بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومَن والاه.
سوف نرى فصلاً هكذا من موقف ابن عمر من النساء، ما قصة ابن عمر مع النساء بالذات؟ لماذا أنا قلت عن ابن عمر هذا بالذات؟ في أنساب الأشراف عن الأعمش عن إبراهيم – وهو النخعي – قال: قال عمر رضيَ الله عنه: لو كان أبو عُبيدة بن الجرّاح حياً لاستخلفته، فقال رجل: يا أمير المُؤمِنين فأين أنت من عبد الله بن عمر؟ فقال عمر: قاتلك الله، والله ما الله أردت بهذا القول، أستخلف رجلاً لم يُحسِن أن يُطلِّق امرأته؟
وراه هكذا ابن سعد في الطبقات!
وعن مُجاهِد عن عبد الله بن عمر أنه قال: لقد أُعطيت من الجماع شيئاً ما أعلم أحداً أُعطيه إلا أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هو قال لك هذا، قال لك أنا عندي طاقة في هذا الشيئ فظيعة، غير طبيعية! رجل جبّار في هذا الشيئ، الله يهنيه، وقد هنأه الله، فواضح أنه مُتميِّز هنا، ماذا نفعل له؟ نعمة من الله هذه أنعم عليه بها، ألم يكن عنده جارية؟ كان يُحِبها كثيراً وبعد ذلك نزل عنها لأنه – ما شاء الله – إنسان تقي، ابن عمر تقي جداً جداً، كان يُحِب أن يُنفِق من أحسن مما عنده، وشعاره لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ۚ ۩، وقال الآن أنا أكثر شيئاً أُحِبه هذه الجارية، أُحِبها وهي جميلة ولذيذة وكذا، فقال لها أنتِ حرة لوجه الله، خُذها يا نافع، أخذها نافع مولاه، أخذها نكحها وخلَّف ولداً، كان دائماً يحن إليها ابن عمر، لكن لم يُعيدها، تركها لله، فإذا أخذ ابنها ضمه وقال: واهًا لريح فلانة، يتذكَّر ريحها، عنده تعلق بالنساء وما إلى ذلك، هو هكذا! طبيعته هكذا، واهًا لريح فلانة! هذه القصة مشهورة عنه!
قال الذهبي: وقيل كان ابن عمر – في ترجمته في النُبلاء – يُفطِر أول شيئ على الوطء.
وذكرت أنا هذا في دروسي، أي عند المغرب لا يفطر على تمر وماء وإنما على امرأته، يُفطِر على زوجته، هنأه الله!
أنا أقول أيضاً روى الطبراني في الكبير بسند حسن – حسَّنه الإمام الهيثمي في مجمع الزوائد – عن ابن سيرين، قال: ربما أفطر ابن عمر على الجماع.
وأنا أقول هذا أدق، ما معنى ربما أفطر؟ ليس دائماً، أحياناً يكون فطاره على الجماع لكن ليس دائماً، ليس كلما صام فطر على الجماع، ربما! أي أنه أحياناً يفعل هذا، أول إفطار يكون على الجماع، غير قادر على التحمل، عنده طاقة جبّارة رضوان الله عليه.
وذكر ابن الجوزي في مناقب أمير المُؤمِنين عمر رضيَ الله تعالى عنه – عنده كتابان، كتاب في مناقب ابن عبد العزيز وكتاب في مناقب سيدنا عمر بن الخطاب، هذا في صفحة مائة وخمسين، مناقب عمر لابن الجوزي – عن ابن عمر قال: استأذنت عمر في الجهاد – يُريد أن يُجاهِد في غزوة – فقال: أي بُني إني أخاف عليك الزنا – يعرف أن عنده طاقة جبّارة، جبّارة جداً ولعله لا يتحمَّل فيما بعد وسوف نرى كيف، لعله يأخذ جارية وما إلى ذلك -، فقلت أوعلى مثلي تتخوف ذلك؟ قال: تلقون العدو فيمنحكم الله أكتافهم فتقتلون المُقاتِلة وتسبون الذُرية وتجمعون المتاع فتُقام جارية في المغنم فيُنادى عليها فتسوم بها فينكل الناس عنك ويقولون ابن أمير المؤمنين، ولله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن سبيل فيها حق، فتقع عليها، فإذا أنت زان، اجلس.
يُوجَد سؤال هنا، كان يُمكِن أن يقول لأبيه: يا أبتي أنت نبَّهتني، لن أفعل هذا، لكن أباه يعرف أنه ربما لا يستطيع أن يُقاوِم، عنده طاقة جنسية جبّارة الرجل، قال لك لا يُوجَد مَن هو مثله في هذا إلا الرسول فقط، ولك أن تتخيَّل هذا، عنده هذا الشيئ!
بعد ذلك هنا في مُصنَّف عبد الرزّاق وقعت له على شيئ عجيب، كان خرّيتاً وخبيراً بهذه الأشياء، يعرفها ويُستشار فيها، معروف! اللهم صل على سيدنا محمد، إذن عبد الرزّاق، المُجلَّد السابع، صحيفة مائتين وخمس وثمانين، باب الرجل يكشف الأمة حين يشتريها: عبد الرزّاق عن ابن جريج عن عطاء قال: قلت له الرجل يشتري الأمة، أينظر إلى ساقيها وقد حاضت – ليست أمة صغيرة، حاضت! ابنة ثلاث عشرة سنة أو أربع عشرة سنة – أو إلى بطنها؟ قال نعم، قال عطاء كان ابن عمر يضع يده بين ثدييها وينظر إلى بطنها وينظر إلى ساقيها أو يأمر به.
قلت لكم أستاذ، يعرف الأشياء هذه وهذا معروف، قدوة!
أخبرنا عبد الرزّاق قال: أخبرنا ابن جريج قال: أخبرني عمرو – أو أبو الزبير – عن ابن عمر: أنه وجد تجاراً مُجتمِعين على أمة فكشف عن بعض ساقها ووضع يده على بطنها.
رقم ثلاثة عشر ألفاً ومائتين: عبد الرزّاق عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر ومعمر عن أيوب عن نافع عن ابن عمر: كان إذا أراد أن يشتري جارية فراضاهم على ثمن وضع يده على عجزها – على خلفيتها – وينظر إلى ساقيها وقبلها. يعني بطنها.
عبد الرزّاق عن معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر مثله.
عبد الرزّاق عن معمر عن عمرو بن دينار عن مُجاهِد قال: مر ابن عمر – الباب كله عن ابن عمر، هذا الباب كله عن ابن عمر، هذا له دلالة علمية – على قوم يبتاعون جارية فلما رأوه وهم يقلبونها أمسكوا عن ذلك، فجاءهم ابن عمر فكشف عن ساقها وقال: اشتروا. قال معمر وأخبرني ابن أبي نجيح عن مُجاهِد قال: وضع ابن عمر يده بين ثدييها ثم هزها.
يُريد أن يرى تحملها وقصتها ووضعها كله على بعضه!
عبد الرزّاق عن ابن عُيينة عن عمرو بن دينار – سوف يُجنون الآن، لكن ماذا نفعل؟ احرقوا مُصنَّف عبد الرزّاق، لم نُؤلِّف هذا في دارنا، هذا هو فتفضَّلوه – عن مُجاهِد قال: كنت مع ابن عمر في السوق فأبصر بجارية تُباع فكشف عن ساقها وصك في صدرها، وقال: اشتروا.
عبد الرزّاق عن ابن عُيينة قال: وأخبرني ابن أبي نجيح عن مُجاهِد قال: وضع ابن عمر يده بين ثدييها ثم هزها.
عبد الرزّاق عن ابن جريج عن نافع أن ابن عمر: كان يكشف عن ظهرها وبطنها وساقها ويضع يده على عجزها.
عبد الرزّاق عن ابن جريج عن رجل عن ابن المُسيب أنه قال: يحل له – هذا يفتي، نحن لا نُريد الفتاوى، نُريد الفعل – أن ينظر إلى كل شيء فيها ما عدا فرجها.
وكذلك عن الشعبي: عبد الرزّاق عن الثوري عن جابر عن الشعبي قال: إذا كان الرجل يبتاع الأمة فإنه ينظر إلى كلها إلا الفرج.
إذن الأفعال كلها فقط – هنا عندنا أربعة آثار فتاوى فقط وانتهى الباب – من ثماني وتسعين إلى مائة وخمس – هذا يعني أن عندنا سبعة، أي سبعة آثار كلها عن ابن عمر – عن ابن عمر، (ملحوظة) سأل أحد الحضور عن الإسناد فقال الأستاذ الدكتورعدنان إبراهيم هذا لعبد الرزّاق وسوف نرى الأسانيد وهي قوية، كما أرى يُوجَد معمر الزُهري، لا يُوجَد ما هو أقوى من هذا! عبد الرزّاق، معمر بن راشد طبعاً، الزُهري، سالم، إسناد ذهب هذا، هكذا! أسانيد قوية جداً جداً، وواضح أنها قوية!
فإذن أنا لا أتكلَّم هكذا عن عبط وعن جهل، كوَّنت صورة علمية وأفهم لماذا ابن عمر فعلاً يُحِب النساء وهذا ليس عيباً يا أخي، لكن أنا أقول لك العيب ألا تفهم ما فهمه أبوه الفاروق وتقول أنه أهل لأن يصير خليفة، لا لن ينفع، هو لا يصلح للخلافة، ليس فقط من أجل موضوع النساء وحُبه الكثير للنساء وما إلى ذلك، طبيعته الشخصية – رضوان الله تعالى عليه – لا تسمح، هو أولاً شخص رقيق جداً وحنون، إذا قرأت ترجمته لا تملك إلا أن تُحِبه جداً والله العظيم، لكن ستُدرِك أيضاً أنه لا يصلح لأن يكون قيادة سياسية، لا ينفع!
يا جماعة – صرنا مثل فيصل القاسم نقول يا جماعة، وهذا ليس نقاشاً، هذا في التسجيل – أبو ذر الغفاري هل تعرفونه؟ هل تعرفون أبا ذر؟ أبو ذر الغفاري – رضوان الله تعالى عليه – قال: يا رسول الله استعملني، ابعثني على بلدة لكي أصير عليها والياً، هل تعرفون ماذا قال له؟ يا أبا ذر إنها أمانة، وإني أراك – أكملوا – ضعيفاً، قال وإني أراك ضعيفاً، هل كان ضعيف الجسم؟ كان قوياً جداً أبو ذر، هل كان ضعيف الدين؟ حاشاه، إذن ضعيف في ماذا؟ ضعيف الكفاية، ليس عندك كفاءة لكي تُدير بلدة مُعيَّنة، وأبو ذر هذا! فإذا عمر أدرك ونحن أدركنا أن رجلاً مثل سيدنا عبد الله بن عمر لا يصلح لأن يكون قيادة عامة للأمة لا نكون أجرمنا ولا كفرنا، هذا تحليل علمي صحيح عمر فهمه ونحن نفهمه، الآن البلاذري في أنساب الأشراف يقول ماذا؟ ابن عمر ذات مرة ماذا قال؟ قال: والله – وهذا من ورعه، رضوان الله عليه وجزاه الله خيراً، هذا من ورعه التام – لو اجتمع علىّ الناس – كل الناس بايعوني خليفةً – إلا اثنين ما قبلت بها، أنا أُريد أن تُجمِع الأمة كلها علىّ، ماذا قال له أحدهم وهو من تَلاميذ الإمام عليّ؟ قال: له لو كان الناس كلهم مثلك ما قام للناس أمر، هذا كلام فارغ قال له، أهذا تفكير سياسي؟ وفعلاً ليس تفكيراً سياسياً هذا، لا يُوجَد رجل تُجمِع الأمة عليه، الآن أسألكم وبالله عليكم أجيبوني بشفافية لو النبي عرض نفسه للانتخاب أيام الصحابة وأيام النبي هل يأخذ مائة في المائة؟ والله العظيم لا يأخذ هذا، وهو يستحق إجماع العالمين، لأن هناك مُنافِقين يا حبيبي، هناك مُنافِقون من أتباع عبد الله بن أُبي بن سلول الذين تركوه، ثلاثمائة شخص يوم أحد تركوا النبي وقالوا اذهب قاتل، نحن مع عبد الله بن أُبي ولسنا معك يا محمد، أليس كذلك؟ هناك مُنافِقون في مسجد الضرار أرادوا أن يتربَّصوا بالرسول وأصحابه وبالدين، أليس كذلك؟ فطبيعي ألا يكون هناك إجماع، كيف يكون تفكيرك هكذا يا ابن عمر؟ هل تُريد أن تُجمِع كل الأمة عليك؟ غير معقول، لا يُمكِن! وطبعاً هو يفهم هذا، هو إنسان – ما شاء الله – يفهم هذا لكنه يقصد أن يقول بالنسبة لي اقطعوا الأمل مني، أنا غير مُستعِد – رضوان الله عليه وجزاه الله خيراً – أن يُسفَك بسببي محجمة دم من مُسلِم من أجل الخلافة، لا أُريدها، زُهد! الرجل زاهد زاهد زاهد، عينه كلها إلى الآخرة رضوان الله تعالى عليه، هذا مما يُمدَح له، لكن ليس هذه مُتطلِّبات القائد السياسي، فقال له: له لو كان الناس كلهم مثلك ما قام للناس أمر، فرد عليه رداً قوياً، قال له: اسكت، لو كان الناس كلهم مثلي ما بالت أمك ألا تُجيف بابها، والله صح! ابن عمر ماذا قال؟ لو كل الناس كانوا مثلي لكانت أمك العجوز تنام ليلاً وبابها مفتوح، لن تخاف على نفسها، لأن هناك ورعاً وتُقى وخوفاً من الله، سوف يكون هناك أمن، وهذا صح، ابن عمر هنا كلامه صحيح، لو كل الناس بعقليتي وتخاف الله مخافتي والله لن يخاف أحد على أمه العجوز أن تنام مُشرَّعة الأبواب، لن يقدر أحد على أن يعتدي عليه أو يسرق منها شيئاً، وهذا صح، لكن شخصيته – كما قلنا – ليست شخصية قائد.
