علاقة العلم بالمعجزات والقدرة على الفهم من خلال نقل عرش بلقيس

أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ۩، والصلاة والسلام على أشرف المُرسَلين، سيدنا محمد بن عبد الله، النبي الأمين، وعلى آله الطيبين، وصحابته الميامين، وأتباعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ۩، اللهم علِّمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علَّمتنا، وزِدنا علماً، اللهم إن هذا إقبال ليلك وإدبار نهارك وأصوات دُعاتك وحضور صلواتك، فاغفر لنا، اللهم آمين.

أما بعد، إخواني الأحباء، أخواتي الفاضلات:

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، الإمام بديع الزمان النورسي – قدَّس الله سره – قال معاجز الأنبياء وآياتهم في كتاب الله – تبارك وتعالى – هي وعدٌ للبشر بأنهم بإذن الله – تبارك وتعالى – وكرمه ولُطفه سيبلغون مثلها بالأسباب وبالعلم، أُعطيت للأنبياء من غير أسباب، هكذا! كُنْ فَيَكُونُ ۩، أليس كذلك؟ البشرية ستبلغ هذه في قابل الأيام والقرون وربما ألوف السنين بالعلم والفكر والنظر، وفعلاً الآن تقريباً كثير جداً من معاجز الأنبياء حقَّق العلم مثلها، وأحياناً ما هو أبلغ منها، سُبحان الله! شيئ غريب، وكله في نهاية المطاف بفضل الله – تبارك وتعالى -، أليس كذلك؟ حين أحدث الله هذا الخارق وهذه المُعجِزة لنبي أحدثه بقُدرته، وحين مكَّن البشر أن يفعلوا هذا مكَّنهم بفضله – لا إله إلا هو – وحكمته، أليس كذلك؟

ألبرت أينشتاين Albert Einstein قال الآتي، وأينشتاين Einstein هو أينشتاين Einstein، صاحب النسبية، هذا الرجل في الحقيقة له فضل على البشرية كلها، لأنه أعطانا القُدرة والإمكانية أن نُعيد إدراك وتصور العالم بل العوالم من مُقارَبة جديدة كل الجدة، فيزيائياً طبيعياً، شيئ غريب، الزمان والمكان، أينشتاين Einstein قال ليس أعجب شيئ أن نفهم الأشياء الصعبة، أي ليس عجيباً أن يكون أينشتاين Einstein هو صاحب النسبية العامة والخاصة، قال هذا ليس عجيباً، لا! ما هو العجيب؟ قال أعجب شيئ أننا نفهم أي شيئ، قال هذا أعجب شيئ، هو غير قادر على أن يفهم – أينشتاين Einstein نفسه غير قادر على أن يفهم – كيف نحن بهذه الجمجمة وبشيئ من الكُتلة الهُلامية هكذا – يُمكِن أن تُؤكَل حتى مطبوخة أو مسلوقة، يأكلها بعض الناس من الحيوانات، أليس كذلك؟ ويُمكِن لبعض الخلق أن يأكلوا أمخاخنا، كُتلة هكذا موضوعة في حيز مُظلِم تماماً – نفهم أشياء غريبة جداً جداً جداً، فلسفات وفن وموسيقى وأديان وروح ونفس وفيزياء وكيمياء ورياضيات، شيئ غريب، قال هذا أعجب شيئ.

أنا قلت لك في الدرس السابق نعم، لا تتوقَّع أن تفهم بحجم دماغك هذا، كلام فارغ! لو كان حجم دماغك مثل ما هو مليون مرة لن يكون هذا شرطاً لأن تفهم أي شيئ بصراحة، ولذلك النملة بحجم دماغ أقل من حبلة ملح تفهم أشياء غريبة جداً جداً، وهي مُهندِسة كبيرة جداً وبارعة، هي ذكية يا أخي ومُوحِّدة لله وتعرف أشياء كثيرة، وأقل منها البرغوث والمن والأشياء الأصغر من هذا، حتى الفيروس Virus هذا، نصف حي ونصف ميت، يتماكر ويتخابث على البشر، هذا هو! أعجز البشر هذا، أي الفيروس Virus، يُعجِزهم ويلتف على حيالهم وعلى أساليبهم وعلى كذا وكذا، شيئ غريب! ما الذي يحصل؟ كلها هدايات وإلهامات إلهية، لكن هذه أسباب ظاهرية، أن هناك دماغاً وأن هناك عقلاً وأن هناك كذا وكذا، وتعال بعد ذلك إلى علم الأعصاب وعلم الإدراك وما إلى ذلك، كل هذا كلام ظاهري، أينشتاين Einstein فهم هذا بعُمق عجيب جداً جداً، الرجل فهمه بعُمق روحاني، قال ليس العجيب أن نفهم أي شيئ صعب، لا! العجيب أننا نفهم أي شيئ، قدرتنا على أن نفهم أي شيئ هو العجب – قال -، كيف يتم هذا؟ يتم هذا بنور إلهي – أنا أقول لك – والله العظيم، ولو أخذ الله هذا النور لاختلف الأمر.

ولذلك ترى الناس أنت يتفاوتون في هذا النور، منهم البلداء، أحياناً ترى عالماً مُتخصِّصاً في علم مُعيَّن خمسين سنة، لكنه بليد في علمه، وهو لا يتعاطى ولا يتعانى إلا علمه، أي إنه يحشر رأسه في عشرة مُجلَّدات طيلة حياته، ويقوم بتدريسهم في الجامعة أربعين سنة، وحين تدخل معه في أي مسألة من مسائل علمه وتتعمَّق معه تجد أنه بليد وينقطع، غير فاهم هذا المسكين، وترى أحياناً طفلاً صغيراً – ابن سبع سنوات أو عشر سنوات – على العكس منه، شيئ غريب يا أخي، باقعة من بواقع الدهر، عنده قدرة حدسية، علم وذكاء وتلمح وإدارك للأشياء بسرعة، وعنده قدرة على تحصيل العلوم والبروز والنفاذ فيها، وهو يفهم الشيئ سريعاً، الشيئ ريثما يُلقى إليه يكون قد فرغ من فهمه، نور إلهي أعطاه الله إياه، هذه قدرات، قدرات عجيبة!

إذن يُوجَد نور إلهي في هذه الحكاية، يُوجَد نور إلهي، نسأل الله أن يزيدنا نوراً، ومَن يُحِب أن يفهم وأن يكون على هذه الطريقة ووفق هذه الصفة عليه بتقوى الله، والله العظيم أحسن شيئ للفهم والعلم والنور والذكاء وفهم ما لا يُفهَم أن تتقي الله – تبارك وتعالى -، وأكثر شيئ يُظلِم الذهن والقلب والروح المعصية والبُعد عن الله والمهالك الباطنية، وفي الحديث الذي أخرجه أحمد مَن قارف ذنباً فارقه عقله، أي بمقدار ذنبه، لا يعود إليه، أي حتى يُحدِث توبة ثم تُقبَل، نعم! هذا هو طبعاً، الذنوب تجعل الإنسان بليداً، وتجعله غبياً، لا يعقل، وهو لا يشعر!

