إِنَّ الْحَمْدَ لِلهِ، نَحْمدُهُ ونَسْتَعينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أَنْفُسِنَا وسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وأَشْهَدُ أَنْ لَا إله إلا الله وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سيدنا وَنَبِيَّنَا وَحَبِيبَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ وَصَفْوَتُهُ مِنْ خلقهِ، الْلَّهُم صَلِّ وَسَلِم وَبَارِك عَلَيْهِ وعَلَى آله الطيبين الطاهرين وصحابته المُبارَكين الميامين وأتباعهم بإحسانٍ إلى يوم الدينِ.
عباد الله:
أوصيكم ونفسي الخاطئة بتقوى الله العظيم ولزوم طاعته، كما أُحذِّركم وأُحذِّر نفسي من عصيانه ومُخالَفة أمره لقوله سُبحانه وتعالى:
مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ۗ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ ۩
ثم أما بعد:
أيها الإخوة المسلمون الأفاضل، أيتها الأخوات المسلمات الفاضلات، يقول الله – سُبحانه وتعالى – في كتابه العزيز بعد أن أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ:
الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِّلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ۩ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ ۩ وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقًا حَسَنًا وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ۩ لَيُدْخِلَنَّهُم مُّدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ ۩ ذَٰلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ ۩
صدق الله العظيم وبلَّغ رسوله الكريم ونحن على ذلكم من الشاهدين، اللهم اجعلنا من شهداء الحق، القائمين بالقسط، آمين اللهم آمين.
أيها الإخوة الأفاضل، أيتها الأخوات الكريمات:
عامٌ هجريٌ جديدٌ، في هذا القرن الخامس عشر من قرون هذه الأمة، من قرون هذه الرسالة، من قرون هذه الدعوة، ومن قرون هذا الكتاب، وأستحي طبعاً أن أقول كل عام وأنتم بخير، فأين هو الخير؟ الذي يُردِّد هذا الكلام أو هذه التهنئة هو يقول كلاماً تعوَّده، لكن لا يُفكِّر فيه، أي فيما يقول، أين هو الخير حتى نقول كل عام ونحن بخير؟ بالعكس! يجب أن نقول لا أعاد الله هذه المساءات، لا أعاد الله على أمة محمد هذه الفضائح، لا أعاد الله علينا وعلى إخواننا في الدين والمِلة هذا الذل، هذا الهون، وهذا السوء، محرقتان! محرقة راهنة للشعب الفلسطيني المظلوم والمُجاهِد البطل في نفس الوقت، إنه لا يستجدي لا عطفاً ولا دموعاً ولا خُطباً، لأنه شعب مُناضِل، مُجاهِد، بطل.
اليوم رأينا على شاشات الرائي – أي التلفاز – شيئاً عجيباً، بعد هذه المذبحة الوحشية الجبانة مائة دبابة تدخل على مُخيَّم، مُخيَّم لاجئين عُزل، ليس معهم شيئ، حاشا بعض المُقاوِمين بأسلحة يدوية، صنع محلي، مائة دبابة! وطائرات الأباتشي Apache، الله أعلم بعدتها، تدخل وتقوم بهذه المذبحة المُروِّعة في المدنيين، تستهدف صفوف المدنيين، لكننا اليوم رأينا كيف يُناضِل الطفل الفلسطيني بالحجر هذه الدبابات أيضاً وفي نفس المكان، عجيب! هذه أسطورة، أسطورة فعلاً.
بعض الجُبناء – بعض الجُبناء للأسف من هذه الأمة وما ينبغي أن يكونوا منها – تُروِّعهم الصور والمشاهد، مشاهد الرؤوس والأعضاء المُتطايرة والدماء السائحة النازفة تُروِّعهم، ينضبعون كما يُقال بالعامية، يخافون وهم في أماكنهم، وهم في أماكنهم! بعيدون جداً من ساحة المعركة، لكن هذا الطفل البطل لا يُروِّعه شيئ، لقد كسر الأسطورة، حل الطلسم، علم كيف يعيش، وقد اختار كيف يموت، ونحن إلى اليوم وأمثالنا لا نعرف كيف نعيش ولم نحسم أمرنا بعد كيف سنموت ولِمَ ومن أجل لماذا سنموت، هذه هي المُعادَلة.
بالأمس أيضاً قضى نحبه أكثر من مائة واثنين من إخواننا في الجزائر، رحمة الله عليهم أجمعين، إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ۩، فاجعة من الفواجع! لكن هناك السؤال الذي مُباشَرةً يتبادر ويطرح نفسه، مائة قضوا في هذا الحادث، وبضعة عشر شهيداً قضوا في فلسطين، نفس المصير، ونفس الخاتمة، إنه الموت، الموت معنى واحد وله صيغ مُتعدِّدة، معنى واحد لكن صيغه مُتعدِّدة، بأي صيغة مات هذا البطل الفلسطيني؟ وبأي صيغة مات هذا الجزائري الشهيد – إن شاء الله تعالى، لأنه مات مُحترِقاً، والذي يموت مُحترِقاً هو شهيد -؟ الصيغتان مُتباعِدتان جداً، ربما ذهب هذا المسكين ليزور أهلاً له في بلدة، ربما ذهب بعضهم ليُتاجِر، ربما ذهب بعضهم ليطلب العلم، ربما ذهب بعضهم ليعصي الله في مكان آخر، لكن هؤلاء جميعاً ماتوا أبطالاً، واقفين كأشجار الزيتون، الخاتمة واحدة، والطريق مُختلِفة، الصيغة مُختلِفة أيضاً، هكذا يجب علينا أن نُفكِّر، هذا درس من دروس القدر، مغزىً يجترحه القدر، لكي يُعلِّمنا أن نُحدِّد الصيغة، أن نحزم أمورنا التي نود ونتوق ونأمل ونُؤمِّل في أن نموت وفقها، وفق أي صيغة؟ لماذا؟ من أجل أي هدف؟
محرقة راهنة في فلسطين، ومحرقة على الأبواب – لا قدَّر الله، والقدر في غيب الله تبارك وتعالى – لإخواننا في العراق، وستكون محرقة وأي محرقة! والكل الآن في حالة انتظار، وحيا الله سلاطين العرب وخُلفاءهم ومشايخهم وأمراءهم، حياهم جميعاً لأنهم كانوا يمتلكون شجاعة أن يقولوا لا للحرب على استحياء وبعد مُشاكَسات صبيانية ومُخالَفات ولدانية، لا للحرب قالوها بأفواههم ولم تُؤمِن بها قلوبهم، قالوها بأفواههم ولم تُؤمِن بها قلوبهم لأنهم فتحوا معابرهم، برهم وجوهم، وأعطوا الذلة من أنفسهم ومن أمتهم على غير ما مشورى من هذه الأمة.