بشكل عام أنا أتصوَّر هذا الصحابي الجليل الورع الزاهد الناسك فعلاً مُتردِّداً، يُوجَد ضعف في الشخصية وفي بناء الشخصية، هكذا! شيئ رباني هذا، وضربنا أمثلة قبل ذلك عن هذا، لما قال النبي إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها وهي مثل المُؤمِن لم يُجِب، طبعاً كان غُلاماً صغيراً وهذا في الصحيح، لما خرج قال لأبيه عمر: أنا أعرفها، هي النخلة، قال له: لو أنك قلت هذا بين يدي رسول الله لكان خيراً لي من كذا وكذا، لكنه لم يقدر وتردَّد، هذا أولاً.
ثانياً الإمام عليّ حين بُويع له بالخلافة لم يُبايعه، لماذا لم تُبايع يا ابن عمر؟ قال الحافظ في فتح الباري لأن الناس لم يجتمعوا على عليّ، والله أنا سؤالي أيضاً: هل اجتمعوا على أبي بكر؟ بصراحة لم يجتمعوا، وفي رأس الذين لم يُبايعوا أبا بكر ستة أشهر الإمام عليّ نفسه، وسعد بن عُبادة لم يُبايع، أليس كذلك؟ وابنه لم يُبايع والزُبير لم يُبايع والعباس لم يُبايع وعبد الله بن عباس لم يُبايع، سائر بني هاشم لم يُبايعوا، أليس كذلك؟ وهذا ثابت في الصحيح، فمنذ متى يا سيدنا ابن عمر لابد أن تُبايع كل الناس من عند آخرها الخليفة؟ إذا بايع الجمهور ينتهي الأمر، مثلما يحدث اليوم، مثل الديمقراطيةَ، أليس كذلك؟ إذا حصل على واحد وخمسين في المائة يفوز، فلعل الذين بايعوا أبا بكر كانت نسبتهم ثماني وتسعين في المائة أو تسع وتسعين في المائة، هذا كافٍ! إذا لم يُبايعه بعض الرجال لن تكون هذه قضية كبيرة، ما المُشكِلة؟ لكنه لم يُبايع عليّاً، هذا حقك! طبعاً الإمام عليّ أكيد يُحزِنه هذا لكنه لم يُرغِمه، لم يُرغِمه! قال: إني لا أُكرِه أحداً، انظر إلى الإمام عليّ، مع أن من حقه أن يُكرِه، هذا من حقه كخليفة، لكنه قال: لا، ليس عندي أي مُشكِلة، جيد! لكن بعد ذلك رأينا ابن عمر بايع مَن؟ مُعاوية، مُعاوية تُبايع له، هل قاتلت مُعاوية مع عليّ؟ هل قاتلت البُغاة؟ قال أيضاً: لا أُقاتِل، لا أدخل في الفتن والدماء، ثم عند موته – رضوان الله عليه – ندم، وهو يُحتضَر صح عنه أنه قال: ما آسى على شيئٍ إلا على أني لم أُقاتِل الفئة الباغية مع عليّ، قال: هذا الشيئ ندمت عليه، الشيئ الوحيد الذي ندمت عليه أنني لم أُقاتِل البُغاة، مَن البُغاة؟ مُعاوية وحزبه، أهل الشام! قال أنا ندمان جداً على أنني لم أُقاتِلهم مع الإمام عليّ عليه السلام، ندمت الآن! هذا يعني أن عنده تردد، بايعت مُعاوية وبعد ذلك مُعاوية يُريد أن يأخذ البيعة لمَن؟ لابنه يزيد، هل بايع سيدنا ابن عمر؟ لا، وحُقَّ له، قال: لا، لا أُبايع، لا أُبايع لرجلين في وقتٍ واحدٍ، ماذا قال الطاغية مُعاوية على منبر رسول الله؟ والله لإن أدركت ابن عمر لأقتلنه، انظر إلى الطاغية الخبيث مُعاوية، خبيث والعياذ بالله منه، اللهم إني أبرأ إلى الله من مُعاوية والله العظيم، قال: لأقتلنه، المفروض أن تغضبوا الآن للصحابي الجليل ابن عمر، لكنهم لا يغضبون، من أجل عيون مُعاوية الدنيا كلها تحترق والنبي حتى يسكت والأحاديث تُدَس وتُقطَع، إلا مُعاوية! حتى لا يزعل، ما شاء الله على الدين والفهم، ما شاء الله يا أخي، ما شاء الله على القلوب المُنوَّرة بالفهم الحق، لأقتلن ابن عمر! فابن عمر طبعاً سمع بهذا القسم، فماذا فعل؟ فر إلى مكة، فر هارباً إلى مكة ودخل داراً ودخل عليه أحد إخوانه في الله وجعل ابن عمر يبكي، ابن عمر يبكي! فيقول له هذا: والله لو لم أجد إلا ولدي لقاتلت دونك، لن يقتلك مُعاوية، لا تخف، يقول تقريباً نافع – كان معهم -: وسمعت نحيبه مرتين، ينتحب! يُوجَد ضعف في الشخصية، ليست شخصية تحدٍ وجبروت، ضعف! عكس أبيه سيدنا عمر، كيف كان عمر؟ شخصية قوية، لكن ابن عمر لم يكن كذلك، فيه ضعف ويُؤثِر السلامة، إنسان طيب وزاهد، هذه طبيعته التكوينية لسبب أو لآخر، ربما يكون هذا لقوة شخصية أبيه بصراحة، يُمكِن لمَن ينشأ في بيت سيدنا عمر أن يُصبِح هكذا، هذا مُمكِن! مع أن عمر لم يكن جبّاراً، حاشا لله، لكنه شخصية قوية، أنا أقول لك هو شخصية قوية – أعني سيدنا عمر – كاريزمية! له كاريزما Charisma – ما شاء الله – وجاذبية وسحر وقوة، فهذا يُمكِن أن يطغى بلا شك، واضح! هذا يكون بين الأستاذ وبين تَلاميذه وبين الأب وبين أولاده وبين القائد وبين رعيته، موجود هذا الشيئ!
على كل حال هذا أيضاً مظهر من مظاهر الضعف، وجاء مُعاوية ودخل فذهب إليه هذا الرجل فقال له: لا، لن أقتله، أمَّنه! بعد ذلك بايع يزيد طبعاً بعد موت مُعاوية، بايع يزيد ودعا الناس إلى بيعته، لما ثار أهل المدينة على يزيد أبى أن يثور، وجمع أهله وذكَّرهم بأنه لا يجوز الغدر وتُنصَب لكل غادر يوم القيامة لواء لغدرته، يُقال هذه غدرة فلان ابن فلان، وأهل المدينة كلهم ثاروا، ثر معهم على هذا الظالم الخبيث، لا تفت في عضدهم، لكنه فت، على كل حال هذه معالم شخصيته رضوان الله تعالى عليه، هناك قصص كثيرة، والله – تبارك وتعالى – أعلم.
أيضاً ربما من معالم ضعفه – ذكرنا هذا مائة مرة قبل ذلك – ما وقع في دومة الجندل، بعد التحكيم – حين فشل التحكيم – جاء مُعاوية – والآن أعرب عن صريحه كما يُقال – وقام يقول لهم: مَن كان يرى أنه أحق بهذا الأمر منا فليُطلِع لنا قرنه، فلنحن أحق به منه ومن أبيه، فحبيب بن مسلمة قال: فقلت لابن عمر قم فأجبه، قال: فحللت حَبوتي – يُريد أن يُجيب – وهممت أن أقول له أحق به منك مَن قاتلك وأباك على الإسلام فخشيت أن أقول كلمةً تسفك الدم وتُفرِّق الجمع ويُنقَل عني غير ما قلت فذكرت ما أعد الله لعباده في الجنان فقعدت.
شخصية مُتردِّدة! حتى الكلمة لم يقلها، لم يقدر على أن يُدافِع عن سُمعة أبيه وعن نفسه بكلمة، قم وتكلَّم! لكن في مرة ثانية – الحمد لله – قالها ودفع ثمنها حياته، الحجّاج بن يوسف الخبيث – لعنة الله عليه، خبيث أمة محمد، لعنك الله يا حجّاج، سوف يُقال لا، هذا الحجّاج! لعنه الله، خبيث أمة محمد – قام مرة يخطب في المدينة وقال: إن ابن الزُبير حرَّف كتاب الله، أي أنه لعب بالقرآن، قام ابن عمر وغضب غضبة شديدة، المسألة وصلت إلى القرآن الكريم الآن، يُشكِّكون الناس في القرآن الكريم، قال له: كذبت، كذبت! لا تستطيع ذلك لا أنت ولا هو وما حرَّفه، غضب الحجّاج الملعون، كيف يُكذِّبني هذا ويرد علىّ؟ هل تتكلَّم عن القرآن أيضاً وتقول أنه حُرِّف؟ أتُشكِّكون الناس في دينها؟ مُجرِمون! بنو أُمية مُجرِمون، قال له: كذبت، هذه المرة لن أسكت حتى لو مت، هل تعرفون ماذا قال له؟ قال: يُوشِك شيخٌ خرف – يتحدَّث عن ابن عمر، يقول هذا شيخ مُصاب بالخرف – أن تُقطَع رأسه فيقع بمكة وقد انتفخت خصيتاه، يمر به غلمان البقيع، يُهدِّده بالقتل! سوف نقطع لك رأسك – قال له – ونرمي بك في شوارع مكة يا كذا، وهل تعرفون ماذا فعل في الموسم؟ نفس الموسم – موسم الحج – في عرفة بعث له بعض مُسوِّدته – الجنود وقد سمَّم أحدهم زُج رُمحه فطعن به في ظاهر قدم ابن عمر فاعتل منها فمات، قتلوه! ابن عمر مات شهيداً بالسم، الحجّاج قتله! فالذي يُريد أن يغضب لا يغضب لأنني أقول ابن عمر يُحِب النساء وشخصيته لا تصلح للخلافة وإنما يغضب مِمَن قتلوه، الحجّاج بعث له وقال له ذات مرة كتابةً: بلغني يا ابن عمر أنك تُفكِّر في الخلافة – أي تُريد الخلافة – والخلافة لا تصلح لبخيل ولا لعيي ولا لغيور، قال له: رجلٌ حفظ كتاب الله لا يُسمى عيياً، أنا – قال له – القرآن في جوفي، هل أنا عيي؟ لست عيياً، هل تعرفون مَن هو العيي؟ الذي لا يستطيع أن يُبين عن مقصوده، لا يعرف كيف يتكلَّم، هذا هو العيي، قال له: أنا لست عيياً، قال: ورجل دفع زكاة ماله لا يُسمى بخيلاً، ولم يُحِب ابن عمر أن يقول ماذا؟ ابن عمر ما تُوفيَ – رضيَ الله عنه وعن أبيه – حتى أعتق ألف نسمة، كان كريماً جداً جداً جداً كأبيه، ابن عمر لم يكن بخيلاً، لكن الخبيث الحجّاج يتهمه بماذا؟ بالبخل، قال له: وأما الغيرة فيكفيني منها غيرتي على ولدي ألا يكون من صُلبي، كأنه يُعرِّض بأنساب بني أُمية طبعاً الذين يشتغل لهم، الله أعلم! المُهِم هذا هو، قال: اسكت فقد خرفت وذهب عقلك ويُوشِك شيخٌ أن يُضرَب عنقه، فيخر قد انتفخت خصيتاه، يطوف به صبيان البقيع. في المدينة! هذا هو والعياذ بالله من الحجّاج، والعياذ بالله منه.
