إِنَّ الْحَمْدَ لِلهِ، نَحْمدُهُ ونَسْتَعينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أَنْفُسِنَا وسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وأَشْهَدُ أَنْ لَا إله إلا الله وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سيدنا وَنَبِيَّنَا وَحَبِيبَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ وَصَفْوَتُهُ مِنْ خلقهِ وأمينهُ على وحيه ونجيبهُ من عبادهِ، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَيْهِ وعَلَى آله الطيبين الطاهرين وصحابته المُبارَكين المُجاهِدين وأتباعهم بإحسانٍ إلى يوم الدينِ.
عباد الله:
أوصيكم ونفسي الخاطئة بتقوى الله العظيم ولزوم طاعته، كما أُحذِّركم وأُحذِّر نفسي من عصيانه ومُخالَفة أمره لقوله سُبحانه وتعالى:
مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ۗ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ ۩
ثم أما بعد:
أيها الإخوة المسلمون الأحباب، أيتها الأخوات المسلمات الفاضلات، يقول الله – سُبحانه وتعالى – في كتابه العزيز بعد أن أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ:
وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِّلْكَافِرِينَ عَرْضًا ۩ الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَن ذِكْرِي وَكَانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا ۩ أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِن دُونِي أَوْلِيَاء إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلا ۩ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالا ۩ الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ۩ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا ۩ ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا ۩ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلا ۩ خَالِدِينَ فِيهَا لا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلا ۩ قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا ۩ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ۩
صدق الله العظيم وبلَّغ رسوله الكريم ونحن على ذلكم من الشاهدين، اللهم اجعلنا من شهداء الحق، القائمين بالقسط، آمين اللهم آمين.
أيها الإخوة الأفاضل، أيتها الأخوات الفاضلات:
هذا الختام العجيب الفذ من سورة الكهف بعيد أن نفهمه حق الفهم ما لم نبدأ السورة من أولها، لنقرأها قراءة تمعن وتدبر وتفكر، فهذا الختام إذا قرأناه مُنفصِلاً لا ريب أنه يُوحي إلينا بمعانٍ جزلة قوية مُعجِبة، ولكن ما إن نقرأه قراءة أُخرى بعقب قراءة السورة في مُجمِلها حتى يلوح لنا من معانيه ما لم يلح في القراءة الأولى، وسيظهر أن هذا الختام ختام مُذهِل وعجيب، ويُوشِك أن يكون تلخيصاً وإجمالاً لتفاصيل ما مر في تضاعيف وأنحاء السورة الكريمة جميعه.
إنها سورة الكهف كما تعلمون، لأن مَن مُعتاد المُسلِمين والمُسلِمات أن يقرأوا هذه السورة الكريمة يوم الجُمعة أو ليلة الجُمعة، وقد قال – عليه الصلاة وأفضل السلام – فيما أخرجه الإمام أحمد في مُسنَده مَن قرأ عشر آيات من أول سورة الكهف كانت له نوراً من قدمه إلى رأسه، ومَن قرأ سورة الكهف كانت له نوراً ما بين السماء والأرض، وقد أخرج الإمام أبو بكر بن مردويه والحافظ البيهقي والإمام الحاكم في المُستدرَك، قال – عليه الصلاة وأفضل السلام – مَن قرأ سورة الكهف يوم الجُمعة أضاءت له ما بين الجُمعتين.
وأعجب من ذلك ما تعلمونه جميعاً، أن هذه السورة الجليلة فيها عصمة من أعظم ما خلق الله – تبارك وتعالى – من الفتن، من فتنة المسيح الدجّال – لعنة الله تعالى عليه -، فقد روى الإمام أحمد والإمام مُسلِم وأصحاب السُنن الأربعة، الإمام أحمد من حديث أبي الدرداء، يرفعه إلى رسول الله – عليه الصلاة وأفضل السلام -، قال – عليه الصلاة وأفضل السلام – مَن قرأ عشر آيات من أول سورة الكهف عُصِم من فتنة الدجّال، إلا أن الإمام الترمذي قال مَن قرأ أول ثلاث آيات من سورة الكهف عُصِم من فتنة الدجّال، والآخرون قالوا أول عشر آيات، ولعله الأشهر والأرجح – إن شاء الله تعالى -.
كما أخرج الإمام أحمد والإمام مُسلِم والنسائي – رحمة الله عليهم أجمعين – من حديث أبي الدرداء عند أحمد، قال – عليه الصلاة وأفضل السلام – مَن قرأ العشر الأواخر من سورة الكهف كانت له عصمة من فتنة الدجّال، أو كما قال – عليه الصلاة وأفضل السلام -.
إذن هذه السورة سورة مُهِمة جداً، وقد يسَّر الله – تبارك وتعالى – قبل سنين أن شرحنا وفسَّرنا بما فتح الله هذه السورة من أولها إلى آخرها – بحمد الله تبارك وتعالى – في خُطب جُمعية، اليوم نحن لا نُريد أن نُفسِّر هذه السورة، نُريد فقط أن نُجيب عن سؤال واحد، نُريد أن نُجيب عن سؤال واحد! ما هو سر تخصيص هذه السورة الجليلة بهذه الميزة؟ لماذا اختصها المُصطفى – عليه الصلاة وأفضل السلام – بهذه الميزة من بين سائر سور القرآن العظيم الكريمات؟ لماذا بالذات سورة الكهف؟ كيف بمَن حفظ هذه السورة؟ بلا شك تكون له عصمة، كيف بمَن تدبَّرها؟ كيف بمَن تدبَّرها وغلغل فيها النظر والفكر؟ مَن حفظ في رواية وفي رواية مَن قرأ أول عشر آيات كانت له عصمة، في الحديث الآخر آخر عشر آيات، فكيف بمَن حفظ السورة كلها وتدبَّرها وحاول أن يعمل بما فيها؟ بلا شك تكون له عصمة – إن شاء الله تبارك وتعالى – من سائر الفتن أيضاً، وليس من فتنة الدجّال فقط.
