إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا. مَن يهده الله، فلا مضل له. ومَن يُضلل، فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، ولا نظير له، ولا مثال له، وأشهد أن سيدنا ونبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله، وصفوته من خلقه، وأمينه على وحيه، ونجيبه من عباده. صلى الله تعالى عليه، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحابته المباركين الميامين، وأتباعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليما كثيرا.
عباد الله:
أوصيكم ونفسي الخاطئة بتقوى الله العظيم ولزوم طاعته، كما أحذركم وأحذر نفسي من عصيانه سُبحانه ومخالفة أمره، لقوله جل من قائل مَّنْ عَمِلَ صَٰلِحًا فَلِنَفْسِهِۦ وَمَنْ أَسَآءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّٰمٍۢ لِّلْعَبِيدِ *.
ثم أما بعد/
أيها الإخوة المسلمون الأحباب، أيتها الأخوات المسلمات الفاضلات/
يقول الله جل مجده في كتابه العزيز، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم:
أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَإِن يَشَأِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ * وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُم مِّن فَضْلِهِ وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ * وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الأَرْضِ وَلَكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاء إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ * وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ * وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاء قَدِيرٌ * وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ * وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ *
صدق الله العظيم، وبلغ رسوله الكريم، ونحن على ذلكم من الشاهدين. اللهم اجعلنا من شهداء الحق، القائمين بالقسط. آمين، اللهم آمين.
إخوتي وأخواتي/
ما زلنا بمعنى من المعاني مع ظلال وآفاق أكبرية الله وأجلية الله تبارك وتعالى، فهو الرب الأكبر والإله الأكبر الأعظم الأجل، لا إله إلا هو! أكبرية وأجلية على كل المُستويات، وبكل المعاني، وبلا شك بما يُجاوز كل ما يقع في الوهم من معنى ومن تصور.
وجدير بالإله الأكبر – لا إله إلا هو – والرب الأعظم أن يكون كل شأن من شؤونه شأنا أكبريا أجليا! كل شأن من شؤونه، كل تصرف من تصرفاته – إن جاز التعبير -، لا بُد أن يتجلى وأن يتكشف وأن يتبدى عن وجوه لا نهاية لها من العظمة والكبرياء والإدهاش والإعجاب! من ذلكم بلا شك وفي أول ذلك خلقه تبارك وتعالى! خلقه، أي كل ما أوجده وكل ما أبدعه، مما ظهر لنا ومما خفيَ علينا واستخفى، مما دق ومما جل، مما عظم ومما ضؤل.
وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَابَّةٍ *، آية عجيبة! من أعجب الآيات في بابها في كتاب الله تبارك وتعالى، وكله عجب ولا يُقضى منه العجب! وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَابَّةٍ *، تحيل جماعة من السادة المُفسرين – حياهم الله تبارك وتعالى -، فراحوا يسعون جاهدين ليجعلوا الملائكة مصداق قوله مِن دَابَّةٍ *؛ لأنهم لم يستوعبوا – أيها الإخوة – المعنى، ولا سيما في تلكم الأزمان الغابرة، حيث كان السقف المعرفي لا يسمح باستيعاب مثل هذا، على أن القرآن الكريم واضح في الباب، وهذا هو بعض عطايا القرآن الكريم!
تعلمون موقفي الشخصي مما يُدعى بالإعجاز العلمي في القرآن الكريم، لي عليه تحفظات كثيرة جدا، وهي من طبيعة دينية، من طبيعة علوم دينية، على كل حال، هذا موضوع آخر، ومع ذلك لست أُنكر، ولا ينبغي لمؤمن أقر بالله تبارك وتعالى وبإلهية القرآن الكريم أن يُنكر، أن القرآن قادر بالأمس واليوم وإلى انقضاء الزمن، إلى أن يُطوى بساط هذه البسيطة! قادر على أن يُلهم العلماء والمُفكرين وذوي الاستبصار المشحوذ الصارم بنماذج وأفكار ونظريات سابقة لوقتها بكثير كثير، بآماد بعيدة! هذه الآية من هذا الجنس، ضمن آيات أُخريات كريمات.
جعلوا الملائكة من الدواب، وهذا غلط واضح، مُخالف لكتاب الله تبارك وتعالى. الله تبارك وتعالى يقول وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ *، إذن ما يكون دابة، لا بُد أن يكون مخلوقا من ماء، والملائكة بإجماع الأمة مخلوقة من نور، ليست مخلوقة من ماء، هذا أول الغلط! ولذلك لا يُتبع الرجال على أسمائهم، مهما جل ونبل المُفسر والعالم، وكان وحيد دهره كما يُقال وقريع عصره وابن بجدتها وفارس حلبتها، إلى آخر هذه الأوصاف التفخيمية التبجيلية! لا يُتبع امرؤ على اسمه – أيها الإخوة -، إنما يُتبع على الحق الذي يأتي به بدليله وبُرهانه. الدواب لا بُد أن تكون مخلوقة مُبدعة من ماء، الملائكة مخلوقة من نور – أيها الإخوة – كما صح بذلك الخبر وأجمعت عليه الأمة، فليست من الدواب بهذا الدليل.
ثم قوله تبارك وتعالى وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِى ٱلْأَرْضِ مِن دَآبَّةٍۢ وَٱلْمَلَٰٓئِكَةُ *، واضح! والعطف للتغاير، الأصل في العطف أن يكون للتغاير. جاء فلان وعلان، فعلان غير فلان، وفلان غير علان. الأصل في العطف للتغاير، والتغاير هنا أوضح من واضح، والآية من سورة النحل، وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِى ٱلْأَرْضِ مِن دَآبَّةٍۢ *، كل دواب الأرض مفهومة، كل دواب السماوات والله غير مفهومة، عجيبة هذه الآية أيضا!
هذه الآية مثل آية الشورى؛ وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا *، العلامة جار الله الزمخشري؛ محمود الزمخشري، صاحب الكشاف – رضوان الله تعالى عليه -، فهم أن هذه الآية تحتمل – أيها الإخوة، آية النحل تحتمل – أن يكون بيانها أو تكون بيانا لما في السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ *، بمعنى أن الدواب كما تدب على الأرض، تدب أيضا في السماوات، عجيب! اتسع ذهنه؛ لأنه مُسلِّم لكتاب الله، سلّم هنا. هذا خبر إلهي، الله يقول السماوات معمورة بالدواب، انتهينا، سلمنا! مع أنها ليست الملائكة، لمكان التغاير، واضح جدا! إذن هو سلم بأنها كذلك، وهذا سلم به وأومأ إليه أكثر من مُفسر جليل!
عبد الحق بن عطية في المُحرر الوجيز – رحمة الله تعالى عليه -، قال بهذا، الفخر الرازي، وناهيكم به! ذهب إلى هذا في غير موضع، في هذه الآية وفي آية العنكبوت؛ وَمَآ أَنتُم بِمُعْجِزِينَ فِى ٱلْأَرْضِ وَلَا فِى ٱلسَّمَآءِ ۖ *، أيضا تُشير إلى ما نحن فيه من طرف آخر ومن زاوية أُخرى، لكن هذه الآية وافق الإمام الفخر الرازي فيها ما ذكرناه، ومن المُعاصرين العلامة الشيخ المُفسر، وهو بلا شك أجود مُفسري العصر وأقواهم، العلامة الطاهر بن عاشور! صرح بهذا مُباشرة ومضى في أسطر! أن هذا مُمكن جدا! أن تكون السماوات معمورة بأجناس دواب، لا نعلمها ولا نعلم عنها شيئا، باستثناء هذه الإشارة الإجمالية! إشارة جُملية من كتاب الله تبارك وتعالى! لم يتسع لها صدر العصر، لم يرق إليها سقف تلكم الأعصار المعرفي، أبدا!
وحدثتكم في المُحاضرة السابقة بعد جُمعة سعة الكون وتشغيب الملاحدة بجيمس ويب، حدثتكم كيف تم إحراق الكاهن والعالم والفيلسوف المُفكر الإيطالي جوردانو برونو Giordano Bruno، فقط لأنه صرح بتعدد العوالم! قال هناك عوالم أُخرى كثيرة، ومسكونة، وفيها كائنات عاقلة. لماذا تُنكرون هذا؟ أنتم تُريدون أن تجعلوا الأرض مركز الكون، وأن تُخلوا الكون كله من كل مظهر من مظاهر الحياة والعقل والإدراك، باستثناء الأرض؟ قال لا، أنا لست مع هذا. حوكم سبع سنين المسكين، ثم أُحرق على الStake ، كما نقول على الخازوق! هم يقولون على الStake . رُبط على الخازوق أو الStake ، وأُحرق حيا، وقد كُمم فمه، وقيل خيط! على كل حال، سنة ألف وستمائة بالضبط، سنة ألف وستمائة! بعد ذلك بنحو ثلاثمائة سنة؛ ألف وتسعمائة وثنتين وتسعين، نُصّب الرجل قديسا؛ لأنه كان كاهنا. رفضته الكنيسة الكاثوليكية، وأيضا الكنيسة الكالفينية، والكنيسة اللوثرية، ولعنوه ثلاثتهم أو لعنته ثلاثة هذه الكنائس! لماذا؟ لأنه يقول بتعدد العوالم.
