بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومَن والاه، اللهم علِّمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علَّمتنا وزِدنا علماً.
وبمُناسَبة ذكر الحكم بن أبي العاص طريد رسول الله ولعينه سأذكر شيئاً سريعاً أُذكِّركم به على أنني ذكرته في حلقات الميزان عن ابنه مروان بن الحكم، هذا الطاغية الكبير أيضاً، مروان بن الحكم قال عنه الحافظ – رحمة الله عليه – في الإصابة الآتي، الحافظ ابن حجر العسقلاني في الإصابة قال كان من أسباب قتل عثمان، هذه حقيقة مُقرَّرة، تعرفون لماذا؟ لأنه كان بمثابة الوزير الأول، أي رئيس الوزراء، لماذا؟ لأنه كان مُستشار سيدنا عثمان – رضوان الله على عثمان – وصاحب ختمه، أي خاتمه، ماذا فعل؟ زوَّر كتاباً على لسان عثمان وجَّهه إلى والي عثمان على مصر عبد الله بن سعد بن أبي السرح، يقول له حين يأتيك هؤلاء الثوّار افعل بهم وافعل – صلِّبهم وقتِّلهم وقطِّعهم – بالكذب وختمه، ثم أرسله مع أحدهم – يُقال هو أبو الأعور السُلمي – فقبض عليه الثوّار وهم في طريقهم إلى مصر، قرأوا الكتاب فجُنَّ جنونهم، عادوا إلى عثمان فكان في ذلك استشهاده، بهذا السبب! إذن مَن الذي تسبَّب في قتل سيدنا عثمان؟ الخبيث ابن الخبيث، ابن الحكم اللعين، صدقت أم المُؤمِنين: فمروان فضض من لعنة الله، ملعون – مثلك مثل أبيك – والعياذ بالله منك.
يرم أنفهم من أجل مروان أو الحكم، لماذا لا يرم أنفكم من أجل سيدنا عثمان الذي قُتِل ظُلماً بسبب الخبيث مروان؟ الوزغ ابن الوزغ، اللعين ابن اللعين.
وفي نُبلاء الذهبي في ترجمة مروان: وكان كاتب ابن عمه – مَن ابنه عمه؟ سيدنا عثمان – عثمان وإليه الخاتم فخانه – فخانه يقول الذهبي، وأنا الآن فسَّرت لكم كيف كانت هذه الخيانة، بهذا الكتاب الذي تسبَّب به في قتل سيدنا عثمان رضوان الله تعالى عليه – وأجلبوا بسببه على عثمان، ثم نجا هو – عثمان يُقتَل وينجو هو – وسار مع طلحة والزبير للطلب بدم عثمان، فقتل طلحة يوم الجمل – هذا مروان، أيضاً لا تغضبون لطلحة، مَن الذي قتل طلحة؟ مروان بن الحكم، رماه بسهم فقتله وقال لا أطلب بعد اليوم بثأري أحداً، أنا أخذت بثأري قال، ثأرك مَن يا زنديق؟ ثأرك مَن يا خبيث يا لعين؟ أنت الذي تسبَّبت في قتل سيدنا عثمان وعملت على ذلك، تسبَّبت في قتل سيدنا عثمان والآن تأتي تخرج على الإمام عليّ عليه السلام وتتسبَّب أنت في فتنة جديدة يا خبيث وتقتل طلحة بن عُبيد الله أحد العشرة المُبشَّرين بالجنة بسهم، يقول الذهبي فقتل طلحة يوم الجمل – ونجا لا نُجي – لا أنجاه الله قال الذهبي، لا أنجى الله البعيد في الآخرة بحسب المعنى لأنه نجا في الدنيا، فما معنى قوله لا نُجي؟ لا أنجاه الله في الآخرة، يدعو عليه الذهبي، جزى الله الذهبي خيراً -، ثم ولي المدينة غير مرة لمعاوية.
وعن أبي هريرة موقوفاً إذا بلغ بنو العاص – كتب “بنو العاص” لكن المفروض “بنو أبي العاص” – ثلاثين رجلاً اتخذوا مال الله دولاً ودين الله دغلاً وعباد الله خولاً. أخرجه أحمد وأبو يعلى كلاهما عن أبي سعيد والطبراني عن أبي ذر.
وفي مجمع الزوائد للهيثمي عن أبي سعيد مرفوعاً إذا بلغ بنو أبي فلان – التفلين، أرأيتم التفلين؟ التفلين، يقول بنو أبي فلان، بنو أبي العاص طبعاً – وقال رواه أحمد والبزّار إلا أنه قال إذا بلغ بنو أبي العاص. اخرجه الطبراني في الأوسط وأبو يعلى وفيه ضعف وبقية رجاله رجال الصحيح.
جميل! انتهينا من قضية الحكم بن أبي العاص ولعنه، أخي الشيخ عثمان – بارك الله فيه وأصلح الله أحوالنا جميعاً – أنكر علىّ أنني قلت عن جيش طلحة الآتي، حين تحدَّثت عن الجمل والزُبير في معركة الجمل قلت جاءوا البصرة واصطلحوا مع عامل البصرة لعليّ وبعد كم يوم نكثوا العهد وقتلوا حرسه وسيَّلوا الدم، غدروا وسيَّلوا! نعم قلت هذا، نعم قلت هذا، يا شيخ عثمان يا أخي أنا قلت هذا وأعلم ماذا يخرج من رأسي، ما الذي أنكرته علىّ؟ هل أنكرت أن هؤلاء – أي جيش عائشة الذي فيه طبعاً مَن؟ طلحة والزُبير وعبد الله بن الزُبير ومَن معهم، وطبعاً عائشة هي القائد الأعظم – أتوا البصرة وفعلوا ما ذكرت وغدروا؟ لكي نكون واضحين غدروا، عملوا مُوادَعة – حتى أكون واضحاً – ثم غدروا، حتى أكون واضحاً معك أقول هذا، أنا هنا قلت غدروا وأقولها مرة أُخرى، غدروا وسيَّلوا الدم، وسوف نرى دم كم، طبعاً الناس سوف تقول أعوذ بالله منك يا عدنان، خرب الله بيتك، أنت جريء فعلاً جداً جداً، تتكلَّم عن صحابة وتقول غدروا وسيَّلوا الدم يا مُجرِم يا جاهل؟ سوف نرى الحقيقة.
لا أُريد أن أُطيل في ترجمة عثمان بن حُنيف من نُبلاء الذهبي، سوف نرى الحقيقة أين، اسمعوا الآن، نُبلاء الذهبي، أي سير أعلام النُبلاء، المُجلَّد الثاني، صحيفة ثلاثمائة وثنتان وعشرون: قال ابن سعدٍ عثمان وفارق ابن كريز البصرة – مَن ابن كريز؟ عامل سيدنا عثمان على البصرة، وهو عبد الله بن عامر، اسمه عبد الله بن عامر بن كريز، وهذا كان أحد أسباب نقمة الناس أيضاً على سيدنا عثمان، لم يكن كما ينبغي، وقريب سيدنا عثمان هو – فبعث عليٌّ عليها عثمان بن حُنيف والياً – أخوه سهل بن حُنيف أين حطه الإمام عليّ؟ والياً على المدينة المُنوَّرة، وعثمان بن حُنيف صحابي، صحابي جليل وهو رواي حديث الأعمى; فلم يزل – أي والياً على البصرة – حتى قدم عليه طلحة والزُبير – في ماذا؟ في جيش أمنا عائشة، هذا الجيش المشهور، مع الجمل عسكر -، فقاتلهما ومعه حُكيم بن جبلة العبدي – هذا الرجل لم يثبت له بنسبة مائة في المائة رؤية أو صُحبة، لكن أقل ما يُقال فيه كما قال ابن عبد البر رجل له دين وتقوى، فارس من أكبر فرسان العرب، وعلاقته بالخُلفاء كانت طيبة، مثل سيدنا عمر وسيدنا عثمان، هذا معروف، بعثه عثمان إلى السند -. ثم توادعوا – ما معنى توادعوا؟ عقدوا هُدنة ومُوادَعة، الآن هُدنة -، حتى يَقدم – لا تقل يُقدِم، يُقدِم من أقدم، أقدم يُقدِم، لكن قَدِمَ يَقدم، لا تقل لي حتى يُقدِم، كيف يُقدِم؟ يَأتي يَقدَم – عليٌّ.
اسمع الآن: ثم كانت ليلةٌ – كانت تامة هنا، أي وُجِدَت – ذات ريح وظلمة، فأقبل أصحاب طلحة، فقتلوا حرس عثمان بن حُنيف – أرأيتم كيف كان الغدر؟ – ودخلوا عليه – على مَن؟ على الصحابي الجليل عثمان بن حُنيف -، فنتفوا لحيته وجفون عينيه – وفي الحقيقة أمنا عائشة أفتت بقتله، قالت اقتلوه، فقامت لها امرأة وقالت لها الله الله في صاحب رسول الله، أي أن هذا صحابي وما إلى ذلك، فقالت اتركوه، كان الذي أتى هو أبان بن عثمان، قال لو أعلم أنها ردتني ما ذهبت، قال أبان لو علم أنها ردته ليُترَك عثمان بن حُنيف ما ذهب، أي حتى يُقتَل، الصدور كانت مليئة بالغضب طبعاً وما إلى ذلك -، وقالوا: لولا العهد لقتلناك – ماذا أبقيتم من العهد أصلاً أنتم؟ أتيتم وكبستم الدار وما إلى ذلك، أي عهد يا أخي هذا؟ -. فقال: إن أخي – وهو سهل، الصحابي الجليل سهل بن حُنيف – والٍ لعليٍّ على المدينة، ولو قتلتموني لقتل من بالمدينة من أقارب طلحة والزُبير. ثم سُجِن – مَن هو؟ عثمان بن حُنيف، سجنوه بعدما نتفوا لحيته وجفون عينيه -. وأخذوا بيت المال.
