إخواني و اخواتي حياكم الله و بياكم هذا هو السؤال السادس و جوابه سددني الله و اياكم
6 – ثم قلت حفظك الله و سددك : عند الدقيقة 25 في خطبة الإمام عليه السلام هاجمت الفتوحات الإسلامية بعد الخلفاء الراشدين (و أرى في ذلك ظلما و تجنيا على الجهاد الإسلامي على طول القرون و بالفعل جاءتني إيميلات من بعض الشباب لا تنتقد في فيديوهات حضرتك سوى هذا ظنا منهم أنك تقصر الجهاد في سبيل الله على فترة الخلافة الراشدة ثم بعد ذلك لا ترى بوجوب الجهاد فاقول مستعينا بالله الرحمن الرحيم : ان تفرقتي بين فتوحات الراشدين و فتوحات من اتى بعدهم من غير الراشدين انما هو بلحاظ ان الراشدين قصدوا الى رد العدوان و تأمين دار الاسلام و هداية الخلق و برهم و العدل فيهم , ما حمل اولئك على الدخول في دين الله افواجا, و سيرة الراشدين تبرهن بالف دليل و دليل على انهم لم يبتزوا اموال الامة و يتغولوها كما انهم لم يقهروا عباد الله و لم يستذلوهم بل ساروا فيهم بالعدل و قاموا بالقسط حتى عزّ الناس و امنوا , حتى ان الراشدين لم يحابوا اهليهم و اولادهم بل ضيقوا عليهم ما لم يضيقوا على سواد الناس , و لم يؤثر عن احد منهم ايثار ولده بامارة او ولاية او بوصية له من بعده ليكون له الامر , و انا في غنية عن ضرب الامثال لما هو معلوم للكافة من ذلك من هدي الصديق و الفاروق و الامام و ذي النورين في النصف الاول من خلافته رضي الله عنهم و ارضاهم اجمعين فاين بالله منهم من اتخذ مال الله دولا و عباد الله خولا و دين الله دغلا؟ اين منهم من حمل ابناءه على اعناق الخلق بالقهر و العنف على كره منهم و سخط و نفار شديد ؟ و كان معاوية هو الذي سن هذه السنة القبيحة التي أضلت سعي الامة في ادارة شأنها و حفظ حقوقها و توفير حرماتها و الاعتصام الحق بدينها الحق ؟ فها هو معاوية يحمل الامة بما عرفت و عرف الناس على الخضوع لخليعه المتهتك الذي احسن الامام الذهبي في ايجاز مخازيه بقوله : قلت: كان قويا شجاعا، ذا رأي وحزم، وفطنة، وفصاحة وله شعر جيد وكان ناصبيا ، فظا، غليظا، جلفا. يتناول المسكر، ويفعل المنكر. افتتح دولته بمقتل الشهيد الحسين، واختتمها بواقعة الحرة( قلت : حيث اباح المدينة لجيش الشام ثلاثة ايام فقتل الالوف من البرآء وهتكت اعراض المسلمات المصونات و فُعلت الافاعيل , ثم توجه الجيش بعدها الى مكة فحاصرها و ضربها بالمنجنيق فاحترقت ستائرها)، فمقته الناس ولم يبارك في عمره. وخرج عليه غير واحد بعد الحسين كأهل المدينة قاموا لله … عن الحسن، أن المغيرة بن شعبة، أشار على معاوية ببيعة ابنه ففعل فقيل له: ما وراءك ؟ قال: وضعت رجل معاوية في غرز غي لا يزال فيه إلى يوم القيامة، قال الحسن: فمن أجل ذلك بايع هؤلاء أولادهم، ولولا ذلك لكانت شورى… روى محمد بن أبي السري العسقلاني، حدثنا يحيى بن عبدالملك ابن أبي غنية، عن نوفل بن أبي الفرات، قال: كنت عند عمر بن عبد العزيز فقال رجل: قال أمير المؤمنين يزيد، فأمر به فضرب عشرين سوطا.أه ثم رأينا مروان بن الحكم يجعلها في و لده و منهم عبد الملك الجبار العنيد الذي أخذ البيعة لأربعة من اولاده الاحياء , و كأن الأمة قطيع من الاغنام يباع و يشترى و يُورَث و يُورَّث لا رأي له و لا شأن, و هكذا قُضي على امتنا ان تظل رازحة تحت اهوال الحكم العضوض الظلوم , فكثرت الثورات و انتشرت حركات المعارضة فاستفحل الخطب و ارتفع الضبط و كثر الخبط بكثرة المذابح و التقتيل , ثم ازداد الامر سوءا بانتشار الحركات المنحرفة عقديا الباغية الاسلامَ و اهلَه الخبال و الضر بسبب الظلم المخيم و العصبية الجاهلية التي اعادها الامويون جذعة لا تعبأ بقيم الاسلام و لا تبالي هديه بالة.