القرآن صريح هنا، كالصريح، صريح أو كالصريح! أن العوالم فيها مخلوقات أُخرى، غير الملائكة، دواب، دواب! وإذا أخذنا بقوله تبارك وتعالى وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ *، فإذن ستكون حياة مائية. والجميل أن علماء الأحياء الخارجي أو الخارجية؛ Exobiology، يُقرر هذا! هذا فرع كبير، اسمه علم الأحياء الخارجي أو الخارجية. هؤلاء يُقررون أن وجود الماء سهل، أسهل من أشياء كثيرة! أن يُوجد في الكون وأن ينتشر، أسهل من عناصر كثيرة! ولذلك لدينا مجموعة من الأقمار، أقمار بعض الكواكب، في مجموعتنا الشمسية، أو نظامنا الشمسي، أي في الكواكب الداخلية! هذه تُعرف بالكواكب الداخلية، التي تنتمي إلى ال Solar system، أو المجموعة الشمسية، أما الكواكب التي لا تنتمي إلى مجموعتنا الشمسية، مما يقع في المجرة؛ مجرة درب التبانة أو اللبن، فتُسمى الكواكب الخارجية؛ الExoplanets ، الكواكب الخارجية! ليست الداخلية.
في الكواكب الداخلية، المُشتري مثلا، وهو أكبر هذه الكواكب! المُشتري له كواكب كثيرة، تُسمى الكواكب الجاليلية؛ نسبة إلى غاليليو غاليلي Galileo Galilei؛ لأنه اكتشفها بالمقراب، الذي لم يصنعه، وهذا خطأ طبعا، وإنما صنعه أهل هولندا، الهولنديون! لكنه كان من أول مَن استخدمه في الصناعة الفلكية. على كل حال، هذه الكواكب – أيها الإخوة – منها كواكب، بحسب ما ظهر للعلماء ويظهر، عليها طبقات جليدية! يوروبا Europa، قمر هذا طبعا، ستالايت Satellite، تابع للمُشتري، يوروبا Europa! أيضا كاليستو Callisto، غانيميد Ganymede! هذه الأقمار أقمار المُشتري الشهيرة! أيضا أقمار زُحل، وفي رأسها تيتان Titan، هذا أيضا واضح، يُرجح العلماء أن عليه طبقة جليدية. إنسيلادوس Enceladus نفس الشيء! إذن يُمكن أن يُوجد الماء، المريخ! المريخ حوله إشارات كثيرة تؤكد أنه كوكب كان فيه غلاف مائي كبير، قبل ملايين وربما ملايير السنين، ملايير السنين!
طبعا هذا الموضوع لماذا يُعاد الآن؟ بمُناسبة أيضا إطلاق جيمس ويب James Webb، هذا سبيس تلسكوب Space Telescope، تلسكوب الفضاء جيمس ويب James Webb! لأن هذا التلسكوب المُعجب المُدهش، هو في بداية إدهاشنا! سيستمر لعشرات السنين، الله وحده أعلم ما هو كم المعلومات وصادمية وغرابة وعجائبية هذه المعلومات التي ستترشح من خلال الصور التي يُرسلها إلينا! والله وحده أعلم! يتحدثون الآن عن كوكب مُعين، رصده هذا، ورصد بعض ما يتعلق بكيميائه وغلافه وكذا، ولا يزال هذا في البداية، هذه البداية فقط، هذه البداية! فأُعيد الآن فتح ملف الحياة في الكون، موضوع في غاية الإثارة، وفي غاية الأهمية! يهمنا كجنس بشري! يهمنا كجنس بشري؛ لأنه لو صح وصدق واستقام أن في الكون حيوات وحضارات ومخلوقات عاقلة وذكية وقادرة على التواصل والتنقل، وربما استعمار فضاءات وكواكب أُخري، فقد نكون في خطر شديد جدا، قد نكون أمام خطر رهيب!
هل الآيات من سورة الرحمن؛ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا ۚ لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ * فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ فَلا تَنتَصِرَانِ *، هل يُمكن أن تحتمل – وهي تحتمل في الحقيقة، هذه الآيات – أن تكون إشارة إلى حرب النجوم أو حرب الكواكب – أي Interstellar wars، حروب ما بين النجوم -؟ طبعا هذا يُعيدنا إلى رواية إتش. جي. ويلز H. G. Wells الشهيرة، في أواخر القرن التاسع عشر، أظن ألف وثمانمائة وست وتسعين أو سبع وتسعين؛ حرب العوالم، وحولت إلى طبعا أفلام كثيرة، وما زال طبعا يُتصرف فيها. هو يتحدث عن كائنات مريخية شريرة، أتت وغزت هذا الكوكب، وأذاقتنا الويلات. هل يُمكن أن تكون الآيات فيها إشارة إلى هذا؟ مُمكن جدا! يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ *! إذن يُمكن أن تكون حرب أيضا بين النجوم، أي بين الكواكب والأجرام السماوية. طبعا المقصود بالنجوم النجوم التي لها توابع وكواكب طبعا، إلى الآن البحث عن الحياة في ماذا؟ في الكواكب! البحث عن الحياة في الكواكب!
نعود إلى جوردانو برونو Giordano Bruno المسكين، الذي دفع حياته بميتة من أسوأ وآلام ما يكون، حرقا على الخازوق؛ لأنه قال في كتابه العوالم اللا نهائية – عنده كتاب اسمه العوالم اللا نهائية -، قال النجوم كثيرة. هكذا قال! النجوم، في العالم، في الكون، كثيرة. والنجوم التي لها كواكب تدور حولها كثيرة. طبعا هذه تأملات فلسفية، جوردانو برونو Giordano Bruno لم يكن عالما بالمعنى التقني الفني الآن للعالم، وإنما كان فيلسوفا مُفكرا، صاحب استبصارات وتأملات. كل ما تكلمه ودبجه حول هذا الموضوع تأملات فلسفية، ليست نظريات علمية، تستوفي الشرط العلمي! لكنها ألهمت كل مَن أتى بعده تقريبا، ألهمت كل مَن أتى بعده! ولا زالت تستطيع أن تُلهم إلى حد ما.
يقول ولكننا نرى النجوم؛ لأنها كبيرة ومُضيئة لمّاعة، ولا نرى الكواكب؛ لأنها غير مضيئة وصغيرة. هو يعلم أنها أصغر بكثير من النجوم، وتدور حول نجومها. ثم يستتلي، فيقول وإذا كان كذلك، فليست تلكم الكواكب بأقل حظا من الأرض، أن تكون مأهولة مسكونة، وفيها حياة، فلتذهب إذن نظرية مركزية الأرض إلى الجحيم. هكذا ختم! وهذا الذي أغضب الكنيسة. الكنيسة مُصرة جدا على أن تحتفظ بالنموذج الذي يُسمى مركزية الأرض، أي Geocentric model، مُقابل طبعا النموذج الذي طرحه كوبرنيكوس Copernicus قبل سنوات معدودة من كلام جوردانو برونو Giordano Bruno؛ مركزية الشمس، Heliocentric model. الكنيسة تُريد الأرض؛ لأن الأرض كما قلنا في الخُطبة السابقة هي التي بُعث فيها المسيح، وبشر فيها، وخلص فيها. الأرض، وليس الشمس، وليس أي شيء آخر، فلها الاعتبار المُطلق!
على فكرة، المسلمون إلى اليوم لديهم هذا! كلما فكرت في هذا الموضوع، وجدتني ألمس بشكل واضح جدا من بعض أبناء وبنات المسلمين مثل هذا الإجفال، مثل هذا الوجل، مثل هذا التردد والتخوف، من قضايا العلوم الفلكية وما يتعلق بها! وللأسف من بيننا مَن لا يزال مُصرا على أن الأرض تقريبا هي شبه مركز الكون، ومركز الوجود، وأنها ثابتة، ولا تتحرك، وأنها Flat أو مُسطحة، مثل الطبق! وأنها…وأنها…! لماذا؟ فكرت كثيرا، ربما من ضمن الأسباب – أسباب! جُملة أسباب، لكن من ضمن الأسباب – أن النموذج الذي يقدر هؤلاء على استيعابه يتسم بالضيق الشديد! نموذج ضيق!
