إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا. مَن يهده الله، فلا مضل له. ومَن يُضلل، فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، وصفوته من خلقه، وأمينه على وحيه، ونجيبه من عباده. صلى الله تعالى عليه، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحابته المباركين الميامين، وأتباعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليما كثيرا.
عباد الله:
أوصيكم ونفسي الخاطئة بتقوى الله العظيم ولزوم طاعته، كما أحذركم وأحذر نفسي من عصيانه سبحانه ومخالفة أمره، لقوله جل من قائل مَّنْ عَمِلَ صَٰلِحًا فَلِنَفْسِهِۦ وَمَنْ أَسَآءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّٰمٍۢ لِّلْعَبِيدِ *.
ثم أما بعد/
أيها الإخوة المسلمون الأحباب، أيتها الأخوات المسلمات الفاضلات/
يقول الله عز من قائل في كتابه الكريم، بعد أن أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم:
وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ * رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأَبْرَارِ * رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ * فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَابًا مِّن عِندِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ *
صدق الله العظيم، وبلغ رسوله الكريم، ونحن على ذلكم من الشاهدين. اللهم اجعلنا من شهداء الحق، القائمين بالقسط. آمين، اللهم آمين.
إخواني وأخواتي/
مما اعتاد المسلمون المعاصرون على تكراره وترداده القول إن الله تبارك وتعالى له الكتابان؛ الكتاب المسطور والكتاب المنشور، الكتاب المقروء والكتاب المُبصر المنظور المُتفكر فيه، كتاب الآيات المُنزلة وكتاب الآيات المنصوبة دلالة عليه سبحانه وتعالى.
وعبر التاريخ، فيما أحسب ويحسب مَن درس هذا الموضوع بشيء غير قليل من التفكر والتبصر، لم يعان المسلمون أزمة علاقة بين العلم والدين؛ لأن الذي أنزل الآيات المتلوة، هو الذي نصب الآيات المشهورة المنظورة، هو الرب الواحد الأحد، لا إله إلا هو!
من لطيف ما وقعت عليه في تفسير قوله تبارك وتعالى من سورة البقرة إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاء مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ *، وهي الآية الرابعة والستون بعد المئة من سورة البقرة، وهي في معنى آية آل عمران التي تلوتها في المقام؛ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الأَلْبَابِ *، قول الإمام الجليل الفخر الرازي – رحمه الله تعالى – فيما يُروى أن عمر بن الحسام – أحد طلبة العلم الذين صاروا بعد ذلك علماء – كان يجلس إلى عمر الأبهري، يتعلم عليه علم الفلك – ما يتعلق بالأجرام العلوية وكيفياتها وحركاتها وسائر شؤوناتها -، فمر بهم يوما فقيه، فسألهم ماذا تدرسون؟ فأجاب عمر الأبهري – العالم الجليل، أستاذ عمر بن الحسام – نحن في تفسير آية من كتاب الله تبارك وتعالى. قال وأي آية هي؟ قال قوله تبارك وتعالى أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ *.
قال نحن في تفسير هذه الآية! وفي الحقيقة كان عمر بن الحسام يقرأ كما قلت لكم علم الفلك من كتاب المجسطي Almagest – من كتاب الأعظم أو المجسطي Almagest، لبطليموس Ptolemy الإسكندراني، الكتاب الذي ظل أكثر من ألف سنة عمدة وحجر الزاوية في علم الفلك، المعروف بالمجسطي Almagest -. كان يقرأ المجسطي Almagest، لكن عمر الأبهري شاء أن يقول نحن نفسر آية، نحن نقرأ هذا العلم كله لنفسر آية، لنفهم آية من كتاب الله تبارك وتعالى. حقيقة واقعة، وتراث يُفخر به ويُخشع أمامه!
أي هذا قبل فرانسيس بيكون Francis Bacon صاحب النوفوم أورجانوم Novum Organum بمئات السنين! الذي يفخر الفكر الغربي الأمريكي والأوروبي اليوم بما كتبه – أي بيكون Bacon – بخصوص العلاقة بين الكتابين، وهو صرَّح بأن لله كتابين أيضا! صرَّح فرانسيس بيكون Francis Bacon بأن لله كتابين؛ كتاب الخلق، وكتاب النصوص المقدسة. ومن جميل ما ذكره بيكون Bacon، قال أنه لا ينبغي لأحد، بدافع من غطرسة أو بتواضع مُصطنع، أن يدّعي أنه بلغ الغاية وأوفى عليها، في فهم أي من الكتابين!
لا يمكن لأحد هذا! وهذا كلام مُهم وجميل، وهذا الكلام كان روحا سارية بين علماء ومُفكري المسلمين عبر العصور، حين كانوا علماء حقيقيين، كانوا علماء حقا! حين كانوا موسوعات تمشي على الأرض! كانوا عباقرة، أسسوا للعلم الحديث. كانوا يتميزون بهذه الروحية من التواضع، ومن الشعور بالقصور، ومن الشعور بالرغبة في الاستكمال، التي لا تنتهي عند غاية بعينها.
بيكون Bacon يقول لا ينبغي لأحد أن يدّعي أنه أوفى على الغاية، في فهم الكتاب المقدس أو في فهم الكون. لا بد أن تبقى باستمرار تطلب المزيد، بلا شك!
ألم تتطور العلوم؟ ألم يتطور علم الفيزياء وعلم الكيمياء وعلم الجيولوجيا وعلم الفلك؟ كل هذه العلوم تطورت، ولا تزال تتطور. وكذلك علم الأحياء! باستمرار، ستبقى تتطور. إذن لا ينبغي لأحد أن تصرعه كبرياؤه وعُجبه بما أصابه من حظ يسير من العلم، فيدّعي أنه أوفى على الغاية، وأنه بلغ عبادان العلم، وليس بعد عبادان من دار، كما تقول العرب. كلا!
لكن في المُقابل أيضا، لا ينبغي لأحد أن يحمله عُجبه بعلمه وفهمه للنص المقدس، سواء أكان الكتاب المقدس لديهم أم القرآن الحكيم لدينا، على أن يقول إنني بلغت فيه القول النهائي والكلم الفصل. ليس هذا لأحد.
