أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، يا رب لك الحمد حمداً كثيراً طيباً مُبارَكاً فيه كما تُحِب وترضى، نعوذ برضاك من سخطك ونعوذ بمُعافاتك من عقوبتك ونعوذ بك منك، لا نُحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيت على نفسك، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا وحبيبنا محمداً عبده ورسوله وصفوته من خلقه وأمينه على وحيه، فاجعل اللهم شرائف صلواتك ونوامي بركاتك ورأفة تحننك على هذا النبي العربي الأُمي الكريم وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحابته المُبارَكين الميامين وأتباعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ۩، ربنا افتح علينا بالحق وأنت خير الفاتحين واهدنا لما اختُلِفَ فيه من الحق بإذنك إنك تهدي مَن تشاء إلى صراط مُستقيم، ولا تُضِلنا بعد إذ هديتنا ولا تخذلنا ولا تُسلِمنا برحمتك يا أرحم الراحمين.
أما بعد، إخواني وأحبتي في الله، أخواتي الفاضلات:
أُحييكم جميعاً بتحية الإسلام، فالسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
كما تعلمون وكما تم الإعلان قبل أيام ستكون هذه الجلسة التي أسأل الله – تبارك وتعالى – أن يُبارِكها للرد على جماعة من إخواننا المشايخ الذين تصدوا للرد على شخصي الضعيف في غيرما مسألةٍ في برنامج مُتلفَز عُرِضَ قبل بضعة أسابيع تقريباً وامتد زُهاء ساعتين، وهم الشيخ نواف السالم والشيخ عثمان الخميس والشيخ محمد الداهوم بارك الله فيهم وأصلح أحوالنا وأحوالهم وهدانا جميعاً لما اختُلِفَ فيه من الحق بإذنه. اللهم آمين.
وأُحِب أن أقول لإخواني المشايخ الثلاثة ولغيرهم أيضاً مِمَن نسج على منوالهم وتأثَّر بهم أُعلِن عليكم ابتداءً الحُب والتسامح ثم الدليل والبيّنة، لسنا أعداءً، نحن إخوةٌ في المِلة والدين، أنا يكفيني من إخواني المُسلِمين أن يكونوا من أهل القبلة ومن أهل “لا إله إلا الله، محمدٌ رسول الله”، هذا الذي أدمنت عليه بفضل الله تبارك وتعالى، وهذا الذي ورِمَت لأجله أنوف أُناسٍ، كيف تتعاطى مع الشيعة والزيود والإباضية بهذا المنطق؟ وأنا أقول كيف لا أتعاطى معهم أصلاً بهذا المنطق وهم من أهل “لا إله إلا اللهن محمدٌ رسول الله”؟ أهل توحيد، كتابهم كتابنا، نبيهم نبينا، قبلتهم قبلتنا، وذبيحتهم ذبيحتنا، إنهم أهل هذه المِلة المرحومة، أسأل الله – تبارك وتعالى – بأسمائه الحُسنى وصفاته العُلا أن يزيدني حُباً فيهم جميعاً – في أهل “لا إله إلا الله” – وأن يُوفِّقنا جميعاً إلى ما يُحِبه ويرضاه، هذا ديني الذي أعيش به وأسأل الله أن ألقاه عليه، ربنا لا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا، وليس إخواني هؤلاء المشايخ وأمثالهم بدعاً من هؤلاء، هم أيضاً من أهل هذه المِلة والدين، طريقتهم هم وكيف ينظرون إلى المِلة والدين بحيث يُضيِّقون نطاقها وساحتها جداً جداً حتى لا يكادون ينفون كثيراً من المُسلِمين خارج هذه الدائرة أقول لهم ناصحاً أميناً ومُحِباً مُخلِصاً عليكم أن تُراجِعوا هذه الطريقة، هذه الطريقة خطيرة جداً، قد تُورِّطكم فيما لا يكون فيه نجاتكم وسعادتكم في الآخرة، القول في المُسلِمين وفي المُوحِّدين بغير علم قاطع وحُجة فالجة بيّنة شيئٌ عظيمٌ عند الله تبارك وتعالى، وقد أخبرنا سُبحانه وتعالى أنه غفر وتجاوز وتقبَّل مَن استعلن بعقائد التوحيد والإيمان، وثبت هذا في الصحيح عن ابن عباس – رضيَ الله تعالى عنهما – في تفسير قوافل البقرة وخواتمها.
ما كنت إخواني وأخواتي راغباً في هذا الرد يشهد الله تبارك وتعالى، وقد رغبت عنه مُنذ البداية، وذلكم لجُملة أسباب، منها أنني تابعت شيئاً مما تفضَّل به إخواني المشايخ المذكورون وخاصة الشيخ الخميس والشيخ الداهوم في حلقات سابقة ومن غير مُبالَغة ومن غير بخس لم أجد حُجة حقة، وجدت سباباً وشتائم وإقذعاً ومواقف شخصية، فضربت كشحاً وليتاً وقلت يغفر الله لي ولإخواني، ثم لما كانت هذه الحلقة المُتلفَزة في زُهاء ساعتين علمت أن في مُتابَعتي لها تضييعاً لوقتي، ويشهد الله أنني لم أُتابِعها ولم اطلع إلا على زُهاء ثماني دقائق، مقطع نزَّله بعض الإخوة على اليوتيوب YouTube، وغير ذلك لم أجد دافعاً أن أُتابِع، مُنذ البداية لو وجدت علماً وإنصافاً واقتداراً لتابعت، لعلني أستفيد، لعلني أكون ضالاً في بعض المسائل فأهتدي، ولست فوق أن أُنصَح وفوق أن أُنقَد، ولكني لم أجد هذا، لذلك رغبت عن الاستماع ومُشاهَدة هذه الحلقة، والسبب الثاني علمت أنهم لما كانوا لا يحتجون علىّ بحُجج وبيّنات واضحة وفالجة أنني لو رددت سأكون مُنتصِفاً ومُنتصِراً لنفسي ولشخصي الضعيف، وأنا مُوقِن بأن هذا لا يُرضي الله تبارك وتعالى، وأعلم – والله – أن الله – تبارك وتعالى – لن يُبارِك في هذا الرد ولن يفيد منه المُسلِمون شيئاً جديداً بل سيُوغِر الصدور وسيزداد به الجو تسمماً، والجو الإسلامي للأسف في هذه العقود إلى حد بعيد مُسمَّم أيها الإخوة، انظروا إلى طريقة النقاش والحوار، الإقذاع والسباب والشتائم والتهكم والتمسخر والبهت والافتراء، وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى ۩، البهت والافتراء والاقتطاع.
المُسلِم الحق لا يُمكِن أن يُسوِّغ لنفسه أن يفتري على عدو كافر، فكيف على مُسلِم؟ أما الفتاوى التي تُبرِّر الافتراء على كل مَن خالف وعلى كل مَن لم يتطابق معنا هذه شأنها شأن مَن افتراها وشأنهم معروف، نسأل الله لهم الهداية والصلاح، يُسوِّغون هذا، يقولون خُطة أن نرميهم بكذا وكذا – بالترفض، بالزندقة، وبأي شيئ – ثم نغسل أيدينا منه، ينفض عنه الناس بهذه الطريقة، لا يجوز، وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى ۩، رمي المُسلِمين والمُوحِّدين بهتانٌ – والعياذ بالله – عظيمٌ بما ليس فيهم طبعاً، بهتانٌ عظيمٌ!
ولذلك إخواني وأخواتي سأضرب صفحاً عن ذكر قائمة السباب والشتائم وهي قائمة طويلة نسبياً، عشرات الألفاظ سُبِبت بها في أثناء الحلقة المُتلفَزة هذه، أستحقها أو لا أستحقها؟ الله حكمٌ بين عباده، لن أُعلِّق عليها، فقط أقول لإخواني وللأخ مُقدِّم الحلقة الشيخ نواف السالم – حفظه الله – حتى إذا أردت أن تسب عليك أن تعرف كيف تسب، في السب حتى لابد أن تكون عارفاً بما تسب، تُسميني الدعي، فهل عرفت معنى الدعي؟ الدعي مِن الدِعوة والدِعاوة، والدِعوة في النسب والدَعوة في الطعام كما قال ابن شُميل، الدِعوة في النسب، يُقال هو دعي النسب أي زنيم وظنين، لا يُعرَف مَن أبوه، لذلك يا أخي الشيخ سالم – حفظك الله وأصلحني وإياك – عليك أن تعرف كيف تسب، أنا أعلم أنه يُريد المُدّعي، مُدّعي العلم والفهم، أعلم هذا، لكنه يُسميني الدعي، ويطير بها الجُهلاء والأغمار: الدعي الدعي! قولة عظيمة، على الأقل مَن أحب أن يسب ولا يشتفي إلا بالسب فليسب عن بيّنة وليسب عن معرفة، فرقٌ بين الدِعوة وفرقٌ بين الدَعوة، وأترك هذه المسألة وأمضي.
لاحظت إخواني وأخواتي أن في كلام هؤلاء المشايخ – بارك الله فيهم وأصلح حالهم وأحوالنا – مُسلَّمة موجودة في أنحاء ومطاوي حديثهم بل في مطاوي مُعظَم أحاديثهم وهي تقريباً مُعادَلة الإسلام الحق بأهل السُنة والجماعة، الإسلام تقريباً يُساوي أهل السُنة والجماعة، ثم مُعادَلة أهل السُنة والجماعة بأهل الحديث والمُتحنبِلة، أي الحنابلة، بمعنى بضربة واحدة نحن أخرجنا الزيود أو الشيعة الزيدية والشيعة الإمامية والإخوة الإباضية، بضربة واحدة تقريباً، أنا لا أنسب إليهم أنهم يُكفِّرون هكذا ولكن هذا يتكرَّر بشكل واضح يا إخواني، لذلك يتكرَّر وتكرَّر غير مرة في كلامهم علىّ، لو قيل أنه غير مُسلِم أو قريب من الكفر والزندقة لما كان بعيداً، هكذا! ثم بضربة أُخرى أيها الإخوة وهي المُصيبة خرج الأحناف والشوافع والمالكية، تعرفون لماذا؟ انتبهوا، أنا أُريد من إخواني وأخواتي الذين سيُقدَّر لهم سماع هذه الحلقات أن يُلاحِظوا شيئاً، وأسأل الله أن ينفخ في هذه الحلقات من روحه وأن يُبارِك فيها ويجعلها خالصةً لوجهه، لا حظ لي فيها ولا لأحد إن شاء الله تعالى – اللهم آمين – وإلا فلا بارك الله فيها والله، عليكم إخواني وأخواتي أن تُلاحِظوا أن الشوافع والمالكية تقريباً كلهم من عند آخرهم إلا ما ندر هم أشاعرة، أشاعرة! هذه الكلمة التي تقب لها أبدان خلق من الناس لم يعرفوا يوماً ولم يدروا ما هو التمشعر ولا ما هو المذهب الأشعري، لا يعرفون، أصبحت كالنبذ: أشعري، عدنان إبراهيم أشعري، وتلك شكاة ظاهرٌ عنك عاهرها، نعم أنا في الأصل أشعري وما زلت في مُعظَم اعتقادي أشعرياً لأنني شافعي، أنا شافعي في الفروع وأشعري في الأصول، وكل الشوافع أشاعرة وكل المالكية أشاعرة كما قال ابن السُبكي – رحمة الله تعالى عليه – في مُعيد النعم ومُبيد النقم، وهذا معروف لمَن درس العقائد وتاريخ العقائد وتوزيع هذه الطوائف على أهلها ومداليلها، وأما الأحناف فهم ماتريدية وهم إخوة الأشاعرة، لم يكادوا يختلفون مع الأشاعرة إلا في بضع عشرة مسألة، ولعلها تربو على العشرين بقليل، فتقريباً الماتريدي يُعادِل الأشعري والأشعري يُساوي الماتريدي، وهكذا إذن وفق هذه المُسلَّمة التي تتكرَّر كثيراً وتُرسَل على أنها مقبولة ومفروضة في النقاش والحوار والردود والكتابة والتعليم والمناهج الدراسية الجامعية فما دونها الشوافع ليسوا من أهل السُنة، عجيب! المالكية ليسوا من أهل السُنة لأنهم أشاعرة، والماتريدية الأحناف ليسوا من أهل السُنة، مَن بقيَ إذن ليُمثِّل أهل السُنة؟ الحنابلة ومَن سار على طريقة فقهاء الحديث؟ والسؤال كم يُمثِّل هؤلاء؟ كم هي نسبتهم؟ خمسة في المائة أو أقل أو أكثر بقليل؟ إذن ماذا نفعل؟ أُحِب أن أكون واضحاً معكم، وأنا هنا أُوجِّه دعوة جادة وصريحة وصارمة للأزهر الشريف الذي استقال إلا قليلاً من مهامه العلمية والإرشادية والتربوية وأقول له أنت تعلم أيها الإزهر الشريف بعلمائك الفخام الكرام أنك أشعري، كنت ولا تزال تُدرِّس العقيدة الأشعرية، انتصر لأهل السُنة والجماعة، على الأقل حتى لا يُرمى أهل السُنة والجماعة بالعظائم، حتى لا تُرمى العقائد الحقة بأنها عقائد ضالة مُضِلة كذا وكذا وهي عقائد أهل السُنة والجماعة، لابد أن تستبين السبيل، لابد أن يضح المنهج بشكل واضح، لابد أن نضع الأشياء في مواضعها.
