكن المُستكبِر ماذا تفعل معه؟ لذلك أنا سأُحاضِر بعد أيام في مُنتدى هكذا يُحاضِر فيه بعض أهل الفكر والذكر من هذه البلاد عن هذا، طُلِب مني أيها الإخوة شعاراً مُعيَّناً، فكَّرت لليلة وليلتين ثم قلت سيكون شعاري – شعار خاص هذا، مقبوسة Zitat من عندي، لم آخذ من أي واحد آخر، تمنيت أن أجد شيئاً مُناسِباً لكنني لم أجد – التواضع سيصون العالم، وسأشرحها! مُحاضَرتي ستكون شرحاً فلسفياً وثقافياً ودينياً لهذه المقبوسة Zitat، التواضع سيصون العالم! سأشرح هذا تماماً، لذلك قال تعالى سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِن يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَّا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ۩، قال هؤلاء سأصرفهم، مثلما صرفت ريتشارد دوكنز Richard Dawkins، لن أجعله يستجيب لأي شيئ، سيبىقى في ظُلماتٍ يعمه عمهاً مُتحيِّراً وسيُبعَث أعمى يوم القيامة، انتبهوا! التواضع يصونني، يصونكم، يصوننا، يصون العالم، يصون البشرية، يصون مجدنا وتراثنا ومسيرتنا الفكرية والروحية وحتى العلمية والتجريبية، التواضع! لابد من التواضع وطلب الحقيقة، يبدو أن الله خلقنا وهيَّأنا لكي نتعاطى معه، سأختم خُطبتي بما يُؤكِّد هذا أيها الإخوة، هذه قرائن، ليست أدلة علمية وإنما قرائن علمية لافتة ولها مغزاها أيها الإخوة.
أولاً ما مغزى أن دماغنا هذا يعمل حتى لو حُذِفَ مُعظَمه؟ بعضهم يقول تسعون في المائة، أي لو أجرينا عملية جراحية وحذفنا تسعين في المائة، لكن هذا الكلام مُبالَغ فيه، هذا أُجريَ على فئران تجارب ونجح، حُذِفَ من أدمغتها تسعون في المائة وظلت عادية وعاشت نفس حياتها، وهذه كانت البداية، وهذا ربما ألهم بعض العلماء وخاصة في علم النفس التربوي وعلم النفس التعليمي والسيكولوجي وإلى آخره أن يقولوا الإنسان يبدو أنه لا يستخدم إلا عشرة في المائة من دماغه، وهذا عليه كلام وفيه نظر على كل حال، المسألة قد تكون أقل من هذا بكثير وقد تكون غير ذلك، لكن هذا موضوع آخر، أما الإنسان ثابت، يُمكِن أن يُستأصل أكثر من نصف دماغه، بعضهم يقول ثلاثة أرباع دماغه، أي يُستأصل خمس وسبعون في المائة منه، ويعيش بشكل عادي، يذهب إلى الجامعة ويُواصِل حياته ويُدرِّس ويأكل ويشرب ويتكلَّم مع زوجته، لا تُوجَد أي مُشكِلة، وهذا سؤال! معنى ذلك بطريقة حسية – إذا أردنا تفسيراً حسياً تجريبياً لهذه المسألة – أننا يُمكِن أن نعيش بربع دماغ وربما بأقل من هذا بحقيقةً، نعم يُمكِن! إذن ماذا تفعل الثلاثة الأرباع الأُخرى؟ احتفظوا بهذا السؤال لنرى كيف يُمكِن أن نُجيب عنه بطريقة عقلية تستند إلى المُعطيات الحسية التجريبية.
