بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن والاه، اللهم افتح علينا بالحق وانت خير الفاتحين.
يا إخواني قبل أن ندخل في الدرس الجديد – إن شاء الله – من دروس المنطق سنُجري مُراجَعة سريعة، أولاً ما هي المعقولات الأولى؟ مَن يقول لي ما هي المعقولات الأولى بسرعة بالله عليكم؟ مَن يعرف عليه أن يُجيب وبسرعة، ما هي المعقولات الأولى؟ المعقولات الأولى ما هي؟ هذا غير واضح للأسف، لن أُجيب! لن أُجيب طبعاً لأننا سنضطر أن نشرح من جديد، فلن أُجيب، (ملحوظة) قال أحد الحضور الصور الجُزئية للأشياء الجُزئية، فقال الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم نعم، الصور الجُزئية للأشياء الجُزئية، صورة الكوب، صورة المسجد، صورة رجل مُعيَّن، صورة شجرة، هذه الصور الأولى – أحسنت – الجُزئية لأشياء جُزئية اسمها المعقولات الأولى، مُمتاز! المعقولات الثانية، ما هي المعقولات الثانية؟ الصور الكُلية والمعاني الكُلية طبعاً، هل المعاني الكُلية موجودة في الخارج وفي الواقع؟ (ملحوظة) قال أحد الحضور لا، فقال الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم طبعاً غير موجودة، الموجود في الواقع أشياء جُزئية، لا يُوجَد في الواقع شيئ موجود اسمه الإنسان، لا يُوجَد الإنسان، يُوجَد إنسان مُعيَّن، هذا الإنسان وهذا الإنسان وهذا الإنسان، أما الإنسان كإنسان فهذا غير موجود، موجودة مصاديق له، لا يُوجَد شيئ اسمه الشجرة، تُوجَد شجرة، هذه الشجرة وتلك الشجرة، أما شيئ اسمه الشجرة بالمُطلَق هكذا فهذا غير موجود، الكُليات دائماً في الذهن، أليس كذلك؟ هذا واضح! وطبعاً النسب والأحكام والعلاقات بين الصور الجُزئية تُعتبَر من المعقولات الثانية.
مَن يقول لي كيف قسَّم المناطقة العلم؟ كيف قسَّم المناطقة العلم بسرعة؟ (ملحوظة) سمح الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم لأحد الحضور بالإجابة وهو الأستاذ أبو القاسم، فقال حضوري وحصولي، فقال له فضيلته أحسنت، حضوري وحصولي، ثم ماذا؟ الحصولي قسَّموه بالتالي إلى ماذا؟ فقال إلى تصور وتصديق، فقال له فضيلته إنه قُسِّم إلى تصور وتصديق، مُمتاز! وماذا بعد أيضاً؟ فقال كل منهما قُسِّم إلى ضروري ونظري، فقال فضيلته أحسنت، كل منهما قُسِّم إلى ضروري – أي بدهي – ونظري أو كسبي، كل منهما! هذا مُمتاز.
الآن سأسألكم عن موضوع الدلالات، مَن يقول لي كيف قسَّم العلماء الدلالات؟ علماء المنطق كيف قسَّموا الدلالات؟ الدلالات كيف قُسِّمت بسرعة؟ (ملحوظة) قال أحد الحضور دلالات لفظية، ودلالات غير لفظية، فقال الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم نعم، دلالات لفظية، ودلالات غير لفظية، ثم ماذا؟ فقال اللفظي وغير اللفظي، فقال فضيلته ثم اللفظي وغير اللفظي، كل منهما قُسِّم إلى ثلاثة أقسام، وهي ماذا؟ فأجاب بالإجابة الصحيحة التي أعاد فضيلته ذكرها وهي الوضعي، الطبيعي، والعقلي، الوضعي، الطبعي، والعقلي، ثم استتلى قائلاً من هذه الأقسام الستة عُنيَ المناطقة بقسم واحد، وهو الدلالة اللفظية – قلنا اللفظية ثلاثة أقسام، وهم عُنوا بقسم واحد منها، (ملحوظة) قال أحد الحضور الدلالة اللفظية الوضعية، فقال له الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم أحسنت، عُنوا بالدلالة اللفظية وليس غير اللفظية – الوضعية، وقسَّموا هذه الدلالة اللفظية الوضعية إلى ثلاثة أقسام، وهي ماذا؟ دلالة المُطابَقة، دلالة التضمن، دلالة اللزوم، واللزوم قسَّموه إلى قسمين: لزوم بيِّن، ولزوم غير بيِّن، واللزوم البيِّن قسَّموه إلى لزومِّ بيِّن بالمعنى الأخص، ولزوم بيِّن بالمعنى الأعم، لابد أن يكون هذا واضحاً عندك بشكل سلس وسهل.
إذن مرة أُخرى بسرعة الدلالات قسمان: لفظية وغير لفظية، كل منهما يُقسَّم إلى ثلاثة أقسام: وضعية، طبعية، وعقلية، وضعية، طبعية، وعقلية، نفس الشيئ! الوضعية: مُطابَقة، تضمن، ولزوم، هل هذا واضح؟ اللزوم قسمان: لزوم بيِّن، ولزوم غير بيِّن، البيِّن قسمان: بيِّن بالمعنى الأخص، وبيِّن بالمعنى الأعم، هذا هو التقسيم الكامل لكل الدلالات في علم المنطق، أي الــ Logik بالألمانية أو الــ Logic بالإنجليزية.
الدلالات غير اللفظية، مَن يقول لي العلم الذي عُنيَ بها؟ هذه معلومات عامة، ثقافة Culture! ما العلم الذي عُنيَ بها؟ يُوجَد علم مُعيَّن عُنيَ بالدلالات غير اللفظية، ما هو هذا العلم؟ علم العلامة، السيميولوجيا Semiology، علم يتعلَّق بالـــ Sign، علم كبير هذا اليوم، في القرن العشرين والحادي والعشرين وُجِد تخصص رهيب جداً جداً، وهناك علماء حول العالم ودراسات فلسفية مُعقَّدة، هذا اسمه علم السيميولوجيا Semiology، علم السيميولوجيا Semiology يتحدَّث عن العلامات، وهو علم لطيف جداً جداً، إن شاء الله تكون هناك فُرصة حين ننتهي من المنطق ومن بعض الأشياء الثانية لكي نُدرِّس لكم العلم هذا، علم فيه دراسات كثيرة اليوم، من أشهر أعلامه ومن أحسن الدارسين له أومبرتو إكو Umberto Eco، الفيلسوف الإيطالي الكبير! السيميولوجي الإيطالي أومبرتو إكو Umberto Eco، هذا يتعلَّق بالقسم الثاني، هذا ليس منطقاً، وإنما هو علم ثانٍ مُختلِف، لكن دعونا من هذا، ما دام أننا فهمنا الدلالات الآن سأسألكم أسئلة عن الدلالات لكي نُميِّز من خلال أمثلة مُعيَّنة.
مثلاً بيِّن نوع هذه الدلالات: دلالة نتائج الفحوص المخبرية – نفترض – على الدم أو البول على مدلولاتها المعروفة في علم الطب، تذهب إلى أي طبيب أو حتى أي مُحلِّل اختبارات وتُعطيه هذه النتائج فيقول لك أف! ما هذا؟ هذا شيئ غير جيد، مُرتفِعة عندك الجاما جي تي Gamma-Gt وهذه مُشكِلة، اذهب إلى طبيب كذا وكذا، كطبيب الكبد – مثلاً – لأن عندك مشاكل، مُرتفِعة عندك الجاما جي تي Gamma-Gt، ممنوع أن تكون أكثر من الــ Range هذا، مثلاً! هذه الدلالات من أي نوع للدلالات؟ على كل حال هيا أجيبوا بسرعة – نُريد أن ندخل في الدرس الجديد – بالله عليكم ورضيَ الله عنكم، ما الدلالات هذه؟ (ملحوظة) قال أحد الحضور غير لفظية، فقال الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم واضح أنها غير لفظية طبعاً، هذه دلالات غير لفظية، وماذا بعد؟ من أي أنواع الدلالات غير اللفظية؟ دلالات نتائج الفحوص المخبرية على الدم أو على البول أو على أي شيئ على مدلولاتها المعروفة في علم الطب والتي يقدر أي طبيب أو أي رجل مُتخصِّص في الفحوص المُخبرية على تفسيرها لك، يقول لك أف، هذه معناها كذا أو كذا، أو هذا مُمتاز، هذا Ideal، يقول لك هذا Ideal، أو يقول لك هذا غير جيد، هذا خطير وعليك أن تتخذ كذا وكذا، كيف؟ ما هذه الدلالات؟ من أي نوع؟ أجيبوني عن هذا السؤال السهل جداً، (ملحوظة) قال أحد الحضور إنها وضعية، فقال له الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم لا، ليست وضعية هذا، هل تعرف ما معنى الوضعية؟ أنها مسألة اعتسافية، أي يجوز لأطباء النمسا أن يقولوا والله إذا ارتفعت الجاما جي تي Gamma-Gt – حتى لو صارت خمسمائة – فهذا سيكون وضعاً عادي وجيداً، لكن أطباء ألمانيا سيقولون لا، هذا كارثي، هذا معناه كذا وكذا، فهذا غير صحيح، هذا ليس وضعياً أبداً، هل تعرف ما معنى وضعي؟ تعسفي، اصطلاحي، هيا نتفق على هذا! لكن هذا ليس كذلك، ليس بحسب مزاجك، لا تستطيع أن تفعل هذا، غير صحيح! ولذلك هذه الدلالات مُلزِمة حول العالم كله، أي Worldwide، أليس كذلك؟ مُستحيل! من أي نوع هذه؟ (ملحوظة) قال أحد الحضور وهمية، فرفض الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم هذا، وقال لا تُوجَد دلالة اسمها وهمية أصلاً، انتبهوا! (ملحوظة) قال أحد الحضور ثابتة، فرفض الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم هذا أيضاً، وقال لا تُوجَد دلالة اسمها ثابتة، من أين أتيتم بهذا؟ هل أنتم تُؤلِّفون منطقاً لي؟ قبل قليل نحن تكلَّمنا وقلنا الدلالات كذا وكذا، فلابد وأن تُجيبوا من هنا، (ملحوظة) قال أحد الحضور علمية وقال آخر دلالة واقعية وفلسيفة، فقال الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم كيف تكون علمية؟ لا يُوجَد شيئ اسمه دلالة علمية، ولا يُوجَد شيئ اسمه دلالة واقعية وفلسفية، أتُؤلِّفون من عندكم؟ (ملحوظة) قال أحد الحضور احتمالية، فاستنكر الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم هذا وقال مَن يزيد؟ فقال أحدهم عُرفية، فقال فضيلته غير صحيح، العُرفية تعني أنها اصطلاحية، تعارفنا عليها، هيا نتعارف عليها! يا جماعة فكِّروا، هذه دلالات غير لفظية طبعية، في الطبيعة هي هكذا! طبيعة الجسم الإنساني هكذا، إذا ارتفعت فيه النسب هذه فهذا يعني أن الوضع غير جيد، غصباً عنك هذا! لا يُمكِن أن تقول لا والله، أنا أُريد أن أصطلح على أن هذا الوضع جيد، ليس بمزاجك! سوف يموت المريض، أليس كذلك؟ افهموا! لو رأينا – مثلاً – أن هناك أشياء مُعيَّنة مُرتفِعة وهي تدل على وجود بؤرة سرطانية هذا سيعني أن الجسم مُسرطَن، تُوجَد بؤرة سرطانية، هذا ليس لعباً! لا يُمكِن أن تقول لي والله عُرفياً سنقول هذا شيئ حلو، هذا ليس حلواً، هذا مُدمِّر، سرطان هذا! أليس كذلك؟ وهذا ليس اصطلاحياً، طبعاً هذه دلالة غير لفظية لكنها دلالة طبعية، طبيعة الأمور هكذا! سيقول لي أحدكم لماذا لا تكون عقلية؟ ما الفرق بين الدلالة العقلية والدلالة الطبعية؟ الدلالة العقلية ضرورية، يلزم أن تكون كذلك ولا يستطيع العقل أن يتصوَّرها على غير ذلك، وإلا يقع في التناقض Contradiction، يحدث عنده تناقض! لكن الدلالات الطبعية العقل بالتجربة يعرف أنها كذلك لكن لا يُحيل إمكان أن تكون غير ذلك، لو الله أراد أن يخلقها بطريقة ثانية لكان هذا مُمكِناً، لكن في الحقيقة الله لم يخلقها هكذا، خلقها كما هي الآن، انتهى! هل فهمتم كيف؟ هذا الفرق بين الدلالة العقلية والدلالة الطبعية، يلزمكم بالمُناسَبة – وهذا واضح الآن من خلال هذه المُراجَعة السريعة – أن تُعيدوا التفكر في هذه الدروس في البيت وحدكم بشكل دقيق، ثم تُؤلِّفوا من عندكم أشياء لكي تقولوا هي من أي نوع الدلالات.