يشعرون، كما شعر مَن شعر بالضياع في الغربيين، بالضياع التام، إذا سلموا بنموذج الكون الوسيع والوسيع جدا! بنصف قُطر يتجاوز ستة وأربعين مليار سنة ضوئية! أي قُطر ثلاثة وتسعون مليار سنة ضوئية! هذا الكون كما قلنا في الخُطبة السابقة المرصود أو القابل للرصد. يقول لك ضعنا، ضاعت الأرض، وضاع كل شيء! ضاع كل ما يتعلق بمركزية الإنسان وأهميته ونُبله واستخلافه في الأرض واستعمار الأرض له في الأرض، والكلام هذا! كل هذا ضاع، لا يعود لهم معنى. وطبعا عقدنا الخُطبة، والمُحاضرة الطويلة التي بعدها، للجواب عن مثل هذا الاشتباه. هذا الاشتباه غير صحيح وغير دقيق.
ويكفي، لا أُريد أن أُعيد الدرس أو المُحاضرة، يكفي أن نعلم – أيها الإخوة – أننا بفضل النفخة الإلهية، التي نُفخت فينا، نستطيع أن نتواصل مع الأكوان كلها، بأسرع من سرعة الضوء ملايير المرات! فنستطيع أن نقفز من الفرش إلى العرش، في أقل من ثانية! كيف؟ بالوعي، بالتفكير! الوعي، والتفكير! الإمام علي – عليه السلام وكرم الله وجهه – ماذا قال؟ طبعا والكائن الوحيد الذي يُفكر خارج حدوده، وخارج حدود عالمه المرئي والقابل للرؤية، فقط هو الإنسان. عجيب! بقوة ماذا؟ ليس بقوة التقنيات والآلات، هذه جاءت مُتأخرة جدا، بقوة الوعي والإدراك. لماذا هذه الخاصية الطفروية – سميتها أو وصفتها بالخاصية القفزية والطفروية – للوعي الإنساني؟ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي *.
تشعر بقشعريرة، تسري في بدنك كالتيار الكهربائي، حين تقرأ مثلا عن بيونير ١٠ Pioneer 10! أعتقد في ثنتين وسبعين، هذا المسبار أو ال Probe معروف! طبعا نسمع كثيرا بالمسبار! المسبار كيوريوسيتي Curiosity، المسبار! مسبار الولايات المُتحدة مثلا، التي أرسلته ألفين وعشرين! مسبار الأمل. ما هو المسبار؟ المسبار مركبة فضائية، أي Spacecraft، مركبة فضائية لكن غير مأهولة، Unmanned. هي إما أن تكون مأهولة، Manned، أي فيها بشر، أو Unmanned، غير مأهولة، فقط! ويُتحكم فيها في الطُرز الحديثة عن بُعد، إلى حد بعيد جدا! تُسمى ماذا؟ المسابير، Probes، Space probes! مسابير فضائية هذه، هي نوع من المركبات الفضائية! المركبة قد تكون مأهولة، فهذه شيء آخر، إذا لم تكن مأهولة، فتُسمى المسبار، هذا هو! وتحط طبعا في أماكن محددة.
فعلى كل حال، هذا المسبار طبعا؛ بيونير ١٠ Pioneer 10، في ثنتين وسبعين! بيونير ١١ Pioneer 11، في ثلاث وسبعين؛ ألف وتسعمائة وثلاث وسبعين، شيء غريب! تشعر كما قلت لك بتيار كهربائي، حين تسمع أو تقرأ أن بيونير ١٠ Pioneer 10 أرسلته وكالة الفضاء الأمريكية ناسا NASA طبعا، إلى حيث أرسلته في الفضاء البعيد، في رحلة تستغرق كم؟ ستة أشهر؟ ست سنوات؟ ست عشرة سنة؟ ستين سنة؟ مليوني سنة! أنا الآن أتكلم، وسار هذا التيار في جسمي! ما سر سيران هذا التيران؟ لماذا نشعر بهذه القشعريرة؟ يُوجد نوع من العظمة هنا، يُوجد نوع من اللفت، يُوجد نوع من النُبل، يُوجد نوع…لا أدري كيف أصفه، كيف أنعته! أما بيونير ١١ Pioneer 11 في ثلاث وسبعين، فأُرسلت في رحلة ستستغرق أربعة ملايين سنة! أربعة ملايين! في ألف وتسعمائة وثلاث وسبعين، وألف وتسعمائة وثنتين وسبعين!
لماذا؟ لماذا أيها الإنسان؟ يا مَن يعيش خمسين وستين وسبعين ومئة سنة، ثم تمضي، تمضي! هل لدينا أمل كجنس بشري أن نُعمّر إلى مليوني سنة أو أربعة ملايين سنة؟ حتى لو لم يكن، كما قلت لكم في الخُطبة السابقة وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي *، على الرُغم منا وعنا هذا أشعل فينا، أوقد جذوة فضول معرفي ذات طبيعة إلهية. هل يند شيء عن العلم الإلهي؟ وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ *، أليس كذلك؟ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء *، فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ *، آية يونس، وآية سبأ، وَلا أَصْغَرُ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ *، التذييل نفسه في السورتين؛ يونس، وسبأ! لماذا؟ الله يقول لا يَعْزُبُ *.
طبعا لا يَعْزُبُ * عن علمه شيء، مهما ضؤل وحقر ودق! تعرفون لماذا؟ لأنه مُبدع مخلوق لله، لا قيام له إلا بالله. وإذا كان لا يقوم إلا به، فنقول لذلك اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ۚ *. أشعر بترجيح أن يكون الاسم الأعظم فعلا كما رجح غير واحد من كبار العلماء والعارفين؛ الحي القيوم، الحي القيوم! لماذا؟ لأن قيوم فيعول، على زنة فيعول! فيعول من القيام، وهو الذي يقوم به كل شيء، ولا يقوم هو بشيء، بل هو قائم بذاته، لا إله إلا هو! الله! هذا هو الله، هذا هو القيوم، لا إله إلا هو! تقوم به كل الأكوان، التي قد تكون أكثر بكثير مما نتخيل أو نتصور، وأعظم بكثير مما يُمكن أن يطفر بنا ويشطح بنا الخيال، كلها قائمة به، من الذرة إلى المجرة، من أصغر جُسيم ذري – أيها الإخوة – إلى أعظم مجرة يُمكن أن تُبدع أو أعظم كون يُمكن أن يُبدع، كله قائم به، لا إله إلا هو! ولذلك لا يند عن علمه، أبدا! لا شيء يُفلت من علم الله تبارك وتعالى، كما لا شيء مُفلت من قبضة قدرة وقهر الله، لا إله إلا هو! فهو: الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ ۚ *، وفوق خلقه جميعا بلا شك، لا إله إلا هو! هذا بعض معنى ربوبيته.
ولذلك: وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي *، اشتعلت فينا هذه الجذوة! جذوة أن نقبض، أن نُلاحق، أن نستوعب، كل ما يُمكن استيعابه وفهمه، حتى لو لم يكن فيه فائدة، وعلى المدى البعيد والبعيد جدا أيضا! بعض الناس يقول ما الفائدة؟ ما الفائدة من هذه المسابير، من هذه المركبات؟ لماذا تُنفق هذه الملايير؟ سألت أم لم تسأل، أُجبت أم لم تُجب، سيظلون يفعلون، ولو كنت مكانهم، ستفعل! لو أوتيت من العلم ما أوتوا، والقدرة والإنفاق ما أوتوا، لتفعلن! لماذا؟ لأنك بشر. ما معنى بشر؟ منفوخ فيك من روح الله. لدينا هذا الفضول رُغما عنا، لا نستطيع أن نُفلت منه، أبدا! آخذ بتلابيبنا، بتلابيب وعينا وإدراكنا، شيء غريب! هذه قال لمليوني سنة، وهذه أربعة ملايين سنة! شيء غريب!
إذن نعود – أيها الإخوة -، كما قلت لكم هذا الرجل ألهم المُعاصرين، وألهم مَن أتى بعده، في قضية ماذا؟ تعدد العوالم. القرآن الكريم مُنذ البداية كان أكثر من واضح، أكثر من واضح! الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ *. الله يقول عالمون، ليس عالما واحدا. قال لك عالم الإنس والجن والملائكة. هذا الذي تظنه أنت فقط، عوالم لا يعلمها إلا الله، لا يعلمها إلا الله، لا إله إلا هو! ولكن هذه بعض العوالم، لا تزال، هذه بعض العوالم! وبعضهم يُعدد عوالم على الأرض؛ عالم النمل والنحل وكذا! عوالم! لا بأس، هذه أيضا بعض العوالم. عوالم لا يعلمها إلا الذي أبدعها، لا إله إلا هو!