طبعاً الأمر انتهى، إذن يُوجَد غدر أو لا يُوجَد غدر؟ يُوجَد غدر بشكل واضح تماماً، نأتي الآن إلى ابن عبد البر – رحمة الله تعالى عليه – في الاستيعاب، طبعاً هذا الإصابة للحافظ ابن حجر في تمييز الصحابة وعلى هامشه مطبوع الاستيعاب لابن عبد البر، هذه الطبعة القديمة المعروفة، المُجلَّد الأول، سنرى في أي صحيفة، صحيفة ثلاثمائة وست وعشرين، اسمع الآن: أن عثمان بن حُنيف لما كتب الكتاب بالصلح بينه وبين الزبير، وطلحة، وعائشة أن يكفوا عن الحرب، ويبقى هو في دار الإمارة خليفة لعليّ على حاله حتى يَقدم علي رضي الله عنه فيرون رأيهم، قال عثمان بن حُنيف لأصحابه: ارجعوا وضعوا سلاحكم، فلما كان بعد أيامٍ جاء عبد الله بن الزُبير في ليلة ذات ريح وظُلمة وبرد شديد ومعه جماعة من عسكرهم، فطرقوا عثمان بن حُنيف في دار الإمارة فأخذوه، ثم انتهوا به إلى بيت المال فوجدوا أناسًا من الزط يحرسونه، فقتلوا منهم أربعين رجلاً – سيَّلوا الدم أم لم يُسيِّلوه يا شيخ عثمان؟ سيَّلوا وبالغدر في المُوادَعة والعهد، الحق أحق أن يُتبَع، لا تقل هذا صحابي أو غير صحابي، الحق لابد أن يمشي على الجميع، اذهب ومزِّق هذه الكُتب، احرق تراثك يا شيخ عثمان، إذا أردت أن يسكت عدنان احرق تراثك السُني، تراثنا! هذا تراثنا، احرق الكتب إذن، ما هذا يا أخي؟ لا يُريدون أن يتكلَّم الناس بالحقيقة، لابد أن نسكت ونبقى نبتلع الجهل، لا! قتلوا أربعين رجلاً -، وأرسلوا بما فعلوه من أخذ عثمان – أي عثمان بن حُنيف طبعاً – وأخذ ما في بيت المال إلى عائشة يستشيرونها في عثمان – عثمان بن حُنيف -، وكان الرسول إليها أبان بن عثمان. فقالت عائشة: اقتلوا عثمان بن حُنيف – وهذا من أخطاء أمنا، بين قوسين أقول (من أخطاء أمنا عائشة) لا تقل لي لا تقل أخطأت، أخطأت! والشيخ الألباني يقول أخطأت، بنسبة مائة في المائةً أخطأت، الشيخ الألباني من يوم ما خرجت أخطأت، وهنا أخطأت أيضاً، وسوف أقرأ كلامه، هذا الألباني وليس عدنان إبراهيم، تُعطي فتوى بقتل صحابي جليل، لماذا؟ -. فقالت لها امرأة: ناشدتك الله يا أم المُؤمِنين في عثمان بن حُنيف وصحبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم! فقالت: ردوا أبانا، فردوه – الرسالة مع مَن؟ مع أبان بن عثمان، فأخذها فرحاً، قالت لا، أرجعوه قبل أن يُبلِّغ رسالة اقتلوه، لكن الصحابي الجليل كان قُتِل، وفي الغدر أيضاً، غدرتموه وقتلتم أربعين من الحراس وتُعطي فتوى في قتل الصحابة! والله شيئ عجيب -، فقالت: احبسوه ولا تقتلوه – عن مَن؟ عن عثمان بن حُنيف، هي أعطت الفتوى، وحين نقول لهم عائشة قوية وضرس قاطع وتُوجِّه المعركة والرجال يقولون ما هذا؟ لماذا ذهبت عائشة إذن؟ هل ذهبت لكي تقرأ القرآن وتجلس هناك؟ كانت تُوجِّهة المعركة يا أخي من أول يوم، وكل هذا خطأ، كل هذا خطأ! كل أفعالها هذه خطأ، لذلك كانت تبكي على نفسها وندمت ندامة كُلية، غفر الله لها ورضيَ عنها وسامحها، وحُقَّ لها أن تبكي، لكنهم يُريدون أن يجعلوها معصومة لم تغلط، لكن لا، غلطت، سوف أبقى أقول هذا، الحق أحق أن يُتبَع، أي والله العظيم، والله لن أقول شيئاً أعلم أن الله لو سألني في النهاية عنه سوف يطيش سهمي ولن تُفلِج حُجتي يوم القيامة، يقول لي يا عبد السوء ألم تكن تعرف؟ لماذا لم تقل الحقيقة؟ هذه الحقيقة وسوف أقولها كما هي بإذن الله -. فقال أبان: لو أعلم أنكِ رددتني لهذا لم أرجع، وجاء فأخبرهم. فقال لهم مجاشع بن مسعود: اضربوه وانتفوا شعر لحيته. فضربوه أربعين سوطاً – صحابي جليل – ونتفوا شعر لحيته وحاجبه وأشفار عينه – الله أكبر يا أخي -، فلما كانت الليلة التي …… إلى آخره، كلام طويل، غير معقول، غير معقول يا أخي!
اسمع الآن، في الصحيفة ثلاثمائة وأربع وعشرين، في صحيفة ثلاثمائة وأربع وعشرين – أي صفحة – ماذا يقول ابن عبد البر؟ وهذا كله طبعاً مَن أراد أن يعود في ترجمة حكيم بن جبلة العبدي رضوان الله عليه، واستُشهِد طبعاً هو في هذه المعارك، قُطِعَت رجله فأخذها وضرب بها، لم يُسمَع بفارس لا في الجاهلية ولا في الإسلام فعل هذا الفعل، كان جبّاراً قوياً، ويقول ابن عبد البر له تُقى ودين، هنا ماذا يقول؟ يقول: حكيم بن جبلة العبدي، من عَبْد القيس. أدرك النبي صلى الله عليه وسلم، ولا أسلم له عنه رواية ولا خبرًا يدل على سماعه منه ولا رؤيته له – أي أن صُحبته غير ثابتة والله أعلم، لكنه عاش في عهد النبي -، وكان رجلا صالحًا له دين، مُطاعاً في قومه، وهو الذي بعثه عثمان إلى السند…… إلى آخره.
ماذا يقول ابن عبد البر في ترجمة حكيم؟ وقد روى أنه لما غدر ابن الزُبير بعثمان بن حُنيف – يقول لما ماذا؟ سمِّعني يا ابن عبد البر، ليس عدنان إبراهيم الذي يقول، قال لما ماذا؟ (ملحوظة) قال بعض الحضور مُجيباً: غدر، ثم استتلى الدكتور عدنان إبراهيم قائلاً: غدر، هذا يعني أن ليس عدنان إبراهيم الذي يقول غدروا وسيَّلوا الدم، سيَّلوا دماء أربعين على الأقل وغدروا، غدر في مُوادَعة وفي عهد، لابد أن يُحترَم العهد، تغدرون في الليل وفي الظُلمة، في البرد تغدرون وتأخذون بيت المال! يقول لما غدر ابن الزُبير بعثمان بن حُنيف – بعد الصلح الذي كان عقده عثمان بن حنيف مع طلحة والزُبير أتاه ابن الزُبير ليلاً في القصر، فقتل نحو أربعين رجلاً من الزط على باب القصر، وفتح بيت المال، وأخذ عثمان بن حُنيف فصنع به ما قد ذكرته في غير هذا الموضع – تعرفون ماذا صنع به -، وذلك قبل قدوم عليّ رضيَ الله عنه، فبلغ ما صنع ابن الزُبير بعثمان……. إلى آخره.
هذا هو، إذن أنا أُؤلِّف يا شيخ عثمان، في الحقيقة أنا أتعجَّب من هذه الأشياء والإيرادات والشُبهات وأقول هل فعلاً فضيلة الشيخ عثمان وأخواه وأمثالهم يجهلون هذه الأشياء؟ إن كانوا يجهلونها فتلك مُصيبة، أن تتكلَّم وتتمشيخ في التلفزيون Television وفي الفضائيات وتردون علىّ وعلى أمثالي وأنتم لم تقرأوا ولم تتعلَّموا جيداً هذه مُصيبة، أما إن كنتم تعلمونها وقرأتموها وتدسونها لتشغبوا علىّ وعلى أمثالي فالمُصيبة أعظم، الأولى – المُصيبة الأولى – تطعن في ماذا؟ تطعن في علمكم، أما هذه فتطعن في ماذا؟ تطعن مُباشَرةً في عدالتكم أصلاً، فتنبيه هذا، أُنبِّه إخواني هؤلاء الأفاضل.
ليس هذا فحسب، الآن أخي الشيخ عثمان – بارك الله فيه – أيضاً يقول قال عن طلحة – أحد العشرة المُبشَّرين في الجنة – أما طلحة فقد حرَّض على قتل عثمان، نعم من كبار المُحرِّضين، سيدنا طلحة من كبار المُحرِّضين على سيدنا عثمان رضيَ الله عنهما، حقيقة هذه الكل يعلمها، قال حرَّض، أرأيتم كيف يقول عدنان طلحة حرَّض على قتل عثمان؟ ألَّفتها من عندي أيضاً ومن كيسي؟ فلما مات ذهبوا وحطوا أيديهم على بيت المال، المقصود طلحة وجماعته طبعاً، وطبعاً هذا ما حصل، الآن الدليل، أنا قلت هذا طبعاً، قلت هذا، وهم يكتفون بالجهل، كما قلت لكم يُراهِنون على الجهل، جهل الناس! أرأيتم؟ قال قولاً فظيعاً مُريعاً مُخيفاً والعياذ بالله، كأنهم إذا عرضوا لي قولي كما قلته أثبتوا أنه قول باطل أو كاذب أو مُجرِم، لا! ثبِّت العرش ثم انقش، ثبِّت أن عدنان يكذب ويُؤلِّف، أما إذا أثبت عدنان أن هذه الحقيقة وبالأسانيد هذا يعني أنك أنت المطعون في علمك أو في عدالتك وليس أنا المطعون، أنا قلت نعم، وحين تقرأ كل الكُتب التي تحدَّثت عن الفتنة التي راح ضحيتها سيدنا عثمان رضوان الله عليه ترى أن طلحة كان شبه المُوجِّه للثوّار المصريين، وأكثر الثوّار كانوا من مصر وعلى رأسهم الصحابي أيضاً عبد الرحمن بن عُديس البلوي، صحابي رضواني، من الذين شهدوا بيعة ماذا؟ الرضوان، هذا كان رأس الثوّار المصريين الذين جاءوا ليقتلوا سيدنا عثمان، هذا صحابي أيضاً، أتلعنونه؟ ماذا تفعلون؟ صحابي ولا يُعجِبه هذا، لا يُعجِبه الوضع، من الثوّار كان هو، مَن الذي كان يتكلَّم معهم ويُوجِّههم؟ سيدنا طلحة بن عُبيد الله، بل روى الإمام أحمد وغيره أن طلحة كان من الذين حاصروا عثمان في قصره، وكان يُرامي – يلبس درعاً وفوقه قباء ويُرامي، أي بالسهم – حراس عثمان في القصر، ما رأيكم؟ هذا طلحة وهو صحابي، سوف نرى ما القصة وسوف تسمعونها الآن.