الآن جهاز الكمبيوتر Computer فيه أضواء، الضوء حين يكون أحمر يعني هذا أن الجهاز Off، أليس كذلك؟ مثل جهاز التلفزيون Television في بيتك، حين يكون الضوء أخضر يعني هذا أن الجهاز On، أليس كذلك؟ جيد! من أي أنواع الدلالات هذه؟ هيا! لا تحفظ لي فقط أمثلة الشجرة والإنسان والأشياء الموجودة في الكُتب، أُريد كل شيئ، يُمكِن أن أحضر لك الآن خمسين ألف سؤال من حولي، اقعد وأتفكَّر فيما حولي ثم أحضر لك بين الحين والآخر سؤالاً، ولابد أن تعرف الجواب، إذا فهمت القاعدة المنطقية فسوف تفهم الجواب سريعاً، (ملحوظة) سأل الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم أحد الحضور وهو الأستاذ أبو القاسم الآتي، قال له هذه لفظية أو غير لفظية أولاً؟ فقال غير لفظية، فقال فضيلته غير لفظية، هذا أولاً! بعد ذلك هي من أقسام ماذا؟ فقال غير اللفظي الوضعي، فقال له فضيلته نعم، تواضع العلماء على ذلك، كانوا يقدرون على عكس الأمر، مثل الــ Ampel، أليس كذلك؟ العلماء كانوا يقدرون أن يقولوا نُريد حين يشتغل الكمبيوتر Computer أن يكون الضوء أحمر وحين يغلق يكون الضوء أخضر أو برتقالياً، يقدرون على فعل هذا، لكنهم قالوا لا، دعونا نتواضع ونفعل العكس، والعالم كله تواضع، لا تُوجَد أي مُشكِلة، عادي! لأن هذه دلالة غير لفظية وضعية، هذه يُسمونها عُرفية أو اصطلاحية أو اعتسافية أو اعتباطية، كل هذه أسماء لمُسمى واحد، العُرفي أو الاصطلاحي أو الاتفافي أو التواطئي أو الاعتباطي أو التعسفي، أو الوضعي، كلها نفس المعنى! أسماء لمُسمى واحد، هل فهمتم؟
هناك سؤال ثانٍ، هذا المصباح الموجود الآن رأينا أنه اشتعل، دلالة اشتعال المصباح – أنه أضاء – على سريان التيار الكهربائي فيه من أي أقسام الدلالات؟ وطبعاً هي بالمُناسَبة تدل على ماذا؟ حين أقوم بعمل Switch on يشتغل المصباح، هذا يدل على الأقل على موضوعين أو على مدلولين، ما المدلول الثاني؟ (ملحوظة) أجاب أحد الحضور بإجابة خاطئة، فقال الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم لا، انتبهوا! لا أسأل عن نوع الدلالة، قلت تدل على مدلولين، أنا ذكرت واحداً منهما، أن التيار الكهربائي سارٍ فيه، والمدلول الثاني ما هو؟ سؤالي واضح، (ملحوظة) قال أحد الحضور إنه يشتغل، فقال الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم أحسنت، هذا غير مُعطَّل، هذا يشتغل! حين يأتي إليك الكهربائي يقوم بعمل Test، أليس كذلك؟ هو يقوم بعمل Test لك، يأخذ المصباح ويعمل Test، ثم يقول لك جيد، هذا شغّال، أليس كذلك؟ فهذا يدل على مدلولين، أن التيار الكهربائي سار فيه وأنه شغّال، أليس كذلك؟ جميل! هاتان الدلالتان من أي أقسام الدلالات؟ مَن يعرف يرفع يده فقط حتى لا يتكلَّم الكل، تفضَّل! (ملحوظة) قال أحد الحضور دلالة غير لفظية عقلية، فقال الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم غلط، نعم هي غير لفظية، لكنها ليست عقلية، فقال أحدهم وضعية، فاستنكر الأستاذ الدكتور الإجابة، وقال عفواً، لو كانت وضعية لكان معنى هذا أننا – والله – أحبننا أن تكون الأمور هكذا، فهل نحن أحبننا أن تكون الأمور هكذا؟ غصباً عنا هي هكذا، (ملحوظة) قال أحد الحضور إنها طبعية، فقال الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم طبعية هذه، هذه الطبيعة! الله خلقها هكذا يا أخي، الله خلق السلوك الكهربائية هذه نفسها والتنجستن Tungsten وما إلى ذلك بطريقة ما، فلو أنت فعلاً أدخلت فيها تياراً سيسري فيها التيار وسيفعل فعله ومن ثم ستتوهج، إديسون Edison اكتشف الشيئ هذا، هذا Discovery، أي اكتشاف! هو لم يخلقها، هو فقط اكتشف، لو وضع أي سلك آخر غير التنجستن Tungsten لما اشتعل، أليس كذلك؟ لأنه ليس من طبيعته، لو وضع خشبة لما اشتعل، كلام فارغ! هذه طبعية، الله خلق الكون على هذا النحو يا جماعة، هذه دلالة غير لفظية طبعية، في المرتين هي طبعية، أرأيتم كيف هذا أنتم؟ انتهينا من هذا!
دعونا – مثلاً – نرى دلالة أن إنسان ذهب ونزل في فندق Hotel، دخل مدينة واستأجر غُرفة في فندق Hotel، وقَّع وأخذوا رقم الجواز Reisepassnummer، وفهم بمُنتهى البساطة أن عنده الحق في أن يستخدم@ 12:40@ الأمانات، أليس كذلك؟ أراد أن يضع الساعة الذهب أو أن يضع حتى الحقائب في @@@، لكن جاء مسؤول وقال له لا يا أخي، لا! لم نتفق على هذا، فقال له لا، اتفقنا على هذا، من حقي غصباً عنك أن أضع أشياء في الأمانات، مَن معه الحق؟ ومَن ليس معه الحق؟ طبعاً النازل عنده الحق، الزبون – Kunde – عنده الحق، بأي نوع الدلالات فهم الكلام هذا هو؟ (ملحوظة) قال أحد الحضورة إن هذه دلالة تضمنية، فقال الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم نعم تضمنية، أحسنت! دلالة تضمنية هذه، لماذا؟ اشرح لنا إياها، كيف تضمنية هذه؟ (ملحوظة) ذكر أحد الحضور كلمة العقلي، فقال الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم لا، أين العقلي؟ ليس لها علاقة بالعقلي، الناس تواضعت بين بعضها يا إخواني على أن معنى النزول في فندق Hotel أن تأخذ غُرفة وتستخدم مرافقها، هناك تواليت Toilet مثلاً، لا يُمكِن أن تنزل في فندق Hotel فلا تجده، ويُقال لك لا يُوجَد تواليت Toilet إلا بشكل مُنفصِل، هذا يأتي وحده، أي إكسترا Extra، لا يُمكِن! قطعاً هذا موجود، أليس كذلك؟ طبعاً بالنسبة للفطور والغداء الأمر يختلف، هذه أشياء أُخرى وهذا معروف، أيضاً من المُتواضَع عليه أنها قد تكون موجودة في بعض الأحيان وقد لا تكون موجودة في أحيان أُخرى فتدفع مالاً من أجلها، أليس كذلك؟ أما ال@13:33@ فهذا أمر لابد منه، هذا يدخل في هذه الأمور مثلاً، هذا معروف! أليس كذلك؟ إلا إذا كانت هناك استثناءات لا نعرفها، هذه مسألة تضمنية، لا يُمكِن أن يقول لا، نحن لم نتفق على خصوص الأمانات، لأن هذا داخل في معنى النزول في فندق Hotel، هذا من ضمنها! كأن تذهب لكي تشتري كتاباً، فأعطاك البائع كتاباً بلا جلدة، من غير جلدة! وليس شرطاً أن تكون الجلدة مُقوّاة، الورقة الخارجية منزوعة، فقلت له لا، فقال لك نحن اتفقنا على أن أُعطيك كتاباً، فقلت له لا، اتفقنا على أن تُعطيني كتاباً بجلدته، لابد من الجلدة الخارجية، حتى وإن كانت ورقية، أنت معك الحق! لماذا إذن؟ لأن دلالة الكتاب على الجلدة دلالة تضمنية، ما هي التضمنية؟ دلالة اللفظ على جُزء معناه ضمن كله، لكن الدلالة المُطابَقية ما هي؟ دلالته على تمام معناه، الكتاب يدخل فيه الجلد، الأوراق، الخياطة الخاصة به، والكلام المكتوب، كل الأشياء هذه! هذا كله على بعضه اسمه كتاب، فإن دل على كل هذا المعنى تُسمى دلالة مُطابَقية، إن دل على جُزء – على صفحات، على الفهرس Index مثلاً، على الجلد وحده، وعلى العنوان – يُعتبَر دلالة تضمنية، إن دل على معنى خارج له لكن لازم له، كدلالة لفظ الأسد على الشجاعة، هذه دلالة لزومية، لأنة تعريف الأسد هو الحيوان الزائر فقط، ليس من الزيارة وإنما من الزئير، الحيوان الزائر! وفعلاً لا يُوجَد حيوان يزأر إلا الأسد، حين نقول الأسد حيوان زائر يكون هذا تعريفاً جامعاً مانعاً، عرَّفناه بماذا؟ سنأخذ هذا فيما بعد وسنراه، عرَّفناه بالجنس وعرَّفناه بالفصل، والإنسان حيوان ناطق، لكن كون الأسد الآن شجاعاً يعني أن هناك ما يلزم عن هذا، حين نقول أسد يلزم من هذه الكلمة الشجاعة، هذه دلالة لزومية، ليست مُطابَقية ولا تضمنية، لكنها لزومية، ولن نُطوِّل في الشيئ هذا.