اليوم سمعت أحد الخُطباء يُشيد بموقف البرلمان التركي، وإلى حد ما بموقف الحكومة المُتردِّدة، إنها حكومة تاجرة على ما يبدو، تأخذ الأمر بحسبة تجارية، تُقايض دماء العراقيين وشرف العرب والإسلام بمليارات الأمريكيين، ثم بعد ذلك لا يعنيني أن يُقال حكومة إسلامية أو حكومة إبليسية، لا يعنيني! لقد مللنا وشبعنا من هذه الشعارات، نُريد شيئاً من الصدق، نُريد شيئاً من التحقيق لبعض هذه الشعارات، لا يعنيني هذا في كثير أو قليل، والبعض يلتمس العذر، يقول ربما يكون هذا من باب تبادل الأدوار والمُناوَرات السياسية، لا يعلم هذا إلا الله – تبارك وتعالى -، نحن نعلم الذي نسمعه ونراه، يتساءل هذا الشيخ الخطيب بعد أن يُقارِن بين موقف العرب وموقف الأتراك، لقد كان الأتراك بلا شك أشرف من الحكومات، من الحكّام، من السلاطين، من أحفاد الخُلفاء وسلاطين الأمس، أحفاد خُلفاء الانحطاط وسلاطين الظلم والدعارة والوساخة والقذارة الخُلقية والسياسية والدينية، مزابل التاريخ! من نفس المزبلة يخرجون، يُفرِّخون من نفس المُستنقَع القذر الوسخ، المسكين – أي هذا الشيخ – لم يدر أن هناك فرقاً كبيراً، هذا الحاكم يستشير مَن؟ هل جاء أصلاً هو بالشورى كما جاء هؤلاء الأتراك؟ هذا هو الفرق، وحين تقول الحكومة التركية لباول Powell أو لبوش Bush أو لإدارة بوش Bush البرلمان هو الذي امتنع فإن معها تعلةً، إن معها معذرةً، يُمكِن أن يُواجِهوا بها، ولكن إذا قال صاحبنا – أحد أصحابنا في الدول العربية – لا، الشعب لا يُريد، فسيُقال له عن أي شعب تتحدَّث؟ هل أخذت شورى الشعب؟ هل أصلاً أنت هنا باسم الشعب؟ أنت كذّاب كبير ونحن نعلم، هل تُراهِن على كرسيك يا أحمق؟ هذه هي القضية، هذا هو الفرق، ومن هنا أصل النكبات، أصل كل ما نحن فيه من مصائب ومن ويلات، عدم شرعية هؤلاء، من قرون وهم غير شرعيين للأسف الشديد، من قرون!
في القرن الخامس عشر وعلى مشارف عام أو سنة هجرية جديدة – أيها الإخوة الأفاضل، والأخوات الكريمات – علينا أن نطرح السؤال بجراءة وبشجاعة، ما الذي جرى على أمتنا؟ وما الذي يجري؟ بعض الناس إمعاناً في التضليل، إمعاناً في التزوير، إمعاناً في الزيف، وإمعاناً في تأكيد الإفك – ولا أقول في تأسيسه، لأنه قد أُسِّس له أيضاً مُنذ قرون، لكن في تأكيد هذا الإفك المُؤسَّس – يتساءل قائلاً عجيب حال هذه الشعوب العربية بالذات طبعاً والإسلامية بعامة، عجيب حال هذه الشعوب العربية، لماذا لا تثور على هذه الطُغمة، على هذه الزُمرة من الأوغاد، من الكسبة المُحترِفين، الذين فتحوا دكاكين باسم الشعوب، لكن باعوا مصائرها، وارتهنوا مُستقبَلها، وضيَّعوا حاضرها، وأرغموا أنوفها، واغتالوا حرياتها؟ يتساءلون! عجيب أمر هذه الشعوب، لماذا لا تثور؟ لماذا لا تتحرَّك؟ وقد تحرَّكت بالأمس القريب ضد الاستعمار الإنجليزي والبريطاني والهولندي وغيره وغيره، تحرَّكت هذه الشعوب الإسلامية والعربية، وأرغمت أنف الاستعمار، وأرته من أنفسها دروساً في الفدائية والنضال والجهاد والاستشهاد، عجب لها التاريخ ونكَّس رأسها أمامها بكل تواضع.
وأنا سأُسارِع في جواب هذا السؤال أو الجواب عن هذا السؤال لأقول تالله ولعمر الله ولعمر الحق – سُبحانه – لو قد عاد الاستعمار ويبدو أنه يطريق الأبواب، أعني الإمبريالية الجديدة الأمريكية، لو قد عاد الاستعمار – والله الذي لا إله إلا هو – ليرين من هذه الأمة دروساً في الفدائية والنضالية والاستشهادية، أُقسِم بالله ستُزري بدروس الأمس، لأنه واضح جداً – ليس واضحاً فقط، وإنما هو واضح جداً – أن مُستوى وعي الأمة الآن ومُستوى عودتها إلى دينها ومُستوى استمساكها بحبل ربها على ما تفهم وعلى ما تُدرِك أفضل مليون مرة من قبل خمسين سنة – بحمد الله تعالى -، إذن فسيرى هذا الاستعمار الجديد الدروس التي سيُلقَّنها من جديد، ولكن دروس مُختلِفة، وفلسطين ماثلة راهنة، أكبر درس للتاريخ، ولكل الأوغاد والانهزاميين، ولكل المُشكِّكين والمُستنزِفين للوعي والمُزيِّفين للفكر، الذين يخبطون بهذه الأمة خبط عشواء، بعضهم بيده وبعضهم بقدمه، على كلٍ لكن يبقى السؤال أيضاً، يبقى السؤال مطروحاً، إذن لماذا لا تثور أمام هذه الطُغمة، أمام هؤلاء الكسبة المُحترِفين بالأمم ومصائرها وقضاياها؟ الفرق كبير، أنا سأقول لكم بعبارة واحدة – هذا فهمي، هذا فهمي ولا أظنني مُخطئاً فيه، لن أتواضع وأقول وقد أكون مُخطئاً، لا أظنني مُخطئاً في هذا الفهم – الأمة حاربت وستظل تُحارِب الاستعمار، هل تعلمون لماذا؟ لأن تاريخها الفكري ومشوار وعيها لم يشهد فقهاء استعمار، لكن موقفها من حكّامها، من ظلمتها، من طُغاتها، ومن جلّاديها مُختلِف، فهذا الموقف لم يتبلور اليوم، تقريباً على مدى أربعة عشر قرناً، نفس الموقف، انتبهوا! نفس الموقف، لماذا السؤال؟ كأنه يطرح جديداً، لماذا لا تثور؟ متى ثارت هي؟ متى كان لها موقف؟ متى قالت لا للقيد، ولا للحبل، نحن لسنا سائمة اجتماعية، لسنا سوائم! لسنا سوائم اجتماعية ترعى الذل والهوان والمفاهيم المُزيَّفة والدين الممسوخ المُشوَّه والفقه الزنديق ووعظ السلاطين؟ لم تقل هذا! ومَن قاله منهم فقد قدَّم حياته وأمنه ودمه في النهاية ثمناً له.
