كاتب جزائري
إن الذي يريد فهم طرح الدكتور عدنان إبراهيم لابد وأن تتوفر فيه نقاط أساسية..والذي لا تتوفر فيه هذه النقاط أو البعض منها سيظلم الرجل كثيرا وسيخطىء في حق العقل والإبداع والمعرفة عموما .
وأهم هذه النقاط أو الشروط لابد وأن يكون المستمع أو المتابع للأستاذ عدنان ملك عقله..مستقل في تفكيره..يبحث عن الحقيقة والمعرفة حتى ولو من عند المجانين والسفهاء فما بالنا إذا كانت من عند العقلاء والمفكرين والباحثين ومختلف الطوائف والملل والأديان .
وحتى يكون الإنسان ملك عقله لابد وأن يتمتع بالحرية والإستقلالية..الحرية بمفهومها الواسع خاصة من تأثيرات التعصب والأنا..والإستقلالية من تأثيرات ورواسب القبيلة والعشيرة ومن آثار ورواسب وتراكمات التاريخ “المقدس” المشكوك فيه !!.
أما النقطة الثانية وهي كذلك جد مهمة ولا يستطيع ملامستها وفهمها إلاّ من جربها وعاشها وهي لابد للذي يريد أن ينتقد الأستاذ عدنان أن يعيش مثله في دولة أوروبية أين يختلف الطرح وتختلف إنشغالات المهتمين جملة وتفصيلا عن طرح وإنشغالات بلاد العرب عموما..و أهم ميزة يختلف فيها العالم الغربي عن العالم الإسلامي طريقة التشخيص والنظر بعمق للمواضيع والمجال الواسع والفسيح في طرح الأسئلة حيث لا خوف منها ولا تسقيف لها..بحكم التربية والإختلاف الجدري في المفاهيم وطريقة البحث عن المعرفة .
لا أريد أن يفهم من كلامي هذا بأني أقدس الرجل أو أني أقر له بالعصمة..فأعوذ بالله من هذا..فللرجل بعض الأخطاء خاصة في سرد بعض الأحداث التاريخية والحكم عليها أو على الفاعلين فيها بأحكام قاسية وصلت إلى درجة السبّ والشتم..والحمد لله فإن الرجل قد راجع نفسه..لكن لا يمنعنا هذا من تثمين إجتهاده وإبداعه وطريقة طرحه وقوة فهمه للدين وللحياة وشجاعته في إعادة طرح قضايا تاريخية هامة .
كنت قد تناقشت في سابق الأيام مع أصدقاء أعزاء أشهد لهم بالعلم وسعة كبيرة في الثقافة..ولم تكن في بادئ الأيام أفكارنا أو آراؤنا متوافقة حول طرح الأستاذ عدنان..وقد حاولت مناقشتهم في الأمر ومع مرور الأيام ومع متابعتهم المتواصلة لطرح الرجل بنظرة نقدية إقتنعوا على العموم بطرحه..وإني أعتقد يعود سبب ذلك لأنهم متشبعون بالثقافة العربية الإسلامية ومدركون جيدا للثقافة الغربية .
أعود وأذكر بأن الأستاذ عدنان إبراهيم ظاهرة رائعة حمدا لله عليها في زمن الجمود والجهل هذا..لا يسعني إلاّ أن أشكره وأن أتمنى له النجاح والتوفيق في هذا الحقل الملغم الذي عجز الكثير عن المشي فيه والخروج منه سالمين..عدنان إبراهيم أبدع في طرح قضايا كبيرة تفيد الأمة وتفيد خصوصا العقل المسلم المستنير الذي يؤمن حقا بأن دين الله يصلح لكل زمان ومكان .
الأستاذ عدنان يختلف كثيرا عن الأئمة الذين يصعدون المنابر في هذا الزمن..لغة قوية..طرح قوي..قدرة عجيبة على الإستشهاد بكلام وأبحاث العلماء..خاصة علماء الغرب..يحسن الربط بين القضايا الفكرية التي تحدث عنها علماء الإسلام أو علماء الغرب..الأستاذ عدنان الوحيد الذي إذا صعد فوق المنبر لا يجتر الكلام..الوحيد الذي يستطيع في خطبة جمعة واحدة أن يلخص العديد من الكتب ويسبح بك في عالم القرآن وفي عوالم ما وصل إليه عقل الإنسان المتحرر الذي لا يخاف من السؤال ولا يخاف من الجري وراء الإجابة مهما كان ثمن ذلك .