ذكر الذهبي – رحمة الله عليه – في ترجمة طلحة الآتي، ماذا قال؟ قال: إنا داهنا في أمر عثمان – هذا في المُجلَّد الأول يا إخواني، في ترجمة طلحة بن عُبيد الله – فلا نجد اليوم أمثل من أن نبذل دماءنا فيه، وأنه قال يوم الجمل اللهم خُذ لعثمان مني اليوم حتى ترضى.
لأن أرقه ضميره، رضوان الله تعالى عليه، ما مصير طلحة؟ قُتِلَ شهيداً، على يد مَن؟ اللعين مروان بن الحكم بالسهم، ورآه الإمام عليّ – عليه السلام – مُجندَلاً في الأرض – في البوغاء، على التراب – فبكى، قال عزيز علىّ أبا محمد أن أراك هكذا، بكى عليه، أخوه طبعاً، أخوه هو، فتنة! نسأل الله أن يقينا الفتن ما ظهر منها وما بطن.
قال الذهبي أيها الإخوة في هذا الكتاب الآتي، وهو كلام صعب جداً، لو قلته أنا قطعاً يحكمون بكفري، اسمعوا الآن، قال الذهبي في هذه الصحيفة: ولكنه كان مني شيء في أمر عثمان مما لا أرى كفارته إلا سفك دمي وطلب دمه – جيد، ما الذي كان منك يا سيدنا طلحة في أمر عثمان؟ ماذا فعلت؟ -. قلت – هذا في صفحة خمس وثلاثين، الذهبي يقول، مُؤرِّخ الإسلام الحافظ الذهبي – الذي كان منه – أي من طلحة – في حق عثمان تمغفلٌ وتأليبٌ – ما المقصود بتأليب؟ تحريض، يُؤلِّب على عثمان، يقول تمغفل، انظروا إلى هذه الكلمة، ما معنى تمغفل؟ غفلة، أي أنه كان مُغفَّلاً، طلحة كان مُغفَّلاً، لم يكن ذكياً جداً وراكزاً حين اتخذ هذا الموقف، هذه السبة أنا لا أقولها، في حق طلحة بالذات لا أقولها، أقول أخطأ وفعل كذا وكذا، لكن كلمة تمغفل لا أقولها، تعني أنه أحمق مُغفَّل، استُغفِل! كلمة كبيرة لكن الذهبي قالها، عجيب – فعله باجتهاد ثم تغيَّر عندما شاهد مصرع عثمان فندم على ترك نُصرته رضيَ الله عنهما، وكان طلحة أول مَن بايع عليّاً، أرهقه قتلة عثمان وأحضروه حتى بايع.
وهذا لا يُسلَّم، موضوع طلحة والزُبير بايعا مُكرَهين غير دقيق، والأدق والأصح أنهما بايعا مُختارين، لكن هذا موضوع آخر، جميل، إذن تمغفل وتأليب، كلمة فظيعة!
وقد روى الطبري – ابن جرير في التاريخ – عن عبد الله بن عيّاش بن أبي ربيعة الآتي، وطبعاً عيّاش بن أبي ربيعة صحابي مشهور وأنتم تعرفونه، صحابي جليل ومشهور، وهذا ابنه عبد الله وهو ثقة، هذا ثقة ويُقال له صُحبة حتى، هذا نفسه يُقال له رؤية، أي رأى النبي وما إلى ذلك لكنه صغير، من صغار الصحابة، فعبد الله بن عيّاش روى أن عثمان أسمعه – كان عند عثمان في القصر وهو محصور – من وراء الباب ما أمر به طلحة عبد الرحمن بن عُديس البلوي – قلت لكم هذا، صحابي رضواني، كان رئيس الثوّار المصريين، قال له اسمع يا عبد الله، ماذا يسمع؟ ماذا يقول طلحة للناس، أي للثوّار، يُؤلِّب على عثمان، دعا عليه سيدنا عثمان والله أستجاب أيضاً -، قال لا تتركوا أحداً يدخل على هذا الرجل ولا يخرج من عنده – حصار كامل، هذه أوامر طلحة للثوّار المصريين، عبد الرحمن بن عُديس يتلقى أوامر من رئيسه طلحة، هذا يعني أن طلحة في رأس المُؤلِّبين، أليس كذلك؟ قال عدنان يقول طلحة حرَّض، أنا الذي يقول؟ الأسانيد والروايات يا حبيبي والتاريخ، لا أُؤلِّف شيئاً من عندي، لست أهبل لكي أُغامِر بديني، لست أهبل -. ثم قال عثمان: اللهم اكفني طلحة بن عُبيد الله فإنه حمل علي هؤلاء وألَّبهم. والله إني لأرجو أن يكون منها صفراً – أي الخلافة، قال هو يفعل هذا لأنه يطمع في أن يصير خليفة، إن شاء الله لا يأخذ الخلافة – وأن يُسفَك دمه، إنه انتهك مني ما لا يحل له – عثمان لا يُمكِن تقرأ قصته إلا وتبكي، فعلاً قُتِل مظلوماً الرجل، مهما كانت أخطاؤه ما هذه الطريقة الوسخة في قتله يا أخي؟ لماذا يُقتَل؟ انزعوه يا أخي، أليس كذلك؟ انزعوه وضعوا خليفة ثانٍ، لكن يُقتَل؟ سُبحان الله العظيم، شيئ مُبكي فعلاً وحزين جداً -، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يحل دم امرئ مسلم إلا في إحدى ثلاث: رجل كفر بعد إسلامه فيقتل – وأنا لست هكذا – أو رجل زنى بعد إحصانه فيرجم أو رجل قتل نفسا بغير نفس، ففيم أُقتَل؟!
رضوان الله عليه، فعلاً شيئ مُحزِن جداً، لماذا؟ قال، لماذا تقتلونني؟ قتل!
قال ابن عيّاش فأردت أن أخرج – عبد الله بن عيّاش بن أبي ربيعة هذا – فمنعوني – ممنوع، أوامر طلحة هذه، لا يخرج ولا يدخل أحد، حصار كامل – فمر محمد بن أبي بكر بي فقال: خلوه – كان مع الثوّار هذا، من ثوّار مصر -، فخلوني.
وروى ابن أبي شيبة بسند صحيح أن طلحة قال يوم الجمل اللهم خُذ لعثمان مني حتى ترضى، وأخرجه ابن سعد – محمد بن سعد – في الطبقات هذا أيضاً.
وفي الطبراني بسند صحيح قال عليٌّ لطلحة: أنشدك الله إلا رددت الناس عن عثمان.
الله أكبر يا إمام، الله أكبر، أي أن الإمام عليّاً هو الذي كان يستحلف طلحة بالله أن يكف الناس، الإمام عليّ! ثم غداً سيُتهَم بأنه ألَّب على عثمان، عجيب! وطلحة بالذات سيخرج يُطالِب بدم عثمان، عجيبة – والله – الأمور يا أخي، لذلك مروان بن الحكم الخبيث ابن الخبيث اعترف، قال أعترف، كان أكف الناس عن عثمان مَن؟ عليّ بن أبي طالب، قال هو أكثر شخصاً كان يكف الناس عن عثمان، يقول دائماً لهم لا وما إلى ذلك، الإمام عليّ، الله أكبر، ظلم! ولذلك نحن مُتعاطِفون مع الإمام عليّ عليه السلام، ظُلِم هذا الرجل العظيم يا أخي، ظُلِمَ هذا الفارس الكامل، ظُلِمَ كثيراً جداً يا أخي ولا يزال يُظلَم من هؤلاء الظلمة قلبة الحقائق والموازين، فعليّ يستحلف طلحة ويقول له: أنشدك الله إلا رددت الناس عن عثمان، فقال لا والله حتى تُعطي بنو أُمية الحق من أنفسها، سيدنا طلحة قال هذا، قال بنو أُمية هؤلاء ظلمة بما فيهم عثمان، هكذا كان منطقه، لأن المُطالَب الآن عثمان، قال لا، لابد أن ينزلوا على الحق ويُعطوا الحق وإلا لا، وليكن ما يكون.
وروى ابن شبة – في تاريخ المدينة طبعاً – عن عبد الرحمن بن أبي ليلى – التابعي الجليل -: رأيت طلحة يوم الدار يُراميهم – يُرامي بالأسهم، يُرامي مَن؟ حرس عثمان في القصر – وعليه قباء فكشفت الريح عنه فرأيت بياض الدرع من تحت القباء.
يُقاتِل ويرمي بأسهم، لا يُؤلِّب فقط يا شيخ عثمان!
وفي أنساب الأشراف للبلاذري عن ابن سيرين: لم يكن أحد من أصحاب النبي – عليه السلام – أشد على عثمان من طلحة.
أكثر مَن كان يُؤلِّب!
وفي تاريخ المدينة لابن شبة: أرسل عثمان إلى عليّ وهو محصور – أي عثمان أرسل إلى الإمام – إن كنت مأكولاً فكُن خير آكل ولا تُخل بينها – أي الخلافة – وبين ابن فلانة – طلحة لما كان يغضب منه الصحابة ماذا يُسمونه؟ ابن الحضرمية، لا تُخل بينها وبين ابن الحضرمية، هذه ليست سبة، أمه لم تكن من خالص قريش وهي الصعبة، الصعبة بنت الحضرمي، فإذا أرادوا أن يسبوه قالوا ابن فلانة، أي أنهم ينسبونه إلى أمه، ليس فيها أي شيئ، امرأة وسيدة طيبة، ليس فيها أي شيئ، نوع من النزعة القرشية، ليس قرشياً صميماً، من جهة أمه حضرمي، هكذا العرب عندهم هذا الشيئ، ابن فلانة هو ابن الحضرمية لكنه لم يُصرِّح بها، هي الصعبة بنت الحضرمي -، وهو إسناد قوي مُرسَل.