دلالة العدد أربعة على الزوجية – بمعنى قبول القسمة على اثنين – من أي أنواع الدلالات؟ (ملحوظة) قال أحد الحضور دلالة عقلية، فقال له الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم كيف تكون دلالة عقلية؟ من باب ماذا؟ كيف هذا؟ أنا أسأل عن دلالة لفظ، انتبه! أقول لك دلالة لفظ أربعة، أي لفظ العدد أربعة، ما دلالة هذا اللفظ على الزوجية؟ (ملحوظة) قال أحد الحضور دلالة لزومية، فقال له الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم أحسنت، دلالة لزومية، انتهى!
نأتي الآن إلى درس اليوم – بإذن الله تعالى – وسنُجرِّب هذا الشغل: الترادف والتباين.
يا إخواني إذا قسنا الآن لفظاً إلى لفظ آخر – انتبهوا فالكلام إلى الآن لا يزال عن الألفاظ – أو لفظاً إلى ألفاظ – يُمكِن أن نقيسه مع ألفاظ أُخرى أيضاً – فسنجد أن نتيجة هذا القياس لا تعدو واحدة من اثنتين، قد تلتقي هذه الألفاظ – أي اللفظان أو الأكثر، يُمكِن لفظان ويُمكِن ثلاثة أو أربعة أو خمسة أو ستة – كلها على معنى واحد، أي ما الذي اختلف الآن؟ الألفاظ اختلفت، والمعنى واحد، مثل أسد، ليث، سبع، وقسورة، إلى آخره! لن ندخل الآن في إشكالات لُغوية مثل حقيقة الترادف في اللُغة وما قاله أبي هلال العسكري وما إلى ذلك، هذه الأشياء في المباحث اللُغوية، دعونا نتحدَّث في المنطق الآن، كلها على كل حال تدل في النهاية على ماذا؟ على الأسد، الحيوان الزائر! احفظوا الأشياء هذه، الإنسان حيوان ناطق، الفرس حيوان صاهل، والأسد حيوان زائر، مُهِمة هذه الأشياء لكم في الدروس القادمة، القطة – “البسة” كما يُقال، أي الــ Cat – حيوان ماءٍ، من يموء، ماءٍ! إلى آخره، جيد، فهذا يُسمونه الترادف، أليس كذلك؟ مُترادِفات Synonyms!
إذن ما هو الترادف؟ الترادف أن تتكثَّر الألفاظ والمعنى واحد، الألفاظ مُتكثِّرة – عندي لفظ أو لفظان أو ثلاثة أو أربعة مثلاً – والمعنى واحد، القسورة: الأسد، السبع: الأسد، الليث: الأسد، وهكذا! هذا غريب، هل هذا كله بمعنى واحد؟ قالوا نعم، هذا اسمه الترادف، ألفاظ مُترادِفة!
عكسها تماماً أن تتكثَّر المعاني بتكثر الألفاظ، هذا يعني أن كل لفظ له معنى يختص به، مثل ماذا؟ مثل قلم، كتاب، دواء، ممحاة، أي Radiergummi، ورقة، وكاتب، كل واحدة تختلف عن الثانية، معنى القلم غير معنى الكتاب، غير معنى الممحاة، غير معنى الكاتب، غير معنى المكتوب، ألفاظ مُختلِفة! وغير معنى الشجرة، غير معنى الله، غير معنى جبريل، وغير معنى الورقة، إلى آخره! هذه يُسمونها ألفاظ ماذا؟ (ملحوظة) قال أحد الحضور مُتباينة، فقال الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم إنها مُتباينة ومُختلِفة، فالتباين هو أن تتكثَّر المعاني بتكثر الألفاظ، لماذا؟ لأن كل لفظ له معنى يختص به.
أعتقد هذا الشيئ سهل جداً جداً، أليس كذلك؟ هذا الشيئ بدهي، ليس بدهياً طبعاً في المنطق، ليس بدهياً! دعونا نكون دقيقين، لكن هذا شيئ سهل وواضح، وأنا رأيتكم اليوم بالمُناسَبة تستخدمون كلمة العقلي كثيراً، وهذا غير صحيح، هذه كلها لُغات غير منطقية وأنتم تستخدمونها، انتبهوا! افهموا ماذا نعني بالألفاظ في خصوص علم المنطق، انتبهوا! هذه ليست لُغة أدبية، هذه لُغة تخصصية، لابد أن تستخدموها كما هي، وإلا لن نستفيد شيئا.
التباين يا إخواني هذا له أقسام، أنا سأتكلَّم فقط عن قسم وهو الأهم حقيقةً، يقولون أقسام المُتباينات ثلاثة: عندكم المُتماثِلان أو المثلان، عندكم المُتخالِفان، علماً بأننا لن نهتم بهذا وهو غير مهُمِ في المنطق كثيراً، وآخر شيئ – هذا سنهتم به – المُتقابِلان، اكتبوا هذا، هذا مُهِم.
المُتقابِلان، ما معنى المُتقابِلين؟ المُتقابِلان هما اللذان – أي المعنيان طبعاً المُتنافِران – لا يلتقيان في محل واحد من جهة واحدة في وقت واحد، مُستحيل! يُسمونهما ماذا؟ مُتقابِلين، هذان هما المُتقابِلان! مُتنافِران – واحد ضد واحد – لا يلتقيان في محل واحد من جهة واحدة في وقت واحد، أرأيتم؟ هذا المنطق يُعلِّمكم الدقة الشديدة في الفكر والكلام، مثل ماذا؟ مثل إنسان ولا إنسان، هذا أولاً! مثل إنسان ولا إنسان، ثانياً مثل بصير وأعمى، ثالثاً مثل أسود وأبيض، رابعاً مثل أب وابن، اكتبوا هذه الأشياء لكي نشرحها بعد ذلك: أ – إنسان ولا إنسان، ب – بصير وأعمى، ج – أسود وأبيض، د – أب وابن.
سنشرح هذا، إنسان ولا إنسان، هل يُمكِن أن نفترض أن هذا الشخص يكون إنساناً ولا إنسان في نفس الوقت؟ يستحيل، إذا كان إنساناً فهو إنسان، انتهى! هذا ثبات الهُوية، أليس كذلك؟ هو إنسان! اللا إنسان ماذا يُمكِن أن يكون؟ حجراً أو ملكاً أو شيطاناً أو ورقةً أو شجرةً أو أي شيئ، انتبهوا! هذا لا إنسان، لا يُمكِن أن يكون إنساناً ولا إنسان في نفس الوقت، يستحيل! أخذنا هذا في الدرس السابق، إنسان ولا إنسان، التقابل بين إنسان ولا إنسان هو تقابل بين ماذا؟ بين النقيضين، ما هما النقيضان؟ قلنا تقابل النقيضين هو تقابل الإيجاب والسلب، الإثبات والنفي، أي إنسان ولا إنسان، أرأيتم؟ حجر ولا حجر، أسود ولا أسود، أبيض ولا بيض، حي ولا حي، بالنفي دائماً، انتبه! لا تقل لي أسود وأبيض نقيضان، غلط! هذان ضدان، انظر إلى هذه المسألة البسيطة والساذجة، أنت تفهمها في خمس ثوانٍ لكن لم يفهمها كارل ماركس Karl Marx، وبنى فلسفته الديالكتيكية – الديالكتيك – على الشيئ هذا، لم يُفرِّق ماركس Marx بين النقائض والأضداد، وهذه مسخرة، جعل العلماء الذي يفهمون المنطق والفلسفة يسخرون منه، قالوا يدّعي أنه فيلسوف كبير ويسخر من الفلاسفة الذين كانوا قبله وهو لا يُميِّز بين النقائض والأضداد، لم يفهم! لم يجد مَن يُدرِّسها له، ولك أن تتخيَّل هذا، فانتبه لكي تُميِّز ما هو النقيض وما هو الضد، واليوم نحن شرحنا هذا، هذه أربعة أشياء أو أربعة أنواع من التقابل، لابد وأن تُميِّز بينها، فالتقابل بين إنسان ولا إنسان أو بين حجر ولا حجر أو بين موجود ولا موجود أو بين حي ولا حي أو بين قائم ولا قائم أو بين جالس ولا جالس – إلى آخره – هو تقابل بين النقيضين، الذي هو تقابل بين الإثبات والنفي، بين الإيجاب والسلب.
إذن ما هما النقيضان؟ النقيضان أمران: وجودي وعدم ذلك الوجودي، ليس العدم المُطلَق وإنما عدمه هو، ما عدم إنسان؟ لا إنسان، أرأيتم؟ ما عدم حجر؟ لا حجر، ما عدم فاهم؟ لا فاهم، ما عدم جالس؟ لا جالس، أي غير جالس، أرأيتم كيف؟ إذن النقيضان هما أمران، واحفظوا هذا جيداً جداً، في الأنواع الأربعة أول نوعين يتعلَّقان بأمرين: وجودي وعدمه، وآخر نوعين يتعلَّقان بوجوديين، هذا مُهِم لكي لا تنسوا الشيئ هذا، فهو مُهِم جداً في المنطق، إذن هو تقابل بين أمرين أو النقيضان هما أمران: وجودي وعدم ذلك الوجودي، لا يُتصوَّر – أي لا يُمكِن، يستحيل – اجتماعهما في محل واحد فية الوقت الوحد أو في وقت واحد، كما يستحيل ارتفاعهما عن هذا المحل – أرأيتم؟ – في نفس الوقت، ولا ثالث بينهما، لا تُوجَد إمكانية ثالثة! وهذا أخذناه في الدرس الأول، وسنشرح الألفاظ هذه وهي غير مُعقَّدة بصراحة، بسيطة أيضاً!