لكن انظروا أيضا، انظروا؛ آية أعجب من آية النحل! إذن الملائكة ليست دواب، الملائكة غير الدواب. الله يقول السماوات مسكونة، معمورة، مقطونة، مأهولة بدواب. لا إله إلا الله! أي احتمال قوي جدا، راجح جدا، أن تكون كواكب في السماوات مأهولة بحياة عاقلة. واحد ربما يثور سؤال في ذهنه، يقول لي علميا – علميا، لا أُريد دينيا، علميا – هل هذا مُمكن؟ المُشكلة أن العلماء وجدوا أن من الصعب للغاية عليهم أن يُقنعوا أنفسهم بغير هذا الاحتمال الراجح! ألبرت أينشتاين Albert Einstein عنده مقولة، يقول فيها بالضبط أخذا بحقيقة وجود ملايين بلايين – هكذا قال! أي Given، أخذا بـ ، رعيا لـ – الكواكب الشبيهة بأرضنا – أي Earth-like planets، كواكب شبيهة بالأرض، Earth-like planets -، فإنه من المُستحيل أن تخلو تلك الكواكب كلها من الحياة. في هذا الكون الواسع، بالأحرى قال في سعة، في سعة هذا الكون، أو في شساعة هذا الكون، لسنا وحدنا. قال لا أستطيع أن أتخيل هذا.
العبارة التي اقتبستها وعلقت عليها من جهة مُعينة، وهي جهة صحيحة، أراها إلى الآن، لكارل ساغان Carl Sagan، أحد أشهر وأكثر العلماء اهتماما بقضية الحياة العاقلة في الكون – وسوف نرى ربما ونذكر بعض مؤيدات هذا – على الإطلاق! تقريبا لا تُوجد رسالة، سواء رسالة بصرية، رسالة مكتوبة، أو رسالة مُشفرة بالراديو Radio، بموجات الراديو Radio! أُرسلت من الأرض، في زمن Sagan، إلا وكان الرجل مسؤولا، وتولى مُهمة صياغة هذه الرسالة، مع آخرين! لكن هو يكون رئيس اللجنة، أو العضو المُهم في اللجنة، باستمرار! هذا الرجل قال، كما قلنا في الخُطبة السابقة هذا الكون واسع جدا. إنه واسع جدا. يقول! هذا الكون واسع جدا، سعة مهولة! ولو كنا فيه وحدنا، لكان ذلك هدرا فظيعا للمساحة أو للفضاء – للسبيس Space -. ماذا يُريد أن يقول هو؟ من زواية ثانية يُريد أن يقول ليس هناك هدر؛ لأن – على ما أُرجح، أو فيما أُرجح، من رأيي. يقول! هذا معنى كلامه! – الكون مأهول. لسنا وحدنا! يُريد أن يُقنعك هو، ويقول لك معقول! إذن كم؟ لو سألنا كارل ساغان Carl Sagan كم إذن؟ كم كوكبا؟
انتبهوا، سُبحان الله حين كنت صغيرا، كنت أقرأ كُتب الفلك والكونيات! قرأت أيامها، كنت في الإعدادية، للسير جيمس جينز Sir James Jeans، في كتابه كون الألغاز أو كون الأسرار، أي Mysterious، يقول العلماء مُتوافقون – في زمانه، في مطلع القرن العشرين – على أنه من بين كل خمسين ألف نجم، يُوجد نجم واحد له مجموعة كوكبية. كواكب تدور حوله! كوكب أو أكثر. كل خمسين ألفا! ستقول لي معناها هناك ملايير الكواكب! لأن الكون كم نجما فيه؟ قلنا في الخُطبة السابقة بحسب قولهم الكون فيه ثلاثمائة سكستليون Sextillion نجم! لأن هناك تريليوني مجرة، هذه آخر التقديرات، أحدث التقديرات! وسوف تقعون على تقديرات كثيرة، لكنها قديمة! معلومات مُحدثة. الآن كم مجرة في الكون؟ تريليونا مجرة. التريليون يعني ألف مليار، التريليون! عشرة أس ثنتي عشرة، شيء لا يُصدق! أي مليون مليون، التريليون! شيء لا يُصدق! تريليونا مجرة. وكل مجرة فيها مئات ملايير النجوم! مئات ملايير! كم نجما إذن في الكون؟ قال لك ثلاثمائة سكستليون Sextillion. السكستليون Sextillion عشرة أس ست وثلاثين! وذكرنا هذا. رهيب!
جيد، قسّم إذن، كل خمسين ألف له كوكب، يضح أن عندك تريليونات الكواكب! لا، الآن المُعطيات العلمية أيضا الأكثر حداثة تقول لا. العلماء يقولون بين كل ستة نجوم يُوجد نجم له منظومة كوكبية. ليس كل خمسين ألفا كما قرأت، وأنا صغير صغير، لا! الآن أقرأ وأنا كبير، يقولون بين كل ستة نجوم يُوجد نجم له كوكب أو كواكب! ولذلك عدد الكواكب – أيها الإخوة – الصالحة للحياة، قد يكون بمليارات الكواكب. في مجرتنا؛ درب التبانة، قالوا خمسون مليارا! خمسون مليار كوكب! لأن فيها تقريبا خمسمائة مليار نجم، من ثُلث إلى نصف تريليون! خمسمائة مليار! قال لك هناك خمسون مليارا!
كارل ساغان Carl Sagan كان يقول ماذا في أول مؤتمر لمعهد مشهور، أُسس ألف وتسعمائة وأربعة وثمانين، اسمه سيتي SETI؟ اسمه هكذا إلى الآن! سيتي SETI، مُختصر! Search for extraterrestrial intelligence، البحث عن ذكاء خارج أرضي! Traterrestrial، أي أرضي، مُصطلح مشهور في علم الأحياء وفي علم ال Plantology وكذا! المُهم، البحث عن ذكاء خارج الأرض. في هذا المؤتمر هو وفرانك دريك Frank Drake – سنأتي إلى هذا العالم المُهم جدا طبعا، الأمريكي – ذهبا إلى أن عدد الكواكب الصالحة للحياة في مجرتنا يُمكن أن يصل إلى مئة مليون. الآن يقولون خمسون مليارا! شيء لا يكاد يُصدق! في المجرة؟ في المجرة. إذن كيف في باقي المجرات؟ كيف في الكون كله؟ لا يعلم عددها إلا الله. أعداد مهولة!
هل معقول أن تُوجد مثل كل هذه الكواكب، ثم تُختص الأرض وحدها، بأن يكون فيها حياة عاقلة؟ كلام غير معقول، هكذا العلماء قالوا لك من الصعب أن نُسلم بهذا، لا نستطيع إلا أن نُرجح العكس. مُعظم العلماء، علماء الفلك والفيزياء الفلكية والأحياء الخارجية، يقولون بهذا. مُعظمهم! طبعا هناك فئة من المُتشائمين قليلة! فرانك تيبلر Frank Tipler، جون دي. بارو John D. Barrow، يقولون لا، الحياة شيء نادر جدا جدا، أندر مما تتوقعون. وهذا يخضع لقاعدة معروفة في الاستنباط والتعليل، أي في التفكير، ال Reasoning!
يقولون استنباطاتنا أو استنتاجاتنا – أي Inferences -، جيدة وقوية، بمقدار مُعطياتنا. بمقدار ما تكون عندك المُعطيات قوية ومُحكمة، تكون الاستنتاجات قوية. فهل نحن نتحكم في هذه المُعطيات بشكل يُعطينا الثقة بأنها مُعطيات فعلا صُلبة وقوية؟ في الحقيقة لا. الأمر أصعب من هذا، وسوف أوضح ذلك! وسوف أوضح ذلك بعد قليل. إذن علميا الموضوع مفتوح، ومُرجح! ولذلك تُصرف عشرات المليارات، لمُتابعة التقصي والبحث عن حياة عاقلة ذكية في الأكوان، وخاصة في مجرتنا طبعا، وسوف نرى ما الصعوبات الجمة التي تعترض هذا البحث والتقصي، وخاصة تواصليا! صعوبات تواصلية جمة!
