يكاد يجمع الكثير من المهتمين بالشأن المجتمعي السعودي ان ظهور ما يسمى بتيار الصحوة في المجتمع افرز حالة من الخمول والركود الفكري داخل المجتمع السعودي ويرد اولئك هذا إلى ايدلوجية ومرجعية هذا التيار الذي يرفض أي مواجهة فكرية او أي شيء طارئ جديد اعتقاداً منهم ان أي انفتاح فكري او ثقافي عداها هو ليس الا تهديد يمسها ويمس وجودها واستمراريتها في تسيد المجتمع والتحكم بأفراده وقد افرز ذلك عدة اشكالات في المجتمع وجموداً فكرياً عزل المجتمع عن الآخرين في العالم بل وحتى عن بعض مكوناته في الداخل ناهيك عن حالة التراجع الفكري والثقافي الذي يعتبر الانفتاح على الآخر ابرز مغذياته ومصادر تشكله وهذا التراجع افرز حالة وسمة لدى المجتمع بقيادة التيارات المسيطرة وهي حالة الأقصاء والعداء للآخر وقد مرت امثلة كثيرة على ذلك الا ان آخرها هو ذلك الصدام الأخير لبرنامج ” صحوة ” والذي قدمه الدكتور احمد العرفج بمعية ضيفه الدائم الدكتور عدنان ابراهيم وقد تناول فيه الدكتوران بعضاً من المراجعات الدينية والفكرية لعدد من القضايا اللتي يغلب على البعض منها الاختلاف الاجتهادي في احكامها الا ان ذلك فتح النار من بعض التيارات ضد البرنامج بل وحتى مقدميه وتحول الامر إلى شخصنه في بعض الأحيان وبذاءة وهجوم شخصي في احايين كثيرة مما اخرج المعارضين له من خانة التقبل والحوار إلى خانة الأقصاء والاستعداء اللتي تحدثت عنها في بداية المقال واللتي افرزتها كما ذكرت الصحوة وما تبعها من ارهاصات.
عندما بدأ البرنامج هذا العام عده البعض جزءاً ثانياً لبرنامج ليطمئن قلبي الذي قدمه الراحل سعود الدوسري رحمه الله في رمضان قبل الماضي لكن حينها برز لدي سؤال مهم عن مسمى البرنامج وتغييره خصوصاً وان السياق ربما كان وحده والفكرة ذاتها فلماذا تغيره؟
بظني وبغض النظر عن ايجابيات البرنامج وتحريكه للساكن وجرأة طرحه وتقديمه لخدمة اعمال العقل والبحث المفترض انها اهم ما يجب على المتلقي فعله وخدمة الحوار التي يجب على المخالف عملها عكس ما هو حاصل الا ان اهمية البرنامج واهم ايجابياته ورسالته انطلقت من مسماه الذكي الذي كان يريد ان يكرس ويقدم الصحوة بصورتها الحقيقية فعلاً لا قولاً كالصحوة الأخرى اللتي اكتفت بالمسمى واستغلاله دون العمل به لقد اراد القائمون على البرنامج ان يقولوا ان الصحوة هي في العقل في الآخر في المراجعة في البحث عن الحقيقة والانفتاح على الكل والسماع للرأي الاخر الذي قد يكون مغيباً في ان لا نصادر ونحكم بناءً على قول واحد في حين ان هناك اقوال مغيبة عنا قد تنقض ذلك القول وتثبت خطؤه.
لن نجزم ان كل الآراء اللتي وردت في البرنامج ولا تلك المراجعات صحيحة لكننا نجزم انها قابلة للتمحيص والبحث والاستقصاء فما ثبت انه خطا صحح وما ثبت انه صحيح عمل به وعزز وهذه نقطة يجب ان ندركها جيداً.
صحوة العرفج وعدنان هي تلك الصحوة اللتي نريد هي صحوة المجتمع الحقيقية وليست تلك الصحوة المزيفة اللتي تجاوزت ان تكون غفوة لتكون عزلة وموت للفكر والعقل وبالتالي سهولة التضحية بالجسد والروح بعد ان فقد الفرد قيمته نريد تلك الصحوة اللتي تحيل الفرد لباحث وقارئ ومحاور لا اقصائي منكفيء ومنطوي على ذاته بل وربما عدواني نحن نريد تلك الصحوة اللتي تنهض بالفرد وفكره ووطنه تلك الصحوة اللتي تصنع الحياة لا تلك الصحوة اللتي تصنع الموت.
عن صحيفة أنحاء الإلكترونية
أضف تعليق