فيا إخواني المقصود الآن من هذا التعليق على سيدنا ابن عمر – رضوان الله تعالى عليهما وعنهما – أن يُقال النظرة المثالية لكل صحابي على حدة – ما دام صحابي فهو ما شاء الله مثال كامل، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه – ستجعل الموازين تختل بين أيدينا وتجعل القيم – القيم نفسها – ومباديء الإسلام أيها الإخوة تتعاكس وتتضارب، يُصبِح الشيئ ونقيضه جائزاً مُمكِناً، تختل الشخصية الإسلامية بالكامل، كيف مثلاً؟ الآن ابن عمر ذكرت لكم أنه لم يُقاتِل مع الإمام عليّ البُغاة، لكي تُبرِّر هذا لابن عمر – علماً بأننا نفعل هذا – تقول نعم هذا أفضل لأنها فتنة، عجيب! تُسمي أنت البُغاة وما يجب من قتالهم فتنة؟ إذن هذا يعني أن القرآن يأمر بالفتنة بصراحة! هذه خربطة كبيرة جداً جداً جداً، لكي أُبرِّر أنا لمواقف كل الصحابة ولكل واحد منهم على حدة ومنهم ابن عمر لابد أن يكون وضعه صحيحاً حين لم يُبايع ولابد أن يكون وضعه صحيحاً حين لم يُقاتِل مع عليّ البُغاة، وهذا الكلام كله غير صحيح، حين لم يُبايع كان على خطأ، حين لم يُقاتِل كان على خطأ، ولذلك ندم، وحين يقول لك لا آسى على شيئ إلا على أني لم أُقاتِل الفئة الباغية ما معنى ذلك؟ لا يُمكِن أن أُقاتِل مع عليّ إلا وقد بايعته وهو إمامي، فهو ندمان على ماذا؟ على كلا الأمرين، أنه لم يُبايع وأنه لم يُقاتِل البُغاة، لكن تأتي أنت وتضرب ليتاً عن هذا الندم مع أنه صحيح – صحَّ عن ابن عمر – وكأنه لم يندم وكأنك لم تسمع هذا الشيئ وتُبرِّر، تقول ابن عمر ورع لا يُحِب الفتنة، لا يُحِب الدخول في الفتنة وإلى آخره، علماً بأن هذا فقه سُلطاني، أنت هنا تتناقض مع كتاب الله ومع الأحاديث المُتواتِرة عن رسول الله مثل عمّار تقتله الفئة الباغية، فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ ۩ تبارك وتعالى، فأنت الآن عطَّلت ماذا؟ عطَّلت القرآن والسُنة لكي تُبرِّر لصحابي، صار هو أولى من الوحيين، أفعاله أولى من الوحيين، فالقرآن والسُنة لابد أن يُعاد صياغتهما وتأويلهما بما يُبرِّر ماذا؟ هذه الأفعال، برَّرنا لابن عمر، كيف نُبرِّر للألوف الذين بايعوا عليّاً؟ كيف نُبرِّر لمائة بدري على الأقل كانوا مع عليّ في صفين؟ سوف يكونون جميعاً على خطأ، إذا كان ابن عمر على صواب سوف يكونون جميعاً على خطأ، غير معقولة الطريقة هذه في الفكر يا أخي، أليس كذلك؟ غير معقول يا جماعة! لأنهم ليسوا معصومين وليسوا آلهة وليسوا ملائكة ولذل يُخطئون، فمَن أخطأ نقول له أخطأ وغفر الله لك ولنا – إن شاء الله – معك وانتهى الأمر، ما المُشكِلة؟ هذه ليست عملية صعبة يا إخواني، ليست عملية صعبة!
انظروا الآن – مثلاً – إلى الآتي، وعدتكم أن أتلو عليكم ماذا قال الشيخ الألباني في خطأ أمنا عائشة في حديث الحوأب من السلسلة الصحيحة، هو خطّأها، الخطأ خطأ، هل تعرفون ماذا يقول الشيخ الألباني في حديث الحوأب وقد صحَّحه؟ والسُني لا ينبغي له أن يُغالي فيمَن يحترمه حتى يرفعه إلى مصاف الأئمة الشيعة المعصومين – قال الصحابة عندنا غير معصومين ولا أمهات المُؤمِنات معصومات، هم غير معصومين – ولا نشك أن خروج أم المُؤمِنين كان خطأً من أصله – قال كان خطأً من أصله، من يوم ما خرجت من أول لحظة كان غلطاً – ولذلك همت بالرجوع حين علمت بتحقق نبؤة النبي عليه السلام عند الحوأب – نبحتها كلاب الحوأب، عرفت وتذكَّرت -، ولكن الزُبير رضيَ الله عنه أقنعها بترك الرجوع بقوله عسى الله أن يصلح بك بين الناس ولا نشك أنه كان مُخطئاً في ذلك أيضاً – أرأيتم؟ الشيخ الألباني صريح، عنده جراءة الرجل، قال حتى الزُبير أيضاً غلط، ولا يتهم أحد الألباني بأنه شيعي ورافضي، هل رفَّضتوه أيضاً مثلما رفَّضتم عدنان؟ هكذا بهت -. والعقل يقطع – يُقال عدنان يستخدم عقله، والألباني يستخدم عقله وأي بشر لابد أن يستخدم عقله يا جماعة، وألا لن نكون بشراً، وبالمُناسَبة ممنوع أن نستخدم عقلنا لكي يكون عندهم وحدهم عقل ومن ثم يُملون علينا ما يُريدون، لا! هذه لعبة مكشوفة – بأنه لا مناص من القول بتخطئة إحدى الطائفتين المُتقاتِلتين اللتين وقع فيهما مئات القتلى – مئات؟ ألوف القتلى يا شيخ ألباني، ثمانية آلاف أو عشرة آلاف – ولا شك أن عائشة رضيَ الله عنها المُخطئة لأسباب كثيرة وأدلة واضحة، ومنها ندمها على خروجها …… تفضَّل! ماذا نقول للألباني؟ هل نسبه؟ قال هذا قبل عدنان، أليس كذلك؟ هذا في السلسلة الصحيحة، ليس أنا وليس الألباني فقط مَن قال عائشة أخطأت، قلت لكم جماهير أهل السُنة والجماعة من الأحناف والمالكية والشافعية يرون طلحة والزُبير وعائشة كما يرون بعد ذلك مُعاوية ومَن معه كانوا بُغاة على الإمام عليّ، بهذا اللفظ: بُغاة، لم يكن مُعاوية فقط الباغي، وهم أيضاً كانوا بُغاة، لكن فرق بين بغي مُعاوية وبغي كان فيه شُبهة وفيه نوع من العذر وأعقبه ندم، أعقبه ندم شديد، ثم أن طلحة – بفضل الله – ما قاتل، قُتِل ظُلماً، ما أحب أن يُقاتِل وأقتنع، والزُبير فر، لم يُرد المعركة، عرف أنه مُخطيء وقُتِل أيضاً ظُلماً، شهيداً إن شاء الله، وعائشة للأسف أخذت بحظ أكبر من الخطأ، ولكنها ظلت تبكي وظلت نادمة حتى لقيت الله، نسأل الله أن يغفر لها ويرضى عنها ويُسامِحها ويعفو عنها، مُعاوية لم يكن كذلك، لكي تفهموا ببساطة مُعاوية لم يفعل هذا، مُعاوية لم يندم لحظة، وبعد أن قُتِل عمّار وبعد أن حصل ما حصل لم يندم مرة، مُعاوية جاء وأعماها بالكامل كما يُقال ولم يُكحِّلها حين جعل الأمر ليزيد من بعده بالقوة وبالرشوة أيضاً، يا جماعة هذا هو، يُقال إذا برَّرت لطلحة والزُبير وعائشة لماذا لا تُبرِّر لمُعاوية؟ لأنني غير أحمق، لأنني لست أهبل، لست أهبل أنا، عندي مُخ أُفكِّر به يا أخي، كيف أُبرِّر؟ ما هذا الكلام الفارغ؟ أمس قال لي أحدهم أنت حاولت أن تُبرِّر لابن تيمية ولعل الرجل يكون غير ناصبي حقيقةً واجتهد وأخطأ فبرِّر لمُعاوية، قلت له لا يا حبيبي، عندي أحاديث فيه، الرجل عندي أحاديث ونصوص إلهية تذكر مصيره، لا أقدر على التبرير، ليس عندي نص على أن ابن تيمية في النار وأنه ملعون لكي أقول لك هذا، ليس عندي نص بهذا، فأُحاوِل أن أُحسِّن الظن به، وكما أُحسِّن الظن به أُحسِّن الظن أيضاً بأئمة الشيعة وأترحَّم عليهم، أقول عن الشيخ الطبطبائي رحمة الله عليه وعن الشيخ المُفيد رحمة الله عليه وعن العلّامة فلان رحمة الله عليه وهكذا، لماذا إذن؟ أكيد هم عندهم أيضاً اجتهادات في المسائل هذه، حين تكلَّم الواحد منهم في الصحابة وانتقده وما إلى ذلك كان عنده اجتهاد الرجل، لم يقصد أن يكون عدواً لله ولعباده الصالحين، مُستحيل! لكن هي أنماط ثقافية ومواريث وأشياء، منظور كبير وقصة كبيرة هذه، خُطبة أمس لا تزال البداية، قصة كبيرة! لكن مَن فيه نصوص مثل الحكم ومثل فلان وعلان أمره محسوم، انتهى أمره عندي، نص! لا أقول للنبي Stop، لا أقول له هذا أبداً، أقول له سمعنا وأطعنا يا رسول الله، على العين ومائة عين ورأس، يُوجَد فرق إذن، فرق بين هذا وبين هذا، بعد ذلك هناك الامتناع عن البيعة، نحن نعرف والأمة كلها تعرف أنه لا يجوز لمُسلِم أن يبيت إلا وهو يعلم إمام زمانه، وأن مَن مات وليس في عُنقه بيعة مات ميتة جاهلية، كيف نُسوِّغ لابن عمر وغير ابن عمر أنه قعد فترة من غير أن يكون في عُنقه بيعة؟ هل هذا يجوز؟ خطأ، أكيد عنده تأول هو واجتهاد في هذا لكن هذا خطأ في النهاية، أي أن اجتهاده خاطيء، تأوله خاطيء، لا تُصحِّحه! لو صحَّحته سوف ترد الأحاديث، هذا هو التناقض، فنحن إذا قلنا للخطأ خطأ لم نتناقض واستوت الموازين على سوقها بين أيدينا، أليس كذلك؟ واحتفظت المباديء والقيم برسوخها في روعنا وبين أعيننا، وإن لم نفعل هذا وأمثلنا الصحابة وعهد الصحابة وأفراد الصحابة وكذا وكذا – إلى آخره – اختلت الموازين فذابت القيم وتشاكس كل شيئ وأصبح عقلنا ليس عقلاً، وبالمُناسَبة هذا ما يحدث، جُزء من العقل الإسلامي اليوم هو ليس عقلاً.