قُبيل أسابيع جاءني أحد إخواني الأحباب وهو إنسان لطيف وطيب وكريم، استمع إلى جُزء من حديثي بعد خُطبة الجُمعة ثم رفع يده مُتسائلاً: يا شيخ عدنان هل أنت فعلاً شاعري؟ فتبسمت، الرجل حتى لا يعرف يضبط الكلمة، لا يُميِّز، سمع أشعري أو مُتمشعِر أو أشاعرة ونسيَ، وطبعاً وقع في وهله ووقر في خلده أنها تُهمة فظيعة أن تكون أشعرياً، فما معنى الأشعرية؟ لا يعرف، شاعري!
(لا يجوز أن نعبث أيها الإخوة بتصورات الناس ونلعب على مُخيلة الناس مُنتهِزين حالة العماء والغماء وحالة الجهل المُتفشي التي يُساهِم أمثال هؤلاء الناس هداهم الله في تكريسها وتعزيزها)، بين مُزدوَجين أقول هذا وأسأل الله ألا أكون مُستفِزاً بهذه الجُملة لأني لم آت هنا أبداً لأستفز، منهجهم غير علمي، طريقتهم غير علمية، تعاطيهم مع النصوص ومع الوثائق ومع الحقائق غير علمي، يقوم على التهريج، على السباب، على الشتم، وعلى النبذ بالألقاب، سوف ترون اليوم أيها الإخوة كيف يكون الكلام العلمي المُوثَّق المُدلَّل المُعلَّل وكيف يكون النبذ والإقذاع والشتم فقط والسب، للأسف هذه الطريقة عزَّزت وكرَّست وموَّنت مناخ الجهل ومناخ الفراغ العلمي لدى عامة المُسلِمين، نحن نُحاوِل أن نفعل العكس بفضل الله تبارك وتعالى، نُحاوِل أن نفعل العكس.
وعلى ذكر مُحاوَلتنا ومُحاوَلة هؤلاء – والله تبارك وتعالى من وراء قلب كل امرئ ولسانه عالم بالنوايا وعالم بالقصود – أُبشِّركم وأُبشِّر إخواننا وأحبابنا – بفضل الله تبارك وتعالى – بعد هذه الجولات وبعد هذه المُصاوَلات التأييد يزداد باستمرار، لا أقول لشخصي الضعيف، مَن أنا؟ وأنا هنا سأنتهز هذه الفرصة وأقول: اللهم مالك المُلك، عالم الغيب والشهادة، رب السماوات السبع وما أظللن، رب الأراضين السبع وما أقللن، إن كنت تعلم أن العبد الضعيف عدنان إبراهيم يعمل ليشنأ الإسلام أو يكيد له أو لأهله أو لنبيه أو لكتابه اللهم إني أسألك بأسمائك الحُسنى وصفاتك العُلا أن تهديه وأن تُنير بصيرته فإن لم تفعل أن تغفر له وأن تأخذه إلى جوارك، أن تُميتني وألا تُمد لي في حبل عُمري، سألتك بأسمائك الحُسنى وصفاتك العُلا يا جليل يا سميع الدعاء، لأنني كما أقول دائماً وأُعيدها أيها الإخوة لست مِمَن يلعب بدينه، اليوم لن أتعرَّض لهذه المسائل لأن ثمة مسائل علمية هائلة سأخوض فيها، لكن سأنتهز أيضاً هذه الفرصة في هذا المقام الكريم – بإذن الله – لأُجيب أخي الشيخ محمد الداهوم، قال لي أنا أُريد أن تُجيبني عن موضوع علاقتك بمُجتبى الشيرازي، فقط الآن يُريد هذا، أنا أقول له – للأسف مُضطَر أن أُقسِم – أُقسِم بعزة جلال الله لا علاقة لي لا بالشيرازي ولا بغير الشيرازي، أما أنا مُجتبى الشيرازي بالذات هو المخصوص فهذا الشخص بذاته أنا لا أحترمه مُطلَقاً، أنا أحترم كل المُسلِمين شيعة وزيوداً وإباضية وإلى آخره، وهذا الرجل بالذات مُجتبى الشيرازي قد تكلَّمت عنه في خُطبة دون أن أذكر اسمه وليس من هديي أن أذكر أسماء الناس، حتى الذين يسبوني أمثالكم لا أذكر أسماءهم، هذا تكلَّمت عنه دون أن أذكر اسمه لأنني تأذيت جداً جداً جداً بوقاحته وبذاءة لسانه في حق أصحاب رسول الله وفي حق المُسلِمين الأحياء والميتين، تأذيت منه جداً، وعلَّقت على ما أذكر في خُطبة قبل أشهر، قلت أنا لا أتوقع من رجل شيبة كبيرة ينبغي أن تكون وقورة ومُحترَمة أن يفوه بمثل هذه البذاءات، بذاءات لا يُمكِن لي ولا لأحد منكم أو منكن أن يفوه بها.
ثم يا أخي محمد الداهوم وأخي عثمان الخميس – أصلحني الله وإياكما – ما ذكرتما عني سيناريو، ألَّفا سيناريو مُتخيَّل حين كنت في الكويت، على كل حال أنا أُرمى بالتقية، لا يُمكِن! ليس مثلي بالذات مَن يُرمى بالتقية، تعرفون لماذا؟ لأن كل حُجة تأخذانها علىّ فإنما تأخذانها من كلامي، أنا رجل صريح، فوق الصراحة ذاتها – بفضل الله تبارك وتعالى – وهذا معروف عني، معروف عني جراءتي وجسارتي تقريباً المُتفرِّدة، ما رأيكم؟ أنا أُغامِر دائماً حتى بسُمعتي وبمصالحي فقط في سبيل أن أُعرِب وأن أُبين عن عقائدي وقناعاتي، أفعل هذا دائماً – دائماً وعلى المنبر – وهذا ينزل على اليوتيوب YouTube، أنا لا أُخفي شيئاً من قناعاتي – بفضل الله تبارك وتعالى – كما يفعل كثيرون من المُتمشيخة والمُترسِّمين برسوم العلم، أنا لا أفعل هذا، ولا أعتبر أن هذا بلية، بالعكس هذا من مزاياي لأنني مُرتاح ومُتصالِح مع نفسي، ليس لي شخصيتان، ليس لي وجهان، ليس لي ظاهر وباطن، الذي في قلبي أقوله على لساني بفضل الله.
كنت في الكويت وأحببت أن أُصلي الجمعة، وأنا ذكرت هذا في جلسة من جلسات مُسلسَل التعريف بمباحث الفلسفة الذي دُعيت إليه في الكويت الحبيبة، أنا قلت هذا والآن أُشهِد الله عليه، أُشهِد الله على ما حدث يا أخي الداهوم، أنا خرجت يوم الجُمعة فلا والله لم يكن معي أحد ولا سائق تاكسي ولا أحد، لم أكن إلا وحدي والله، والجُمعة موضوعة عني وأعرف هذا، لكن أحببت أن أُصلي الجُمعة وأن أستمع إلى خطيب في الكويت الحبيبة، فخرجت والجو حار جداً بالنسبة إلىّ كإنسان يعيش في أوروبا، مشيت وسمعت قرآناً بمقام عراقي حزين، فقلت هذا مسجد، فقصدته ويممته، فمن شكله ومن زخرفته علمت أنه مسجد شيعي، أُصلي خلف الشيعي وخلف الإباضي وخلف الزيدي من غير حريجة – دونما أدنى حريجة – بفضل الله، ولكنني أعلم أن مساجد إخوتنا الشيعة الإمامية لا يُقيمون الجُمعة، ولكن أنا أُريد أن أُصلي الجُمعة، أُريد أن أستمع إلى خُطبة، فانصرفت عنه، هذا ما حديث يا أخي الداهوم، تُريد أن تعرف عدنان إبراهيم؟ هذا ما حدث، وسألت رجلاً يبدو أنه باكستاني من سحنته، قلت له أخي أليس هناك ثمة مسجد آخر؟ قال هذا هو، قت له لا، مسجد آخر سُني، نظر هكذا وقال لا، في هذا المكان لا يُوجَد، الشيخ الداهوم يقول هذه بليده، لكن أنا لا أعرف هي بليده أم ماذا، لا أعرف! أنا لا أعرف أين أنا أصلاً، أنا ضيف فقط، وأنا لست من طلّاب السياحة في الأرض أبداً، إن خرجت أنا أخرج فقط للمكتبات أشتري كُتباً، لا أذهب لأتسوح ولا أتفسح، أنا حياتي كلها يا شيخ محمد الداهوم – وأنت ارتأيت أن تُعرِّف بي وأنت لا تعرف عني شيئاً – مُنذ نعومة الأظفار وأنا دون العاشرة في العلم وبين بطون الكُتب، أنا لم أُولَد هكذا ولادة إعجازية بعد الثلاثين أو الأربعين وأصبحت – مثلاً – من أهل العلم، لا، أنا حياتي كلها في بطون العلم والأسفار بفضل الله تبارك وتعالى، فقال لي لا يُوجَد ثمة آخر، ليس إلا هذا، فقلت على بركة الله، دخلت وصلينا معهم الظهر وجمعوا العصر جمع تقديم وألقى أحد الشيرازيين – لا أعرفه، شاب صغير ربما في الأربعين من عمره، وربما يكون سنيني، أي في مثل سني، جاوز الأربعين بقليل، لا أدري على كل حال – موعظة عن محمد وآل محمد حقيقةً خشع لها قلبي، أنا من المُحِبين المُتيمين برسول الله وآل رسول الله في الحقيقة، أنا من العاشقين لآل محمد نعم، وأقول لأخي الشيخ الخميس – دائماً هو يهوله حديثي عن فاطمة، يقول كيف يتحدَّث عن فاطمة؟ – يا أخي الشيخ عثمان – والله العظيم يا أخي، أُقسِم بالله وأنا لك مُحِب إن شاء الله تعالى، لا أقول هذا مُبالِغاً، والله أنا أُحِب كل المُوحِّدين – نصيحة من العبد الضعيف عدنان إبراهيم لأخيه عثمان الخميس: راجع نفسك في تعليقاتك على أهل البيت، ما الذي يغيظك أنني أُسلِّم على فاطمة؟ أُحِب فاطمة، يا أخي كيف لا أُحِبها؟ هل تتوقع مني أن أجعل عائشة – رضوان الله عليها – في مثل مقام فاطمة؟ إني إذن لمِن الجاهلين، وهذا سيغيظك ربما، لا!خُذوا هذا عني، قولوا قال عدنان إبراهيم ثم احكموا بما شئتم، لست من الجاهلين أيها الإخوة أو المخذولين لأقول إن عائشة يُمكِن أن تُقرَن بفاطمة أصلاً، عائشة بنت أبي بكر، فاطمة بنت محمد، لن أُغلَب على عقلي، بنت محمد يا شيخ عثمان، طبعاً لن أتحدَّث عن عائشة بأي حال من الأحوال كما أتحدَّث عن فاطمة حتى تكون مُرتاحاً، أنت لا تكتشف خبأً، أنت لا تكشف عن سر، انظروا كيف يتحدَّث عن فاطمة؟ فاطمة؟ عليها السلام، أنا خادم لأعتاب فاطمة، خادم لنعل فاطمة عليها السلام، ماذا تتوقع مني؟ فاطمة بضعة مني النبي يقول، بضعة! وهي في الصحاح، يريبني ما يريبها، يُغضِبني ما يُغضِبها، بضعة! إنها بضعة المُصطفى، لحمه ودمه.