نحن قلنا الآن إنسان ولا إنسان، خُذ أي شيئ، خُذ هذا الكوب الآن، هل يُمكِن أن يكون هذا الكوب كوباً ولا كوب في نفس الوقت؟ يستحيل، يستحيل أن تكون كوباً ولا كوب في نفس الوقت، قد تقول لي سآخذها وأكسِّرها ثم أعمل في النهاية شكل قلم من موزاييك، لكن هذا ليس في نفس الوقت، كانت كوباً ثم صارت قلماً، هذا كلام فارغ! أنا أقول في نفس الوقت، فعلاً في نفس اللحظة الآن أن تكون كوباً ولا كوب، مُستحيل! هل يُمكِن أن تكون لا هي كوب ولا هي لا كوب في نفس الوقت؟ مُستحيل، لابد من وجود واحدة منهما، إما أن تكون كوباً أو تكون لا كوب، إذن لا يُمكِن أن يجتمعا معاً – أن تكون كوباً ولا كوب – في نفس الوقت، ولا يُمكِن ألا تكون كوباً ولا كوب في نفس الوقت، لا! لابد أن تكون واحدة منهما، قد يقول لي أحدكم هناك احتمالية ثالثة غير موجودة، مَن يعرفها يقلها لي، هذا سموه الثالث المرفوع، أي The excluded middle، The excluded middle شرحناه في الدرس السابق في قوانين العقل الرئيسة، لا تُوجَد إمكانية ثالثة، أنت الآن إنسان، هذا شيئ واقع، هذه واقعة! أنت إنسان، صحيح! أحد أفراد النوع الإنساني، هل يُمكِن أن تكون إنساناً ولا إنسان في نفس الوقت؟ يستحيل، هل يُمكِن ألا تكون إنساناً وألا تكون لا إنسان في نفس الوقت؟ يستحيل، أي لا يرتفعان، كما لا يُوجَدان معاً – أي النقيضان – لا يرتفعان معاً، ولا تُوجَد إمكانية ثالثة، لابد من وجود واحدة من الاثنين، وطبعاً الشيئ المُتحقِّق في الواقع أنك إنسان، فقط! انتهى الأمر، هو هذا!
يا إخواني قانون التناقض هذا – أي استحالة التناقض – يُسمونه The law of contradiction، كتبناه المرة السابقة بالإنجليزية أيضاً، قانون التناقض – The law of contradiction – أعم القوانين العقلية، وهو مُهِم جداً جداً، إذا فهمته جيداً واستحكمت منه تستطيع أن تُناقِش أي فيلسوف شكّاك Skeptic أو أي فيلسوف تجريبي مادي حسي مثل جون لوك John Locke أو بيركلي Berkeley أو كارل ماركس Karl Marx أو غيرهم وتُفحِمه رُغماً عنه وتُبيِّن له أنه مُتناقِض.
بالأمس كنت أتحدَّث مع إخواني – كنا في جلسة طويلة – وقلت لهم كنت أفعل هذا وعمري ثلاث عشرة سنة، واليوم عمري أربع وأربعون سنة، ووجدت أن كل حُججي كانت صحيحة بفضل الله، كنت أُناقِش ديفيد هيوم David Hume وأكتب دراسات وأشياء، كل هذا كان صحيحاً! كنت أفهم هذه الأشياء، وكنت أكشف عن التناقض والسذاجة والسخافة في تفكيرهم، وهم فلاسفة عظام جداً، لأنهم فقدوا هذه الأصول، لم يحكموها للأسف الشديد.
إذن فهمنا ما معنى تقابل النقيضين وما هما النقيضان Contradictories، Contradictories من Contradiction، النقيضان – Contradictories – أمران: وجودي وعدم ذلك الوجودي، يستحيل اجتماعهما في محل واحد في الوقت نفسه، كما يستحيل ارتفاعهما عنه في الوقت ذاته، ولا ثالث بين ذلك، لا احتمال ثالثاً! هذا غير موجود، هل هذا واضح؟ هذا اسمه إنسان ولا إنسان، اكتبوا عليه تقابل النقيضين.
الآن نأتي إلى بصير وأعمى، سيقول لي أحدكم الحائط لا هو بصير ولا هو أعمى، وهذا صحيح، مضبوط! هذا صح، الحائط لا بصير ولا أعمى، سيقول لي ارتفع النقيضان، لكنني سأقول له مَن قال لك إن البصير والأعمى نقيضان يا حبيبي؟ لا تخربط، انتبه! ماركس Marx المسكين خربط، خربط الدنيا! لكن نحن لن نُخربِط، نحن عندنا دقة فلسفية ومنطقية مُمتازة، وبالمُناسَبة – فقط لكي تطمئنوا – أمس تحدَّث مع إخواني وقلت لهم الفلسفة الإسلامية والمنطق الإسلامي كما صاغه الإسلاميون جبّار جداً، وأقوى مما تظنون، أقوى من كانط Kant، من هيجل Hegel، ومن ماركس Marx، هو أقوى من كانط Kant وسأُثبِت لكم هذا حين نتحدَّث عن كانط Kant، أقوى بكثير! شيئ غريب يا إخواني، العقل الإسلامي عقل نظيف، ليس كعقل اليوم الأهبل، العقل قديماً كان أقوى، العقل الإسلامي الوسيط جبّار جداً، عقل لا يقبل الخطأ، رهيب جداً! وسوف ترون كيف هذا بعد ذلك، سوف ترون كيف يُضيِّع ابن سينا ديكارت Descartes في خمسة أسطر، يُضيَّع ديكارت Descartes المسكين بالكامل في خمسة أسطر، شيئ رهيب العقل الإسلامي، عقل نظيف إلهي، سوف نرى!
إذن بصير وأعمى، ستقول لي الكوب هذا لا هو بصير ولا هو أعمى، ارتفعا! وطبعاً هما يرتفعان، عادي! أنتم تعرفون التقابل، ما معنى التقابل؟ نحن نتحدَّث عن المُتقابِلين؟ ما معنى المُتقابِلين كما قلنا؟ المُتنافِرين، إياكم والخلط، سوف تسمع في التلفزيون Television مِن بعض المشايخ والعلماء والفلاسفة المُصابين بالهبل وهم كثرة – لا كثَّرهم الله – مَن يقول لك والله يا حبيبي الحُب يُقابِله العشق والوله، يقصد يُردافِه! الأهبل لا يفهم أن كلمة مُقابِل تعني أنه ضده، أي Opposite، هذا يُسمونه ماذا؟ Opposition، أي Opposition of terms! تقابل الألفاظ اسمه Opposition of terms، هكذا اسمه، Opposition of terms يعني تقابل الألفاظ، يقولون الأحزاب المُتضادة، أليس كذلك؟ المُتعارِضة، أحزاب المُعارَضة! أليس كذلك؟ هذه هي، Opposition تقابل! هذا لا يعني الترداف يا أخي، ما هذا الكلام الفارغ؟ لا يفهمون شيئاً ويتكلَّمون كالمُصابين بالهبل، هذا اسمه التقابل، تقابل الألفاظ Opposition of terms، الآن هذا التقابل – Opposition – بين بصير وأعمى ليس تقابل نقيضين، لا! تقابل شيئ يُسمونه الملكة وعدم الملكة، الملكة وعدم الملكة! أي Possession and privation، اكتبوا هذا، وهذه فُرصة بالمُناسَبة، أنتم تتعلَّمون المنطق فتعلَّموا المُعجَم الإنجليزي للمنطق، هذا مُهِم جداً لكم، لكي تستطيعوا أن تقرأوا فيه بعد ذلك، أنا عندي مجموعة كُتب في المنطق العالمي، مُمتازة جداً جداً وهي بالإنجليزية فقط، لابد أن تعرفوا كل هذه المُصطلَحات لكي تتعاطوا معه، وبعد ذلك سيصير الأمر سهلاً، Possession تعني الملك، أي Besitzen بالألمانية، وفي المنطق اسمها Besitzen هنا، والــ Privation هي العدم، هذه مُصطلَحات منطقية، إذن تقابل الــ Possession مع الــ Privation، أي الملكة وعدمها، ما الملكة؟ وما تقابل الملكة وعدم الملكة؟ انتبهوا! دعونا نأخذ مثال بصير وأعمى لكي نفهم المسألة ولا ننساها، بصير وأعمى! ما هو العمى؟ هل العمى هو ارتفاع البصر بالمُطلَق أو ارتفاع البصر في محل يقبل أن يكون مُبصِراً؟ الثاني، لم يقل أحد يوماً أن هذا الكوب للأسف أعمى، للأسف خلقه الله أعمى، ما هذا الكلام الفارغ؟ لكن حين ترى رجلاً أو ولداً لا يُبصِر تقول هذا مسكين، نسأل الله أن يُعظِم أجره في بليته، أعمى المسكين، أكمه! وُلِد كذلك، أو أضر وأُصيب بالعمى، أليس كذلك؟ هذا ما يُسمى أعمى، أي Blind، مَن هو هذا؟ الذي كان من شأنه أن يكون بصيراً، هو محل للبصر، أي قادر – Able – ولائق أن يكون بصيراً، لكن – سُبحان الله – الله أخذ نور البصر أو لم يُعطِه إياه من الأصل، هل هذا واضح؟ إذن هذا تقابل الملكة وعدمها، تماماً كالمُتكلِّم والأخرس، هذا تقابل نقيضين أو تقابل ملكة وعدمها؟ ملكة وعدمها، لأن حتى الكوب هذا لا هو مُتكلِّم ولا هو أخرس، والقلم هذا لا هو مُتكلِّم ولا هو أخرس، والمايك Mike هذا لا هو مُتكلِّم ولا هو أخرس، وهكذا وهكذا! ستقول لي ارتفعا، نعم هما يرتفعان، هذا صحيح! لكن عن مَن يرتفعان؟ عن محل لا يقبل الملكة من الأصل، هل المايك Mike هذا يقبل أن يكون بصيراً؟ لا، لا يقبل! إذن سترتفع عنه الملكة وعدم الملكة معاً، أي Together، مع بعضهما سيرتفعان، عادي! لأن هذا لا يكون من الأصل بصيراً، فيرتفعان ومن ثم يصير لا بصير ولا أعمى، أليس كذلك؟
مُتزوِّج وعزب أو أعزب، أليس كذلك؟ مُتزوِّج وأعزب، يقولون هذا الــ Radiator أو هذا الـــ @@ 32:8 @@ ليس مُتزوِّجاً وليس أعزب طبعاً، هذا طبيعي! ارتفعا عنه، لكن الإنسان ذكراً كان أو أنثى لابد أن يكون إما مُتزوِّجاً أو أعزب، بغض النظر أكان هذا بسبب الطفولة أو عدم الإدراك أو لم يجد الشخص المُناسِب – ليس لنا علاقة – هو إما مُتزوِّج أو أعزب، أليس كذلك؟ فالعزوبة ليست عدم الزواج بالمُطلَق، وإنما هي عدم خاص، ما العدم الخاص هذا؟ ما وجه الخصوصية فيه؟ عدم الزواج فيمَن شأنه أن يتزوَّج، الذي يقدر أن يتزوَّج، أليس كذلك؟ من حيوان أو إنسان، أليس كذلك؟ إما أن يكون مُتزوِّجاً أو يكون أعزب Single، هذا هو! هذا يُسمونه الملكة وعدمها، وفهمنا ما الفرق بينه وبين النقيضين، أليس كذلك؟ فهمنا ما الفرق بينه وبين النقيضين.
