الأخبار والآثار
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومَن والاه.
إذن إخواني وأخواتي ما زلنا مع العلّامة محمد مُعين السندي صاحب دراسات اللبيب، قال – رحمة الله تعالى عليه – وهذه الدقيقة واجبة الرعاية في أحاديثه على رأي هؤلاء وإلا كابر الذين لم يتحمَّلوا عنه قبل الصُلح، فليُميَّز بين ما تُحمِّلَ عنه في أيام بغيه وبين ما تُحمَّلَ بعد الصُلح، وكيف يأخذ سيد أخيار الأولين والآخرين عنه – وهذا الكلام طبعاً مُرتبِط بصحيفة قبلها عن الإمام عليّ عليه السلام – مع أنه – يعني مُعاوية – روى هذا الحديث النهي عن جلود النمر – أي النمور، والمفروض النهي عن جلود السباع – وكان يستعمله وكذلك في غير ذلك؟ فمَن هذا عمله لا يأخذ عنه أبو الحسن القوّام، وليس مُعاوية مِمَن يُقال – وهذا الكلام أيضاً شديد – إنه إذا عمل بخلاف مرويه دل على النسخ…. عند العلماء – علماء الأصول – مسألة مبحوثة، يقولون الراوي من الصحابة – وليس كل راوٍ طبعاً وإنما الراوي الصحابي فانتبهوا، ليس التابعي وما إلى ذلك وإنما الراوي الصحابي – إذا رفع إلى رسول الله معنىً – روى حديثاً عن رسول الله – ثم خالفه بعمله هل تُعتبَر هذه المُخالَفة أمارة على أن مرويه منسوخ؟ لأنه صحابي والصحابة عدول، ويبعد جداً أن الصحابي يروي عنه رسول الله معنىً أو حُكماً ثم يذهب يُخالِفه لأن هذا يجرح عدالته، والصحابة أنزه من أن يتورَّطوا في هذا أو يقتحموا هذا الخطر العظيم، هكذا هم يقولون، فقالوا هذا يدل على النسخ عند البعض، وبعضهم تأوَّل المسألة وقال لا يدل على النسخ، يُوجَد كلام طويل، على كل حال ماذا قال الإمام السندي؟ قال ليس مُعاوية أصلاً من هؤلاء، لا تقل لي هو صحابي وإذا كذا، لماذا؟ سوف نرى، هذه كلمة كبيرة، قال وليس مُعاوية مِمَن يُقال إنه إذا عمل بخلاف مرويه دل على النسخ، مع أن هذا القول – أي هذه القاعدة – بإطلاقه في عمل الراوي باطل، ولو كان كذلك لما أخذ عليه المقدام في ذلك.
لدينا الحديث الذي رواه خالد بن معدان، ذكرناه لكم اليوم فلا نُعيده الحمد لله، وقلنا رواه أحمد وأبو داود وآخرون وذكره الذهبي وفلَّن فيه وأغضى، الإمام أحمد صرَّح قائلاً قال مُعاوية، المُهِم المقدام بن معدي كرب أخذ على مُعاوية هذه المُخالَفات الثلاثة وألزمه، وقال مُعاوية وقد التزم قد علمت أني لن أنجو منك اليوم، لو كانت القاعدة صحيحة وأن عمل الصحابي الراوي للحديث المُخالِف لحُكم مرويه يُعتبَر نسخاً له لما ساغ للمقدام بن معدي كرب أن يأخذ هذه المُخالَفات على مُعاوية من ناحية فقهية وأصولية، لأن مُعاوية راوٍ وفقيه، فإذا عمل بخلاف مرويه دل على أن الحكم منسوخ، هذا غير صحيح، وسلَّم بذلك مُعاوية، أي أن هذه مُواخَذات ومُخالَفات، فهذا كلام دقيق انظروا إليه، مثل هذه الأنظار الدقيقة للعلماء هي التي يُؤسِّس عليها كبار الأصوليين قواعد أصولهم، يفعلون هذا من وقائع مثل هذه وأحاديث وأشياء، فهذا ليس تأملاً نظرياً مُجرَّداً كالتأمل الفلسفي، لا ليس هكذا، لكن يتم هذا بهذه الطريقة.
انتهينا من النقل عن العلّامة محمد مُعين السندي، أعتقد هكذا أنهينا ما أردنا أن نذكره اليوم من بعض النقول عن العلماء الذين سبقوا إلى الكلام في مُعاوية وتناولوه بما يعتقدون الحق في شأنه.
قبل أن أبدأ اليوم في مُحاكَمة مُعاوية إلى حديث رسول الله – وهذا هو المعنى الذي أردنا أن نُفصِّل فيه القول في هذه الحلقات، الحلقات السابقة صارت وصلاً للحلقات التي كانت أسبق منها – أُحِب فقط على عجل – ووعدتكم بمُحاضَرة مُطوَّلة إن شاء الله لكن سأتحدَّث الآن على عجل – أن أتحدَّث عن موقف الرسول – صلى الله عليه وسلم – عموماً من بني أُمية، سأتحدَّث عموماً عن هذا، طبعاً للإيضاح أيها الإخوة تعلمون أن جد الرسول – أحد الأجداد الكبار لرسول الله – وهو عبد مناف كان له أربعة من الأبناء، ثلاثة أشقاء والرابع لأب وهو نوفل، هذا من أم أُخرى، والثلاثة مَن هم؟ هاشم والمُطلِب وعبد شمس، هؤلاء أشقاء، ثم الرابع كان أخاً لهم لأبيهم عبد مناف وهو نوفل، طبعاً الرسول من أين أتى؟ من هاشم، هاشم والمُطلِب لم يفترقاً جاهليةً ولا إسلاماً، هذا من حديث عن رسول الله، النبي قال هذا، لذلك النبي حين قسم غير مرة كان يُعطي نسل هاشم ونسل المُطلِب، ولا يُعطي نسل عبد شمس، كأبي سُفيان وأولاده ومَن لف لفهم، لا يُعطيهم فجاء بعضهم واعترضوا، نحن في النهاية أبناء أب واحد، فلماذا تقسم لهم ولا تقسم لنا؟ فأجاب النبي وقال نحن – هكذا غير منصوبة على الاختصاص – بنو هاشم وبنو المُطلِب لم نفترق جاهليةً ولا إسلاماً، في الإسلام يا إخواني تعرفون حادثة الشِعب وحصار رسول الله ومَن معه مِن بني هاشم في الشِعب زُهاء ثلاث سنين، أنتم تعرفون هذا، مَن دخل معه في شِعب أبي طالب؟ بنو المُطلِب دخلوا، قالوا لا، لا نُفارِق أبناء عمومتنا، نحن معهم في السراء والضراء، مَن الذين تألَّبوا عليهم وحاصروهم وحصروهم؟ بنو عبد شمس وبنو نوفل، عجيب، وقفوا مع قريش، وهذا مُهِم لكي تعرفوا ما هذه الثارات الأُموية وما الأصول والجذور العميقة لها، والنبي لم ينسها، قال لا، نحن بنو هاشم وبنو المُطلِب لم نفترق جاهليةً ولا إسلاماً، لكن أنتم لا، نعم أولاد عمومة – أهلاً وسهلاً -لكن مواقفكم مُخزية في الجاهلية وفي الإسلامية، طبعاً المُنافَرات والمُشاكَسات والمُناكَدات بين بني هاشم وبني عبد شمس من الجاهلية، ولها فصول طويلة، المقريزي اليوم ذكرت لكم رسالته النزاع والتخاصم، تقرأون طرفاً طويلاً من هذا في البداية، ماذا فعلوا وماذا فعلوا وماذا فعلوا وماذا فعلوا، فعلوا الأفاعيل، فهذه مُقدِّمة سريعة!
