إِنَّ الْحَمْدَ لِلهِ، نَحْمدُهُ ونَسْتَعينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أَنْفُسِنَا وسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وأَشْهَدُ أَنْ لَا إله إلا الله وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ ولا نظيرَ له ولا مثالَ له، وَأَشْهَدُ أَنَّ سيدنا ونَبِيَّنَا وَحَبِيبَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ وَصَفْوَتُهُ مِنْ خلقهِ وأمينهُ على وحيهِ ونجيبهُ من عبادهِ، صَلَّى اللَّهُ – تعالى – عَلَيْهِ وعَلَى آله الطيبين الطاهرين المُبارَكين وصحابته المُجاهِدين وأتباعهم بإحسانٍ إلى يوم الدينِ وسَلَّمَ تسليماً كثيراً.
عباد الله:
أوصيكم ونفسي الخاطئة بتقوى الله العظيم ولزوم طاعته، كما أُحذِّركم وأُحذِّر نفسي من عصيانه ومُخالَفة أمره لقوله جل من قائل:
مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ۗ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ ۩
ثم أما بعد:
أيها الإخوة المسلمون الأحباب، أيتها الأخوات المسلمات الفاضلات، يقول الله – سبحانه وتعالى – من قائل في كتابه العظيم بعد أن أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ:
إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ ۩ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُن مِّن الْمُمْتَرِينَ ۩ فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ۩ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ اللَّهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ۩
صدق الله العظيم وبلَّغ رسوله الكريم ونحن على ذلكم من الشاهدين، اللهم اجعلنا من شهداء الحق، القائمين بالقسط. آمين اللهم آمين.
إخواني وأخواتي:
فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ۩، أخرج الإمامُ مسلم في صحيحه – رحمه الله تعالى – عن عامر بن سعد بن أبي وقاص أن مُعاويةَ بن أبي سُفيان أمر سعداً فقال ما منعك أن تسب أبا التراب؟ أي أمره بسبه فامتنع سعدٌ كما هو ظاهرُ الحديث، فقال سعدٌ – رضيَ الله عنه – أما وقد سمعتُ ثلاثاً من رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقولهن له فلا أسبه، أي بعدما سمعتُ النبي – عليه الصلاة وأفضل السلام – يقول لعليٍّ – عليه السلام – ثلاثة أشياء فلن أسبه لأن مثله لا يُسَب، سمعته يقول له وخلَّفه في بعض مغازيه – هكذا التعبير، وهى غزوة العُسرة أو تبوك من السنة التاسعة – فقال له عليٌّ – عليه السلام – يا رسول خلَّفتني في النساءِ والصبيان، فقال صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم له أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبوةَ بعدي، وهذا من أعظم مفاخر هذا الإمام الأجل عليه السلام، وسمعته يقول له يوم خيبر لأُعطين الرايةَ رجلاً يُحِب الله ورسوله ويُحِبه الله ورسوله، قال سعدٌ فتطاولنا لها فقال ادعوا لي عليّاً، فجيء به أرمداً، فبصق في عينيه ثم دفع إليه الراية ففتح الله عليه، وهذه هى الثانية، أما الثالثة فقال سعدٌ لما نزل قوله تعالى فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ – يُريد الآية التي تلوتها عليكم وهى آية المُباهَلة – دعا النبي – عليه الصلاة وأفضل السلام – عليّاً وفاطمةَ وحسناً وحسيناً فقال اللهم هؤلاء أهلى.
هذه هى الثلاث الخصال التي منعت سعداً أن يسب عليّاً عليه السلام، وهى ثلاثٌ من ثلاثين أو من ثلاثمائة أو مما لا يعلمه إلا الله من خصال هذا الإمام عليه السلام وكرَّم الله وجهه في الدنيا والآخرة.