وطبعا لا سيما في شؤون مثل هذه الآيات، هناك إشارات وإيماضات وإيقاظات وإلماعات كثيرة في كتاب الله، تفوق وتزيد على ألف آية، في شؤون كونية. هذه الآية خير ما يفسرها، ليس فلانا أو علانا من أئمة التفسير، الذين نجلهم ونعترف لهم بالتجلة والاحترام والإكبار، من السالفين – رضوان الله عنهم أجمعين -، إنما خير مَن يفسرها، وهو المُرصد لخير تفسير؛ العلم، باستمرار العلم! العلم.
والعلم لا يُمكن أيضا أن يُلقي بالكلم النهائي الفصل. مَن درس فلسفة العلم، يفهم هذا جيدا. العلم في تقدم، وعلى فكرة العلم من هذه الزاوية كالفلسفة، روحه التواضع.
أما النزعات التي صارت تصرع مَن أسميهم الآن بالأصوليين على الجبهتين، فشأنها مُختلف. الأصوليون ليسوا فقط حكرا على الجانب الديني؛ أصولية مسيحية أو يهودية أو إسلامية، الأصولية أيضا للأسف الشديد علمية، هناك أصولية علمية! هناك بعض العلماء؛ علماء فيزياء وفيزياء فلكية وعلم فلك وكوزمولوجي Cosmology وعلم أحياء وما إلى ذلك، أصوليون للأسف الشديد، ولديهم خلفيات فلسفية (معيبة)، مُنتقدة، عليها انتقادات كثيرة! والعلم روحه المحض بريئة منها، بريئة من هذه الخلفيات. لا علاقة للعلم بروحه الصرف، بهذه الخلفيات. فيما يُعرف بالنزعة العلموية! النزعة العلموية؛ ال Scientism!
النزعة العلموية باختصار هي التي تقول السبيل الوحيد أو الوحيدة لتحصيل المعرفة وإصابة الحقيقة العلم، وليس سوى العلم! إذن الوحي ليس له دور؟ أبدا. الفلسفة ليس لها دور؟ أبدا. أي سبيل؟ أبدا. فقط العلم! وهذه غطرسة، كما وصفها الفيلسوف؛ فيلسوف العلم، والعالم أيضا؛ لأنه درس الفيزياء ودرس الفلك ودرس حتى التاريخ، وكان فيلسوف علم كبيرا، بول فيرابند Paul Feyerabend.
بول فيرابند Paul Feyerabend النمساوي الأصل، صاحب ضد المنهج Against Method. كتابه الشهير جدا ضد المنهج، يتحدث فيه عن غطرسة العلم، وسلطوية العلم، وصياح العلم، وضوضاء العلم. والرجل عالم أصلا ودرس العلوم في جامعة فيينا، وهو فيلسوف على مستوى العالم! قال فضل العلم لا يُنكر، فتوحات العلم لا تُجحد، العلم بلا شك وسيلة وشكل ولون من ألوان تحصيل المعرفة، ولكنها ليست بالضرورة الأفضل، فضلا عن أن تكون الأوحد. فهو ضد النظرة الاختزالية؛ لا سبيل للمعرفة إلا بالعلم! هذه علموية.
ولذلك يصف العلم بأنه أحدث الديانات. بول فيرابند Paul Feyerabend يقول أحدث الديانات هو العلم، لكنها ديانة بالغة التعصب، عالية الصياح والضوضاء، ومُنغلقة جدا. بل تطرق الأمر به إلى أن يقول العلم أقرب إلى الخرافة الآن، مما يُمكن لأي فلسفة علمية أن تتجرأ على البوح به. قال أنا فيلسوف علم، وأقول هذا!
لكن فلاسفة العلم، وخاصة ذوي النزعة الفرانكفونية، أي في الدول الناطقة بالإنجليزية، منهم مَن يقدس العلم. فلسفة العلم الفرانكفونية – وعموما فلسفة العلم هي فرانكفونية الآن، عموما فلسفة العلم فرانكفونية – تقريبا تقدس العلم، تؤله العلم. ولذلك ليس لديها الشجاعة والجراءة أن تقول العلم جاوز حده، العلم أُصيب بالكبر، أُصيب بالغطرسة، العلم يقع في أخطاء منهجية قاتلة، بدأ يقع في أخطاء منهجية قاتلة!
ليس العلم بحد ذاته، لكن مَن يمثلون العلم، مَن يدّعون أنهم ينطقون باسم العلم. كما يُتجنى على الدين بمَن يتكلمون باسم الدين، كذلك يُتجنى على العلم بمَن يتكلمون باسم العلم. والدين من هؤلاء براء، كما العلم من أولئكم براء، على الجبهتين!
للأسف الشديد، هذه العلاقة الملتبسة بين العلم والدين، السبب في التباسها وفي تكريس وتدعيم وتعزيز التباسها، هم الأصوليون، على الجبهتين، المتعنتون، المتحجرون، المنغلقون، دينيا، وأيضاً العلمويون، ذوو الخلفيات الميتافيزيقية الفلسفية (التي تنظر إلى غاية الإلحاد)، عندهم أغنية الإلحاد، يحبون أن يلحنوها وأن يغنوها دائما، وعندهم للأسف الشديد هذه البواعث غير العلمية المحضة، بل بواعث ميتافيزيقية فلسفية. علينا أن نكون حذرين جدا، ونحن نقرر هذه المسألة.
هنا في الغرب يا إخواني العلم ليس بقرة مقدسة عند كل الناس. كثير من الجهات توجه نقدا إلى بعض مآتي العلم وبعض توالي أفعال مَن يتكلمون باسم العلم. فبعض النسويات هنا مثلا يتهمن العلم بأنه ذو نزعة متأصلة الانحياز إلى الذكور، أي Malebaised، ذو نزعة متأصلة الانحياز إلى الذكور! ذكورية العلم موجودة، والدلائل عليها كثيرة جدا جدا.