نعود إلى القرآن العظيم، وعدتكم بأن هناك إشارة أعجب من كل ما مضى! ما رأيكم؟ أعجب بكثير! وهي الإشارة التي وردت في آخر سورة الطلاق، في آية حبر الأمة وترجمان القرآن عبد الله بن عباس – رضوان الله عنهما – كان يُجفل ويمتنع من أن يخوض في تأويلها، بحسب ما فتح الله عليه، وربما بحسب ما أدى إليه رسوله الأعظم ونبيه الأكرم – صلوات ربي وتسليماته عليه وآله -؛ لأن مثل هذا – أيها الإخوة – قد يحتاج إلى توقيف، على أن الآية ظاهرها واضح! فكان يقول لو أخبرتكم بما أعلم من تفسيرها، لكفرتم. كفرتم؟ عجيب! وكفركم إنكاركم. فسر! كيف كفرتم؟ لن تقولوا ليس هناك إله وليس هناك نبي، لا! قال وكفركم إنكاركم. ستقول لا، غير معقول! معقول يا أخي؟ غير معقول! قال هذا نوع من الكفر. كأنك ترد قول الله من وراء وراء.
إذن ماذا قال الله؟ الله قال بالواضح الصريح اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ *، نعرف هذا! وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ *، لا إله إلا الله! أي سبع أرضين؟ قال لك سبع أرضين. كان يُمكن أن يقول خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا ۖ *، لا! أخلاها من النعت بالطباقية هذه؛ لأنه لو قال طِبَاقًا ۖ *، لوقعنا فيما وقع فيه غير واحد، الضحاك وكثير من المُفسرين، أن السبع الأرضين هي في الكوكب نفسه، في هذا البسيط نفسه، مُتراكبة، طبقة فوق طبقة! غير صحيح، الله لم يقل طِبَاقًا ۖ *. قال سَبْعَ سَمَاوَاتٍ *. لماذا؟ لتتمحض المُماثلة من حيثية ماذا؟ العدد. تبقى المُماثلة أين إذن؟ في العدد. طبعا! قال سَبْعَ سَمَاوَاتٍ *. ومعناها وسبع أرضين! اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ *.
اسمع بقية الآية؛ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ *. لا إله إلا الله! بين ماذا؟ بين السماوات والأرضين، بين أرض وأرض وسماء وسماء! يُوجد وحي، كما قلت الوحي مُشغل – أي ال Operator-، مُشغل هذا الوجود. لا يُوجد شيء يخلو من وحي الله، كله خاضع لوحي الله، ويشتغل بوحي الله، وهذا الوحي له درجات وطبقات. قال يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ *، لا إله إلا الله! وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا *.
يا حسرة علينا! أنا أعلم وأرى الآن الحسرة في عيون بعض الأكارم الجالسين! يقول هذا لافت، هذا مُدهش، هذا مُعجب! أين هذه الآية؟ أين كانت مدسوسة؟ مدسوسة في كتاب الله، الذي ختمته ربما مئات من المرات، وربما لم تقف عندها مرة! يُحزنني جدا ويؤسفني حقيقة أننا؛ المسلمين، مسلمي هذا العصر، مسلمي عصور التراجع للأسف الشديد، فعلا كأننا نقرأ القرآن ونحن أعاجم، لا نكاد نفقه منه شيئا! نقرأه لنُجوده، أي الشاطر فينا يذهب ويتعلم أحكام تجويد؛ لكي يُجوده ويتغنى به! لكن التفكر، التأمل، غير موجود. هذه الآية آية عجيبة! هذه غريبة! ابن عباس قال لو حدثتكم بما أعلم من تفسيرها، لكفرتم، وكفركم إنكار ذلك. ستقول لا، غير معقول!
نترك ابن عباس، ودعونا نرجع إلى سيدنا؛ سيد الكل، إمام الركب – صلوات ربي وتسليماته عليه وآله، جزاه الله عنا خير ما جزى نبيا عن أمته ورسولا في رسالته -، هو صاحب هذا الفضل كله، كله! أي أنا أتكلم – أنا مُتأكد – وأنتم تسمعون، ونحن ننطوي على نوع من التلذاذ والمشوقية! أليس كذلك؟ والشعور بالاندياح؛ هذا الاندياح في النموذج! كيف نفهم الأكوان؟ كيف نفهم العوالم؟ كيف نعرف موضعنا؟ الفضل كله لله، بكلامه، ولرسول الله، المُبلغ عن الله. لولا هذا النبي العظيم، لبقينا كما نحن، لا خبر لدينا في هذه الأمور، أليس كذلك؟ أبدا، أبدا! لكن مُنذ البداية الخبر موجود – بفضل الله -.
النبي ماذا صح عنه؟ والحديث في الصحيحين؛ في البخاري ومسلم! مَن ظلم قِيد – قِيد أي قدر، مقدار. ليس قَيدا، القَيد هو القَيد. القِيد المقدار – شبر من أرض – الناس قد تجور، وأنت تعرف أن الأرض هذه من أحسن ما يُتملك ويُعتقد كما يُقال، يُعتقد ويُتملك! فبعض الناس يجور على نصيب جاره، ولو بشر هكذا! وشبر طبعا في طول مئتي متر، أي مسافة، مساحة هذه مُهمة! من ظلم قِيد شبر! كأن النبي يقول حتى شبر مُربع، أي شبر واحد أيضا. من ظلم قيد شبر من أرض -، طوقه من سبع أرضين. تصريح بأن الأرضين سبع! يُوجد سبع أرضين! أي هل هناك سبع كواكب أرضية، بخصائص هذا الكوكب، استضافت الحياة، ودعمت الذكاء؟ هذا الظاهر! وإلا ما معنى سبع أرضين هذه؟ هذه هي، ونحن سوف نرى فيما بعد، سوف نرى كيف فهم ابن عباس الآية العجيبة!
بعد ذلك هناك حديث دعاء القرية، الذي أخرجه – على ما أذكر – الإمام الحاكم، والإمام النسائي في السُنن الكُبرى، وليس الصُغرى، في المُجتبى، والطبراني في الأوسط، وابن خُزيمة، وصححه غير واحد من كبار العلماء. النبي علمنا إذا دخلنا قرية أو بلدة لأول مرة، أو عند الدخول، ماذا نقول؟ اللهم رب السماوات السبع وما أظللن، ورب الأرضين السبع وما أقللن، ورب الشياطين وما أضللن، ورب الرياح وما ذرين – ورب الرياح وما ذرين، وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا * -، فإنا نسألك خير هذه القرية وخير ما فيها، ونعوذ بك من شرها وشر ما فيها. دعاء القرية! ورب السماوات ماذا؟ السبع. ورب الأرضين السبع! مرة أُخرى يا رسول الله؟ مرة أُخرى. سبع أرضين! تصريح واضح.
ولذلك أخرج الإمام أبو بكر البيهقي – رحمة الله تعالى عليه -، والإمام الحاكم، وغير واحد، عن أبي الضحى – أحد تلاميذ ابن عباس هذا، تابعي جليل! عن أبي الضحى -، عن عبد الله بن عباس – رضيَ الله عنهم وأرضاهم أجمعين -، قال اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ *، قال هي أو هن سبع أرضين، في كل أرض آدم كآدمكم، ونوح كنوحكم، وإبراهيم كإبراهيمكم، وعيسى كعيسى – لم يقل كعيساكم، الألف مقصورة هنا طبعا! وعيسى كعيسى -، ونبي – يعني محمدا – كنبيكم. الله أكبر! وقال لك الحياة العاقلة وتعدد الحياة وجوردانو برونو Giordano Bruno وأحرقوه! القضية شبه واضحة جدا في الحس الإسلامي، في التصور الإسلامي، في النموذج القرآني الإسلامي، لدى المسلمين، من أول يوم! الحمد لله على نعمة الإسلام. هذا الإسلام! قال لك دين خرافات! خرافات؟ انظر العلم إلى أين وصل الآن في القرن الخامس عشر، وأين القرآن من أول يوم! وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ *، الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ *، عوالم! مسكونة ومأهولة. أرأيت؟
الإمام أبو بكر البيهقي وهو الذي خرج هذا الحديث بسنده هو – رحمة الله عليه -، لم يستوعبه! ماذا قال؟ قال الحديث صحيح الإسناد – إسناده كالنهار كما قلت في خُطبة سابقة -، ولكنه شاذ بمرة. أي Completely كما يقول الأجانب، أي هذا معنى بمرة، شاذ تماما. يقول! شاذ من جميع الجهات، أي Completely شاذ، هذا الحديث. شاذ بمرة! العامة تقول ماذا؟ بالمرة. بالمرة! قال شاذ بمرة. كيف شاذ؟ لماذا شاذ؟ طبعا هو يُخالف النموذج المعرفي، النموذج الكوني، النموذج الفهمي عند الإمام – رحمة الله عليه -. لا، دعنا من فهمك يا إمامنا وشيخنا، أعطنا السند الذي حكمت عليه بالصحة، وهو صحيح – بفضل الله -، اترك التأويل، لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ *، يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ *. لا إله إلا الله! يوم أتى! لكن قبل ذلك هناك مَن يُنكر، وهناك مَن يتردد، وهناك مَن يتيه ويضيع، وهناك مَن يلوذ بالصمت. القضية – بفضل الله – كانت واضحة وبسيطة، ولا تزال! وأستغرب كما قلت! لذلك أنا أستغرب من أبنائنا وبناتنا الذين كما قلت حتى لا يقبلون بدهيات علم الفلك والكونيات اليوم! ويعتقدون بوجود مؤامرة كونية!
