سؤال ٌعميق يوازي الأثر البالغ في أعماقنا وما تحتويه قلوبنا،فمِن خَلق الباري للروح، إلى خَلق العالم البار للفكر،الفكر الذي لم نجده منذ خُلِقنا بالشكل الذي وجدناه الآن،فلطالما وجدنا أنفسنا نردد مالانفهم ،أو هكذا أُريد لنا أن نردد،ولطالما رأينا في كل شيء الحقيقة المطلقة، باستثناء أرواحنا التي كان لها قعقعة في دواخلنا لاتستكين،وكأن هناك جرساً يرن؛سمعته الدنيا كلها إلا نحن.
فأتى العلم الشامخ شيخنا عدنان بإخراج هذا الجيل من براثن الغواية السلفية وإيثار الحق على الآباء والمشائخ،حررنا من ربقة النمط ومن عقيرة الرأي الفرداني الأوحد،وجعلنا نؤمن بكياننا وبإنسانيتنا التي تُسلب من بني هذه الأمّة بالتقسيط الإسلاموي المدعشن،فارتحقنا رضاب معارفه حتى أيقنّا أننا أبناء الإسلام الذي يريده الله.
فمن طاف بين أركان العلم ومقامات الفكر في الشرق والغرب وأخلص النية لله في سعيه سيقطف زهرة إخلاصه الذافر بمسك الخلاصة،وما نعتقده في شيخنا وندين الله به ذروة الحق ونبل القصد ونقاء السريرة في القول والعمل.
فهو فاتح قسطنطينة الفكر العربي بفضل السماوات المفتوحة التي سهلت لطالب العلم اجتذاب المراد ومعرفة الخاثر من الزُباد،وهو القائد الأول في موقعة عين النمسا لدحر الفكر التتري الجديد لأولئك المتنومسين بنواميس العلماء المتطيلسين بثيابهم،الذين استغفلونا وضحكوا علينا لعقود،ولكأنه سمع صرخات الشباب تحت سياط التجهيل وأنابيب المعرفة النحيفة،ففتح عمورية المعرفة واباح التهام الكتب كل الكتب دونما مثنوية،بعد أن حرّمها أرباب الظهور والمكياج واللحى الطويلة.
حدثنا ببساطة العميق الذي لا يصل إلى قعر عمقه سواه،وأسمانا بالأحرار ونادى بالحرية وما زال فهي قدس الأقداس وهي أمانة الله التي على عاتقنا،فاشتقنا لقربه منا بعد ذلك القرب الملاصق،وكأنما كان يحدثنا من وسط أضلاعنا وبكل ألسنتنا وما يقع في خلد كل واحدا منا.
لاحقناه قبل ذلك بالحجارة والديناميت عندما وجدنا الكثرة الكاثرة تلاحقه بالنووي والقنابل العنقودية،حتى استمعنا لندى العقل وضمير الإنصاف،فهالنا ذلكم الظلم والسباب من العوام واصحاب السواك على السواء.
وما زال أولئك يتصيدون في الماء العكر،رغم أن لا عكارة في الماء أصلا بقدر عكارة نفوسهم وحسدهم والخوف على جمهورهم الأعمى،فتنادوا عليه تحت ذرائعية تناوله لمعاوية، وشحذوا العواطف وأجّجوا نار الميراث العربي المر،ومن يتابع سلسلة معاوية التي أفاض فيها شيخنا الجليل سيجد أن أكابر العلماء اجتمعوا إذ ذاك في مسجد الشورى بالنمسا وأخذ كل واحدٍ منهم دوره بالحديث عن معاوية،ابتداءً بابن عقيل الحضرمي والقزويني والشافعي ومالك ومحمد رشيد رضا والتفتزاني والبصيري وعبد الرزاق الصنعاني وابن الوزير والشوكاني وصالح بن مهدي المقبلي والكثير من العلماء المشهود لهم بالعلم والورع،ومن ثم غادروا ذلك المسجد بعد حسن الضيافة والترحاب من شيخنا الكريم.
فلماذا كذبتم علينا أيها المعممون وخدعتمونا في ديننا وتاريخينا؟..ولماذا تبتغون الآن أن تكمموا فاه من حصدكم وفذَّكم؟!.
هاجموه في شأن نظرية التطور بجهل فاقع قل نظيره،ففاض كالبحر في تفنيدها برصانة علمية عجيبة،تجبر المرء اللبيب أن يحترم هذا الإنصاف وهذا الخُلق المعرفي الكبير الكريم،علَّمَنا وعلَّم أولئك المتزمتين أيضاً بعد أن أخبرونا منذ نعومة الإظفار أن النظرية تتحدث عن أن الإنسان أصله من قرد! ثلاثون ساعة من الفيض الذي لاينضب،خرجنا نعد نجوم الحقيقة في الصباح الباكر وكفرنا بما دون ذلك من النجوم الآفلة.
هناك الكثير من الآفاك التي اختلقوها،والآثام التي احتقبوها،وخابوا وخسروا بفضل من الله ونعما ولن يجنوا غير الشوك.أحببناه ونُشهِد الله على حبه،ووالله إنني لأرى الجموع تتتابع وتتقاطع وتيمّم نحوه عاجلاً غير آجل ،وإن كان ذلكم الفرد أو تلكم الجموع ستُهاجَم في الواقع العربي بمرارة،وسُيصاب الفرد بالعناء واللأواء إذا ما غرف من المعين العدناني،إذ أنه سيكون وحيداً بإزاء بيئة مددجة بأصغر عامي وأكبر لحيه.
لماذا نحب عدنان إبراهيم؟!
مهيب نصر
أضف تعليق