الأجيال المُتأخرة، خاصة في القرن العشرين، خلافا لأنثروبولوجيي القرن التاسع عشر – هؤلاء علماء الأناسة، أي الأنثروبولوجيا، علماء الأناسة في القرن العشرين، وخاصة في العقود المُتأخرة منه – تتهم العلم بماذا؟ بالنزعة العنصرية، بأنه يدعم العنصرية. ونعرف طبعا قصة مُنحنى الجرس، وذكاء السود وذكاء البيض، وطبعا الحكم على أقوام بالبدائية وبالتخلف وبالوحشية، وأن العرق الأبيض أكثر تفوقا من نواح كثيرة! بنيويا هو أكثر تفوقا! ما هذا؟ ما هذا؟ العلم لا يمكن أن ينتهي إلى مثل هذه الخلاصات، بالغة السوء! الحمد لله، من علماء الأنثروبولوجيا الغربيين، وهم كثر – بفضل الله تبارك وتعالى -، مَن صاروا يوجهون أصابع الاتهام إلى العلم من هذه الزاوية وبهذا اللحاظ.
كثير من الإنسانويين ومن حماة البيئة ومن أصحاب النزعات المُتفتحة، يتهمون العلم بأنه مكّن البشر من امتلاك وسائل كان من الأفضل والخير بكثير، ألو لم يكونوا امتلكوها! يعنون (أسلحة الدمار الشامل) مثلا! ما هذا؟ لماذا صُرفت مئات المليارات، وفي الحقيقة تريليونات، ولا تزال تُصرف، على تكديس أسلحة، بعضها – عشر معشارها – كفيل بإفناء الكوكب من عند آخره، بعضها كفيل بتشظية كوكب الأرض مليار قطعة في الفضاء؟ ولماذا؟ إذن لماذا المزيد؟ لماذا المزيد؟ ولماذا تؤخذ أقوات الناس وضرائب الناس وعرق الناس؟ وناس تموت بالشر وتموت بالجوع وتموت بالأمراض، والتريليونات تُصرف لتكديس هذه المُهلكات! جنون! نوع من الجنون!
فهذا نقد أيضا يُوجه إلى العلم، وهناك نقود كثيرة! على كل حال لسنا هنا يا إخواني في أهجية للعلم أبدا، بالعكس! نحن نقدر العلم، ونعرف مدى الخير الذي جلبه العلم أيضا للبشرية وللناس، لكن – سبحان الله العظيم – سُنة الله أنه ما من شيء في الوجود متمحض، لا يوجد محض أبدا؛ لا يوجد خير محض، ولا يوجد شر محض.
سوف تقول لي حتى القرآن؟ حتى القرآن، والقرآن هو الذي قال وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا *، وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا * – مَّا * هنا موصولة، بمعنى الذي -. أي القرآن كان لعنة على أناس، لو لم ينزل، لكان أفضل لهم، لكان شرهم أقل، ولكان كفرهم أقل وأيسر، لكن هذا الذي حصل.
لا يوجد شيء محض في هذا الكون، انتبهوا! حتى إبليس ليس شرا محضا. هناك جوانب خير كثيرة! لولا إبليس، ما عرفنا مجهادة إبليس. لولا إبليس، ما عرجنا في معارج الكمال، عبر مخالفة إبليس ومناكدة إبليس ومناقضة إبليس، بالعكس! تماما على حد قول مَن قال:
عداي لهم فضل علي ومنة………………فلا أبعد الرحمن عنّي الأعاديا.
هموا بحثوا عن زلتي فاجتنبتها………..وهم نافسوني فاكتسبت المعاليا.
أي حتى معادتهم لي، لها جانب ولها لحاظ ولها جنبة كما يُقال أو جهة إيجابية.
الكون ليس فيه شيء محض، فكذلك العلم، ومثله الدين. كم وُظف الدين! كأين من حقبة من أحقاب التاريخ وُظف فيها الدين – كل دين، والإسلام ليس استثناء – في سبيل اجتياح البشر وظلم الناس! عادي. وهذا لا يعني أن الدين بذاته يسمح بهذا، لكن وُظف للأسف الشديد، وُظف! النص المُقدس يُوظف في سبيل غايات خسيسة جدا ومُجرمة أحيانا، أليس كذلك؟ لا يوجد شيء محض. هذه سُنة الله، هذه حكمة الله – لا إله إلا هو – في الخلق.
ولكن عودا إلى بيكون Bacon، بيكون Bacon كان يقول حين يتكلم عن قراءة الكتابين – أي كتاب الخلق المنشور في الكون، وكتاب النصوص المقدسة -، وكلامه جميل في الجُملة بلا شك، كان يقول الإنسان بسقوطه بعد ارتكابه الخطيئة، فقد أمرين اثنين معا: فقد حالة البراءة، وفقد السيادة على المخلوقات! لكن – يقول – من حسن حظه ومن رحمة الرب الجليل به، أنه مُمكّن – أي يُمكنه هذا – من أن يستعيد المكسبين!
مكسب البراءة عبر الإيمان. بالتوبة وتجديد الإيمان، تستعيد براءتك – إن شاء الله -، وتعود إلى الله بالحالة الطيبة؛ حالة التوحيد والإيمان والطاعة والاستسلام! الإسلام، ال !Submissionالإسلام هو استسلام للرب، لا إله إلا هو! أسلمت وجهي. إسلام الوجه، وإسلام القلب طبعا والروح والكيان كله. ويستطيع أن يستعيد – يقول فرانسيس بيكون Francis Bacon – السيادة على المخلوقات وعلى الموجودات بالعلوم والفنون. بالعلم نفسه! لكن العلم لا بد أن يتواضع، ولا بد أن يخدم ناظرا إلى غايات إيجابية، غايات مفيدة! غايات إيجابية، وغايات مفيدة، نعم!
نعود الآن، إخواني وأخواتي، إلى قضية الالتباس. النماذج المشهورة الآن في الفكر العالمي، لطبيعة العلاقة الحاكمة بين العلم والدين، نماذج ثلاثة؛ نموذج الصراع ال Conflict model، نموذج الانفصال ال Separation model، أي العلم له مجال يختص به، والدين له مجال آخر تماما. وواضح أن هذا عليه تنقيدات كثيرة! في أحايين كثيرة، الدين يتدخل في مجالات العلم مُسلطا فيها. وفي أحايين كثيرة، العلم أيضا يُحاول التطرق إلى مجالات الدين، له كلمة فيها! فنموذج ال Separation هذا أو الانفصال الخاص بستيفن جاي جولد Stephen Jay Gould والمتعلق بموضوع الممالك أو المجالات المُنفصلة كما سماها عليه انتقادات كثيرة! وطبعا نموذج الصراع أبأس وأتعس! أنه صراع Conflict، صراع! وهو ليس كذلك أبدا. ولذلك هم طوروا هذا الميتافور Metaphor أو هذا المجاز المضلل – وكم تضللنا المجازات! كما تضللنا وتُوحي إلينا، أيضا هي تُضللنا وتُسممنا -؛ نموذج العقل كوعاء، أو مجاز العقل كوعاء، ملأه العلم، ولم يعد قابلا لأي شيء آخر!