صدقني، لو كنا نعيش قبل أربعمائة سنة، كنت سأتعاطف معكم وأقول ربما هناك مؤامرة من الكنيسة الكاثوليكية، من الكنيسة المسيحية عموما، مُمكن، مُمكن! أما اليوم، والعلم مؤسسة عالمية كوكبية، يتعاورها ويشتغل عليها – أيها الإخوة – ويتعاطى معها كل الأعراق البشرية، فلا! ملاحدة، وشيوعيون، ومؤلهة، وربوبيون، وبلا أديان، وغيرهم، كله! كل هؤلاء مُتآمرون يا رجل؟ لذلك أنا لا يُمكن أن أتعاطف مع هذه الأفكار التي تروق لبعض أبنائنا وبناتنا، حقيقة لا يُمكن، لا يُمكن أبدا! لا يُمكن أن أحملها محمل الجد. لا تُوجد مؤامرة كونية يا حبيبي!
وبعد ذلك أنا أعلم – نسأل الله أن يرزقنا التواضع – أننا، وأنا أولكم، في هذه العلوم لا شيء إزاء المُختصين، Zero على الشمال، لا شيء! لا شيء إطلاقا! ناس عباقرة في الرياضيات، وفي الهندسة، وفي أشياء أُخرى! وقضوا أعمارهم فيها، وليسوا خُبثاء، وليسوا لؤماء، وليسوا شياطين؛ لكي يُغرروا البشرية، حتى أتهمهم جميعا بالتآمر! هذا الكلام لم يعد مقبولا. الحمد لله، بالعكس! المفروض أن مثل هذه المُعطيات الدينية المحضة، النبوية الإلهية الربانية، المفروض أنها تُعطي العلم في عالم المسلمين وفي بلاد المسلمين دُفعة قوية جدا، يمضي بها حثيثا، وقد قعد من قرون! العلم الطبيعي بالذات قاعد في بلاد المسلمين، لا نكاد نُسهم فيه بشيء! لا تُوجد، لا تُوجد! لا تُوجد أي نسبة للإسهام على فكرة، لا تُوجد أي نسبة إسهام حقيقي. ولا تقل لي فاروق الباز وعصام حجي وفلان وعلان. قلة قليلة، في أمة من ملياري مسلم، وأربعمائة مليون عربي! أين؟ ما هذا؟ للأسف! وما زلنا نجتر مثل نظريات المؤامرة.
نعود إلى ما كنا فيه – إخوتي وأخواتي -، هذا الموضوع علميا يحظى باهتمام هوسي، العلماء لديهم شيء أشبه بالهوس، أن يكتشفوا حياة في العالم الوسيع هذا، في العالم الوسيع! لكن هناك مُفارقة، هناك في الموضوع مُفارقة، إذا كان الكون فعلا بالسعة التي تذكرون يا معاشر العلماء؛ تريليونا مجرة، ثلاثمائة سكستليون Sextillion نجم، عشرون كوينتليون Quintillion كوكب! لأول مرة نذكر هذا الآن! وعدد الكواكب؟ نحن قلنا شيء رهيب! هو هذا الرقم طبعا، احفظوه! تريليونا مجرة، ثلاثمائة سكستليون Sextillion نجم، في تريليوني مجرة! والكواكب الآن بحسب الحسبة الأخيرة؟ عشرون كوينتليون Quintillion. الكوينتليون Quintillion عشرة أس ثماني عشرة، أي مليون تريليون! سبعون كوينتليون Quintillion كوكب! معقول أن الأرض وحدها استضافت الحياة؟
عالم أمريكي من جامعة كورنيل Cornell، مشهور جدا طبعا – أنا عندي ربما مُحاضرة عن الحياة العاقلة في الكون من قبل حوالي خمس وعشرين سنة في مسجد الهداية، مُسجلة وموجودة ربما صوتيا إلى الآن على النت Net! أنا ذكرت فيها هذا العالم، ولخصت له كتابا آنذاك، قبل رُبع قرن -، اسمه فرانك دريك Frank Drake! من جامعة كورنيل Cornell بأمريكا! عالم أمريكي مشهور جدا! العجيب أنه مات في الثاني من سبتمبر، السنة هذه! قبل أيام! فرانك دريك Frank Drake! لكنه ربما اكتحلت عينه برؤية صورة جيمس ويب James Webb، وربما رأى أن جيمس ويب James Webb وعد مُزهر – بإذن الله – في سبيل تثبيت أو التدليل على أو ترجيح وجود حياة عاقلة ربما في المجرة. مات وقد اكتحلت عيناه، في الثاني من سبتمبر! وهو مواليد ألف وتسعمائة وثلاثين، فرانك دريك Frank Drake!
المُهم، هذا العالم – أيها الإخوة – اعتنى بهذا الموضوع، ووضع مُعادلة اسمها مُعادلة دريك Drake، Drake equation. Drake equation؛ هذه المُعادلة دون أن نذكرها، وهي بسيطة سهلة، فيها سبعة حدود، أي Terms، كما يُقال الحد الرياضي والحد المنطقي، Terms! فيها سبعة حدود! N هو عدد الكواكب المبحوث عنها، الصالحة للحياة، والقادرة على ماذا؟ على التواصل الذكي معنا. هذا الرمز N! يُساوي ماذا؟ عندك سبعة حدود الآن! أولا، أول شيء – كلها رموز، سبعة، كل رمز مضروب في الذي يليه، مضروب في الذي يليه، ولذلك الأمور تُصبح واضحة أكثر -، الرمز الأول نسبة النجوم أو نسبة تكون النجوم في المجرة، أي ال Formation، أي عدد النجوم، هذا معناها، أي باختصار! نسبة تكون النجوم في المجرة.
ثانيا نسبة النجوم التي لها نُظم كوكبية، وقلنا نحن اليوم قبل قليل كل بين ستة نجوم يوجد نجم واحد له منظومة كوكبية. أي هذا الجواب تقريبا أُجيب عنه، هذا ال Term أصبح معلوما، الحد! والحد الأول تقريبا أيضا معلوم، عندنا ثلاثمائة سكستليون Sextillion نجم في الكون، عجيب! وهذا الثاني معروف، حسبناه! الآن سوف نرى الثالث.
جيد، بعد ذلك نسبة ماذا؟ قلنا ماذا؟ النجوم التي لها كواكب. ثالثا نسبة النُظم الكوكبية الصالحة لاستضافة الحياة، التي يُمكن أن يكون عليها حياة! وهنا كلام طويل، وإن أردت أن تتوسع فيه، فاذهب واقرأ في علم الأحياء الخارجي أو الخارجية، الذي ذكرناه اليوم، Exobiology، اقرأ فيه! علم كامل عن هذا الموضوع طبعا، علم! مُجلدات! بعد ذلك نسبة الكواكب التي استضافت حياة، وطورت ماذا؟ حياة عاقلة. ليس مُجرد حياة، لا! حياة عاقلة ذكية.
خامسا نسبة الكواكب التي طورت حياة عاقلة ذكية قادرة على التواصل. تقدر على أن تبعث إشارات، إشارات كهرومغناطيسية، مثلما نحن فعلنا وأرسلنا رسالة اسمها Arecibo Message، من مرصد أريسيبو Arecibo في بورتوريكو، أعتقد في السبعينيات، وأيضا كان المسؤول الكبير كارل ساغان Carl Sagan. بعثنا رسالة للعوالم الخارجية، في اتجاهات مُحددة طبعا، معروفة! وهذه الله أعلم متى يستلمونها، إن وجدوا طبعا، بعد عشرين مليون، بعد مئة مليون، بعد عشرة آلاف سنة ضوئية، لا ندري! لأنها رسالة ماذا؟ راديوية.