وفي مُصنَّف ابن أبي شيبة عن قتادة: أخذ عليٌّ بيد الأشتر – مالك بن الحارث لقبه الأشتر، لأن الشيخ عثمان دائماً يقول ابن الأشتر، اسمه ليس ابن الأشتر، هو اسمه مالك بن الحارث المُلقَّب بالأشتر – ثم أنطلق به حتى أتى طلحة فقال: إن هؤلاء – أي مَن؟ أهل مصر، الثوّار الذين جاءوا من مصر – يسمعون منك ويُطعيعونك – هذا يعني أن مَن الذي كان يُحرِّك ثوّار مصر مرة أُخرى أيضاً؟ طلحة، وعليّ حاول أن يُرغِّب طلحة عن هذا – فانههم عن قتل عثمان – أتوا لكي يقتلوه فانههم، وهنا قد يقول لي أحدكم هذا كلام غير معقول، أين الصحابة الذين كانوا في المدينة؟ أين؟ ألوف كانوا في المدينة، ألوف! لماذا عليّ يتوسَّل لطلحة وينهاهم؟ لماذا لم يأت الصحابة؟ خذلوه، الصحابة في المدينة خذلوا عثمان، سيأتيكم هذا نصاً من ابن تيمية ومن الذهبي، لذلك الثورة على سيدنا عثمان في جُزء منها كان فيها حق، وسوف نرى لماذا، وسوف نرى أسباب الثورة على عثمان فقط بما يتناسب مع الرد على شُبهات أخي الشيخ عثمان -، فقال طلحة ما أستطيع دفع دمٍ أراد الله إهراقه – الله يُريد أن يُميت عثمان فليمت، لا يُريد إنقاذه -، فأخذ عليّ بيد الأشتر ثم انصرف وهو يقول بئس ما ظن ابن الحضرمية – هنا صرَّح، نسبه إلى أُمه، أعني سيدنا طلحة – أن يقتل ابن عمي – قال يظل طلحة من بني تيم، طلحة بن عُبيد الله ابن عم سيدنا أبي بكر من بني تيم، وأما عثمان فهو من نسل عبد شمس، هذا من أولاد عمي، عثمان ابن عمي في النهاية قال، أقرب لي من طلحة – ويغلبني على مُلكي – إذن كانت واضحة عند عثمان وعند عليّ خُطة طلحة، هو يُريد الخلافة، سُبحان الله – بئس ما رأى.
هناك أدلة أُخرى على تأليب طلحة وما إلى ذلك لا نُريد أن ندخل فيها لكن هي موجودة، اقرأ وسوف ترى.
وأما استيلاء طلحة ومَن معه على بيت المال ووضع يده عليه فكالآتي، لماذا؟ لماذا يذهب طلحة ومَن معه ويستولون على بيت مال المُسلِمين في المدينة؟ طبعاً هذا مفتاح من أقوى مفاتيح السُلطة، وهناك إشارة واضحة على هذا، اليوم حين تحدث ثورة يكون أهم شيئ الآن وزارة الإعلام طبعاً، أليس كذلك؟ وبعد ذلك الجيش والقيادة والمالية وما إلى ذلك، كل شيئ انتهى، هذا يعني أن عثمان انتهى والأن سوف تأتي سُلطة جديدة أو أننا نُمهِّد لسُلطة جديدة، ومن أجل الإمداد والعون والمال وما إلى ذلك، كل شيئ عندنا، بيت المال! فيستغرب الشيخ عثمان الخميس كيف أقول حط يده على بيت المال، سوف نرى!
في تاريخ الطبري: فخرج ابن عباس فمر بعائشة في الصلصل – هذا في مكة، تعرفون حين قُتِل سيدنا عثمان شهيداً أين كانت عائشة؟ في مكة، هذا معروف، وعندها مُعسكَر كالخيمة تقوم من خلاله بالتأليب على عثمان ليل نهار طبعاً، سوف يُقال لا يا عدنان، لا تقل لا يا عدنان، سوف آتي لك بأدلة، لا أحكي شيئاً من عندي، يُقال يتهم عائشة! عائشة ألَّبت كما ألَّب طلحة، لا كلام في هذا، كانت في مكة وكانت تُؤلِّب، ولما جاءها خبر قتله غضبت، قالت أقتلتوه؟ وما إلى ذلك والآن تُطالِب بدمه، أنتِ إلى قبل أيام كنتِ تُؤلِّبين يا أم المُؤمِنين، بالله عليكم الأمور واضحة، الحق أحق أن يُتبَع -، فقالت – هذه مَن؟ أم المُؤمِنين -: يا ابن عباس أنشدك الله فإنك قد أعطيت لساناً إزعيلاً – لساني مبري برياً، قالت له هذا، كل بني هاشم معروف عنهم هذا، عندهم البلاغة والفصاحة – أن تُخذِّل عن هذا الرجل – ما معنى هذا؟ بالله عليك لا تُخذِّل عنه، أي اخذله، اتركه حتى يحدث له ما يحدث – (ملحوظة) قال الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم أن السيدة عائشة أرادت أن يُترَك عثمان حتى يُقتَل ثم تراجع وقال حتى يحدث له ما يحدث وليس حتى يُقتَل، فهي لم تُرِد قتله، وقال: هذا خطأ مني، عائشة قالت وهي صادقة إن شاء الله أنها ما رضيت بقتل عثمان، قالت: أنا كل شيئ تمنيته في عثمان إلا القتل، ولو تمنيته لقُتِلت، فهذا خطأ مني وسبق لسان، أستغفر الله -، فالمعنى هو اخذله ولا تُخذِّل وليكن ما يكون، لكن ليس المُراد القتل، هي لا تُريد القتل، هي تُريد أن يُنزَع من الخلافة، هذا هو الصحيح – وأن تُشكِّك فيه الناس – الناس تفهم مَن عثمان الآن، لا يبقى في السُلطة، لماذا؟ – فقد بانت لهم بصائرهم وأنهجت – الأمور واضحة والناس تفهم، هذا خطأ لابد أن يُصحَّح، عثمان يذهب، يجب أن يمضي كما يُقال – ورُفِعَت لهم المنار وتحلَّبوا من البلدان لأمر قد حُمّ، وقد رأيت طلحة بن عُبيد الله – ابن عمها طبعاً، من بني تيم، تيمي هو طلحة، ابن عم أمنا عائشة – قد اتخذ على بيوت الأموال والخزائن مفاتيح – إذن حط يده أم لم يحطها؟ حطها وأصبح كل شيئ في يده، انتهى الأمر، معروف هذا، الذي قرأ تاريخ الفتنة يعرف هذا، بيوت المال كلها كانت بيد طلحة، انتهى! وفرحانة أمنا، ماذا تقول؟ – فإن يل – إذا صار هو خليفة غداً – يسر بسيرة ابن عمه أبي بكر. قال ابن عباس: قلت يا أمه لو حدث بالرجل حدث – لو عثمان حدث له شيئ، نُزِعَ أو قُتِلَ – ما فزع الناس إلا إلى صاحبنا. مَن هو صاحبهم؟ الإمام عليّ، ابن عمي أنا وليس ابن عمك أنتِ، أنتِ تُريدين ابن عمك، لكن ابن عمي هو الذي سوف يأتي -. فقالت: إيها عنك! إني لست أريد مُكابَرتك ولا مُجادَلتك.
أي أن كل الذي تُريده منه أن يسكت، لا تُحاوِل أن تقول للناس هذا عثمان وقد ظُلِم ولماذا وما إلى ذلك، اسكت ودعهم، الناس تفهم كل شيئ والأمر مُنتهٍ، أمر الله نازل نازل، هذا يعني ماذا أيضاً؟ واضح أن ابن عباس مثل ابن عمه الإمام عليّ كان يُخذِّل عن عثمان، كأن يقول لا يا جماعة، اتقوا الله، عثمان إنسان طيب وكذا وكذا، قالت له عائشة لا، لا تفعل هذا، تأليباً منها على عثمان!
وفي مُستدرَك الحاكم بسند صحيح إلى الحسن ابن أبي الحسن وهو البِصري الآتي، والحسن كان عثماني الهوى، يُحِب سيدنا عثمان، لكن كان مِمَن يتهم طلحة والزُبير وعائشة بقتل عثمان، أنهم خذلوه وتسبَّبوا في قتله، لأنهم ألَّبوا عليه، الثلاثة ألَّبوا عليه، لكن الزُبير أقل منهما قليلاً، طلحة وعائشة أكثر من الزُبير، الزبير أقل قليلاً، يقول الحسن البصري: جاء طلحة والزُبير إلى البصرة، فقال لهم الناس: ما جاء بكم؟ قالوا: نطلب دم عثمان – اسمعوا ماذا قال الحسن البصري -، قال الحسن: أيا سُبحان الله، أفما كان للقوم عقول فيقولون والله ما قتل عثمان غيركم؟
أنتم تُطالِبون بدم عثمان؟ بالذات أنتم؟ طلحة والزُبير وعائشة؟ أنتم كبار المُؤلِّبين عليه في المدينة، والآن تُطالِبون بدمه؟ عجب! قال الحسن: أيا سُبحان الله، أفما كان للقوم عقول فيقولون والله ما قتل عثمان غيركم؟ هل هذا واضح؟ وليس هذا فحسب، أُذكِّركم وأنتم على ذُكر كبير مُستطيل عريض بأمر هام، مَن الذي قتل طلحة؟ (ملحوظة) أجاب أحد الحضور قائلاً مروان، ثم استتلى الأستاذ الكتور عدنانا إبراهيم قائلاً: لماذا قتل مروان طلحة؟ قال: لا أطلب بثأري بعد اليوم أحداً، واضح أن مروان كان مُقتنِعاً تماماً أن طلحة مُتورِّط حتى الذقن في قتل عثمان، هل فهمتم؟ اربطوا الأحداث، أنتم تسمعون ثم تنسون، اربطوا وشغِّلوا مُخاخكم دائماً، مروان يقتل طلحة، قال لك ثأري هو مع طلحة، يعتبر أن طلحة هو الرأس الأولى في قتل عثمان، هل فهمتم؟ ولماذا أنت يا شيخ بكل بساطة تستنكر وتستغرب أنني أقول طلحة ألَّب على عثمان؟ إذا كنت تُقدِّر كل شيئ وتُقدِّر مروان وتحترمه وتقول عن مروان بن الحكم الصحابي الجليل فمروان هو الذي ثبت عنه أنه قتل طلحة وقال أنا أطلب ثأري، طلحة صحابي وهو من العشرة لكن هو قاتل ابن عمي، أُريد أن أقتله، وقتله ثم قال ارتحت الآن، لن أطلب بثأري بعد اليوم أحداً، أليس كذلك؟ هل فهمتم؟ أرأيتم التناقضات؟ الأمور واضحة، واضحة جداً، أوضح من الشمس في رابعة النهار، نسأل الله أن يجعل لنا نوراً – أُقسِم بالله – حتى نرى ونوراً حتى نسمع ونوراً حتى نعقل، سوف تقول لي هذه الجُزئية الأُخيرة بالذات فعلاً هامة، كأننا مُغيَّبون، كأننا غائبون عن الوعي، نسمع ولا نفهم، نسمع ولا نربط وما إلى ذلك، تعرفون لماذا؟ لم نترب بطريقة نقدية أن نُفكِّر، نحن تربينا أن نبلع، نسمع ونبلع كل شيئ وهذا خطأ، فعلاً صرنا كالمساطيل، كالناس السُكارى وما نحن بسُكارى، كالغائبين عن الوعي، لا نكاد نفهم شيئاً، اللهم المُستعان على ما نحن فيه على كل حال.