فبنا إذن – أي حريٌ بنا – أن نُطيل التأمل والوقوف عند هذه السورة، ولماذا اختُصت بهذه الميزة من بين سائر السور؟ هناك ترميز في اسم السورة وفي مقامها في كتاب الله – أي في موقعها في كتاب الله -، ترميز عجيب، لا تُخطئه العين، الترميز الأول الترميز الاسمي، فهي سورة الكهف، والكهف إنما يُلجأ إليه كمُعتصَم، النبي – عليه الصلاة وأفضل السلام – حين خرج مُهاجِراً إنما اعتصم بعد حول الله وقوته وثقته بالله بماذا؟ بالكهف، بالغار! فالكهف هكذا، الاسم يدل على هذا، هذا ترميز اسمي، يرمز إلى ماذا؟ إلى العصمة، إلى النجاة، إلى المحفوظية، مَن دخله كان محفوظاً، مِن خطر السباع وخطر المُعتدين أو خطر المُترصِّدين، هكذا! فهي سورة الكهف، إذن سورة العصمة، سورة النجاة، وسورة الحفظ.
والأعجب من ذلك موقع هذه السورة، هذا ترميز في السياق، في الموقع، وفي المقام، فهذه السورة تقع في وسط القرآن الكريم، فهي سورة محمية، وترمز إلى الحماية، لأن الوسط دائماً هو الذي يكون ماذا؟ محمياً بالطرفين، لأنه وسط، وخير الأمور أوسطها، قريب من نصف هذه السورة – هو يزيد قليلاً – يقع في الجُزء الخامس عشر، والشطر الآخر من هذه السورة يقع في الجُزء السادس عشر، لو كانت كلها في الجُزء الخامس عشر لما كانت في المُنتصَف بالضبط، أليس كذلك؟ لو كانت كلها في الجُزء السادس عشر لما كانت في وسط القرآن، لكن نصفها في الخامس عشر ونصفها في السادس عشر، فهي في مُنتصَف القرآن بالضبط، وهنا يتواءم ويتساوق ويتصادق الترميز الاسمي مع الترميز الموقعي، اسمها وموقعها أيضاً.
نأتي الآن إلى نُقطة أُخرى، لابد أن نتدبَّر محور هذه السورة، محور هذه السورة يُلخَّص بكلمة واحدة، وهي الفتنة، ولذلك يجوز أن نُسميها من باب الشرح أيضاً – هذا من باب الشرح – إنها السورة التي تدور حول الفتنة، إنها سورة الفتنة، الفتنة في كل أشكالها، في كل معانيها، وفي كل تجلياتها وتمظهراتها، ولذلك كانت عصمة من أعظم الفتن فضلاً عن أصغرها من باب الأولى، فضلاً عن أصغرها! لأنه ما خلق الله – تبارك وتعالى – فتنة مُذ خلق السماوات والأرض أعظم من فتنة الدجّال، بل كل فتنة كما عند الإمام أحمد في المُسنَد خلقها الله – تبارك وتعالى – إنما تصب في فتنة المسيح الدجّال – والعياذ بالله -، نسأل الله الحفظ والتسديد ودوام التوفيق، اللهم آمين.
إذن محور هذه السورة الفتنة، والفتنة في الدين قد تكون من داخل وقد تكون من خارج، تفكَّروا في كل أنواع الفتن وصنوفها وألوانها وأشكالها، فتنة المُتدين وفتنة غير المُتدين، فالذي يتديَّن لا يكون معصوماً، بالعكس! قد يتعرَّض للفتنة أكثر من غيره، ومن داخل التدين نفسه، من داخل فقهه، من داخل سلوكه، من داخل صلاحه، ومن داخل علمه، قال – تبارك وتعالى – وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ ۩، وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْعِلْمُ ۩، آيات كثيرة في سورة آل عمران، في سورة البقرة، وفي غيرهما تُؤكِّد أن أهل الكتاب الأول إنما اختلفوا وتدابروا وألقى بينهم العداوة والبغضاء – والعياذ بالله -، وصاروا ضلالاً فساقاً، يُضِلون الناس عن سبيل الله، بماذا؟ بالعلم الشرعي، بعدما آتاهم الله العلم، كان هذا العلم نقمة عليهم، إذن فتنة المُتدين، إنها فتنة المُتدين، وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا ۩، ليست العلم الظاهر أيضاً، العلم الباطن، الصلاح، الكرامات، وولاية الله – تبارك وتعالى -، آتاه الله ولايته، وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ ۩، ولذلك لا عصمة إلا لنبي، لا عصمة لولي كبير، ولا لولي صغير، لا عصمة لعالم، ولا عصمة لشيخ، ولا عصمة لصاحب كرامة، لا عصمة للصحابة أنفسهم وقد أخطأ منهم مَن أخطأ، لا عصمة إلا للنبي، إلا للرسول.
إذن الفتنة من داخل الدين تأتي بالصلاح، تأتي بالعلم الظاهر، وتأتي بالعلم الباطن، إنها فتنة من أقبح ومن أعظم الفتن، بل لقد شبَّه الله – تبارك وتعالى – قوماً آتاهم العلم الظاهر فلم تتشرَّبه قلوبهم ولم يظهر في أعمالهم ولم يُغيِّر من طرائقهم ومسالكهم بأنهم – أكرمكم الله – كالحمار، والعياذ بالله كالدواب وكالعجماوات، كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا ۩، وكم في الأمم من حمير وإن تسموا باسم المشايخ والأحبار والرهبان! إلا أنهم – والعياذ بالله – كالدواب، لأن علمهم أضلهم، لم يعملوا بهذا العلم، اشتروا به ثمناً قليلاً، باعوا هذا العلم، وباعوا هذا الخير والهدى، لكي يتزلَّفوا، ولكي يتوسَّلوا إلى الوصول إلى مكاسب دنيئة ومغانم خسيسة، فهم شر من الدواب، الدواب خير منهم.
ولذلك كان السادة العلماء والأولياء بل أسالفنا الصالحين من أصحاب رسول الله وأزواجه أمهات المُؤمِنين – رضوان الله تعالى عليهم أجمعين – يرون أن مَن استكثر مِن العلم دون أن يعمل به إنما يستكثر من حُجج الله عليه، مسكين! يسعى في هلاك نفسه دون أن يدري، الجهل خير من هذا العلم، الجهل خير من هذا العلم لأنك تستكثر من حُجج الله عليك سواء دريت أو لم تدر – والعياذ بالله تبارك وتعالى -.
