“يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلى في عبادي وادخلي جنتي”
إن عشت تفجع بالأحبة كلهم وفناء نفسك لا أبا لك أفجع
والقلب لا يزال يعتصره الألم على فراق الوالد الحبيب معالي الشيخ صالح كامل، يفجعني اليوم نبأ وفاة الوالد الحنون الغالي سماحة الشيخ الصالح المعمر طيب الذكر والعمل سعيد آل لوتاه، من أنقى وأطهر وأزكى من عرفت من البشر في حياتي، ناهيك عن الجود والكرم والإمعان في أعمال البر على اختلافها، والله وحده يعلم عدد اليتامى الذين كفلهم صغارا، وتعاهدهم تعاهد الأب الشفوق الرحيم والمربي الناصح الأمين، حتى تخرجوا أطباء وصيادلة ومهندسين وحرفيين، ولم يكتف بذلك حتى زوجهم وملكهم البيوت والفلل الفاخرة من حر ماله وطيب كسبه. أما سائر مآثره، فلن أعددها؛ لأن تعدادها سيطول جدا، ولكني أحيل على كلمة وجيزة سطرتها في هذا الخصوص قبل بضع سنوات، على أن مآثر الشيخ الوالد ذائعة مشهورة، لطالما أطلقت ألسنة عشاق المكرمات بطيب الذكر وجميل الثناء على فقيدنا الكبير.
أقول لما أتى الناعي له جزعا أودى الجواد وأودى المطعم الكاسي
فهل أرثيك سيدى؟ بل ترثيك المكرمات ويبكيك الجود والندى. أم هل أبكيك؟ بل يبكيك الأرامل واليتامى والمحاويج. لكن أفلا أشهد لك سيدي؟ وما عسى شهادتي أن تبلغ من حق آثارك وأعمالك؟ فكفى بالله شهيدا.
وإني لأشهد الله تعالى أنه سنح لي في منامي قبل أقل من أسبوع – رحمه الله ونعمه – وقد أشرق وجهه الصبوح وتهلل وعلاه جمال عجيب أدهشني، ولكأنما عاد شابا في شرخ شبابه وجدته، وما خطر ببالي أنها بشرى بقرب ارتحاله إلى عالم النور والسرور. نوّر الله ضريحه وسقاه شآبيب الرحمة وغيوث المغفرة والرضوان.
عزائي لزوجه الكريمة أم يحيى وولده؛ أبنائه وبناته الكرام البررة، وأحفاده أجمعين، سلك الله بهم سبيله ووصل بهم ما انقطع من صالح عمله وواسع بره. وعزائي فيه للإمارات الحبيبة قيادة وشعبا، ولأحبابه حول العالم ولمن وصلهم خيره وعمهم بره وشملهم عطفه، وأخلف الله علينا جميعا في مصيبتنا به خيرا منها، وجعل ملتقانا به في أعلى فراديس الخلد مع النبي وآله وصحبه. وإنا لله وإنا إليه راجعون.
أضف تعليق