الآن أيضاً أنكروا علىّ – بارك الله فيهم – قولي إن سيدنا عثمان – رضوان الله عليه – أطلق يد مُعاوية وأقاربه – أي عموماً، أنا قلت هذا – في الأمة، تُنكِرون هذا علىّ؟ والله يا عجباً، ألا تُصدِّقون أنه فعل ذلك؟ ألا تُصدِّقون بل ألا ترضخون وتُقِرون وتُقرِّرون أن في رأس قائمة أسباب الثورة على سيدنا عثمان أنه أطلق يد مُعاوية وأقاربه عموماً من بني أُمية في الأمة؟ يتخوَّضون في أموالها وفي أمنها وفي كرامتها، هذا هو، أشياء غريبة يا أخي، سوف نرى الآن، إليكم البيان:
أخرج الإمام أحمد الآتي وإسناده يا إخواني هذا رجاله ثقات، لكن سالم بن أبي الجعد هذا وهو ثقة طبعاً لم يحضر الواقعة، يقول ماذا؟ دعا عثمان ناساً من أصحاب رسول الله – عليه السلام – فيهم عمّار بن ياسر، فقال: إني سائلكم وإني لُأحِب أن تصدقوني – سيدنا عثمان يُريد أن يعتذر عما يُؤخَذ عليه ويُنقَّد عليه، يُريد أن يأتي بحُجته -، نشدتكم الله أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤثر قريشاً على سائر الناس، ويؤثر بني هاشم على سائر قريش؟ فسكت القوم، فقال عثمان: لو أن بيدي مفاتيح الجنة لأعطيتها بني أُمية حتى يدخلوا من عند آخرهم…… هذا واضح وثابت طبعاً، وحتى لا أنسى – وقد نسيت – أنا قلت لكم سآتيكم بنصين يُثبِتان أن الصحابة خذلوا سيدنا عثمان رضيَ الله تعالى عنه وأرضاه، مع أنني ذكرتهما من قبل، النص الأول كالآتي، الإمام الذهبي في تاريخ الإسلام أيها الإخوة حين حكى عن أعداد الثوّار من مصر – ستمائة – ومن الكوفة ومن البصرة وإلى آخره ماذا قال في تاريخ الإسلام أيها الإخوة؟ عهد الخلفاء الراشدين، صحيفة أربعمائة وثماني وأربعين، يقول: وكان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين خذلوه كرهوا الفتنة، وظنوا أن الأمر لا يبلغ قتله – قتل مَن؟ عثمان -، فلما قُتِلَ ندموا على ما ضيَّعوا في أمره، ولعمري لو قاموا أو قام بعضهم، فحثا في وجوه أولئك التراب – ما المُراد بأولئك؟ الثوّار هؤلاء -؛ لانصرفوا خاسرين.
هذا يعني أنهم خذلوه أو لم يخذلوه؟ خذلوه بالكامل، ما وزن ألف ثائر؟ لا يُساوون شيئاً، هل تعرف ابن تيمية في منهاج السُنة ماذا قال؟ قال بالحرف الآتي، قال الصحابة كذا وكذا ثم قال صحيح – اعترف – لم ينصروه حق نُصرته، اعترف بأنهم خذلوه، والسؤال: لماذا؟ لماذا كبار الصحابة في المدينة المُنوَّرة خذلوا سيدنا عثمان وتركوه طُعمةً للثوّار حتى قتلوه ظُلماً وإسرافاً؟ هناك أخطاء، أخطاء كُبرى! نحن ألمعنا إلينا، هناك مَن قال: لا، لكن هناك أخطاء، وسوف نرى بعض هذه الأخطاء، فسيدنا عثمان يعتذر عن مُعامَلته لبني أُمية، لماذا يُوليهم ولايات ويُعطيهم الأموال ويُقطِعهم الإقطاعات، الناس لا تُريد هذا يا أخي، ظُلم هذا والناس لا تُريده، هو كان يقول لا، النبي كان يُؤثِر مَن؟ قريشاً على سائر الناس، ويُؤثِر بني هاشم على قريش، وأنا أُؤثِر أقاربي مثلما فعل النبي، هل هذه الحُجة صحيحة؟ سوف نرى، غريب!
فسكت القوم – لم يقولوا نعم، سكتوا -، فقال عثمان: لو أن بيدي مفاتيح الجنة لأعطيتها بني أمية حتى يدخلوا من عند آخرهم، فبعث إلى طلحة والزُبير، فقال عثمان – أنتم لن تفهموا الآن ما الذي يحدث، هذا الحديث كما هو -: ألا أُحدِّثكما عنه؟ – عن مَن؟ عن عمّار؟ هكذا! – يعني عماراً، أقبلت مع رسول الله – عليه السلام – آخذاً بيدي نتمشى في البطحاء – في مكة هذا في أول الإسلام – حتى أتى على أبيه – أبي مَن؟ أبي عمّار وهو ياسر – وأمه وعليه يُعذَّبون: فقال أبو عمّار: يا رسول الله، الدهرَ هكذا؟ – ما المُرادَ بالدهرَ؟ ليس الدهرُ وإنما الدهرَ، قال الدهرَ هكذا؟ أي سنظل الدهرَ كله هكذا نُعذَّب؟ يومياً عذاب عذاب عذاب! ضج الرجل، قال الدهرَ هكذا؟ – فقال له النبي: اصبر، ثم قال: اللهم اغفر لآل ياسر، وقد فعلت.
لم نفهم! ما علاقة هذا بذاك؟ أنشدكم الله كذا وكذا وبعد ذلك بعث إلى طحة والزُبير وقال ألا أُحدِّثكما وكذا وكذا، هذا الخبر فيه قطع، فيه بتر، يُوجَد شيئ مُهِم لابد أن نعرفه حُذِف، لكن لا يُوجَد شيئ يُحذَف بالكامل بفضل الله عز وجل، هذا مَن رواه؟ الإمام أحمد، والإمام أحمد – رحمة الله عليه – أستاذ في التفلين وفي البتر والقطع، أي شيئ يُمكِن أن يمس شيئاً حسّاساً يُرمى، الآن سوف نرى نفس الخبر هذا أو الأثر بطوله من غير بتر، بفضل الله موجود في مصادر أُخرى، هذا البتر أبانت عنه رواية ابن أبي شبة في تاريخ المدينة، المُجلَّد الثالث، رقم ألف وثماني وتسعين، نفس السياق، استحلفهم بالله فسكت القوم فقال لو أن بيدي مفاتيح كذا، إلى أن قال: والله لأُعطينهم – بني أُمية – ولأستعملنهم على رُغم أنف مَن رغم – عثمان يقول هذا -، فقال عمّار: على رُغم أنفي؟ – عمّار يعرف أنه يعنيه بالذات، عمّار يعرف أنه هو المعني – قال: على رُغم أنفك. قال عمّار: وأنف أبي بكر وعمر؟ – لأن هذه ليست سيرة أبي بكر وعمر، يُذكِّره بماذا؟ بالعهد، لما أرادت الناس أن تُخيِّر بينك وبين عليّ ماذا قال ابن عوف؟ على كتاب الله وسُنة الشيخين، عليّ قال لا، لماذا تقول سُنة الشيخين؟ هما رجال وأنا رجل، لا تُلزِمني بسُنة الشيخين، انظر إلى هذا الصدق، عثمان قال: وعلى سُنة الشيخين، بايعنا! فيُذكِّره عمار بهذا، قال له وعلى رُغم أنف أبي بكر وعمر؟ لأن أبا بكر لم يفعل هكذا يا عثمان وعمر لم يفعل هكذا – فغضب عثمان فوثب إليه فوطئه وطأً شديداً – في البلاذري أمروا عبيده فمدوا يديه وكان ضعيفاً عمّار وكبيراً في السن، فضربه في محاشه، أي في المكان الحسّاس، ضربه برجليه وكان في الخُفين ووطأه وطأً شديداً، فكان بعد ذلك أصبح لا يحتبس بوله، وأُصيب بفتق طبعاً، أُغميَ عليه! ضرب شديد هذا، لماذا؟ -، فأجفله الناس عنه، ثم بعث – عثمان رضوان الله عليه – إلى بني أمية فقال: أيا أخابث خلق الله – لذلك عثمان فعلاً كان يختلف عنهم، يظل إنساناً طيباً سُبحان الله، لكنه كان ضعيفاً، ضعف في النهاية، واستغلوا طيبته وكرمه، ضعيف ومُتردِّد، وقد استمكنوا منه، أعني بني أُمية، كانوا يُسيِّرونه كيف شاءوا والعياذ بالله منهم حاشا الصالح فقط فيهم، قال أيا أخابث خلق الله لبني أُمية – أغضبتموني على هذا الرجل حتى أُراني قد أهلكته – أَراني تُفيد القطع، أُراني تعني أظن! يُمكِن أن أموت، ضربته ضرباً شديداً -. فبعث إلى طلحة والزُبير – انظروا إلى هذا لكي تفهموا، كل ما يتعلَّق بقصة الضرب وبني أُمية وما إلى ذلك محذوف عند أحمد، نفس القصة ونفس السياق! – فقال: ما كان نوالي إذ قال لي ما قال إلا إن أقول له مثل ما قال – قال المفروض فقط أنا أرد عليه كلاماً بكلام لكنني ضربته، غلطت في هذا، انظروا إلى هذا، رجل طيب سيدنا عثمان، وهو خليفة، أي سُلطةَ! لكنه ندم ندامة شديدة – ، وما كان لي على قسره من سبيل، اذهبا إلى هذا الرجل فخيراه بين ثلاث – انظروا إلى سيدنا عثمان ما شاء الله عليه، ولذلك نحن نُحِبه ونترضى عليه فعلاً -، بين أن يقتص – يضربني مثلم ضربته، أنا أمير المُؤمِنين ويضربني كما ضربته، رضوان الله تعالى عليه فعلاً، والنبي قال على هنات والله يغفر له، في الصحيح! النبي قال عثمان سوف تكون عنده أخطأء، قال على هنات، جمع هنة، والله يغفر له، وغفر الله له إن شاء الله ورضيَ الله عنه، على الأقل قدَّم دمه، فإن شاء الله مغفور له بإذن الله تعالى، وهذا الصحابي الجليل من العشرة بلا شك – أو يأخذ أرشاً أو يعفو. فقال عمّار: والله لا أقبل منها واحدة حتى ألقى رسول الله – عليه السلام – فأشكوه إليه – قال لا، لا أُريد، رفض عمّار -. فأتوا عثمان. فقال: سأُحدِّثكم عنه – هذا هو -، كنت مع رسول الله آخذاً بيدي بالبطحاء………..إلى آخره، الآن فهمنا القصة، كل هذا تم حذفه حتى لا نفهم قصة ضرب عمّار والقصاص وبني أُمية وما إلى ذلك، شيئ غريب جداً يا أخي، شيئ غريب وعجيب جداً!