بالأمس سمعت قصة عجيبة عن أحد السفهاء وقد حلفاً يميناً بالطلاق على زوجه أنه لا يُحِلها له إلا الحمار – أكرمكم الله -، رجل سفيه غبي، يُريد أن يُطلِّقها ولا تعود إليه، ولذلك هو يُقسِم أنه لن يُحِلها له إلا حمار، فقلت لمُحدِّثي نعم، هذا موجود، أي هذا الحمار، وحكى لي القصة على نحو آخر، قلت له وأما في رأيي فيُمكِن أن يُؤتى بشيخ لا يعمل بعلمه بل يعمل بضد علمه، يُحِلها له، لأنه حمار بنص كتاب الله، هذه الفتوى، نعم يُمكِن أن تُحَل له بشيخ من أهل السوء، مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ ۩، ولسنا بدعاً من الأمم، ولسنا بدعاً من بني إسرائيل، اليهود والنصارى، علماؤنا أيضاً مَن لم يعمل بعلمه وعمل بما يُناقِض هذا العلم فهم كالحمير، لا نقول أقل من ذلك، هذا قول الله – تبارك وتعالى -، لا كرامة لهم، لا عند الله ولا عند الناس، وهؤلاء في بعض الأحاديث الضعيفة يُبدأ بهم – والعياذ بالله – يوم القيامة الحساب، ويُقذَفون في نار جهنم، قبل عبّاد الوثن، ولكن الخبر ضعيف، كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا ۩، نسأل الله العصمة والتسديد، هذا سبب!
سبب آخر فتنة المُتدين وفتنة الصالحين، يفتنهم أصحاب السُلطان، وأصحاب الهيل والهيلمان، وأصحاب البطش والسيف والسوط، وأصحاب الذهب والفضة، يفتنونهم كما نرى الآن، وكم يُفتَّن الآن ويُفتَن من أبناء الإسلام البررة في مشارق الأرض ومغاربها! ليس لشيئ إلا لأنهم يقولون ربنا الله، شعارهم ودثارهم وهدفهم ومقصدهم أن يتعبَّد الناس لله، أن يعود الناس التائهون الحيارى إلى كتاب الله، إلى شرع الله، وإلى دين الله، من المُسلِمين وغير المُسلِمين، هؤلاء يُقتَّلون، يُذبَّحون، في الزنازين وفي السجن – والعياذ بالله – تُنتهَك أعراضهم، تُشوَّه سُمعتهم، يُلطَّخ عرضهم، يُهجَّرون من بلادهم، تُفعَل بهم الأفاعيل، يُذاقون المرائر – والعياذ بالله – صباح مساء، فتنة وأي فتنة!
الجهاد، ما شُرِع الجهاد إلا لدرء هذه الفتنة، فتنة الناس عن دينهم، فتنة حرية أن يعتقد الإنسان ما يُريد وأن يتديَّن لله – تبارك وتعالى – ويتعبَّد على النحو الذي يُريد، وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ ۩، هذا هو الجهاد، هذا أصل الجهاد، أن يُزيل كل أسباب فتنة أولياء الله وأهل الله من حملة الحق والزادة عنه، هذه هي الحكمة الأولى للجهاد في حكم أُخريات، حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ ۩، فهذه فتنة – والعياذ بالله – من أعظم الفتنة، وبعض الناس مِمَن لم يُثبِّته الله ومَن لم يُسدِّده يُفتتَن – والعياذ بالله -، فيترك دينه ويترك استقامته إرضاءً لهوى هؤلاء المُستكبِرين البطّاشين القتلة الذبّاحين.
فتنة أُخرى، وهي في نظري – والله أعلم – أعظم هذه الفتن جميعها، إنها فتنة الدنيا، فتنة السراء، ليست فتنة العلم ولا فتنة التعذيب، وإنما فتنة السراء، أن يمد الله لك – تبارك وتعالى -، وأن يُنعِم عليك، وأن يُسبِغ هذه الأنعام عليك، وأنت تستكثر، وتجمع، وتمنع، وتظن أنك مُخلَّد، وتشغلك هذه الأشياء، تشغلك عن فرائض دينك، تشغلك عن واجب الدعوة إلى الله – تبارك وتعالى -، وتُلهيك، وتُصاب بالغفلة، وهكذا تنقضي الأيام والسنون دون أن تدري، حتى إذا وافتك المنية وافتك مُفلِساً، لا عمل لك، لا صالحة قدَّمتها بين يديك، ماذا تفعل يا مسكين؟ إنها فتنة الحياة الدنيا وزينتها، فتنة الحياة الدنيا أعظم الفتن.
قال – عليه الصلاة وأفضل السلام – إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مُستخلِفكم فيها، أي بعدي، فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء، قال فاتقوا الدنيا، أول شيئ الدنيا، وطبعاً النساء من الدنيا، لأن الدنيا تعني ماذا؟ تعني المال، تعني الجاه، تعني المنصب، تعني السُمعة، تعني النساء، وتعني المُتع، اللذائذ، الشهوات – والعياذ بالله -، الأموال، والبنين، وهكذا! فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء، والنساء أعظم مُتع الدنيا، النساء أعظم مُتع الدنيا وأفتكها – والعياذ بالله -، وأفتكها! هذه أيضاً فتنة من أعظم الفتن، وهذه قل أن ينجو منها أحد، كل وفقه وبحسب ما أقامه الله فيه – تبارك وتعالى -.
هناك فتنة أُخرى، فتنة التمكين في الدنيا، فتنة التمكين في الدنيا بأن يُعطيك الله سُلطاناً وقوةً وسيادةً وأمراً ونهياً نافذين على الناس وفي الناس، فتنة من أكبر الفتن، تُدير الرؤوس كما يُقال، هذه الفتنة تُدير الرؤوس، وتجعل ذا اللُب وذا الحلم طفلاً صغيراً في تصرفاته، طائشاً، وهو يظن أنه مُستودع الحكمة وقد تربى على عرش المعرفة، بالعكس! فتنة من أعظم الفتن.