اعذورني والله هكذا أُغلَب على نفسي، وقد بدأت هادئاً وأُحِب أن أبقى هادئاً، لكن لا أستطيع، فأقول للشيخ عثمان يا أخي بالله عليك والله أنا مُشفِق عليك – أُقسِم بالله – استهد الله تبارك وتعالى، استهد الله يهدك الله إن شاء الله تعالى، أنا أقول لك هذا المقام الذي أنا فيه الآن هذا خيال، أنا نفسي لا أرى نفسي إلا خيالاً، أرى كل شيئ بمنظور زوالي، كل شيئ زائل ذاهب، هذا البخار والخيال، يا شيخ عثمان ويا شيخ الداهوم وكل المشايخ: تكلَّم – أنا أفعل هذا إن شاء الله تعالى مُستعيناً بالله وهو الله العظيم في نيتي دائماً – كما لو كنت الآن على فراش الموت، أنا الآن أُنزَع وأُحتضَر، ماذا سأقول؟ ولذلك أنا الآن أُكلِّمك يا أخي الشيخ عثمان كما لو كنت أنا الآن على فراش الموت، لن أزيد ولن أنقص، ولذلك أدعو لك وأرجو لك الخير ولإخوانك ولنفسي إن شاء الله، ولكن سأقول لك الحق كما أفهمه، اختلفت أو اتفقت معي الحل عند الله أن تستهديه، عُد إلى نفسك، اترك يا شيخ عثمان الجعجعة والجمهور والناس والمُقترَحات.
تعرفون ما الفرق بيني وبينكم إخواني حفظكم الله؟ أنا لا يقترح علىّ أحد، ما رأيكم؟ والله العظيم! لا أحد يجرؤ أن يقترح علىّ: يا شيخ تكلَّم في هذا ولا تتكلَّم في هذا، لا أحد! تعرفون لماذا؟ لأنني لم أسمح لنفسي ومن فترة بعيدة أن يشتريني أحد، طبعاً وقد أرادوا أن يشتروني، لن أقول الآن مَن هم، فقط لكي تعرفوا جهات كُبرى جداً جداً جداً أكبر مما تتخيَّلون، عدنان إبراهيم أرادت أن تشتريه جهات كُبرى أكبر مما تتخيَّل أصلاً أنت، وطبعاً ستعلم ما هو الثمن الذي كان سيُدفَع لعدنان إبراهيم، كُن واثقاً من هذا، لم أفعل هذا، أُريد أن أبقى وأظل حراً أُفرِغ عن قناعتي وأتكلَّم بمنطقي الخاص، لذلك كلامي عليه مسحة خاصة أيضاً، له امتياز خاص، لأنه كلامي أنا، ليس مُقترَحات علىّ وليس مفروضات وليس أجندات وليس برامج أبداً، نسأل الله جميل فتحه وحُسن تلطفه بنا. اللهم آمين.
على كل حال هذا ما كان قصة صلاتي في مسجد لإمام شيرازي، قال شيرازي وما شيرازي ومُجتبى وما مُجتبى إذن كذا وكذا، ما هذا؟ ما هذا السيناريو العجيب جداً ولا أصفه بغير هذا؟ ما هذا السيناريو المُتخيَّل العجيب؟ لماذا؟ جعلتم من الحبة قُبة وألَّفتم قصة من لا شيئ، أنا أُريد أن أُريحكم يا جماعة المشايخ وجماعة إخواني، وأُشهِد الله على ذلك، في اليوم سيتغيَّر فيه اعتقادي في أي مسألة أنا سأقول هذا على المنبر، أي لكي نأتي بها من قصير – كما يقولون – أو نأتي بها من النهاية أنا لو كنت مُقتنِعاً بعقائد الشيعة الإمامية مع احترامي وحُبي لهم – أُعيدها – لكنت الآن مُبشِّراً بعقائد الشيعة الإمامية وأفعل هذا على المنبر وإن انفض عني مُعظَم جمهوري، انتبه ولا تقل لي تقية ويتقي، أنا لا أتقي إلا الله تبارك وتعالى، ولا أُؤمِن بهذه التقية التي تتحدَّث عنها أو تفهمها، لا أُؤمِن بها ولا أستخدمها ولا أُريد أن أستخدمها، لا تنطبق مع مزاجي، لا تنطبق مع شخصيتي، أنا شخصيتي شخصية واضحة جميعة بيّنة شفّافة وحسّاسة، شفّافة تماماً، ويظهر تحسسها لأي شيئ بوضوخ يُمكِن أن يُفهَم، ولذلك أنا أقول لك اذهب واستفت علماء النفس، قل لهم هذا شخص مُريب وشخص عجيب أتعبنا، استمعوا له خمس ساعات أو أربع ساعات، هذه خمسمائة دينار وقوِّموه لنا، أنا مُتأكِّد لو سألت أي عالم نفس يفهم مهنته سيقول لك هذا شخص عيجب في وضوحه وشفّافيته، عجيب جداً، يندر أن تقع على مثالٍ له الآن في هذا الزمان العجيب الذي كله زمان استخفاء وتمثيل وافتعال، يا جماعة شيئ عجيب، نسأل الله حُسن الهداية على كل حال.
أيضاً لي مُلاحَظة على طريقة إخواني الفضلاء – أصلحني الله وإياهم – وهي أنهم دائماً يُبرِّرون رفضهم المُناظَرة، أنا الآن طبعاً لا أُحاوِر، أنا أرد، وهم لم يُحاوِروني، فقط ردوا، وطبعاً بمُناسَبة الرد وكلمة الرد هذه كلمة لا تهول أيها الإخوة، يستطيع كل مَن هب ودب أن يرد، أليس كذلك؟ أي واحد الآن يستطيع أن يذهب إلى الإنترنت Internet ويُنشيء حساباً – Konto – ويقول الرد على الزنديق عدنان إبراهيم، يُمكِن أن ترد، عادي! أو يقول مُناصَرة ومُعاضَدة العلّامة عدنان إبراهيم، تستطيع هذا، وبالمُناسَبة أسأل الله أن يُرقيني إلى مقام لا أظن أنني بلغته، لكن من عشرات السنين أطوق إلى أن أبلغه، قولوا آمين، أسأل الله أن يُرقيني إليه، أن أصل إلى مقام يستوي عندي فيه المدح والذم، يُقال إبليس ويُقال قديس: يستوي عندي، لا أعتقد أنني بلغته، لكن أظن أنني أقترب منه إن شاء الله تعالى، لا يضرني كثيراً كل هذا، أنا استمعت إلى ساعتين ملئهما السباب والإقذاع والتهجم، في الحقيقة – وأرجو ألا يضحك مني المشايخ – أنا كنت أضحك، والله العظيم! أضحك من كل قلبي حتى تعجبت زوجتي، أضحك ولا أدري لماذا، أضحك! لم أغضب ودعوت لهم، والله العظيم دعوت لهم، يعلم الله أنني دعوت لهم بظهر الغيب، وأدركت أن هذا من لطف الله بي بفضل الله تبارك وتعالى، لم يتحرَّك في حقد ولا غضب ولا فجور ولا فسق أبداً أبداً أبداً، أضحك في مُنتهى الراحة، تعرفون لماذا؟ أعتقد أن سر المسألة بسيط، مَن كان تلمحه ومَن كان وجهه إلى الله وحاول أن يجعل فقط مُبتغاه الله لم يضره لا ذم الناس ولم يُسعِفه كثيراً مدح الناس، مدحوا أو ذموا أنا فقط يُرضيني ويكفيني ويُغنيني علم الله بي تبارك وتعالى.
وَلَيْتَ الّذي بَيْني وَبَيْنَكَ عَامِرٌ و بيني وبينَ العالمينَ خرابُ.
هذا هو، لذلك أنا لا أستفظع أن أُطرَد خارج دائرة السُنة أو حتى خارج دائرة الإسلام، ووالله لو أجمعت الأمة أيها الإخوة على أن عدنان إبراهيم زنديق خارج عن الإسلام دون أن يُناظِروني وأن يُلزِموني الحُجة ما حرَّك هذا في شيئاً، سأجلس في بيتي على أنني الزنديق الخارج عن مِلة الإسلام وأعلم أن الله – تبارك وتعالى – هو الحكم العدل في الدنيا قبل الآخرة، لن يضيرني هذا كثيراً، تستطيع أن تحكم علىّ بما شئت، تعرف لماذا؟ لا يُخيفني هذا، أنا مُعوِّل فقط على علم الله بي، وأنا أعلم نفسي على الأقل، مُستحيل ألا أعلمها، إذا كنت طبعاً لا أعلم نفسي هذا هو الخذلان المُطلَق المُبين، على الأقل أنا أعلم نفسي وأكتفي بعلم الله بي، فإن كنت عنده لست من الكافرين لم يُضِرني شيئٌ أن يُقال هو من الكافرين المُتزندِقين ولم يُحرِّك في شيئاً بفضل الله، ولي أسوة وقدوة بالسادة الأجلاء – بساداتنا – أبي بكر وعمر وعثمان وعليّ رضوان الله عليهم أجمعين، هل منهم أحد لم يُسَب ولم يُلعَن؟ إلى اليوم للأسف الشديد إخواننا الشيعة يتورَّطون في سب أبي بكر وعمر وعثمان ولعنهم والعياذ بالله، إلى اليوم! إلى اليوم يتورَّط الخوارج والنواصب – والعياذ بالله – وأعداء أهل البيت في بغضة عليّ، لا أقول هناك مَن يلعن عليّاً – الآن تقريباً من المُستحيل أن تجد مَن يلعن عليّاً، مُستحيل بفضل الله، هل هناك ناصبي يلعن عليّاً؟ الحمد لله – ولكن هناك مَن يغمزه ومَن يلزمه ومَن يُعرِّض به، وبالمُناسَبة شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – من الناس المُتقدِّمين في هذا الباب، وهذا سأعقد عليه أو سأكسر عليه كما يُقال مُحاضَرة بطولها لكي أُثبِت أنني لا أفتري على شيخ الإسلام رحمة الله عليه، يغمز عليّاً في مواضع كثيرة بمُناسَبة وبغير مُناسَبة، شيئ غريب، ففيه شيئ من النصب، وسأذكر هذا اليوم بالدليل طبعاً، سأذكر هذا بالدليل السريع بما فقط يُناسِب المقام اليوم وإلا الموضوع يحتاج إلى مُحاضَرة مُطوَّلة أيها الإخوة.
