مدخل إلى الموضوع
تُعتبر الكوارث الطبيعية من أكثر الأحداث إثارة للتساؤلات الوجودية. في خطبته “الكوارث الكونية بين التفسير الغائي والميكانيكي” التي أُلقيت بتاريخ 12 فبراير 2010، تناول الدكتور عدنان إبراهيم هذا الموضوع من زوايا متعددة تجمع بين الفلسفة، العلم، والدين. يقدم هذا المقال تحليلًا معمقًا للأفكار الرئيسية التي طرحها الدكتور عدنان، مع التركيز على الاقتباسات المهمة.
لماذا تحدث الكوارث؟
أوضح الدكتور عدنان أن الكوارث الكونية تُثير دائمًا أسئلة وجودية لدى الإنسان، مثل: “لماذا نحن؟ ولماذا الآن؟”. وأكد أن هذه التساؤلات غالبًا ما تكون دينية بطبيعتها. يقول:
“بعد كل حادثة كُبرى من حوادث الكوارث الطبيعية… تثورُ تساؤلات وجودية كثيرة جداً، وجوهرُ ولُبُ هذه التساؤلات دينيٌ في الأصل”.
يشير هذا إلى نزعة الإنسان نحو البحث عن الغاية من الأحداث، وليس فقط عن آلياتها.
كيف أم لماذا؟
ناقش الدكتور الفارق الجوهري بين نوعي التفسير:
- التفسير الغائي: يبحث في “لماذا” تحدث الأمور من منظور فلسفي أو ديني.
- التفسير الميكانيكي: يركز على “كيف” تحدث الظواهر وفق القوانين الطبيعية.
يقول الدكتور عدنان:
“حين جاء العلم الحديث في أوروبا… استبدل التفسير الآلي أو الميكانيكي بالتفسير الغائي أو العلي الديني”.
وأضاف أن هذا التحول أدى إلى إفقار التجربة الإنسانية، حيث باتت “لماذا” خارج النقاش.
القرآن والتوازن بين الغاية والآلية
أبرز الدكتور عدنان كيف دمج القرآن الكريم بين التفسير الغائي والميكانيكي، كما في قوله تعالى:
“أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا… فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ”.
يشير هذا إلى تقديم تفسير علمي دقيق (ميكانيكي) عن تكوين السحاب، متبوعًا بتفسير غائي يتعلق بحكمة الله.
الدين في مواجهة التطرف التفسيري
انتقد الدكتور عدنان المواقف التي تعتبر الكوارث عقوبات إلهية دون دليل واضح. يقول:
“ليس هكذا هو الصحيح، فلا تتكلَّم بإسم الله، مَن قال لك هذا؟ الله لم يقل هذا، هل أُوحيَ إليك أن هذا عذاب استئصال أو أن هذا عذاب عقوبة؟”.
يرى الدكتور أن هذا النوع من التفكير يؤدي إلى تبسيط القضايا وتعميق الخلافات.
الكوارث كفرصة للتعلم
أكد الدكتور أن الكوارث يجب أن تُلهم الإنسان للابتكار ومواجهة التحديات، مشيرًا إلى جهود العلماء في مكافحة الأمراض والكوارث. يقول:
“فحتى هذا البعوض المُرعِب – الدراكولا الأكبر – العلماء لم يتركوه وحده، ولا تزال الأبحاث الآن تتواصل لتعديله جينياً بحيث يكف شره عن ابن آدم”.
الدروس المستخلصة
تناولت الخطبة مسألة الكوارث من منظور شامل يدمج بين العلم والإيمان. وأوضحت أن التفسيرات الميكانيكية وحدها لا تكفي لتقديم صورة متكاملة، بل يجب أن تُضاف إليها رؤى فلسفية ودينية. اختتم الدكتور خطبته بالدعاء قائلاً:
“نسأل الله أن يُعرِّفنا بأقدارنا وأن يفتح علينا وأن يُفقِّهنا”.
خلاصة
تمثل خطبة الدكتور عدنان إبراهيم تأكيدًا على أهمية الجمع بين التفسير العلمي والديني لفهم الظواهر الطبيعية. كما أنها تدعو إلى التواضع أمام عظمة الكون وإلى استخدام العلم في سبيل تحسين حياة الإنسان بدلاً من الاكتفاء بطرح التساؤلات المحبطة.
أضف تعليق