استمرارية كلاسيكية الخطاب الديني كموروث فكري ثقافي كان و مازال أحد أهم ما نجترحه اليوم كمسلمين من إتساع الهوة الفارغة قطعاً !بين المعاصرة و التجديد و الأصولية و التقليد منذ أربعة عشر قرناً و نصف القرن .
فخطابنا الديني ضل أسير الاعتقاد المستسلم للنص الشرعي و الذي لا يحيد عنه قيد انمله! و لا إشكالية في ذلك بتاتاً فالنص بما جاء في القرآن المقدس و نص الحديث أساسان أسسا لكل تجديد بعد عهد الرسول و الشيخين و الخلافة الراشدة بفكر الاجتهاد الذي صوب و قرب و أسقط و قارب و عدل و أوسط ؛ فالإعتقاد في الأصول ثابت الإتفاق و الإختلاف في الفروع اجتهاداً و ائتلاف كي نؤسس لأطروحتنا الموسومة بالتجديد في الخطاب الديني في عصرنا اليوم .
و كثيراً ما إن يطرح هذا الطرح حتى يذهب المتلقون بعيداً و يأولون ما أصبح إرثاً مثقلاً بسمات التحريم الشرعي القاطع عند أي أطروحة تتحدث عن تجديد الخطاب الديني! و أول ما يتبادر لعقليات التقليد ! و الأصوليين! تحديداً مدرسة السلفية منذ التأسيس بعصر شيخ الاسلام ابن تيميه إلى المجدد محمد بن عبدالوهاب رحمة الله عليهم اجمعين ، كأنموذج معارض وقف بشدة وبضراوة ضد هكذا تجديد!
و قبل عقدين من الزمان إلى اليوم اشتهر شخص الدكتور الشيخ “عدنان إبراهيم ” فلسطيني يقيم في النمساء داعية ملم ألمعي موسوعة علمية لا تكاد تسأله في أي علم معرفي علمي شرعي فكري ثقافي فلسفي إلا ويعطيك منه قبساً ! تستمع له تعجب لبيانه و قوة لغته و حجته و إلمامه ! و الرجل يعتبر ظاهرة بكل المقاييس المعاصرة ؛ لتستنتج منه خطاب ديني تجديدي معاصر يتحدث بقوة و رجاحة عقل لم أشهدها من ذي قبل .
و عدنان إبراهيم نموذجاً يستحق القراءة و التحليل. فالرجل ليس محدثاً فحسب. بل أكاد أجزم قاطعاً بأنه مجدد! و أجزم قاطعاً بأنه مصلح فاق مارتن لوثر علماً ! و له اجتهادات كثيرة تصل بك حد الصدمة و إن ظلت اجتهاداً ! و يتحدث الرجل كمجدد خطاب ديني عارف المسلك يتحدث في السياسة و يسهب محللاً و ناقداً بل و يجترح الحلول ! يتحدث عن حال المسلمين مؤخراً و ثورات الربيع و عن الأنظمة العربية و نظام الحكم و عن قضية فلسطين و عن مشكلات المجتمعات العربية و عن إشكالية بعض الجماعات التي تسيء للإسلام مفصلاً !
و يتحدث في الاقتصاد و أسباب انحدار أحوال المسلمين المعيشية و أسبابها! و في المقابل يتحدث في مقتضيات الشرع و الفقه و يسهب ليسقط مشاكل معاصرة على أصول ماجا في روح النص بصورة علمية منطقية تعجب منها ، بل أن الرجل فتح أبواباً مؤصدة قروناً كاقتتال الإمام علي و معاوية ! و عن حكم معاوية و ما جرى بعد!
بل و انتقد بعض الصحابة بطريقة علمية مدعياً أنهم ليسوا معصومين و هم بشر! و له انتقادات لتيارات و جماعات سلفية قديمة و معاصرة يرى فيها أن الأمة حجبت فيها عن بعض الحقائق المصيرية التي أعطت اعتقادات خاطئة أثرت سلباً على المجتمع المسلم إلى اليوم ، و له مثارات جدلية فلسفية انتقادية بطرائق علمية أراها تستحق الدراسة بل و له سجالات من الانتقادات ضد الطائفية السياسية بالمذهب السني و الشيعي! و ينتقد رموز و شيوخ من المذهبين معاً ! و يرى أن السياسة سبب اقتتال المسلمين اليوم !
وما لخصناه كله على منبر جامع الشورى بالنمسا يطرحه بصياغ علمي شرعي الدكتور عدنان إبراهيم كل جمعة ! و له خطب مسجلة و محاضرات كثيرة أثارت الجدل و هي حديث الساعة حتى الساعة !!
أضف تعليق