رحمة الله على شهيد الإسلام العملاق سيد قطب رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته، وقد بشَّره الرسول بذلك – بحمد الله تعالى -، لا أظن أن شهيداً يُقدِّم رقبته للمشنقة يكذب على رسول الله، لقد حكى لنا ماذا رأى، آتاه الرسول وقال له اليوم ستكون عندنا يا سيد، هنيئاً لك الشهادة، سيد قطب – رحمة الله تعالى عليه – قبل أن يُشنَق بلحظات آتاه درويش من دراويش الأزهر، من وساخات الأزهر، شيخ مُعمَّم بعمامة قذرة، وقال له يا أستاذ سيد قل لا إله إلا الله، محمد رسول الله، وابتسم الشهيد العملاق، الذي عاش ومات اختياراً من أجل لا إله إلا الله، لا عبودية إلا لله، لا ذل إلا لله، لا حاكمية إلا لله، لا سمع ولا طاعة إلا لله، لا قداسة إلا لحكم الله، عاش من أجلها، واختار أن يموت من أجلها، ابتسم ابتسامة عريضة واثقة مُطمئنة، وقال له حتى أنت جاءوا بك ليُكمِلوا المسرحية؟ يا (هلفوت) – معنى الكلام -، يا أهبل، يا درويش، يا مُغفَّل، يا قيء الزمن، يا حُثالة التاريخ، أأتوا بك لتُكمِل المسرحية؟ الشهادة تأكلون بها أنتم الخُبز – يقول له – ونحن نُستشهَد بها، الله أكبر، لا إله إلا الله، رضيَ الله عنه وأرضاه، الشهادة تأكلون أنتم بها الخُبز، وظائف ومُرتَّبات وسلك مهني وترقيات وعلاوات وكذب على الله وعلى الناس وعلى النفس وعلى العلم وعلى الدين وعلى محمد وعلى القرآن وعلى كل الحقائق وكل المُقدَّسات، تأكلون بها الخُبز، أما نحن – يقول سيد رحمة الله عليه – فنُستشهَد بها، اذهب، اذهب عليك اللعنة وعلى مَن أرسلك وعلى الفكر الذي فرَّخ أمثالك، هذا هو منطق لسان حاله، رحمة الله تعالى عليه.
أيها الإخوة:
لم يُوجَد في تاريخنا الآتي، والحمد لله تقريباً إلى الآن لا يُوجَد، وُجِد بعضهم على استحياء، لكن بصقهم الزمان، وبصقهم وعي الشعوب، لم يهضمهم، لم يسغهم، لم نستطع أن نهضمهم، أرادوا أن يكونوا فقهاء تطبيع، انتبهوا! فقهاء استعمار إذن، فقهاء إمبريالية صهيونية أمريكية، ويُوجَد بعضهم، لكن حُثالات – كما قلنا -، لا يُساغون – بحمد الله تعالى -، صعب! وعي الأمة أثبت وأرسخ وأحسن من ذلك بمراحل، لم يُوجَد في تاريخنا ولا في واقعنا فقهاء استعمار، لكن وُجِد ولا زال يُوجَد فقهاء سُلطان، انتبهوا! هناك فقهاء سُلطان، نحن اليوم على موعد – كما قلت لكم – مع سنة هجرية جديدة، وفي مثل هذه المُناسَبات يجتر الوعّاظ والمُتحدِّثون من أمثالنا الحديث عن المراحل التي مر بها المُهاجِر الكريم – عليه الصلاة وأفضل السلام – وأصحابه من قبل ومن بعد، وخاصة التي مر بها رسول الله، هذا حديث تاريخي مُعاد، لن نُطوِّل بذكره، مع أنه يكتنز – يكتنز ويشمل ويتضمَّن – قيماً عجيبةً جداً جداً لو أحسنا أن ننظر إليها من زوايا مُختلِفة وبفهم مُختلِف.
فقط أُريد أن أطرح جُملة أسئلة، مَن هو محمد – صلوات ربي وتسليماته عليه – الذي تعرفه الأمة الآن وتتحدَّث عن هجرته وتتحدَّث عن كتابه وتتحدَّث عن دينه وعن تضحياته؟ مَن هو محمد – صلى الله عليه وآله وأصحابه وسلم -؟ بمعنى آخر كيف يستجيب الحس الجماهيري والوعي الجمعي للصورة المُتخيَّلة لرسول الله؟ هناك صورة طبعاً، هناك صورة في أذهان الناس لرسول الله – عليه الصلاة وأفضل السلام -، أولاً ما هي هذه الصورة؟ وكيف يستجيب ويتعاطى معها هذا الحس وهذا الوعي الجمعي أو هذا الحس الجماهيري وهذا الوعي الجمعي؟ يقيني أن الحس الجماهيري والوعي الجمعي للأمة يتعاطى مع شخص محمد، لا مع شخصيته، لا يعرف شخصيته، لم يتعمَّقها، لم يسبرها، لم يفهمها، لم يتذوَّقها، فضلاً عن أن يتمثَّل معانيها وقيمها ومبادئها ومُحدِّداتها ومُشخِّصاتها، إنه يعرف شخص محمد، هل تعرفون ما الفرق بين الشخص والشخصية؟ شخص محمد هو طوله، عرضه، سواد شعره، زجج حاجبيه، طول أشفار عينيه، جمال عينيه السودوين، دقة أرنبة أنفه، ضلاعة فمه، شنب أسنانه، عنفقته، مسربته، لحيته، وهكذا! كيف كان فخماً مُفخَّماً وجسيماً مُجسَّماً – عليه الصلاة وأفضل السلام -؟ كيف كان يمشي؟ كيف كان يقعد؟ كيف كان يبتسم؟ كيف كان يُكرِّر الكلام؟ إذن تتحدَّث عن شخص محمد، عن محمد الخِلقة، ليس عن محمد الرسالة، ليس عن محمد المبدأ، وانظروا إلى المُبتهِلين والمُنشِدين وأصحاب الموالد وأصحاب المنابر، يُكثِرون جداً من الحديث في هذه الأشياء، وتستهوي الجماهير، وتستدر الدموع من العيون، وهكذا تهيج المشاعر، تهيج المشاعر وتغزر المواجيد والأذواق المُلتَفة والمُتمحوِرة حول شخصه الكريم – صلوات ربي وتسليماته عليه -، شخصه بلا شك هو أعظم شخص، أجمل شخص، أجمل مُواصَفات، لكن هل كان النبي – عليه الصلاة وأفضل السلام – يربط الناس بشخصه وإلى شخصه؟ هل كان معنياً أن يُعلي من مُشخِّصاته الخِلقية ومن مُحدِّداته الجبلية؟ هل كان معنياً بهذا الأمر؟ هل أراد من الناس أن يُقدِّسوا شخصه أم أراد من الناس أن يرتبطوا بشخصيته، أن يتعرَّفوا إلى شخصيته التي تُحدِّدها مبادؤه، قيمه، مُثله، مرسالته التي بُعِث بها، وبها عاش، ولها وفي سبيلها مات – عليه الصلاة وأفضل السلام -؟ وأورثنا هذه الرسالة، أورثنا هذه الرسالة! لقد أُلِّف حول أسمائه فقط أكثر من خمسين كتاباً، خمسون كتاباً حول أسماء النبي، ماذا يعنينيا من ذلك؟ يعنينيا فقط أن نعرف أنه محمد، انتهى! محمد رسول الله، خاتم النبيين، هذا يعنينيا، لا يعنينا أن نحفظ له سبعين أو مائة أو أقل أو أكثر من الأسماء، لا يعنيني كثيراً.