قضايا رفاه الإنسان وازدهار الإنسان، قضايا المعرفة، إمكانية المعرفة، حقانية المعرفة، قيمة المعرفة، الوسائل التي يُشرع ويجوز عقليا أن تُستخدم كمُحصلات للمعرفة، كل هذه القضايا، العلم لا علاقة له بها. هذه قضايا فلسفية، قضايا علوم إنسانية، العلم لا يتطرق إليها.
قضايا العقلانية قضايا فلسفية، قضايا الأخلاقية – الأخلاقية من حيث أتت، أي من حيث هي، By definition – ليست من مجالات العلم، وهذه قضايا خطيرة. تقول لي تحدثني عن رفاه الإنسان وازدهار الإنسان وقضايا المعرفة وقضايا المعقولية؟ عجيب! كل هذه القضايا العلم لا علاقة له بها.
للأسف الشيء الذي يُرثى له أن هؤلاء العلمويين الصلاب الشداد يؤكدون هذا. وكان منهم للأسف المُتناقض الكبير برتراند راسل Bertrand Russell. هو مُتناقض، يتكلم ولكن مُتناقض جدا! كان هنا علمويا بحتا، كان يقول أي شيء وكل شيء لا سبيل للعلم إلى معرفته، فهو لا قيمة له، ولا يُمكن أن يُعرف. أي كل القضايا التي ذكرناها لا قيمة لها عنده! مع أنه كتب فيها – أي برتراند راسل Bertrand Russell – ألوف الصفحات، عجيب! ولم يكتب بمنطق علمي محض، كتب بمنطق فلسفي. إذن ألق بكل ما كتبت في النار. وهذا على فكرة من تناقضاته، وهو كان هنا علمويا جلدا، كان علمويا جلدا! أي يقول السبيل الوحيدة للمعرفة هي العلم. كل ما لا يعرفه العلم، لا يُعرف أصلا، خُرافة من الخُرافات، وهم من الأوهام. عجيب! أي لا دور للدين، لا دور للفلسفة، لا دور لأي شيء آخر. فقط هو العلم! فعلا دين مُتطرف جدا على ما يبدو، العلم أصبح دينا وأيديولوجيا بالطريقة هذه – هذه الأيديولوجيا – مُتطرفة جدا وخطيرة، وهذه نزعة اختزالية بائسة جدا.
على كل حال هذا قد يكون واضحا للمُسلمين، وللأسف قد يفرح به كثير من المُسلمين المُعاصرين، الذين يُسعدهم حتي أن ننظم مرثيات في العلم، كأن العلم انتهى ومات ونُصلي عليه الجنازة! غير صحيح، هذا غير صحيح بالمرة!
لكن في المُقابل هناك خطأ الأصولية الدينية أيضا، التي لم تُدرك بشكل كاف على الأقل، أن الزاوية انفرجت جدا، بين الخلفية المعرفية الطبيعية لمُفسري القرآن، لن أقول قبل ألف ومئتي سنة، وإنما حتى قبل مئة سنة، وبين الخلفية العلمية المُتاحة حاليا! الزاوية انفرجت جدا جدا جدا! لذلك الاكتفاء والتعويل على الروح التي فسر بها الأسلاف كتاب الله، وخاصة الآيات الطبيعية والكونية، مزلق خطر جدا. وهنا يبدو أنه ينبغي ألا يُسمح لأي عالم مُتدين أو مُفكر ديني أن يتكلم في تفسير مثل هذه الآيات، بغير أن يرتاد دورات مُكثفة، على الأقل يقف من خلالها على حصائل العلم الحديث، على أهم حصائل العلم الحديث، وبطريقة مُحترمة! ثم بعد ذلك يتكلم، إن كان لديه ما يُمكن أن يتكلم به.
حتى لا أُطوّل بالمُقدمات، والموضوع طويل الذيول والشعوب كما يُقال، أريد أن آخذ حالة نموذجية من بين حالات كثيرة. الآن تقريبا المعركة مُحتدمة بين العلم والدين، بين الأصوليين المتدينين والأصوليين العلمويين، بالذات في جبهة علم الأحياء، وعلى وجه أخص بصدد نظرية التطور؛ التطور العضوي للكائنات، وأيضا على جبهة أخرى في الكونيات، أي في علم الكوزمولوجي Cosmology، وما يتعلق به، أكثر جبهتين مُلتهبتين! أقل من ذلك الفيزياء المُعاصرة، لكن هناك أيضا بلا شك جدالات مُحتدمة.
نأخذ قضية التطور، دون أن نخوض في مُقدماتها؛ لأن المقام لا يتسع بتاتا، لكن أريد أن أضيء المسألة من بعض الجوانب. وأنا أريد هنا أن أنقّد على الأخطاء التي تتورط فيها الأصولية الدينية، وأيضا الأخطاء التي تنخرط فيها الأصولية العلمية.
أبدأ ربما بالأصولية العلمية؛ حتى لا أثير حساسيات المتدينين. الأصولية العلمية للأسف الشديد، كونها ذات خلفية فلسفية ضعيفة وهشة تماما، هي لا تدري ما الذي تتورط فيه، لا تدري ما الذي تفعله، وما الذي تقوله، وما الذي تكتبه. وفي الحقيقة ورطات حقيقية! ستجد الكثيرين من العلماء الأصوليين للأسف، ذوي الخلفيات التي ذكرت لكم مرة أنها تُسمى بالمذهب الطبيعي، أو الطبيعانية ال Naturalism، أو حتى المادية ال Materialism. المذهب الطبيعي الفلسفي أو المذهب الطبيعي الميتافزيقي ال Metaphysical or philosophical naturalism. هذه خلفية فلسفية، لا علاقة لها بالعلم! وتجد عالما في الفيزياء أو في الفيزياء الفلكية أو في الكوزمولوجي Cosmology أو في الأحياء أو في أي علم، ويكون مُتسلحا بهذه الخلفية!