إذن الملكة وعدمها أمران وجوديان أو وجودي وعدمه؟ وجودي وعدمه، مثل النقيضين، انتبهوا! وسوف نرى أين يفترقان، إذن الملكة وعدمها – Possession and privation – هما أمران: وجودي وعدم هذا الوجودي، لكن لابد أن نقول بين قوسين ماذا؟ (فيما من شأنه قبول الملكة)، ليس بالمُطلَق! وإنما فيما من شأنه قبول الملكة، لكن نحن رأينا أن النقيضين يختلفان، هذا الــ Radiator إنسان أو لا إنسان؟ لا إنسان، عادي!
نرجع الآن، إذن قلنا فيما من شأنه قبول الملكة، الآن هل يُتصوَّر – أي هل يُمكِن – ارتفاعهما عن المحل؟ لا يُمكِن، لا يرتفعان عن المحل، أي المحل؟ المحل القابل للملكة، أليس كذلك؟ ويُتصوَّر ارتفاعهما عن المحل غير القابلة للملكة، أليس كذلك؟ سنعيد هذا الآن، الإنسان هل يُمكِن أن يكون لا هو مُتزوِّج ولا هو أعزب، مُستحيل! لابد من واحدة منهما، هو إما مُتزوِّج أو أعزب، لكن الكوب يُمكِن أن يكون لا مُتزوِّج ولا أعزب، يرتفعان! لماذا؟ لأن هذا ليس محل الملكة، هل فهمتم قصدي؟ هذا ليس محل الملكة، فترتفع الملكة وعدمها عن غير المحل، وأما في المحل فلا يُمكِن أن يرتفعا، كما لا يُمكِن أن يجتمعا، غير مُمكِن أن يكون مُتزوِّجاً وأعزب في نفس الوقت، يستحيل! إما مُتزوِّج أو أعزب، إذن لا يجتمعان معاً ولا يرتفعان معاً، طبعاً في نفس الوقت، انتبهوا! دائماً مع قيد في نفس الوقت، لأن يُمكِن أن يكون مُتزوِّجاً اليوم ثم يصير غداً أعزب حين يُطلِّق زوجته أو تموت عنه، انتهى! لكن نحن لا نتحدَّث عن هذا، نحن نتحدَّث عن وقوع هذا في نفس الوقت، وهذا ليس بالمُطلَق، هذا في المحل القابل للملكة، أما المحل غير القابل للملكة فيُتصوَّر فيه ماذا؟ ارتفاعهما معاً، هل يُتصوَّر اجتماعهما معاً فيه؟ مُستحيل طبعاً، مُستحيل! لأن من الأصل هو غير قابل للملكة، كيف تجتمع الملكة وعدمها فيه وهو غير قابل للملكة؟ مثلاً الكوب هذا يكون بصيراً ويكون أعمى في نفس الوقت، كلام فارغ هذا، هذا كله عبث، هو أصلاً لا يقبل الملكة، هذا من الأصل! هل فهمتم الآن ما الفرق بين تقابل النقيضين وتقابل الملكة وعدمها؟ مُهِم جداً هذا، مُهِم جداً! وسوف تفهمون هذا حين تتعمقون في الفلسفة وسوف تقولون هذا هو فعلاً، رحم الله عدنان ومَن مثله مِمَن علَّمونا الأشياء هذه لأن فعلاً ماركس Marx لم يفهمها، سُبحان الله! كارل ماركس Karl Marx لم يفهمها وقال الكثير من الكلام الفارغ، سوف ترون هذا، كأن يُذكَر الإلكترون Electron والبوزيترون Positron ثم يُتحدَّث عن النقائض، نقائض ماذا؟ ما الهبل هذا؟ كلام فارغ، المسكين لم يفهم شيئاً، وهو لم يتكلَّم عن البوزيترون Positron، تكلَّم عن أشياء ثانية على كل حال.
نأتي إلى التمثيل الثالث أو ج، ما المكتوب عندكم؟ أسود وأبيض، أي الــ Contraries، هناك Contradictories and contraries، الــ Contraries هم الأضداد، ضدان أو أضداد، أسود وأبيض! الآن الأسود والأبيض وجوديان أو وجودي وعدمه؟ وجوديان، أسود وأحمر، بني وأزرق، وأسود وبني، هذان وجوديان، هذا لون وهذا لون، إذن بدأنا نُدقِّق، لأنني أُريد أن يكون مُخك مُرتَّباً، لا تخلط بين هذه الأشياء الأربعة، مُهِم جداً أن تُميِّز بينها، عندنا النقيضان: وجودي وعدمه، الملكة وعدمها: وجودي وعدمه، الآن الأسود والأبيض، أي الضدان: وجوديان، إذن هذان ليسا وجودياً وعدمه وإنما هما وجوديان، أسود وأبيض أو أسود وأحمر أو أحمر وأزرق أو أزرق وأصفر أو أي شيئ تُريده، ليس عندي مُشكِلة معه، الآن هل يُمكِن أن تتصف هذه الصفحة – مثلاً – أو هذه الورقة بكونها بيضاء سوداء في نفس الوقت؟ مُستحيل! إذن لا يُمكِن أن يجتمعا في نفس المحل في نفس الوقت، هل يُمكِن أن يرتفعا عن المحل نفسه في نفس الوقت؟ طبعاً، ستكون الصفحة ماذا مثلاً؟ خضراء أو بنية أو نيلية أو زهرية، أي شيئ! ليست بيضاء وليست سوداء، أليس كذلك؟ هذا هو! نحن قلنا أسود وأبيض، لا يُمكِن أن تكون سوداء بيضاء أو حتى سوداء حمراء أو سوداء صفراء في نفس الوقت، يستحيل! الصفحة لا تقبل إلا لوناً واحداً في نفس الوقت، ولا أتحدَّث عن جُزء من الصفحة، حتى لا نظل نتحدَّث مثل الأطفال، حتى لا يقول أحد ماذا عن جُزء من الصفحة؟ أُريد جُزءاً منها! ما الهبل هذا؟ نحن نتحدَّث عن الصفحة كلها، أو حتى يُمكِن أن نتحدَّث عن جُزء مُعيَّن أنت تُريده، هل تُريد الجُزء الصغير – البيبي Baby كما يُقال – هذا؟ الجُزء هذا لا يُمكِن أن يكون أسود أبيض في نفس الوقت، هل هذا واضح؟ فنحن نتحدَّث عن الصفحة كلها، نرجع إلى كلام الكبار، لا يُمكِن أن يكون هذا أسود أبيض في نفس الوقت، لكن هل يُمكِن أن يكون أحمر؟ يُمكِن، إذن يصح أن يرتفعا معاً عن المحل، هل رأيتم؟ لكن لا يجتمعا معاً، إذن هكذا نستطيع أن نشتق تعريف الضدين، نقول الضدان هما ماذا؟ الآن مَن يقول لي هما ماذا؟ (ملحوظة) قال أحد الحضور وجوديان، فقال الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم أحسنتم، وجوديان وليسا وجودياً وعدم ذلك الوجودي، لا! هما وجوديان، ماذا يستحيل؟ وماذا يُمكِن؟ يستحيل اجتماعهما في نفس المحل في نفس الوقت، لكن لا يستحيل ارتفاعهما، هل هذا واضح؟ خفيف وثقيل، مُتهوِّر وجبان، مثلاً شخص مُتهوِّر وشخص جبان رعديد، هذه نقائض أو ملكة وعدمها أو أضداد؟ أضداد، لماذا إذن؟ لأن لا يُمكِن للشخص الواحد أن يتصف بأن يكون شجاعاً أو مُتهوِّراً وجباناً في نفس الوقت، يستحيل! إذا هو شجاع فهو ليس جباناً، إذا هو جبان فهو ليس شجاعاً، هل هذا واضح؟ تمام.
هل يُمكِن للشخص ألا يكون لا مُتهوِّر ولا جبان؟ يُمكِن، يكون شخصاً مُعتدِلاً في هذه الصفة، هل هذا وضح؟ يكون مُعتدِلاً، ليس عنده تهور، هناك أشخاص مُتهوِّرون، يفعل الواحد منهم في كل لحظة مُشكِلة، وهناك شخص لا يفعل أي شيئ، لكن هناك شخص يتقدَّم حيث يجب أن يتقدَّم، ويتأخَّر حيث يجب أن يتأخَّر، يُمكِن! يُمكِن أن تُوجَد صفة ثالثة، ولن نُسميها تهوراً ولن نُسميها جبناً، هل هذا واضح؟
على كل حال هما وجوديان، أهم شيئ أن تفهم أنهما وجوديان، الوجوديان اللذان يستحيل اجتماعهما معاً في نفس الوقت، لكن يُمكِن ارتفاعهما في نفس الوقت عن المحل الواحد، يُسميان ماذا؟ بالضدين Contraries.