لذلك يا إخواني قصة البتر هذه أُحِب أن أُنبِّه عليها بتنبيه سريع ثم أمضي، هذه خيانة علمية في نظري، خيانة علمية! لكن هذه الخيانة العلمية تم التأسيس والتنظير لها، كيف تم التأسيس والتنظير؟ يُوجَد كتاب اسمه علل الترمذي، الذي شرحه ابن رجب، وفي آخر السُنن العلل، ومشروح عدة شروحات أحسنها شرح ابن رجب الحنبلي، عن مُجاهِد بن جبر – التابعي الجليل – يقول: انقص ما شئت من الحديث ولا تزد فيه، نعم! خذوا هذا وراجعوه بأنفسكم، تنظير وتأسيس للبتر وللخيانة العلمية في علل الترمذي، يُقال عدنان إبراهيم يكذب! في علل الإمام أبي عيسى الترمذي يقول مُجاهِد ابن جبر يقول: انقص ما شئت من الحديث ولا تزد فيه، عجيب! أي منطق هذا؟ ما أحسن عقل العامة! الـ Common sense، يقولون: الزيادة أخت النقص، يا سلام! انظر إلى الحس العامي، البديهة! هذا منطق البديهة، الزيادة أخت النقص، والحق لابد أن يُقال كما هو، حين أُحدِّث عن رسول الله أو الصحابة أو التابعين لابد أن يأتي الحديث وفق ما كان تماماً بلا زيادة وبلا نقصان، لكن لأن أخذ الأمور كما هي يُسبِّب إحراجات وتحسسات قال لك لا، تقدر على أن تبتر وترمي، نقِّص ما تشاء لكن لا تزد وإلا تصير كذّاباً، لكن لا والله، في الثنتين أنت مُعرَّض لتُهمة الكذب، أليس كذلك؟ نص خطير هذا، أليس كذلك؟ نص انقص ما شئت من الحديث ولا تزد فيه اذهبوا واختبروه، نص خطير جداً جداً جداً، مهما ذكروا في تبريره لن يتبرَّر، تُؤسِّس للنقص في الأحاديث والبتر منها؟ لا تستطيع أن تُبرِّر هذا، لكن المنهج لكي يتكامل لابد أن نقول مثل هذه المقولات، شيئ غريب، شيئ غريب وعجيب يا إخواني!
الآن سأسألكم قبل أن أمضي عن هذه النُقطة: هل فعلاً قياس سيدنا عثمان صنيعه مع بني أُمية وقراباته على صنيع رسول الله مع بني هاشم صحيح؟ والله غير صحيح، والله غير صحيح وفاسد الاعتبار، قياس فاسد لماذا؟ الزهراء – عليها السلام – ماتت ولا خادمة لها، الزهراء كما في الصحيح – هذه ابنة رسول الله، لا تُحدِّثني عن بني هاشم فقط – مجلت يداها من العمل والطحن والدق، مجلت يداها، نحن نقول بربقت، أي نفطت، ظهر النفط في يديها من العلم والتعب، النبي رأى وجهها يوماً وقد اصفر، يكاد يُغمى عليها، فدعا لها النبي وحزن قلبه، النبي لم يُعط أقاربه، النبي رفض أن يُعطي العباس أو عليّاً أو أحداً من بني هاشم مفاتيح الكعبة وقد أحبوها، قال لا، إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ۩، الآية نزلت في هذا، فمن أين هذا الكلام؟ وسوف نرى ماذا فعل سيدنا عثمان، أعطى مروان بن الحكم خُمس أفريقية، أي خُمس الخراج في تلك الغزوة، قال ابن الأثير في الكامل: ثم إن عبد الله بن سعد – سعد بن أبي سرح أو السرح – وهو أخو سيدنا عثمان من الرضاعة، أخوه من أمه هو الوليد بن عُقبة، وهذا أخوه الرضاعي – عاد من إفريقية إلى مصر وحمل خُمس إفريقية – خُمس الغزوة التي فُتِحَت فيها إفريقية – إلى المدينة فاشتراه مروان بن الحكم بخمسمائة ألف دينار – خمسمائة ألف ذهبية، ثروات! هذه لا أعرف تُساوي كم الآن، ربما تُساوي خمسة آلاف مليون، أي خمسة مليارات، ولعلها تكون أكثر، هذه خمسمائة ألف دينار ذهبي، ثروات هائلة، هذا اللعين لم ينج فقط مثلما قال الذهبي وإنما أخذ الدنيا قبل أن يفعل ما فعل – فوضعها عنه عثمان – لا تُوجَد مُشكِلة قال له، خُذها وانتهى الأمر، لا تدفع شيئاً، لماذا؟ ما هذا؟ خمسمائة ألف سامحه فيها، أموال الأمة هذه، لماذا يا عثمان؟ -، وكان هذا مما أخذ عليه – يقول ابن الأثير العلّامة الكبير -، وهذا أحسن ما قيل في خُمس افريقية فإن بعض الناس يقول: أعطى عثمان خُمس افريقية عبد الله بن سعد، وبعضهم يقول: أعطاه مروان بن الحكم، وظهر بهذا أنه أعطى عبد الله خُمس الغزوة الأولى وأعطى مروان خُمس الغزوة الثانية التي افتُتِحت فيها جميع افريقية.
وهذا أكثر! قال ابن تيمية في منهاج السُنة، الجُزء السادس: وأما إعطاؤه خمس غنائم إفريقية، وقد بلغت مائتي ألف دينار – غير صحيح، خمسمائة ألف بصراحة وليس مائتي ألف حتى -، فمَن الذي نقل ذلك؟ – أي أنه يُشكِّك، لكن هذا نُقِل، منقول بالأسانيد – وقد تقدَّم قوله – أي قول الرافضي -: إنه أعطاه ألف ألف دينار، والمعروف أن خُمس إفريقية لم يبلغ ذلك. ونحن لا نُنكِر – يقول ابن تيمية – أن عثمان رضيَ الله عنه كان يُحِب بني أمية، وكان يُواليهم ويُعطيهم أموالاً كثيرة – انتهى الأمر لأن هذا لا يُنكَر، هذا مُتواتِر، تقدر على أن تقدح في رواية أو في رقم لكن مجموع الروايات يُقطَع بالمعنى على وفقه، لا يُمكِن غير هذا، لأن الروايات كثيرة جداً -. وما فعله – إعطاؤه إياهم وما إلى ذلك – من مسائل الاجتهاد – هذا ابن تيمية – التي تكلَّم فيها العلماء الذين ليس لهم غرض….. أنت يا رافضي عندك غرض، العلماء الطيبون تكلَّموا وهذه من مسائل اجتهاد وهذا يحق له، خليفة وعنده الحق أن يجتهد، والله! ولذلك الصحابة خذلوه يا ابن تيمية، وأنت قلت لم ينصروه حق نُصرته، خذلوه وتركوه أن يُقتَل لأن عنده الحق أن يجتهد ومأجور أيضاً، غير صحيح! هذا تلبيس وتدليس وإدخال للأمور في بعضها!
وفي نُبلاء الذهبي، المُجلَّد الثالث، قال ابن سعد: كانوا ينقمون على عثمان تقريب مروان وتصرفه.
من أسباب النقم على سيدنا عثمان أنه قرَّب مروان إليه وجعله يتصرف كما يُريد، كان الوزير الأول، صاحب الخاتم!
وفي المعرفة والتاريخ ليعقوب بن سُفيان – وهو الفسوي -: فتركها – أي عمر ترك خيبر التي فتحها الرسول وهذا معروف – فيئاً على المُسلِمين حتى كان عثمان بن عفان فأعطاها مروان بن الحكم.
أراضي وأموال! لماذا؟ ومروان هذا هو الذي قال ابن حجر في ترجمته في تهذيب التهذيب – لأن هذا صحابي وثقة -: وعاب الإسماعيلي – أبو بكر صاحب المُستخرَج – على البخاري تخريج حديثه – الإسماعيلي انتقد البخاري، كيف البخاري يُخرِّج أحاديث مروان هذا؟ لا يُخرَّج وإن كان له صُحبة، عمره كان ثماني سنوات حين رأى النبي – وعدَّ من مُوبقاته أنه رمى طلحة أحد العشرة يوم الجمل ثم وثب على الخلافة بالسيف.