بعد ذلك أُحِب أن أقول للأسف – وهذه نُقطة أحزنتني كثيراً – الإخوة – بارك الله فيهم وأصلح الله شأني وشأنهم وحالي وأحوالهم، لا أدري مَن منهم بالضبط ويُؤسِفني أن أقول هكذا – افتروا علىّ فرية واضحة جداً، ليست لي وإنما لكل مَن تابع الحلقات الثلاث، وهي شرح لا أشبع الله بطنه، وكان لي فيها اجتهاد خاص لم أُسبَق إليه في الجمع بين الأحاديث، والخُلاصة المُهِمة التي انتهيت إليها بما له علاقة بموضوعي الآن الإنكار والتثريب، أن النبي – عليه السلام – لا يُمكِن أن يكون ذاكم الرجل الذي يغضب فيسب ويلعن ثم يندم، وهذا من المُقرَّرات لأنه أحلم البشر وأصبرهم وأفضلهم، قلت لا يُمكِن أن يكون ذاكم الرجل الذي يغضب وفي حالة نزق فيسب ويلعن ويشتم ثم يندم وما إلى ذلك، مُستحيل! وتكلَّمت وأتيت بأدلة عجيبة وبديعة وفهوم دقيقة غير مسبوقة، وإذا بالمشايخ الفضلاء يقولون عدنان إبراهيم يقول النبي نزق، عجيب يا أخي، فعلاً وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَىٰ ۩، والله وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَىٰ ۩، يا مشايخ نصيحتي إليكم بالله عليكم – والله العظيم – لا تدسوا رؤوسكم في الرمال كالنعام على أن النعامة لا تفعل هذا، هذا أيضاً كذب على النعامة، النعامة مظلومة لكن هذا مثال، يُفترى على النعامة المسكينة! لا تدسوا رؤوسكم في الرمال كالنعام، بمعنى لا تظنوا لحظة أن الناس من الكسل إلى درجة بحيث أنهم لا يرون أنفسهم محفوزين أن يعودوا فيستمعوا ماذا قال الزنديق إبراهيم في لا أشبع الله بطنه، سيسمعون ويرون أنني قلت عكس ما نُسِب إليّ تماماً، واعتقادي في رسول الله أنه أبعد خلق الله عن النزق وعن أن تُفلِت أعصابه، أنا يُمكِن أن تُفلِت أعصابي وكذلك الحال معك ومع غيرنا لكن هذا لا يحدث معه أبداً أبداً أبداً، هو حليم لا تزيده شدة الجهل عليه إلا حلماً، هذا الاعتقاد عندي الراسخ الذي أدين الله وأتعبَّده به حملني على أن أُشكِّك في بعض الأحاديث الصحيحة، وقلت قد تكون من صنائع ومصكوكات بني أُمية، هي التي أرادت أن تُصوِّر النبي على أنه نزق ويُمكِن في لحظة أن يغضب بشدة وقال أغضب كما أغضب البشر، أهكذا قال بالله عليكم؟ هل قال أغضب؟ قال لك نعم، في الصحيحين يا أخي، فأي عبد أو أي مُسلِم أو أي مُؤمِن جلدته أو سببته أو شتمته أو لعنته فاجعل ذلك زكاةً وقُربةً ورحمةً له، أنا شكَّكت في هذه الأحاديث أيها الإخوة من أجل أن أحتفظ لرسول الله بالمقام الذي هو له في قلب كل مُؤمِن ومُؤمِنة صادق وصادقة، وهو أنه أحلم عباد الله وأرحم عباد الله، أليس كذلك؟ إذا بي أُفاجأ بإخواني المشايخ – عفا الله عني وعنهم حقيقةً – يقولون عدنان ينسب النزق إلى النبي والنزق هو الخفة، الطيش والخفة! يُعلِّمون الناس لُغة عربية، هو الطيش والخفة، أي أن إبراهيم يقول النبي….. أستغفر الله العظيم، إني إذن لمِن الكافرين، أنا لو قلت هذا إني إذن لمِن الكافرين، لا أقول مِن الجاهلين بل مِن الكافرين المارقين عن دين محمد، أعاذني الله وإياكم من هذا، أعيد للمرة الثالثة: وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَىٰ ۩، اتقوا الله، الحلقات موجودة والحمد لله لا يد لكم عليها، لا تستطيعون تحريفها أو حذفها، موجودة كما هي، ثلاث حلقات عن لا أشبع الله بطنه، مَن شك في قولي هذا أو شبَّه عليه قولهم فليعد إلى الحلقات وليسمع ماذا قال عدنان إبراهيم في نزق النبي وحاشاه، عجيب يا أخي!
بعد ذلك من ضمن العجائب التي لا يزال إخواننا المشايخ – عفا الله عني وعنهم – يُبدئون فيها ويُعيدون قولهم: يُسلِّم على عليّ وفاطمة، كلما ذكرهما سلَّم عليهما، ما الذي يُغضِبكم يا جماعة؟ ما الذي يُغضِبكم أنني أُسلِّم على عليّ وفاطمة عليهما السلام؟ سألقى الله وأنا أُسلِّم عليهما يا أخي، ما المُشكِلة؟ وليس عدنان إبراهيم مَن يفعل هذا وحده وليس الشيعة مَن يفعلون هذا وحدهم، أئتمنا يفعلون هذا، طبعاً لم أُحاوِل أن أُثبِت هذا اليوم، لأن هذا شيئ مُمِل، لو أتيتكم بالكُتب التي يُسلِّم فيها أئمة أهل السُنة على أهل البيت – على عليّ وفاطمة والحسن والحُسين وكذا – لأمللتكم وفي رأسها صحيح البخاري، البخاري يُسلِّم على عليّ، يُسلِّم على فاطمة، يُسلِّم على الحسن، يُسلِّم على الحُسين، يقول: عليه السلام، عليها السلام، عليه السلام، عليها السلام، في صحيح البخاري! وعشرات وعشرات من أئمتنا – ذكرت بعضهم في خُطبة جُمعية – يُسلِّمون، وقلت لكم – مثلاً – أبو جعفر الطحاوي لا يكاد في مُشكِل الآثار يذكر عليّاً إلا بالسلام، أن يقول رضيَ الله عنه قليل جداً، يقول عليه السلام، عليه السلام، عليه السلام، باستمرار! ليس عدنان إبراهيم وحده، لكن أخي الشيخ الداهوم للأسف أتى بشيئ من كيسه، ولن أستخدم عبارة جارحة، قال ليس هذا فحسب، قال حتى الباقر وزين العابدين وبقية الأئمة الاثني عشر، أخي الشيخ الداهوم أتحداك، أتحداك وأنا سأُعطيك ماذا تُريد، أُعطيك الآن عهداً على نفسي أن أقول عدنان إبراهيم أكبر الكذّابين في القرن الحادي والعشرين إذا استطعت أن تأتي بمقطع واحد لي أذكر فيه أسماء الأئمة الاثني عشر أو أن تُجمِّع مقاطع بحيث أنني ذكرتهم كلهم في مقاطع مُختلِفة وسلَّمت عليهم، لن تستطيع! وأنا واثق تماماً من هذا، هل تعرف لماذا؟ لأنني لا أُؤمِن بالنظرية الاثني عشرية، أن الأئمة المعصومين اثني عشر إماماً وينتهون بالمهدي، ولا أُؤمِن بهذا المهدي أنا الذي يُؤمِن به إخواني الشيعة وهم أحرار، لا أُؤمِن به، كيف أُسلِّم عليه؟ من أين لك؟ من أين لك أنني سلَّمت على بقية الأئمة الاثني عشر؟ أتحداك، للمرة الثانية أتحداك، افعل هذا، لن تستطيع! لماذا؟ يُحِبون أن يُثبِتوا للناس أن هذا اثني عشري، لو أنني كنت اثني عشرياً لقلت هذا على المنبر، لأصبحت الآن مُبشِّراً بهذا المذهب، وتعالوا ناقشوني بعد ذلك، سوف نتناقش أيضاً، لكن هذا غير صحيح، لست من الاثني عشرية، أنا سُني شافعي أشعري سواء أعجبكم أم لا لكنني مُستقِل، غير مُستعِد أن أدخل صفقة وآخذ كل شيئ مرة واحدة أو أرده مرة واحدة، أنا آخذ بالدليل والعقل يا إخواني وليس بالتشهي، بالدليل والعقل!
فإذن العتب ليس علىّ، العتب على سائر أئمتنا الذين يُسلِّمون على هؤلاء، بعد ذلك قال لا يُسلِّم على عقيل، أتحداك أن تأتي لي بأحد من أئمة أهل السُنة سلَّم على عقيل، لا يفعلون، أنا أُسلِّم؟ صعب، انتبه إلى هذا، حين تتكلَّم وحين تُريد أن ترد عليك أن تعرف كيف تُصدِر وإلا لا تُناقِش، تقول عدنان إبراهيم يُسلِّم على هؤلاء – على الحسن والحُسين والباقر وعلى عليّ وفاطمة وكذا – ولا يُسلِّم على العباس ولا على عبد الله بن عباس ولا على عقيل، إذن ائتني بعالم سُني سلَّم على هؤلاء، أنا سُني أفعل كما يفعل أئمتي، لا يُسلِّمون عليهم، افهم وانظر كيف يكون النقاش، أنا سُني أفعل كما يفعل علماء السُنة، ائتني بواحد سلَّم على عقيل، ائتني بأحد قال عن عقيل عليه السلام، يترضون عليه وأنا أترضى عليه، انتبه!
نأتي الآن إلى نُقطة أُخرى، في تفسيري لسورة الأحزاب سخروا من كلامي أيها الإخوة عن الصحابة الذين كانوا يأتون بيوت النبي مُبكِّرين، غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ ۩، لأن هذا ليس وقت الطعام أصلاً ولا يُوجَد طعام مُحضَّر، وقلت يأتون من الصباح الباكر، كانوا يأتون مُبكِّرين جداً، الله قال لو كان هناك طعام وأنت تنتظرون أن ينضج هذا الطعام لا بأس، الله قال هذا، بمعنى أننا وسَّعنا لكم هنا، القرآن لم يُضيِّق عليهم، إذا أحببتم أن تأتوا عند النبي وتتسلَّوا وتتكلَّموا أهلاً وسهلاً قال، لكن على الأقل ائتوا وانتظروا إناه الطعام، نضج الطعام! لأن الطعام قد ينضج في ساعة أو في ساعة ونصف، لا بأس، يُمكِن أن تأتوا قبل ساعة ونصف ثم تأكلوا وتنصرفوا راشدين، لكن لا تأتوا ولا يُوجَد حتى طعام لينضج الآن، كيف تأتون قبل الطعام بثلاث أو أربع ساعات؟ أنا قلت هذا يشل حركة النبي، ألا يشلها؟ يشل يا أخي، أنا حين أكون حتى في بيتي مشغولاً بقراءة أو بدرس أو بتعليم أو بأي شيئ ويأتيني أحد في غير وقته يا جماعة يشل حركتي، وهذا لا يُرضيني، يُغضِبني! أنا عندي برامج وعندي كذا وكذا، فكيف بالرسول وهو قائد الأمة الأعظم؟ هل هو مُتفرِّغ لهذا؟ قال انظر كيف يصف الصحابة، سوف نرى! سوف نرى كيف القرآن – وليس أنا – وصفهم يا جماعة، الآية الثالثة والخمسون من سورة الأحزاب، والله ليس عدنان إبراهيم وإنما رب العالمين – عز وجل – الذي يقول إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِى النَّبِىَّ فَيَسْتَحْى مِنكُمْ وَاللهُ لاَ يَسْتَحْى مِنَ الْحَقِّ ۩، قال عدنان إبراهيم الخبيث يصف النبي مُتضايقاً، أنا؟ أنا قلت مُتضايق؟ القرآن قال أنه مُتأذٍ، كان يتأذى، يُؤلِّفون علىّ! غير معقول يا جماعة، فالذي يُريد أن يُنكِر يُنكِر على القرآن الكريم، على الآية الثالثة والخمسين من سورة الأحزاب، القرآن يقول أنه يتأذى وليس يتضايق حتى، يُمكِن أن أتضايق دون أن أتأذى، لكن القرآن لم يقل يتضايق، قال يتأذى! أذية للنبي هذه، أذية! يتأذى النبي من هذا، شيئ غريب، قال عدنان إبراهيم يقول هذا، سوف نرى الآن، وكما قلت لكم أحد التابعين قال هذه الآية نزلت في الثقلاء، أي في ثقلاء الدم وفي الغليظين كما يُقال بالسورية، في الغليظين! سترون أن عدنان إبراهيم لا يزال رحيماً مع الحقائق، هذا كتاب الدر المأثور في التفسير بالمأثور للحافظ جلال الدين السيوطي، المُجلَّد السادس، سورة الأحزاب، صفحة ستمائة واثنين وأربعين: وأخرج ابن أبي حاتم عن سليمان بن أرقم رضي الله عنه في قوله وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ ۚ ۩ قال: نزلت في الثقلاء.
احفظوا هذا، قال: نزلت في الثقلاء، هل تعرفون ما معنى الثقلاء؟ الذين يجلسون ويُبحِّطون كما يُقال، هم ثقلاء الدم ولا يفهمون الإشارة، تجلس وعليك علامات الرغبة في النوم ومع ذلك يجلسون دون فائدة، يا جماعة نعسنا ونمنا! وقلت لكم القصة، هل تعرفون ما القصة؟ الرسول كان مُتزوِّجاً مَن مَن؟ زينب بنت جحش، وعنده غُرفة واحدة، النبي لم يكن عنده قصر يا جماعة، غُرفة صغيرة هي كلها، والنبي رأسه يصل إلى السقف، غُرفة صغيرة مُتواضِعة من اللبن، وزينت كانت أُوتيت حُسناً يقول ابن جرير، جميلة وعروس! والله ثقلاء، ازعل يا شيخ عثمان، والله ثقلاء هؤلاء الصحابة، هؤلاء الصحابة – والله – ثقلاء يا أخي، آذوا النبي، لماذا أنت زعلان مني؟ أنا أُفسِّر، أُفسِّر القرآن كما هو، لا أكذب على الله، الله يقول يُؤْذِي ۩، والعلماء والصحابة والتابعون قالوا نعم، هذا يُؤذي، كانوا ثقلاء غليظين، هؤلاء ثقيلو الدم، ليس عندهم لياقة، عروس! أنتم أكلتم وشربتم فاذهبوا، لكنهم ظلوا جالسين وأخذوا يتحدَّثون، والنبي أخذ أنس وخرج، ذهب وزار بقية نسائه، سألهن كيف حالكن وحال كذا وكذا فقلن كل شيئ على ما يُرام، رجع وهؤلاء لا يزالون جلوساً، وزينب وجهها إلى الحائط، وهنا قد يقول لي أحدكم كيف؟ هل اختلوا بها؟ جائز شرعاً، شرعاً ما دام عندك رجلان أو أكثر مع امرأة لا تُوجَد مُشكِلة، جائز شرعاً، لا يُوجَد في الدين تنطع، رجل وامرأة ممنوع، رجلان وامرأة وثلاثة وامرأة جائز شرعاً، والنبي تركهم مع زوجه، مع العروس التي لم يدخل بها إلى الآن، كان وجهها إلى الحائط، ذكرت هذا والآن سوف أتلو عليكم من تفسير ابن جرير ومن تفسير السيوطي، وهذا في كل التفاسير طبعاً، لا أقدر على أن آتي بكل التفاسير لكن كل هذا مذكور، سوف نرى! خرج النبي وأتى وهؤلاء لا يزالون جلوساً، لا إله إلا الله! قال يتكلَّم عن الصحابة ويقول كذا وكذا، يا أخي ما هذا؟ لا إله إلا الله، والله العظيم شيئ غير معقول، شيئ غير معقول! سوف نرى ماذا قال ابن جرير الطبري رحمة الله تعالى عليه.