نعود إلى موضوعنا العجيب هذا، قضية أن العرش يُمكِن أن يُنقَل بعلم ما، علم من الكتاب، الكتاب الإلهي، وقيل هو اللوح المحفوظ، وقيل هو جنس الكُتب الإلهية، ليس كتاباً خاصاً، زابور أبيه – مثلاً – داود، أي سُليمان، أو توراة موسى وألواحه، لا! جنس الكتاب الإلهي، عنده علم في الكُتب الإلهية، وقيل هو اللوح المحفوظ، والله أعلم على كل حال، لكن واضح أنه كتاب إلهي وشأن إلهي، هذا علم إلهي، مع أن لم يكن هناك علم فيزياء في تلك الأيام، هذا بطريقة إلهية، غير الأسباب!

هذا الأمر – كما قلنا – مُجرَّد ذكره كمُعجِزة وخارقة وعد للبشرية، أنها ستتمكَّن منه بإذن الله – تبارك وتعالى – في يوم من الأيام، هذا اليوم بدأت تباشيره تهل علينا، من زُهاء عشر أو خمس عشرة سنة، والآن سأُحدِّثكم عن هذا حديثاً علمياً، أرجو أن يكون مُبسَّطاً وواضحاً – إن شاء الله تعالى -.

الذي أُريد أن أقوله أيضاً حتى لا يغيب هذا عن ذهني هو أن الإمام النورسي – رحمة الله عليه – ذكر ما ذكر، وأنا سأذكر شيئاً مُضافاً، معنى أن هذه معاجز للأنبياء وخوارق أن هذه تحصين، هذا يعني تحصيناً للمُؤمِنين، وفعلاً هي تحصين للمُؤمِنين والمُؤمِنات في كل زمان ومكان عن أن يُفتتنوا بالعلم وأن يصيروا ذوي نزعة علموية، أي Scientism، بمعنى ماذا؟ أن العلم هو إله، العلم هو المنهج الوحيد والمُقارَبة الفذة، كل ما أثبته العلم نُؤمِن به، كل ما نفاه نُنكِره، كل ما عجز عن تناوله أيضاً نُنكِره، شيئ غريب! بعض الناس هكذا، بعض الناس بلغ به الحمق أن يجعل المُقارَبة الوحيدة لأي موضوع العلم، مثل موضوع الدين، الملائكة، الجن، الآخرة، والجنة، يقول لك العلم لا يستطيع أن يتعاطاها معاها، فهذه قضايا غير علمية ولا أُؤمِن بها، وقد ناقشنا هذا الموضوع في أكثر من خُطبة من ناحية فلسفية وعلمية.

هذه المعاجز تقول لنا على المرء ألا يُفتَتن بالعلم، لأن العلم وإن قدر على أشياء بأسباب مدروسة فقد أقدر الله عليه أولياءه قبل ألوف السنين، سُليمان عاش متى؟ عاش قبل ميلاد المسيح – أي B.C. – بألف سنة، أي مر عليه كم سنة إلى الآن؟ ثلاثة آلاف سنة، هذا سولومون الحكيم Solomon the Wise، أي شلومو שְׁלֹמֹה، بالعبرية اسمه شلومو שְׁלֹמֹה، شلومو שְׁלֹמֹה هو سُليمان أو سولومون، ألف B.C. أي ألف قبل ميلاد المسيح، سُليمان! من ثلاثة آلاف سنة، لعلنا لنتمكَّن أن نفعل ما فعل سُليمان بالعلم وأسبابه نحتاج إلى ألف سنة أُخرى، أكيد سنحتاج إلى مئات السنين طبعاً، ليس إلى عشرات وإنما إلى مئات السنين، هذا أكيد، وسأُحدِّثكم عن هذا.

كيف يتناول العلم هذه المسألة؟ وهذا العلم فعلاً مُدهِش، ولذلك نحن نقول العلم هذا يُحترَم، لابد أن نحترمه وأن نُوقِّره وأن نخلق مِزاجاً علمياً في أمتنة العربية والإسلامية، هذا قوة طبعاً لمُقارَبة كيانات الله، الطبيعة، والخلق!

العلم يتحدَّث عن هذا الموضوع تحت عنوان النقل البُعدي أو النقل الآني، وهذه ترجمة – أي النقل البُعدي أو النقل الآني – لما يُعرَف بــ Teleportation، الــ Teleportation النقل البُعدي أو النقل الآني، ما معنى النقل البُعدي؟ أي أن نأتي إلى جسم مُعيَّن، وليكن هذا الكوب أو هذا المسمار – مثلاً -، وننقله إلى مكان آخر آنياً، بمعنى أسرع من الضوء، وهكذا يُخرَق مبدأ أن سرعة الضوء هي السرعة المُطلَقة، المبدأ الذي أرسته النسبية العامة لألبرت أينشتاين Albert Einstein، أول مبدأ سيُخرَق هذا، لا! سيُنقَل هذا آنياً، آنياً! إلى أين إذن؟ هل سيُنقَل إلى مسافة عشرة كيلومترات Kilometers؟ يُمكِن أن يصل حتى – إن شاء الله – إلى بليون Billion سنة ضوئية، يُمكِن أن يصل حتى – إن شاء الله – إلى خمسة عشر أو إلى أربعة عشر بليون سنة ضوئية، يُمكِن أن يصل إلى حافة الكون، يُمكِن أن يصل حتى – إن شاء الله – إلى أربعة عشر بليون سنة ضوئية!

إذا أردنا أن ننقله لاسلكياً كما ننقل الموجات اللاسلكية – مثلاً – أو كما تسير موجات الضوء إلى كم سيحتاج؟ إلى أربعة عشر بليون سنة، لا! النقل الآني تنقله من هنا إلى طرف الكون على مسافة أربعة عشر بليون سنة في لا زمن، قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ۩، هذا اسمه النقل، وهذا يعني أن هذا ما تتحدَّث عنه الآية، هذا صحيح!

ما هذا؟ أولاً هذا ضد – كما قلنا – هذا المبدأ من مبادئ النسبية العامة، ثانياً هو ضد مبدأ عدم التعين في الــ Quantum mechanics أو الــ Quantum physics، أي في الميكانيك الكومومي أو الفيزياء الكمية، أي الــ Uncertainty principle، الخاص بهايزنبيرج Heisenberg، هذا مبدأ يقول لا يُمكِن تعيين موضع جُسيم من الجُسيمات الــ Microscopic – أي الــ Microscopic particles، أي الأجسام التحت مجهرية – في نفس اللحظة بالدقة المطلوبة، لا يُمكِن تعيين موضعه والزخم الخاص به – أي الــ Momentum، أي لا يُمكِن تعيين الموضع والــ Momentum – في نفس اللحظة بالدقة المطلوبة، مُستحيل! تستطيع أن تُعيِّن موضعه بدقة تُساوي مائة في المائة، ولكن دقة تعيين الــ Momentum ليست بشيئ، صفر! لا شيئ بالمرة، والعكس صحيح، إذا أردت أن تُعيِّن الــ Momentum بدقة مائة في المائة فسيكون تعيين الموضع صفراً أو قريباً من ذلك، هذا اسمه مبدأ عدم التعيين، أي الــ Uncertainty principle، مبدأ عدم التعيين أو مبدأ اللايقين أو مبدأ عدم التحديد، هكذا هذه كلها ترجمات عربية لهذا المُصطلَح، وهو يخرقه، لماذا إذن؟ سنبدأ شيئاً فشيئاً، وإن شاء الله سأُبسِّط الموضوع، هذا بإذن الله – تعالى -.