هذه الخلفية تقود إلى الإلحاد، هذه الخلفية تقول ليس من وجود إلا للمادة، وما له علاقة مُباشرة بالمادة! كل شيء خارج المادة وهم وباطل وخرافة! هذه اسمها المذهب الطبيعي الفلسفي، المذهب الطبيعي الميتافيزيقي. وبلا شك هذا يقود بخطوات سريعة إلى ماذا؟ إلى الإلحاد! لكن هذه الطبيعانية الفلسفية مُتهافتة جدا وضعيفة جدا ولا تستطيع أن تُقارع في الجدال حول أبسط الأسئلة التي قامت ونهضت عليها.
انتبهوا، باختصار اتركوا قضية أي مسألة فرعية، وخذوا المسائل الأولى المؤسسة؛ لِمَ كان الشيء؟ أصعب سؤال في الفلسفة؛ لِمَ كان الشيء؟ لِمَ وُجد ما وُجد؟ تتحدث لي مثلا عن الانفجار العظيم وأنه بدأ بالمتفردة، المُتفردة من أين أتت؟ فقط هذا السؤال! من أين أتت؟ لأن العدم لا يلد إلا العدم. وهذا تعبير مجازي، هو أصلا لا يلد شيئا. العدم لا يلد الوجود. جون لوك John Locke كان واضحا وصريحا، مع أنه فيلسوف مادي تجريبي. جون لوك John Locke كان يقول من المُستحيل أن المادة الجامدة أن تولّد كيانا عاقلا، بقدر ما هو مُستحيل أن العدم يلد المادة! يُمكن للمادة أن تأتي من العدم؟ مُستحيل. العقل لا يقبل هذا مُطلقا، العقل هنا! والعقل حاكم على العلم وحاكم على كل شيء. والفلسفة، وتفكيرنا حتى العادي، أي البدهي، الحس المُشترك ال Common sense، مؤسس على ماذا؟ مؤسس على بدهيات العقل. وأبده بدهيات العقل، والطابق الأول، والمُستوى التأسيسي لكل بدهيات العقل؛ قضية عدم إمكان اجتماع النقيضين. النقيضان لا يجتمعان، مُستحيل! ولا يرتفعان معا، وليس هناك احتمال ثالث. هذه أبده البدهيات، هذه الأساس لكل التفكير البشري، ولا يُمكن لأحد أن يضرب هذا الأساس. وإذا ذهب يضربه، فسيجد نفسه يؤسّسه ويدّعمه. معروف هذا!
إذن لا تقل لي العلم. هنا يوجد العقل وليس العلم، هذه القضية غير علمية، هذه القضية فلسفية! هذه قضية فلسفية لا علاقة مُباشرة للعلم بها. العلم يتأسس عليها، يُبتنى فوقها، وليس قبلها، وليس مُتجاوزا لها، ولا يستطيع أن يتجاوزها أصلا! هكذا خلق الله.
على فكرة، هذا من أبسط الطرق للدلالة على وجود معنى في الوجود، وعلى مُوجد لهذا الوجود، لا إله إلا هو! هل تعرفون ما هو؟ أن لِمَ كان الوجود أصلا؟ Ex nihilo nihil fit. يقولون باللاتينية! لا يأتي من العدم إلا العدم. لا يأتي من العدم إلا اللا شيء. Ex nihilo nihil fit. العدم لا يأتي بشيء. إذن لِمَ كان الشيء؟ لِمَ كانت هذه المُتفردة التي جاء منها كل الكون، كل الكوزموس Cosmos هذا؟ هذا أولاً.
ثانياً؛ وبعد ذلك كيف أتى هذا الكون بأجرامه العلوية وبكائناته وبمخلوقاته، وانتهى طبعا في ذروته بوجودنا نحن الكائنات الحية العاقلة، التي تتجاوز نفسها وتتجاوز حدها، فتدرس عقلها ومعرفتها وتدرس الوجود وتدرس مُبتدأه وتتساءل بصدده؟ شيء عجيب! مُدهش هذا الشيء! مُدهش! وكما قال العالم الفيزيائي الكمي النمساوي العظيم إرفين شرودنغر Erwin Schrödinger لولا وجود الإنسان شاهداً في الوجود، لكان الوجود بمثابة مسرحية، لم تجد مَن يُتابعها! مسرحية عظيمة!
الشيء يا إخواني المُحير جدا؛ لِمَ كان الشيء؟ ثم هذا الشيء الذي تطور إلى كل ما نرى وكل ما نعلم وما لا نعلم، تطور وفق ماذا؟ وفق معنى، وفق قانون، وفق دستور. هناك معان، هناك دساتير، هناك قوانين الفيزياء وقوانين الكيمياء وقوانين الأحياء وقوانين في كل شيء، قوانين مقننة! والقوانين تحكي ماذا؟ تحكي معلومات دقيقة. والمعلومات تقتضي ماذا؟ وعيا وعقلا. أين الوعي هذا؟ عقل مَن؟ وعي مَن؟ لا يُمكن التجاوز! مأزق كبير هذا للإلحاد، لا أحد يستطيع أن يتجاوز هذا.
وكان ألبرت أينشتاين Albert Einstein، الفيزيائي الأشهر، كان يقول العبارة التي رددناها وطالما تُردد، لكنها في مُنتهى الروعة! كان يقول إن أكثر شيء بصدد الكون – أو بصدد العالم، أي ال Universe – غير مفهوم – هناك شيء غير مفهوم. يقول، وسوف نرى ما هذا غير المفهوم – أن هذا العالم قابل للفهم.
عجيب! قال. شيء غير مفهوم. قال! وطبعا هو بالنسبة له مفهوم، فاهم أن هناك وعيا يتجاوز الكون، هو الذي أوجد الكون، لكنه لا يحب أن يقولها على بلاطة كما نقول بالعامية، ويتهم بأنه رجعي ومُتخلف؛ أنت تؤمن بالله؟ أنت مُتخلف! لأن التقدم أن تدّعي أنك مُلحد ومُنكر وناف! لكن بعدها استتلى وقال إن حقيقة أن العالم قابل للفهم، هي مُعجزة! مُعجزة Miracle! يقول مُعجزة! وفعلا هي كذلك.