روى الإمام أبو عبد الله الحاكم في المُستدرَك على الصحيحين في كتاب الفتن والملاحم عن أبي برزة الأسلمي الصحابي الجليل حديثاً هاماً، وهذا كان يهودياً وأسلم وحسُن إسلامه جداً، وبالمُناسَبة سوف نرى شيئاً من بوائق بني أُمية وبسند قوي، في يوم من الأيام بعث زياد بن أبيه اللعين الدعي – ابن سُمية – إلى أبي برزة يسأله عن أحاديث الحوض، وقلت لكم في الدرس السابق بنو أُمية لا يُحِبون أحاديث الحوض ويُنكِرونها ويسطون بالذين يروونها من الصحابة فيمنعونهم من روايتها أو يحضونهم على ألا يرووها، لماذا؟ كشف عن هذا النقاب في دروس عدالة الصحابة ونبَّهت على هذا أعتقد في الحلقات السابقة، لأنه إذا ذُكِرَت أحاديث الحوض ذُكِرَ ما صح من أحاديث التحلئة والاختلاج والزود عن حوض محمد، هناك أناس صحابة والنبي يقول مِمَن صاحبني ويقول مِن أصحابي، ويقول حتى إذا عرفتهم وعرفوني، لأن هناك رواية من أُمتي، وهناك رواية واضحة مُصرَّح فيها، يقول أصحابي، ويقول مِمَن صاحبني، كما في الحديث الآخر إن من أصحابي مَن لا يراني بعد أن يموت، انتهى الأمر، هناك أُناس سيُحرَمون مني إلى أبد الآبدين، يقول من أصحابي، يعرفهم مَن هم وماذا فعلوا وماذا سيفعلون بأُمته، وكل هذا سوف يأتي في وقته، لذلك يغضبون، وكما نقلنا عن أبي الفيض الغُماري وعن الشيخ عبد الله بن الصدّيق الغُماري أنهما يجزمان بأن أحاديث التحلئة والاختلاج والزود عن حوض محمد تنطبق أول ما تنطبق على مُعاوية بن أبي سُفيان المُبدِّل لدين وسُنة رسول الله، وسوف يأتيكم كيف بدَّل دون أن نستعجل، فيغضبون من أحاديث الحوض، وليس هذا موضع الشاهد، موضع الشاهد أن هذا اللعين الدعي بعث إلى أبي برزة الأسلمي في قصره بالعراق، فأتى أبو برزة، فلما رآه ضحك، ضحك وأغرب في الضحك، وقال – أي زياد – إن محمديكم هذا – أعوذ بالله، اللهم غفراً، قال محمديكم، هذا مُهِم لكي تعرف مَن هم بنو أُمية، حقد على الإسلام كريه – لدحداح، ما معنى الدحداح؟ الدحداح الرجل القصير السمين، إذا كان قصيراً سميناً يُسمونه الدحداح، يُقال مدحدح، فتغيظ جداً أبو برزة وقال – في بعض الروايات كأنني أذكر أنه بكى – ماذا ظننت أنه يأتي يوم أُعيَّر فيه بصُحبة رسول الله، بدل أن يُقال أن هذا الرجل أو هذا الصحابي يُقال محمديكم! كأنه لا يُؤمِن بمحمد ولا بدين محمد، ابنه الملعون ابن الملعون عُبيد الله بن زياد قاتل الحُسين، أنتم تعرفون هذا، كان الوالي على العراق وبأمره وبأمر يزيد – مولاه وولي نعمته – قُتِل الحُسين، عُبيد الله بن زياد في راوية أمر بقتل زين العابدين، قال اقتلوه، قالوا صغير، قال اقتلوه، إن تقتلوه تنقطع مادة هذا النسل، هذه الأسرة كلها ستموت، آل محمد لا أُريد أن يبقى أي أحد منهم، حقد أُموي غريب على آل محمد يا جماعة، إذن هو حقد على الرسول، كما قلنا أمس في الخُطبة والله العظيم – أُقسِم بعزة جلال الله وأنا لا أُغامِر بديني – أنه لا يُحِبهم إلا مَن أحب الرسول ولا يُبغِضهم إلا مَن هو مُنافِق لا يُحِب الرسول، والله العظيم لو وقف بين الركن والمقام وأقسم بأغلظ الأيمان أنه يُحِب رسول الله وهو يكره آله ما صدَّقته ولا أُصدِّقه، أُقسِم بالله لا أُصدِّقه ولو كان حتى اسمه مَن يكون، ما هذا يا أخي؟ الأمور واضحة، قال إن محمديكم هذا لدحداح، محمدينا يا زياد يا ابن سُمية؟ أعوذ بالله منهم يا أخي، وهذا كله بسبب ذكر أبي برزة وقد فهمنا قصة أبي برزة!