ما هو الأُفق وما هو الفضاء الذي ينفتح وينداح أمامك إذا أردات أن تتواصل مع شخص محمد؟ تقريباً لا شيئ، فكَّرت في هذه المسألة عميقاً، تقريباً لا شيئ، المسألة فطرية جبلية، لا تستطيع! لا تستطيع أنت أن تكون كمحمد في خِلقته، انتهى! أليس كذلك؟ أنت أخضر العينين وهو أسود العينين، شعرك أشيب الآن وهو شعره أسود، هو بهذا الطول وبهذا العرض وأنت تختلف، كيف؟ ما هو الأُفق؟ ما هو الفضاء، تقريباً تقريباً لا شيئ، يُمكِن أن نتحدَّث عن أشياء بسيطة، لكن ما هو الأُفق الذي ينداح؟ ما هو الفضاء الذي ينفتح إذا أردنا أن نرتبط بشخصية محمد – عليه الصلاة وأفضل السلام -؟ أُفق لا مُتناهٍ، أُفق ينداح باندياح الرسالة، يذهب إلى اللا نهاية، لا يُمكِن أن تصل أبعاد هذا الأُفق أبداً، ولا حتى أبو بكر الصدّيق، هكذا!
وهكذا يُعطيك هذا الفهم لشخصية رسول الله صيرورةً – صيرورة تعال -، يُعطيك قُدرة تكامل، تستطيع أن تطوي مراحل الكمال مرحلةً بعد مرحلة، محمد الشخص لقد أسطرناه، حوَّلنه إلى أمثولة وإلى أسطورة، لقد أسطره الوعي الإسلامي التاريخي، الوعي الضائع، والوعي المُستنزَف، ولذلك – كما قلت لكم – وضع أكثر من خمسين كتاباً في أسمائه، ومئات الكُتب في صفاته الخِلقية، ولا يزال المُنشدِون والمُبتهِلون والمنبريون يتغنون بها ويُطرِّبون على أوتارها الناس، لقد أسطرناه.
أما القرآن فكان اتجاهه مُختلِفاً تماماً، وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ۩، محمد رسول فقط، عليك أن ترتبط بهذا المعنى في محمد، وأما من الناحية البشرية الآدمية فلا، قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ۩، مع أنه حتى في بشريته كان يختلف عنا كثيراً، لكنه يقول الأصل أنني مثلكم، مثلكم! لست أسطورة، لست سوبرمان Superman، لست فوق الإنسان، لكن أنا إنسان مُتفوِّق، وفرق كبير بين فوق الإنسان وبين إنسان مُتفوِّق، محمد الشخص هو فوق إنسان، صعب جداً! هكذا أسطرناه، ولن آتي بأدلة كثيرة من سيرته وشمائله على أنه أسطورة، هكذا الوعي أدركه على أنه أسطورة، وتمسَّك بأذيال هذه المعاني الأمثولية الأسطورية، تشبَّث بها إلى الغاية، لكن محمد الشخصية هو إنسان، ليس فوق الإنسان، هو إنسان، لكن فائق، مُتفوِّق، ويُعطيك إذا أردت أن تتعاطى مع شخصيته أُفقاً وفضاءً مُنداحاً لا مُتناهٍ، تستطيع أن تتفوَّق أيضاً به، تستطيع أن تتكامل، تستطيع أن تطوي مراحل الكمال مرحلةً بعد مرحلة، مرحلةً إثر مرحلة، هكذا بالضبط الصحابة تعاملوا مع رسول الله – عليه الصلاة وأفضل السلام -.
الفراعنة حين حين كان يُقبَر أحدهم كان قبره فقط يُكلِّف الناس عشرات الآلاف من الضحايا، وعشرين أو ثلاثين سنة من العمل الشاق، ونقل ثمانمائة مليون حجر مسافة كيلومترات Kilometers بعيدة إلى موقع الأهرام – كما تعلمون -، ثمانمائة مليون وربما أكثر، هذا ما يقوله بعض المُؤرخِّين، وعشرات الآلاف، لكي يُقبَر هذا الفرعون في هيكل براميدي هرمي مُخيف، يُعَد من أعاجيب الدنيا، القرآن لم يُعوِّل على هذا الشئ ولا اعتبره مدنية ولا حضارة ولا أي شيئ، بل جعل فرعون فقط تحيق به اللعنات، هو ملعون مطرود في الدنيا والآخرة، شخص مسيخ، مُسِخت فيه الآدمية والإنسانية، لا أكثر من ذلك ولا أٌقل أبداً، هذا هو المنطق القرآني، وبعد ذلك دُفِن هؤلاء المساكين إلى جانبه، لماذا؟ يقول المُؤرِّخون في اعتقادهم لكي يخدموا روحه أيضاً في العالم الآخر كما خدموا بدنه وروحه في الدنيا، الله أكبر!