هذه هي مُجَمل الفتن التي يُمكِن أن يتعرَّض لها المرء، كبيراً أو صغيراً، عالماً أو جاهلاً، ذكراً أو أُنثى، ومن داخل الدين أو من خارج الدين، وكل هذه الفتن عرضت لها هذه السورة، كل هذه الفتن عرضت لها هذه السورة الجليلة! كيف؟ لا أقول عبر قصص، هي قصص وحكايا بلا شك، لكنها أمثلة ونماذج، تتعدى كونها أو حقيقة كونها قصصاً، لتكون أمثلةً ونماذج مُوحية، أكبر من شخوصها وأكبر من أحداثها.
أيها الإخوة:
إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَّهَا – في أول السورة – لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلا ۩ وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا ۩، كم تكرَّرت هذه الكلمة في هذه السورة – أعني زِينَةً لَّهَا ۩ -! وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۩، لذا قلت هي أخطر الفتن، أفتك الفتن، أي فتنة العطاء، النعمة، الغنى، الراحة، الدعة، السكون، الإمداد، والإمهال في نفس الوقت، شيئ خطير جداً جداً! الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ ۩، أكثر كلمة تكرَّرت زينة، زينة… زينة… زينة… ليقول هي أفتن الفتن، لكنه بدأ بفتنة هؤلاء الفتية الصالحين الطيبين، أولياء الرحمن الذين فتنهم ملك بلدهم وزمانهم أو أراد أن يفتنهم عن دينهم، فتخلوا عن الدنيا، كان أهون ما يُمكِن أن تُواجَه به هذه الفتنة ما هو؟ أن نتخلى عن الدنيا، هذا نقوله بأفواهنا، بعضنا لا يستطيع أن يتخلى عن بضعة مئات من النقد في سبيل الله، كيف يتخلى عن موطنه، عن بيته، عن عمارته، عن وظيفته، عن رُتبته في الهيئة الاجتماعية، وعن نجاحاته في المُجتمَع؟ صعب جداً جداً، أصعب ما يكون الهجرة في سبيل الله وفي ذات الله، والهجرة لا تنقطع ما قُوتل العدو كما قال – عليه الصلاة وأفضل السلام -، وقوله لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية وإذا استنفرتم فانفروا، قال العلماء إنما هي في الهجرة إلى المدينة المُنوَّرة، انقطعت! بعد الفتح انتهى الأمر، أصبحت مكة أيضاً أرض الإسلام كالمدينة، وهذا معنى قوله – عليه الصلاة وأفضل السلام – لا هجرة – أي إلىّ في المدينة – بعد الفتح، وأما الهجرة بشكل – أن تهجر أرضاً أو موطناً أو بلداً فاراً بدينك – فلا تنقطع – يقول عليه الصلاة وأفضل السلام – ما قُوتل العدو، موجودة إلى يوم القيامة وهي هجرة في سبيل الله، وهي هجرة في سبيل الله وفي ذات الله وفي مرضاة الله، من أصعب الأشياء! والقرآن يُبرهِن – حتى لا نُطوِّل – أنها أشق وأشد من القتل في سبيل الله، القتل أرحم منها، أرحم من أن تترك أهلك وناسك وبلدك ومسقط رأسك أيها الأخ، القتل أرحم من هذا، القرآن يقول هذا، لن نقول كيف، لأنه معروف، المُهِم أن هؤلاء مُباشَرةً واجهوا هذه الفتنة ضناً وبُخلاً بدينهم بالهجرة، تركوا كل شيئ خلفهم، مُعتمِدين على الله، مُسترشِدينه – تبارك وتعالى -، أي مُسترشِدين بالله، رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا ۩.
المعنى أيضاً الذي يتكرَّر في مُواجَهة كل هذه الصور والألوان من الفتن معنى خطير جداً جداً، ما هو؟ معنى الاعتصام دائماً وأبداً بالله، إياك أن تغتر بنفسك يا مسكين، إياك أن تقول عندي من العلم، عندي من الصلاح، عندي من التربية، أنا ابن ناس، أنا ابن أصول، وأنا نشأت في المساجد، مسكين أنت، يُمكِن أن تزل في لحظة، ويضيع كل ما هنالكم ليُصبِح هباءً، دائماً اجعل اعتمادك بالله، ثقتك بالله، واستمدادك من الله، لابد أن ترى نفسك دائماً فقيراً مُفتاقاً صغيراً حقيراً وضعيفاً بين يدي الله – تبارك وتعالى -، لا تفنى بمُشاهَدة أي مشهد عن المُشهِد، لا إله إلا هو! هو الذي أشهدك هذا المشهد، هو الذي أقامك في هذا المقام، وإلا تضل، والسورة تقول هذا بوضوح، دائماً! في قصة الخضر، قبله في قصة صاحب الجنتين، قبل هذه القصة في قصة هؤلاء – أي فتية الكهف -، وآخر شيئ في قصة ذي القرنين، وهو الملك الصالح العابد، يظهر هذا باستمرار، فلا نجاة إلا بالاعتصام بهذا المعنى، دائماً لابد أن تعتصم بالله، حتى مولانا رسول الله – عليه الصلاة وأفضل السلام، وهذا على ما رواه الإمام الجليل محمد بن إسحاق، رحمة الله تعالى عليه – سُئل في المسائل الثلاث المعروفة، وأنتم تعلمون سبب نزول السورة، قصة المسائل الثلاث التي دل اليهود – لعنة الله تعالى عليهم – النضر بن الحارث وعُقبة بن أي مُعيط، دلوهما عليها، قالوا سلوا هذا الرجل في هذه المسائل الثلاث، فإن أجابكم فهو نبي مُرسَل، وإن لم يُجِبكم فهو مُتقوِّل، فروا في أمره ما ترون، أو اصنعوا في أمره ما ترون، إنما هو مُتقوِّل.