في سُنن الإمام أبي عيسى الترمذي – رحمه الله تعالى – عن أم المُؤمِنين أم سلمة – رضيَ الله تعالى عنها وأرضاها أنه لما نزل قوله تبارك وتعالى إنّما يُريدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أهْلَ البَيْتِ ويُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً۩ جلَّل صلى الله عليه وآله وأصحابه وسلم عليّاً وفاطمةَ والحسنَ والحسين بكساء – جلَّلهم بكساء أي وضع كساءاً عليهم -، وفي حديث أم المُؤمِنين في صحيح مسلم بمرطٍ مُرحَّل، وهو نوع أيضاً من الثياب أو الأغشية عليه صور رواحل، فهذا هو المُرط المُرحَّل، فالحديث عند مسلم من رواية أم المُؤمِنين عائشة أيضاً رضيَ الله عنها، وقال – عليه الصلاة وأفضل السلام – اللهم هؤلاء أهلي وخاصتي فأذهب عنهم الرجس وطهِّرهم تطهيراً، فقالت أم سلمة يا رسول الله وأنا منهم؟ قال إنكِ إلى خير، لا تدخلين معهم تحت هذا الكساء، هذا الكساء فقط لخمسة، وكان الحسين أبو عبد الله – أبو الشهداء وسيد الشهداء عليه السلام والرحمات والقُربات والأنوار الباهرات الساطعات في الدنيا والآخرة – خامس أصحاب الكساء، هم محمدٌ وعليٌ وفاطمةُ والحسنُ والحسين، فالحسين هو خامسُ أصحاب الكساء، قال أبو عيسى – رضوان الله عليه – وهذا أحسنُ شيئٍ في الباب، وفي الباب عن أنس بن مالك وعن عمر بن أبي سلمة – ابن أم سلمة ولكن من زوجها – وعن أبي الحمراء وعن معقل بن يسار وعن عائشةَ – في هذا الباب، باب تفسير الآية أو باب الكساء يروي كل هؤلاء الصحابة والصحابيات رضوان الله عليهم – عن رسول الله هذا المعنى، تختلف ألفاظهم يسيراً ويتواطأون على تقرير جوهر المعنى، الحسين بن عليّ – عليهما السلام – هو أبو الشهداء وسيدهم وريحانة رسول الله من الدنيا، قال رسول الله حسينٌ مني وأنا من حسين، أحب الله مَن أحب حسيناً، حسينٌ سبطٌ من الأسباط، فهو ريحانته من الدنيا وابن بنته ومُستودَع ذُريته وأخوه هو الحسن – عليهما السلام جميعاً – وهو خامسُ أصحاب الكساء، ونحن نقول هو أبو الشهداء وسيدهم، فلماذا كان الحسين أبا الشهداء وسيدهم؟ ماذا فُعِلَ بالحسين؟ ماذا فعلت هذه الأمة بالحسين ابن محمد – ابن بنت رسول الله، ابن عليّ وفاطمة – وأخ الحسن؟ ماذا فعلت هذه الأمة بهذا الإمام الأجل؟
بعد يومين نوافي اليوم العاشر من شهر الله المُحرَّم لنوافِق فيه الذكرى الأليمة والذكرى المُمِضة الحزينة، ذكرى الكارثة والنكبة والمُصيبة، ذكرى الخرم العظيم الذي لم يُخرَم الإسلام بمثله، ذكرى هذه البائقة التي لأجلها سخط الله على أهل السماوات والأراضين، أبو حامد الغزالي – رضوان الله عليه – في كشف علوم الآخرة ذكر أن الله – تبارك وتعالى – غضب على أهل الأرضِ جميعاً لمقتل الحسين، شيخُ الإسلام قال هذا، ونقل هذا عنه الأئمة ومن آخرهم ابن الوزير اليماني في العواصم والقواصم، وليس عواصم أبي بكر بن العربي وهى قواصم وليست عواصم – هى قواصم النصب والبغض لأهل البيت والكذب على الله والرسول والأئمة والتواريخ وعلى العقل وعلى الشواهد والحس والضروروات – لكن إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ ۩، فأهل البيت الذين نُصلي عليهم في كل صلاة – نُصلي على محمد وآل محمد – لم تزل هذه الأمة تُطارِدهم وتُهجِّرهم وتُنكِّل بهم وتُذبِّحهم وتفعل بهم الأفاعيل، كتمت علومهم وحاربت حتى ذكرهم وأسماءهم، فإمامٌ مثل الإمام عليّ – عليه السلام – فُعِل به الأفاعيل، ومَن مثل عليّ؟ بابُ مدينة العلم وأخو رسول الله الذي لازمه مُنذ نعومة أظفاره إلى آخر لحظة إلى أن أدخله في قبره الشريف، ومع ذلك كما قال ابن حزم لم يُسنَد عنه إلا خمسون حديثاً، وله في الصحيحين عشرون منها.