لأن النقل الآني – أي الــ Teleportation – ليس معناه أننا ننقل الكوب نفسه، يُخطئ مَن يقول هكذا، وبالمُناسَبة نحن أحببنا طبعاً ونحن صغار الفضاء وألف وتسعمائة وتسع وتسعين 1999، فعلاً ينتقل الإنسان نفسه، ينتقل الشيئ نفسه، الفهد – مثلاً – أو الشيتا Cheetah تنتقل كلها، نفسها! لكن هذا غير صحيح، وغير دقيق بالمرة، ولم يقل به فيزيائي من فيزيائيي الموضوع أبداً، وشاهدنا أيضاً Star Trek، وما زال أطفالنا يُشاهِدونه، Star Trek دائماً ما يتحدَّث عن هذه النظرية، النقل! هنا أنبوبة وهناك أنبوبة، هناك إرسال وهناك استقبال، فيُنقَل الإنسان نفسه أو الشيئ نفسه، مع أن بعض المُسلسَلات قدَّمت مُقارَبات مُختلِفة، وحتى Star Trek بالمُناسَبة قدَّمت مُقارَبة علمية أحسن من ألف وتسعمائة وتسع وتسعين 1999، وهناك فيلم The Fly، فيلم The Fly المشهور جداً، أي الذبابة، وذلك حين أراد البروفيسور Professor أن ينقل نفسه بالــ Teleportation أو الــ Quantum teleportation، وفعلاً كاد أن يفعل هذا، لكن للأسف دخلت ذبابة عن طريق الخطأ، لم تُلحَظ، فتفاعلت أو اندمجت المادة الجينية للذبابة مع المادة الجينية للبروفيسور Professor، وخرج الكائن العجيب هذا، هذا في فيلم The Fly، أي يُمكِن أن تُشاهِدوه، فهو يتحدَّث عن هذا، وطبعاً جميل حتى أن يُشاهِد أطفالنا هذه المُسلسَلات وهذه الأفلام، لكي تُنعِش خيالهم العلمي، تعمل هذه Refreshing للخيال نفسه، وهم سيبدأون في أن يفهموا الأشياء، لكن في غير حدود الــ Common sense أو الحس المُشترَك.

نحن الآن نفهم الأشياء في إطار الحس المُشترَك، بمعنى ماذا؟ أنا الآن أرفع أُصبعين، والآن سأرفع ثلاثة أصابع، غير مُمكِن أن أكون رافعاً لاثنين وثلاثة في نفس الوقت، بحسب فيزياء الكم يُمكِن أن نقول لا، هذا مُمكِن، يُمكِن أن ترفع الاثنين والثلاثة في نفس الوقت، تكون رافعاً للاثنين وللثلاثة، والذبابة نفسها هذه يُمكِن أن تكون ميتة وأن تكون حية في نفس الوقت، إذا خرقنا مبدأ عدم اجتماع النقيضين، مخروق! في ميكانيكا الكم مخروق.

لدينا الآن حاجز به ثُقبان، لا يُمكِن لأي جسم أن ينفذ من الثُقبين في نفس الوقت، يستحيل! بحسب الــ Common sense البشري – أي الحس المُشترَك، يُسمونه مبادئ التفكير السليم، الــ Common sense هو التفكير السليم أو الحس المُشترَك أو الحس العام، واسمه المنطق البدهي أيضاً – لا يُمكِن هذا، بحسب البدهيات البشرية إذا نفذ من واحد لا يكون نفذ من الثاني، يُمكِن أن ينفذ من الاثنين على التعاقب، أي ينفذ من هذا ثم من هذا، لكن في نفس الوقت هذا مُستحيل، في ميكانيكا الكم يختلف الأمر، غير مُستحيل، وهذا ما يحصل حقيقةً، هذه الجُسميات تنفذ من الثُقبين في نفس الوقت، والجُسيم نفسه يكون واحداً وينفذ من الثُقبين في نفس الوقت، شيئ يُصيب بالجنون، غير معقول! هذه ميكانيكا الكم، وكلنا نعرف العالم النمساوي الشهير جداً إرفين شرودنغر Erwin Schrödinger الذي كانت صورته أو رسمه مرسومة على الألف شلن، عالم فظيع جداً جداً، وبالمُناسَبة هو من مُؤسِّسي المفاهيم التي لها علاقة بموضوع الــ Teleportation، لأنه من روّاد ميكانيكا الكم، هناك هايزنبيرج Heisenberg، شرودنغر Schrödinger، دي برولي De Broglie، ونيلز بور Niels Bohr، هؤلاء الأربعة العظام في ميكانيكا الكم.

عنده تجربة مشهورة جداً جداً اسمها قطة شرودنغر Schrödinger، ما قضية الــ Box الذي فيه قطة شرودنغر Schrödinger – أي Schrödinger’s cat -؟ هذه القطة موجودة في هذا الصندوق، الذي به أُنبوبة صغير من الغاز السام، بحيث لو ضغطت القطة على شيئ مُعيَّن سوف ينطلق الغاز ومن ثم سوف تموت، هذا الصندوق الكمومي طالما هو مُغلَق القطة تكون في حالة تراكب، في حالة  Superposition، ما التراكب؟ هذا المُصطلَح في ميكانيكا الكم، وتحدَّث عنه شرودنغر Schrödinger، ما هو التراكب؟

كل هذا تمهيد حتى تفهموا الــ Teleportation بطريقة علمية مُبسَّطة – إن شاء الله -، وإلا الموضوع مُعقَّد جداً جداً، وبالمُناسَبة النمساويون – ونحن هنا في النمسا – لهم فضل كبير جداً جداً في هذا الموضوع، شرودنغر Schrödinger نمساوي، بعد ذلك عندنا الآن أحد أشهر علماء العالم إن لم يكن أشهرهم على الإطلاق في دراسات الــ Teleportation، ونجح في إجراء تجربة مخبرية هنا في النمسا من تجارب النقل الآني أو الــ Teleportation، وهو البروفيسور Professor الموجود الآن في جامعة فيينا طبعاً، وذلك مُنذ التاسع والتسعين، قبل ذلك كان في إنسبروك Innsbruck، وهو البروفيسور Professor أنطون تسايلينغر Anton Zeilinger، أنطون تسايلينغر Anton Zeilinger مشهور عالمياً وهو نمساوي خارق، هذا استطاع أن يفعل الآتي، سأُحدِّثكم عن تجربته وما الذي فعله الرجل هذا، ما التجربة الخاصة به في الــ Teleportation؟ أي النمساوي هذا، فالنمساويون لهم إسهام رهيب، وحتى في الكمبيوتر الكمومي Quantum Computer وله علاقة بنفس المبادئ لهم إنجازات مُهِمة جداً جداً، أعني النمساويين، هذه شعوب أو هذت شعب من ثمانية ملايين قدَّم إسهامات للبشرية كلها، وهؤلاء قدَّموا طبعاً أُناساً كثيرين، فهناك فولفغانغ باولي Wolfgang Pauli – مثلاً -، من أكبر العلماء الفيزيائيين هذا في العالم، وهو أيضاً نمساوي.