عادوا من المدينة – أي هذان، النضر وعُقبة – إلى مكة، والسورة مكية، والنبي كان في مكة لم يزل، لم يُهاجِر، قبل الهجرة هذه الحادثة، عادا كلاهما إلى مكة وسألا الرسول – عليه الصلاة وأفضل السلام -، فقال – عليه الصلاة وأفضل السلام – أُجيبكم غداً، تعالوا من الغد أُجبكم، قال أُجيبكم غداً، فجاء غد، وبعد غد، وبعد بعد غد، وهكذا! خمسة عشر يوماً، حتى أرجف – والعياذ بالله – كفّار مكة، وقالوا وعدنا محمد أن يُجيبنا من الغد، وقد أصبحنا في الخامس عشر، أي في اليوم الخامس عشر، ولم يرجع إلينا بشيئ، وثقل ذلك على رسول الله، ثقل عليه مكث الوحي عنه – عليه الصلاة وأفضل السلام -، فلم يُحدِث الله إليه فيما سُئل وحياً، ولم يأته جبريل بخبر – عليه الصلاة وأفضل السلام -، وحزن لذلك حزناً شديداً.
وبعد خمسة عشر يوماً أو خمس عشرة ليلة نزل جبريل بهذه السورة، وفيها مُعاتَبة الله له – سُبحانه وتعالى – لرسول الله – عليه الصلاة وأفضل السلام – على حُزنه عليهم لأجل أنهم لا يُؤمِنون، الأمر ليس لك، الأمر كله بيد الله، هو الذي يُصرِّف الأمور، لا إله إلا هو! قال – تبارك وتعالى – فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا ۩، في ستين داهية كما يُقال، ما لك ولهم؟ لأنهم طبعاً فرحوا واغتنموها فُرصة، هو لا يستطيع أن يُجيب، لا يعرف، إذن هو مُتقوِّل، والنبي لم يحزن لأنهم قالوا هذا القول أبداً، النبي لا يعمل لنفسه، ولا يعنيه ماذا يقول الناس فيه، إنما يحزن ويشق عليه لأجل أمر الدعوة، أنهم يشكون وهو يعلم أنه نبي ورسول حق وصدق، يحزن أنهم يُفتنون عن هذه الحقيقة.
وفي السورة أيضاً عتب آخر على رسول الله، عتب آخر! حيث قال الله – تبارك وتعالى – وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا ۩، حتى ولو كان في الخير، أنت نبي ورسول، ونيتك الخير، سلِّم أمرك لله، صغيره وكبيره، كل الأمر سلِّمه لله دائماً، يجب أن تستثني، أي أن تقول إن شاء الله، هذا هو الاستثناء، وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا ۩ إِلاَّ أَن يَشَاء اللَّهُ وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ ۩ قال وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ ۩، والنبي – عليه الصلاة وأفضل السلام – هو الذي علَّمنا على ما في الصحيحين الآتي، في البخاري ومُسلِم قال – عليه الصلاة وأفضل السلام – قال سُليمان بن داود – عليهما الصلاة والسلام – لأطوفن أو لأطوّفن الليلة على سبعين – وفي رواية على تسعين، وفي ثالثة على مائة – امرأة، يحملن كلهن ويلدن فرساناً يُقاتِلون في سبيل الله، هل أشرف من هذه النية؟! هل أحسن من هذا القصد؟! هو يُريد جيشاً من نسله ومن ظهره يُقاتِل في سبيل الله، يُقاتِل في سبيل الله – تبارك وتعالى -، حتى شرف النية وصحة المقصد لا يشفع لك أن تذهل ولو لحظة عن أن الله هو الفعّال لما يُريد، قل إن شاء الله، وهذا هدف شريف، لكن قل إن شاء الله، ولو كان في الجهاد في سبيل الله، دائماً لابد أن تستشعر فاقتك، ضعفك، واحتياجك إلى الله، فشرف الهدف لا يشفع لك أن تغفل، يقول – عليه الصلاة وأفضل السلام – فلم تلد امرأة منهن إلا امرأة جاءت بشق غُلام، مُشوَّه! نصف غلام، قال – عليه الصلاة وأفضل السلام – والذي نفسي بيده لو قال أخي سُليمان إن شاء الله لما حنث في يمينه، يقول ولقاتلوا جميعاً في سبيل الله فرساناً، لكن هو نسي كلمة إن شاء الله.
والله راجعوا أنفسكم، نحن للأسف تأخذنا الأشغال – أشغال الدنيا – ولا نستطيع أن نفض ختم الرسائل الإلهية التي تُبعَث إلينا كل حين، كل واحد منا يتلقى كل يوم رسائل – والله -، كل يوم! راجع نفسك إذا أصابتك مُصيبة، إذا رأيت انحرافاً في مزاجك أو في عقلك أو في حافظتك أو في أهلك أو في ولدك، كل مُصيبة، صغيرة أو كبيرة، يجب أن تفهمها، وقطعاً الله – تبارك وتعالى – ما ابتلاك بهذه البليلة الصغيرة أو الكبيرة أو هذه المُصيبة إلا وأرسل إليك معها رسالة، يقول لك إنما أوتيت من قبل كذا وكذا، افهم! لكن أكثر الناس لا يفهمون، أكثر الناس لا يعقلون، يعتبرون أن هذا مُجرَّد حدث كوني أو حدث عادي، وهو ليس كذلك أبداً، هذا عقاب وإنذار، فُض ختم الرسالة واقرأ لماذا، لماذا أصابني هذا الذي أصابني؟
نحن حين نغفل عن هذه الحقيقة بشؤم هذه الغفلة تُصيبنا مصائب في الليل والنهار دون أن ندري، دون أن ندري! شيئ عجيب، ولو قال إن شاء الله يحدث؟ نعم، ولا يحنث – بإذن الله تبارك وتعالى -، شيئ غريب!
في نفس السورة، في قصة صاحب الجنتين، هناك الكافر، الذي كفر بنعمة الله عليه، وغره إمهال الله له – سُبحانه وتعالى -، ماذا قال له أخوه المُؤمِن المُستبصِر الواعي مع أنه لم يكن غنياً غناه ولم يكن مُتأثِّلاً ماله أو مجده؟ قال وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاء اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ ۩، قل هذه الكلمة، كلمة بسيطة، لا تُكلِّفك شيئاً، لكنها تربط حبلك بحبل الله دوماً، تجعلك في مقام العبودية، لا تغفل عن مُلاحَظة هذه الحقيقة في ليل أو نهار.
