أبحث عن مجهول …أشعر به ولا أراه
أنتقل من كتاب إلى كتاب ومن فكر إلى فكر ومن مدرسة إلى مدرسة ووسط كل هذا…لا أجد نفسي !!!!
كان هذا حالي قبل أن أتعرف على الدكتور عدنان ابراهيم بيوم واحد فقط في قصة تتلاقي وتفترق , تتشابه وتختلف مع قصص الكثيرين من محبيه ومريديه ولكنها قصة فريد من نوعها لا مثيل لها لأنها ببساطة ……قصتي أنا .
طالما كنت من المهتمين منذ نعومة أظفاري بالقراءة وبالأخص في الأديان بداية من القصص الدينية المصورة وصولا لكتب العقائد وعلم الكلام وأصول الفقه . لم ينقطع اهتمامي بالعلم يوما واحدا لو يتوقف شغفي يوما عن متابعة الجديد . وفي المرحلة الثانوية اعتنقت فكر المدرسة السلفية وياله من فكر خداع يملأ بين جنبيك بتقوى زائفة وعلم ضيق الأفق وخطأ تراه صوابا ولا ترى غيره . زالت عن وجهي الابتسامة وحل محلها العبوس, ضاق قلبي عن قبول كل مخالف وكل مختلف بل ولم أجد أي غضاضة في فكرة أن يختفي كل من هو وما هو ليس بسلفي من فوق سطح الأرض بل من الكون بأكمله فهو ليس على جادة الصواب إذن لا داعي منه أبدا . أحببت مشايخ السلفية بجنون استمعت الى محاضراتهم وأنبهرت بحماسهم وادخرت من مصروفي الاسبوعي ما أستطيع لأشتري كتبهم ومراجعهم فهم الفرقة الناجية وأصحاب الحق كل الحق وغيرهم على ضلال وكل ضلال . كرهت الأشاعرة دون ان أعرف من هم واحتقرت الماتوريدية دون أن ادري ماذا يقولون , علاقتي بالآخر كانت دائما تدور حول هذا الفلك ….إن كنت سلفيا فأهلا بك وإن كنت غير ذلك فالامر ليس كذلك . وأكثر ما احببت في كل هذا أن يقول لي الناس (ياشيخ ……)
ولكن وسط كل هذا الزخم…..لم أجد يوما ذاتي ولم أتعرف يوما على شيخي .
أحببت أحد كبار مشايخ السلفية الكبار والرجل كان على علم وفضل كثير نحسبه كذلك وقد أفضى إلى جوار ربه ولكنه لم يكن ذلك الشيخ الذي أبحث عنه .
تعرفت على المرأة التي صارت فيما بعد زوجتي وتعرفت معها على حماي رحمه الله رجل كثير الصلاح عظيم الايميان ملأ قلبي بحب التصوف والصوفية وتعرفت من خلاله على جمال هذا العلم وروحانيته وكان حقا أبي بعد أبي رحمهما الله ولكنه على عظم فضله علي لم يكن أيضا الشيخ الذي كنت أبحث عنه .
تصفحت اليوتيوب ….مئات ومئات مقطاع الفيديو أبحث بها عمن أتيقن من وجوده ولا اجده . ترددت امامي عناوين كثيره تتحدث عن (الضال عدنان ابراهيم) و( شوفوا ماذا يقول المضل عدنان ابراهيم) أو (عدنان ابراهيم يسب الصحابة) !!! وفي خضم هذا التشويق قررت أن أسمع وأرى ماذا يقول الرجل وقد استحضرت الحكم المسبق عليه (سلبا طبعا) وشحذت قريحتي وتوكلت على الله .
كانت أول خطبه تقع عيني عليها هي (مشكلتي مع البخاري) قلت في نفسي هذه ضالتي …وتصورت الخطبة قبل أن اسمعها سيلا من الشتائم ينهال على الإمام البخاري من فم رجل متحذلق متعالم لا يعرف فرض الضوء من سننه .
استمعت لأول ربع ساعة ثم نصف ساعة ثم ساعة ثم باقي الخطبة وفور الانتهاء منها قلت لزوجتي سوف يكون لهذا الرجل معي شأن عظيم .
وفي هذه اللحظة ولأول مرة في حياتي أجده….أقسم بالله إنه هو…ذلك الشيخ الذي ابحث عنه طوال حياتي …ولكأني أعرفه منذ يوم ولادتي …. الامر ليس مجرد ثناءا أو مديحا إنه أكثر من ذلك بكثير …أنه أمر يخرج عن حيز الكلمة والعبارة …إنه أمر يتعلق بإنسان كان يبحث عن ذاته …..ووجدها أخيرا .
وكأن حالي مع الدكتور عدنان كحال ابن عطاء الله السكندري حين تعرف على القطب المرسي وهو له كاره ثم ذاب فيه محبة وحال مولانا الرومي حين أقطعه شمس تبريز قبسا من نوره فأضاء بها الرومي الكون كله محبه وجمالا وكحال أبي الحسن الششتري حين أخرج منه ابن سبعين ذلك الشاعر الذي لم يكن يراه في نفسه يوما أبدا …أفضل شيخ ليس الذي يخلق تلميذا له على مثاله بل هو الشيخ الذي يكون مرآة لمريده يرى فيها ذاته على حقيقتها وكان هذا حالي مع الدكتور عدنان …..وما زال.
أمير محمد عبد العزيز
أضف تعليق