وأما قبر محمد فكيف كان؟ النبي علَّمهم أن كل نبي يُدفَن في مكانه الذي قُبِض فيه، حتى لم يُكلِّفهم أن يتعنوا حمله وأن يتزاحموا على حمله وربما آذى بعضهم بعضاً، أبداً! أنا قُبضت هنا وأُدفَن هنا، وكُفِّن في ثوبه، لم يشتروا له كفناً طرَّزوه بالديباج أبداً ولا بقصائب الذهب، في ثوبه! وهكذا فهم صاحبه وأمينه أبو بكر الصدّيق – رضيَ الله تعالى عنه وأرضاه – الدرس، حين قُبِض قالوا له نشتري لك كفناً، كفناً من قطعتين كقطعتي الحاج، قال كلا، الحي أولى من الميت، لماذا نصرف خمسة دراهم أو عشرة دراهم على كفن لإنسان سيموت وتأكله الأرض؟ كلا، أُدفَن في ثوبي أيضاً، مثل صاحبي، مثل خليلي، مثل مُعلِّمي، ومثل رسولي، والحي أولى من الميت، لا إله إلا الله.
أي منطق هذا؟ أي منطق؟ أين هذا المنطق من المنطق الذي غُرِّرنا وضُلِّلنا واستنُزِفنا وضُحِك علينا به؟ يأتي هؤلاء السلاطين والخُلفاء والأمراء والحكّام اليوم والملوك والرؤوساء ويبنون مساجد ضخمة جداً كالقصور، كالقلاع، كالأهرامات، مساجد تُكلِّف الملايين – مئات الملايين – وأحياناً الملايير من الدولارات، لماذا؟ لإعلاء كلمة الله، كذبوا! أي كلمة؟! كلا، إنها مساجد تعمرها الأبدان، لكن تعمرها البطون الجائعة، التي تتلوى من الجوع، تُؤخَذ عُصاراتهم وعرقهم ودماؤهم ليُبنى بها بيت لله، كلا! بيت الله هو بيت الناس، انتبهوا، هذا كذب، بيت الله هو بيت الناس، فإذا ضاع الناس ضاع بيت الله، كذب! هذا ليس بيتاً لله، هذا بيت للإفك، هذا بيت للكذب، هذا بيت للزور، بيت تُبَث من على منابره صنوف الإففك والكذب والزور على الناس، بيت لا يُقدَّس فيه الله حقيقةً، لكن باسم الله وباسم قرآنه ونبيه يُقدَّس الحاكم بصيغة أو بأُخرى، أليس كذلك؟ ولذلك يجب أن يُدعا له في كل آخر خُطبة، إن لم تُجعَل أكثر الخُطبة عنه أحياناً، عن المُعلِّم والمُرشِد والمُلهِم الكبير الذي لم تلد مثله الأمهات، كذب! أي مسجد هذا؟! أي مسجد؟! إذا كان بيتاً لله فيجب أن يكون بيتاً للناس، إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ ۩، عجيب! عن أي بيت يتحدَّث الله؟ عن الكعبة، عن البيت الحرام، هو بيت الله، وهو بيت الناس.
القرآن يُعلِّمنا في أكثر المواضع أن ما لله هو للناس، انتبهوا إلى هذا، هكذا! حتى لا نُغرِق في لُغة ميتافيزيقية يُضحَك بها علينا مرة أُخرى، ما لله هو للناس، انتبهوا! الله يُعادِل بين ما له وما للناس دائماً، إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا ۩، كيف نُقرِض الله؟ الله لا يُريد، وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ ۩، الملكوت والمُلك كله بين يديه، تُقرِض الله بإعطاء الفقراء والمساكين، بإعطاء الناس، هذا هو! بإشباع الناس، بتحقيق كفاية الناس، أعط الناس فتكون أقرضت الله، عجيب! يحسن إذن ويجوز ويسوغ التعادل أو المُعادَلة والتبادل بين الله وبين الناس هنا، صحيح! الحُكم لله، هل الله يحكم بنفسه؟ الناس أيضاً هي التي تحكم، الناس وبخيارها وبانتخابها وبرأيها وبشرع الله، (مصدر الشرع الله، ومصدر الحُكم والسُلطات الناس)، انتبهوا! هذا فرق كبير، وهذا حل سهل جداً لكل هذه المُعضِلة السياسية، (مصدر الشرع هو الله، مصدر السُلطات الناس)، الناس يُعيِّنون مَن يقودهم، ينتخبون مَن يسوسهم ومَن يرودهم ومَن يتقدَّمهم، ببساطة وبمُنتهى السهولة، فالحكم لله، الحكم للناس، الناس تقول كلمة الفصل في شأن الناس، في شأن أنفسها.
وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ ۩، أين هو مال الله؟ إنه مال الناس، ولذلك قال في آية أُخرى – تبارك وتعالى – وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا ۩، قال أَمْوَالَكُمُ ۩، هنا قال أَمْوَالَكُمُ ۩، وهناك قال مَّالِ اللَّهِ ۩، مال الله هو أموالنا، فما الله لنا، كل ما لله هو لنا، لكن أراد مُعاوية بن أبي سُفيان أن يضحك على الناس لأنه بدأ يُقسِّم المال قسمةً جديدةً، لم يسر بها رسول الله ولا خلفاؤه الراشدون، بدأ يُعطي المال مَن لا يستحق، ويمنع مَن يستحق، لكي يتألَّف الناس على حُكمه وعلى شخصه، لا على مبادئ الإسلام، وكانت ذريعته أن المال لله، يضعه الله حيث شاء، فكذَّبه أبو ذر، قال له لا، هو مال الناس، أنت تضحك على الناس بتأويل باطل للآيات، أبو ذر فهم بمنطق عجيب أن مال الله هو مال الناس، ولذلك ليس لك فيه يا مُعاوية أي شيئ دونما ما قضى به الله ورسوله.
فانظروا إلى مثال مُعاوية، وانظروا إلى مثال رسول الله، والمُقارَنة واضحة، ماذا قال النبي – عليه الصلاة وأفضل السلام -؟ قال والله إني لا أُعطي أحداً ولا أمنع أحداً، أنا لست بمُعطٍ ولا بمانعٍ أبداً، كيف؟ أنا يُمكِن أن أُعطي وأن أمنع إذا كان المال لي، هذا معنى كلام النبي، انظروا إلى تتمة الحديث، وإنما أنا قاسم، الله أكبر! هذا منطق الرسالة، هنا نُطِل فقط على شيئ وعلى مُفرَدة واحدة من ملايين المُفرَدات التي تتشخَّص بها شخصية محمد – عليه الصلاة وأفضل السلام -، يقول أنا لا أُعطي ولا أمنع، أنا قاسم، هذا مالكم، لأنه مال الله.