يقول – عليه الصلاة وأفضل السلام – فيما أخرجه أبو يعلى الموصلي في مُسنَده من حديث أنس، يقول – عليه الصلاة وأفضل السلام – ما أنعم الله – تبارك وتعالى – على عبد بنعمة في أهل أو نفس أو ولد أو مال فقال لا قوة إلا بالله ويرى في ذلك آفة دون الموت – بإذن الله تعالى -، لن ترى آفة، لن ترى آفة في هذه النعمة، لا في ولدك، لا في ابنك، لا في ابنتك، لا في زوجتك، لا في مالك، لا في سيارتك، لا في صحتك، ولا في علمك، كل نعمة! دائماً أول ما تستشعر هذه النعمة قل ما شاء الله، لا قوة إلا بالله، والحمد لله، تحفظ هذه النعمة – بإذن الله تبارك وتعالى -.
هذه البداية، ما قيمة هذه الكلمات؟ كما قلت تنفي الغفلة، تجعلنا دائماً مُستبصِرين، مُستحيل أن الإنسان يكون بمثل هذا الاستبصار وهذا التيقظ ثم يذهب يعصي الله في كبيرة أو صغيرة، مُستحيل! مُستحيل هذا، يكون من أهل الأدب، على كل حال فهذه هي الفتنة الأولى، فتنة أصحاب الكهف، هؤلاء فروا بدينهم، وضحوا بكل شيئ تقريباً، إلا أنهم يعلمون أنهم إنما يستمدون من الله، وأن الله هو الذي يربط على قلوبهم – وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ ۩ -، وأنهم هو الذي يزيدهم رَشداً أو رُشداً، يعلمون ذلك، وبهذا استبقوا إيمانهم، وحافظوا على صلاحهم.
قصة صاحب الجنتين واضحة جداً جداً، العبرة فيها واضحة جداً، لقد اغتر بزينة الحياة الدنيا، اغتر بالحياة، وكلنا نغتر بذلك، صحيح لا نكفر بالمُنعِم – لا إله إلا هو -، لكن نكفر النعمة، لا نُؤدي حق هذه النعمة، ونكفر أيضاً بأننا لا نُشاهِد المُنعِم دائماً في مشهد النعمة، نغفل كثيراً، والغفلة هي ضرب من ضروب الكفر أيضاً، والضروب كثيرة للكفر، الكفر العملي، ونشتغل، ونشتغل والدنيا دار أشغال كما قال يحيى بن مُعاذ الرازي – رحمة الله تعالى عليه رحمة واسعة، هذا الولي المُلهَم المُحدَّث -، المرء بين الدنيا والآخرة، لذا قال هَذِهِ الدُّنْيَا دَارُ اشْتِغَالٍ, وَالْآخِرَةُ دَارُ أَهْوَالٍ، وَلَا يَزَالُ الْعَبْدُ بَيْنَ هَذِهِ الْأَشْغَالِ وَالْأَهْوَالِ حَتَّى يَسْتَقِرَّ بِهِ الْقَرَارُ، إِمَّا إِلَى جَنَّةٍ وَإِمَّا إِلَى نَارٍ، لا إله إلا الله! يقول الشاعر الآخر – رحمة الله تعالى عليه، وقد أحسن ما شاء، اللهم صل على سيدنا محمد -، يقول:
أَشَابَ الصّغـيرَ وَأَفْنَى الكَبيرَ كَـرُّ الغَـدَاةِ وَمَرُّ العَشِي.
إِذا ليلة هَرَّمَتْ يومَها أتـى بعد ذلك يومٌ فتي.
نَرُوحُ وَنَغْدُو لِحَاجَاتِنَا وَحَاجَةُ مَنْ عَاشَ لاَ تَنْقَضِي.
تَمُوتُ مَعَ الْمَرْءِ حَاجَاتُهُ وَتَبْقَى لَهُ حَاجَةٌ مَا بَقِي.
مُستحيل! حوائج الدنيا لا تنقضي، إذا أردت أن تُسوِّف دائماً فسوف تندم، كأن تقول غداً أتوب، غداً أُعطي، غداً أحج، غداً أعتمر، غداً أصل رحمي، غداً أحفظ كتاب الله، غداً أُقلِع عن هذا الذنب، غداً… غداً…. وغداً… والله لا تنقضي حاجاتك، مسكين! لماذا تقول غداً؟ لأنك تُريد أن تقضي حاجة، تقول اليوم عندي امتحان، بعد الامتحان – إن شاء الله – أعود إلى الله، اليوم عندي مُشكِلة، بعد حلها أعود إلى الله، اليوم عندي بلية، بعد أن يُفرِّج الله عني – تبارك وتعالى – أعود إلى الله، مسكين أنت!
أحد الصالحين مات وهو يقول أُنذِركم سوف، مات وهو يقول – آخر وصية – أُنذِركم سوف، وقد قال الله – تبارك وتعالى – لأهل سوف فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ۩، وجزاهم بجنس العمل، قال أحد المُفسِّرين لأن الجزاء من جنس العمل، دائماً كانوا يقولون سوف، سوف… سوف… الله قال لهم سَوْفَ تَعْلَمُونَ ۩، فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ۩، جزاهم من جنس العمل، وقال أحد العارفين بالله لو زُرِعت سوف لأنبتت لعل، وكان ثمرها الحسرة والندامة، ثمرة لعل هذه، لا ينفع هذا! لأن الحاجات لا تنقضي، الحاجات – أيها الإخوة والأخوات – لا تنقضي، نموت وحاجاتنا معنا، ولو عشنا تتجدَّد لنا حاجات يومياً، بل ساعتياً، أعظم الحاجة حاجة الإيمان، حاجة التوبة، حاجة أن نعود إلى الله – تبارك وتعالى -.
للأسف أدركنا الوقت، أيها الإخوة:
ثم بعد ذلك قصة الخضر – عليه السلام -، هذا عبد من عباد الله، آتاه الله رحمة من عنده وعلَّمه من لدنه علماً، هل غره هذا العلم كما غر بلعام بن باعوراء وكما يغتر بعض علماء الظاهر للأسف من أمثالنا؟ عنده بعض الأحاديث ويحفظ شيئاً من القرآن وقرأ له كم كتاباً، فيغتر ويقول أنا عالم، أنا لا يُوجَد مَن هو أحسن مني، مَن أنت يا مسكين؟ ما هو العلم الذي حصَّلته؟ مسكين أنت، أنت جاهل، كلنا جهلة بُسطاء وفقراء على باب الله – تبارك وتعالى -، هذا الخضر، كان في ذلكم اللون أعلم من موسى، وتعلمون القصة، الله عتب عليه، أي على موسى، لأنه أيضاً لم يرد العلم إلى الله، لم يقل الله أعلم.