فما زال ذلك يفت في عضد الدين و الامة حتى صارت مطمعا لكل ذئب متربص فنكبت بالعسكر من الاعاجم الطامعين في الحكم و المال يدبرون الامر و حفيد العباس من الخلفاء صورةٌ او دمية يطلب الترف و السلامة فاما الامة فعليها السلام , حتى قتل من خلفاء العباسيين زهاء خمسة عشر بين خنق و طعن و تسميم و منهم من قضى بقية عمره اعمى لان العسكر سملوا عينيه , ثم نكبت امتنا بالصليبيين و المغول فدمروا البلاد و ذبحوا العباد , و لولا ما سبق من وعد الله بحفظ هذا الدين و استبقاء هذه الامة لزالت من الوجود و آضت اثراً بعد عين , و لكن الله سلّم, و بقيةُ الحكاية معروفةٌ. و التاريخ يحدثنا عن بني امية الذين لم يرفعوا الجزية عمن اسلم من اهل الكتاب بل استبقوها جمعا للمال من غير وجهه ثم يضعونه في غير حقه , و قلدهم في ظلمهم ملوك العباسيين ,و سَلِ التاريخَ عما غصت به قصورهم من الاماء و العبيد و الخصيان , لا يأتي عليهم احصاء و لا عد , اذ هم بالالوف و عشرات الالوف . ثم ما بالنا لا نتساءل عما حل بقادة الفتح العظام من امثال موسى بن نصير و اولاده و محمد بن القاسم و قتيبة بن مسلم و غيرهم و كيف كوفئوا على جهادهم و استبسالهم بالجحود و الكنود بل بالقتل و الاهانة . يا سيدي الفاضل : القوة لا تعرف الزهد , فما من ملك و لا سلطان امكنته قوته من بسط سلطانه على جيرانه الاقربين او الابعدين فرغب عن ذلك زهدا و قناعة , و الفاتحون في تواريخ الامم كُثُرٌ اختلفت عقائدهم و اديانهم و اتفقت مطامعهم و احلامهم , من الاسكندر الى قيصر , ومن الهكسوس الى يهود , و من بني امية و العباس الى المماليك و بني عثمان و الا فقل لي ما معنى ان يفتح السلطان سليم الاول مصر وهي بلدة مسلمة تحت حكم اسلامي ؟ و هل كان تيمور لنك الا مسلما يتجلبب الاسلام لقهر المسلمين و سرقة بلادهم و اغتصاب ثرواتهم و اموالهم , و بالمناسبة فللرجل مقام في سمرقند يزار و يعظم الى اليوم من قومه الذين عجزوا عن ان يروه الا صالحا من الصالحين و فاتحا ثقيل الموازين يوم يقوم الناس لرب العالمين, و هل احدثك عن الملايين الذين ذهبوا ضحية الاطماع السياسية في بلاد العرب و المسلمين عبر العصور ؟ ساكون صريحا معك سيدي و ساقول لك : انني عاجز عن رؤية ما يغريني في مجرد حروب راح ضحيتها خلق كثيرون و قطف ثمارها رجال ذوو اطماع كبيرة و قيم هزيلة , الحروب حين لا تكون محكومة بقيم السماء من العدل و الرحمة و من الهداية و النعمة ليست الا مجازر و جرائم , دفع فواتيرها الباهظة الغازي و المغزو على سواء, و ساهمت في تشويه خيال اجيال و امزجتها و طرائق حلمها و تفكيرها فضلا عما ألقت في روع العالمين أن الاسلام دين متعطش للدماء مولع بالحروب و العدوان . من اجل ذلك لما دالت دولة الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز لم يلبث ان وقف الفتوحات و شرع في ترميم الداخل المهترئ المتآكل , فليس يعقل ان أزعمَ اصلاحَ العالم و بيتي مدمّر خرب. ثم إني لا أعادل بين ما وصفت من الحروب الصغيرة بمثل جهاد جيل التحرير العظيم المتمثل في شرف الدين مودود و عماد الدين زنكي ونور الدين محمود و صلاح الدين الايوبي نور الله اضرحتهم و جزاهم جزاء شاكر عن صادق جهادهم و عظيم نضالهم من اجل دحر الغزاة الوالغين من الصليبيين , كما من اجل توحيد الامة المنقسمة على نفسها بسبب اختلاف المذاهب العقدية و بعد ما بين احلام الخلفاء و السلاطين , و مثل ذلك الجيل جيل المماليك العظام قاهري التتار , قظز و بيبرس , فرحمة الله على جميعهم و رضوانه و بركاته.
الشيخ عدنان ابراهيم
أضف تعليق