الحدود – حدود الله – هي أيضاً كما قال الفقهاء تقريباً كلهم حقوق الناس، والناس يتصرَّفون فيها، حقوق المُجتمَع، حدود المُجتمَع، وهي حدود إلهية بهذا المعنى أيضاً، الفقهاء فهموا هذه الحيثية، فهموا هذه النُقطة بدقة، وكان عمر – عليه الرضوان والرحمة، الخليفة الراشد الأمين على مبادئ رسول الله – كان يقول والله ما أحد أحق بهذا المال من أحد، وما أنا أحق بهذا المال من أي واحد فيكم، ووالله ما أحد من المُسلِمين إلا وله حظ ونصيب في هذا المال، وسيصله، كان يُعطي الناس أربعة آلاف كل شهر، وأعطى ابنه عبد الله كم؟ أأعطاه أربعين ألفاً؟ أعطاه ثلاثة آلاف، ولامه الناس، لم يلمه ابنه، ابنه واثق من عدالته، من نزاهته، ومن عفته، ولكن لامه الناس، لماذا هذا الظلم يا أمير المُؤمِنين؟ أتُعطي عوام الناس أربعة آلاف وابنك من صُلبك ثلاثة آلاف؟ طبعاً من المُهاجِرين، قال هؤلاء هاجروا، وأما عبد الله فهاجر به أبوه، أنا الذي هاجرت به، كان عمره عشر سنوات، فنقص نصيبه، الله أكبر، نقص نصيبه، رضيَ الله عنه وأرضاه، لم يضحك على الناس بآية قرآنية، مِّن مَّالِ اللَّهِ ۩، لا يُوجَد لعب، لم يلعب بالمبادئ، بالأُسس، وبالمُثل، لم يلعب بها.
نعود إلى رسول الله، رسول الله لا امتراء، لا شك، ولا ريب، أنه هو الأولى بفهم ما أُنزِل عليه، وهو الآمن على تمثل وتطبيق ما أُرسِل به – عليه الصلاة وأفضل السلام -، ولا يحق لأحد أن يتقدَّم بين يدي الله أو بين يدي رسول الله ليقول بدا لي ما لم يبد للرسول، أف! قاتلك الله، أف لك وتُف أبد الدهر، لا ينبغي لأحد هذا، وهذه شارة كفر ومروق من الدين، عنجهية وغرور، تنبع من منبع الكفر – والعياذ بالله – والجحود والنُكران، لا أحد!
ومن هنا النبي أحياناً يقول عليك أن تُؤمِن بي، كيف تُؤمِن به؟ ليس فقط أنه رسول الله من عند الله، لا! أن تُؤمِن بشخصيتي، عليك أن تُعلِن إيمانك بمبادئي، بقيمي، وبمُثلي، التي بُعِثت وعشت ومت من أجلها، وإلا أنت بعيد من الإيمان بمراحل، في الحديث الصحيح ما آمن بي، هنا لم يقل ما آمن بالله، ولم يقل ما آمن بالقرآن، لماذا؟ لأن النبي يتطابق مُطلَقاً مع القرآن، يتطابق مُطلَقاً مع ما أراد الله، مع أمر الله، ولذلك مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ۩، قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ۩، لكنه قال ما آمن بي، لأنه يعلم أن أُناساً سينسبون إليه أشياء، ويتحدَّثون به، ويُحيلون على شخصه، لا على شخصيته، تزويراً للدين، واستنزافاً لوعي الجماهير، باسم رسول الله! فهو قال لا، هذا كذب، وأنا أولى وأحق وآمن مَن فهم ما أُنزِل علىّ، فما آمن بي، مَن هو يا رسول الله؟ مَن بات شبعان، وجاره إلى جانبه جائع، وهو يعلم، ما آمن بي، ما آمن بي وما اتبعني، ليس على طريقي، ليس على هديي، ليس مني، ولست منه، هذا في مُسلِم!
وروى أبو نُعيم – رحمة الله تعالى عليه – في الحلية عن أبي قتادة، قال جاء رجل وقال يا رسول الله – صلى الله عليه وآله وأصحابه وسلم – إن لي جاراً ينصب قدره – أي فيخرج ريح الطعام، ريح الطبيخ، ريح اللحم والمرق – ولا يُطعِمني، قال ما آمن بي هذا ساعة، ليس مني، لست هكذا، لم أعش هكذا، ولم أُبشِّر بمبادئ كهذه المبادئ الرديئة المهزولة أبداً، فما آمن بي هذا ساعة، انظروا إلى الإيمان، أُفق آخر غير أُفق الفلاسفة والمُتكلِّمين، غير أُفق الذين ضيَّعوا علينا كل خير هذا الدين باسم الفلسفة والمنطق والتحليلات العجيبة للنص أبداً، منطق النبي واضح – عليه الصلاة وأفضل السلام -.
إذن أنت مع شخصيته أيها الإخ يُمكِن أن تطوي مراحل لا مُتناهية – ولن تستطيع أن تطويها كلها – إلى الكمال، يُعطيك صيرورة الكمال وصيرورة الترقي دائماً مع شخصيته، لكن مع شخصه ماذا تفعل؟ ماذا تعرف الجماهير؟ لن تفعل شيئاً، تتغزل بشخصه فقط، تتغزل بشخصه – عليه الصلاة وأفضل السلام -.
أيها الإخوة:
وبعد قرون من هجرته ومن وفاته – عليه الصلاة وأفضل السلام – كيف صارت صورة الأنموذج والمثال الديني الإسلامي؟ دائماً يُطرَح هذا السؤال، الصحابي كان يُعلِن ولاءه لله ولرسوله وينطق بكلمة التوحيد في دقيقة أو في نصف دقيقة، وبعد مجلس يمتد ساعة أو أقل أو أكثر ينطلق هذا الرجل شُعلةً من حماس، من يقين، ومن إيمان، بحس رسالي غريب، بحماس رسالي مُنقطِع النظير، يُبشِّر ويهدي ويُضيء ويُنير ويدل، ما الذي تعلَّمه من الإسلام؟ ما الذي تعلَّمه من الإسلام إذن؟ لقد وقف على روحه، تحسَّس روح الإسلام، وأدرك غاياته.