لماذا العالم قابل للفهم أصلا؟ قابل للفهم؛ لأنه مقونن، أو مُقنن – إن شئتم -، مُدستر، هناك دساتير، هناك قوانين، في كل العلوم! وهذه القوانين مؤسسة على ثوابت. على الأقل لدينا عشرون ثابتا طبيعيا في الكون. أي ثابت منها، لو تحرك بالزيادة أو النقصان، لم يكن الكون ليكون كما هو الآن، ولم نكن لنكون هنا شاهدين! نشهد على عظمة هذه الصنعة، نبحث عن قوانينها، نبحث عن منشأها ومُبتدئها! شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ *.
يقول حقيقة أن الكون قابل للفهم – يقول ألبرت أينشتاين Albert Einstein – مُعجزة! مثله العبقري الكبير ويغنر Wigner؛ يوجين بول ويغنر Eugene Paul Wigner، العالم الأمريكي النوبلي ويغنر Wigner – طبعا هو أساسه مجري، يهودي مجري – الحائز على نوبل في الفيزياء؛ لأنه أثبت أن مبدأ التناظر يمكن نظريا أن يُطبق في فيزياء الكم، وأخذ جائزة نوبل، أي هذا ليس أي واحد، ويغنر Wigner! ويغنر Wigner كان يقول إن الرياضيات – الرياضيات ال Mathematics – تلك الأداة غير المعقولة – نحن لا نفهم لماذا الرياضيات أصلا على هذا النحو – هي أعظم هدية، أُهديت إلينا نحن النوع البشري، ولسنا جديرين بها!
هناك رياضيات! ألبرت أينشتاين Albert Einstein يجلس في غرفته، ويغلق على نفسه، ثم يخرج لنا بالنسبية الخاصة، عجيب! من بيتك تعرف الكون وكيف هو مخلوق وكيف يدور وكيف يشتغل وما الذي يقع له وما الزمان وما المكان؟ من بيتك؟ نعم، في بيتي، على الكرسي الخاص بي، بالرياضيات! ما الآلة المُعجزة هذه؟ لماذا؟ لماذا الكون كان محكوما بالقوانين الرياضية أصلا؟ كما قال جاليليو جاليلى Galileo Galilei، قال الرب كتب أو خط هذا الكون بأداة الرياضيات. مخطوط بالرياضيات! والرياضيات على فكرة ما هي في نهاية المطاف؟ ما الرياضيات؟ منطق Logic، هي منطق، هي المنطق!
برتراند راسل Bertrand Russell المُلحد – عاش ومات مُلحدا -، كل أعماله المُتقدمة الأولى في الرياضيات، وهي أعمال عظيمة بلا شك، سواء التي كتبها مُنفردا، كمقدمة للرياضيات، أو بالاشتراك مع ألفريد نورث وايتهيد Alfred North Whitehead، مثل مبادئ الرياضيات، في ثلاثة أجزاء، كل هذه الأعمال مُلخصها كلمة واحدة؛ أن الأسس التي تقوم عليها الرياضيات وتتبرر بها صدقية الرياضيات، بل يقينية الرياضيات، هي أسس المنطق نفسهِ، أو هي أسس المنطق نفسهَا. نفس الأسس!
على فكرة هذا هو الفرق بين قوانين العقل وبين قوانين الطبيعة. قوانين الطبيعة عقلا قابلة لماذا؟ للاستبدال والتعويض. أي كان من المُمكن أن يكون قانون الجاذبية بشكل مُختلف، مُمكن! العقل لا يقول إن هذا مستحيل، مُمكن! لكن قوانين العقل غير قابلة لماذا؟ للاستبدال والتعويض. مُستحيل! ثابتة. يقينية الرياضيات، التي هي يقينية منطقية، كونها مؤسسة على ماذا؟ على قوانين العقل، وليس على قوانين الطبيعة! احفظوا هذا الفرق، هذا مُهم جدا جدا! قوانين الرياضيات، كقوانين المنطق، قوانين عقلية، غير قابلة للتخلف.
وعلى فكرة من مبادئ الفلسفة العقلية؛ القاعدة إذا كانت عقلية، لا تقبل الاستثناء. انتبهوا إذن! إياك أن تُمارس الفلسفة، ثم تخرج فيما بعد فيلسوفا خائبا! إياك! أي قاعدة عقلية لا تقبل ماذا؟ الاستثناء. القواعد الأخرى تقبل الاستثناء. القواعد الطبيعية تقبل الاستثناء، معروف! لأنها مشروطة Conditioned. دائما قواعد الطبيعة مشروطة. قواعد العقل لا تقبل الاستثناء أبدا. وإذا قبلت الاستثناء، فإما القاعدة غير صحيحة، وإما أن مَن فهمها فهمها على نحو خاطئ.
لا إله إلا الله! إذن الله تبارك وتعالى شاء أن يخلق هذا الكون بقوانين ومعان دقيقة ثابتة سارية، جميل! وأن يُبدع العقل الإنساني والذهن الإنساني على نحو يتطابق ويستطيع أن يستوعب ويتمثل هذه القوانين. وهذا معنى قول العلماء الكبار مثل السير جيمس جينز Sir James Jeans وآرثر إدينغتون Arthur Eddington وأمثال هؤلاء إن الكون في نهاية المطاف وجود عقلي، حقيقة عقلية!
الفلاسفة الإسلاميون مثل الفارابي وابن سينا وأبي الوليد بن رشد، من قديم أدركوا هذه الحقيقة، وقالوا غاية الفلسفة أو هدف الفلسفة، ماذا؟ أن تصل إلى مُطابقة ما في الأذهان لما في الأعيان. أن العالم العقلي يتطابق مع العالم ماذا؟ العيني. مع الوجود الخارجي! الشيء الذي حيّر أينشتاين Einstein وقال لك إنه غير مفهوم ومُذهل، والذي قال عنه ويجنر Wigner أعظم هدية أُهديت إلينا، ولسنا جديرين بها. والسؤال الذي لم يسأله أحد لماذا يا بروفيسور ويجنر Professor Wigner لسنا جديرين بها؟ واضح أن ربما يكون الجواب لأننا حطمناها، لأننا أزرينا بها، لأننا تجاوزناها وبدأنا نمارس الغباوات باسم العلم وباسم الأيديولوجيا. احترموا العقل، احترموا الدلالات الأولى لقواعد العقل، فهي شيء مُذهل!