آخر مثال، ذكرنا الأب والابن، هذا واضح! يُمكِن لأي واحد فيكم – مُتزوِّج وأب إن شاء الله – أن يكون لشخص ما – نفترض أنه ابنه أو أبوه، خُذ ابنه أو خُذ أباه، خُذ مَن تُريد! خُذ أباه أو خُذ ابنه – ابناً وأباً في نفس الوقت؟ أنت الآن – مثلاً – هل يُمكِن أن تكون ابناً لأبيك وأباً له في نفس الوقت؟ يستحيل، كيف تكون أباه وابنه؟ مُستحيل، لكن هل يُمكِن أن تكون أباً وابناً؟ نعم، أكون أباً لابني وابناً لأبي، الجهة اختلفت أم لم تختلف؟ اختلفت، اختلفت الجهة، من هذه الجهة أكون لهذا الشخص ابنه، ومن الجهة الثانية أكون للشخص الآخر أبيه، حين أقول أنت ابنٌ هل يُمكِن أن أتعقَّل معنى الابنية بغير معنى الأبوة؟ أنت ابن لأبيك، هل من المُمكِن أن أتعقَّل معنى الابنية بغير معنى الأبوة؟ هل هذا مُمكِن؟ مُستحيل! إذا ذُكِرت البنوة مُباشَرةً فإنها تستدعي – Association – الأبوة، إذا ذُكِرت الأبوة فإنها مُباشَرةً تستدعي معها البنوة، أليس كذلك؟ جيد!
الآن هذا الملف فوق الطاولة، أليس كذلك؟ فوق الطاولة وتحت السقف، أليس كذلك؟ غريب! هو فوق وتحت، مثل أب وابن، هذا صحيح! لكن مع اختلاف الجهة، من الجهة هذه هو تحت، من الجهة الأُخرى هو فوق، هل اختلفت الجهة؟ هذا مُمكِن، لكن هل يُمكِن أن نعقل معنى الفوق أو الفوقية بغير معنى التحتية؟ يستحيل، إذا ذُكِرت الفوقية فإنها تستدعي معنى التحتية، إذا ذُكِرت التحتية فإنها تستدعي معنى الفوقية، هذه يُسمونها في المنطق المعاني المُتضايفة، أي الــ Relative terms، الــ Relative terms تعني المعاني المُتضايفة، أنت ستقول الــ Relative تعني النسبية، لكن في المنطق يُسمونها المُتضايفة، وطبعاً يُمكِن أن نُترجِمها بالنسبية، لكن هذا ليس اصطلاحاً منطقياً عند العرب، عند العرب لم يُسموها هكذا، ونحن حتى نقول الخير الإضافي أو الخير النسبي، المعنى الإضافي أو المعنى النسبي، الشر الإضافي أو الشر النسبي، أي الــ Relative! الــ Relative terms يُسمونها ماذا؟ المُصطلَحات أو الألفاظ المُتضايفة، أي النسبية، أي واحد منسوب للثاني، أليس كذلك؟ واحد منسوب للثاني، ولا يُمكِن تعقل أحدهما بغير الآخر، إذا تعقَّلت الأبوة فهذا يعني أنك تعقَّلت البنوة، إذا تعقَّلت البنوة فهذا يعني أنك تعقَّلت الأبوة، إذا تعقَّلت الفوق فهذا يعني أنك تعقَّلت التحت، إذا تعقَّلت اليمين فهذا يعني أنك تعقَّلت الشمال، أليس كذلك؟ هذا هو تماماً، مُباشَرةً! هذا الشيئ عن يميني، وأنا عن شماله، مُباشَرةً! أليس كذلك؟ الآن شخصان يقفان، وأنا قلت أنا أقف عن يسار محمد، ومحمد قال عدنان يقف عن يميني، مُباشَرةً! هذه يُسمونها المعاني المُتضايفة أو النسبية، ولذلك يُقال الجهات نسبية، أي Relative، أرأيت؟ الــ Directions كلها Relative، هذا معنى تقابل التضايف.
أعتقد أن الدرس واضح اليوم، أليس كذلك؟ لابد أن تأتوا بأمثلة من عندكم حين ترجعون إلى البيت وما إلى ذلك، لكن أنا أعطيتكم مفتاحاً للأسف لا يُذكَر في كُتب المنطق، والمفروض أن يُذكَر لكي يُسهِّلوا على الناس العلم، العلم لابد وأن يكون أسهل على الناس، يُوجَد مفتاح سهل جداً جداً، ما هو؟ أول اثنين هما وجودي وعدمه، وآخر اثنين هما وجوديان، هذا سهل! النقيضان والملكة وعدمهما: وجودي وعدمه، الضدان والمُتضيفان: وجوديان، ما الفرق بين الضدين وبين المُتضايفين؟ سأُعطيكم فرقاً واحداً، وبالمُناسَبة يُوجَد أكثر من ثلاثة فروق في المنطق يُمكِن معرفتهم عند التعمق، لكن يُوجَد فرق واحد لن تنسوه طيلة عمرك، الضدان يُمكِن تعقل أحدهما دون الآخر، أليس كذلك؟ عادي! أنا مُتأكِّد أن ابنك الصغير الآن لا يعرف بعض الألوان مثلاً، وربما حتى لم يرها، عمره سنتان وهناك ألوان مُعيَّنة لم يرها، أليس كذلك؟ ربما إلى الآن هو رأى سبعة ألوان أو ثمانية ألوان، حين تقول له اللون الفلاني – مثلاً – كذا وكذا، فيقول لك ما اللون هذا؟ واللون هذا قد يكون مزيجاً وهو لا يعرفه، فيُمكِن أن يتعقَّل اللون الذهبي من غير أن يتعقَّل اللون – مثلاً نفترض – النيلي، عادي! إلى أن يراه لكي يعرفه، أليس كذلك؟ إذن الضدان يُمكِن تعقل كل منهما بغض النظر عن تعقل الآخر، لكن لا يُمكِن تعقل أحد المُتضايفين بدون تعقل الآخر، أنت تتكلَّم عن الفوق وأنت تعرف التحت، تتكلَّم عن الأب وتعرف الابن، وتتكلَّم عن اليمين وتعرف الشمال، إلى آخره! هذا المُتضايف وهذا الضد إن شاء الله، هل هذا واضح؟
أنهينا أنواع التقابل، نأتي الآن إلى الجُزء الأخير من درس اليوم، وهو الكُلي والجُزئي، هناك الــ General term وهو الكُلي، وهناك الــ Singular term وهو الجُزئي، سنبدأ بالجُزئي لأنه أسهل ويُذكِّرنا بالتصورات والمعقولات الأولى، باختصار الــ Singular term أو الجُزئي هو ما لا يتصوَّر العقل – أي يستحيل، هذه أحكام عقلية، هذا العقل – صدقه على أكثر من واحد، مُستحيل! يصدق على واحد فقط، هذا القلم جُزئي أو كُلي؟ جُزئي، قلت هذا القلم، انتهى! هذا القلم يُوجَد منه في كل كون الله من العرش إلى الفرش قلم واحد وهو هذا، هذا مبدأ الهُوية Identity، أليس كذلك؟ يُمكِن أن تأتني بخمسين ألف قلم مثله، مثله لكن ليس هو، هو واحد فقط، لا يُوجَد غيره، هل هذا واضح؟ الأخ مُراد الجزائري، هو مُراد بن سعيد بن محمد، إلى آخره! نحن نعرفه، لا يُوجَد منه آخر في الكون كله، حتى رب العزة يقدر أن يخلق مثله مليون شخص، لكن هؤلاء ليسوا هو، أليس كذلك؟ مثله لكن ليس هو، هو هذا، انتهى! أليس كذلك؟ هذا المايك Mike أو هذه الشجرة أو هذا الكتاب أو القاهرة Cairo، كم قاهرة في العالم؟ هي واحدة، حين أقول Cairo لا يُمكِن أن تقول لي ربما هناك اثنان من Cairo، نحن نقول Egypt’s cairo، أي Cairo الخاصة بـ Egypt وهي واحدة، لا يُوجَد غيرها في العالم كله، معروفة هذه! فكلمة القاهرة جُزئي أو كُلي؟ جُزئي، عدنان إبراهيم جُزئي، محمد بن عبد الله جُزئي، مُراد بن سعيد الجزائري جُزئي، بغداد جُزئي، القيروان جُزئي، النجف الأشرف جُزئي، هذا القلم جُزئي، هذا الكتاب جُزئي، هذا المسجد جُزئي، هذا الكوب جُزئي، هذا التليفون Telephone جُزئي، كل هذا اسمه جُزئي، الجُزئي معروف! هل هذا واضح؟ هذا يُسمونه الجُزئي ولو بالفرض، لا تستطيع أن تفرض – أي بالفرض الخيالي – أنه يصدق على اثنين، كأن تتخيَّل وتقول سأجعله يصدق على اثنين، لا يُمكِن! هل تقدر أن تجعل هذا القلم يصدق على اثنين؟ أنت تقول هذا القلم، انتهى! أليس كذلك؟ رامي شحاده واحد، هو هذا الشخص، أبو القاسم! لا يُوجَد غيره في الكون هذا، مُستحيل.
هذا العمود، هذه المُعلَّقة، هذه الوردة، وهذه النبتة، هذه كلها جُزئيات، جُزئي! أي Singular term، عكسه ماذا؟ الكُلي، الــ General term، الــ General term الكُلي، ما معنى الكُلي؟ عكس الجُزئي تماماً، هو ما يصدق على كثيرين، ولو بالفرض، ما معنى بالفرض؟ يُمكِن في الواقع ألا يكون له إلا واحد، لكن العقل لا يُحيل أن يكون له أكثر من واحد، طبعاً الكُلي هذا كثير جداً جداً، مثل الإنسان، ستقول لي مَن إذن؟ مَن الإنسان؟ أنا إنسان، أنت إنسان، هو إنسان، هي إنسان، إلى آخره! الآن على الكوكب الأرضي يُوجَد ستة مليارات من هذا المخلوق المُسمى بالإنسان، أليس كذلك؟ الإنسان، والقلم، انتبهوا! يُوجَد فرق بين هذا القلم وبين قلم، هذا القلم جُزئي، قلمي جُزئي، قلمك جُزئي، قلمها جُزئي، قلم فلان الفلاني جُزئي، أليس كذلك؟ كما قلنا القاهرة، قاهرة مصر جُزئي، القلم كُلي، Pencil أو Pen أو أياً ما كان، القلم هكذا! ليس هذا أو ذاك أو قلمي وما إلى ذلك، كُلي! أين مصداقه؟ ينطبق على ماذا؟ ينطبق على هذا وعلى هذا وعلى هذا وعلى كل قلم في الكون، كلهم! هذا كُلي، أليس كذلك؟ الإنسان، والغزال أيضاً، ينطبق على كل غزالة تراها في حياتك، في التلفزيون Television، في الفيديو Video، وُجِدت أو لم تُوجَد أو ستُوجَد الآن كل هذا اسمه ماذا؟ أو يدخل تحت ماذا؟ الكُلي الذي اسمه الغزال، هل هذا واضح؟
الكُلي هذا – كما قلنا يا إخواني – بالفرض يصدق حتى على كثيرين، ليس شرطاً بالواقع، يُمكِن في الواقع ألا يُوجَد إلا واحد منه، هل يُمكِن ألا يُوجَد منه بالمرة وهو كُلي؟ طبعاً، لا يُوجَد منه ولن يُوجَد أيضاً وهو كُلي، مثل شريك الله أو شريك الخالق، شريك الخالق مفهوم كُلي أو جُزئي؟ كُلي، أليس كذلك؟ لأن ليس شرطاً أن يكون واحداً، كان يُمكِن أن يكون هكذا شريك الله، هناك أُناس ادّعوا أن هُبل شريك الله، أُناس آخرون قالوا لا، شيفا Shiva شريك الله، أُناس آخرون قالوا لا، المسيح شريك الله، آخرون قالوا الروح القُدس شريك الله، أتوا بخمسين شريكاً! في الحقيقة الآن بالبراهين الدينية والعقلية هل فعلاً يُوجَد شريك حقيقي لله؟ لا يُوجَد أي واحد، ولن يُوجَد، عندنا نحن وبالنسبة لنا كمُسلِمين لنا يُوجَد، عند المُشرِكين في الوثنيات هؤلاء موجودون وبكثرة، هم كثرة ونُصنِّعه بأيدينا من عجوة أو من عجين وما إلى ذلك، ثم نأكلهم او نُدمِّرهم بعد ذلك، لا تُوجَد مُشكِلة وكلهم شركاء لله، كلام فارغ! بالنسبة لنا نحن شريك الخالق مفهوم كُلي، كان يُمكِن أن يُوجَد منه كثيرون، لكن بحُكم الأدلة العقلية والنقلية لم يُوجَد منه واحد، وهو كُلي أو جُزئي؟ كُلي.