قلت مرة إن ما فهمه أبو جهل وعُتاة قريش من الإسلام – والله والله، وأنا أُقسِم على هذا المنبر – إلى اليوم بعض مشايخ الإسلام وعلمائه لم يفهموه ولا يفهمونه ولا يُريدون لنا أن نفهمه، الذي فهمه أبو جهل وعُتاة الشرك والوثنية في قريش أن محمداً بُعِث بدين جاء يُثوِّر عليهم عُبدانهم ونساءهم وأولادهم، إذن بدين ماذا؟ بدين تحرير، بدين ثورة اجتماعية حقيقية، دين مُساواة، إلغاء لهذه الفوارق الفلكية بين الناس، إلغاء لعبودية البشر بعضهم لبعض، باسم الدين أو باسم الشرك والصنم، باسم أي شيئ! باسم دين سماوي مُزيَّف، أو باسم دين أرضي مأفوك، قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ ۩، قال يَا أَهْلَ الْكِتَابِ ۩، يا أحبار، يا قسس، يا رجل الدين، أتدعون الناس أن يتخذوكم أرباباً من دون الله؟ الآن بعض فقهاء السُلطان وقليل من هؤلاء – أي فقهاء الاستعمار الجديد – يُريدون أن يحتكروا القول في الدين، ويُريدون للأمة أن تنتظر وأن تتلبَّس فتاواهم، أي نوع من الفتاوى؟ كلا، هذا غير موجود، هذا اتخاذ أحبار ورهبان من أمة محمد أرباباً من دون الله، لا! أحدنا يستطيع أن يفهم هذا مُباشَرةً.
ولذلك كنا نلحظ في كبار الصحابة – لا أقول في صغارهم، وإنما في كبارهم – مَن يجهل أشياء كثيرة أطفالنا يعرفونها، الآن رأيت في الجزيرة خبراً عجيباً عن طفل من أصل سوري، من حلب، يحفظ كتاب الله، وعمره خمس سنوات، ويحفظ أكثر من ألف حديث، ومثلها من أبيات الشعر، قلت جميل، بارك الله فيه، ماذا سيكون مصيره هذا المسكين؟ كثير جداً من مشايخ اليوم كانوا هكذا، في عمر ست سنوات يحفظون القرآن، يحفظون رياض الصالحين، وأشياء كهذه، والآن أين هم؟ أين دورهم في الأمة؟ ما الذي فعلوه؟ ما الذي ثوَّروه؟ ما الذي حرَّكوه؟ أي معنى زائف أبطلوه؟ أي معنى حق أحيوه؟ أين؟ لا! ليست هذه القضية، القضية على أي فكر نقتات وبأي منطق نتكلَّم.
إذا قلنا قُبيل قليل ما لله هو للناس فنحن نُصِر أيضاً ونُؤكِّد على أن ما لله مُنفصِل بالكامل عن ما للناس في وعينا وبالذات عند العامة، عند عامة المُسلِمين مُنفصِل بالكامل، بدليل أن هذه العامة أو هؤلاء العوام يحرصون على ارتياد الجُمع والجماعات والمساجد – ما شاء الله – ويخرجون من الدروس والصلوات والخُطب مُباشَرةً ليغش بعضهم بعضاً في البيوع، ويكذب بعضهم على بعض في المواعيد، ويخون بعضهم بعضاً في الأمانات، أليس كذلك؟ لماذا؟ لأنهم يعلمون أن ما لله شيئ وما للناس شيئ آخر، لقد تعلمن الدين، تعلمنت حياتنا الفكرية، ونحن لا ندري، ومُنذ قرون، ليس اليوم فقط.
يُحدِّث أحدهم عن رجل كان حاجاً، وهذا الحاج سُرِقت بطانيته، ثم رأى بعد ذلك هذه البطانية في عرفات وكان قد علَّمها بعلامة في طرفها مع اللص، واللص لكمال ورعه – هذه قصة حديثة، وهو من الشيعة، طبعاً في السنة مثله كثير أيضاً، لكن هذه القصة تحدَّث بها مُفكِّر شيعي – نسل الخيط من حاشيتها، لأن البطانية كانت مخيطة في حاشيتها بالماكينة، ولا يجوز هذا في فقههم، فنسل الخيط من حاشيتها، حتى لا يتأثَّر حجه، نسل خيط البطانية التي سرقها من أخيه الحاج، ما هذا؟! في كل رحلة حج أنا أرى هذا الشيئ، أرى هذه القصة تتكرَّر، أرى شاباً أيداً، شديد الأسر، قوي البنية، هكذا طويل عريض، مفتول الشاربين، يأتي يدفع الضعفة والمساكين والنساء والكبار والصغار، وربما أدى إلى هلاك بعضهم بهذا الدفع وهذه المُزاحَمة الوحشية، ثم بعد ذلك مُباشَرةً يصل إلى مكان مُعيَّن ويستقبل الكعبة، فإذا هو إنسان آخر وديع، يُرسِل يديه إلى السماء، وربما يُرسِل دموعه أيضاً، وأنا أحقر هذا المنظر وأتقزَّز منه، تدعو مَن يا مسكين؟ وتدعو بماذا؟ وبعد ماذا دعوت؟ شيئ غريب!
في أكثر من فُرصة، في أكثر من مُناسَبة، ومن أكثر من أخ أو صديق أو معرفة، كان يتردَّد سؤالاً على مسمعي – والله – مُنذ أكثر من خمس عشرة سنة تقريباً، هنا في فيينا مرات عديدة ومن الإخوة الجالسين، قال لي بعضهم أنا أحياناً أشك، قلت له في ماذا؟ وهو يستحي، يشك في الله، يشك في الدين، ويشك في عدالة الله، كيف؟ أقول له، يقول لي يا أخي ما هذه المصائب التي تحيق بنا؟ هناك مصائب حاقت بأمة محمد ولا تزال تحيق، وهناك – والله – دعاؤنا، مع دعواتنا الواجفة، مع دموعنا، مع تضرعنا، مع لجئنا، المسكين يحسب أنه كلما كثر الجمع وكان الجمع مُبارَكاً وتعالت الأصوات وأرسلنا الدموع وخرَّقنا الحناجر أن الله لابد أن يستجيب، استجب يا الله، وأنا أقول في نفسي هذا شك صحي، هذا شك صحيح ومُمتاز، جميل جداً أنك تشك، أنت لم تشك في الله – سُبحانه وتعالى – الحقيقي، لم تشك في إله القرآن، لم تشك في الذي تعرَّف إلينا في كتابه العزيز، لأنك لم تقرأ الكتاب، لقد حيل يا مسكين بينك وبينه، أنت تشك في إله فصَّلته على قدك، فصَّلته لك التقاليد والأهواء والفكر الديني المُزيَّف الرديء، الفكر المهزول الضعيف القدري الانهزامي الجبري التبريري التسويغي الإحالي، يُحيل كل شيئ إلى… لا ندري، إلى الغيب أو إلى أمريكا أو إلى الآخر، فكر إحالي! نحن لسنا مسؤولين عن أي شيئ، إنه فكر الإحالة دائماً، حتى النصر لابد أن يُحال مرة على المهدي ومرة على صلاح الدين، ليس بأيدينا، فكر إحالي! أنت تشك في هذا الإله الذي صنعه لك هذا الفكر، لا تشك في إله القرآن، وهذا جميل وجيد، وأنا أدعو إلى هذا الشك وإلى الكفر بهذا الإله، لأنك بعد ذلك سوف تجد طريقك إلى الإيمان بالإله الحق، بإله القرآن العظيم.