في حالة تراكب القطة، ما معنى حالة تراكب؟ طالما هذا الصندوق الكمومي – هكذا ننعته – مُغلَق فالقطة حية مَيتة، طالما بقيَ مُغلَقاً أو ظل مُغلَقاً فالقطة حية مَيتة، حية ومَيتة، نقول مَيتة وليس مِيتة، وقلنا الفرق بينهما، فعلاً مِيتة هي وأيضاً حية، هذا بحسب المنطق البدهي الخاص بنا – أي الــ Common sense – غير مُمكِن، بمعنى الآن – مثلاً – لو جئت وأخذت هذا الكوب، ومثلاً صببته – نفترض – على السجّاد، لن نقول على رأس أحدهم، فهذا عيب، سنقول على السجّاد، أليس كذلك؟ إذا صببته فقد انصب، انتهى! والسجّاد تبلل، لا يُمكِن أن أكون قد صببته وتبلل السجّاد وفي نفس اللحظة لم أصببه ولم يتبلل السجّاد، غير مُمكِن! لابد من وجود واحدة من هاتين، أي أنت ترى الآن لقطة تُفيد بأن عدنان يصب الشيئ، أليس كذلك؟ في الثانية التي تعقب هذا لابد أن يكون حالة من إحدى الحالتين تعيَّنت، إما أن أكون فعلت فعلاً وصببته وتبلل السجّاد أو لا يكون هذا، في ميكانيكا الكم هذا المنطق غير سائد وغير صحيح، يُمكِن أن أكون صببته وتبلل السجاد وفي نفس الوقت لم أصببه، وهذا في نفس اللحظة، في اللحظة هذه! شيئ يُصيب بالجنون.

وبالمُناسَبة هذا من أجمل العلوم ومن أجمل الأشياء التي يُمكِن أن نُحاوِل أن نُقرِّب بها علمياً وليس عقلياً بعض المفاهيم العقدية، وسوف نرى هذا، مثل حشر الأجساد، وقضية الآكل والمأكول، وقضايا الخلود، بحسب ميكانيكا الكم! الله يبدو غير محكوم بالــ Common sense الخاص بنا، وكنا نظن أن الله يخضع حتى لمنطق عدم اجتماع النقيضين وعدم ارتفاع النقيضين والثالث المرفوع ومبدأ كذا وكذا، لا! هذا مُستحيل، اتضح أن العالم الميكروسكوبي – أي الــ Microscopic world – هذا لا يخضع للــ Common sense، فهل الله سيخضع له؟ ولذلك ينبغي على الواحد منا أن يُوسِّع آفاقه الثيولوجية العقدية بدارسة العلوم وفلسفات العلوم، لكي يقدر على أن يفهم المُقارَبات الجديدة هذه، والله أتاحها للناس، ليُقيم الحُجة علينا.

نعود، فهذه يُسمونه حالة تراكب، دعونا منها الآن، سنأخذ – مثلاً – إلكتروناً Electron أو بوزيتروناً Positron أو ميزوناً Meson، أي Particle دون مجهري، هذا عنده شيئ يُسمونه ماذا؟ الــ Spin، وهو ماذا؟ باختصار هو اللف، وهو طبعاً شيئ أعقد من اللف، أي هو ليس فقط اللف، يُسمونه الــ Spin، وطبعاً الــ Spin الخاص بأي Particle إما أن يكون مع عقارب الساعة وإما أن يكون ضد عقارب الساعة، هل هذا واضح؟ في ميكانيكا الكم الأمر ليس كذلك، كثير جداً من الجُسميات الذرية تكون في حالة تراكب، أي Superposition، بمعنى أنها ماذا؟ تلف مع عقارب الساعة، وفي نفس الوقت تماماً – ليس في وقت آخر، وإنما في نفس الوقت – تلف ضد عقارب الساعة، وهذا شيئ يتحدى العقل، شيئ يُصيب بالجنون.

طبعاً هذا شيئ يُصيب بالجنون، هذا هو الجنون نفسه بالمُناسَبة، لأنه ضد العقل، ضد البدهيات الخاصة بنا كلها يا إخواني، أليس كذلك؟ وبالمُناسَبة على ذكر أنطون تسايلينغر Anton Zeilinger – العالم النمساوي الكبير، والبروفيسور Professor الموجود الآن في جامعة فيينا، هو في المُختبَر التجريبي للفيزياء في جامعة فيينا، أي هو هناك، هنا يعمل في المُختبَر التجريبي للفيزياء في جامعة فيينا، طبعاً ويكتب في Scientific American، وأنا أقرأ له دارسات، رجل رهيب! كتب تقريباً في ألفين وثلاثة دراسة مُمتازة عن النقل الآني الكمومي، أي الــ Quantum teleportation، وأنا استفدت منها، وذلك في Scientific American، أي العالم الأمريكي – يحدث الآتي، هذا بحسب تسايلينغر Zeilinger، هو حاول أن يُبسِّط، ويبدو أن هذا كان إشافقاً منه على عقول الناس ومُحِبي العلوم، قال يا جماعة لا تأخذوا الأمر بهذه الطريقة، وهذا الأمر كله هو أمر احتمال، هذا ليس عالماً حقيقياً محسوساً مثل عالمنا، ولذلك الموضوع يتعلَّق بماذا؟ بموقفنا نحن كراصدين وكمُراقِبين، أي بالمعلومات، بإدراكنا نحن للعالم هذا، أي كأن العالم هذا هو طوع أو قيد إدراكنا، تخيَّلوا! وبعد ذلك هو – أي هذا العالم – سيتعيَّن ويأخذ حالات وفق ما نتدخَّل نحن.

هذا ليس واضحاً، كيف؟ هو وضَّحها – أي تسايلينغر Zeilinger – بمثال بسيط جداً، قال لك مثلاً لنفترض أن هناك قطة – ما دام ذكرنا قطة شردونغر Schrödinger فسنفترض أن عندنا قطة مُعيَّنة، أي Cat -، ثم قال لك هذه القطة يا أخي أنت فقدتها من خمس دقائق، كانت إلى جانبك تسعى وتلعب، ثم فقدتها، تنبَّهت وقلت أف! هذه من خمس دقائق غابت، أين يُمكِن أن تكون القطة الآن؟ تضع احتمالات أنت، أليس كذلك؟ في خمس دقائق وبحسب المُعتاد لا يُمكِن أن تكون قد تخطت – مثلاً – سور المنزل، والمنزل من ألف متر مُربَّع، لا! دائماً تلعب في إطار هذا السور، وقد تكون في المكان الفلاني أو العلاني أو الكذائي أو الكذائي أو الكذائي.

قال تسايلينغر Zeilinger أنت بهذه الطريقة قُمت دون أن تدري ودون أن تشعر بعملية حساب كمومي، وأنت لم تدرس هذه الأشياء ولا تعرفها، لماذا؟ لكن هذا حين فكَّرت كذلك، أين القطة؟ يُمكِن أن تكون هنا أو هنا أو هنا أو هناك، الآن في الواقع بحسب إدراكك القطة في كل هذه المواقع، أليس كذلك؟ لأنها فعلاً يُمكِن أن تكون في أي مكان، أليس كذلك؟ ولا يُوجَد شيئ يُرجِّح إلى الآن شيئاً على شيئ، وأنت الآن غير مُهتَم بالقطة كقطة، أي As body، أي كجسم، أبداً! وإنما مُهتَم بالقطة كمُدرَك وكمعلومة، فأنت تتعاطى مع القطة الآن المعلومة، وليست القطة الــ Body، كلام جميل! أرأيتم؟ هذا تسايلينغر Zeilinger، العالم النمساوي، أي هذا بسَّط لنا هذه اللُعبة، قال هذا ما يحصل، وهذه أفكار – من قطة شردونغر Schrödinger، إلى آخره، إلى آخره، إلى آخره – كثيرة، هل هذا واضح؟

فطالما الصندوق مُقفَل فالقطة حية مَيتة، وطالما لم أقم وأسعى – هذا لكي أُوضِّح لكم – وأبحث عن قطتي التي فقدتها من خمس دقائق فالقطة هنا وهنا وهنا وهنا في نفس اللحظة، ضمن ماذا؟ شرط الإدراك، هذا صحيح، هذا بسَّط لنا الشيئ هذا، بسَّط عندنا الموضوع، جيد! الآن هذه مُقدِّمة مُمتازة أفهمتنا ما موضوع الــ Superposition أو ما موضوع التراكب، جميل!