على كل حال أبو بكر لُعِن وسُب ولا زال يُلعَن ويُسَب، وعمر كذلك وعثمان والإمام عليّ وأهل البيت للأسف الشديد، فلنا فيهم قدوة وأسوة بفضل الله تبارك وتعالى، ما ضرهم ذلك شيئاً، لكن يُوجَد شيئ عجيب، ألا تُلاحِظون – مثلاً – أن مُعظَم هذه الأمة تتولى وتترضى على أبي بكر وعمر مثلاً؟ كل أهل السُنة والإباضية يفعلون هذا، والزيود يفعلون هذا، فقط الإمامية منهم للأسف طائفة كبيرة تتبرأ من هذين الشيخين الجليلين، عجيب! في المُقابِل الإمام عليّ – عليه السلام – يتولاه أهل السُنة – بفضل الله – والزيدية والإمامية، الإباضية لا يُظهِرون بغضته أبداً، بالعكس – أنا لدي شبه مكتبة إباضية – يقولون كرَّم الله وجهه، وللعلم الإباضية ليسوا خوارج للأسف كما دأبنا على رميهم، ليسوا خوارج! الإباضية ليسوا خوارج وإن زعم الشهرستاني وغير الشهرستاني غير هذا، ليسوا خوارج، عقائدهم تختلف عن عقائد الخوارج اختلافاً بعيداً حقيقةً، وهم طائفة مُعتدِلة إلى حد بعيد أيضاً، يُكرِّمون وجه الإمام عليّ عليه السلام، هناك شخصية وحيدة وهي سبب كل ما نحن فيه – سُبحان الله – تجد مَن ذمها ولعنها وتبرأ منها من جميع الطوائف: مُعاوية، الإمامية موقفهم معروف طبعاً، يلعنونه، الزيدية نفس الشيئ، الإباضية نفس الشيئ، وجماعة من أهل السُنة ذكرت لكم أقوالهم في المُحاضَرات الأولى، أيضاً من أهل السُنة، يسبون مُعاوية ومنهم مَن يعلنه وبعضهم رواة البخاري، يلعنونه، وذكرت لكم هذا بالدليل ومن الكُتب بالجُزء والصفحة بفضل الله، من كُتب أهل السنة طبعاً، فهذا الرجل هو الاستثناء الوحيد الذي تجد له في كل فرقة مَن يتبرأ منه ومَن يُبغِضه في الله تبارك وتعالى، فكأن الله – عز وجل – لم يجعل له هذه المحفوظية بخلاف السادة الأجلاء المذكورين، على كل حال لنا في هذه الجِلة أيها الإخوة قدوة وأسوة وعزاء إن شاء الله تبارك وتعالى.
أُنبِّه إخواني أيضاً المشايخ الفضلاء أصلح الله أحوالهم إلى أن يتخفَّفوا – وإذا استطاعوا أن يُقلِعوا بالكُلية يكون خيراً – من أن يدّعوا المعرفة ببواطن الناس، يعرفون باطن عدنان وغير عدنان وأنه خبيث وباطنه أخبث من ظاهره، أقول لهم اتقوا الله تبارك وتعالى، لا تُشارِكوا الله في صلاحياته، والحديث عن النفس معيب، ومَن تحدَّث عن نفسه فهو كاذب، لن تلزوني أن أتحدَّث عن نفسي وعن باطني وعن علاقتي بالله الخاصة، لن أفعل هذا طبعاً، لن أفعل هذا، وأنا أعلم أنني لو فعلت لوجدتم فيه فرصة وأي فرصة: انظروا إلى هذا الكذّاب الأشر يزعم أنه كذا وكذا وأنه كذا، لن أزعم ولن أذكر شيئاً، الله – تبارك وتعالى – هو الذي يتولى عباده وهو العليم ببواطن العباد يا إخواني وأخواتي، تخفَّفوا من مُشارَكة الله في ادّعائكم معرفة البواطن ومعرفة النفوس والنوايا، اتقوا الله، هذه نصيحة لله.
أيضاً نُقطة ولعلي أختم بها أو بواحدة بعدها – إن شاء الله – وهي نصيحة لأخي مُقدِّم برنامج الشيخ نواف السالم بارك الله فيه، حين دعا على في آخر البرنامج أنا ضحكت، قلت اللهم لا تستجب لا في ولا فيه، اللهم لا تستجب فيه، كيف؟ يدعو علي: اللهم كما أعميت بصيرته – ومَن أدراك أنه أعمى بصيرتي؟ مَن أدراك أنني أعمى البصيرة يا رجل؟ كيف تعرف هذا؟ هل تعرف شيئاً عني؟ لا تعرف – فأعم بصره، ثم استدرك فقال أو اهده – إن شاء الله – وأصلِحه، علم أن الناس لا يقبلون هذا، ربما ظن أن العامة ستغضب من هذا حتى، لماذا؟ على الأقل أنا رجل أدّعي الإسلام، يا أخي من بني آدم، هو قال عني: هذا الشخص، هذا الإنسان، أنا إنسان، أنا هذا الشخص، يقول: المدعو عدنان إبراهيم، حتى يُوجَد شك في اسمي، اسمي عدنان إبراهيم، ليس لي اسم ثانٍ، يقول: المدعو، لماذا تقول المدعو؟ عدنان إبراهيم، لا تُوجَد مُشكِلة! فدعا أن يُعمي الله بصري كما أعمى بصيرتي، أقول لأخي الشيخ السالم – بارك الله فيه وفيكم جميعاً وجمعاوات – من دقيق الفقه في الدين والفهم عن رب العالمين وسيد المُرسَلين أنه كما ورد أن مَن رمى أخاه بكلمة الكفر ولم يكن أهلاً لها حارت عليه وباء هو بها وكما ورد في أن مَن لعن أحداً من عباد الله ولم يكن أهلاً للعنة ولم تجد اللعنة مساغاً لها عادت إليه أو عليه والعياذ بالله، واللعن ما هو؟ دعاء، ما معنى أن لعنه الله؟ مثل رحمه الله، رحمه، لعنه، أخذه، أعطاه، وأكرمه، بصيغة الماضي لكن يُراد منها الدعاء وهذا معروف، هذا الدعاء، هكذا بصيغة الماضي، ويُمكِن أن يكون بالمُضارِع: يرحمه الله ويلعنه الله، هذا دعاء أيضاً، اللعن هو دعاء فانتبهوا، اللعن هو دعاء وهو دعاء خطير، إذا دعوت باللعن على مَن لا يستحق عاد اللعن عليك، كذلك إذا دعوت على أي مُسلِم بغير اللعن أن يفعل الله به كذا وكذا وليس أهلاً للدعاء عاد عليك، فاللهم لا تستجب لأخي سالم لا في ولا فيه، لأنني أُشهِد الله – تبارك وتعالى – أنني أسقطت حقي عن إخواني هؤلاء الذين ثلبوا عِرضي وقرّضوا أديمي وسبوني وبهتوني يعلم الله، والله إني صفحت عنهم وسامحتهم، ولا يُسعِدني أبداً أن أكون – والعياذ بالله – مشؤوماً يُعذِّب الله مُسلِماً بسبب غداً أو يُشقيه في الدنيا، والله لا يُسعِدني، ولا أُحِب إلا أن أكون مُبارَكاً، بركة على كل مَن اتصل سببه بسببي، حتى عن طريق الخصومة أن أكون بركة، حاشا لله، لا أُحِب أن أكون شؤماً.
بين قوسين سأقول شيئاً ما أحببت أن أقوله: (أنا لم أكن هكذا، إلى قبل أسابيع أنا حالتي النفسية والروحية لم تكن هكذا)، أنا شخص شديد الانفعال، شديد الحسّاسية، ما الذي طرأ علىّ وغيَّرني تقريباً في هذا الباب بالذات – الانفعال وما إلى ذلك – تغييراً جذرياً؟ سرٌ روحاني في حياتي لن أبوح به، فقط أحببت أن تفهموا أنه من بركات الله علىّ ومن بركات المعركة التي أخوضها بفضل الله، أما كيف وما إلى ذلك لن أقوله لكم، فقط أقول لكم ما قاله أحد الصالحين: لو وُضِعَ الصدق على حديدٍ لقطعه، كونوا صادقين فيما تقولون وفيما تدّعون، الصدق يا إخواني الصدق، قدر ما تستطيع التزم به، والصدق هذا له فلسفة خاصة وفقه عميق كثيرٌ من الناس لا دراية لهم بمبادئه، لا دراية لهم بمبادئه! بعض الناس يمتنع أن يُسمي نفسه شيخاً – مثلاً – لكي لا يُسميك أنت شيخاً، ليس صادقاً هذا، كاذب في هذا التواضع فانتبهوا، قبل أيام أحكي لإخواني، أقول لهم يُعجِبني الصدق اللامع، الصدق الصادق المُتألِّق في أمثال الإمام ابن دقيق العيد رضوان الله تعالى عليه، الرجل العظيم الذي قال – هذا شيخ المالكية وشيخ الشافعية بالديار المصرية في وقته، عجب من العجب هذا الرجل – إني لأحتسب على ربي أن صاحب الشمال لم يجد ما يكتبه علىّ من أربعين سنة، هل سمعتم بمثل هذا التُقى والورع؟ ابن دقيق العيد! سعى أحد علماء مصر به لكي يُهلِكه – لكي يُقتَل – لكن الله نجا الشيخ الإمام، شيخ المُسلِمين! ثم سُعيَ بهذا الساعي وكاد يُقتَل ما دفع عنه المهلكة والتلف إلا ابن دقيق العيد، انظروا إلى هذا، لذلك تعلَّموا إخواني وأخواتي ألا تُكافِئوا ولا تُقابِلوا مَن عصى الله فيكم بأكثر من أن تُطيعوا الله فيه، نحتاج إلى هذا عملياً فانتبهوا، للأسف كنا ولا يزال مُعظَمنا يفعل هذا نظرياً على المنابر، وعملياً سمَّمنا الأجواء بنماذج مُختلِفة تماماً من الفجور والبهت والكذب على أنفسنا وعلى إخواننا والسب والانتصار للنفس وأشياء عجيبة مُخيفة، تسمَّم الجو، ضاع الدين الصحيح، ضاع الدين المُتروحِن المُتجوهِر الذي يصل الناس بالله – تبارك وتعالى – حقاً، ضاع يا إخواني، فابن دقيق العيد سُئل عن الشيخ الإمام عبد العظيم زكي الدين المُنذِري – صاحب الترغيب والترهيب – فقال هو أدين مني ونكَّس برأسه وقال وأنا أعلم منه، لم ير من التواضع أن يكذب على نفسه وعلى الحقيقة، هو عند نفسه في الداخل يعلم أنه أعلم، وبلا شك هو أعلم بشهادة العلماء الكبار أيضاً وهم دون ابن دقيق، لكن قالوا أين؟ في العلم أين المُنذِري من ابن دقيق العيد؟ لا يُمكِن، قال هو أدين مني ونكَّس برأسه تواضعاً وقال وأنا أعلم منه، لم يحمله التواضع الكاذب على أن يقول هو أدين وأعلم وأفضل مني، لا يقول هذا، الصدق! لابد أن نكون صادقين حتى في مثل هذه الأشياء، لذلك عندي رسالة عامة عندما تستمع إلى خُطبة مثلاً، ولكي أكون واضحاً خُطبة لعدنان إبراهيم عن الفاروق عمر الذي أعشقه من كل قلبي – رضيَ الله عنه وأرضاه – ولا أقول بعصمته، لماذا؟ يُقال خطّأ عمر، ومَن قال لك أنه لا يُخطيء؟ هل أنت أيضاً تقول بعصمة عمر؟ إذن ما المُشكِلة؟ يُقال الخبيث يُخطئه، لا يا أخي، ليس هكذا، خُطبة من جُزئين – والجُزء الثاني ما الذي بقيَ من عمر؟ – يسمعها أي مُنصِف يفرح بها، أليس كذلك؟ ويتعلَّم منها الشيئ الجديد، لكن لم نر فيها جديداً، فقط هذا الخبيث يمدح عمر لكي يقول: وللشيعة شُبهات قوية ومُحيِّرة حول موقف عمر من عليّ، اللهم اشهد أنها شُبهات قوية، أنا أقول الآن شُبهات قوية ومُحيِّرة يا شيخ، لكن أنا كعدنان إبراهيم في نفسي كما أعلم لدي جواب عنها – بفضل الله – مُرتاح إليه تماماً، لو لم أرتح إليه لصرت شيعياً على الأقل في هذه المسألة، في نهاية المطاف الله تعبَّدني بعقلي وليس فيما يُملى علىّ، سأفتح هذا الملف – إن شاء الله – في فرصة قريبة: موقف عمر من عليّ، ما القصة؟ ولن أذكر الآن الشُبهات حتى لا أُشوِّش بها على بعض الناس، فأخي الشيخ الداهوم يقول لك انظر إلى الخبيث، يمدح عمر لكي يقول: وللشيعة شُبهات قوية ومُحيِّرة حول موقف عمر من عليّ، لكن كان من حقي عليك ومن واجبك حتى إزاء المُشاهِدين أن تقول استمعت إلى خُطبة من جُزئين وأن تقول ما في قلبك، أن تقول أشهد أنني سمعت العجب واستفدت كثيراً، أشياء غير مسبوقة، أشياء جميلة، أشياء لطيفة، لكن أخذت عليه وربما هذا يكون من جراء موقفي منه أنه قال كذا وكذا، لماذا يقول هذا؟ أسأل الله أن تكون هذه السيئة مغمورة في بحر حسنات خُطبتيه، لم تفعل هذا، أنت تقول الخُطبتان تُساويان فقط أنه قال بخبث هذا ملف مُحيِّر وشُبهات مُحيِّرة، ليس هكذا، أين الإنصاف؟ أين التقوى في إرسال الكلام؟
على كل حال ندخل الآن – إن شاء الله – بعد هذه التقدمات التي أرجو ألا أكون أمللتكم بها في المباحث العلمية، طبعاً في مُقدِّمة البرنامج أيها الإخوة – برنامج من القلب، عدنان في الميزان – جعل فضيلة الشيخ نواف السالم الأمر – هذه الخصومة وهذه المسألة العلمية حول مُعاوية – من حلقات مُسلسَل الصراع الأزلي القديم بين الخير والشر، قد يقول لي أحد ليس مُعاوية فقط بل والصحابة أيضاً، لكن لا، مُعاوية وأشكال مُعاوية، أي سمرة بن جُندب وبُسر بن أبي أرطأة وأبو الغادية الجُهني قاتل عمّار، أمثال هؤلاء – أُعيدها – المُجرِمين، أنا أقول هكذا: مُجرِمون، مُعاوية وأشكال مُعاوية طواغيت مُجرِمون، أنا أتحدَّث عن الصحابة المُجرِمين، يا أخي كيف؟ كيف تقول صحابي مُجرِم؟ يا شيخ عثمان، يا شيخ داهوم بالله عليكم كونوا واضحين مع الناس، كلمة صحابي طاغية أو صحابي مُجرِم أو صحابي حقير – طبعاً هم حقراء، في نظري من أحقر عباد الله – أعظم عندك من صحابي مُنافِق؟ سوف تقول لي ما القصد؟ القصد أن النبي قال في أصحابي اثنا عشر مُنافِقاً، مَن عندك أعظم: كلمة حقير أو كلمة مُنافِق؟ والله العظيم هذا الصحابي الذي سماه النبي صحابياً مُنافِقاً ولن يدخل الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط، ليتمنين يوم القيامة ألا يكون حقيراً، أن يكون فأراً أو صرصاراً أو كلباً أو حماراً أو خنزيراً، أن يكون تُراباً حتى لا يُخلَّد في نار جهنم يا شيخ عثمان، يجب أن نكون واضحين، يجب أن ننتحل لُغة علمية واضحة، أنا أتحدَّث عن أُناس وصفهم الحقيقي بالنصوص مُنافِقون، حاولوا اغتيال النبي، قتل النبي في صحيح مُسلِم، لماذا لا تحكون الحقائق للناس؟ لماذا لا تفتحون ملفات هؤلاء المُجرِمين من الصحابة؟ كلمة صحابي لا تعني محفوظ أو معصوم، تعني إنسان صحب النبي، فمنهم مَن صدق، منهم مَن صدق ثم تعثَّر وغيَّر، وفي الحديث الصحيح الذي أخرجه أحمد في مُسنَده وصحَّحه الشيخ شُعيب الأرنؤوط قال عليه الصلاة – وأفضل السلام – الآتي، والحديث من رواية مسروق – أبي عائشة الكوفي رضوان الله عليه – عن أم المُؤمِنين أم سلمة – رضوان الله تعالى عليها – قالت قال – صلى الله عليه وآله وسلم تسليماً كثيراً – إن من أصحابي مَن لا يراني ولا أراه بعد أن أموت أبداً، حديث صحيح، طبعاً مثله عشرات الأحاديث في الصحاح، في البخاري ومُسلِم، أحاديث الحوض والتحلئة زالاختلاج عن الحوض، كلكم تعرفون هذا، صحيح؟ ما معنى مَن لا يراني ولا أراه بعد أن أموت أبداً؟ ما معنى هذا؟ مُخلَّد في نار جهنم، معناها أنه مُخلَّد في نار جهنم، لن يخرج منها ويدخل الجنة حتى يراني النبي يقول، فيا شيخ عثمان، يا شيخ داهوم، يا أصحاب العقول – يا إخواني أُخاطِب الأمة المُسلِمة – ما معنى هذا الكلام؟ النبي يقول إن من أصحابي مَن لا يراني ولا أراه بعد أن أموت أبداً، عمر بن الخطاب – رضوان الله على روحه الطاهرة – خاف أن يكون منهم، وهذا شيئ غير مفهوم، يا أخي المرء على نفسه بصيرة، كيف تخاف يا فاروق الإسلام وأنت تعرف مَن أنت؟ هل تعرفون ما سر الجواب؟ طبعاً يقول مسروق فأتى أم سلمة يشتد أو يُسرِع – شك شاذان – وقال لها يا أماه سألتك بالله هل أنا منهم؟ يعلم الفاروق – قدَّس الله سره – أن الرسول سمى هؤلاء أو طائفة منهم لأم المُؤمِنين أم سلمة المخزومية، أم المُؤمِنين الجليلة المُبارَكة، يعرف هذا هو، لكن هي لم يُسمَح لها أن تُعلِن الأسماء، كأسماء الاثني عشر، لم يُسمَح لعمّار ولحُذيفة بالذات أن يُعلِنا بأسماء الذين حاولوا أن يقتلوا الرسول في صحيح مُسِلم في عقبة تبوك، مرجعه من تبوك، أي غزوة تبوك! فقالت له لا، لست منهم يا عمر ولا أُزكي أحداً بعدك، سأسد هذا الباب، أي أن يأتيني أحدهم يسألني، لا أُريد هذا، سأُجيبك الآن بلست منهم، النبي لم يذكر اسمك والحمد لله، فما سر المسألة؟ كيف عمر يسأل؟ ألا يعلم عمر أنه من العشرة المُبشَّرين بالجنة؟ ألا يعلم أنه من أهل بدر وأهل بدر لا يدخلون النار مثلاً؟ ألا يعلم أنه من أهل بيعة الرضوان – الرضوانيين – وأنهم أيضاً من أهل الجنة ولا يدخلون النار؟ لكن يعلم علمه بهذه الأشياء أن كل هذه الوعود مشروطة، وهذا هو الفقه الصحيح وليس فقه إخواننا هؤلاء، هذا فقه جديد، هذا فقه غير سليم وغير دقيق ولا يُمكِن أن تُفهَم به النصوص كلها، نحن نُقدِّم فقهاً وطريقة في الفهم – سُبحان الله – تتساعد فيها وتتآزر وتتصادق فيها النصوص، أستطيع أن أفهم هذا النص وهذا النص، كل هذه المُبشِّرات وكل هذه الوعود يعلم الفاروق وغير الفاروق أنها مُقيَّدة – ليست مُطلَقة – ومشروطة، بماذا مشروطة؟ بالبقاء على حُسن السيرة والسلوك والخاتمة الحسنة من غير تبديل ومن غير تغيير، يعلمون هذا، عمر لم يكن يخاف في توقعي وفي تقديري البسيط المُتواضِع على نفسه الآن الساعة، إنما يخاف من الخاتمة، فهذه التي قطعت نياط قلوب الصالحين والعارفين، الخاتمة! بماذا يُختَم لنا؟ اللهم اختم لنا بأسعد خاتمة بحق لا إله إلا الله، هكذا يا إخواني، الخاتمةَ! عمر لا يدري ويخاف، وقد صح عن النبي أنه قال إني لا أدري ماذا تُحدِثون بعدي، تعرفون هذا؟ سنعود إلى هذا المبحث فانتبهوا، انتبهوا يا إخواني.
على كل حال حتى لا أُطوِّل عليكم الشيخ نواف السالم – بارك الله فيه – جعل هذه الخصومة حول هذه القضايا العلمية – مُعاوية والصحابة لكن كما قلت ليس الصحابة الأفاضل وإنما الصحابة الأراذل – من حلقات مُسلسَل الصراع الأزلي القديم بين الخير والشر، النبي قال هناك صحابة مُنافِقون، القرآن قال هناك صحابة مُنافِقون، لَا تَعْلَمُهُمْ ۖ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ ۚ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ۩، هذا هو، القرآن يقول هذا، وأنت عندك كلمة صحابي كأنها كلمة نبي، أُصدِّقك أو أُصدِّق القرآن الكريم أنا؟ ما هذه الطريقة في التفكير يا أخي؟ أُصدِّقك أم أُصدِّق القرآن وأُصدِّق السُنة؟ القرآن يقول صحابة مُنافِقون، صحابة كذّابون، صحابة أهل أذية، آذوا النبي، وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ ۩، ماذا نفعل؟ والنبي يقول في إصحابي اثنا عشر مُنافِقاً فيهم ثمانية لا يدخلون الجنة، عبد الله بن أُبي رأس النفاق – عليه من الله ما يستحق – كان صحابياً، والنبي قال أتُحِبون أن يتحدَّث الناس أن محمداً يقتل أصحابه؟ قال هذا صاحبي، لكن صاحب خبيث ولا أخبث، ماذا نفعل؟ نُصدِّق مَن نحن؟ بالعكس المنهج الصحيح واضح، أقول للمُسلِمين جميعاً أن الصحابة في العموم كان فيهم بضع مئات من المُنافِقين، بضع مئات؟ بضع مئات، ليس عشرات وإنما بضع مئات، وبالمُناسَبة كلما كان الإسلام يتقدَّم كانت ظاهرة النفاق تستفحل، لذلك سورة التوبة – بَرَاءَةٌ ۩، الفاضحة التي هتكت عن أستارهم وقشقشت وفضحت أستارهم – من أواخر ما نزل من كتاب الله، أليس كذلك؟ وتحكي لنا كم استفحلت هذه الظاهرة وكم تأذى بها النبي المعصوم صلى الله عليه وآله وسلم تسليماً كثيراً، سورة التوبة! أليس كذلك؟ في سورة التوبة حديث عن مسجد الضرار والراهب أبي عامر وعلاقته بالمُنافِقين، وكان من الذين اجتمعوا في هذا المسجد الخبيث بضع مئات وليس عشرات، مُنافِقون! ألم تقرأوا السيرة؟ اقرأوا السيرة، يأتمرون بالنبي ودينه.