تفضَّل: ابن جرير، المُجلَّد العاشر، طبعاً هذه الآية الثالثة والخمسون من سورة الأحزاب: حدَّثني عمران بن موسى القزاز قال: ثنا عبد الوارث قال: ثنا عبد العزيز بن صهيب، عن أنس بن مالك قال: بنى رسول الله بزينب بنت جحش، فبُعِثت داعياً إلى الطعام فدعوت فيجيء القوم يأكلون ويخرجون ثم يجيء القوم يأكلون ويخرجون، فقلت: يا نبي الله، قد دعوت حتى ما أجد أحداً أدعوه، قال: ارفعوا طعامكم – أي أنهم أخذوا كما نقول زمناً وهم يطلعون وينزلون الحمد لله، وهناك أُناس لا يزالون جلوساً، من البداية وهم جلوس -، وإن زينب لجالسة في ناحية البيت – قال هذا -، وكانت قد أُعطيت جمالاً – لماذا يقول أنس الكلمة هذه؟ ولو قلتها أنا لقطعوا لساني، ماذا تقصد يا خبيث يا فاجر؟ أنس يقول لك حتى الأمور كلها حسّاسة، عروس وهي امرأة جميلة، لا يصح أن تظلوا جالسين، أكلتم فاذهبوا إلى بيوتكم – وبقيَ ثلاثة نفر يتحدَّثون في البيت، وخرج رسول الله مُنطلِقاً نحو حُجرة عائشة، فقال: السلام عليكم أهل البيت، فقالوا: وعليك السلام يا رسول الله، كيف وجدت أهلك؟ قال: فأتى حُجر نسائه – ليس عائشة فقط، ذهب إلى كل واحدة، يا أخي ما أعظم حياء النبي! هو فعلاً يستحي، لا يقدر على أن يقول لهم لقد أثقلتم علىّ فاذهبوا، ظلوا جالسين، فخرج لكي يُفهِم أنه تضايق، ذهب وأعطاهم فرصة لكي يخرجوا – فقالوا مثل ما قالت عائشة – أي نساء النبي -، فرجع النبي عليه السلام فإذا الثلاثة يتحدَّثون في البيت، وكان النبي صلى الله عليه وسلم شديد الحياء، فخرج النبي عليه السلام مُنطلِقاً نحو حُجرة عائشة – مرة ثانية، دورة أُخرى، وقال ليسوا ثقلاء، ما هذا يا أخي؟ قطع الله لسانك، هؤلاء صحابة -، فلا أدري أخبرته أو أُخبِر أن الرهط قد خرجوا، فرجع حتى وضع رجله في أسكفة داخل البيت، والأخرى خارجه، إذ أرخى الستر بيني وبينه، وأُنزِلَت آية الحجاب.
وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ۩، هل هذا واضح؟ وطبعاً هناك عدة روايات عن نفس الموضوع تقول أنه خرج ودخل وما إلى ذلك لكن لا نُريد أن نُطوِّل بذكرها، للأسف الشديد الشيخ الداهوم في مرة سابقة وربما في هذه المرة أيضاً أنكر علىّ أنني أقول عمر قال للنبي يا رسول الله لو حجبت نساءك فإنه يدخل عليك البر والفاجر، كيف يقول الصحابة فيهم الفاجر؟ هل أنا مَن قال؟ قطع الله لساني لو قلت هذا، عمر قال والطبري روى، صحيفة ثلاثمائة وأربع وعشرين: حدثني ابن بشّار، قال: ثنا ابن أَبي عدي، عن حُميد، عن أنس بن مالك، قال: قال عمر بن الخطاب: قلت لرسول الله عليه السلام: لو حجبت عن أمهات المُؤمِنين؛ فإنه يدخل عليك البر والفاجر.
غير قادر عقل إخواني المشايخ هؤلاء أن يستوعب أن في الصحابة فجرة، هناك فجرة، كيف لا يكون هناك فجرة؟ ما دام هناك مُنافِقون وفسقة يكون هناك فجرة، قال لا يا أخي، هذا تعريف كذا وكذا، أنا لا يعنيني التعريفات، لا يعنيني كيف تُعرِّف الصحابي، أنا يعنيني أن في الناس الذين كانوا حول النبي – عليه السلام – فجرة، وأنت لا تعرف كل المُنافِقين فيهم وتُسميهم صحابة، قطعاً كان فيهم من هؤلاء الصحابة مُنافِقون يا حبيبي، ومنهم أناس فجرة وأناس فجرة وأناس كذا وكذا، عمر يقول هذا، يدخل عليك البر والفاجر، هل هذا واضح؟
بعد ذلك نُريد أن نرى ماذا يقول القرآن في آية الحجاب، وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ۩، هل تعرف ماذا يقول ابن جرير؟ أطهر لقلوبكم وقلوبهن من عوارض العين فيها التي تعرض في صدور الرجال من أمر النساء، وفي صدور النساء من أمر الرجال……
تفضَّل! تفسير واقعي، أُناس واقعيون هؤلاء، ابن جرير الطبري إنسان واقعي، هل هذا واضح؟
وقد قيل: إن سبب أمر الله النساء بالحجاب، إنما كان من أجل أن رجلاً كان يأكل مع رسول الله عليه السلام وعائشة معهما، فأصابت يدها يد الرجل، فكره ذلك رسول الله.
ذكرت أنا هذا في التفسير، أليس كذلك؟ الشيخ الداهوم قال لا، كيف هذا؟ الرجل كذا وكذا، يُريد أن يغمز عمر! أنا سأقول لك أن ابن جرير روى عن عمر هذا المعنى وأن يد الصحابي أصابت بالخطأ طبعاً – بالخطأ طبعاً لأنهم كانوا جالسين والأمور عادية – يد إحدى أمهات المُؤمِنين، ابن جرير روى أن عمر أيضاً حدث له هذا ذات مرة وأن يده هي التي أصابت يد إحدى أمهات المُؤمِنين، فغضب عمر لأنه لا يُريد هذا، ما رأيك؟ ليس عدنان إبراهيم مَن يقول، لا تكذبوا على الناس، كأن عدنان يُؤلِّف قصصاً من عنده وهي قصص – والعياذ بالله – إبليسية فاجرة لكي يُشكِّك في الأمهات وفي الصحابة، يا أخي اتقوا الله، اتقوا الله، عيب! والله عيب.
مرة أُخرى: حدَّثنا أَبو كريب ويعقوب، قالا ثنا هشيم، قال: ثنا حميد الطويل، عن أنس، قال: قال عمر بن الخطاب: قلت: يا رسول الله، إن نساءك يدخل عليهن البر والفاجر، فلو أمرتهن أن يحتجبن؟ قال: فنـزلت آية الحجاب.
جميل! نُريد أن نرى الدر المنثور لأن كله آثار أيضاً، آثار! تفضَّل: وأخرج النسائي وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه بسند صحيح عن عائشة رضي الله عنها قالت – هذه هدية للشيخ الداهوم، بسندٍ صحيحٍ يا شيخ داهوم -: كنت آكل مع النبي عليه السلام طعاماً في قعبٍ، فمر عمر فدعاه فأكل، فأصابت أصبعه أصبعي – أصبع مَن؟ عمر، قال الزنديق عدنان يُريد أن يغمز عمر، أنا أغمز عمر؟ لا والله، الزنديق النسائي والزنديق ابن أبي حاتم والزنديق الطبراني والزنديق ابن مردويه والزنديق السيوطي، ما هذا الكلام؟ والزنديق أنس الذي ألَّف هذه القصة عن عمر، يا رجل اتق الله، عيب – فقال عمر: أوه – عمر لم يُعجِبه هذا – لو أطاع فيكن ما رأتكن عين.
رضوان الله عليه، غيرة! يغار على الرسول، وهنا قد يقول لي أحدكم كيف يغار؟ مَن أغير خلق الله؟ رسول الله، وذكرت هذا في التفسير بفضل الله عز وجل، لكن لِمَ لَمْ يفعل النبي؟ ما كان للنبي أن يشرع شيئاً من لدن نفسه، النبي لا يقول إلا ما قال الله له، وإلا النبي كان هواه أعظم من هوى عمر مليون مرة أن تُحجَب نساؤه، لكنه لا يقدر على هذا، ولما نزلت آية الحجاب النبي فرح النبي طبعاً، نزولها خفَّف عنه لأن هذا الذي يُريده، أغير خلق الله كان!
وأخرج ابن سعد عن ابن عباس قال: نزل حجاب رسول الله في عمر – بسبب هذه القصة -. أكل مع النبي طعاماً، فأصاب يده بعض أيدي نساء النبي صلى الله عليه وسلم، فأُمِرَ بالحجاب.
هل هذا واضح؟ تفضَّل!
لذلك يا مشايخ اقرأوا، اقرأوا! أنا فسَّرت القرآن، كنت أُفسِّر وأقرأ، لا أُؤلِّف من عندي، مثلما أتعب اتعبوا أنتم أيضاً، لكن لا تنتقدوا الناس التي تتعب وتعلَّم وتنسبونا إلى الزندقة والكذب والافتراء وطعن الصحابة، اتقوا الله فينا يا أخي، واتقوا الله في الأمة، واتقوا الله في العلم، لا يصح هذا، شيئ غريب يا أخي، أصبحت جريمة أنك تفهم وتتعلَّم وتحكي وتعلم ما لا يعلمون، وكأن أي شيئ لا يعلمونه غير موجود، ما شاء الله على الموسوعات هذه، إذا كانوا لا يعرفون هذا الشيئ فهو غير موجود، عجيب يا أخي، والله عجيب، على كل حال هذا هو.
الآن لدينا مسألة أُخرى، مسألة أكثر حسّاسية من هذا، ما هي؟ طبعاً في موضوع زينب بالمُناسَبة الشيخ الخميس ماذا قال؟ وهذه أخبث! ولك أن تتخيَّل هذا، لأنني قلت زينب كانت جالسة ووجهها إلى الحائط قال وهذه أخبث، كأنني ألَّفتها، أخبث خاطب بها الرواة والكُتب الصحيحة، ما أتيت بشيئ من لدني، روايات صحيحة هذه، هذا ما وقع وما حصل، ما أخبث هذه؟ يظن أنني ألَّفت هذه الرواية الرومانسية وقلت زينب جالسة ووجهها إلى الحائط وما إلى ذلك، يظن أنني ألَّف هذا من عندي، وهذه أخبث يقول الشيخ الخميس، عفا الله عني وعنك يا أخي، أي والله!