هذا المروان الذي أخذ الدنيا كلها له، الناس غضبت! وفي ميزان الاعتدال: وله أعمال……. المُهِم هذا نفس الشيئ، تكلَّم عن مراوان، قضيته معروفة!
نأتي الآن إلى الولايات والعزل والإبقاء، أولاً أبقى سيدنا عثمان مُعاوية على دمشق، ليس هذا فقط، بل وعزل عُمير بن سعد – الصحابي الجليل الورع التقي الزاهد الناسك – عن حمص، وجمع الشامات كلها لمُعاوية، لبنان وسوريا وفلسطين والغور، كل هذا صار تحت إمرة مُعاوية، مَن الذي فعل هذا؟ ليس سيدنا عمر، عمر فقط وافق على أن يبقى مُعاوية على دمشق، فقط! وكل بلد كان عليها أمير، عمر ما أعطى مُعاوية الشام كلها، غير صحيح، ولم يُعطِه ابتداءً كخليفة عن أخيه يزيد بن أبي سُفيان، أخوه يزيد بن أبي سُفيان، هذه هي! لكن سيدنا عثمان جمع له الشامات كلها وعزل هؤلاء، فغضب الناس، وهذا كان أولاً.
ثانياً عزل سعداً عن ولاية الكوفة، مَن سعد؟ سعد بن أبي وقاص، أحد العشرة والمُجاب الدعوة، وولى مكانه أخاه لأمه الفاسق الوليد بن عُقبة، الذي أنزل الله فيه إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ ۩، طبعاً واضطُر اضطراراً أن يعزله بعد ذلك في قصة ماذا؟ حد الخمر الشهيرة، صلى بالناس – كان والياً ما شاء الله – وهو سكران، سعد بن أبي وقاص – الصحابي الزاهد وأحد العشرة وأول مَن رمى بسهم في سبيل الله ومُجاب الدعوة – يُعزَل، وحط بدلاً مَن؟ الوليد بن عُقبة، هذا في عهد سيدنا عثمان، أخي لأمي هذا، لماذا لا؟ أُقرِّب أحبابي أنا، قرِّب! دفع ثمناً صعباً بعد ذلك سيدنا عثمان، فصلى بالناس هذا -الوليد بن عُقبة – الصبح أربع ركعات، كان سكران، أي “معبي”، يقولون عدنان يقول “معبي”، “معبي” فقط؟ و”واكل هوا” كما يُقال، يقولون صحابي، يقول عن صحابي “معبي”، فاسق! هذا الصحابي فاسق، الإمام عليّ قال له: اسكت، إنما أنت فاسق، اقرأوا في تفسير السجدة أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا – نزلت في الإمام عليّ والوليد – لا يَسْتَوُونَ ۩، قال له إنما أنت فاسق، قال له لا تتكلَّم، أنت معروف والقرآن دمغك ووصمك إلى يوم الدين، انتهيت! المُهِم قال لهم: أزيدكم؟ الناس قالوا: ما هذا؟ فوصل الأمر إلى عثمان بعد ذلك فحُد، أقام عليه الحد وعزله.
ماذا بعد؟ هل أعاد سعداً؟ ولى سعيد بن العاص بدلاً منه، أي أنه أتى بابن عمه أيضاً، هذا قريبه! لا فائدة، بنو أُمية! الكل من بني أُمية، عُزِل الوليد ووُضِع سعيد بن العاص على الكوفة، أُموي!
ثالثاً عزل أبا موسى الأشعري عن البصرة، الصحابي الجليل المعروف عزله سيدنا عثمان، وحط مَن؟ ابن خاله، وهو عبد الله بن عامر بن كريز، ذكرته لكم اليوم، وضعه مكانه، وهذا كان من أسباب النقم على سيدنا عثمان أيضاً، هذا سيرته في الناس لم تكن جيدة، الناس غضبوا عليه في البصرة، أعني ابن عامر بن كريز.
رابعاً عزل عن مصر مَن؟ فاتح مصر عمرو بن العاص، ووضع مَن؟ أخاه الرضاعي عبد الله بن سعد بن أبي سرح، وهذا ما شاء الله على سيرته، ما شاء الله! الناس يُحِبونه جداً، لأنه كان صحابياً أسلم قبل فتح مكة وكان يكتب الوحي لرسول الله ثم ارتد والتحق بقريش في مكة قبل الفتح – ارتد سريعاً قبل الفتح – وقال لهم: ما يدري محمد ما أُصرِّفه فيه، يُملي علىّ عزيزٌ حكيمٌ فأقول له أو عليمٌ حكيمٌ؟ فيقول ما شئت، كل ذلك صواب. كذّاب! أكيد كذّاب وهو أكبر الكذّابين، يلعب! هل الرسول يقول هذا؟ وهل القرآن محفوظ بيدك يا عبد الله بن سعد؟ وبالمُناسَبة هنا سوف يخبط أحدكم رأسه الآن ويقول آه يا عدنان، آه! ضحكوا علينا، طيلة حياتنا كان مضحوكاً علينا، أنت تقول لي عنه أنه صحابي وكاتب وحي وارتد وكذب على النبي، هذا يعني أن كونك كاتباً للوحي لا يعني أنك معصوم، معصوم ماذا؟ هذا ارتد وافترى على النبي، فالنبي أهدر دمه، قال اقتلوه ولو وجدتموه مُتعلِّقاً بأستار الكعبة، النبي يوم فتح مكة قال في جماعة: يُقتَلون، ليس لهم أمان، عبد الله بن سعد، عبد الله بن خطل، مقيس بن صبابة، وامرأتان، هؤلاء يُقتَلون! هاتان الامرأتان كانتا تهجوان وتقولان قولاً عظيماً فيه، لعنة الله عليهما، فهذا عبد الله بن سعد يا سيدنا عثمان، أتعزل فاتح مصر – عمرو بن العاص – وتضعه؟ لماذا؟ أغضبت الناس، الناس غضبت، الناس امتلأت قلوبها، تقيَّحت! ثم أن النبي قال: يُقتَل، فأتى به سيدنا عثمان يوم فتح مكة، أتى به آخذاً بيده ودخل على الرسول يستوهبه إياه، أي هبه لي واعف عنه، قال: يا رسول الله هبه لي، فالنبي أشاح بوجهه عنه، قال: يا رسول الله هبه لي، فأشاح بوجهه عنه، قال: يا رسول الله هبه لي، ثلاث مرات! والنبي لم يكن يقدر على أن يقول لأحد “لا”، كريم جداً، فقال: هو لك، فخرج به، فالنبي قال: أما كان منكم رجلٌ يقوم إلى هذا فيضرِبَه؟ قالوا: يا رسول الله لو أنك أشرت بعينك، أي غمزت بعينك، قال: ما كان لنبيٍ أن تكون له خائنة أعين، يا ليت قام أحدكم وقتله! هل النبي يقول هذا وهو يعلم خيراً في هذا؟ إلى آخر لحظة كان يُريد النبي أن يُقتَل، سيدنا عثمان رأى هذا وسمع هذا، يعزل عمراً ويضع عبد الله بن سعد! يا أخي ما هذا؟ ما هذا؟ شيئ غريب عجيب، لذلك الإمام المودودي – أبو الأعلى المودودي – في الخلافة والمُلك ماذا قال؟ وصف عهد عثمان بأنه كان بداية التحول – لم يبدأ التحول في أيام مُعاوية، وإنما بدأ في أيام عثمان – من الخلافة الراشدة إلى المُلك العضوض. نعم لم يتحوَّل بشكل كامل لكن هذا كان بداية التحول، بداية الانحراف، يقول: وخضعت الدولة كلها من خُراسان شرقاً إلى شمال أفريقية غرباً لحُكّامٍ من بيتٍ واحدٍ، وكانوا جميعاً من الطُلقاء. تفضَّل! المودودي، صفحتا خمس وستين وست وستين، الخلافة والمُلك، كلهم قال، الدولة كلها أصبحت يحكمها الطُلقاء، انتهينا وضعنا في ستين داهية للأسف الشديد.
وروى الذهبي – رحمة الله عليه – في تاريخ الإسلام عن ابن شهاب الزُهري – ماذا قال؟ -: وليَ عثمان فعمل ست سنين لا ينقم عليه الناس شيئاً – لأن هناك ثنتي عشرة سنة، أول ست سنين من أحسن ما يكون -، وأنه لأحب إليهم من عمر – لماذا؟ عمر كان فيه شدة، عثمان رقيق ولين -؛ لأن عمر كان شديداً عليهم، فلما وليهم عثمان لان لهم ووصلهم، ثم إنه توانى في أمرهم – توقَّف عن النظر في مصلحة الرعية، هذا معنى تواني في أمرهم، توقَّف عن الاهتمام -، واستعمل أقرباءه وأهل بيته في الست الأواخر، وكتب لمروان بخُمس مصر أو بخُمس إفريقية، وآثر أقرباءه بالمال، وتأوَّل في ذلك – ما حُجته؟ – الصلة التي أمر الله بها – أي صلة الأرحام، هكذا كان اجتهاده -، واتخذ الأموال، واستسلف من بيت المال، وقال: إن أبا بكر وعمر تركا من ذلك ما هو لهما – من حق الخليفة أن يعمل هذا، هما لم يعملا هذا لكنني أُريد أن أعمل، من حقي أن أعمل هذه الأشياء، عجيب -، وإني أخذته فقسمته في أقربائي، فأنكر الناس عليه ذلك.
وحُقَّ لهم، حُقَّ لهم أن يُنكِروا حقيقةً!