يوم أُحد كم الذين انحازوا مع رأس النفاق عبد الله بن أُبي وتركوا رسول الله وخذلوه؟ زُهاء ثلاثمائة وقيل ثلاثمائة وخمسون، هم ثلاثمائة وخمسون، قالوا لا، نحن قائدنا ورأسنا وزعيمنا ابن سلول وليس الرسول محمداً، نفاق! فإذا صح أن في الصحابة بضع مئين – والصحابة بالألوف بفضل الله – من المُنافِقين والله يقول لرسوله لَا تَعْلَمُهُمْ ۖ ۩ – أنت لا تعرفهم كلهم، تعرف بعضهم مِمَن عرَّفناك، آخرون ستعرفهم باللحن، أي لحن القول، وبالسيما، يظهر عليهم، وآخرون لن تعرفهم، لا تعرفهم لا أنت ولا أصحابك – نحن نُريد أن نعرف لأن هؤلاء جميعاً اختلط فيهم المُنافِق بالصادق، أليس كذلك؟ وهؤلاء جميعاً أدوا إلينا أحاديث ورووا لنا روايات، منهم مَن تفرَّد بروايات ولا يُدرى أصادق هو أو مُنافِق؟ ماذا نفعل؟ منهجياً يجب أن نُطوِّر بل أن نستل ونستبط – لماذا نُطوِّر؟ – أيها الإخوة منهجية وضوابط معيارية أو معايير وروائز – كما يقول علماء الميتودولوجيا – قرآنية ونبوية حديثية نستطيع أن نُعيِّر بها الإيمان ونفرزه من النفاق: أين الإيمان؟ وأين النفاق؟ أليس كذلك؟ فإذا رأينا أن هذه الضوابط أيها الإخوة أو هذه السمات والمعايير انطبقت على شخص مًعيَّن بنسبة ثمانين في المائة أو تسعين في المائة عرفنا حقيقته، الصحابة كما في البخاري كان أحدهم ربما قال الكلمة فرُميَ لأجلها بالنفاق، يُقال نافق فلان، من أجل كلمة! وليس كمَن رأينا ما شاء الله باختصار – مثل مُعاوية مُجمَل حياته والعياذ بالله يا إخواني كما رأيتم في السلسلة وكما سيأتيكم أيضاً، فنحن لا نزال في بداية سلسلة مُعاوية -ونتشكَّك هل هو مُنافِق أو صادق؟ صادق ماذا؟ إذا واحد مثل مُعاوية ليس مُنافِقاً مَن المُنافِق؟ قولوا لي بالله عليكم مَن المُنافِق؟ مسكينة هذه الأمة يا أخي، يُقال لا، قطع الله لسانك هؤلاء صحابة، أتضحكون علينا؟ القرآن والسُنة يقولا الصحابة فيهم مُنافِقون بالمئات، لكن يا ربي هذا شيئ مُحيَّر، مدسوسون ومُغيَّبون، قال لك اقرأ القرآن واقرأ السُنة وطبِّق عليهم الضوابط يُعرَف مَن الصادق ومَن الكاذب، أليس كذلك؟ لذلك في الحديث الصحيح قيل للبراء بن عازب هنيئاً لك، لماذا هنيئاً لي؟ أنت صحابي وصليت مع النبي وما إلى ذلك، وليس هذا فحسب، أنت من أهل بيعة الرضوان، لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ ۩، أليس كذلك؟ قال له أنت رضواني، من ألف وخمسمائة واحد من الرضوانيين، هل تعرف ماذا قال له والحديث في صحيح البخاري وسوف يأتي؟ إنك لا تدري ماذا أحدثنا بعده، في صحيح البخاري!
أنا إلى الآن مُطمئن جداً، لماذا؟ منهجيتي قرآنية نبوية، أنا آخذ علمي وفهمي ليس من الكتب فقط وإنما من القرآن والسُنة الواضحة، هذا صحابي وقال لا، لا تشهد لي، نحن غيَّرنا وبدَّلنا في أشياء مُعيَّنة ولا يُدرى ما الذي سيحصب، لا تقل لي رضواني، حتى ولو رضواني الله قال إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ۚ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَىٰ نَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمً ۩، الله أكبر فعلاً، الله أكبر على الحقيقة ما أجملها حين تأتي مُجلجِلة مُتبلِّجة واضحة مُجلاة، واضحة! الله قال نعم أنا رضيت على أهل بيعة الرضوان، لكن بشرط ألا ينكثوا البيعة، عليك أن تستمر وفياً بمُقتضى البيعة، إذا غيَّرت وبدَّلت بعد ذلك ضعت، هل هذا واضح يا إخواني وأخواتي؟ اقرأوا كتاب الله، لا تكونوا من الذين اتخذوا القرآن عضين، لا تُمزِّقوا القرآن، يُقال الله قال لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ ۩، وقال فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَىٰ نَفْسِهِ ۖ ۩، حاشانا أن نكذب على الله.
إخواني: وأنا في طريقي إلى هذا المسجد الذي أسأل الله أن يُبارِكه وأن يُبارِك مَن حل فيه واختلف إليه وأن يُبارِك جميع مساجد المُسلِمين قلت لإخواني القضية أخطر مما يحسب ويظن مُعظَم حتى العلماء.
يا جماعة، يا إخواني، يا أخواتي، يا أحبابي في الله، يا فُضليات، يا ماجدات: حين يظهر الحق لك بالدليل الواضح الأبلج على الأقل بمُقتضى فهمك أن هذا هو الحق إياكَ وإياكِ أن تتردَّد أو تتردَّدي لحظة واحدة في القول اللهم نعم، أنعم بهذا الحق، قل هذا هو الحق، أنا صائرٌ إليه في الساعة، إن لم تفعل تعرف ماذا يحدث؟ وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ۩، الله – سُبحانه وتعالى – يتوعد كل مَن ظهر له الحق أول مرة لكنه طوى عنه كشحاً وضرب عنه ليتاً وأدار له ظهره لمصلحة أو لحسابات أو لمسائل شخصية، الله يقول له أنت ضعت، أنا خذلتك، بعد ذلك ستبقى مُتهوِّكاً مُتحيِّراً، لن تعرف وجهاً للحق.
هذا ليس لعباً يا جماعة، القضية ليست لعباً، حين تتكلَّم في مُسلِم أنت أو في مسألة من مسائل العلم تعرف هذا الكلام في النهاية ما هو؟ نوع من أداء الشهادة، وبعضنا يقول شهادة لله كما أفعل هذا أنا، أنا أقول شهادة لله، أُشهِد الله على ما أعتقد، إن كنت صادقاً فنعم ما أتيت وإن كنت كاذباً أنا مُتأكِّد أن رب العز سيقول لي: يا زنديق، يا أخبث العباد، تُشهِدني يا زنديق، يا مُنحَل العُقدة على ما تعلم أنك كاذب فيه؟
الإمام النووي في شرحه على مُسلِم ذكر أن مَن أتى مثل هذا الجُرم – والعياذ بالله – عرَّض نفسه لنار جهنم، إياك! إياك أن تقول أُشهِد الله وأنت تعلم أنه يعلم أنك كاذب، كيف يا أخي تُشهِده؟ كأنك تقول لهم الله – تبارك وتعالى – يشهد على ما أشهد عليه، وأنت تعلم أنك تكذب، المسائل أخطر مما يظن الناس – والله العظيم – يا إخواني، ولذلك أنا أقول لكم هذا سر ما أقع فيه أنا من جسارة وجراءة، لا أستطيع أن أقول غير ما أعتقد، تغضب يا سُني، ترضى يا شيعي، تغضب يا شيعي، تسعد يا سُني والله العظيم لا يعنيني، تُسميني إبليساً، تُسميني قدّيساً بالله العظيم لا يعنيني، يعنيني أن أقول ما عندي كما أقتنع وقد أكون مُبطِلاً في فهمي، قد أكون مُخطئاً، لكن أنا مُتأكِّد أنا مأجور إن شاء الله تعالى، نظرت واستفرغت الوسع في النظر، هذا قُصاراي، لعل عقلي يكون صغيراً ولعل فهمي يكون محدوداً لكن سأؤجر، ولذلك دائماً أقول أنا دعائي اللهم اجعل حسابك لي على مقصودي لا على محصولي كما قال الفخر الرازي، مقصودي ونيتي يا رب، أنت تعلم نيتي، أصبت أو أخطأت: شيئ آخر، لكن أنت يا أخي المُسلِم لو كان مقصودك التشفي والباعث هو الغيرة والحسد والحقد أو كنت مدفوعاً أو كان لك أجندة ومُقترَحات وتكلَّمت فأصبت – أصبت مناط الحق – أنا أقول لك تعرَّضت لغضب الله ولعنته، لأن النية ليست لله، النية كاذبة، أليس كذلك؟ النية بحد ذاتها معصية، أنك ستقول ما يُقترَح عليك كيف يُقترَح، أي لا يهمك أن يكون ما يُقترَح عليك حقاً أو باطلاً، يهمك أن تُلبي المُقترَحات وتأخذ الدُريهمات أو حتى الجزاء المعنوي فيُسمَح لك بالظهور وما إلى ذلك، إياك، لا تلعب، لذلك نصيحتي لكم لا تلعبوا بدينكم – والله العظيم – يا إخواني، العبوا بأي شيئ آخر، بالدين لا تلعبوا، ليس مُغامِراً بدينه كآمن.
أعود إلى أخي الشيخ نواف السالم بارك الله فيه، جعل هذه الخصومة العلمية تعرفون ماذا؟ حَلْقَةً – ليس حَلَقَةً وإنما حَلْقَة والجمع حَلَقات – من حَلَقات مُسلسَل الصراع الأزلي القديم – كما يُقال – بين الخير والشر، ما معنى هذا؟ أتقصد بين قبيل وهبيل؟ لا، ليس بين قبيل وهبيل، بين إبليس – لعائن الله عليه – وذريته وبين آدم وصالح شيعته، عجيب يا شيخ نواف، هل اختلافي معك في قضية مُعاوية وغير مُعاوية يجعلني في مُعسكَر إبليس؟ هل أنا من جُند إبليس؟ وهل كل مَن قال بقولنا نحن من جُند إبليس؟ أقول لك حذاري – نصيحة من أخ مُشفِق إن شاء الله ومُحِب لك – أن تتورط في مثل هذه المُقدِّمات وفي مثل هذه التوطيئات والتمهيدات مرة أُخرى، لأنها نزعة خارجية ملعونة، الخوارج هكذا، يأتون إلى آيات ونصوص نزلت أو وردت في مُشرِكين وفي كفّار فيجعلونها على المُسلِمين وعلى المُؤمِنين، لا تفعل هذا رجاءً، حذاري لأجل مصلحتك الأُخروية، لأجل عمار آخرتك لا تفعل هذا مرة أُخرى، تُريد أن تُثير الناس كأن القضية قضية صراع إبليس مع رب العالمين وعباده الذين أحسنوا عبادته وموالاته، هذه مسألة علمية بين مُسلِمين، وطبعاً واضح أن عدنان إبراهيم ليس أول مَن تكلَّم فيها، تكلَّم فيها رواة الصحاح، أنا إلى اليوم لم ألعن مُعاوية، هم يلعنونهن أي أن مُشكِلتك ليست مع عدنان، مع رواة الصحاح، مع شيوخ البخاري، ماذا تفعل؟ انتبه، هل هؤلاء أيضاً أتباع إبليس؟ هل هؤلاء من مدرسة إبليس؟ لا تجوز هذه الطريقة.
الإمام البخاري في صحيحه في كتاب استتابة المُرتَدين، باب قتل الخوارج والمُلحِدين بعد إقامة الحُجة عليهم، ماذا يقول؟ وكان ابن عمر – رضيَ الله عنهما – يرى أنهم – مَن هم؟ الخوارج – شرار خلق الله، وقال – أي ابن عمر – أنهم انطلقوا إلى آيات نزلت في الكفّار فجعلوها على المُؤمِنين، فحذاري يا شيخ نواف أن تعود إلى مثلها أبداً، لا تُصوِّر خصمك من المُسلِمين المُوحِّدين على أنه من مُعسكَر إبليس، هذه طريقة الخوارج، ليست طريقة أهل السُنة والجماعة.
الإمام العيني قال في عُمدة القاري – شرح البخاري طبعاً، عصري ابن حجر – …… (ملحوظة) حدث عطل فني في هذا التوقيت (1:7:38) إلى أن قال فضيلته: في تهذيب الآثار، فرُويَ موصولاً، وقال ابن عباس – رضيَ الله عنهما – لا تكونوا كالخوارج، تأوَّلوا آيات القرآن في أهل القبلة، وإنما أُنزِلَت – أي آيات القرآن – في أهل الكتاب والمُشرِكين، فجهلوا علمها فسفكوا بها الدم وانتهبوا بها الأموال فضلوا ضلالاً مُبيناً، لا تفعلوا هذا، لا ينبغي لمُسلِم – لا من أهل السُنة ولا من غير السُنة – أن يفعل هذا وأن يدخل هذا المُدخَل الصعب اللحج الحرج، وعندي – أقول لإخواني المشايخ ولمَن بلغ – هذا الصراح – بالعكس – في حقيقته ولُبه هو من جوهر بل هو امتداد للصراع بين قابيل وهابيل، صراع البغي، بغي الأخ على أخيه وظلم الأخ لأخيه، أكثر ما فرَّق الأمم المِلية كاليهود والنصارى والمُسلِمين اليوم بغي العلماء كما قال تعالى إِلا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۩، من أجل الدنيا، من أجل الدراهم، من أجل الوظائف، من أجل الطوائف ومن أجل التحزب والعصبيات يبغي عالم على عالم، يبغي طالب علم على طالب علم، هذا ليس من قبيل صراع إبليس وآدم وإنما من قبيل صراع قابيل وهابيل، صراع البغي والظلم، صراع الحسد أحياناً يكون – والعياذ بالله – أو الجهل.