أيضاً هناك موضوع يا إخواني يتعلَّق بطلحة وعائشة، كيف أقول أن طلحة كان يُحِب عائشة وأراد أن يتزوَّجها حين كانت صغيرة قبل أن يتزوَّجها النبي؟ لأنها بنت عمه، عائشة بنت عم طلحة، بعد ذلك النبي تزوَّجها، وذكَّرت أنا في دروس التفسير أن طلحة قال لو مات النبي تزوَّجت عائشة، وهذه ليست جريمة، لأنه لم يكن مُحرَّماً، أليس كذلك؟ ما المُشكِلة؟ الصحابة كان عندهم شيئاً طبيعياً جداً جداً جداً أن يُطلِّق أحدهم زوجته أو يموت فيتزوَّجها الثاني ثم الثالث ثم الرابع ثم الخامس، أليس كذلك؟ مثل عاتكة، هذا شيئ عادي جداً، لا تُوجَد أي مُشكِلة، فهم ظنوا أن هذا يحل لهم من نساء النبي كما يحل لنساء غيره، فأنزل الله وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا ۚ ۩، فانتهى كل شيئ، والقصة نزلت بسبب طلحة، أي بسبب كلمة طلحة، سوف نرى ماذا قال المُفسِّرون، والله أنا لا أتي بشيئ من داري، سوف نرى يا أخي، هل يُؤلِّف عدنان هذه القصص الغرامية أم ماذا؟ طلحة! يغمز طلحة بن عُبيد الله، ما غمزته! أنا أروي المروي والثابت والمعروف بين الصحابة وبين التابعين يا جماعة، إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ۩، هذا الشيئ الذي يُزعِجك حين ينسبون لك أشياء يُراد من نسبتها أن يُشكِّكوا في حُبك للرسول وحرصك عليه وعلى أهل بيته، شيئ يُجنِّن هذا، هذا أذكرني بما كتبه أحد الإخوة العلماء لي قبل أيام وأبكاني وقال لي هو نفسه يبكي، يبكي علىّ وعلى الشيخ محمد الغزّالي، قال يا شيخنا الشيخ محمد الغزّالي لما كان في آخر سنة في الجزائر ولما ألَّف كتابه السُنة النبوية بين أهل الحديث وأهل الفقه واتُهِم بأنه يكره السُنة وضد السُنة وعدو السُنة قال لا يا أبنائي، غير صحيح قال، كيف؟ قال كل شيئ أنا أغفره وأتنازل عنه – شتمي وسبي وما إلى ذلك أغفره قال – إلا أن يُقال إنني أكره الرسول أو عدو لسُنته، قال وبكى، بكى – رضوان الله على الشيخ الغزّالي – وأبكى كل الحاضرين، وأنا لما قرأت هذا – والله – بكيت، إلا أن يُقال هذا قال، إلا أن يُقال هذا، أنا أمسح الرمل عن رجليه، أنا خاتم أعتابه، أنا عدو للرسول؟ قال، أنا كل حياتي وعلمي وجهادي في سبيل رسول الله وفي سبيل حُبي لرسول الله، يُقال عني إنني عدو للنبي؟ لا، هذه لا أقبلها قال، هذه لا أُسامِح فيها، قال لي أنت ذكَّرتني بالشيخ الغزّالي، هذا الأستاذ عبد الجليل وهو عالم فاضل مُقيم في فرنسا، مُدرِّس في الأكاديمية هناك وهو من أحبابي، قال لي أذكرتني بنفس الشيئ، يُراد تصوير عدنان إبراهيم على أنه عدو للرسول وأهل بيته ولأصحابه المُكرَّمين، لماذا؟ ولصالح مَن هذا؟ هذه أخبث وانظروا وكذا، يطعن في الرسول ويطعن في سادات الأمة وفي خيار الأمة ويطعن في عمر، يا أخي اتقوا الله، والله اتقوا الله، إن لنا جميعاً موقفاً عظيماً بين يدي الله غداً، ولو كنت مثل حمقى مشائخكم لتحدَّثت عن علاقتي الخاصة بالرسول وماذا رأيت وماذا رُئيَ لي لكن أنا لا أفعل هذا أمام الكاميرات يا حبيبي، لا تُزايد علىّ، لا تقدر على أن تُفهِمني مَن أنا وما وضعي، أنا هذا أعرفه والله يعرفه، لا أتكلَّم وأُحصي لك ست وسبعين رؤيا وأربع وسبعين رؤيا، هذا الكلام ليس عندي، ليس عندي هذه الأشياء، هذه الأساليب ليست عندي والحمد لله، عيب! اذهب وانظر في نفسك فقط، كل واحد يذهب وينظر في نفسه ثم يُحاسِب نفسه فقط، مَن كان له مِن قلبه واعظ كان عليه من الله حافظ.
اسمعوا الآن إذن: وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا ۚ ۩، قال ابن جرير: حدَّثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد في قوله وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا ۚ إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمًا ۩ قال: ربما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم أن الرجل يقول: لو أن النبي تُوفيَ تزوَّجت فلانةً – مَن الرجل الذي قال؟ تفلين، مَن فلانة؟ تفلين، طبعاً الذي قال هو طلحة وفلانة هي عائشة، سوف نرى هذا – من بعده، قال: فكان ذلك يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم – هذا يعني أنه تكرَّر أكثر من مرة، ربما حدث هذا أكثر من مرة -; فنزل القرآن وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ ۩ الآية.
جميل! نأتي الآن إلى الإمام السيوطي في الدر المنثور، الآن صحيفة ستمائة وثلاث وأربعين، المُجلَّد السادس: وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضيَ الله عنهما في قوله: وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ ۩ الآية. قال: نزلت في رجل هم أن يتزوَّج بعض نساء النبي بعده. قال سُفيان: ذكروا أنها عائشة رضيَ الله عنها.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: قال رجل: لئن مات محمد صلى الله عليه وسلم لأتزوجن عائشة، فنزلت: وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ ۩ الآية.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال: بلغ النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلاً يقول: لو تُوفيَ رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوَّجت فلانة من بعده. فكان ذلك يُؤذي النبي صلى الله عليه وسلم، فنزل القرآن: وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ ۩ الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال: بلغنا أن طلحة بن عُبيد الله قال: أيحجبنا محمد عن بنات عمنا – لأن عائشة مَن هي؟ بنت عمه، لما نزلت آية الحجاب قال كيف هذا يا أخي؟ ابنة عمي هذه – ويتزوَّج نساءنا من بعدنا؟ لئن حدث به حدث – أي إذا مات الرسول لا قدَّر الله – لنتزوَّجن نساءه من بعده، فنزلت هذه الآية.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حُميد وابن المُنذِر عن قتادة رضيَ الله عنه قال: قال طلحة بن عُبيد الله: لو قُبِضَ النبي صلى الله عليه وسلم تزوجت عائشة رضيَ الله عنها، فنزلت: وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ ۩ الآية.
وأخرج ابن سعد عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم في قوله: وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ ۩. قال: نزلت في طلحة بن عُبيد الله، لأنه قال: إذا تُوفيَ رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوَّجت عائشة رضيَ الله عنهما.
وأخرج البيهقي في السُنن عن ابن عباس رضيَ الله عنهما قال: قال رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: لو قد مات رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوَّجت عائشة أو أم سلمة، فأنزل الله: وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ ۩ الآية.
وأخرج جويبر عن ابن عباس رضيَ الله عنهما أن رجلاً أتى بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، فكلَّمها وهو ابن عمها – مَن؟ طلحة كلَّم عائشة، واضح جداً -، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تقومن – ممنوع قال، أول مرة وآخر مرة، لا تقف معها وتتكلَّم، حتى لو بنت عمك ممنوع – هذا المقام بعد يومك هذا. فقال: يا رسول الله إنها ابنة عمي – طبعاً هذا بكل صدر رحب وبكل نية طيبة، هذا طلحة وهو صحابي جليل، ليس فيه قلبه أي شيئ أبداً، وأكيد تربى معها وهي صغيرة وما إلى ذلك، عادي -، والله ما قلت لها مُنكَراً، ولا قالت لي. قال النبي صلى الله عليه وسلم: قد عرفت ذلك؛ إنه ليس أحد أغير من الله، وإنه ليس أحد أغير مني – قال له أنا أغار، أغار جداً جداً جداً، لا أُريد هذا الكلام -. فمضى ثم قال – مَن هذا؟ طلحة -: يمنعني من كلام ابنة عمي! لأتزوَّجنها من بعده – انظر إلى هذا، العرب عندهم هذه الشخصية وما إلى ذلك -. فأنزل الله هذه الآية، فأعتق ذلك الرجل رقبة – طلحة عرف أنه غلط، أعتق رقبة من أجل ماذا؟ من أجل اليمين طبعاً، كفّارة -، وحمل على عشرة أبعرة في سبيل الله، وحج ماشياً توبة من كلمته.
أي أنه كفَّر – رضيَ الله عنه وأرضاه – لأنه غلط، أرأيتم؟ إذن أنا أقللت جداً أو أسهبت في دروس التفسير في رمضان؟ أقللت جداً، وذكرت لكم الخُلاصة، أقاموا الدنيا علىّ كأن عدنان يغمز الصحابة وجُنَّوا، الشيخ السالم أخذ يدعو، كيف يتكلَّم في عِرض الرسول؟ كيف كذا وكذا؟ أي عِرض يا أخي؟ كيف تقول هذا؟ أين تكلَّمت بهذا؟ ما هذا؟ ماذا تقولون؟ وماذا تفعلون؟ اتقوا الله، بالله عليكم اتقوا الله يا أخي، علم هذا، علم! علم وصحيح وليس فيه ريبة بفضل الله، لا تُوجَد ريبة، هذا سبب نزول الآية، لا يُريدون أن يتعلَّموا، ممنوع! أنتم أحرار.
نأتي الآن إلى قضية أبي هُريرة – رضيَ الله عنه وأرضاه – وأن النبي قال له زُرْ غِبًاً تزدد حُباً، النبي قال له يا أباه هُريرة زُرْ غِبًاً تزدد حُباً، هذا الحديث مروي عن أبي هُريرة وعليّ وأنس وجابر وحبيب بن مسلمة وابن عباس وابن عمرو وأبي ذر وعائشة أم المُؤمِنين رضوان الله عليهم أجمعين، سوف نرى ماذا قال العلّامة السخاوي في المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المُشتهِرة على الألسنة في زُرْ غِبًاً تزدد حُباً، ما معنى زُرْ غِبًاً تزدد حُباً؟ أي يوم نعم ويوم لا، ليس كل يوم، الحديث رقم خمسمائة وسبعة وثلاثين: زُرْ غِبًاً تزدد حُباً، البزّار والحارث بن أبي أسامة في مسنديهما ومن طريق ثانيهما، أبو نُعيم في الحلية من حديث طلحة بن عمرو عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة به مرفوعاً، وكذا أخرجه العسكري في الأمثال والبيهقي في الشعب وقال: إن طلحة غير قوي، وقد روي هذا الحديث بأسانيد هذا أمثلها، وفي بعضها أنه قيل له: أين كنت أمسِ يا أبا هريرة؟ قال: زرت ناساً من أهلي، فقال: يا أبا هريرة زُرْ غِبًاً تزدد حُباً.
النبي قال له هذا، وسوف نرى لماذا، هذا الحديث فيه كلام في ضعفه، لكن في النهاية هو حديثٌ حسن، عنده طرق كثيرة، حتى لا أُطيل عليكم يُمكِن أن تعودوا إليه، الحافظ ابن حجر ألَّف جُزءاً في هذا الحديث سماه الإنارة بطرق حديث الزيارة، ذكره تَلميذه السخاوي، هل هذا واضح؟ ماذا قال؟
وأفرد أبو نُعيم طرقه ثم شيخنا – ما المُراد شيخنا؟ ابن حجر، أي الحافظ ابن حجر – في الإنارة بطرق غب الزيارة وبمجموعها يتقوّى الحديث – قال الحديث قوي بمجموع الطرق -. وإن قال البزّار: إنه ليس فيه حديث صحيح، فهو لا يُنافي ما قلناه….. بالعكس له مجموع كثير، إذن الحديث في النهاية قوي، ليس ضعيفاً، ورأينا مَن الذي قيل له ذلك، أبو هُريرة، ولماذا النبي قال له هذا؟ واضح طبعاً، قال له لا تزر يومياً، على كل حال العلّامة محمد بن جعفر الكتاني في نظم المُتناثِر عدَّه من الأحاديث المُتواتِرة، هل هذا واضح؟ الكتاني عدَّ حديث زُرْ غِبًاً تزدد حُباً من الأحاديث المُتواتِرة، جميل جداً!