كثير يظلمون الأستاذ عدنان لأنه تناول بعض القضايا الحساسة في ما ورثناه بدون تمحيص في موروثنا الإسلامي..لكن لو نتتبع القضايا التي طرحها سنجد بأنه ليس هو الأول من تناولها..بل تناولها علماء منذ عصور قبله إلاّ أن الفرق هو أن عدنان إبراهيم يفكر بصوت مسموع ومرتفع وهي خاصية عظيمة لا تتوفر في الكثيرين .
لا تخافوا من قول عدنان إبراهيم بأن في الصحيحين أحاديث ضعيفة..فليس هو الأول من ذكر هذا..وإنما فقط كانت له الشجاعة على طرحها وذكر ذلك..لا تتعجبوا من قوله بأن كل ما ورد عن الدابة والمسيخ الدجال وعودة عيسى هي أحاديث ضعيفة ينقد بعضها بعضا فقد قال بهذا شيوخ قبله لكن بصوت غير مسموع وقد إنتظروا حتى الأيام الأخيرة من حياتهم ليقولوا الحقيقة نظرا لشدة تأثير الموروث على المجتمع .
أتمنى مثلما تمنى صديق لي قبل أشهر أن يوجد على كل منبر عارف وشجاع مثل عدنان إبراهيم حتى يزيل هذه الغشاوة على هذه الأمة لفهم دينها فهمًا صحيحا لأننا للأسف ليس لنا أدنى معرفة بديننا خاصة في مجال الفلسفة والإيمان وحقيقة الإسلام كدين يصلح لكل زمان ومكان .
قرأت و سمعت لكثيرين أرادوا إنتقاد الأستاذ عدنان أو لنقل الإساءة إليه..ولم يكن أبدا ما قالوه وما كتبوه موفق لأن كلامهم وكتاباتهم كانت سطحية وعاطفية وطائفية بعيدة كل البعد عن المنهج العلمي في النقد الذي قرأناه وتعلمناه .
شخصيا أقول: أقبل بعدنان إبراهيم بأخطائه الحالية والتي كما قلت قد عاود نفسه وراجعها فيها خاصة في طرحه للتاريخ الإسلامي ولا أقبل أبدا بإمام يدعي تمسكه وعلمه ومعرفته بالكتاب والسنة ثم يقول: الأرض لا تدور!!!؟..إذا كنا نحن في الشارقة وأردنا الذهاب للصين هل تأني الصين أم لا تأتي!!؟ ولا حول ولا قوة إلاّ بالله من هذا الطرح ومن هؤلاء العصابة التي تدعي معرفتها بكنوز وروح القرآن والسنة وهم في حقيقة الأمر فقط من أجل الإسترزاق منه..فالأستاذ عدنان فضح بطرحه وفكره وإجتهاده هؤلاء..وأسقط عنهم الكهنوت الديني الذي سيطروا به على العقل المسلم .
لابد وأن نقولها بكل شجاعة وليغضب من يغضب لا تطور لنا ولا فهم حقيقي لفلسفة الحياة والدين بدون مراجعة كبيرة وشاملة لموروثنا الديني الحالي الذي وصلنا بغثائه ولبه..بسمومه وسمنه..بخرافاته وحقائقه والذي يحاول عدنان الإبراهيم جاهدا غربلته مع مجموعة أخرى من الأساتذة الأفاضل .
بوركت سيدي و ما كان قولك إلا سهما من سهام الفكر و الحرية و محبة لدين الله و ما عدنان إبراهيم إلا أيقونة لابد أن يفتح لها المجال أمام الإعلام بشكل كبير فكم أعاد من مششكك إلى الإسلام. بعد غياب طرح يلم بين الفهم الديني و العلمي. شكرا لك
اجتهدت وأصبت
بارك الله فيك
بارك الله فيك، كلام واقعي ومنطقي، وأضيف لك وأنا أيضا أعيش في الجزائر أن العديد ممن أعرفهم كانوا يشتمون الرجل في البداية ولكنهم صاروا يحبون الدكتور عدنان ويتابعونه الآن فالحق ظاهر بإذن الله.