الآن يُحدِّثنا علماء ميكانيكا الكم والفيزياء الكمية عن وجود جُسيمات كثيرة جداً في هذا العالم في حالة تراكبية، صحيح! لكن الأعجب من هذا أنهم يُحدِّثوننا عن وجود أزواج من الجُسيمات، وقد تكون بينها – أي بين الأزواج – مسافات شاسعة جداً جداً، أي كيلومترات Kilometers أو سنين ضوئية أو حتى بلايين السنين الضوئية، وهذه الجُسيمات أو الأجسام الــ Microscopic ماذا عنها؟ في حالة تشابك، تعالق، أي Verstrickung، وهذا المُصطلَح مَن الذي صكه؟ إرفين شرودنغر Erwin Schrödinger، قال هناك شيئ نحن نُسميه Verstrickung، ما معنى Verstrickung إذن؟ تشابك أو تعالق، أي Entanglement، بالإنجليزية Entanglement، Entanglement أي حالة تشابك أو تعالق، وهنا سنبدأ الــ Teleportation، ما التشابك والتعالق – أي الــ Entanglement -؟ الــ Entanglement هذا معناه أن جُسيماً ما لدينا هنا، وعنده Superposition، أي الــ Spin الخاص به مع وضد عقارب الساعة في نفس اللحظة، جيد! وعندنا جُسيم آخر وهو الذي يُشكِّل الزوج الخاص به – أي الــ Paar -، وهو على بُعد – مثلاً – مائة سنة ضوئية أو حتى مليون أو بليون، وعنده – نفس الشيئ – Superposition state، في حالة تراكب، أي الــ Spin الخاص به مع وضد عقارب الساعة، بدأنا الآن الشغل.

قال لك الآن حالما ترصد هذا الجُسيم وتُخضِعه للرقابة مُباشَرةً يتعيَّن، ما معنى يتعيَّن؟ يأخذ إحدى الحالتين، أنت سوف تراه وترصده، لكن ليس بالعين طبعاً، طبعاً هناك الــ Microscope، لأن هذه Microscopic، وإنما سوف ترى أنه صار فعلاً مع عقارب الساعة فقط، أي الــ Spin الخاص به، جيد! العجيب – قال لك – بحسب الــ Verstrickung أو الــ Entanglement أن في نفس اللحظة الزوج الآخر الخاص به والذي على بُعد بليون أو أقل أو أكثر سنة ضوئية يتعيَّن، ويأخذ نفس الحالة مُباشَرةً.

أينشتاين Einstein في البداية لم يُصدِّق هذا، أينشتاين Einstein هو أكثر مَن عارض ميكانيكا الكم، وقد عقدت مُحاضَرات عن ميكانيكا الكم، وحاولت أن أُبسِّطها – والحمد لله -، وهذه إحدى الفصول، فُيمكِن أن تضموها لها – إن شاء الله -، ولو سأل أحدهم مَن أكثر تقدماً أو ما الذي أحرز تقدماً أكثر نظرياً وعملياً وتقنياً وتجريبياً: نسبية أينشتاين Einstein أو ميكانكيا الكم؟ لقلنا ميكانيكا الكم، وبشكل مُذهِل، وبالمُناسَبة أكثر الأشياء التي نتمتَّع بها اليوم من التقنيات الدقيقة جداً والذكية والمُحيِّرة كلها تُعتبَر تطبيقات على ميكانيكا الكم، حلم رهيب يا أخي!

نيلز بور Niels Bohr أحد الروّاد الكبار، وبالمُناسَبة هو كان الرأس المُشاكِس لأينشتاين Einstein، مع أنه أصغر منه سناً، قال كل مَن درس أو تعرَّض لميكانيكا الكم ولم يندهش ولم تستبد به الدهشة فهو لم يفهمها، أما لو فهمتها فسوف تُجن وتقول ما هذا؟! ما هذا؟! ما هذا العلم؟! ما هذه الأشياء؟! رُغماً عنك لابد وأن تندهش، أينشتاين Einstein لم يكتف بأنه لم يندهش فقط، بل ورفض أيضاً، قال أرفض هذا، مُستحيل! الله لا يلعب بالنرد، والله لا يلعب أيضاً بالــ Chess، قال الله لا يلعب بالنرد، لا تقل لي هناك حالة تراكب، حي وميت، موجود وغير موجود، قال مُستحيل هذا، كله غلط هذا.

وبعد ذلك أينشتاين Einstein نفسه له الفضل فيما يُعرَف بــ EPR effect، أي مفعول أو تأثير أو ظاهرة EPR، ما الــ EPR هذه؟ أيضاً نُريد أن نُبسِّط لكم إياها، هي مُختصَر من أينشتاين Einstein، بودولسكي Podolsky، وروزين Rosen، ثلاثة علماء، يترأسهم أينشتاين Einstein، وفعلاً هؤلاء أثبتوا في البداية بتجربة تخيلية كما يُسمونها – أي بتجربة ذهنية، في الــ Mind، وبالرياضيات طبعاً، أي نحن لا نتحدَّث فقط هكذا، كله رياضيات، واتضح معهم أن هذا صحيح – أن فعلاً يُمكِن أن يكون جُسيم هنا، ويُوجَد زوج آخر له في آخر المجرة أو في آخر الكون، وإذا أثَّرنا على هذا بحيث صار إلى حالة مُعيَّنة يكتسب الآخر نفس الأثر ونفس الحالة آنياً، آنياً! في نفس اللحظة يا إخواني، وأطلق أينشتاين Einstein عبارته المشهورة، قال كأنه تأثير شبحي عن بُعد، لأن هذا يخرق ماذا؟ يخرق سرعة الضوء، ويخرق كل شيئ، قال ما هذا؟ قال تخرق الفيزياء، الــ EPR experiment أو الــ EPR effect هي هذه، وأينشتاين Einstein أثبتها، وهذا يعني أنه بدأ يتراجع، وهذا يعني أن الحكاية جد كما وضح، ما هذا؟ مَن هؤلاء الناس الذين اكتشفوا هذا الشيئ؟ جيد!

الآن لماذا أنا أقول الكلام هذا؟ لأن يا إخواني نقل المسمار أو الصفحة أو الكوب أو كذا لا يعني أننا ننقله هو، هذا غير مُمكِن، أن تنقل لي إياه بالــ Teleportation مُستحيل، إذن ماذا ننقل؟ ننقل معلومات وافية كاملة دقيقة عن كل مُكوِّناته، ليس عن الــ Molecules أو الجُزيئات، عن الذرات وعن المُكوِّنات الذرية التحت مجهرية، مثل الإلكترون Electron، البروتون Proton، النيوترون Neutron، الميزترون Mesotron، البوزيترون Positron، والميزون Meson، كله، كله! عجيب، سوف تقول لي هذا يعني أن هذه المسألة صعبة جداً، وطبعاً هي كذلك، أصعب مما تتخيَّلون، هناك أُناس اكتفوا بــ Star Trek وألف وتسعمائة وتسع وتسعين و The Fly، وظنوا أن بإلإمكان وضع إنسان في صندوق شرودنغر Schrödinger، لكي يُمكِن لنا بعد مائة سنة – إن شاء الله – أن ننقل هذا الإنسان وأن يكون حياً أيضاً، أي إنه كائن حي، وليس مسماراً فقط، فدعونا نرى ماذا فعل مُهندِسو الــ IPM، هل تعرفون الــ IPM؟ هذه أبل Apple، أي شركة أبل Apple هذه.