لولا هذه القواعد، وثبات هذه القواعد، وثبات العلاقة بين ما في الأذهان وما في الأعيان، لما قام ليس العلم فقط، ولا الفلسفة ولا الفهم نفسه، ولا الفهم! لن يُفهم شيء في الوجود! لكن الوجود قابل للفهم، وقابل للفهم وبناء نماذج قابلة بدورها لإطلاق نبوءات، وتصدق هذه النبوءات، وتتبرر النظرية العلمية، ويتضح أن النظرية صحيحة طالما هي قادرة على إعطاء تنبؤات صحيحة وتفسير المُتاح من الظاهرات. شيء مُدهش!
الله هو الذي فعل هذا، لا إله إلا هو! هل تعرفون لماذا؟ لأنه كما أخبر عن ذاته العلية الأقدس – لا إله إلا هو – خلق العوالم، خلق الوجود، خلق السماوات وما بينهما، ماذا؟ بالحق. والحق يُقابل ماذا؟ الباطل، ويُقابل العبث، ويُقابل اللعب.
الآيات كثيرة جدا جدا، التي فيها أنه خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ *، مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى *، آيات كثيرة! ولكن كما قلت لكم الحق يُقابله ماذا؟ الباطل. والباطل في اللغة وفي الاستخدام القرآني وفي السياقات – بحسب السياقات – القرآنية، ما هو؟ عكس الحق. جميل! لكن ما هو الباطل؟ ما ماهية الباطل؟ الباطل الذي لا حقيقة له، لا تماسك له، إذا فتشته، لم تجده شيئا، سراب! سرابية المعنى. وقد يكون لديك يقينا، وهو سراب، ليس يقينا، هذا سراب، مُجرد سراب، باطل! مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ *، لن يكون له أثر. ولذلك يقولون فلان بطّال، وهو ذو بِطالة. وبطّله، إذا نسبه إلى البِطالة. يُقال هذا بطّال، هذا عطّال بطّال. مَن هو البطّال؟ وما هي البِطالة – بالكسر -؟ البِطالة هي أن ينبعث الإنسان فيما لا جدوى ولا منفعة منه لا دنيوية ولا أخروية. كلام بلا غاية، بلا هدف!
إذن القرآن الكريم يقول الوجود مخلوق ماذا؟ بغايات وبأهداف. عقل الإنسان قادر على أن يلتقط ماذا؟ هذه الغايات وهذه الأهداف، ولو في حدود مُعينة! ودائما قادر على ماذا؟ على أن يبسط هذا الإدراك، بالأدوات العقلية المحضة، وبالأدوات العلمية، وبالأدوات التجريدية، مثل المنطق والرياضيات. وهذا أساس العلم المتين، الرياضيات، أكيد! لذلك أمتن العلوم مثلا الفيزياء؛ لأن مؤسس على الرياضيات هذا العلم.
ولذلك هذا العالم ليس مخلوقا باطلا، أنه بلا هدف وبلا غاية، هكذا أي كلام. لا، أبدا! مخلوق ومُستهدف خلقه لغايات ومعان، وأيضا ليس لعبا! وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ * مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلاَّ بِالْحَق *، لَوْ أَرَدْنَا أَن نَّتَّخِذَ لَهْوًا لّاتَّخَذْنَاهُ مِن لَّدُنَّا *، وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ * في الدخان. الله يقول لا، لا يوجد لعب. وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ * في الأنبياء، وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ * في الدخان. لا يوجد لعب، لا هنا ولا هنا.
وبخصوص النشأة الإنسانية؛ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ *، لا إله إلا الله! عجيب! الحق مُقابل العبث. الحق يُقابله العبث، الحق يُقابله اللعب، الحق يُقابله الباطل. بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ *، وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا *، لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ *، آيات كثيرة! الحق يُقابل بالباطل، الباطل يُقابل بالحق، باستمرار! ضدان، لا يجتمعان.
جميل جدا! إذن القرآن أشار إلى هذا! أن هذا الكون حق، وليس باطلا. فيه معنى، فيه قوانينه، فيه دساتيره، فيه مناهجه، التي إن أدركتها ووقفت عليها وحذقتها، استطعت أن تصل إلى مُبدعه، لا إله إلا هو! استطعت أن تصل إلى مُبدعه.
والعجيب – عودا إلى قضية ما بالأذهان وما بالأعيان والمُطابقة بينهما، التي حيّرت أينشتاين Einstein وويجنر Wigner وتحيّر كل الأذكياء – أن المرء طبعا في الأخير بالتواضع يُدرك، إذا لم يكن مُستكبرا على الحق، لا إله إلا هو! يُدرك أن الكون ما كان ليكون أصلا، وفي الخطوة الثانية ما كان ليكون على ما هو عليه، إلا بماذا؟ إلا بمُبدع يتجاوزه، وليس مُحايثا! الكون ليس هو الله، انتبهوا! ليس Immanent، الله ليس Immanent، ليس مُحايثا، الله ليس جزءا من الكون، وليس هو الكون كله. الله خالق الكون، مُبدع الكون، وهو غير الكون.
وهذا الفهم الجميل وصل إليه إسحاق نيوتن Isaac Newton، في كتابه الأعظم المبادئ الفلسفية للفلسفة الطبيعية. ففي المبادئ أدرك أن الرب – لا إله إلا هو – ليس هو الكون، ولا بعض الكون – هذه النظريات الوحدوية – أبدا! إنما هو خالق الكون. وأدرك أيضا كما في المُقدمة التي سمح بنشرها، وقد كتبها أحد زملائه وأصدقائه العظام، أن الكون مخلوق لله بحرية. لم يكن من اللازم أن يخلقه الله هكذا! إذن هو لم يُدرك الضرورة في ماذا؟ في القوانين الطبيعية. لكن هناك ضرورة في القوانين ماذا؟ العقلية. بهذه الضرورة الحاكمة على القوانين العقلية أدرك نيوتن Newton وزميله في مُقدمة المبادئ أن القوانين الطبيعية لا تتسم بالضرورة. ولذلك تحكي ماذا؟ حرية إرادة الخالق، لا إله إلا هو!