الآن سوف نرى القضية، اسمعوا بالله عليكم لكي تفهموا تماماً، كما قلت لكم لا يُمكِن أن تُكوِّن صورة علمية أو تُقارِب حقيقة لأي شيئ إلا بالتفصيل والدقائق كلها، هذه اللبنات! أنت لا تبني بيتاً من طوبة، أليس كذلك؟ إذا أردت أن تبني بيناً لن تستطيع أن تفعل هذا بطوبة واحدة، لا يُمكِن أن تعرف شخصية وتُكوِّن عنها صورة علمية من رواية أو من قصة أو من حديث، لابد أن ترى كل شيئ، روى أحمد والشيخان عن أبي هُريرة – رضيَ الله تعالى عنه – قال: إني كنت امرأً مسكيناً – فقيراً – أصحب رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – على ملء بطني. خطيرة هذه الكلمة، خطيرة جداً، وفي رواية أُخرى: لشبع بطني، بلام التعليل، لشبع بطني! قال الحافظ: لشبع بلام التعليل وهو الأكثر وهو الثابت في غير البخاري. عجيب! كأنه يقول لك السبب في أنني ألزم النبي وأصحبه هو أن آكل، عجيب، ليس من أجل أي شيئ آخر، من أجل أن آكل قال لك، غريب! واضحة الحكاية، وكأننا لأول مرة نسمع هذا الحديث مع أننا سمعناه ألف مرة، هذا الدافع عندي، أُريد أن آكل، عجيب! من حقه وقد كان فقيراً، البخاري عن أبي هُريرة كنت أستقرىء الرجل الآية هي معي – يقول له الآية الفلانية ماذا تقول؟ لماذا؟ أنا أعرفها قال – كي ينقلب بي فيُطعِمني – ما معنى ينقلب بي؟ يأخذني إلى بيته، عنده هذه الصفة، يُحاوِل أن يفرض نفسه على الناس بالطرق هذه، الآية تقول كذا وكذا فتعال معي لكي أقولهت لك، في البخاري هذا! لكي تفهم ولكي تُكوِّن صورة عن الرجل – وكان أخير الناس للمسكين – أحسن رجلاً مع المساكين – جعفر بن أبي طالب، كان ينقلب بنا فيُطعِمنا ما كان في بيته. رضوان الله على جعفر الذي استُشهِد في مؤتة، الآن يُوجَد شيئ خطير جداً جداً جداً في حديث صحَّ عن أبي هُريرة، سوف تقشعر أبدانكم وأبدان مَن يسمعني، لكن هذه الصورة العلمية ونُريد أن نُواجِه الحقائق كما هي، بعد ذلك كل واحد يستبنط ما يُريد – هو حُر – بحسب عقليته ومنهجيته.
وروى الترمذي عنه: وكنت إذا سألت جعفراً عن آية لم يُجِبني حتى يذهب إلى منزله. يعرف لماذا يسأله، مسألة مكشوفة، يقول له تعال ويأخذ إلى بيته، إنسان طيب جعفر، ولذا صار جعفر أفضل الصحابة عند أبي هُريرة، لو سألت أبا هُريرة مَن أفضل الصحابة على الإطلاق؟ سوف يقول جعفر، ليس أبا بكر وليس عمر وليس عليّاً وليس عثمان، أفضل الصحابة – يقول لك – عندي هو جعفر، أفضل رجلاً في الصحابة بالمُطلَق – ليس أفضلهم للمسكين وإنما أفضلهم على الإطلاق – جعفر، اسمعوا الآن:
أخرج الترمذي والنسائي بإسناد صحيح عن أبي هُريرة: ما احتذى النعال ولا ركب المطايا ولا وطأ التراب – وعند الترمذي ولا ركب الكور، أي الرحل – بعد رسول الله عليه السلام أفضل من جعفر بن أبي طالب.
أفضل الخلق جعفر، عجيب! ولا أبو بكر ولا عمر ولا عثمان؟ جعفر، هل فهمتم لماذا جعفر الأحسن؟ واضح عندنا لماذا، وهذا الحديث صحَّحه الألباني في صحيح سُنن الترمذي موقوفاً على أبي هُريرة لأن هذا من كلامه، لم يقل النبي قال أفضل أصحابي جعفر، قال أنا بحسب تقديري الشخصي ومعرفتي بالدين وما إلى ذلك أقول أفضل الصحابة على الإطلاق جعفر بن أبي طالب.
إذن لو تكلَّمنا عن التفضيل وذكرنا مذاهب العلماء في مذهب أبي هُريرة مَن أفضل الصحابة على الإطلاق؟ جعفر، هذا في الحديث الصحيح الذي صحَّ عن أبي هُريرة، هل هذا واضح؟ رواه الحاكم وصحَّحه، قال: هو صحيح على شرط البخاري، ووافقه الذهبي، قال الألباني: وإنما لم يُصحِّحاه على شرط مُسلِم أيضاً مع أن رجاله كلهم من رجال الشيخين – حديث صحيح، لا كلام! مائة في المائة – لأن عكرمة – وهو مولى ابن عباس – إنما أخرج عنه مقروناً، لم يُخرِّج له مُسلِم إلا مقروناً وهذا معروف، البخاري اعتمد عكرمة، مُسلِم لا يعتمد عكرمة، يطعن فيه! وإذا خرَّج له يكون ذلك مقروناً بغيره، فلا يُعتبَر من رجال الشيخين، لذلك الحاكم دقيق والذهبي دقيق، قالا الحديث صحيح على شرط البخاري، لماذا ورجاله رجال الشيخين بما فيهم عكرمة؟ لكن عكرمة خُرِّج له مقروناً عند مُسلِم فقط، لأنه لا يُعتبَر من رجال مُسلِم، هذا الصحيح، دقة!
اسمع الآن الآتي: في صحيح البخاري في كتاب الأطعمة قول الله تعالى كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ۩، في صحيح البخاري البخاري قال: قال أبو هُريرة: أصابني جهد شديد – جُعت وتعبت – فلقيت عمر بن الخطاب فاستقرأته آية من كتاب الله فدخل داره وفتحها علىّ – ما معنى هذا؟ دخل وقفل وقال الآية تقول كذا وكذا، هيا اذهب وامض، يعرف سيدنا عمر القصة لأنها تتكرَّر دائماً، يقول عدنان يقول عن أبي هُريرة طالع نازل، يا أخي ابحث عن غيري، هذا هو طبعاً، لا أتكلَّم عن جهل يا شيخ عثمان، والله لا أتكلَّم عن جهل، افهم ماذا أقول وما أدلتي، أدلتي واضحة لائحة بفضل الله، لا أُؤلِّف شيئاً بفضل الله عز وجل – فمشيت غير بعيد فخررت لوجهي – رضوان الله عليه، من الجوع المسكين، فعلاً فقير – من الجهد والجوع فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائم على رأسي فقال: يا أبا هُريرة، فقلت: لبيك رسول الله وسعديك، فأخذ بيدي فأقامني وعرف الذي بي – طبعاً واضح أن الرجل مجهود – فانطلق بي إلى رحله فأمر لي بعُس – إناء كبير – من لبن فشربت منه ثم قال: عُد يا أبا هِرٍ – قال له أشرب مرة ثانية – فعُدت فشربت ثم قال: عُد فعُدت فشربت حتى استوى بطني فصار كالقدح – امتلأ بطنه والحمد لله، رحمة الرسول سُبحان الله -، قال فلقيت عمر وذكرت له الذي كان من أمري – فعلت معي كذا وكذا وأنا وقعت وحدثت لي قصة وما إلى ذلك – وقلت له: فولى الله ذلك من كان أحق به منك يا عمر – لم تُحِب أن تُطعِمني لكن الحمد لله النبي أطعمني، أحسن منك هو وأحق -، والله لقد استقرأتك الآية ولأنا أقرأ لها منك، قال عمر: والله لأن أكون أدخلتك أحب إلي من أن يكون لي مثل حُمر النعم.
وفي صحيح البخاري – هذا كتاب الرقاق، كيف كان عيش النبي وأصحابه؟ كتاب الرقاق في البخاري – قال أبو هُريرة: والله الذي لا إله إلا هو إن كنت لأعتمد بكبدي على الأرض – من شدة الجوع يلصق المسكين بطنه في الأرض، بدل أن يضع يصخرة يلصق بطنه في الأرض من شدة الجوع – من الجوع وإن كنت لأشد الحجر على بطني من الجوع، ولقد قعدت يوماً على طريقهم الذي يخرجون منه – من المسجد، يتعرَّض للصحابة لكي يأخذوه إلى البيت، أرأيت؟ هذه طريقته – فمر أبو بكر فسألته عن آية من كتاب الله – يعرفون هذه القضية، يعرفون قصته ويعرفون أسلوبه – ما سألته إلا ليُشبِعني فمر ولم يفعل – مثله! وبالمُناسَبة أقول بكل وضوح هذا يعني أن أبا هُريرة في زمن رسول الله وبين كبار الصحابة لم يكن شخصية لها وزن كبير أبداً، يعتبرونه من صغار الصحابة، عادي! بالعكس سوف ترون الدليل في صحيح البخاري الآن، أبو بكر تركه، وهو يعرف ماذا يُريد فتركه -، ثم مر بي عمر فسألته عن آية من كتاب الله ما سألته إلا ليُشبِعني فمر فلم يفعل…..
حديث طويل وجميل، بعد ذلك يذكر كيف النبي دعا به وأتى بعُس، وهذه المرة ماذا قال له؟ اذهب وناد لي جماعة الصُفة الجوعى، فأبو هُريرة قال ما هذا؟ هذه سوف تُشبِع مَن؟ والمسكين يُريد أيضاً لأنه جائع، فأتى بهم والنبي أراد أن يُعطيهم العس، أبو هُريرة أعطاهم العُس لكي يشربوا، ثم يُعيدونه فيأمره النبي بإعطائهم إياه لكي يشربوا مرة أُخرى وهكذا، بعد ذلك قال له: لم يبق إلا أنا وأنت، قال له: اشرب يا أبا هِر، قال: فأخذت وشربت، ثم قال له النبي اشرب أكثر من مرة، قال ارتويت، والله لا يا رسول الله لا أجد له مساغاً، لا يُوجَد مكان في بطني، امتلأ بطني، انظر إلى رحمة النبي! قال فأخذه النبي وشرب فضلته، والآية فيها ماذا؟ كرامة لرسول الله واضحة، كيف يُشبِع عُس لبن عشرين أو ربما ثلاثين؟ شبعوا، مُعجِزة على كل حال، لكن اسمعوا الآن الحديث العجيب: في صحيح البخاري في كتاب الاعتصام – في آخر شيئ هذا – قال أبو هُريرة: لقد رأيتني وإني لأخر ما بين المنبر والحُجرة من الجوع مغشياً علىّ فيجيء الجائي فيضع رجله على عُنقي يرى أن بي الجنون – أن هذا رجل مجنون – وما بي إلا الجوع.
وهذا الحديث أعطه لأي عالم نفس أو لأي إنسان مُحنَّك وسوف يقول لك مُباشَرةً الحديث دلالته واضحة، الموضوع لا يتعلَّق بأنه يجوع وما إلى ذلك، ليست هذه المسألة، الرجل هذا لم يكن له كبير قدر بين الصحابة، حين يُغشى عليه لا يقومون وينفجعون من أجله كأن يقولوا له ما الذي حدث يا أبا هُريرة وما إلى ذلك، لا يفعلون هذا أبداً، يأتي الرجل ويضع رجله على رقبتي، قم، ما لك؟ يظنون أنه مجنون، لا يُوجَد احترام، هل هذا واضح؟ هذا مُهِم لكي تفهموا، فلما قلنا النبي قال له زُرْ غِبًاً تزدد حُباً لم نطعنه وما إلى ذلك، نحن نعرف طبيعة شخصية هذا الصحابي رضوان الله عليه.
بعد ذلك طعنوا في وقالوا كيف أنا أقول أبا هُريرة كان يعمل لبني أُمية – أي أنه كان عاملاً عندهم في الأعمال السياسية، مثل رئيس دولة أو رئيس كذا أو أمير كذا، طبعاً كان يعمل عندهم وهذا ثابت – ويُعطونه أموالاً وهكذا روى أحاديث كثيرة؟ نعم قلت هذا، وسوف آتي إلى جُملة جُملة.
أولاً ماذا أنكرتم؟ هل أنكرتم أنه عمل لبني أُمية أميراً على المدينة كأن يُستناب عليها – مثلاً – أيام مُعاوية؟ في البداية والنهاية للحافظ ابن كثير قال: عبد الرزّاق كان مُعاوية يبعث أبا هُريرة على المدينة فإذا غضب عليه عزله وولى مروان بن الحكم، ثم قال الحافظ ابن كثير: والمعروف أن مروان هو الذي كان يستنيب أبا هُريرة في إمرة المدينة ولكن يكون عن إذن مُعاوية في ذلك.
على كل حال كون أبي هُريرة عمل أميراً على المدينة هذا معروف ومُتواتِر، لا يشك فيه أحد وله قصص، رضوان الله عليه كان – مثلاً – من تواضعه يحمل حزمة من الحطب على ظهره فإذا مر يقول للصبيان والناس أوسعوا لأميركم، هذا معروف، عنده قصص وأشياء كثيرة وما إلى ذلك، فلماذا الإنكار؟ كأن كل شيئ يقوله عدنان فيه قنبلة، كأنهم مرعوبون مني، أي شيئ أقوله فيه قنبلة، فيه لغم! بلدوزر Bulldozer، ما هذا؟ لماذا؟ أحكي الحقائق، فلابد أن يكون كل شيئ أقوله خاطئاً لأنني مُخيف، لا أُخيف أحداً، هو اشتغل أميراً، هذا كان أولاً وهو صحيح.