البروفيسور أنوكي “أنوخين Anokhin” هو تَلميذ بافلوف Pavlov مُؤسِّس المُنعكِس الشهير، بافلوف Pavlov هذا تَلميذه، عُمِّر فترة طويلة وهو من أكبر المُتخصِّصين حول العالم في علم وظائف الدماغ، هذا هو البروفيسور أنوكي”أنوخين Anokhin”، هذا الرجل قال الدماغ يحتوي على ما بين عشرة إلى خمسة عشر بليون – أي مليار كما يُقال عندنا بالألمانية، أي عشرة أس تسعة، ألف مليون – خلية عصبية، أي Neurons، وطبعاً هذا غير صحيح، الآن اذهبوا وخُذوا أي كتاب في علم الأعصاب أيها الإخوة – أي كتاب الآن – وسوف ترون أن أكثر من تسعين في المائة تقريباً من العلماء يقولون على الأقل مائة بليون Neurons، ليس خمسة عشر بليون وإنما مائة، أي أن أنوكي “أنوخين Anokhin” مُتواضِعاً جداً كان في تقديره، وهذا جميل! جميل أن نكون مُتواضِعين لكن دعونا نرى هذا، هذا يخدمنا أكثر، هناك مائة بليون لكنه قال من عشرة إلى خمسة عشر بليون، وهذا قبل سنوات طويلة، لكن لا تُوجَد مُشكِلة، قال الآن كل خلية عصبية في الدماغ – كل Neuron – لها شأن هام، وطبعاً تعرفون أن هناك النواة ثم هناك المحور ثم هناك التشجرات، طبعاً العلماء – ليس أنوكي “أنوخين Anokhin” وإنما العلماء قبل سنوات بسيطة – اكتشفوا شيئاُ مُذهِلاً جداً، هذه التفرعات والتشجرات حين تمتد من المحور – Achsen – هذا ماذا يحصل؟ العلماء وجدوا شيئاً عجيباً جداً جداً، تفرعات كثيرة جداً! كل تفرع منها لا يذهب حيث اتفق، يذهب ويتجه مُنذ البداية حيث ينبغي أن يكون، الله أكبر! مَن الذي جَّهه؟ كيف يتوجَّه هذا؟ لماذا يذهب إلى حيث يكون؟ هل عنده عقل إذن؟
سُئل ذات مرة أحد لاعبي الهوكي Hockey – وهو مُتمرِّس شديد – كيف تكسب أنت؟ قال أنا أتزحلق وأذهب لا إلى حيث اتفق وإنما إلى حيث يجب أن أكون، قال أعرف أين يجب أن أكون وأكسب دائماً، ألتقط وما إلى ذلك، يعرف المسألة هذه، هذا هو! كذلك تفعل هذه التشجرات من خلايانا العصبية في الدماغ، أي Our Neuron، جميل!
بروفيسور Professor أنوكي”أنوخين Anokhin” قال إمكانية الاتصال لكل خلية واحدة كم؟ إمكانية الاتصال كم؟ كم الإمكانية؟ شيئ مُذهِل! عشرة مرفوعة إلى الأس ثماني وعشرين، والبليون تسعة، إذن عشرة بليون بليون بليون إمكانية، أف! سيقول لي أحدكم هذا يعني عشرة أس ثماني وعشرين سوف نضربها في كم؟ على الأقل سوف نقول عشرة بليون خلية عندنا، عشرة أس كم إذن؟ عشرة، أليس كذلك؟ إذن عشرة أُس عشرة، وسوف يخرج رقم معروف جداً! هذا الرقم إذا أردت أن تكتبه لن تستطيع لكن ليس بطريقة الأُس كأن تقول لي – مثلاً – عشرة أس سبع وثلاثين أو ثماني وثلاثين، وإنما واحد أمامة أصفار، يقول أنوكي “أنوخين Anokhin” ستكتب واحداً وأمامه تكتب أصفاراً – صفر صفر صفر صفر – بطول كم؟ هل الأصفار ستكون بطول المسجد؟ هل بطول مائة متر سنضع الأصفار؟ الستة أصفار مليون Million، التسعة أصفار بليون Billion، المائة صفر جوجل Google، أف! قال لا، بطول تسعة مليون كيلو متر، تسعة مليون كيلو متر من الأصفار! أي سوف تعيش وتموت ثم تعيش وتموت وأنت لا تزال تكتب، ولن تنتهي من الكتابة، هذه الأصفار فقط! هنا سيقول لي أحدكم هذا شيئ مُحيِّر، هل هذا يعني أن حكاية عشرة في المائة من دماغنا لا تزال لعبة صغيرة؟ نعم نعم نعم، الآن السؤال مرة أُخرى: لماذا؟ لماذا كل هذه الإمكانيات لهذا الدماغ؟ لماذا؟ نستطيع أن نعيش برُبع الدماغ، لماذا كل هذه الإمكانيات الهائلة؟ أنوكي “أنوخين Anokhin” يقول الدماغ البشري عنده إمكانية أن تحفظ في كل ثانية كراسة، كراسة من خمسين أو ستين صفحة في كل ثانية، ولو عشت تسعين سنة – يقول أنوكي “أنوخين Anokhin” – هل هذا مُمكِن؟ قال عادي، ويقول الدماغ هل من مزيد؟ هات المزيد أيضاً، ما هذا؟ هذا لا شيئ، أتلعب أنت معي الآن؟
سيقول لي أحدكم خرب الله بيتنا، هذا يعني أن عقلنا ممسوح، نحن طناجر كما يُقال، والله خُطبة مثل هذه تُصدِّعني، وأقول متى ينتهي الشيخ من حديثه؟ هذا يعني أنني أهبل! لأنك لا تستخدم هذا الدماغ، هذا الدماغ رهيب، هذا ليس مخلوقاً لكي يتعاطى مع خُطبة مثل هذه بسيطة ساذجة، لا! هو مخلوق لكي يتعاطى مع رب العزة لا إله إلا هو، لكي يُفكِّر في الله وفي الغيب وفي الأديان وفي كلمات الله المُرسَلة إلينا، هذا جوابي أنا، هذا هو! هذا هو بالضبط، لذلك المعدة هذه معدة النعامة أحسن منها ألف مرة، تهضم حتى الحديد والرصاص والنحاس النعامة، أحسن منا كثيراً، عندك رئتان لكن الطيور عندها أربع رئات يا حبيبي، أحسن منك ألف مرة، الطير عنده رئات أحسن منك بكثير، وهكذا!
