من الطبيعي بلا شك أن يبدأ الإنسان بشيء معين و طريقة تعاطي للأمور معينة ثم ينتهي بأخرى قد تختلف تماماً عنها كلياً.
الإنسان نفسه يولد طفلاً صغيراً ثم يكبر و ينمو و يتطور من جميع النواحي الجسدية و النُطقية و الفكرية و من ناحية القدرات و تكوين القرارات.
فما بالك بالآراء و طريقة التعاطي مع المسائل الفكرية و الخطاب و درجة العلم و كيفية الحوار..
لقد وقع الدكتور عدنان في بعض المطبات التي تأتي بصورة طبيعية مثل أي إنسان متحمس و لديه الكثير من القدرات و على درجة من الذكاء و يلتهم العلم و المعلومات التهاماً، و ما الدكتور عدنان إلا البداية و سيتبعه الكثيرون.
الدكتور عدنان يمتلك شيئاً يستحق النظر فيه، ربما أثار حفيظة و غيرة البعض ليقولوا من هذا الذي أتى ليطرح أفكاره و يثير ضجة و هل سيأتي بجديد لم يأتي به مَن سبقه من العلماء! و بعيداً عن التشبيه أرسل الله سيدنا محمداً كخاتم للأنبياء و هو أكرم البشر رغم أنه قد سبقه كل الأنبياء ممن نعرف و ممن لا نعرف، فلا مانع أن يأتي عباقرة بعد علمائنا القدماء، و مبدأ من أنت و ما الذي أتى بك و لن تصل إلى أفضل مما أتى به من سبقك من العلماء هو تحجيم و تحديد للجنس البشري لم يرده الله و الله أعلم.
الحكمة ضالة المؤمن و ليسى عيباً أن يكون هنالك نقص في بعض الأشياء فالله وحده هو الذي لا يخطيء، أما باقي الناس فيعتريهم الخطأ و النسيان و من أجل أن تؤاخذ إنساناً على موقف له عليك أولاً أن تتأكد منه إن كان لا يزال يمتلك نفس الموقف الذي أعلنه سابقاً و ليسى عيباً أبداً أن يغير الإنسان مواقفه إذا رأى الحق و الخير في غيرها، ثم لا يجوز أن نحاسبه على أسلوبه في الخطاب منذ عشر سنوات لأنه ببساطة الآن إنسان مختلف كلياً عن ما كان عليه من قبل.
طبيعة ديننا الحنيف و القرآن الكريم التي تميزه عن غيره صلاحه لكل زمان و مكان و ترك نافذة للاجتهاد و الاستنباط و هو بعيد كل البعد عن الجمود، لماذا إذن نرفض كل جديد و تجديد و ندعي أن الدين توقف عند جيل معين، هذا الدين العظيم يتمتع بشباب دائم منحه إياه الله من خلال جعل الأجيال كلها و البشر كلهم على نفس الدرجة من ناحية الفرصة للظفر برضى الله و الدرجات العليا ليست مقصورة على جيل دون جيل بل من عمل يُكافأ بما عمل و لا يوجد مستحيل.
جيل الصحابة جيل عظيم و نبراس و قدوة لنا نقتدي و نهتدي بهم، و لا نقول لن نصل لما وصلوا إليه، بل يجب علينا أن نحاول، لقد أراد لنا الله أن يكون الرسل و الأنبياء بشراً لنتمثل بهم و نعتقد أننا نستطيع أن نكون مثلهم أو بدرجتهم ( أولئك مع الذين أنعم الله عليهم من الأنبياء و الصديقين..) أو كما قال سبحانه.
لا يوجد أوصياء على الإسلام و النوايا لا يطلع عليها إلا الخالق سبحانه، و كم من الناس المساكين في هذه الحياة المدفوعين عن الأبواب هم في أعالي الجنان و كم من الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا و هو ألد الخصام، من أجل أن نتهم إنساناً و نحمل عليه لا بد أن نعلم علم اليقين أنه فاسد و أنى لأي منا ذلك، و بعض الناس لا يعرفون الحد الأدنى من المعلومات التي تؤهلهم للحكم على شخصية الدكتور عدنان و يكيل له الإتهامات بناءً على معلومات أو تصورات أو تحليلات لا ترقى بأي حال من الأحوال إلى أن تمكنه من الحكم عليه، و حين يقدم شخص نفسه على أنه داعية و يتحدث باسم الدين نأخذ منه و نرد عليه و نناقشه، و لا نسارع بكيل الإتهامات له بدون دليل، أو نتهمه بأنه يخفي شيئاً فمتى اطلع أحد منا على الغيب حتى نحكم على النوايا و البواطن، و الاختلاف لا يوجب بالضرورة الخلاف.
أنا شخصياً كونت رأياً إيجابياً عن الدكتور بعد متابعتي له لأشهر طويلة و لكني لا أزكيه على الله و أحسبه و الله حسيبه أنه مخلص لهذا الدين و يريد لأمته الخير و أوصل الله صوته لألوف من الناس و لمست تطوراً كبيراً عنده مع الخبرة و مضي الوقت، لمست نضوجاً و قدرة على التغير و التحسن و تحري الحق، و لا يرقى رأيي إلى اليقين فأنا لم أقابله بحياتي و لا أملك معلومات كافية لإطلاق حكم أكيد عليه.
اليهود حين سمعوا آيات القرآن قال الله عنهم أنهم يعرفونه كما يعرفون أبناءهم، و للحكم على شيء أو أحد عليك أن تعرفه جيداً و لا تطلق الأحكام جُزافاً.
أدعو من يتهمون الناس جزافاً إلى مراجعة أنفسهم و استكشاف دوافعهم و محاكمة آرائهم و ليسى عيباً أبداً أن يعلنوا أنهم أخطأوا و لا يتوجب أن تأخذهم العزة بالإثم فهذا هو نهج الطغاة و ليسى نهج المؤمنين المصلحين، و بدل أن نشغل أنفسنا ببعضنا البعض نحتاج أن ننبري للكثير من القضايا التي تعاني منها مجتمعاتنا فلا نتكلم في مواضيع بعيدة كل البعد عن القضايا المصيرية التي لا بد من معالجتها و سيسألنا الله عنها و هي تحدث أمام نواظرنا و تحت أسماعنا نتجاهلها و نشغل أنفسنا بسفاسف الأمور.
أدعو الله أن يهدينا إلى الحق جميعاً و يسدد خطانا لخير هذه الأمة و خير هذا الدين العظيم، و الحمدلله رب العالمين.
أضف تعليق