هؤلاء قبل سنوات – في الألفية الثالثة – أجروا مجموعة حسابات مُعقَّدة، قام بها مجموعة من المُهندِسين وليس شخصاً واحداً، فهي مُعقَّدة جداً جداً، قالوا نُريد أن نرى ماذا سيحدث لو أردنا أن ننقل الإنسان، أي جسم الإنسان، موضوع الروح والنفس هذا – قالوا – سنتركه إلى ما هو بعد ذلك، قالوا هذا الموضوع مُعقَّد جداً، فدعونا نتحدَّث عن الــ Body نفسه، نُريد أن ننقل الــ Body، وطبعاً الــ Body الإنساني كم ذرة فيه! لا تقل لي كم خلية – أي Cell – فيه، ليس الحديث عن الــ Cell، الحديث عن الذرة، أي الــ Atom، عشرة أس ثماني وعشرين ذرة، وهذا شيئ مُخيف، عدد رهيب، طبعاً المليار أو البليون Billion بالأمريكي عشرة أُس تسعة، أي هذا عشرة بليون بليون بليون ذرة، سوف تقول لي نعم، يُمكِن أن ننقلها، لكن كيف تقول لي نعم، يُمكِن أن ننقلها؟ سوف نرى جواب هذا فيما بعد.

لو أردنا أن ننقل الــ Body الإنساني هذا أو الجسم الإنساني كم سنحتاج من وحدة المعلومات! أي البت Bit، تعرفون لُغة الكمبيوتر Computer والبت Bit، وهناك الجيجا بايت Gigabyte، الجيجا بايت Gigabyte كم بتاً Bit! أكثر من مليار، أليس كذلك؟ أكثر من مليار، أي زُهاء المليار تقريباً، العلماء يقولون هذا مليار، الجيجا بايت Gigabyte مليار بت Bit، وحدة النقل ووحدة المعلومات الخاصة بالتخزين هذه يُسمونها البت Bit، وحدة المعلومات القابلة للتخزين الحاسوبي هي البت Bit.

نحن نحتاج إلى عشرة أس خمسة وثلاثين بتاً Bit، سوف تقول لي لا، هذا ليس كثيراً، فهل تعرف هذا يُساوي كم؟ عشرة ملايين مليار مليار جيجا بايت Gigabyte، لماذا إذن؟ لأن الجيجا بايت Gigabyte مليار بت Bit، أليس كذلك؟ أي كم؟ عشرة أس تسعة، هناك عشرة ملايين، وهذه ستة، أليس كذلك؟ ومليار مليار، ثمانية عشر، عندنا خمسة وعشرون، خمس وعشرون زائد تسعة تُساوي كم؟ تُساوي أربعة وثلاثين، هذا هو! إذن عشرة أس أربعة وثلاثين بتاً Bit، سوف تقول لي لماذا هذا؟ من أجل الجسم، لكي تنقل معلومات الجسم، أي تعمل له Scanning، هم يعملون له Scanning، فلابد أن تعمل Scanning، أي لابد من مسح كامل لكل المعلومات المُتعلِّقة بالذرات فقط، ليس بالإلكترون Electron والبروتون Proton إلى الآن، وإنما بالذرات.

نحن نحتاج إلى عشرة أس أربعة وثلاثين بتاً Bit، أي نحن نحتاج إلى عشرة مليون مليار مليار جيجا بايت Gigabyte، أسرع وسيلة الآن لدينا نحن لنقل المعلومات تنقل مليار بت Bit في الثانية، سوف تقول لي هذا مُمتاز، ويحدث بسرعة، لكن هل هذا يحدث بسرعة؟ هل تعرف أنت تحتاج إلى كم! تحتاج إلى عشرة أس أربع وعشرين ثانية، وهل تعرف كم يُساوي هذا؟ احسبها، وسوف تجد أن الناتج هو ملايين مليارات مليارات السنين، هذا لكي تنقل فقط بالسرعة هذه، بالسرعة هذه تحتاج إلى ملايين مليارات مليارات السنين، هذا ما قرَّرخ مُهندِسو هذا العلم، وهذا يعني أن هذا مُستحيل، حكاية أن نُفكِّر في نقل إنسان و Star Trek وما إلى ذلك غير سليمة، هذا كلام فارغ، هذا الله أعلم متى سوف يحدث، إذا هذا سوف يحدث فالله أعلم متى إذن، من المُمكِن أن يكتشفوا تقنيات لكي يتلفوا بها على الأشياء هذه، أليس كذلك؟ مُمكِن! كل شيئ قابل لهذا، كل شيئ قابل للتفجير.

هذا يعني أن الــ Teleportation يشتغل في حدود ماذا؟ في حدود نقل فوتون Photon، فوتون Photon أو إلكترون Electron أو نيوترون Neutron، هذا نقل Teleportation، سوف تقول لي كيف؟ هكذا ببساطة نعمل Scanning لهذا الفوتون Photon فقط، وأنت تعرف الفوتون Photon، مُكوِّن الضوء الذي يسلك كجُزيء وكموجة أيضاً، هذا مُكوِّن الضوء، وهذا شيئ بسيط جداً جداً، هذا شبه عدم، سنعمل له Scanning لنحصل على معلومات كاملة عنه، ثم نُرسِلها، فما الذي سوف يحدث؟ طبعاً سوف يُعدَم هذا الفوتون Photon، هكذا لابد أن يحدث في الــ Teleportation، لمُقتضيات فنية لابد أن يُعدَم هذا هنا، لابد أن يُعدَم! حين يُعدَم هنا ما الذي يحدث؟ في المكان الثاني على بُعد مترين أو بليونين أو حتى أربعة عشر بليون سنة ضوئية تجد أنه تخلَّق هناك، شيئ مُخيف، شيئ يُصيب بالجنون.

سوف تقول لي هل هذا مُمكِن؟ هذا ليس مُمكِناً فحسب، هم عملوا هذا بالفعل، شيئ يحتاج منك أن تأتي لكي تُفسِّره، شيئ يُصيب بالجنون فعلاً، هذا ما فعله البروفيسور Professor النمساوي الكبير والمشهور عالمياً أنطون تسايلينغر Anton Zeilinger، أعدم فوتوناً Photon هنا، وأرسل معلومات مسحية كاملة عنه في المعمل الخاص به هنا في فيينا على بُعد مترين، وإذا بالفوتون Photon يظهر هناك، نفسه! وهذا عُرِف، هذا انتهى!

والأغرب من هذا ما وقع في الجامعة الأهلية في أستراليا، وذلك في الكلية الخاصة بالفيزياء، في كلية الفيزياء قبل بضع سنوات نجح علماء هناك – علماء في فريق، كانوا ستة تقريباً، ستة! قريب مُكوِّن من فرقة علماء – في أن ينقلوا حزمة أشعة ليزر Laser، أيضاً على بُعد أمتار، أعدموها في المكان هذا ثم انتهت، وعملوا لها مسحاً كاملاً، والعجيب هو الآتي، فعلاً أنا اقشعر بدني، والله – أُقسِم بالله – أنا أتكلَّم وشعر بدني يقشعر، ما هذا؟ ما القدرة هذه؟ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ۩، هذه بعض خلّاقية الإنسان، أرأيتم؟ هم يقولون هذا تخليق، أي Creation، نُعدِمها هنا وتُخلَق هناك، يا ربي! شيئ عجيب، وهم لا ينقلونها هي، ينقلون معلومات دقيقة عنها، وتُعدَم هي، تنتهي حينئذ، وذلك على بُعد أيضاً أمتار في المُختبَر وجدوا أن الأشعة هناك تظهر، يا لله!