وذكر ابن طاهر المقدسي أن من أسباب النقم عليه أن عبد الله بن سعد بن أبي سرح قتل سبعمائة رجل برجلٍ واحدٍ، في الحقيقة أنا تقصيت سريعاً ولم أتعب هنا، وجدت أن ابن طاهر لم يذكر سنداً لهذه الحكاية، فلابد أن يُذكَر لها سند حتى يُنظَر فيه، فالمفروض ألا يُؤخَذ به، لكن الذي قرأناه في كُتب التاريخ ليس هكذا، الذي قرأناه أن عبد الله بن سعد ضرب رجلاً أنكر عليه، ضربه فمات فغضب أهل مصر، فأتوا المدينة في سبعمائة رجل، يبدو أن ابن طاهر خلط هذا بهذا، وإلا هذه تكون جريمة ما كان للمُسلِمين في تلكم الحقبة الابتدائية أن يقبلوها، يُقتَل سبعمائة رجل برجل؟ مُستحيل، لقامت ثورة عظمى، كانت لا تزال عندهم نفوس عزيزة وحرية وما إلى ذلك، هكذا! هو هذا، وبعد ذلك جاءهم مُعاوية ما شاء الله، فجعلهم يسيرون على البيض دون أن يكسروها، خصاهم كما أقول دائماً، أفقدهم عزتهم – والله – بسيف المُعز وذهبه، بالرغبة والرهبة، وإلى اليوم! لكن – الحمد لله – عهد الثورات بدأ ووضع حداً للحقبة المُعاوية العبشمية، حقبة امتدت ألف وأربعمائة سنة يا جماعة، شيئ عجيب يا أخي! لكن ما زالت ثقافتها ضاربة، نحن الآن نمتلخ هذه الثقافة من جذورها، لذلك هم يشعرون بخطر شديد جداً جداً، الذين يسألون لماذا تتكلَّمون في هذه المسائل؟ أقول لهم والله لا يكره الكلام فيها ولا يخافه إلا هؤلاء الطواغيت، بمثل هذه الثقافة لديكم بشّار اليوم في سوريا، لديكم هذا المُجرِم بمثل هذه الثقافة، لكن بالثقافة التي نبثها سيذهب إلى الجحيم هو وأمثاله بإذن الله، وهذا أكيد بنسبة مائة في المائة، لا كلام فيه!
على كل حال سوف نرى أيها الإخوة النص على الأقل الذي بين أيدينا، الذي بين أيدينا – كما قلت لكم – يُفيد بأنهم جاءوا يشكون ما صنع ابن سعد من قتل هذا الرجل، فدخل طلحة على عثمان فكلَّمه بكلام شديد – قال له أنصف أهل مصر، يشتكون من هذا الوالي، أي عبد الله بن سعد – وأرسلت إليه عائشة – أرسلت عائشة إلى عثمان – تسأله أن يُنصِفهم من عامله – عبد الله بن سعد بن أبي سرح – ودخل عليه علي عليه السلام وكان مُتكلِّم القوم وقال له: إنما يسألك القوم رجلاً مكان رجل – ما معنى هذا؟ القصاص، إذا ثبت أنه قتل لابد أن يُقتَص منه، انظروا إلى هذا، هذا الدين العظيم يا جماعة وليس دين مُعاوية، لماذا هو دين عظيم؟ حتى لو كنت رئيساً وقتلت تُقتَل، لو قتلت ظُلماً تُقتَل، لا يُوجَد عندنا غير هذا، دين هذا يا حبيبي، الناس كأسنان المشط، أليس كذلك؟ النبي أقاد من نفسه أو أعطى الفرصة أن يُقتاد منه، كيف لا أقتاد من والٍ؟ لما جاء مُعاوية حط مبدأً جديداً: إني لا أُقيد من ولاتي، ولاتي يقتلون ويُدمِّرون ويُقطِّعون الأيدي ولا يُقتاد منهم، أعطيكم مالاً، لكن لا للقود، خرَّب الإسلام ولعب بالدين، لكن الإمام عليّ على الدين الصحيح، قال إنما يسألك القوم رجلاً مكان رجل، إذا قتل يُقتَل، لكن هناك اجراءات طبعاً قانونية، اجراءات قانونية دقيقة! وسنرى كيف قالها الإمام عليّ – وقد ادّعوا قبله دماً – ادّعوا أن عبد الله بن سعد بن أبي سرح هذا قتل رجلاً – فاعزله عنهم – لأن لا يُمكِن أن تُقاضيه وهو أعلى سُلطة، في الأول يُعزَل فيصير واحداً من الرعية، بعد ذلك يأتي قاضٍ ويحكم، إذا كان هناك قصاص يُقتَص منه، تُوجَد إجراءات قانونية – وأقض بينهم – وهو معزول -، فإن وجب عليه حق فانصفهم منه – حتى لو القتل، لا يُمكِن غير هذا -، فقال لهم عثمان: اختاروا رجلاً أوليه عليكم مكانه، فأشار الناس عليهم بمحمد بن أبي بكر ……. إلى آخر الحكاية، هذا هو!
إذن سيدنا عثمان أنا ما افتريت عليه ولا افتريت على حقبته ولا على طلحة والزُبير، هذه أشياء كلها واقعية، وبالنسبة لكونه أطلق أيدي بني أُمية في الناس هذا مُثبَت، أنا أتيتكم بنماذج سريعة وإلا الموضوع طويل وكُتِبَت فيه عشرات الصحائف.
نأتي الآن إلى شُبهة ابن عمر والنساء وأنني قلت ابن عمر “نسوانجي”، أي يُحِب النساء، هذا ليس عيباً، أن يُحِب النساء ليس عيباً، لكن أنا قلتها في سياق تعليقي على كلمة أبيه الفاروق، وبالمُناسَبة لا أعرف هل قلت هذا أم لا، أنا لا أذكر أنني قلت “نسوانجي”، أنا قلت يُحِب النساء أو تبع نساء، قد يكون هذا ما قلته فلا أعرف، هناك مقطع في اليوتيوب YouTube يُكذِّبهم، يقول لا، الشيخ ما قال هذا، قال أنه تبع نساء أو يُحِب النساء، لم أقل “نسوانجي”، لم أقل هذا، لكن إن كنت قلتها فنسوانجي تعني أنه يُحِب النساء ونعم ابن عمر يُحِب النساء وأستاذ في هذا، أستاذ! هذا معروف، يُحِب هذا الشيئ، وهذا ليس عيباً، النبي قال حُبِّبَ إلي من دنياكم، لكن أنا ذكرتها في أي سياق؟ في سياق التعليق على موقف عمر، رفض عمر أن تأتي وتقر في أُذنيه قائلاً ول أو استخلف ابنك، قال لهم هذا لا يصلح، لا يصلح حتى لتطليق نسائه، أي أنه ضعيف في النواحي هذه، وأنا هذا اعتقادي في هذا الرجل الصالح، سيدنا عبد الله بن عمر – رضوان الله عليهما – رجل صالح صالح وعابد ومُتسنِّن وتقي لكنه شخصية ضعيفة مُتردِّدة، هذا لا يضيره ولا يشينه يا جماعة، لا أتحدَّث عن آلهة ولا ملائكة يا إخواني، يا أخي الأنبياء اختلفوا، سيدنا موسى لو أردت أن تقرأ شخصيته قراءة علمية بعقل علمي ماذا سوف يكون الحاصل لديك في البداية؟ أنه شخصية غضوبة، قال الله غَضْبَانَ أَسِفًا ۚ ۩، وقال أيضاً وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ ۚ ۩، فضلاً عن أنه قال بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي ۖ ۩، هو هكذا! شخص عنده هذا الشيئ! عكس مَن؟ روح الله عيسى، عنده حلم وهدوء، عكس النبي محمد عليه السلام، حلم عجيب جداً جداً، لا تزيده شدة الجهل عليه إلا حلماً، فقط يتبسَّم هكذا، غريب! طباع يا إخواني هذه، سيدنا إبراهيم حليم، قال الله إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ ۩، بعدما فعل قوم لوط كل ما فعلوا وخاصة ما يتعلَّق بالرجال وما إلى ذلك وعرف أن هذه ملائكة جاءت تخسف بهم ماذا قال؟ قال الله يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ ۩، قال الله فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ ۩، وجاءته البُشرى! على الأقل الته وتعلَّل بالبُشرى، بشَّرناك بولد ذكر، قال ليس هذا المُهِم الآن، المُهِم ألا يهلك هؤلاء القوم، المُهِم ألا يهلكوا، يا الله! قلب كبير سيدنا إبراهيم عليه السلام، أبو الأنبياء! قال الله يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ ۩ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ ۩، نوح لم يكن كذلك، قال الله وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا ۩، إذن عندنا نموذج موسى ونوح، وعندنا نموذج محمد وإبراهيم وعيسى، نماذج! النبي نمذج هذه النماذج وأكَّدها حين قال ماذا؟ يا أبا بكر إن فيك شبه من إبراهيم ومن عيسى، رأينا إبراهيم وعرفنا السبب، واضح لماذا قال إبراهيم، ورأينا أيضاً عيسى الذي قال إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ ۖ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ۩، هذا هو! ويا عمر إن فيك – قال له – مثلاً من نوح ومن موسى، موسى دعا عليهم وقال فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّىٰ يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ ۩، دمِّرهم قال، انتهى الأمر! فهكذا البشر، لكنهم يُريدون منا أن نكون هُبلاً ويُريدون أن يُفهِمونا أن كل الصحابة ما شاء الله كذا وكذا، ما معنى هذا؟ هل هم ملائكة؟ بشر هؤلاء، منهم الرجل العسكري ومنهم السياسي ومنهم الفارس ومنهم مَن يخاف ومنهم الكريم ومنهم البخيل ومنهم العابد ومنهم الأقل عبادة، أليس كذلك؟ ومنهم كذا وكذا، منهم عفيف النفس ومنهم مَن ليس عنده عفة نفس، وسوف أكون واضحاً، سوف نرى اليوم هذا في كلامنا عن أبي هُريرة رحمه الله، هذا الرجل لم يكن عنده عفة نفس، سوف يُجَن جنونهم! سوف أقرأ أحاديث في البخاري ومُسلِم، سوف نرى هذا، ليس عنده هذه العفة، منا الآن مَن هو مُستعِد لأن يموت ولا يعمل أشياء عملها أبو هُريرة، غير مُستعِد لأن يعملها، يقول أُحِب أن أموت ولا أعملها، أموت! أبو هُريرة لم يكن عنده هذا، طبيعة مُختلِفة، رضوان الله عليه، شخص آخر، الناس تختلف يا جماعة، فابن عمر كان شخصية مُتردِّدة وضعيفة ويُحِب النساء، وسوف تسمعون اليوم كلاماً مني لا هم يعرفونه ولا أنتم، أي لأول مرة، سوف يُقال عدنان يتبجَّح، لا أتبجَّح لكن أنا أُحِب أن أتكلَّم عن علم، وحين أتكلَّم عن أي شيئ تكون عندي أدلتي دائماً، لكن أنت لست مُتفرِّغاً.
(ملحوظة) سأل الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم عن وقت الحلقة ولما علم بانتهائه قال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أضف تعليق