هنا سيقول لي أحدكم لا تنس الركب، وطبعاً لن أنسى الركب، سوف تجد حيوانات كثيرة عندها إمكانيات للجري رهيبة، تجري ثلاثين سنة أو أربعين سنة من غير أن تتأثَّر، ويُمكِن أن تجري بسرعة خمسين أو أربعين كيلو متر في الساعة، الجاكوار Jaguar يجري بسرعة ثمانين كيلو متر في الساعة من غير مشاكل في الركب، ليس هذا ما يُميِّزنا، لا المعدة ولا الرئتان ولا ما إلى ذلك، وإنما العقل يا حبيبي، العقل العقل! العقل بهذه الإمكانيات المُذهِلة التي يعجز العقل نفسه عن التعبير عنها.
طبعاً لا تنسوا في النهاية أن من أعجب شؤون العقل أنه يتعقَّل نفسه، كلامنا هذا كله هو كلام معقول وكلام عقلي لكن هو كلام ميتاعقل، هل تعرفون الميتا Meta؟ Metaphysic، Metalanguage، Metamathematics، ميتا Meta كذا وكذا، هذه الميتا Meta! ما معنى الميتا Meta؟ دراسة شيئ أو حقل مُعيَّن من حيث الإطار العام له، نظرياته، مفاهيمه، مُسلَّماته، منطقه، وفلسفته، ليس دراسة موضوعاته وإنما دراسته كله على بعضه، ومن ثم نرى منطقه الخاص، هذا يُسمونه الميتا Meta، مثل ميتالغة، ميتارياضيات، ميتافيزيقا، أي الفلسفة وإلى آخره، هذا ميتاعقل، العقل يقدر على أن يعمل ميتاعقل، التجارب هذه كلها في الميتاعقل، أليس كذلك؟ كلها تجارب ميتا عقلية، وهكذا! هذا هو العقل، هذا من أعجب شؤونه.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه.
(الخُطبة الثانية)
الحمد لله، الحمد لله الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون، ويستجيب للذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله والكافرون لهم عذابٌ شديد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله القائل تفكر ساعة خيرٌ من عبادة ستين سنة.
أود من الأمة أن تُعيد تثقيف نفسها وتربية نفسها وأبنائها وبناتها على هذا الروح الديني الصحيح الذي يحترم الفهم والعلم والفكر والتعمق، وينبذ العصبية والسذاجة والجهل والسطحية والادعائية وما قل ودل، للأسف هذا قتل أمتنا، ما قل ودل والسطحية والسذاجة والتكرار والارتجاع والاجترار الذي نعيش عليه وعشنا عليه، لابد أن نلتحق بالعالم المُتقدِّم وأن نُفكِّر أيها الإخوة، حتى حين نفهم ديننا ونُدافِع عنه لابد أن نفعل هذا بعقلانية وبوعي وبجدية وبشغف حقيقي وحُب أيها الإخوة، صَلَىَ الله – تعالى – عليه وعلى آله الطيبين وصحابته الميامين وأتباعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين وسلَّم تسليماً كثيراً.