يُوجَد سؤال صعب الآن في علم العقيدة وفي الثيولوجيا Theology- الثيولوجيا Theology اليهودية والمسيحية والإسلامية – له علاقة بالمنطق هذا، واجب الوجود وهو الله – تبارك وتعالى – كُلي أو جُزئي؟ (ملحوظة) قال أحد الحضور جُزئي، فقال الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم غلط، كُلي! سؤال صعب طبعاً، لا أكذب عليكم هذا صعب، تعمَّقوا الفلسفة الفكرية وبعد ذلك سوف تفهمون الجواب، لكن سأُعطكيم حُجة واحدة لكي تُفكِّروا فيها، لماذا هذا مفهوم كُلي وليس جُزئياً رُغم أن الموجود منه في الحقيقة واحد؟ الموجود في الحقيقة واحد أو اثنان؟ (ملحوظة) قال أحد الحضور واحد، فقال الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم واحد، والعقل يُحيل أن يُوجَد منه أكثر من واحد، لكن المفهوم نفسه مفهوم كُلي، ليس مفهوماً جُزئياً، هل تعرفون لماذا؟ لو كان مفهوماً جُزئياً مثل هذا القلم، مثل عدنان إبراهيم، ومثل مُراد الجزائري لن يكون هناك داعٍ لكي نأتي بأدلة على وجوده، انتهى! وكذلك Cairo، لا يُوجَد داعٍ! لكن لما كان مفهوماً يُمكِن أن يكون منه أكثر من واحد كان لابد وأن نُثبِت وحدانيته، أليس كذلك؟ نجعله واحداً، لا إله إلا هو! هو موجود وواحد، لأنه مفهوم كُلي، لكن على كل حال هذه قضية ثيولوجية سنتركها إلى ما بعد، لكن نحن فهمنا ما الكُلي وما الجُزئي.
سؤال بسيط الآن، مسجد الشورى الآن بفيينا كُلي أو جُزئي؟ (ملحوظة) قال أحد الحضور جُزئي، فقال الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم جُزئي، المسجد كُلي أو جُزئي؟ (ملحوظة) قال أحد الحضور كُلي، فقال الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم كُلي، أرأيتم كيف؟ هذا هو فقط! جالس في الدار كُلي أو جُزئي؟ (ملحوظة) قال أحد الحضور كُلي، فقال الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم أحسنت، لكن أحد الحضور قال جُزئي، فقال له فضيلته جُزئي ماذا؟ جالس في الدار! الآن هناك ملايين يجلسون في دورهم، هذا جالس في الدار وهذا جالس في الدار، جالس في الدار! هذه صعبة قليلاً لكنها ستُفهِمك، جالس في الدار، كاتب بالقلم كُلي أو جُزئي؟ (ملحوظة) قال أحد الحضور كُلي، فقال الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم كُلي، ناظر بعيني كُلي أو جُزئي؟ (ملحوظة) قال أحد الحضور كُلي، فقال الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم كُلي، آكلٌ كثيراً كُلي أو جُزئي؟ (ملحوظة) قال أحد الحضور كُلي، فسأل الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم آكلٌ الفسيخ كُلي أو جُزئي؟ (ملحوظة) فقال بعض الحضور كُلي، فسأل الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم مُحِب أو كاره للبيتزا Pizza كُلي أو جُزئي؟ مُحِب أو كاره للازانيا Lasagna كُلي أو جُزئي؟ كل هذا كُلي، أرأيت كيف؟ هذه كلها مفاهيم كُلية، والمفاهيم الجُزئية معروفة مُتعيَّنة مخصوصة ولا تصدق إلا على واحد، ماذا عن سائق سيارة؟ (ملحوظة) قال أحد الحضور كُلي، فقال الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم كُلي، كُلي طبعاً! سائق سيارة كُلي.
نأتي الآن إلى تقسيم الكُلي، أولاً بالعقل الذي ترون أنه أقرب إلى أن يتقسَّم – إلى أن يقبل القسمة – الكُلي أو الجُزئي؟ الكُلي، وليس الجُزئي كما قلنا، عنده مصداق واحد، انتهى! فيظل مبسوطاً بنفسه وسعيداً وحده، لا يُوجَد تقسيم، لكن الكُلي الذي يصدق أحياناً على أشياء لا عد لها – أليس كذلك – لابد وأن يُقسَّم، ينقسم إلى قسمين: الكُلي المُتواطئ، انتبهوا! هذا بصيغة اسم الفاعل، لا تقولوا المُتواطأ وما إلى ذلك، لا! هذه صيغة Participle، إذن الكُلي المُتواطئ، والكُلي المُشكِّك وليس المُشكَّك، أي بصيغة اسم الفاعل، لا يُمكِن أن تدرس المنطق ثم تخرج وأنت لا تعرف حتى المُصطلَحات، سوف يضحك عليك المناطقة، كأن تقول مُشكَّك! مُشكَّك ماذا؟ مثل شيخ فاضل في مصر قال جاءني رجل لكي يُناقِشني فأصابني بالجنون، ولم يكن يفهم شيئاً، قال بعد ذلك قال لي أعطني وقتي لكي أقول حُجتي، فقلت له قل، قال فأخرج لي ملزمة وجعل يقرأ منها كثيراً، ثم أتى بمثال مكتوب وقال وعلى ذلك فقَس، فقال له فقَس ماذا؟ هذا بيض أم ماذا؟ هو لا يعرف كيف يقرأ، طبعاً العبارة وعلى ذلك فقِس، أي من القياس، لكنه قال له وعلى ذلك فقَس، فقال له فرَّخ ماذا؟ وفقَس ماذا؟ وكذلك لا تقل كُلي مُشكَّك، وإلا سيقول لك مَن يستمع إليه مُشكَّك ماذا؟ لا يُوجَد شيئ اسمه مُشكَّك، اسمه مُشكِّك، كُلي مُتواطئ وكُلي مُشكِّك، إذن مُتواطئ ومُشكَّك.
ما معنى التواطؤ في اللُغة العربية؟ معناه التساوي والتوافق، أرأيت؟ تواطؤا على كذا، أي اتفقوا على كذا، تواطؤا على الكذب، أي اجتمعوا واتفقوا واستووا في اتخاذ القرار هذا، وهو أن يكذبوا، هذا معنى تواطؤا، أليس كذلك؟ وأخذنا في علم مُصطلَح الحديث الذي درَّست لكم إياه المُتواتِر، يقولون المُتواتِر! ما هو المُتواتِر؟ هو الحديث الذي روته جماعة يحيل العقل في العادة تواطؤها على الكذب، إلى آخره! ما معنى تواطؤها؟ اتفاقها وتساويها على اتخاذ القرار، فالكُلي المُتواطئ اسم على مُسمى، هو اسمه مُتواطئ، أي مُتساوٍ، من غير تفاوت، هو الذي يُوجَد أو ينطبق أو يصدق على أفراده، فنحن قلنا الكُلي المُتواطئ، الكُلي المُتواطئ يصدق ويُوجَد في أفراده بالتساوي، من غير تفاوت.