ثانياً قال أعطوه أموالاً، ألم يُعطوه أموالاً؟ أموال كثيرة، كثيرة جداً! سوف نرى كيف أعطوه الأموال، روى الإمام أحمد كما أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق وابن كثير في البداية والنهاية والذهبي في ترجمة أبي هُريرة من سير أعلام النُبلاء الآتي، وانظروا إلى الإسناد والإئمة، كلهم ثقات، لا يُوجَد مطعن في أحد منهم، حديث صحيح بلا مغمز، قال أحمد: حدَّثنا عبد الأعلى بن عبد الجبّار – شيخ أحمد وهو ثقة -، حدَّثنا حمّاد بن سلمة – إمام – عن يحيى بن سعيد – الإمام الأنصاري – عن ابن المُسيَّب – أحد السبعة، لا كلام هنا، مثل النهار السند – قال: كان أبو هريرة إذا أعطاه معاوية سكت، فإذا أمسك عنه تكلَّم.
تفضَّل، ليس عدنان إبراهيم الذي يقول هذا، أنا لم أقل هذا الكلام لكنني سأقوله الآن، ما دمنا نذكر الحقيقة والأدلة فليتفضَّلوا هذا، اذهبوا واطعنوا في الأسانيد، أجيبوا! أجيبوا عن هذا، ما معنى إذا أعطاه مُعاوية سكت؟ إذا أعطاه مالاً يسكت، السؤال: عن ماذا سكت؟ المفعول محذوف، سكت! عن ماذا سكت؟ أحاديث عن رسول الله ثابتة لديها لا يتكلَّم بها، أنا أقول لكم سيُسأل عنها يوم القيامة، هذه الأحاديث ما هي؟ اسمعوا ما هي، أخرج البخاري في صحيحه في كتاب العلم قال أبو هُريرة رحمه الله: حفظت من رسول الله وعائين – أي من العلم، قال حفظت وعائين -، فأما أحدهما فبثثته، وأما الآخر لو بثثته لقُطِعَ هذا البلعوم، لقطعتم هذا البلعوم، في رواية أُخرى عند الإسماعيلي لقُطِعَ هذا. أي الرأس. جميل جداً، يُوجَد سؤال لكن لا أُريد أن أتكلَّم الآن، سأجعل ابن حجر العسقلاني يشرح لنا، هذا في شرح البخاري والحديث في الصحيح، اسمعوا الآن: قال الحافظ في الفتح: وفي رواية الإسماعيلي لقُطِعَ هذا يعني رأسه. وحمل العلماء الوعاء الذي لم يبثه على الأحاديث التي فيها تبيين أسامي أمراء السوء وأحوالهم وزمنهم – سؤالي الآن: أبو هُريرة كان في أي زمن؟ زمن مَن؟ زمن مُعاوية، ومتى مات؟ في زمن مُعاوية، مات سنة تسع وخمسين، مُعاوية متى هلك؟ سنة ستين، جميل! افهموا هذا، ابن حجر لم يُحِب أن يحكي كل شيئ طبعاً وهذا واضح، لكن أنا أُريد أن أحكي أو استنبطوا أنتم بأنفسكم وافهموا -، وقد كان أبو هريرة يكني عن بعضهم ولا يصرح به خوفاً على نفسه منهم، كقوله: أعوذ بالله من رأس الستين وإمارة الصبيان، يُشير إلى خلافة يزيد بن مُعاوية لأنها كانت سنة ستين من الهجرة. واستجاب الله دعاء أبي هريرة فمات قبلها بسنة.
عندنا حديث أيضاً في الصحيح يقول فيه أبو هُريرة رضوان الله عليه: قال عليه الصلاة وأفضل السلام: هلاك أُمتي أو هُلكة أمتي على يدي أُغليمةٍ أو غلمةٍ من قريش، فسمعه مروان بن الحكم فقال: لعنة الله عليهم غلمة، أنت وأولادك منهم! قال: لعنة الله عليهم غلمة، فقال أبو هُريرة: والله لو شئت أن أُسميهم لسميتهم أو لفعلت. لكنني لا أقدر! الآن السؤال: هل أبو هُريرة معذور أن يكون كتم هذه العلوم والأشياء المُنذِرة بهؤلاء وبشرهم المُستطير عند الله؟ أنا أقول لكم أمره إلى الله تبارك وتعالى، لكن هو يُصرِّح بأنه ماذا؟ ما كان يستطيع، مُشكِلته!
سعيد بن المُسيَّب، مَن هو ابن المُسيَّب؟ هو صهره وزوج ابنته، سعيد أخذ ابنة أبي هُريرة، أي تزوَّجها، هل هذا واضح؟ نترك المسألة هذه، وبالمُناسَبة لذلك له أحاديث كثيرة، أنا سأُعطيكم مسألة وقوموا بفحصها، وأحكي هذا خاصة لطلّاب العلم، حاول أن تبحث عن أكثر الرواة حديثاً وتحديثاً، سوف ترى دائماً أن علاقتهم بالسُلطة مُمتازة، أبو هُريرة، أمنا عائشة، ابن عباس، ابن عمرو بن العاص، طبعاً لا نطعن فيهم، حاشاهم، لكن ما أقصد أن أقوله لك أن الذي عنده فرصة لأن يُحدِّث وما إلى ذلك مِن غير إرهاب مَن عنده علاقة بالسُلطة جيدة، وهؤلاء كلهم كانت علاقتهم جيدة بسُلطة مُعاوية، كانوا يزورونه ويزورهم ولا تُوجَد أي مُشكِلة، بعد ذلك نفس الشيئ في التابعين، الذي كان عنده علاقة مثل ابن شهاب الزُهري بالسُلطة جيدة تجد أحاديث كثيرة جداً جداً له، وكذلك الحال مع الشعبي، على عكس مَن ليس عنده علاقة جيدة بالسُلطة، هذا طبيعي! هذه طبيعة السُلطة، أليس كذلك؟ أبو هُريرة عمل لبني أُمية وسكت عن أحاديث، حين يُعطونه أموالاً يسكت وإذا لم يُعطوه يتكلَّم فيرجعون مرة أُخرى ويعطونه فيسكت، لابد أن يكون أخذ فرصته وتحدَّث كثيراً وبلَّغ الأحاديث التي عنده عن رسول الله والتي ليس فيها شيئ، طبيعي!
أما ما صار إليه بسبب العلاقة بالسُلطة من عزٍ ومالٍ يا إخواني سوف نراه، أبو هُريرة كان يضع على ظهره نمرة، رداءً هكذا أيها الإخوة، في ذات مرة من المرات – وهذا في الصحيح – بسطها بين يدي النبي، يقول: كأني أنظر إلى القمل يدب عليها. كان فقيراً جداً جداً الرجل، كان فقيراً! لم يكن عند المسكين أي شيئ، وهذه النمرة أحياناً كان يضعها عليه ويربطها عند مُنتصَف ساقيه حتى لا تظهر عورته، كان فقيراً جداً رضوان الله عليه، جيد! الآن في صحيح البخاري عن محمد بن سيرين قال: كنا عند أبي هُريرة وعليه ثوبان مُمشَّقان من كتان – من أفخر اللباس بل لبس الخز أبو هريرة، الخز! – فقال: بخ بخ يتمخَّط – عن نفسه – في الكتان – لأن في رواية أُخرى تمخَّط فيه، أي في الكتان، من أرفه الثياب -، لقد رأيتني وإني لأخر فيما بين منبر رسول الله وحُجرة عائشة من الجوع مغشياً علىّ فيجيء الجائي فيضع رجله على عُنقي ويرى أني مجنون وما بي جنون، ما بي إلا الجوع.
انظر أين كان وأين صار الآن، فلما قلت يا شيخ عثمان أعطوه أموالاً هل تظن أنه كان يعمل لمُعاوية احتساباً لوجه الله؟ لا، كان يُعطى أموالاً ويأخذها، أبو هُريرة بُنيَ له قصر بالعقيق، قصر! هذا مُهِم لكي تعرفوا التاريخ والحقائق.
وفي طبقات ابن سعد ونُبلاء الذهبي: إن أبا هُريرة كان يلبس الخز وبنى له بنو أُمية – أيام مُعاوية، لأنه مات قبل مُعاوية – قصراً بالعقيق – اقرأوا التاريخ، قصر! صار له قصر – وأقطعوه أرضاً بالعقيق وأُخرى بذي الحُليفة. لكم أن تتخيَّلوا هذا، وهناك ما هو أكثر منه، مروان بن الحكم زوَّجه بُسرة بنت غزوان، مَن بُسرة بنت غزوان؟ أخت عُتبة بن غزوان الصحابي الجليل الذي فيما يُقال كان سابع سبعة أسلموا، هاجر وجاهد وما إلى ذلك، وهو الذي اختط البصرة ومصَّرها – كان من الفاتحين – وبنى مسجدها ولم يبن داراً بها، انظر إلى الزُهد، هذا كان في زمن سيدنا عمر، لم يبن داراً بها وتُوفيَ، قيل هذا في سنة ثماني عشرة وقيل قبل خمس عشرة والله – تبارك وتعالى – أعلم، هذه أخته وهو أمير، هذا الأمير السيد الجليل الفاتح والفارس الشهم صحابي، أُخته بُسرة بنت غزوان، كان أبو هُريرة يعمل أجيراً عندها وعند أهلها، مروان بن الحكم زوَّجه منها، هذا حظه، الدهر قُلب والحمد لله، وقد بسم له الدهر، هذا من حظه لكن يُوجَد شيئ غير طيب، المُهِم ذكر الحافظ في الإصابة أن بُسرة بنت غزوان كانت استأجرت أبا هُريرة في زمن النبي، أخرج ابن سعد في الطبقات عن أبي هُريرة: كنت أجيراً عند ابن عفان وابنة غزوان بطعام بطني أسوق بهم إذا ركبوا وأخدمهم إذا نزلوا، فقالت لي يوماً – هذا شيئ تقشعر له الأبدان -: لتردنه حافياً ولتركبنه قائماً – لعلها تتحدَّث عن الجمل، عملية صعبة أن تركب عليه وهو قائم من غير أن تُنخيه -، فزوَّجنيها الله بعد، فقلت: لتردنه حافيةً ولتركبنه قائمةً. وهذا شيئ عجيب جداً جداً، ينتقم منها! هل يفعل هذا رجل بزوجته؟ يا أخي هي فعلت هذا بك وأنت كنت أجيراً، أليس كذلك؟ (ملحوظة) قال الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم بقيت دقائق لكي يُنهي حديثه، ثم استتلى قائلاً: كنت أجيراً والآن وهي السيدة وأخت السيد وابنة السادة أصبحت زوجةً لك، زوَّجك إياها مروان بن الحكم بفضل السُلطان والعز وما إلى ذلك، أتفعل بها هذا وتنتقم منها؟ أتفعل بها مثلما فعلت بك؟
أطلب الآن دعوة هكذا بسيطة وعلمية، أطلب من إخواننا وأخواتنا وعلماء النفس والمُحلِّلين – والله العظيم – أن يُجروا دراسات على الشخصيات الإسلامية، الغرب يفعل هذا، يا ليت يأتينا يوم – هذا عادي – يكون عندنا فيه تحرر فكري ونبدأ ندرس سيدنا عمر دراسة نفسية وكذلك الحال مع أبي بكر وعليّ وعثمان وأبي هُريرة وعائشة وأم سلمة، دراسات نفسية! نُجمِّع الروايات ونُحاوِل أن ننظر، وهذا لا يعني أن هذه الدارسات ليست ذبحية وما إلى ذلك، هذا علم، من خلال العلم نفهم طبيعة الشخصية هذه، أليس كذلك؟ هذا ضروري جداً جداً جداً للفهم ولتفسير وتعليل مواقف الأشخاص أيضاً، ليس في الفتن فقط وإنما في كل شيئ، دراسة نفسية علمية! المُؤرِّخ الذكي الشاطر الحصيف يكون عنده نوع من الإلمام بهذه العلوم، لكي يُكوِّن صورة مُتوازِنة عن الشخصية، النقول التي ذكرتها اليوم كفيلة أن تجعل لنا رأياً فيه نوع من الجدة في شخصية هذا الصحابي.
أخيراً أختم: أبو نُعيم في الحلية أيها الإخوة يقول: قام أبو هُريرة على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة فخطب خُطبة، ومما قاله فيها: الحمد لله الذي أطعمني الخمير – خُبز الناس الفقراء يأكلونه فطيراً غير خمير، لكن العائلات الكبيرة تأكل الخبز حين يخمر وما إلى ذلك – وألبسني الحرير – الحرير! أليس حراماً؟ قلت لكم لبس الخز، لا أعرف كيف! كيف لبس الخز؟ ما القصة؟ لا نعرف – وزوَّجني بنت غزوان بعدما كنت أجيراً لها بطعام بطني فأرحلتني – كما قلت لكم المرأة قالت له اركب الجمل بالطريقة هذه وهو واقف، حاول أن تتشبط لكي تركبه – فأرحلتها كما أرحلتني.
ما شاء الله! الحمد لله رب العالمين، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
أضف تعليق