في يوم من الأيام أيها الإخوة من سنة ألف وتسعمائة وقف جد الرياضيات في ألمانيا هنا – في النطلق الألماني يدعونه جد الرياضيات، فهو ليس أب الرياضيات وإنما هو جد الرياضيات – ديفيد هيلبرت David Hilbert المُتوفى سنة ألف وتسعمائة وثلاث وأربعين – مشهور جداً جداً، من أكثر الرياضيين في القرن التاسع عشر والعشرين تأثيراً في علم الرياضيات Mathematics مع هنري بوانكاريه Henri Poincaré وأمثاله، لكن هيلبرت Hilbert بالذات هو جد الرياضيات – أمام مُؤتمَر في باريس للرياضيين – علماء الرياضيات – يقول لهم لم يبق أمامنا إلا ثلاث وعشرون مسألة من مسائل الرياضيات Mathematics غير محلولة، وحين يتم حلها ينتهي الأمر، هذا قبل فوكوياما Fukuyama، نهاية الرياضيات! نهاية التاريخ ونهاية الرياضيات، ينتهي العقل الرياضي ويقف، انتهى الأمر! آخر مدى للرياضيات هذا، ثلاث وعشرون مسألة فقط قال، يا للحسرة! قال ثلاث وعشرون مسألة من مئات المسائل، وبعد ذلك بفترة طويلة نسبياً وقف في بلده في الجامعة التي كان يُدرِّس فيها في كونيغسبرغ Konigsberg – بلدة إيمانويل كانط Emmanuel Kant هذه، نفسها كونيغسبرغ Konigsberg – يقول – طبعاً لم تُحَل المسائل، لم يُحَل شيئٌ منها، هذه تتحدى الفكر من أيام فيثاغورس Pythagoras – يجب أن نعرف وسنعرف، قال Wir müssen wissen, wir werden wissen، هكذا هي بالألمانية وهي مشهورة! قال يجب أن نعرف وسوف نعرف، من سخرية القدر:
تقِفونَ والفُلكُ المُسخَّرُ دائرٌ وتقدِّرونَ فتَضحكُ الأقدار.
قبله بيوم واحد وقف العبقري الشاب النمساوي كورت غودل Kurt Gödel – طبعاً كل الذين درسوا الكمبيوتر Computer يعرفون غودل Gödel جيداً، هل تعرفون غودل Gödel؟ كل مَن درس الرياضيات يعرف كورت غودل Kurt Gödel – ليقول سيبقى إلى أن ينتهي مشوار الإنسانية أشياء لن تُفهَم ولن تُحَل، ولذلك كورت غودل Kurt Gödel هو صاحب نظرية اللااكتمال أو اللاتمامية Die Unvollständigkeitssatz، أي Incompleteness theorem، علماً بأن Theorem مثل Theory، فهم يُسمونها Theorem، فهو عنده نظرية عدم الاكتمال، وتنص بعبارة واحدة على شيئ بسيط جداً: عدم الاكتمال في كل بنيان رياضي مُحكَم غير مُتناقِض، لابد على الأقل أن تُوجَد مسألة ليست مُبرهَن، مُستحيل أن يكون كل ما فيها مُبرهَن، يستيحيل غودل Gödel قال، طبعاً إلى الآن لم يأت أحد بما يرد على غودل Gödel، هذا صحيح! أو يكون النظام الرياضي الخاص بك مُتناقِضاً، هذا هو! سأُلخِّصها بعبارة يفهم أي واحد: كل بناء رياضي لابد إما أن يكون مُتناقِضاً أو ناقصاً، ما معنى أن يكون ناقصاً؟ فيه على الأقل مسألة واحدة غير محلولة، غير مُبرهَنة! هذه هي اللاتمامية الخاصة بغودل Gödel.
هنا قد يقول لي أحدكم لماذا ذكرت هذا؟ ما علاقة هذا بقضيتنا؟ انظروا الآن إلى العلاقة، غودل Gödel بعد هجمة النازيين اضطر أن يُغادِر النمسا إلى الولايات المُتحِدة الأمريكية واتصل حبله بحبل العبقري الكبير ألبرت أينشتاين Albert Einstein رغم اختلاف مِزاج الرجلين تماماً، أينشتاين Einstein اجتماعي وحَبوب “كما يُقال” وغودل Gödel انطوائي جداً، كان يُعاني دائماً ألا يمس أحد وألا يمسها أحد جسمياً، ممنوع! عنده عُقد المسكين وعنده مشاكل، لكنه شخص عبقري رهيب، ومات بالتجويع، جوَّع نفسه في عام ثمانية وسبعين، فغودل Gödel لم يمت من فترة طويلة، المُهِم أينشتاين Einstein وقف مرة ليقول – وكرَّر هذا غيرة مرة – حتى لو كان الإله خفياً – أي غير مرئي Invisible وهذا صحيح – فإنه ليس خبيثاً، انظر كيف يُفكِّر العباقرة وكيف يتكلَّمون يا أخي، لديهم عمق! قال حتى وإن كان الإله خفياً – لا نقدر على أن نراه، غير محسوس الله – لكنه ليس خبيثاً، كأنه يُردِّد ما قاله ديكارت Descartes لمَن قرأ ديكارت Descartes، على كل حال وقف غودل Gödel ليقول أُصادِق على هذا، غودل Gödel صاحب اللاتمامية أو اللااكتمالية قال هذا صحيح، وكيف فسَّر غودل Gödel عبارة أينشتاين Einstein بالتفسير الصحيح؟ قال بروفيسور أينشتاين Professor Einstein يُحِب أن يقول إن الله ليس خبيثاً بمعنى أنه لم يخلقنا لئلا نفهم، بالعكس! خلقنا وكوَّننا وصمَّمنا لكي نفهم، أي بحسب المعنى لكي نفهم الوجود ونتعاطى مع مَن؟ مع مُوجِد الوجود، مع خالق الوجود، لدينا القدرة قال غودل Gödel.