الآن – مثلاً – أنا إنسان، أنتَ إنسان، هو إنسان، وهي إنسان، الإنسانية هذه! الإنسان الذي هو كُلي، نحن قلنا يُوجَد تقسيم للكُلي، وأنا أتحدَّث عن الإنسان الذي هو لفظ كُلي، مفهوم كُلي، يُوجَد فينا بالتواطؤ أو بالتشكيك؟ يُوجَد فينا بالتساوي أو بالتفاوت؟ (ملحوظة) قال أحد الحضور بالتواطؤ، فقال الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم بالتواطؤ طبعاً، سيقول لي أحدكم لي لا يا حبيبي، أين هذا يا بابا؟ أنا أبيض وهو أسمر وذاك أسود، لا! أنا عندي شعر وهو أصلع، أنا مُمتلئ وهو ضعيف مسلول، لكن هذا ليس له علاقة، ومَن قال إن الإنسان هو حيوان عنده كرش؟ هل تعريف الإنسان هو الحيوان الذي عنده كرش؟ لم يقل أحد هذا، لم يقل أحد إنه الحيوان الذي عنده شعر في رأس أو فروة، لم يقل أحد هذا! ما الإنسانية؟ هذا مُهِم حتى لا تنسى وتخربط، أنا أعرف أنك دون أن تأتي بهذه التخريفات لن تفهم العلم، دائماً لابد أن تُخرِّف في كل شيئ، لابد أن تأتي بالهبل، العباقرة عندهم الهبل هذا، ولذلك هم عباقرة، سيقول لي أحدكم لماذا؟ الناس مُتفاوِتون! وهم غير مُتفاوِتين يا أخي، لكن هو يخلط بين المعاني السوسيولوجية الاجتماعية والمعاني الطبية والمعاني الفورمولوجية الظاهرية ثم يقول الناس تفاوتت، يا رجل غير صحيح، يا رجل هل أنا أتحدَّث عن أصلع وأقرع؟ أتحدَّث عن الإنسان، أُرجعك إلى تعريف الإنسان، مَن هو الإنسان؟ الحيوان الناطق، الحيوانية الناطقية هل موجودة في هذا؟ موجودة، وبنفس القدر موجودة في هذا، أليس كذلك؟ موجودة! أليس كذلك؟ موجودة طبعاً! فهذا معنى غير مُتفاوِت، لذلك الإنسان هو إنسان، أسود أو أبيض، من إفريقيا أو من أستراليا، مُسلِم أو كافر أو بوذي، أياً كان! كبير أو صغير، ضخم أو ضئيل، لا تُوجَد علاقة! الإنسانية غير مُتافوِتة، هل هذا واضح؟
دعونا نرى التشكيك، التشكيك تماماً بمعنى التفاوت، مثل معنى التساوي، التفاوت! دعونا نضع الشيئ هذا، التفاوت يُمكِن أن يكون: أولاً بالشدة، أليس كذلك؟ شيئ أشد من شيئ، أشد بياضاً يقولون، أليس كذلك؟ أشد بياضاً، إذن مفهوم البياض مُتفاوِت أو غير مُتفاوِت؟ مُتفاوِت بلا شك، وأنت ترى الآن حتى الصفحات، ويكتبون هذا حتى على الأوراق في الــ Label وغيره، يقولون هذا ناصع البياض، وحين تضع الأوراق بجانب بعضها ترى بياضاً مشوباً بصُفرة، بياضاً كالثلج، بياضاً لامعاً، بياضاً فضياً، إلى آخره! وكله أبيض، لكن هناك بياض أشد، يقولون أشد بياضاً من الثلج، لأن الثلج يُضرَب به المثل في البياض، أليس كذلك؟ فعلاً أنتم ترون هذا في النمسا، أشد بياضاً! @@56:38@ المشهورة، @@ اسمها بياض الثلج، أليس كذلك؟ بياض الثلج! إذن بالشدة، يُوجَد أبيض ويُوجَد أشد بياضاً، النور أو الضوء مُشكِّك أو مُتواطئ؟ (ملحوظة) قال أحد الحضور مُشكِّك، فقال الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم طبعاً مُشكِّك، لأن عندك مصباح بقوة عشرين وات Watt، وعندك مصباح بقوة ألف وخمسمائة وات Watt يا حبيبي، كيف تقول لي هذا مُتساوٍ؟ غير مُتساوٍ، مَن قال إنه مُتساوٍ؟ فالنور مُتفاوِت، فالكُلي هنا هو النور، هذا المفهوم – وهو النور – مُشكِّك أو مُتواطئ؟ كُلي مُشكِّك، النور كُلي مُشكِّك طبعاً! لذلك أنور الأنوار ومصدر الأنوار كلها مَن؟ (ملحوظة) قال أحد الحضور الله، فقال الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۩، طبعاً لا تقل لي نور الله مثل نور الشمس أو مثل نور بقوة عشرين وات Watt، هذا كلام فارغ! هل هذا واضح؟ إذن عندنا الشدة، وهذا أولاً.
ثانياً عندنا الأولوية، التفاوت يكون بالأولوية، الله موجود، أنا موجود، أنت موجود، والقلم موجود، مَن الوجود الذي له الأولوية؟ (ملحوظة) قال أحد الحضور وجود الله، فقال الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم وجود الله بلا شك، الله موجود، ونحن موجودون، لكن أين هذا يا بابا؟ وهذا اسمه وجود Existence، وهذا اسمه وجود Existence، لكن أين وجود المخلوق من وجود الخالق؟ أين وجود التراب من وجود رب الأرباب؟ لذلك الوجود مفهوم مُشكِّك أو مُتواطئ؟ قال مُشكِّك، ثال مُشكِّك، غير مُتساوٍ، مُتفاوِت! من جهة ماذا التفاوت الخاص به؟ الأولوية، فالله موجود، وأنت موجود، لكن وجوده غير وجودك يا حبيبي، أين هذا؟ لا تقل إن هذا نفس الوجود، طبعاً يختلف! ليس بالشدة وإنما بالأولوية، وجوده أولى من وجودك، وسابق على وجودك.
ثالثاً بالتقدم والتأخر، مثل ماذا؟ مثل الــ Cause and effect، يُسمون هذا بالعربي ماذا؟ العلة والمعلول أو السبب والمُسبَّب أو السبب والأثر، انتبهوا حتى لا تخربطوا، لا تقولوا هناك أُناس تحدَّثوا عن السبب والمُسبَّب وهناك أناس تحدَّثوا عن العلل يا أخي، هي نفسها! وإلا سيكون المُتحدِّث مثل القذّافي، ذات مرة كان أبو عمّار يتكلَّم فغضب عليه، هذه حدثت فعلاً! فقام أحد الرجال وقال يسقط يسقط أبو عمّار، يعيش ياسر عرفات، فجُنَّ القذّافي، ظن أنهم اثنان، نفس الشيئ! السبب والمُسبَّب هو العلة والمعلول وهو الأثر والمُؤثِّر، هذا كله يُسمونه بالإنجليزية Cause and effect، Cause and effect أي علة ومعلول، Cause سبب، Because بسبب، أرأيت؟ سبب Cause، Because بسبب، بادئة هذه! Causality بالإنجليزية أو Kausalität بالألمانية السببية أو العلية، مبدأ – Principle – العلية أو السببية، فعندنا إذن العلة والمعلول، ماذا عن معنى العلية؟ معنى واضح وهو كُلي، العلية! لكن الآن يُوجَد تفاوت بين العلة والمعلول، مع أن الاثنين لهما علاقة بالعلية، هنا العلية! لكن هذا بحسب التقدم والتأخر، دائماً العلة سابقة على معلولها، أي السبب قبل المُسبَّب، أليس كذلك؟ كما يقولون العربة والحصان، أليس كذلك؟ لابد أن يكون الحصان أمام العربة لكي تمشي، لا يُمكِن أن تضعه خلفها ثم تُريد ان تمشي، لن تمشي، لن تجره هي، هو الذي يجرها، هذا الــ Cause and effect، هل هذا واضح؟ فنحن رأينا أن التفاوت له جهات مُتعدِّدة، تمام.
رابعاً عندنا جهة أخيرة حتى لا ننساها وهي الكثرة، وإلا سيقول لي أحدكم أنت نسيت الكثرة، هذه ليست الشدة وإنما الكثرة، أليس كذلك؟ الآن أقول خمسة، عدد هذا! أليس كذلك؟ أقول جوجل Google أو سنتليون Centillion أو جوجل بلكس Googolplex وهو عشرة أس جوجل Google، أكبر رقم هذا إلى الآن! البشر اخترعوا هذا! عشرة أس جوجل Google، ليس جوجل Google وهو عشرة أس مائة، هذا جوجل Google، لكن هذا عشر أس جوجل Google، شيئ لا يُمكِن أن نتخيَّله، هل الخمسة هذه مثل البليون Billion أو مثل الجوجل Google؟ هذا عدد وهذا عدد، أي Number وNumber، بماذا تفاوتا؟ بالكثرة، الخمسة خمسة، تظل خمسة! والعشرة عشرة، والبليون بليون Billion، أليس كذلك؟ رُغم أن هذا عدد وهذا عدد، أليس كذلك؟ فالتفاوت هنا كان بالكثرة.
هذه أربع جهات للتفاوت فاحفظوها: الكثرة، الشدة، الأولوية، والتقدم والتأخر، لأن في المرة القادمة – إن شاء الله – سأشرح لكم شيئاً هاماً، كنت أنتوي أن أُعطيكم اليوم المفهوم والمصداق أو المفهوم والماصدق، لكننا سندع هذا للمرة القادمة، لأن هناك أبحاثاً ستكون لطيفة جداً جداً، بالأمس حدَّثت إخواني حديثاً طويلاً وأثبت لهم بالبرهان – وسأثبت لكم هذا – شيئاً هاماً، حين تفهمون هذه الأشياء تحلون مشاكل برتراند راسل Bertrand Russell نفسه عاش ومات دون أن يحلها، وقال لم يجد أحدٌ لها حلاً، أنا ذكرتها أمس للإخوة ببساطة، اسمها Russell’s paradox، وقمنا بحلها في دقيقتين بشيئ سأشرح لكم إياه المرة القادمة.
هناك أُناس بعد برتراند راسل Bertrand Russell جاءوا وحلوها نفس الحل الذي فهمناه ونحن صغار وهو في المنطق الإسلامي – والحمد لله – لكن حلنا أكثر تركيزاً وتكثيفاً وهو أذكى، تخربطوا وحكوا عن الفئات والأشياء – Things – والطبقات – Classes – وما إلى ذلك، مسألة كبيرة! لكن نحن سنحلها في دقيقتين، لكي تفهموا مدى أهمية المنطق الإسلامي والفلسفة الإسلامية بعد ذلك، علم! علم رهيب وذكي جداً جداً، يجعل الواحد منكم إنساناً مُختلِفاً إذا فهمه وحذقه بشكل جيد إن شاء الله، أسأل الله أن يفتح علىّ وعليكم بالحق وهو خير الفاتحين.
(ملحوظة) سأل أحد الحضور سؤالاً عن إمكانية أن يكون الله جُزئياً، فرفض الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم هذا وقال له انتبه، الله – نقدر أن نقول بعبارة بسيطة – هو اسم علم يا أخي، فلا يصير جُزئياً، هذا الله! يُوجَد فرق بين واجب الوجود وبين الله، انتبه! واجب الوجود – أنا أجبتك فافهم قصدي – مفهوم كُلي، عندنا بالأدلة النقلية والعقلية تعيَّن في النهاية في مَن؟ في الله، الله كالله، حين نقول الله يكون معروفاً مَن هو الله، الذي عرَّفنا على نفسه، هذا جُزئي، جُزئي! مثل محمد رسول الله، ومثل محمد حسنين، هذا جُزئي، لكن مفهوم الخالق – حين نقول الخالق – أو الإله مفهوم كُلي، لذلك الله علَّمنا أن ننفيه، قال لنا لا إله إلا الله، قال لنا تُوجَد آلهة، وهذا يعني أن العقل نفسه يحتمل أفراد كثيرة، لكن الله قال لنا هذه غير موجودة، كذب! غير موجود، كان يُمكِن أن تُوجَد، لكنها لم تُوجَد، والعقل يقول مُستحيل أن تُوجَد، أرأيت؟
أضف تعليق