طبعا التلسكوبات عموما أنواع، أهم الأنواع وأشهر الأنواع تلسكوبات بصرية ضوئية، مثل هابل سبيس تلسكوب Hubble Space Telescope، ومثل جيمس ويب سبيس تسكوب James Webb Space Telescope، معروفة! خاصة جيمس ويب James Webb هذا، بال Infrared، بالأشعة تحت الحمراء، وهنا أهميته. المُهم، ويُوجد عندنا تلسكوبات مُختلفة، لا تعوم في الفضاء، مثل هابل Hubble وجيمس ويب James Webb، تبقى على الأرض، وهي ضخمة! أضخم واحد في الصين، اعتقد بُني في العشرية الأخيرة هذه، ربما في ألفين وستة افتُتح. هذا قُطره خمسمائة متر، نصف كيلو! شيء مُخيف! تخيلوا من أيام غاليليو Galileo، كان قُطر التلسكوب ثلاثة سنتيمترات، سنتيمترين، خمسة سنتيمترات، عشرة سنتيمترات، وبعد ذلك بدأ يتسع، خمسمائة متر! في سهل كبير جدا جدا، مُحاط بغابات! شيء مُذهل مُخيف! اسمه سكاي آي راديو تلسكوب Sky Eye Radio Telescope، عين السماء! اسمه عين السماء.
إذن يتحرك هذا؟ كيف تحركه هذا؟ هذا معمول من صفائح، يتم تحرك هذه الصفائح، لكن ليس مرة واحدة، بطريقة مُعينة، حتى نُقطة التبئير أو التركيز تختلف كل حين وحين! بمثابة ليس عين هذا، لا، بمثابة أُذن، تتنصت على الكون. هابل سبيس تلسكوب Hubble Space Telescopeهذا عين، جيمي ويب سبيس تلسكوب James Webb Space Telescope عين، ترصد السماء، الراديو تلسكوبس Radio telescopes هذه بمثابة ماذا؟ آذان، مُصغية مُصيخة، مُصغية مُصيخة إلى السماء. تلتقط ماذا؟ التلسكوبات البصرية الضوئية الإشعاعية، تلتقط ماذا؟ كما قلنا أشعة، أشعة مرئية أو تحت طيف المرئي أو فوقه! لكن هذه التلسكوبات الراديوية أيضا تلتقط أنواع من الأشعة، موجات! لكن موجات ماذا؟ راديوية، موجات راديوية! موجات ال Radio أو الراديو، وموجات الضوء، كلها في الأخير ماذا؟ موجات كهرومغناطيسية. نفس الشيء! لكن هذا شيء وهذا شيء، هذا عنده طبيعة وهذا عنده طبيعة.
فالتلسكوبات الراديوية العملاقة الضخمة هذه، موجودة في بورتوريكو، وطبعا في أمريكا، في أستراليا، أعتقد واحد ربما اسمه أسكاب ASKAP، شيء رهيب! هذا التقط في ألفين وتسعة عشر إشارة غريبة جدا، يُسمونها The ghost، الشبح! جننت العلماء، إلى الآن ليس عندهم تفسير لها. وأنتم تعرفون أن الإشارات التي تأتي سواء من النجوم النابضة أو من أي شيء، حتى من الأرض، من أي مصدر! كلها تكون Typical، أي تكون نموذجية، معروف! هذه إشارة كذا، كذا، كذا! وعندها أنماط Patterns مُحددة، العلماء يعرفونها تماما. هذه الإشارة غير نمطية، عشوائية تماما، وحيرت العلماء، والتقطوها سبع عشرة مرة في سنتين! جننتهم! تأتي بنمط مُعين، ثم تختفي! وبعد ذلك تأتي فجأة، في وقت غير مُتوقع، بنمط آخر، ثم تختفي! شيء غير طبيعي! ما هذه؟ هذه إحدى الإشارات التي يُمكن أن تكون من حضارات عاقلة، موجودة في الكون، تُريد أن تتواصل معنا. سموها ماذا؟ الشبح. من تلسكوب راديوي! هذا هو التلسكوب الراديوي!
التلسكوبات الراديوية مُهمة لماذا يا إخواني؟ إلى قبل إطلاق جيمس ويب James Webb هذا في الفضاء كان أكبر التلسكوبات، مثل هابل سبيس تلسكوب Hubble Space Telescope هذا، يُمكن أن يغوص إلى أربعة مليارات سنة ضوئية في عُمق الكون، وهذا شيء مُخيف جدا جدا! أربعة مليارات سنة ضوئية يلتقط إشارات، من مسافة أربعة مليارات سنة ضوئية! لن نتكلم عن كيلومتر الآن، طبعا كل سنة ضوئية تُساوي كم؟ عشرة تريليون كيلومتر. عندك أربعة مليارات، أربعة ملايير، سنة! أف! واضرب طبعا! شيء لا يكاد يُصدق! أما التلسكوبات الراديوية، فتخيل أنها تستطيع أن تلتقط إشارات راديوية على عُمق ستة عشر مليار سنة ضوئية، ولذلك هي مُهمة جدا جدا، عملاقة وهامة جدا!
فأطلق العلماء في أيضا مطلع السبعينيات، أعتقد في أربع وسبعين أو شيء مثل هذا، رسالة سموها ماذا؟ رسالة أريسيبو Arecibo! من بورتوريكو، راديوي! كان كارل ساغان Carl Sagan هو المسؤول! تُحاول أن تُعرف المُستلمين المُفترضين، إذا وجد هذا المُسلتم لهذه الرسالة، مَن نحن؟ ما كوكبنا؟ ما وضعنا؟ كيف تفهمون الرسالة؟ كيف تفكونها؟ كيف تقرأونها؟ معلومات رياضية، الأرقام من واحد إلى عشرة مثلا، بعض العناصر الكيمياوية، وخاصة التي لها علاقة بالحياة! الأكسجين Oxygen، نيتروجين Nitrogen، أي آزوت، هيدروجين Hydrogen، الكربون Carbon، ال Carbon أهم شيء، أشياء مثل هذه! شيء عجيب! هذه رسالة راديوية، لكن على بيونير ١٠ Pioneer 10 وبيونير ١١ Pioneer 11، وبعد ذلك فوياجر ١ Voyager 1 وفوياجر ٢ Voyager 2، ماذا عملوا؟ لا، بعثوا رسالة في لوح، لوح! لوح عليه رسومات وعليه تشفيرات، رسومات وتشفيرات! واذهبوا واقرأوا عنه، مكتوب وسوف ترونه طبعا وترون كل مُحتوياته، اسمه ماذا؟ اسمه لوح بيونيرPioneer ، بيونير بلاك Pioneer plaque. بيونير بلاك Pioneer plaque؛ لوح بيونير Pioneer! وضعوه، وألصقوه عليه هكذا، أي ثبتوه!
لوح من ذهب هو تقريبا، مادة ذهبية هكذا، ومطلي بأشياء، وعليه صورة رجل يرفع يده كالمُحيي، إلى جانبه امرأة واقفة، تُرسل يديها. كارل ساغان Carl Sagan كان يُريد أن يجعلهما مُتماسين، ثم قال لا، لعل الكائنات الفضائية تحسبهما كائنا واحدا، وهذا شكله. قال فافصل بينهما. المُهم، قصة! رسالة يُمكن في يوم من الأيام أن تُقرأ، لو كانت هناك كائنات فضائية، والتقطت هذا المسبار واستطاعت أن تقوم له بإهباط قسري مثلا! سيقرأون الرسالة، رسالة! كأنها رسالة كالتي كانت تُوضع في (فلاشات) الماء، وتُوضع في المُحيطات، في انتظار مَن يقرأها! وهناك رسائل راديوية مُشفرة كما قلنا. هذه نفس الرسالة! الذي هو ماذا؟ بيونير بلاك Pioneer plaque. أُرسلت في بيونير ١١ Pioneer 11، ونفس الرسالة مع بسط ومد، أخذوها بالذات ووضعوها على لوح نُحاسي مُذهب وفيه مادة اليورانيوم المُشع؛ لكي يعرف المُستلمون متى أُرسل هذا اللوح، عُمر هذا اللوح! إذا كان عندهم تقنيات القراءة بالأشعة، إلى آخره! أُرسلت مع فوياجر ١ Voyager 1، وفوياجر ٢ Voyager 2 في سنة ألف وتسعمائة وسبع وسبعين، وبسطوها طبعا.
في الجهة الثانية من اللوح هذا النُحاسي المطلي بالذهب مئة وست عشرة صورة، لكوكب الأرض والمجموعة الشمسية، وكثير مما يتعلق بالأعراق، أي ال Races، الأعراق البشرية! في الجهة المُشفرة يُوجد عندك حوالي إحدى وعشرين دقيقة صوتية، منها تحية من المُدير العام للأمم المُتحدة، هناك رسالة بصوت الرئيس الأسبق جيمي كارتر Jimmy Carter، ويُوجد عندك تحيات؛ السلام عليكم، كيف حالكم يا جماعة هذا الربع؟ إن شاء الله بخير، سلمكم الله! خمس وخمسون لُغة! خمس وخمسون لُغة تتمنى السلامة للمُستلم، أي نحن جيدون وطيبون وأولاد حلال! نعم نقتل بعضنا ونذبح بعضنا، لكن نحن مُحترمون! لأنهم خائفون جدا، هم يُوجد نوع من الخوف على فكرة، من أن تُوجد تلك الكائنات الفضائية فعلا، وتكون بنصف عقل، ومُتطورة جدا!