هذا يطرح تحدياً على الفلسفة، على اللاهوت، على الحس المُشترَك، وعلى كل شيئ، التحدي هذا اسمه إذن ما هي الهُوية – أي الــ Identity -؟ ما هي الــ Identität – بالألمانية – إذن؟ ما الــ Identity – بالإنجليزية -؟ مَن أنا إذن؟ ما هذا المسمار؟ إذا قلت لي هذا سوف أعدمه وهذا سوف يظهر مرة أُخرى، فسوف أقول لك لا، لا تقل هذا سوف يظهر، قل سوف يظهر بديل عنه، لكنك سوف تقول لي لا، هذا سوف يظهر، كيف هذا إذن؟ كيف وقد أُعدِم؟ والآن لأول مرة أعتقد أن بإمكانن حل مُشكِلة بعث الأجسام بعد أن فنيت، وأنا سعيد جداً بهذا، أتكلَّم وكلي سعادة، أُقسِم بالله كلي سعادة ونشوة معرفية غير عادية، لأول مرة بمنطق العلم نفسه نحل مُشكِلة بعث الأجسام بعد أن فنيت – مثلاً -، وبعد أن تداخلت، نحل المُعضِلة التي كسَّرت رأس ابن سينا وابن رُشد وأبي حامد الغزّالي والعلماء كلهم، ولم يعرفوا كيف يُمكِن أن يحلوها، فتجاوزوا على القرآن وعلى قدرة الله أيضاً وأخطأوا، فقالوا لا، هذا غير موجود، لا يُوجَد بعث جسماني، لأن هذا مُستحيل، ابن عاشور في التحرير والتنوير بكل بساطة قال لك لا تُوجَد مُشكِلة، الله سوف يخلق أبداناً جديدةً وينتهي الأمر، لكن هذا غير صحيح، لا! بدنك هو بدنك مع أنه فني وذهب ودخل في أُناس آخرين، لكن بدنك هو بدنك، كيف؟ هذا هو، هذا هو الحل لأول مرة، ما رأيك؟ وتم هذا تجريبياً، نظرياً وتجريبياً! فعلاً سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا ۩، الحمد لله رب العالمين.

الآن نعود إلى السؤال الفلسفي الرهيب، طبعاً سامحوني إذا تأخَّرت، فهذه المُحاضَرة لو قعدنا فيها حتى عشر ساعات مُتواصِلة ستستأهل وتستأهل إلى يوم الدين، لأن هذا فعلاً كلام خطير، وهناك معلومات غير عادية، وتفتح آفاق في الفهم والإدراك غير مسبوقة يا إخواني، غير مسبوقة! لكن هذا لمَن يُقدِّر هذا الشيئ.

على كل حال ما سؤال الهُوية؟ ما هو هذا المسمار؟ أنت تقول لي هو هو، وهذا مبدأ الهُوية – Principle of identity – في الفلسفة العقلية، هو هو! لكنهم قالوا لك هذا غير كافٍ، أي أن تقول هو هو، هل تعرف لماذا؟ لكي أعرف أنا أنه هو هو لابد أن أختبر فرضية أُخرى، فماذا أقول عن جسم أو جُسيم آخر يُطابِقه في صفاته تماماً – أي في كل مُكوِّناته، في الذرات والإلكترونات Electrons والجُسيمات تحت المجهرية تماماً تماماً تماماً، فهذه ليست صورة منها، هي تُطابِقها تماماً -؟ ستقول لي هذه معناها أنه هو هو.

إذن اليوم نحن نُضطَر أو نحن مُضطَرون إلى أن نُعيد النظر الفلسفي في تعريف ماذا؟ الهُوية، اليوم الفيزياء الكمية تُقدِّم تعريفاً جديداً للهُوية، وهو مقبول، أنا شخصياً أتقبَّله، هل تعرفون لماذا؟ خُذوا بين قوسين هذه المعلومة اللطيفة جداً جداً: (هناك نظرية الخلق المُستمِر في الفكر الإسلامي العميق الفلسفي والعرفاني، كفكر أبي حامد الغزّالي، فكر الأشاعرة، فكر مُحي الدين بن عربي – رحمة الله على الجميع – الصوفي الكبير الذي قال بنظرية الخلق المُستمِر، تعرفون ما هو الخلق المُستمِر في الفلسفة الإسلامية وفي التصوف الإسلامي وهو الذي قال به ديكارت Descartes والفيلسوف الفرنسي مالبرانش Malebranche وكثيرون من فلاسفة الغرب؟ ما هو الخلق المُستمِر؟ الخلق المُستمِر يقول كل جسم وكل جُسيم – حتى الذرة، حتى الإلكترون Electron، وحتى هذا المسمار، أي شيئ – لا يُخلَق مرة واحدة وينتهي الأمر، أي الله يخلقه هكذا ثم يظل كما هو، غير صحيح، هذا ليس صحيحاً أبداً، يُخلَق ويُعدَم باستمرار، لا إله إلا الله! وأنا مُؤمِن بهذه النظرية، نعم! لا يُوجَد شيئ عنده القدرة على أن يُخلَق ثم يبقى واقفاً أبداً أبداً، الله فقط هو القيوم بنفسه، لكن الأشياء الأُخرى يخلقها الله، طبعاً هذا في لا زمان، كُن فَيَكُونُ ۩، هذا صحيح، وتنعدم مُباشَرةً، لأن ليس عندها قدرة أن تُوجَد بذاتها، فيُعيد خلقها، فتُخلَق وتُعدَم، ثم تُخلَق وتُعدَم، باستمرار! لا إله إلا الله، يا الله! أنا أُؤمِن بهذا بعُمق، والفيزياء تُؤكِّد أيضاً هذا الشيئ.

إذن ماذا لو انقطع السيّال الإلهي؟ ماذا لو انقطعت العناية الإلهية؟! الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ۩، لكن ماذا لو افترضنا – وفرض المُحال ليس بمُحال – أن سنة أخذته؟ هل تعرفون ماذا يحصل؟ يتلاشى الكون كله في لا زمان، لن يبقى أي شيئ، لن يبقى شيئ ولن يُمكِن أن تقول لي إنه سيُفرقَع وما إلى ذلك، لن يبقى أي شيئ، سيتلاشى وينتهي كل شيئ، انتهى الأمر!