القرآن يُعلِّمنا – أيها الإخوة والأخوات، ولنقلها صريحة – أن الدعاء ليُستجاب لابد أن يسبقه عمل أو يصحبه عمل أو يتبعه عمل، وإذا تحدَّثنا عن خصوص مُواجَهة الأعداء والنصر على الأعداء الألداء والخُصماء الأشداء فلابد أن نستشير القرآن، لابد أن نرجع إليه، وسوف نفهم مُباشَرةً أن هذا الدعاء بالنصر لا يتم إلا بعد استنفاذ الوسع،والأخذ بالأسباب، وفي ساحة المعركة، وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ۩ وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ۩، في القتال، في ساحة الوغى، فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ۩، هكذا! هكذا هو الدعاء.
وأيضاً أين الاستجابة لله؟ الله دائماً يقول أتُريد أن أستجيب دعاءك؟ هذا مشروط بأمر سبقي، بشرط! مشروط بأن تستجيب أنت لي قبلاً، أن تستجيب لي أنت من أول، من أول الطريق! فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ۩، قال وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ۩، إذن فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي ۩، في الأول لابد أن تستجيب، وبعد ذلك تنتظر الاستجابة من الله.
أين نصرنا لله في أنفسنا، في ديننا، في أهلينا، في إخواننا، وفي مِلتنا؟ أين نصرنا لله؟ إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ ۩، أليس كذلك؟ نحن ما نصرنا الله، ونُريد نصره! بماذا؟ بثمن بخس، بدموع نمتن على الله بها، دموع ماذا؟ بدعوات تشق الحناجر؟ دعوات ماذا؟ نحن مساكين، لقد ضلَّلنا ويُضلِّلنا هذا الفكر، ولذلك أنا رثيت لحال هذا الصحافي المسكين الذي غضب جداً مني ويغضب من أمثالي، لماذا ختمت الخُطبة لأنها طالت دون أن أدعو؟ لو دعوت ربما قرَّبت طريق النصر! والله لو كنت أعلم ذلك لجعلت الخُطبة كلها دعاءً من أولها إلى آخره، مسكين! فكر عجيب جداً، لابد أن نُعيد النظر تماماً، كما قال جمال الدين الأفغاني يوماً – رحمة الله عليه -، قال هذا المُصلِح الكبير كلما نظرت في أحوال هذا العالم الإسلامي المُترامي ورأيت ما هم فيه من فقر وهون وذل واستعمار واستعباد وتخاذل قلت لابد أن نُعيد النظر في كل فهمنا، في كل ما تلقيناه، لأنه مُحال – يقول الأفغاني – أن تكون فهومنا صحيحة إلى غاية وأن يكون بنا كل ما نراه من انحطاط وتسفل، مُستحيل! هناك خطأ ما، هناك خطأ في أفعالنا مبني على خطأ في أفكارنا وتصوراتنا.
وأما تَلميذه النجيب محمد عبده – رحمة الله تعالى عليه – فكان مثله، محمد عبده أدرك أن الأزهر أيضاً كان ينفث ويبث هذا الفكر المُتخلِّف المُنحَط، ودعا إلى تطويره، ودعاه إلى تغييره، وقام له التقليديون بالمرصاد، رئيس هيئة التدريس الشيخ البحيري قام أمامه، وظن أنه رمى في وجه الإمام محمد عبده بحُجة أفحمته وألجماه بلجام الثبوت، ما هي الحُجة؟ قال هذه المناهج التي يعترض عليها الشيخ عبده هي نفسها التي خرَّجت الشيخ محمد عبده، الإمام الكبير! لماذا يعترض عليها؟ وجاءه الجواب من العبقري المُصلِح، قال له يا رجل إن كان عندي علم أُدِل به فهذا العلم إنما آتاني بعد أكثر من عشر سنين وأنا أُحاوِل أن أغسل دماغي من الوساخات التي تعلَّمتها في الأزهر، وما أظن أنني بلغت الآن نظافته الكاملة، إلى الآن لم أستطع أن أُنقي دماغي من الوساخات التي تعلَّمتها باسم دين، بعد عشر سنين! كلمة عجيبة وجريئة جداً، أجرأ من كل ما نقول، هذا محمد – رحمة تعالى عليه -.
نسأل الله – تبارك وتعالى – أن يُبارِك لنا في أوقاتنا وفي أعمارنا وفي أفهامنا وفي عقولنا وفي مُدرَكاتنا، وأن يمنّ علينا، وأن يُعيدنا إلى دينه عوداً حميداً.
أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحمد لله، الحمد لله الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون، ويستجيب للذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله والكافرون لهم عذابٌ شديدٌ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، وعلى آله الطيبين وصحابته المُجاهِدين الميامين وأتباعهم بإحسان إلى يوم الدين.
اللهم أحسِن إلينا، وأحسِن بنا يا رب العالمين، وأحسِن ختامنا، اللهم انصرنا نصراً عزيزاً مُؤزَّراً مُظفَّراً يا رب العالمين، اللهم وحِّد صفوفنا، اللهم رسِّخ إيماننا، اللهم أصلِح ذات بيننا.
اللهم إنا نسألك يا رب العالمين أن تُعيدنا إليك عوداً حميداً، نحن وآباؤنا وأمهاتنا وإخواننا وأخواتنا وشبابنا وشوابنا، يا رب العالمين، اللهم انصر على مَن عادانا، وأرِنا فيه ثأرنا، وأقِر بذلك عيوننا.
عباد الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ۩.
____________
فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ۩، قوموا إلى صلاتكم يرحمني ويرحمكم الله.
(7/3/2003)
أضف تعليق