وسوف نتكلم في هذا – إن شاء الله -، لكن في المُحاضرة، بعد صلاة الجُمعة. هناك شيء أشبه بالخيال! هل يُمكن أن تكون هناك فعلا حضارات فضائية ومُتطورة مثلنا؟ مثلك ماذا أنت يا حبيبي؟ أنت لا شيء على مقياس كارداشيف Kardashev؛ نيكولاي كارداشيف سكيل Nikolai Kardashev scale! أيضا اكتب وابحثا عنه! اسمه هذا ماذا؟ كارداشيف سكيلKardashev scale . على مقياس كارداشيف Kardashev الحضارة البشرية الأرضية هنا أقل شيء مُمكن يُنجز على الإطلاق! أي لم نقل بسم الله حضارة إلى الآن، نحن لم نبدأ، ولا شيء! سوف تقول لي وهل هناك ما هو أكثر من هذا؟ سوف تسمعون في المُحاضرة، شيء مُذهل، لا يكاد يُصدق! طبعا هل تحقق؟ لا أحد يعلم، بالعكس! يبدو أنه حتى من سابع المُستحيلات أن يتحقق المُستوى الخامس على مقياس كارداشيف Kardashev، المُستوى الخامس شيء لا يكاد يُستوعب إطلاقا! لكن لا يُوجد شيء مُستحيل، تبقى الحقيقة أعجب من الخيال!
على كل حال، قبل أن أُغادر المنبر، القرآن الكريم – بفضل الله – غاص بالإشارات، كلما غلغلنا النظر، كلما غلغلنا النظر وعمقنا الفكر، في كتاب الله تبارك وتعالى، بصراحة صادفنا وصدمتنا آيات، يُمكن أن تأخذنا في اتجاه الموضوع اليوم، ليس فقط آية النحل، وآية الشورى، وآية الطلاق، عندنا آيات أُخرى كثيرة، مثل آية العنكبوت؛ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ *، معناها إشارة أيضا، بصراحة واضحة، واضحة! أنه يُمكن في يوم من الأيام أن نستعمر ماذا؟ الكواكب! وربما الكواكب الخارجية ال Exoplanets، أي ليس كواكب المجموعة الشمسية، كواكب أُخرى في المجرة، ومَن يعرف؟ الله وحده أعلم، ربما كواكب خارج المجرة! كيف؟ سوف نرى أيضا!
هناك طرق ثانية طبعا، ليس لازما أن تسير وأنت تقيد نفسك بسرعة الضوء، يُوجد عندك أنواع من الثقوب الدودية، بين الأكوان المُتوازية، يُمكن أن تجعلك تجتاز مسافة مثلا خمسة عشر أو عشرين مليار سنة ضوئية في دقائق! شيء عجيب! لكن هذا يحتاج إلى طاقة رهيبة، ليست موجودة عند الكائنات الأرضية (الغلبانة)؛ نحن، النمل البسيط هذا! ويُمكن أن تكون موجودة عند حضارات، إن وجدت، على مُستوى أو على مقياس كارداشيف Kardashev، يُمكن أن يكونوا قد عملوها، يُمكن أن يكونوا موجودين!
لذلك – أيها الإخوة – نحن قد نبدو لهم مُجرد نمال – جمع نملة -، مُجرد نمال! يقول أحد العلماء هل فكرنا يوما أن نتواصل مع النحل أو النمل؟ أي التواصل الحقيقي! مَن؟ نمل ماذا؟ ونحل ماذا؟ هذا كلام فارغ! نحن لا نهتم بهذه الكائنات الحقيرة، أي بالنسبة لنا نحن! نحن يُمكن أن نكون لكائنات فضائية أحقر من نمال ونحال، ولا شيء! يروننا، وكل شيء، ولا يُريدون أن يتواصلوا معنا! هؤلاء مُصابون بالهبل – قال لك -، هؤلاء كائنات (غلبانة)، (هلفوتة) هذه! يُطيرون بعض الحديد، ويُسمونه جيمس ويب James Webb، ويفرحون ويهللون! ما هذا؟ وهذا كله كلام فارغ!
احتمال، هذا أحد الحلول المُقترحة لمُفارقة فيرمي Fermi! إنريكو فيرمي Enrico Fermi عالم الفيزياء الذرية النظرية الأمريكي، من أصل إيطالي، المسؤول رقم واحد عن بناء أول مفاعل ذري، عنده شيء اسمه مُفارقة فيرمي Fermi؛ Fermi paradox، في موضوع الحياة العاقلة في الكون، سوف نشرحها في المُحاضرة – إن شاء الله -، ونرى الأجوبة الخمسة أو الستة عن مُفارقة فيرمي Fermi.
فإذن القرآن الكريم لا يخلو من مثل هذه الإشارات، يُعجبني – وذكرت هذا قبل سنوات طويلة – الإمام الفخر الرازي – رضوان الله عليه – في تفسيره الكبير مفاتيح الغيب، حين قال وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ *، قدّم السماء على الأرض؛ لأنه إن تسنى لهم هروب، فيكون في الأرض، ثم إن فُرض لهم – يقول، هذه عبارته – قدرة – أي أكبر وأزيد -، فيهربون إلى أين؟ إلى السماء. ومع ذلك يظلون في قبضة الله، لا إله إلا هو!
لكن الآية إشارة مرة أُخرى أكثر من واضحة إلى أننا – أشبه بالوعد هذه، Promise – سنستعمر السماء، سنستعمر الكواكب الخارجية. وتدعمها آية الجاثية؛ وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ ۚ *، كله! ما دام هو مُسخر، سوف يأتيني يوم وأستفيد منه وأرتفقه، كما أن الجمل والشياه والمعز والأبقار مُسخرة واستفدت منها، وكما أن الأرض مُسخرة واستفدت وفجرت الجبال وشققت المُحيط أيضا وبنيت في المُحيط وبلغت المُحيط، يُمكن أيضا أن أستعمر وأستثمر وأرتفق السماوات!
أَلَّا يَسْجُدُواْ لِلَّهِ ٱلَّذِى يُخْرِجُ ٱلْخَبْءَ فِى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ *، قال لك ٱلْخَبْءَ * الشيء المخبوء. هناك ناس قالوا يُخْرِجُ * هنا يُخرج النبات، و: ٱلْخَبْءَ * هنا النبات؛ لأنه يكون دائما مخبوءا في البداية، ثم يبزغ من الأرض. إذا هنا ٱلْخَبْءَ * هو النبات، أو يحتمل أن يكون معناه النبات، وهناك خبء في السماوات، فمعناها هناك أنواع نباتات في السماوات أيضا. هذه إشارة أيضا! كثير! القرآن مليء، القرآن عجيب! حين تُغلغل فيه النظر، تجد أنه مليء بالإشارات التي يُمكن أن تؤشر إلى وجود حياة في كواكب وفي عوالم أُخرى.
اللهم علمنا ما ينفعنا. أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه.
الحمد لله، الحمد لله الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ * وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُم مِّن فَضْلِهِ وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ *. وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله تعالى عليه وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليما كثيرا.
اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علما وفقها ورشدا، برحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم اجعلنا مفاتيح للخير، مغاليق للشر، اهدنا واهد بنا. اللهم اجعلنا هُداة مُهتدين، غير ضالين ولا مُضلين، سلما لأوليائك وعدوا لأعدائك، نُحب بحُبك مَن أحبك، ونُعادي بعداوتك مَن خالفك. اللهم هذا الدعاء ومنك الإجابة، وهذا الجُهد وعليك التوكلان **، وبك المُستغاث وأنت المُستعان، ولا حول ولا قوة إلا بك، لا إله إلا أنت سُبحانك إنا كنا من الظالمين.
اللهم اغفر لنا ولوالدينا، وارحمهم كما ربونا صغارا، اجزهم بالحسنات إحسانا وبالسيئات مغفرة ورضوانا، واغفر اللهم للمسلمين والمسلمات، المؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، بفضلك ورحمتك، إنك سميع قريب مُجيب الدعوات.
رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ *، اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين. اللهم مَن أحييته منا، فأحيه على الإسلام، ومَن أمته منا، فأمته على الإسلام والإيمان، بحق لا إله إلا الله، وحده لا شريك له.
عباد الله/
إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ *، فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ *، وأقم الصلاة.
فيينا (9/9/2022)
أضف تعليق