بعد ذلك الأخ الشيخ نواف السالم استشهد بحديث لكن لم يورِده على وجهه – هذا فقط للفائدة العلمية – وطبعاً ربما لا يلوح ولا يضح للناس وجه استشهاده به، قال يحمل هذا العلم من كل خلف عدول، قال ينفون عنه تحريف الجاهلين – ليس كذلك – وانتحال المُبطِلين، وبعد ذلك زاد من عنده: ويردون زيف الزائفين، الحديث ليس كذلك، الحديث: ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المُبطِّلين وتأويل الجاهلين، هذا هو نص الحديث، والحديث أخرجه الإمام أبو بكر البيهقي – رحمة الله تعالى عليه – وصحَّحه الشيخ الألباني – رحمة الله عليه – في إرواء الغليل تخريج أحاديث منار السبيل لابن ضويان، والحديث مُرسَل، لأنه عن العُذري، أي إبراهيم بن عبد الرحمن العُذري، فالحديث مُرسَل لكن صحَّحه الألباني، رواه عبد الرحمن بن أبي حاتم في مُقدِّمة الجرح والتعديل، رواه الإمام ابن عدي في مُقدِّمة الكامل في الضُعفاء، أبو جعفر العقيلي في كتابه الضُعفاء، العلّامة أحمد شاكر – رحمة الله عليه – القاضي المصري المُحدِّث في الباعث الحثيث ضعَّفه، لم يُصحِّحه، الشيخ الألباني صحَّحه، الشيخ أحمد شاكر – رحمة الله عليه – ضعَّفه وقال وعلى رفض صحته يُحمَل على الأمر لا على الخبر، لماذا؟ لأن الواقع بخلافه، ما الواقع؟ الواقع أن كثيراً من المُتمشيخة وأهل العلم وطلّاب العلم – والعياذ بالله – ليسوا عدولاً، منهم مَن هو المُبطِل، منهم مَن هو الكاذب، منهم مَن هو الدنيوي مِن أتباع الهوى وأتباع المصلحة، يقول الشيخ أحمد شاكر الواقع بخلافه، ولذلك لابد أن يُحمَل الحديث لو صح – وهو لا يُصحِّحه – على الأمر، ما معنى يحمل هذا العلم؟ ليحمل هذا العلم، كما نقول – مثلاً – فلان يأخذه فلان وفلان إلى البيت، جاءنا جمعة ضيوف أو ضيفان ففلان وفلان يأخذهما فلان وفلان، ما معنى هذا؟ ليأخذهما، كما قال تعالى وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ ۩، أي ليُرضِعن، هل هذا واضج؟ يحمل هذا العلم تعني ليحمل هذا العلم، ويُقوي هذا الوجه من وجوه التأويل أن ابن أبي حاتم رواه وفي إحدى رواياته ليحمل هذا العلم، أي بلام الأمر، ما فائدة هذا البحث؟ لماذا أنا أوردته الآن؟ لماذا أوردت هذه الفائدة وهذا البحث؟ تعرفون لماذا؟ لأن الشيخ السالم – حفظه الله – أراد أن يُفهِم المُستمِعين والمُشاهِدين أن ضيوفه الأفاضل في الحلقة هم من أهل العلم، وأهل العلم لا يكونون إلا عدولاً، هم العدول الثقات الذين تُؤخَذ عنهم الحقائق، أما عدنان وأمثاله فهم نكيرات، مَن هو عدنان إبراهيم؟ نكرة، ليس له علاقة بالعلم الشرعي، وربما حتى بغير الشرعي، نكرة دعي! غير صحيح، على كل حال حتى هذا المعنى غير صحيح ولا يُسلَّم لك يا فضيلة الشيخ، الحديث ضعيف وإن صحَّحناه لابد أن يُحمَل على الإنشاء ولا يُبقى على ظاهر الخبرية حتى نفهم.
طبعاً للأسف ارتأى الشيخ الداهوم والشيخ السالم – بارك الله فيهما – أن يفتتحا بعد ذلك الحلقة والملف – ملف عدنان إبراهيم – بقضية شخصية، مَن هو عدنان إبراهيم؟ طبعاً لم يُحسِن التعريف بي، هو لا يعرفني، مَن أحب أن يعرفني فليسأل أهلي، إخواني وأحبابي من المشايخ وطلّاب العلم الذين صاروا الآن من حملة مشاعل العلم في قطاع غزة، صارروا أساتيذ في الجامعة ومُوظِّفين كباراً في الأوقاف لدى حكومة حماس، ليأسلهم مَن هو عدنان إبراهيم؟ أنا أُخوِّل لك هذا، ارفع سماعة واسأل هؤلاء، قل لهم هل تعرفونه؟ وسوف يقولون نعرفه مُنذ نعومة الأظفار، كان حمامة مسجد مُنذ نعومة أظفاره، ماذا تعرفون عنه، عن مواهبه، عن قداراته، وعن شخصيته؟ هم سيُحدِّثونكم، الحديث عن النفس ثقيل، ثم من بعد ذلك مَن أراد أن يُعرِّف بي على طريق الشهادة – يشهد في أو علىّ – فهذا يفعله مَن خالطني ولابسني وعرفني عن كثب لا عن بُعد، بعض الإخوة العلماء الأفاضل بل الآباء العلماء فعلوا هذا، لن أذكر أسماء، بعضها موجود في الموقع بفضل الله، وبعضها غير موجود إلى الآن، هؤلاء باحثوني ودارسوني وناقشوني وزاروني في بيتي وشهدوا لي أو علىّ، يُمكِن أن تعودوا إلى شهاداتهم، لكن لا تُؤخَذ شهادة رجل لا يعرفني، لم يُلابِسني، لا يعرف تقريباً عني شيئاً إلا ما قر بعضٌ في أُذنه: كان لدينا في النمسا وخطب ثم طردناه، أما بالنسبة لهذه الحقيقة للأسف الشديد أقول لو كان الذين قروا هذه الحادثة في أذن الشيخ الداهوم هم مَن طردوني فقد أسأوا جداً إلى أنفسهم، المفروض أن يعودوا إلىّ غير مرة طالبين السمح – المُسامَحة – والصفح وأن أستغفر لهم الله، لكي أُطمئنهم وأقول لهم لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ ۖ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ ۖ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ۩ ولي إن شاء الله تعالى، أنا سامحتهم أيضاً وصفحت عنهم، لا أُحِب أن أخوض بالتفاصيل، لكن في جُمل قصار سأقول زُبدة ما حصل.
تقريباً مُعظَم هذه الوجوه الطيبة – يقصد الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم الوجوه الحاضرة في مسجد الشورى الآن – كانوا من جمهور أيضاً مسجد الهداية، من تَلاميذي ومن المُستمِعين إلىّ في مسجد الهداية، أنا مكثت زُهاء عشر سنين – أقل بقليل – في الهداية خطيباً ومُدرِّساً ومُعلِّماً استحال به الهداية إلى منارة على مُستوى النمسا كلها، يعلم هذا كل مَن يعرف ماذا كان مسجد الهداية، واذهبوا إليه اليوم وانظروا ما هو مسجد الهداية اليوم، هذا أولاً، زُهاء عشرين سنين! لم أخطب سنة أو سنتين، زُهاء عشر سنين تنقص قليلاً، ثم بعد ذلك فُوِّضت – من المُفاوَضة – على على أن أستلم أعلى هيئة، فاوضني الإخوة المسؤولون أكثر من مرة على أن أستلم أعلى هيئة، المجلس المسؤول أكون رئيسه، أكثر من مرة! ورفضت هذا في كل مرة، لماذا يا شيخ؟ قال لي المسؤول، أنت الشيخ والعالم، لدينا في بلاد الشام العالم يمسك المسجد باللُغة الشامية من محرابه إلى بابه أو من بابه إلى محرابه، قلت له أنا لست في بلاد الشام وأنا لست مركزياً، أنا شخص بطبيعتي لست مركزياً، أنا شخص مُتوفِّر على طلب العلم، أُدرِّس، أخطب، أُفتي، وأُناقِش، غير ذلك لا علاقة لي بشيئ، لا أُحِب العمل الإداري، لا أستلم تبرعات، لا أُوزِّع تبرعات، لا علاقة لي، هكذا! هذا أنا، هكذا كان هديي، قالوا فتح الله عليك شيخنا ولكن نحن نُحِب أن تكون كذا وكذا، فقلت لا أُريد، حتى تعرفوا حقيقة عدنان وشخصية عدنان أو بالأحرى جُزء بسيط من شخصية عدنان إبراهيم بفضل الله، علماً بأن هذا الفصل أنا أفخر به، تاريخي في الهداية وتاريخ طردي من الهداية من مفاخري، والله العظيم من مفاخري والله يعلم ذلك وستعلمون ذلك، الآن ستعلمون لماذا، هذا الشيئ أرفع به رأسي بفضل الله عز وجل.
للأسف الشديد وقع ما وقع لأسباب، ولا أُحِب أن أقول أسباب الحسد والغيرة والنفاسة غير الشريفة، سأقول لأسباب، طبعاً أقول لكم في تلكم الحقبة أنا لم أتناول مُعاوية بكلمة، كنت أترضى عليه، تناولت يزيد الخبيث – لعنة الله عليه – ابن مُعاوية، وطبعاً صدر كتاب في تكفيري اسمه الكتاب الأسود ومناشير كثيرة في تضليلي، ليس في مسجدي وإنما في مساجد أُخرى، لم أرد عليها بكلمة، تعرفون لماذا؟ أمسكت هذا الكتب ووجدت أن في أول سطر لا يعرفون الفاعل من المفعول فرميت به مُباشَرةً، ليس عندي وقت لأُضيِّعه، أنا أحياناً أقرأ في الساعة مائتي صفحة أو مائتين وخمسين صفحة، في الساعة! ليس عندي وقت لأُضيِّعه في الكلام الفارغ هذا، ألقيت به مُباشَرةً، ليس عندي وقت لهذا لأنه جاهل، جاهل! إنسان يكتب ولا يعرف الفاعل من المفعول، كيف أُناقِشه هذا؟ فتركت الكتاب ولم أرد، هؤلاء هم الإخوة – يقصد الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم الحاضرين الآن في مسجد الشورى – وأستشهدهم الآن هل مرة واحدة أنا في خُطبة جُمعة قلت: وكتبوا وقالوا وأقول؟ بالله لم أفعل هذا مرة بفضل الله، لم أفعل هذا مرة أبداً، لأن شعاري يوم أتيت إلى أوروبا الغربية نتكامل ولا نتآكل، على صغر سني كان لدي هذا الوعي وهذه المنهجية، ساءني أول ما أتيت إلى الهداية المناشير التي كانت تُوزَّع، أول جُمعة خطبت في الهداية كان يُصلي في المسجد بضعة أسطر، بضعة سطور! بعد شهرين يمتلئ المسجد عن آخره، هل هذا واضح؟ ساءني توزيع مناشير: السارق فلان واللص فلان، انتهب سبعمائة وخمسين ألف شلن Shilling، نحن السرّاق، لأ، هم السرّاق، ساءني جداً جداً، قلت أهذا يحصل في أوروبا وهي أرض الحريات؟ ماذا تفعلون هذا؟ لماذا؟ وخُطتي نتكامل ولا نتآكل ونتغافر ولا نتلاعن ونصفح ونسمح عمَن أساء إلينا، ليس عندنا وقت، وهذا ما درجت عليه زُهاء عشر سنوات بفضل الله وتوفيقه حُسن رعايته بحمد الله، طبعاً وأغضبهم جداً كلامي، بالمُناسَبة الآن الشيخ عثمان الخميس – حفظه الله – يتبرأ من يزيد، يقول يزيد لا، أعوذ بالله، يزيد مفروغ منه، لا يا شيخ عثمان، قبل زُهاء عشرين سنة يزيد كان يُمكِن أن تُكفَّر من أجله وهذا ما اتفق لي أنا، وكنت أقول دائماً سوف ترون، سوف تنتهون إلى رأيي في يزيد، وحتى مُعاوية أنا أُراهِنكم – إن شاء الله – سوف تنتهون إلى رأينا فيه، والآن بالمُناسَبة عدد مَن بدأ ينتحل هذا الرأي في مُعاوية في ازدياد ساحق وهم يعلمون هذا طبعاً، هم يعلمون هذا، ازدياد ساحق يا إخواني حقيقةً، وهذا من توفيق الله، نسأل الله أن تظهر الحقيقة نحن، وأنا قلت إذا لم تكن هذه حقيقة أسأل الله أن يمحقها، أن يمحقها محقاً، وإذا كانت حقيقة تُرضي الله ورسوله أسأل الله أن يكتب لها مزيداً من أنصباء التوفيق بإذن الله تعالى، وهذا ما يحصل الآن، ازدياد غير طبيعي بين العلماء وطلّاب العلم والعامة في انتحال الرأي الجديد في مُعاوية – سُبحان الله – وهو ليس جديداً على كل حال، مُجدَّد ومبعوث من القبور.