يروي الإمام الحاكم في المُستدرَك عن أبي برزة الأسلمي قال كان أبغض الأحياء – القبائل – إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم – هذا الخبر كما نقول لكم، كان بنو، لا نقول لكم كان أبغض بني، هذا غير صحيح، وإنما كان بنو أُمية أبغض وبنو حنيفة وثقيف، هذه هي اللغة – بنو أُمية وبنو حنيفة وثقيف، وقال الحاكم صحيحٌ على شرط الشيخين – البخاري ومُسلِم – ولم يُخرِّجاه وقال الذهبي على شرط البخاري ومُسلِم، الحديث صحيح وواضح، يا جماعة أُناس النبي مات وهو يُبغِضهم نُحِبهم لماذا نحن؟ علماً بأننا لم نُبغِضهم لأجل هذا الحديث، يعلم الله قبل أن نقف على هذا الحديث أبغضناهم لفواقرهم ودواهيهم وبوائقهم وعظائم مناكرهم – أي والله – لأن في أدمغتنا عقولاً – بفضل الله – ولنا قلوب فنفهم، إذن صححَّه الإمام الحاكم والذهبي، أبغض القبائل إلى رسول الله بنو أُمية، معروفون يا أخي بنو أُمية، معروف يا جماعة مَن هم، وأخرجه أبو يعلى أيضاً بإسنادٍ حسن كما قال مُحقِّقه – مُحقِّق مُسنَد أبو يعلى الموصلى حُسين سليم أسد – إسناده حسن، ونُعيم بن حمّاد – شيخ البخاري – في الفتن باب آخر مَن ملك مِن بني أُمية عن بجالة بن عبد أو عبدة بن بجالة قال قلت لعمران بن حصين حدِّثني عن أبغض الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال تكتم علىّ حتى أموت؟ – سوف تُقطَع رأسي، قال لي هذا بيني وبينك إذا أرت -، قال قلت نعم، قال بنو أُمية وثقيف وبنو حنيفة، وهذا صحيح، هذا حديث آخر، هذا عن عمران وذاك عن أبي برزة، حديثان إذن والمعنى واحد، له أصل واضح!
روى الإمام أبو القاسم الطبراني في المُعجَم الكبير حديثاً هاماً، حديث ألفين وستمائة وثماني وتسعين.
(ملحوظة) طلب الأستاذ الدكتور من أحد الحضور إحضار كتاب ابن حجر الهيتمي الصواعق المُحرِقة وهو مُجلَّد أحمر اللون، ثم قال ابن حجر الهيتمي – كما قلنا – هواه أُموي، ذكر أن هذا الحديث في نهاية المطاف صحيح، يُوجَد رجل واحد اختُلِف فيه لكن الذهبي وثَّقه، سنقرأه من ابن حجر مُباشَرةً حتى لا نُتهَم، فالحديث في مُعجَم الطبراني الكبير، المُجلَّد الثالث، صفحة واحد وسبعين، أنا كتبته في الورق بطوله وأُحِب أن أقرأه من ابن حجر فهو مكتوب بطوله.
ملحوظة: أحضر أحد الحضور الكتاب الذي طلبه الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم فقال له بارك الله فيك ثم استتلى قائلاً في الصحيفة الخامسة والخمسين من تطهير الجنان واللسان يقول العلّامة الشافعي ابن حجر الهيتمي وجاء بسندٍ رجاله رجال الصحيح إلا واحداً فمُختلَف فيه لكن قوّاه الذهبي بقوله إنه أحد الأثبات – هذا المُختلَف فيه – وما علمت فيه جُرحاً أصلاً أن عمرا – وهو ابن العاص – صعد المنبر فوقع في عليّ – طبعاً عمرو بن العاص معروف يا إخواني، حتى قبل إسلامه كان من أكثر الناس الذين كانوا يُمعِنون في سب الرسول وهجائه، عنده قصائد شعرية وكلمات معروفة، هؤلاء كان لهم تاريخ وماضٍ في سب الرسول، قال أن عمرواً صعد المنبر فوق في عليّ، أي أنه يسب عليّاً، إذن الحديث كما قال ابن حجر إسناده الصحيح، وهناك رجل مُختلَف فيه والذهبي وثَّقه، من الأثبت قال، قوّاه الذهبي بقوله إنه أحد الإثبات – ثم فعل مثله المُغيرة بن شُعبة فقيل للحسن – لذلك رأينا اليوم الربيع يروي عن الشافعي، وقد أسر الشافعي للربيع، قال أربعة من الصحابة لا تُقبَل شهادتهم، مُعاوية بن أبي سُفيان، عمرو بن العاص، المُغيرة بن شُعبة، وزياد، قال الشافعي لا تُقبَل شهادتهم، الشافعي يعرف هذا بينه وبين الله لكنه يخاف، الله أعلم ثبت عن هذا أو لم يثبت لكن هذا ما قرأناه – بن عليّ اصعد المنبر لترد عليهما فامتنع إلا أن يُعطوه عهداً إنهم يُصدِّقوه إن قال حقاً – قال أعطوني عهداً إن قلت حقاً أن تقولوا صدقت، وإن قلت غير ذلك ردوا علىّ، قولوا كذبت وحاشاه عليه السلام أن يكذب – ويُكذِّبوه إن قال باطلاً فأعطوه ذلك – هذا الحسن، أهل بيت رسول الله هم أهل الفصاحة يا جماعة وأهل العارضة والبديهة والفحولة في الكلام -، فصعد المنبر فحمد الله وأثني عليه ثم قال: أنشدك الله يا عمرو ويا مُغيرة – بدأ بالاثين الآن، قال يا عمروا ويا مُغيرة -، أتعلمان أن رسول الله صلي الله عليه وسلم لعن السائق والقائد؟ – هذا الحديث له قصة وهو مشهور، أبو سُفيان راكب ومُعاوية ابنه يسوق به وولد آخر له يقود به، أي أحدهما من الخلف والآخر من الأمام، فالنبي لعن الثلاثة، الراكب والسائق والقائد – أحدهما فلان – هذا التفلين فاحفظوه عني، لقد صككت هذا المُصطلَح، مَن فلان؟ مُعاوية، لم يذكره حتى هنا، طبعاً الحسن لم يقل فلان، قال مُعاوية، قال أحدهما مُعاوية، ولذلك هو بدأ بماذا؟ بقوله يا عمرو ويا مُغيرة، أتشهدا أن النبي لعن مُعاوية؟ – قالا بلى – نعرف أنه ملعون، النبي لعنه، أي مُعاوية -. ثم قال أنشدك الله يا مُعاوية ويا مُغيرة ألم تعلما أن النبي صلي الله عليه وسلم لعن عمرا بكل قافيه قالها لعنة؟ – قال قافية، لماذا قال قافية؟ قلت لكم عمرو كان مشهوراً بقرض الشعر في هجو رسول الله في الجاهلية قبل أن يُسلِم – قالا اللهم بلى – أي أنه لعن -. ثم قال: أنشدك بالله – الحمد لله هذا ليس كلام الشيعة والزيدية، ابن حجر الهيتمي الذي يُدافِع عن بني أُمية، يُقولون لي لماذا يا عدنان تقرأ هذا؟ قولوا هذا لابن حجر، قولوا لابن حجر يا ابن حجر لماذا تقرأ هذا؟ شيئ مُقرِف يا أخي، والله العظيم شيئ يُجنِّن، يُحرِّمون علينا هذا كأننا نعيش في عصر الكنيسة الكهنوتية ويقولون قل ولا تقل وما إلى ذلك، هذه كتب مطبوعة يا حبيبي لعلماء أهل السُنة ونحن نُريد أن نقرأ، هذه الكتب موجودة، ما هذا الكلام؟ ما يحصل أن الكتب موجودة والحقائق موجودة وهم لا يروج قولهم ولا كلامهم إلا على الجهلة لأن الناس لا تقرأ وهم لا يُحِبون أن الناس تقرأ، يغضبون من هذا، ويعطوك أسماء بكتب مُحرَّمة، قالوا هذه كتب أفتى العلماء بتحريم قراءتها، كتب حذَّر منها العلماء، وهذا غير صحيح، لا يُوجَد في كتب العلم حذَّر وحرَّم، الإنسان يُريد أن يقرأ يا سيدي، نحن نقرأ كل شيئ، نقرأ ونعرف بعد ذلك كيف نُميِّز، هل أنت تُميِّز ونحن لا نُميِّز؟ هم ما شاء الله أذكياء، والله هذا غير ظاهر، غير ظاهر الذكاء الخارق عندهم، نرى كلامهم ونرى ما شاء الله الردود عندهم، ذكاء خارق، عندهم السباب فقط والشتم – يا عمرو ويا مُعاوية ألم تعلما – الآن الكلام عن المُغيرة بن شُعبة الثقفي، ونحن نعرف كيف أسلم حتى المُغيرة أصلاً، المُغيرة كان في مصر ومعه ثمانية من ثقيف، أي من قبيلته، غدر بهم وقتلهم ثم أخذ أموالهم، فصار مطلوباً، علماً بأن الإمام عليّاً قال هذا الكلام، قال هذا أسلم! قال هذا غدر غدرةً وجاء فاراً بها ونحن نعرف كيف أسلم وكيف تخلَّص، وجاء للنبي قائلاً أنا أسلمت يا رسول الله وأنا معك، ما شاء الله عليك، ويذكر علماؤنا أن من خصائص ومن خصال ومن فضائل المُغيرة بن شُعبة أنه أحصن ألف امرأة، يتزوَّج ويُطلِّق ثم يتزوَّج ويُطلِّق ثم يتزوَّج ويُطلِّق ثم يتزوَّج ويُطلِق، ألف امرأة، قالوا هذا ما شاء الله وبارك الله فيه قدَّم خدمات جليلة للنساء المُسلِمات، أحصن ألف امرأة، والله قيل هذا كفضيلة له، يقولون هذا أحصن، ما شاء الله أحصنها يوم أو يومين ثم تركها، أعزب الدهر ولا أرمل شهر، لو تركها غير مُحصَنة لكان أحسن، يُحصِنها ساعتين ثم يتركها، ألف امرأة، قالوا هذا من فضائله، أحصن ألف امرأة، هذا الكلام لا يُدخِل مُخي، هكذا أنا فسبوني، أنا مُخي حر، أُقسِم بالله لا يدخل مخي الهبل، قالوا بذيء عدنان، أنا بذيء؟ أنا حر ولست بذيئاً، أنا لا أتباذأ، كلامي كله مُؤدَّب وعلمي، الهبل لا يدخل مُخي، هذه حماقات، ما هذه الحماقات يا أخي؟ يُقال أحصن ألف امرأة، اللهم غفراً – أن النبي صلي الله عليه وسلم لعن قوم هذا – ثقيفاً -؟ قالا: بلى – الثلاثة سبحان الله، أشهد الثلاثة على أنفسهم، شيئ غريب هذا الرجل، ابن رسول الله عليه السلام، قال إن ابني هذا سيد، هذا سيد، أتنال منه أنت ومن أبيه؟ كيف؟ إذن قالا بلى -. قال الحسن: فإني أحمد الله الذي جعلكم فيمَن تبرّأ من هذا أي عليّ – عليّ عليه السلام، قال الحمد لله إن كنتم تبرأتم من أبي، مثلكم ليس شرفاً لنا حين تعترفون بنا فالحمد لله، أنتم ما شاء الله عرفتم مَن أنتم، ملاعين وأخباث، الأحسن أن تبتعدوا عنا، وهذا صحيح فعلاً والله، أنت الآن حين تكون إنساناً مُحترَماً هل تُحِب أن يُماشيك أو يحاذيك أو يشهد لك أحد من أمثال هؤلاء؟ مُستحيل، تقول لا، هذا عار عليك يا حبيبي، أليس كذلك؟ والعكس صحيح -، مع انه صلي الله عليه وسلم لم يسبه قط – لم يسب عليّاً أبداً -، وإنما كان يذكره بغاية الجلالة والعظمة.