هذا اسمه الخلق المُستمِر، مُحي الدين بن عربي – قدَّس الله سره – في الفتوحات المكية حين فسَّر هذه الآية قال الآتي، انظر إلى الذكاء العرفاني، انظر إلى ذكاء العارفين بالله، قال آصف بن برخياء أعدم العرش في مكانه، شيئ عجيب! أنا الآن أتكلَّم ولست قادراً على التحمل، أُريد أن أخرج عن طوري، مَن هذا العارف يا أخي؟ ومِن أين فهم هذا يا أخي؟ نحن اليوم في القرن الحادي والعشرين نتحدَّث عن ميكانيكا الكم لكي نفهم المعلومات هذه، لكن ابن عربي كان يُوقِن بهذا، وكان يفهمه بشكل كأنه شكل مُكاشَفي، قال آصف بن برخياء أعدم العرش في مكانه، في سبأ، وأعاد إيجاده عند سُليمان في نفس اللحظة، أُقسِم بالله أنا قشعر قلبي الآن، والله هذا ما يقوله ميكانكيا الكم، هذا الــ Teleportation – أُقسِم بالله – بدقة، من أين له هذا؟ من أين فهم هذا؟ قال وزمان إعدامه هو زمان إيجاده، ليس زمانين، يا الله! ما هذا؟ هذا العرفان بالله، من أين فهم هذا الشيخ ابن عربي – قدَّس الله سره -؟ كيف كان يفهم الكون – أي الشيخ ابن عربي – هذا؟ كيف كان يتعاطى معه؟ نسأل الله أن يُنوِّرنا، اللهم نوِّرنا ولا تحرمنا يا الله بأسمائك الحُسنى وصفاتك العُلا.

هذا ما يحصل حين يُعطي الله إنساناً من كرمه، قال له انظر إلى هذا، ليس لازماً أن يدرس الإنسان ميكانيكا الكم والفيزياء ويكون في القرن الحادي لكي يفهم الكلام هذا، كان يفهمه جيداً، وعودوا إلى الفتوحات المكية، واقرأوا هذا الكلام العجب، هذا الكلام يُصيب بالجنون، والله العظيم! ويُعلِّق عليه الإمام الآلوسي – قدَّس الله سره -، يقول وأنا مُؤمِن بالإيجاد والإعدام في لحظة، يقول أنا أُؤمِن بهذا، مع أن ظاهر الآية أنه ليس كذلك، الآوسي لم يفهم هذا، ابن عربي كان أفهم كثيراً وهو أعرق في العرفان، ظاهر الآية هو هذا، هو فهم آتِيكَ بِهِ ۩ بمعنى أنه أتى به نفسه، لا! ليس شرطاً.

كيف نحل هذه المُشكِلة التي لم يقدر على أن يفهمها الآلوسي؟ اعتاصت على الآلوسي، واتسع لها قلب وعرفان ابن عربي، كيف؟ بإعادة تعريف الهُوية، أليس كذلك؟ لا تفهم من كلمة آتِيكَ بِهِ ۩ – هنا ضمير الغائب للمُفرَد المُذكَّر – أنه أتى به به، نعم به به، لكن على أساس تعريف الهُوية كما اتفقنا قبل قليل، بمعنى ماذا؟ خُلِق الآن جسم، كل أجزائه وكل ذراته وكل جُزيئاته الميكروسكوبية ودون حتى الميكروسكوبية وما إلى ذلك، كلها تتماثل تماماً مع ما هُنالك، إذن هو نفسه يُعتبَر، وخاصة إذا فهمنا الخلق المُستمِر، لا تظن أن ذاك موجود ولو تركناه سيُوجَد، هو أصلاً يُعدَم في كل لحظة، أليس كذلك؟ هذا هو.

عُدِم هناك، ولم يُخلَق، لكنه خُلِق هنا، وفي نفس اللحظة، إذن Teleportation، هذا هو! لا يُمكِن لأكبر فيزيائي اليوم أن يأتي بكلام زائد عن هذا، هذا العرفان! أرأيتم كيف يكون العلم الإلهي؟ فكيف بعلوم الأنبياء إذن؟ كيف بعلم سُليمان؟ هذا عارف بالله وفهم هذا الشيئ، هذا عارف بالله).

المُهِم حتى لا أُطيل عليكم دعونا في خمس دقائق نُنهي هذه المُحاضَرة، إذن الــ Teleportation يا إخواني ليس نقل أجسام، لكنه نقل معلومات، كما قلنا مسح كامل لهذه المعلومات، وبعد ذلك ماذا يحدث؟ سوف تقولون لي كيف يتم إرسالها؟ هي لا تُرسَل بالطريقة التي أنت تفهمونها أبداً أبداً، هذه المسألة مُختلِفة، وطبعاً نحن قلنا يُوجَد مأزق هنا، فما المأزق إذن؟ سوف تقولون لي أنت قلت يا عدنان قبل قليل في أول الدرس إن بحسب الــ Uncertainty principle – أي مبدأ عدم التحديد – لهايزنبيرج Heisenberg لا يُمكِن تعيين موقع الجُسيم والزخم الخاص به، أليس كذلك؟ إذن كيف سنُعطي نحن معلومات كاملة بحسب هذا المعنى؟ هذا صحيح، لن نُعطي، لن نقدر، لن نقدر على أن نمسح المعلومات، لأننا سنمسح نصفها بالشكل الصحيح والنصف الثاني سيكون كله صفراً، أليس كذلك؟ إذن لن ننجح في الــ Teleportation.

تعرفون، هذا الكلام بقيَ هذا لأوائل التسعينيات أكبر عقبة أمام تفكير الــ Teleportation، قالوا لكم هذا يعني أن هذا مُستحيل، ميكانيكا الكم ترفض هذا، ثم احتيل على ذلك، وأنا شرحت لكم كيف احتيل، لكن انا أعرف أن هذا الموضوع مُعقَّد، كيف احتيل؟ بموضوع الــ Verstrickung أو الــ Entanglement، أي موضوع التشابك، أليس كذلك؟

أنت عليك فقط حين تمسح أي جسم أو جُسيم أو ذرة حتى واحدة أو فوتون Photon أن تُحاوِل أن تُخضِعه لماذا؟ للرصد، فإذا أخضعته للرصد حدث ماذا؟ تعيَّنت حالاته، فيتأثَّر الزوج الآخر المُتشابِك معه وفق مبدأ الــ Entanglement في المكان الآخر الذي أنت تُريده، مُباشَرةً! ويأخذ نفس الحالة، وهذا يعني أن هنا يتم ماذا؟ المسح والإرسال، هذا المعنى بالضبط، يُعدَم هذا، ويُخلَق هذا هناك، وهذا ما نجح فيه تسايلينغر  Zeilinger النمساوي وفريق الفيزيائيين في جامعة أستراليا الأهلية للفيزياء، أعني في كلية الفيزياء، هذا هو، ونجحوا وتم ذلك.

طبعاً السؤاله هو متى سيتم نقل إذن ليس فوتوناً Photon، وليس شعاع ليزر Laser، وإنما نقل – مثلاً – خلية حية، أو فيروس Virus؟ هذا صعب، والحال نفسه مع نقل بيكتريا أو كائن فطري، أما الكلام عن مسمار وإنسان فهو مسألة صعبة، أكبر مما نتخيَّل، لكن على كل حال في الختام هذا مُمكِن أو غير مُمكِن؟ مُمكِن، علمياً أو عقلياً؟ علمياً، الحاجز هو حاجز نظري أو حاجز تقني؟ حاجز تقني فقط، ليس نظرياً، بالنظرية كله مُمكِن.

وهذا يعني أننا نقول بملء الفم من أعماق وجذر القلب قُلْ صَدَقَ اللَّهُ ۩، وقد أرانا بعض آياته فعرفناها وله الحمد والمنّة، وفعلاً هذه آية ماذا؟ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ۩.

اللهم مكِّنا، اللهم مكِّنا وأعطنا وعرِّفنا وأصلِحنا وأصلِح بنا واهدِنا واهدِ بنا، والحمد لله رب العالمين، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى أجمعين.

تعاليق

تعاليق الفايسبوك