لأسباب لا أُحِب أن أخوض فيها أيها الإخوة جاءني أخوان مسؤولان – طبعاً لن أذكر اسميهما وهما يعرفان هذا – إلى بيتي، وبعد أن قدَّمت لهما كرامة الضيف وقراه قالا يا شيخ أبا محمد جئنا لنطلب منك طلباً – هذه قصة الهداية – فقلت تفضَّلا، قالا تترك المنبر، قلت على الرأس والعين، قالا هكذا؟ بكل هذه البساطة؟ قلت لهما بكل هذه البساطة، ولن تروا وجهي هذا على منبركم بعد اليوم، تذكر يا أبا فلان – قلت لأحدهما – كم مرة قلت لك يوم أشعر أن خلافاً سينشب وأن فتنةً ستُؤرَّث نيرانها أنا أعدك وأعد نفسي وإخواني لن أكون طرفاً فيها؟ لن يُسجِّل التاريخ على عدنان أنه كان سبباً في شق المُسلِمين وفتنهم وتضاربهم كما يحصل في مساجد أُخرى لن أنعتها بما هو معروف، نعتها معروف! ضرب وتكسير ودماء وشرطة وملفات من ألوف الصحائف عند الشرطة، قلت لهما لن يُسجِّل التاريخ أنه فعل هذا، مع أن الجمهور جمهوري، وسألت إخواني هؤلاء بالله العظيم كم نسبة تقريباً مَن كان مُؤيِّداً لي ومُحِباً لي؟ فوق الخمس والتسعين في المائة على الأقل، نسبة ساحقة، مُؤيِّدون لي، الجمهور جمهوري، والذين لا يُحِبون عدنان وطريقة عدنان بالعشرات، حتى أنهم في اليوم الذي تركت فيه المنبر أتوا بأُناس من بلاد أُخرى، من جراتس Graz ولينتس Linz، ليس هنا أحد في فيينا يقف معهم، الجمهور لعدنان، تَلاميذ عدنان وأحباب عدنان، قلت لهم انتهى، لن أعود، فتدخَّل أحد هؤلاء الإخوة – من نفس نطاقهم التنظيمي – وظل يُفاوِضني إلى صلاة الفجر، وهو رجل من أغنيائهم وأنا أشهد له بالأدب والأخلاق – إن شاء الله – وحُسن الحال، وهو حيٌ يُرزَق، لن أذكر اسمه، ذهبت إليه مع أخ آخر، إلى الفجر وهو يرجوني، يتوسَّل إلىّ: يا شيخ عدنان تعال غداً، لابد أن تأتي، قلت له يا شيخ أنا قلت لا، لن آتي، لا أُريد، انتهى الأمر، لن أذهب إلى هذا المكان، قال من أجلي، هذه حماقة قال لي، هذا تصرف أحمق صدر من فلان، فلان الذي يضرب رأسه – قال لي – في الحائط، هكذا! قال أنا أعرفه، يضرب رأسه في الحائط، قلت له يا أبا فلان لن تُفلِح في إقناعهم، هم لا يُحِبونني عن أشياء نفسية، قال سأُفلِح، قلت له أنت وذاك، أنت وما اخترت، فاتصل بي قُبيل الخُطبة تقريباً بساعة، قال لي يا صدقت يا شيخ، إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ ۩، قال لي هذه أمور نفسانية، هكذا! ولكن أرجوك أن تأتي لكي لا يتفجَّر المسجد، الجمهور سيُجَن جنونه، كيف يُطرَد شيخهم؟ كيف يُطرَد شيخنا ومُعلِّمنا؟ كيف؟ لماذا؟ بسبب ماذا؟ ما هي جريرته؟ فأتيت وإذا بخطيبهم الذي أتوا به – أعتقد أيام لينتس Linz – يخطب وهو رجل لا يعرف العربية الفصحى أبداً، ومُعظَم الخُطب أناشيد، كلمات من أناشيد، لا علاقة له بالعلم الشرعي المسكين، أي أنه رجل غلبان كما يُقال، يحفظ شيئاً من كتاب الله ولعله يحفظ حتى القرآن – لا أدري – ولكن لا علاقة له بالعلم أصلاً، هذا حين كان يأتي أحياناً يُصلي معنا يُؤذِّن، على كل حال في مرات عديدة كنت أطلب إليه أن يخطب تشجيعاً له وأُؤذِّن أنا بين يديه، فيبكي أحبابي ويقولون ما هذا التواضع؟ شيئ لا يُصدَّق، الشيخ عدنان يُؤذِّن لهذا؟ أقول لهم حتى يتشجع، لأنني أعلم أن الكلام بين يدي يُخيف مثل هذا المسكين، يخاف وربما يقول الشيخ سيعرف أنني كذا وكذا فكنت أُشجِّعه، هذا الآن جاء اعتلى المنبر – اعتلى قُنة المنبر – يُلقي درساً المقصود به عدنان إبراهيم في الإخلاص والصدق، والله العظيم! في الإخلاص والصدق، يقول ويجب أن نكون مُخلِصين وألا نعمل لأنفسنا، عدنان يعمل لنفسه! الذي رفض كل شيئ ورفض رئاسة المجلس وترك المنبر في لحظة بعد أن خدمه زُهاء عشر سنين يعمل لنفسه، الحمد لله، طفل صغير لا يعرف ما هو الإخلاص ولا ما هو الصدق، أنت تعرف ما شاء الله، أتوا بك من لينتس Linz أو جراتس Graz وأنت تعرف الإخلاص، مهزلة!
خطب الخُطبة طبعاً وبعد أن انتهى انفجر المسجد، الإخوة كلهم كانوا حاضرين، (ملحوظة) الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم يقصد الإخوة الحاضرين الآن في مسجد الشورى ثم استتلى قائلاً: سألتكم بالله مَن الذين سكَّنكم وسكَّتكم واستحلفكم أن مَن كان يُؤمِن بالله واليوم الآخر فلينصرف راشداً؟ عدنان إبراهيم، (ملحوظة) قال بعض الحضور الشيخ عدنان إبراهيم، ثم استتلى قائلاً: قالوا لا، الجمهور كله من عند آخره كاد يُجَن، نُريد أن نعرف لماذا يُستبعَد الشيخ عن المنبر؟ قال الجمهور، تعرفون بماذا عاد إليهم الإخوة المسؤولون عن الطرد بالجواب؟ بجوابين، الجواب الأول قال بعضهم ضغوط – نعم ضغوط – من سفارات عربية حتى تعرفوا الحقيقة، الآن السؤال: ما هي هذه السفارات؟ وسفارات ماذا؟ ولماذا الضغوط على عدنان؟ لأن عدنان دائماً لا يُداهِن في الحق ويقول كلمة الحق بفضل الله – تبارك وتعالى – وإن ضحى بمصالحه الشخصية، ضغوط! قيل للناس ضغوط، والجواب الثاني قال آخر منهم يا أخي المُغالاة في الشيخ عدنان، المذهب العدناني، كأن عندنا مذهب خاص – سُبحان الله – في الفقه أو في الأصول، شيئ غريب، أنا شافعي أشعري، ليس عندي مذهب أبداً، المذهب العدناني والمُغالاة في الشيخ عدنان، لم يبق إلا أن يبسط الناس سجادة وأن يُصلوا له، (ملحوظة) سأل الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم أحد الحضور قائلاً: أليس كذلك؟ ثم استتلى قائلاً: هكذا قيل، وأنا أسأل بالله العظيم كل إخواني هؤلاء ما الذي يُحبِّبكم فعلاً في؟ وأنا أقول لكم أنا سعيد بمحبة كل مَن التقى بي بفضل الله، أنا لم أر إلى الآن – وهذا من توفيق الله – في حياتي شيخاً يُحِبه أحبابه وتَلاميذه كما يُحِبني إخواني، محبة عجيبة! طيلة حياتي وليس الآن وهنا فقط، في يوغوسلافيا نفس الشيئ، في غزة نفس الشيئ، كلما ذهبت إلى بلد – والله العظيم – أُرزَق من حُب الناس الشيئ الذي لا أعرف كيف أشكر ربي عليه، لكنهم يقولون مثلما يقول الأخ الدكتور نعيم، (ملحوظة) سأل الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم الدكتور نعيماً قائلاً: أليس كذلك؟ ثم استتلى قائلاً: قال لي يا شيخنا – هذا كان في الهداية، أنا لا أنسى – نحن نُحِبك لا لعلمك فقط، نُحِبك لتواضعك، تُعامِلنا كإخوة، لا تُعامِلنا كأستاذ وكشيخ، (ملحوظة) كرَّر الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم سؤاله للدكتور نعيم قائلاً: أليس كذلك؟، ثم استتلى قائلاً: بالله هل أسمح لأحد أن يُقبِّل يدي؟ وكبار كانوا يُحِبون أن يفعلوا هذا، لم أسمح مرة وأغضب، وإن فعلها أحد أنا أُقبِّل يده، هل أسمح لأحد أن يُقبِّل رأسي؟ لا أسمح أبداً، وإن فعلها فأنا أُقبِّل رأسه، تعرفون لماذا؟ لكلمة واحدة وسأمضي عن هذه النُقطة فقد دخلنا في أشياء شخصية، لأنني ويشهد علىّ رب العالمين لو شققت عن قلبي لترى ما هو عدنان – لا أقول مَن هو وإنما أقول ما هو – عند عدنان لوجدته عند نفسه صفراً في الإيمان وصفراً في العلم، أُقسِم بالله! أنا – والله – لا أرى نفسي إلا صفراً في إيماني وصفراً في علمي، ولا أُصدِّق كل ما يقوله العلماء عني، من علماء ومُفكِّرين وأنه وأنه، لا أُصدِّق شيئاً من هذا، أنا صفرٌ عند نفسي، وهذه الصفرية أتعاطى مع إخواني على أساسها – سُبحان الله – فيشعرون بدنوي وحُسن معشري ولطافتي معهم وأخوتي فيُحِبونني، الإخوة الآخرون ما دام هم فضحوا هذه المسألة يعلمون لماذا كان الناس يزورون عنهم، لن أذكر السبب فكل شيئ موجود ومعروف والله حسيب الجميع، وأنا من جهتي سامحت وصفحت عن الجميع، لكن حتى يعرف الداهوم ولا يتدخَّل فيما لا يعرف مرة ثانية، أعتقد ورطة كبيرة أنك من الكويت تحكم على أحداث وقعت في فيينا قبل زُهاء عشر سنين، في سنة ألفين! غلط، غلط كبير يا شيخ داهوم، الله يقول وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ۚ ۩، كيف تشهد في موضوع مثل هذا؟ النبي يقول على مثل الشمس فاشهد، كيف تشهد يا شيخ داهوم – أقال الله عثرتك وعثرتي – في موضوع لست طرفاً فيه ولا تعرفه عنه شيئاً إلا ما قره هؤلاء في أذنك؟ أتسمح لنفسك بهذا؟ عجيب!
أكتفي بهذا القدر على أن ألقاكم في حلقة مُقبِلة، والحمد لله رب العالمين، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى.
أضف تعليق