في إتحاف الخيرة المهرة – هذا كتاب عظيم، موسوعة اسمها إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة للحافظ البُوصيري رحمة الله تعالى عليه، أحمد بن أبي بكر البُوصيري – برقم سبعة آلاف وخمسمائة وتسع وعشرين عن أبي هُريرة أن الرسول صلى الله عليه وسلم رأى في المنام كأن بني الحكم – وقد رأيتم مَن الحكم، الحكم بن أبي العاص، طريد رسول الله ولعين رسول الله – ينزون على منبره – في روايات نزو القردة، يقول ما لي أرى بني الحكم ينزون على منبري نزو القردة! في رواية كما تنزو القردة، قال ما هذا؟ رآهم في المنام، فلم يُر بعدها مُستجمِعاً ضاحكاً حتى لقيَ الله، غُم النبي من هذه الرؤيا، وهذا الذي حصل، هذا تاريخياً الذي حدث، سبحان الله، عجيب يا أخي -، فأصبح كالمُتغيظ وقال – عليه الصلاة والسلام -: ما لي رأيت بني الحكم ينزون على منبرين زو القردة! قال – أبو هُريرة -: فما رُئيَ صلى الله عليه وسلم مُستجمِعاً ضاحكاً بعد ذلك حتى مات، قال الحافظ البُوصيري رواه أبو يعلى ورواته ثقات.
هذا مُهِم لكي تعرف موقف النبي من بني أُمية عموماً، أبناء أبي سُفيان وأبناء الحكم، أي الفرع السُفياني والفرع المرواني، من بني الحكم جاء مروان، ومن مروان جاء الجبابرة كلهم، عبد الملك ومَن خرجه، وعندنا أبو سُفيان، فجاء مُعاوية ويزيد، هذان الاثنان اللذان حكما فقط!
أيضاً في إتحاف الخيرة المهرة رقم سبعة آلاف وخمسمائة واثنين وعشرين عن عبد الله بن الزُبير قال صلى الله عليه وسلم -: لا تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون كذّابًا، منهم مُسيلمة والعنسي والمُختار، وشر قبائل العرب بنو أمية وبنو حنيفة وثقيف، قال البُوصيري رواه أبو يعلى الموصلي بإسناد حسن.
يُوجَد باب في ذم الحكم بن أبي العاص وبنيه – في إتحاف الخيرة باب كامل عن هؤلاء – يُمكِن الرجوع إليه، رقم سبعة آلاف وخمسمائة وخمس وعشرين عن عطاء بن السائب، عن أبي يحيى قال: كنت بين الحسن والحُسين، ومروان يشتم الحُسين، والحسن ينهى الحُسين – طبعاً من أدب أبناء رسول الله إذا اجتمع الحسن والحُسين لم يتكلَّم الحُسين حتى يأذن له الحسن، رغم أنه يكبره بكم؟ بعام واحد فقط، انظر إلى الأدب والتربية، هؤلاء أبناء فاطمة، هؤلاء أبناء عليّ، أبناء رسول الله، والحُسين شديد وفيه جراءة وجسارة وشجاعة أسدية مثل عليّ، النبي كان يقول حسن مني، وحُسين من عليّ، الحسن فيه حلم رسول والتؤدة، الحُسين عنده الشجاعة والقوة، فالحُسين طبعاً يتغيظ لأن مروان يشتم، وطبعاً دائماً يشتم وينال من عليّ بالذات، أي للتوصل لشتم عليّ بالذات، يشتمهما ويشتم أباهما -، إذ غضب مروان – ظل يشتم وغضب أيضاً -، فقال: أهل بيت ملعونون – لعنة الله عليك، لعنة الله عليك يا مروان إن قلت هذا فعلاً، وقد قاله، وفي رواية إنكم أهل بيت ملعونون، لعنة الله عليه، الملعون ابن الملعون أصلاً هو، هو الملعون ابن الملعون بشهادة أم المُؤمِنين عائشة، قالت له فأشهد يا مروان أنك فضضٌ من لعنة الله، لعن الله مروان وهو في صُلب أبيه، أو قالت أبا مروان ومروان في صُلبه، قالت له أنت فضض من لعنة الله، أي قطعة من لعنة الله، أبوك اللعين، كيف يلعن آل بيت الرسول؟ شيئ لا يُصدَّق، هل تعرفون كلمة إنكم أهل بيت ملعونون تشمل مَن؟ الرسول، قالوا يا عدنان لماذا تلعن؟ لعنة الله عليه البعيد، إن ثبت عنه هذا لعنة الله عليه إلى يوم الدين، نحن نقول إن ثبت عنه هذا لعنة الله عليه، وطبعاً هناك ألف سبب يُوجِب لعنة هذا الخبيث، هذا السبب في قتل سيدنا عثمان، هو هذا، هذا الذي أحدث الفتنة، وهذا قاتل طلحة بن عُبيد الله، قالوا روى عنه البخاري فلا تلعنه، ما هذا يا أخي؟ ابن حجر قال إن ثبتت له رؤية لا يُعرَّج على كذا وكذا، كيف يُقال إن ثبتت له رؤية هذا اللعين؟ يا أخي يكفي هذا إن صح عنه ومثله أن يُثبِت أنه كان من مُنافِقي الصحابة، أليس كذلك؟ وبعد ذلك ما هذا الصحابي الذي عمره ثماني سنوات ولعله رأى النبي مرة أو مرتين وانتهى الأمر؟ كيف تجعله صحابياً وتقول ما تقول؟ ما هذا الكلام الفارغ؟ أي قواعد هذه؟ والله كلام لا ينسلك في ذهن مُحترَم أبداً، على الأقل في ذهني أنا سواء مُحترَم أو غير مُحترَم لا أقدر على تقبله، لا أتقبل هذا، لو قالت به الأمم كلها لا أقبله، لا يُمكِن أن يُقبَل يا أخي، قال أهل بيت ملعونون، والآن استثار بهذا الكلام اللعين مَن؟ الحليم السيد الأيد الحسن، والحُسين كان حاضراً -. فغضب الحسن، وقال: أقلت أهل بيت ملعونون؟ – عليّ وفاطمة وأنا وأخي… ولن أقول هذه الكلمة، أعوذ بالله، أهكذا قلت؟ هذا حقد، يا جماعة حقد – فوالله لقد لعنك الله وأنت في صُلب أبيك.