هنا قد يقول لي أحدكم كيف غودل Gödel يقول هذا؟ حين يقول هذا أينشتاين Einstein نقول يا حيا هلاً لكن كيف يقول هذا غودل Gödel صاحب اللاتمامية والذي يقول في تخصص الرياضيات هناك مسائل لن تُفهَم إلى يوم الدين؟ نعم، وهذه مُفارَقة Paradox، إذن هذه مُفارَقة! الرياضيات وهي إلى حدٍ ما علم تحليلي وليس تركيبياً، أليس كذلك؟ أي لا تأتي بجديد، دائماً النتيجة بطريقة ما موجودة في المُقدِّمات، هذا معنى التحليلية، فهي ليست تركيبية كقضايا الفيزياء والفلسفة والبيولوجيا Biology والتاريخ وعلم النفس والجمال أبداً، هل تعرفون ماذا كان الجواب؟ جواب غودل Gödel هو جواب أينشتاين Einstein، قال نعم، بالمنطق لا تستطيع أن تفهم، بالرياضيات والفيزياء والمُختبَرات والدوارق والأنابيق لا تستطيع أن تفهم، يُوجَد شيئ يقبع هناك – هذا تعبير غودل Gödel – فيما وراء – أي Beyond – أو بعد تخوم المنطق وحتى العقلانية، هو قال العقلانية! ما هو؟ الحدس، الحدس Intuition، الحدس – Intuition – قال، ما هو الحدس؟ قال ليس رياضيات، ليس منطق، ليس عقلاً عادياً، يُوجَد شيئ آخر، فهل هو له علاقة بالإشارات الإلهية هذه؟ هل له علاقة بهذا الفص؟ يبدو أن هذا هو، أشياء فوق كل الكلام هذا الذي تحدَّثنا به هي التي تجعلنا نتعاطى مع أشياء لا تُفهَم بالمنطق العادي ولا بالحس العادي.
لا زال الموضوع في أوله كموضوع السعادة، سنعود إلى السعادة، لا أُخلِف الوعد إن شاء الله، لكن هذا الموضوع أثارني وطُرِح علىّ فيه بعض الأسئلة فأحببت أن أُسارِع بالجواب لأنه خطير، له علاقة بالإيمان والإلحاد، وهذا ما لا يُمكِن أن نتأخَّر فيه، لكن سنُتابِع في هذا الموضوع لنرى أين ذهبت الأبحاث بالعلماء في دراسة هذه اللياقات الخارقة لدى الإنسان وما علاقة هذا بالدين والإيمان الديني إن كتب الله لي ولكم العمر.
نسأل الله – تبارك وتعالى – أن يُطيل أعمارنا وأن يُحسِّن أعمالنا وأن يُعرِّفنا به كما عرَّف عباده العارفين وأن يدلنا عليه دلالة الصادقين وأن يرزقنا خدمته وخشيته كما رزق المُخلِصين، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
اللهم علِّمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علَّمتنا، وزِدنا علماً وفهماً ورشداً، وافتح علينا فتوح العارفين، اللهم اغفر لنا ما قدَّمنا وما أخَّرنا وما أسررنا وما أعلنا وما أسرفنا وما أنت أعلم به منا وما جنينا على أنفسنا، واغفر اللهم لوالدينا وللمُسلِمين والمُسلِمات، المُؤمِنين والمُؤمِنات، الأحياء منهم والأموات بفضلك ورحمتك إنك سميعٌ قريبٌ مُجيب الدعوات.
عباد الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ۩، اذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزِدكم، وسلوه من فضله يُعطِكم، وقوموا إلى صلاتكم يرحمني ويرحمكم الله، وأقِم الصلاة.
(انتهت الخُطبة بحمد الله)
فيينا (24/9/2010)
أضف تعليق