ولذلك انظروا الآتي، رسول الله مر عليه خمسة عشر يوماً وهو في حزن ومشقة وشدة، لأنه نسيَ أن يقول إن شاء الله، سُليمان ابتلاه الله بطفل مُشوَّه بعد أن طاف على مائة امرأة، طفل مُشوَّه أُلقيَ على كرسيه هكذا، وعلم أنه فُتِن كما في سورة ص، لماذا؟ لأنه نسيَ أن يقول إن شاء الله، يوسف – عليه السلام – في السجن، وهو الكريم ابن الكريم ابن الكريم، لأنه قال له اذكرني عند الملك، اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ – أي أنسى الشيطان يوسف – ذِكْرَ رَبِّهِ – أي الله تعالى، تبارك وتعالى، يعني الله تبارك وتعالى – فَلَبِثَ – أي يوسف – فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ ۩، دفع من عمره بِضْعَ سِنِينَ ۩ لأنه نسيَ ربه في لحظة واحدة، اغتر! أي لأنني عبرت هذه الرؤيا – الحمد لله – وأنا مُوفَّق في تعبيرها، فلعل الملك يعلم ذلك فيُفرِّج عني، ويفتح لي الملف، أي ملف القضية، لماذا نسيت الله؟ مَن هو هذا الملك؟ الله هو الذي يُسيِّره – تبارك وتعالى – بقدرته، فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ ۩.
ومن هنا قال السادة العارفون – عرَّفني الله وإياكم به ودلنا عليه دلالة الصادقين – إذا حاسب فتَّش، وإذا أعطى أدهش، الله إذا حاسب فتَّش، يُحاسِبك يا مسكين على أصغر الصغائر، وربما أهلكك بأصغر الصغائر، فاتق الله، اتق الله ولا تعتمد على الأماني والأحلام والتسويفات، انتبه! إذا حاسب فتَّش، هؤلاء أنبياؤه ورُسله، أكرم الخلق عليه، مَن نكون نحن بإزاء يوسف – عليه السلام -؟ مَن نكون؟ قضى ثماني سنين تقريباً أو بِضْعَ سِنِينَ ۩ – كما قال القرآن الكريم – في السجن، قضى بِضْعَ سِنِينَ ۩ في السجن، بسبب كلمة واحدة، بسبب موقف صغير، خمس ثوانٍ! دفع بِضْعَ سِنِينَ ۩ من عمره، وهو نبي ابن نبي ابن نبي، ابن خليل الرحمن إبراهيم – عليه الصلاة وأفضل السلام -، ولذلك إذا حاسب فتَّش، وإذا أعطى أدهش، لا إله إلا هو!
أمهل حتى اغتر قوم بالإمهال، أمهل حتى اغتر قوم بالإمهال، وهو يُمهِل – لا إله إلا هو – من حلمه، من حلمه وعلمه وقدرته – تبارك وتعالى -، لماذا؟ لأنك في قبضته، ومن هنا هو يحلم عليك، أنت لن تفوته، لن تجوزه، دائماً موجود، لو عشت مليون سنة أنت في قبضته وسترجع إليه، ومن هنا حلمه عليك يا مسكين، لأنك في قبضته، إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ ۩ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ ۩، في قبضته! قال لك أمهل حتى ظن قوم الإمهال إهمالاً، اختلط عليهم الإمهال بالإهمال، لا يُوجَد إهمال، ولو بعد حين سيُفتِّش – تبارك وتعالى -، نسأل الله أن يُحاسِبنا حساباً يسيراً وألا يُفتِّش علينا.
اللهم اجعلنا من أسعد الخلق بما نقول، ولا تجعلنا من أشقاهم بما نقول وبما نسمع، وافتح علينا أبواب المعرفة بك، وافتح مسامع قلوبنا لذكرك، وارزقنا عملاً بكتابك واتباعاً لسُنة نبيك – عليه الصلاة وأفضل السلام -.
أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(الخُطبة الثانية)
الحمد لله، الحمد لله الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون، ويستجيب للذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله والكافرون لهم عذابٌ شديدٌ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، صَلَىَ الله – تعالى – عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه وسلَّم تسليماً كثيراً.
أما بعد، أيها الإخوة والأخوات:
في آخر هذه السورة التي تلوت آياتها عليكم في مطلع هذه الخُطبة، في آخرها قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ۩، هذه الكلمات القصيرات الوجيزات تلخيص لكل ما في السورة، فالمعقد والمُعتصَم والموثق الغليظ هو عبادة الله مع الإخلاص، عبادة الله مع الإخلاص هي النجاة، لا نجاة بغير هذا، لا نجاة بغير هذا!
روى ابن أبي حاتم مُرسَلاً في كتاب التفسير له أنه – عليه الصلاة وأفضل السلام – سأله رجل يُقاتِل في سبيل الله – تبارك وتعالى -، قال يا رسول الله أنا أُقاتِل في سبيل الله – تبارك وتعالى -، وأُحِب أن يُرى موطني، أُحِب أن الناس يقولون شجاع، مقدام، قوي القلب، ورابط الجأش، فسكت النبي، ولم يرد عليه، وأنزل الله هذه الآية، اعتبر هذه النية شركاً – والعياذ بالله -، هذا شرك أصغر طبعاً، ليس شركاً مُخرِجاً عن الملة، هذا شرك أصغر، شرك في النية.