قال له نحن نسكت عليك، والحمد لله يُوجَد فرقٌ كالذي بين السماء والأرض، أنا أقول لك الآن اجعل كل هؤلاء – أحفاد مروان ومُعاوية وما إلى ذلك – يلعنوني – أنا عدنان – ووالله العظيم لن يتحرَّك في شعرة، أعلم أنها ستعود عليهم اللعائن، ستعود عليكم وتُشقيكم – بإذن الله – في الدنيا قبل الآخرة، فاجعل مروان الخبيث اللعين ابن اللعين وابن الطريد والوزع ابن الوزع – كما سماه الرسول أيضاً – يلعن مَن شاء، النبي قال عنه الوزغ ابن الوزغ، أي أبو بريص، أبوه كان مثل البرص، ينفخ في النار، ومروان ابن الحكم أكبر وزغة في التاريخ الإسلامي، هذا اللعين هو الذي أجَّج الفتن ونفخ فيها، سواء في حرب الجمل وسواء في صفين وسواء قبل ذلك في الفتنة على سيدنا عثمان، لعنة الله على هذا البعيد، قال الذهبي وفعل وفعل، رهيب هذا الرجل، لعنة الله عليه فعلاً، المُهِم مروان يلعن عليّاً عليه السلام، مُباشَرةً تعود عليه اللعنة مُضاعَفةً بقدر عليّ عند الله، عليّ فيما قال رسول الله إمام المُتقين يوم القيامة، الرسول قال هذا، أتُريد أن تعرف مَن هو؟ إمام المُتقين يوم القيامة، خير عباد الله بعد الأنبياء بحسب ما ورد فيه، سوف يُقال أرأيتم؟ عدنان شيعي، لكن أنا أحكي لكم بعض الآثار، أنا لم أُصرِّح بشيئ، هذه بعض الآثار، أبو بكر بن عيّاش المُتوفى سنة ثلاث وتسعين ومائتين ذكر عنه العلّامة عياض – شارح البخاري هذا، صاحب مشارق الأنوار – أمراً هاماً في الشفا بتعريف حقوق المُصطفى في المُجلَّد الثاني في باب محبة الرسول وما إلى ذلك لما تحدَّث عنه بره بمحبة أهل بيته، قال وقال أبو بكر بن عيّاش – الحافظ المُقريء والإمام المُتوفى سنة مائتين وثلاث وتسعين، وهو من رجال البخاري ومن رجال الأئمة المعروفين – والله لو جاءني أبو بكر وعمر وعليّ لقدَّمت عليّاً مُباشَرةً ولبدأت به، ولأن أخر من السماء إلى الأرض أحبُ إليّ من أن أُقدِّمهما عليه لقرابته من رسول الله، لا تقل لي صحابة وغير صحابة، هناك القرابة قبل كل شيئ، أهل البيت قبل الصحابة، ثم يأتي الصحابة، أهلاً وسهلاً، على العين والرأس، لكن هناك أولويات يا أخي، أنت تجعل الصحابة آخر شيئ وتُحاوِلون تصويرهم كأنهم من رُتبة مُعاوية وآل مروان يا حبيبي وأولاد الحكم، غير معقول هذا يا أخي، ظلم هذا، ظلم بيِّن، تقول لي وهذا اجتهد وأخطأ وهذا اجتهد وأخطأ أيضاً، أعني عليّاً، غير معقول، فقال لي أبو بكر بن عيّاش شيعي رافضي، قل لي هذا، وقل لي عياض – رحمة الله عليه – صاحب الشفاء وليس عدنان – أنا لا آتي بهذا الكلام من رأسي – شيعي ينقل هذا الكلام، لماذا تنقله يا عياض؟ أما تتقي الله فينا؟ هذا كلام الأئمة، لا نأتي بشيئ من عندنا ولا نأتي بشيئ من كتب الشيعة، نأتي بالكلام من كتبنا، هذه أدلتنا وهذا كلامنا!
على كل حال بعد ذلك سبعة آلاف وخمسمائة وست وعشرين عن عمير بن إسحاق قال:كان مروان أميرًا علينا سنين – أنتم تعرفون أن مُعاوية كان يبعث مروان بن الحكم فيجلس فترة ثم يبعث سعيد بن العاص، سعيد لم يسب، جزاه الله خيراً على الأقل بالامتناع عن السب، كان أحسن من مروان، فمروان كان يسب عليّاً كل جُمعة، ويأمر بالسب اللعين، والحسن في المدينة والحُسين -، فكان يسب عليًّا رضي الله عنه كل جُمعة على المنبر، ثم عُزِل مروان، واستُعمِل سعيد بن العاص سنين، فكان لا يسبه، ثم عُزِل سعيد، وأُعيد مروان، فكان يسبه، فقيل للحسن بن عليّ: ألا تسمع ما يقول مروان؟ فلا يرد شيئًا – الحسن ساكت، يُسَب أباه والناس كلها تسمع، على منبر مَن؟ جده، على منبر جده رسول الله، يا أخي ما هذه الصفاقة؟ ما قلة الأدب هذه؟ ما هذا الإجرام؟ ما هذا الحقد؟ ما هذه الثارات الجاهلية؟ والله العظيم هذه ثارات جاهلية أحيوها، على منبر رسول الله تسب عليّاً -، فكان يجيء – الحسن عليه السلام – يوم الجمعة، فيدخل حجرة النبي صلى الله عليه وسلم فيكون فيها، فإذا قُضيت الخُطبة دخل إلى المسجد فصلى فيه – أي أنه لا يُحِب أن يسمع الخُطبة، يظل عند جده ولا يسمع الخُطبة، حين تُقام الصلاة يقوم فقط لكي يُصلي الصلاة معهم، ولك أن تتخيَّل هذا، ويُصلي وراء هذا اللعين، أي وراء مروان، عجيب يا أخي، كان الله في عونه -، ثم يرجع إلى أهله – يسكت ولا يتكلَّم، لا يُقارِضه سباً بسب إن كانت مُقارَضة في السب -، فلم يرض بذلك مروان – الخبيث – حتى أهدى له في بيته – انظر إلى الهدية وقد بعث له رسولاً -، فإنا لجلوس معه إذ قيل له: فلان على الباب. فأذن له، فدخل فقال: إني جئتك من عند سُلطان – وهو مروان -، وجئتك بعزمة – أمر عُزِمَ علىّ أن أُبلِّغه، أي ليس بيدي، كأن الرسول يتحرَّج، قال له أنا معزوم علىّ ومُحرَّج علىّ فلابد أن أُبلِّغك، كلام سيئ جداً جداً جداً وبذاء وإقذاع في حق أشرف وأطهر عباد الله بعد نبي الله، ماذا نفعل؟ -، فقال: تكلم – الحسن قال له تكلَّم -. فقال: أرسل مروان بعليّ وبعليّ – طبعاً غير مذكور السب، الله أعلم ماذا قال، يقول عليّ كذا وكذا – وبك وبك – أي وبالحسن أيضاً، يسب سيد شباب أهل الجنة، قال كذا وكذا في أبيك وكذا وكذا فيك -، – لعنة الله عليك يا مروان إلى يوم الدين، والله ألعنه من كل قلبي، أٌقسِم بالله ألعنه ولا أشتفي والله العظيم، قالوا لا تلعن، كيف لا ألعن مَن لعنه الله ورسوله؟ الإمام أحمد سُئل عن يزيد بن مُعاوية، قيل له أتلعنه؟ قال كيف لا ألعن مَن لعنه الله في كتابه؟ فقال ابنه وأين وجدت لعن يزيد في كتاب الله؟ هذه رواية صحيحة ذكرها القاضي أبو يعلى الفرّاء عن أبي بكر الخلّال الحنبلي، فهذه رواية صحيحة عن أحمد، ونقول هذا للمُتمسلِفين الذين يُدافِعون عن هؤلاء اللُعناء الطُلقاء، فقال له في قوله تعالى فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ ۩ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ ۩، قال له أي قطيعة رحم أعظم من قتل الحُسين وآل بيت النبي، كيف لا ألعن هذا الملعون؟ وهذا ينطبق أيضاً على مروان، يا أخي هؤلاء أولاد عمك، عليّ من أبناء العمومة، ونحن كما رأينا تحدَّثنا عن بني عبد شمس وما إلى ذلك، أولاد عمك هؤلاء، أهكذا تعمل في رحمك وهم أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ومُختلَف الوحي وعرصات القرآن؟ غير معقول يا أخي، ملعونون هؤلاء، والنبي لعنه هكذا بخصوصه، الحكم وما ولد، فهو قال له وما وجدت مثلك إلا مثل البغلة، لماذا؟ – يُقال لها: مَن أبوك؟ فتقول: أمي الفرس – هل فهمتم هذا الكلام أم أشرحه؟ (ملحوظة: رد بعض الحضور قائلين اشرحه، فقال الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم سأشرحه لكم) البغلة يا إخواني أو البغل عموماً ما هو؟ البغل هو نتاج نزوان حمار على فرس أُنثى، يأتي حمار وينزو على فرس فيخرج لنا بغل، ما علاقة هذا بالمقام؟ لماذا يُقال هذا؟ لأن الحسن عليه السلام كان أحياناً يتحامى أن يُصرِّح في انتسابه باسم أبيه عليه السلام، فيقول الحسن ابن فاطمة في بعض المرات، لأنه لو ذكر عليّاً وقال الحسن بن عليّ يُقال له عليّ كذا وكذا وفيه وفيه، فإذا خاطب بعض هؤلاء أو كان في حضرة بعض هؤلاء السُفهاء اللُعناء الطُلقاء بعضهم ينتسب إلى فاطمة، وهم لا يقدرون على أن يتكلَّموا في فاطمة طبعاً لأنها بنت محمد، فيُريدون فقط فرصة أن يُذكَر اسم عليّ فيقعوا فيه، قال له أنت البعيد ونستغفر الله العظيم مثل البغلة نقول لها مَن أبوكِ لأننا نُريد أباك فتقول أمي الفرس، ما هذا؟ الله أكبر يا أخي، هذا كلام شديد جداً جداً جداً، فيه تشبيه فاطمة بالفرس وفيه تشبيه الحسن بل تصريح بأنه كالبغلة وتعريض بعليّ بأنه…. أستغفر الله العظيم، ما هذا؟ ما هؤلاء الناس اللُعناء؟ أنا أقول لكل مَن يسمعني والله العظيم إن صح هذا عندك وفهمته ثم أحببت وحاميت عنهم فأنا أقول لك بشكل واضح كعدنان إبراهيم وأنا جريء جداً وجسور ويُسمونني بذيء: أنت مُنافِق، هذه شهادتي، ألقى الله عليها، أنت مُنافِق، في قلبك ضِغنة وبِغضة لآل بيت محمد، أنت مُنافِق، أشهد بالله مَن صح عنده هذا الشيئ وعرفه وتأكَّد له وحامى عنهم هو مُنافِق، هل تعرف كيف يصح عندك؟ حين تقرأ كل هذه الأخبار يتواتر عندك المعنى، انتبه إلى هذا، وإن لم تقطع على غيب كل أثر وخبر بخصوصه وحياله يتواتر، هكذا أفهم بعقلي المسائل، هكذا العقل يفهم المسائل يا جماعة، لأن هذا الأمر مُستفيض ومُتواتِر في النهاية المعنى، فهو مُتواتِر معنوياً، فلا ترجع تقل لي بنو أُمية كانوا يُحِبون آل بيت الرسول ويُحِبون كذا وكذا، طبعاً انتبهوا إلى أنهم يُدلِّسون علينا بوجود مُصاهَرات، نعم كانت هناك مُصاهَرات لا نُنكِرها وهناك مُناسَبات، يا جماعة هؤلاء عليهم أن يأتوا إلى الغرب هنا لكي يفهموا، وجود مُصاهَرة ومُناسَبة لا يعني وجود محبة بين العائلتين أبداً، النبي تزوَّج أم حبيبة بنت أبي سُفيان، وأبوها كان مَن؟ رأس الكفر والعياذ بالله ومُحزِّب الأحزاب وقائد جيش الكفار وفعل ما فعل في أُحد، أليس كذلك؟ والنبي تزوَّج ابنته، هذه ليس لها علاقة بتلك، والنبي تزوَّج صفية وأبوها مَن؟ يهودي رئيس بني النضير وهو حُيي بن أخطب النضري، هل النبي يُحِب اليهود واليهود يُحِبونه؟ هؤلاء لا يفهمون، يقولون هناك مُصاهَرة، ما دام هناك مُصاهَرات بينهم فهذا يعني أنهم كانوا إخوة، لم يكونوا إخوة، هذا غير صحيح، المُتواتِر هو ما نذكره لكم، قصص وحكايات بالعشرات وبالعشرات وأحاديث وأخبار، مُتواتِر معنوي هذا، تاريخ هذا، وبعد ذلك ألقى بظلاله السود على علم الجرح والتعديل وعلى علم الرجال وعلى الأحاديث وعلى الوضع وعلى التصحيح والتضعيف، مسألة مُهِمة جداً، لا يُمكِن أن نتنصل منها بكلمات باردة هبائية فارغة تُقال في فضائيات وكُتيبات وحتى رسائل جامعية ليس لها وزن، ليس هكذا العلم، على كل حال امرؤٌ حجيج نفسه، المُهِم أنه قال له وما وجدت مثلك إلا مثل البغلة، هل تعرفون ماذا رجع إليه الحسن عليه السلام؟ -، فقال: ارجع إليه فقل له: والله لا أمحو عنك شيئًا مما قلت بأني أسبك – انظر إلى العدل، هذا العدل النبوي، لو سببتك سوف يكون سباً بسب، لكن البادئ أظلم حتى عند الله، ليس عند الناس فقط وإنما عند الله أيضاً، قال الله وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ۩، فالبادئ أظلم يا حبيبي، قال له والله لا أمحو عنك شيئًا مما قلت بأني أسبك،قال له لن أسبك الآن حتى لا نستوي عند الله في هذه المسألة على الأقل، لا لن أسبك، انظر إلى الأدب النبوي -، ولكن موعدي وموعدك الله، فإن كنت صادقًا يأجرك الله بصدقك – ما شاء الله على الصدق، بغلة وفرس وحمار وكذا، صدق ماذا؟ لكن هذه قاعدة -، وإن كنت كاذبًا فالله أشد نقمة – هذا الكلام يا جماعة وهذا التصرف لا يصدر إلا من رجل ملآن قلبه وريان باليقين بالله وبلقاء الله، رجل يرى القيامة كأنها رأي العين، أُقسِم بالله كأنها رأي العين، كأنها الآن، هذا عادي بالنسبة له فيحتمل، كما كان الرسول يحتمل من قبل، ولطالما احتمل عليه السلام، لأنه يعرف الله، أليس موعدهم الساعة؟ إن الساعة قريب، قريب جداً جداً، سترى نقمة الله تبارك وتعالى -، قد أكرم الله جدي – قال له أنا ابن رسول الله، جدي هذا – أن يكون مثلي مثل البغلة – أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ۩ -، ثم خرج فلقيَ الحُسين في الحجرة فسأله – قال له ماذا بلغك؟ ماذا قلت؟ -، فقال: قد أُرسِلت برسالة وقد أبلغتها – لن أقول -، قال – قال له أبو عبد الله الحُسين -: والله لتُخبِرني بها أو لآمرن بك أن تضرب حتى لا تدري متى يُرفَع عنك الضرب – قال له لابد أن تقول لي، هذا الحُسين ولي الحسن، قال له تعال هنا وقل، فخرج الحسن وقد سمع -، فلما رآه الحسن قال: أرسله. قال: لا أستطيع. قال: لم؟ قال: قد حلفت – أنا قلت والله، قال فأخبِره -، قال: أرسل مروان بعلي وبعلي وبك وبك، وما وجدت مثلك إلا مثل البغلة يقال لها: مَن أبوه؟ فتقول: أمي الفرس. فقال الحُسين…. سمع الحُسين هذا الكلام، فقال كلمة لأن أذكرها، كلمة كبيرة وقوية، قال كذا وكذا إن لم تبلغه عني ما أقول له – يقصد مروان، هذا والي مُعاوية، هؤلاء رجال مُعاوية، رضيَ الله عن مُعاوية وعن مروان، هؤلاء رجاله، هذا الأدب وهذا الدين، هؤلاء أولياء المُسلِمين كانوا يا جماعة، أنا أقول لكم والله العظيم كان خيراً للحسن أن يُسَم وللحُسين أن يُستشهَد ويخرجا من هذه الدنيا اللعينة، أُقسِم بالله على هذا، يشهد الله علىّ أنني والله أحياناً بسبب الذي أقرأه والذي آراه وبسبب ردود أفعال بعض الناس المجانين التي أراها والحقد الدفين على بيت رسول الله أتمنى الخروج من الدنيا وأقول يا رب خُذني إليك، أقم القيامة، أُقسِم بالله أقول يا ليتها تقوم الآن، أنا أُريد أن أرى الحق ويرى الناس الذين يتهوكون ولا يعرفون أين الحق، لو قامت الساعة سوف يكون هذا أفضل، ما هذا الكره للحق يا أخي ولأهل الحق؟ ما هذا؟ مُشايَعة الباطل والمُبطِلين والظلمة والمُجرِمين والمُحاماة عنهم بكل سبب وبغير سبب -، قل له: بك وبأبيك وبقومك، وآية ما بيني وبينك أن تُمسِك منكبيك من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم. أي أنه قال له ستختلج حين يبلغ لعن رسول الله لك ولأبيك ولقومك. رواه إسحاق بن رَاهُويَهْ، قال البُوصيري ورواته ثقات، وأقول رواه أيضاً الإمام ابن عساكر في تاريخ دمشق، لكن طبعاً أصله إسحاق بن رَاهُويَهْ، هذا أهم، وهو مروي في مصدر آخر الآن نسيته، يُوجَد مرجع آخر له، لكن إسحاق بن رَاهُويَهْ رواه في مُسنَده، أي في مُسنَد إسحاق بن رَاهُويَهْ، المُحدِّثون يقولون رَاهُويَهْ، اللُغويون والنحويون يقولون رَاهْوَيْه، لكن طريقة المُحدِّثين رَاهُويَهْ، وكذلك يقولون مَرْدُويَهْ، طريقة النُحاة واللُغويين مَرْدَوَيْه ورَاهْوَيْه، فإسحاق بن رَاهُويَهْ رواه في مُسنَده وقال البُوصيري رواته ثقات، وإلى أن نلقاكم في حلقة مُقبِلة فالسلام عليكم ورحمة الله.
(تابعونا في الحلقات القادمة)
أضف تعليق