شيء جميل أن العقل مُرتب بهذه الدرجة! ولذلك كبار العلماء الذين أسسوا العلم الحديث، كان عندهم هذا الإيمان الواثق العظيم بالله، مثل نيوتن Newton وعصريه روبرت بويل Robert Boyle. ونحن صغار درسنا قانون بويل Boyle في الغازات، أليس كذلك؟ كمية مُعينة من الغازات، إذا ضُرب الحجم؛ حجمها في الضغط، دائما ثابت، دائما مقدار ثابت. قانون بويل Boyle! أحد مؤسسي الجمعية الملكية لتحسين المعرفة الطبيعية، روبرت بويل Robert Boyle! عصري نيوتن Newton، وهو كان أسن من نيوتن Newton طبعا بحوالي عشرين سنة! هو عصريه وزميله وصديقه. روبرت بويل Robert Boyle كان يقول العلماء هم كهنة معبد الإله الأسمى. هم الكهنة الجدد! العلماء الذين يدلون على الله، وليس أصحاب قصائد الشعر والكلام، لا! العلماء. كهنة معبد الإله الأسمى العلماء.
والعجيب أن روبرت بويل Robert Boyle – سبحان الله، عكس النظرية السائدة في الكلام القروسطي والكلام الذي يُسمونه السكلاستيك أو المدرسي – قال حكمة الله تتجلى بقدر أكبر، أو أعظم، حين تقتضي خلق الكون وإدارة الكون عبر قوانين عتيدة، أكثر بكثير مما تتجلى لو كانت تقتضي إقامة رقيب ذكي يتدخل بين الحين والآخر، لتعديل المشهد. هكذا كان يظن الكلام السكلاستيك أو المدرسي، أن نعم من اللازم في كل مرة ومرة أن تّدخل الله، أو تُدخل بعض الوكلاء الأذكياء، كالملائكة مثلا، على كل حال والخطب يسير. لا – قال -، أنا أرى أنه ليس كذلك أبدا! أرى أن عظمة الله أعظم وحكمته أوفر، إذا كان هو أبدع قوانين، هذه القوانين هي التي ماذا؟ تُسير الوجود من تلقائها.
أي معناها روبرت بويل Robert Boyle كان يرى أن ليس هناك أي مُشكلة في قضية ماذا؟ أن الكون تُسيره قوانين. اليوم العلمويون الملاحدة وأشياعهم في الشرق والغرب وهنا وهناك فرحون جدا! كلما اكتشفوا تفسيرا جديدا علميا بقانون علمي وبمبدأ علمي، قال لك أحدهم لم تعد هناك حاجة للإله، لا يوجد إله. هل أنت أهبل؟ أنت عالم أم أهبل؟ أنت مَن قال لك عبر العصور إن هذا الكون يسير بإنفاذ مُباشر من الرب، لا إله إلا هو؟ مُباشر، هكذا! مَن قال؟ لم يقل واحد الكلام هذا، ولا يقدر أي أحد على أن يتورط ويقوله.
الكل فاقه ومؤمن ومُسلّم أن هذا الكون تُسيره ماذا؟ تُسيره قوانين. الرب هو الذي أودعها في الكون، هو مصدرها، لا إله إلا هو! والسؤال لا ينبغي أن يتعلق بأجدرية القوانين في التعويض عن الله عز وجل، هذا ليس سؤالا، هذا غباء! السؤال لا بد أن يتعلق بمصدر القوانين، مُقنن القوانين، وأيضاً هناك سؤال ثان، يتعلق بمُشغّل القوانين. مَن الذي أتى بها؟ ومَن الذي شغّلها؟ لأن القانون لا يشتغل وحده! كما نقلت لكم مرة عن العبقري سي. إس. لويس C. S. Lewis حين قال واحد زائد واحد – مبدأ حسابي معروف – يُساويان اثنين، لكن ألف دولار عندك، لن يصير ألفين، بالقانون وحده، يحتاج إلى تشغيل. قم بالاستثمار، اذهب واستثمر، والقانون هذا سوف يخدمك. شغل ألفا مع ألف أخرى، وسوف يصير عندك ألفان. لكن ليس بالقانون وحده يصير عندك ألفان. والله حلو، والله! أحضر ألفا، ويصير عندي ألفان، والألفان يصيران أربعة، وفيما بعد أربعين، بالقانون! القانون يحتاج مَن يشغله، انتبه إذن! هناك أشياء تبدو بدهية، لكنها ليست بدهية، تحتاج إلى تعميق الفكر، عبقري هذا الرجل! قال لك القانون يحتاج إلى المشغّل. مَن الذي شغّل القانون أيضا في هذا الكون، وأوجد كل شيء، ونحن من ضمن موجوداته؟
أعتقد بدأنا الآن نُتاخم موضوعنا، بدأنا نُتاخم موضوعنا! بعون الله بعد صلاة العصر نُكمل، ربما في أقل من هذا القدر، ونبدأ نلمس النقاط الأكثر حساسية في هذا الموضوع.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه.
الحمد لله، الحمد لله الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ * وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُم مِّن فَضْلِهِ وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ *. وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله تعالى عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً.
اللهم اهدنا فيمَن هديت، وعافنا فيمَن عافيت، وتولنا فيمَن توليت. علِّمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علَّمتنا، وزدنا علما وفقها ورشدا.
اللهم لا تدع لنا في هذا اليوم الكريم ذنبا إلا غفرته، ولا هما إلا فرجته، ولا كربا إلا نفسته، ولا ميتا إلا رحمته، ولا مريضا إلا شفيته، ولا غائبا إلا رددته، ولا أسيرا إلا أطلقته، ولا مدينا إلا قضيته عنه دينه وأذهبت همه وغمه، برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم اغفر لنا ولوالدينا، وارحمهم كما ربونا صغارا، اجزهم بالحسنات إحسانا وبالسيئات مغفرة ورضوانا. واغفر اللهم للمسلمين والمسلمات، المؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، بفضلك ورحمتك، إنك سميع قريب مُجيب الدعوات.
عباد الله/
إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ *، فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ *، وأقم الصلاة.
أضف تعليق