وقد روى الإمام أحمد حديثاً جليلاً عن أبي سعيد الخُدري – رضيَ الله عنهم وأرضاهم -، قال كنا نتناوب عند رسول الله – عليه الصلاة وأفضل السلام – بالليل، أي جماعة يجلسون وجماعة يذهبون، وهكذا! ثم تأتي جماعة أُخرى وينصرف هؤلاء الجالسون، نتناوب النوب، لماذا؟ للحاجة تطرأ لرسول الله – عليه الصلاة وأفضل السلام -، قد يطرقه أمر أو تظهر له حاجة، فيبعث أحدنا فيها، خدمةً وتفانياً في حُب رسول الله، حتى كثر المُحتسِبون وأهل النوب، أي الضيوف والمُنتابون كثروا، جماعات كثيرة، والكل يُريد فقط أن يخدم رسول الله وأن يقضي حاجته – صلوات ربي وتسليماته عليه -، دون أن يطلب إلى أحد منهم ذلك، هكذا هم يفعلون ذلك احتساباً، قال فخرج علينا – عليه الصلاة وأفضل السلام – ذات ليلة ونحن نتناجى، كانوا يتخافتون، يتحدَّثون مُخافتةً، يتكلَّمون بصوت خفيض، فقال – عليه الصلاة وأفضل السلام – ما هذه النجوى؟ ألم أكن نهيتكم عن النجوى؟ وقد قال عمر بن عبد العزيز إذا رأيت جماعة يتناجون فاعلم أنهم إنما ينطوون على دغل، لا تُوجَد في الدين سريات، لا يُوجَد في الدين أشياء سرية، أنا أعرف وهذا يعرف وهؤلاء لا يعرفون! هذا ليس من الدين، الدين واضح، دين الله والعمل للدين والدعوة واضح جداً جداً، هذه الأُطر الضيقة التي يُحِب بعض الناس أن يعمل فيها ليست من الدين وليست من طبيعة المُتدينين ولا من طبيعة المُسلِمين والدُعاة إلى الله، أمرنا واضح، ديننا واضح، وكذلك مبادئنا، أخلاقنا، وكل ما نقوله، لا نقول شيئاً في العلن ونقول ضده في السر أبداً، هكذا! النبي يكره هذا الأسلوب، لماذا هذه المُخافَتة؟ لماذا تتكلَّمون هكذا؟ وقد نهاهم عن النجوى، قال ألم أكن نهيتكم عن النجوى؟ قال أبو سعيد فقلنا يا رسول الله تُبنا إلى الله، أي نبي الله، إنما كنا نتحدَّث عن الدجّال وفرقنا منه، تذكَّرنا فتنة المسيح الدجّال وخفنا، فرقنا منه، من الفرق، أي الخوف، فقال – عليه الصلاة وأفضل السلام – ألا أُخبِركم بما هو أخوف عندي عليكم من المسيح الدجّال – أو قال من المسيح -؟ قلنا بلى يا رسول الله، قال الشرك الخفي، الشرك الذي يقدح في الإخلاص، في النية، وفي القلب، الشرك الخفي! يقوم الرجل يُصلي لمكان الرجل، صدق رسول الله – عليه الصلاة وأفضل السلام -، هذا أخطر شيئ، تقوم تُصلي لأن فلاناً جالس، وأنت تُريد أن تُريه أنك تُصلي حسناً، تذهب لتحج أو لتعتمر لأن في الرفقة فلاناً، وأنت تُريد أن تُريه شيئاً من نُسكك ومن عبادتك، يا مسكين أنت تُخاطِر لدينك للأسف، أتنصب وتجهد وتتعب وتُنفِق أموالك ثم في الأخير تُبعَث مُشرِكاً – شركاً أصغر طبعاً -؟ أتُبعَث مُشرِكاً؟
عن شهر بن حوشب، قال جاء رجل وسأل عُبادة بن الصامت، قال يا صاحب رسول الله أجبني عما أسألك عنه، قال هات، قال الرجل يُصلي، يبتغي وجه الله، ويُحِب أن يراه الناس، والرجل يتصَّدق، يتبغي وجه الله، ويُحِب أن يراه الناس، والرجل يصوم، يبتغي وجه الله، ويُحِب أن يراه الناس، والرجل يحج، يبتغي وجه الله، ويُحِب أن يراه الناس، ما له عند الله؟ أجابه على الفور عُبادة بن الصامت – تَلميذ رسول الله، عليه الصلاة وأفضل السلام -، قال له ليس له عند الله شيئ، كله ذهب، مُحبَط!
يقول عُبادة إن الله – تبارك وتعالى – يقول أنا خير شريك – طبعاً هناك ألفاظ أُخرى في أحاديث مرفوعة، أنا أغنى الأغنياء عن الشرك، هنا قال أنا خير شريك – فمَن عمل عملاً أشرك فيه غيري، فهو لشريكه كله، وليس له عندي شيئ، هكذا! فلنتعلَّم الإخلاص.
نسأل الله – تبارك وتعالى – أن يمن علينا بقطرة من معين الإخلاص، بنفحة من نفحات الله – تبارك وتعالى -، تصل أسبابنا بأسباب الصادقين، وتبلغ بنا مقامات المُخلِصين.
اللهم إنا نسألك الهُدى والتُقى والعفاف والغنى، اللهم اهدِنا واهدِ بنا، وأصلِحنا وأصلِح بنا، اللهم اجعلنا مفاتيح للخير، مغاليق للشر، يا رب العالمين.
اللهم اغفر لنا ولوالدينا، وارحمهم كما ربونا صغاراً، اجزهم بالإحسان إحساناً وبالإساءة غُفراناً، واغفر اللهم للمُسلِمين والمُسلِمات، المُؤمِنين والمُؤمِنات، الأحياء منهم والأموات، بفضلك ورحمتك، إنك سميعٌ قريبٌ مُجيبُ الدعوات.
اللهم إنا نسألك ونضرع إليك ونبتهل أن تنصر الإسلام وأن تُعِز المُسلِمين، اللهم مَن أراد بنا وبالإسلام وبالمُسلِمين خيراً فكُن له خير مُعين، ومَن أراد بنا وبالإسلام وبالمُسلِمين شراً فخُذه أخذ عزيز مُقتدِر، فإنه لا يُعجِزك.
اللهم أرنا فيهم تعاجيب قدرتك وعلائم بأسك وآيات انتقامك، يا رب العالمين، واكفنا شرهم بما شئت، كيف شئت، لا إله إلا أنت سُبحانك إنا كنا من الظالمين.
عباد الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ۩.
____________
فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ۩، قوموا إلى صلاتكم يرحمني ويرحمكم الله.
(6/6/2003)
أضف تعليق