الإمام عليّ يُستشهَد سنة أربعين للهجرة، وقبل ذلك مكث ثلاث عشرة سنة في الإسلام المكي المُحمدي، فهذه ثلاثٌ وخمسون، وقبل الإسلام رُبّيَ في كنف رسول الله وارتضع لبان علمه وهديه ومع يقول ابن حزم له عشرون حديثاً في الصحيحين وخمسون حديثاً في الجُملة، وأناسٌ آخرون تشرَّفوا برسول الله سنة أو سنتين أو ثلاثة تُروى لهم ألوف الأحاديث، فأين أحاديث الحسن – عليه السلام – المُستشهَد بالسُم سنة ثمانية وأربعين؟ أين هى؟ أين أحاديث الحسين المُستشهَد بالطريقة الوحشية الإجرامية الأموية سنةَ إحدى وستين؟ أين أحاديث أبي عبد الله؟ أين أحاديث آل محمد؟
إخواني وأخواتي:
لو سألتم أنفسكم وسلتم كل مَن تعرفون مِن العامة وبعض أهل العلم والوعظ – حاشا المُتخصِّصين في الحديث – ما مدى صحة حديث تركت فيكم ما إن تمسَّكتم به لن تضلوا بعدي أبداً، كتاب الله وسُنتي؟ سيقولون قطعاً مُتواتِر، قطعاً هذا كالقرآن الكريم، وتقريباً لا تكاد تخلو خُطبة من هذا الحديث، فيُقال كتاب الله وسُنتي، فإذا سألتموهم هل هو في الصحيحين؟ سوف يقولون قطعاً في الصحيحين وقطعاً في المسانيد وفي السُنن والمشيخات والمُعجمات وفي كل الكتب لأنه حديث مُتواتِر، لكن كلا، هذا حديثٌ ضعيف، لم يُخرِّجه لا البخاري ولا مسلم ولا أبو داود ولا النسائي ولا الترمذي ولا ابن ماجه ولم يُخرِّجه واحدٌ من أصحاب الكتب الستة، وستُصدَمون الآن طبعاً، ولابد أن تُصدَموا، طبيعي أن تُصدَموا، فهذا الحديث – حديث كتاب الله وسُنتي – ليس في واحد من الكتب الستة ولا في واحد من الكتب الستة، رواه مالك بلاغاً بلا إسناد فقال بلغني أن النبي قال تركت فيكم، أي أنه قال بلغني بلا سند، ورواه غيره أيضاً مُرسَلاً كالطبري في تاريخه، وأسنده بعضهم ولكن في سنده مقال، وبعضهم جازف بتصحيحه ولكن هناك مقال في تصحيحه، أما الحديث المُخرَّج في صحيح مسلم وفي مُسنَد أحمد ومُستدرَك الحاكم وعشرات الكتب بأسانيد على شرطِ الشيخين – أسانيد صحيحة ويكفي أنه في مسلم – هو تركتُ فيكم ما إن تمسَّكتم به لن تضلوا بعدي كتاب الله وعِترتي أهل بيتي، ومع ذلك هذا لا نسمعُ به، وإن سمعنا به نقول حديثٌ شيعي وأن هذا الحديث عند الشيعة، ونعم هو عند الشيعة لكنه عندنا في صحاحنا أيضاً، فلماذا لا يُتكلَّم بهذا الحديث؟ لأن المُؤامَرة الأموية مُستمِرة إلى اليوم على أهل بيت النبي، فانتبهوا لأن هذا ما يصدم ويُمرِّر ويُكبِد – يُصيب الإنسان بالصدمة وبالمرارة وبالكباد – لكن كيف هذا؟ كيف دأبنا على أن نتلو حديثاً لم يصح آناء الليل وأطراف النهار في كل مُنتدىً ومجمع وفي كل خُطبةٍ وموعظة على أنه لا يصح إلا بَعْدَ اللات والّلتيّا، ونضرب الذكر صفحاً عن حديثٍ في الصحيح – كتاب الله وعِترتي – أيضاً؟ هو في صحيح مسلم من حديث زيد بن أرقم وهو أيضاً من حديث أبي سعيد الخدري رضيَ الله تعالى عنهما، والشيخ الألباني أيضاً مِن مَن صحَّحه من غير طريقه في مسلم لأنه وروده في مسلم كافٍ ولكن في غير مسلم صحَّحه الألباني، فهذا الحديث – كتاب الله وعِترتي – حديثٌ صحيح، ولكن بنو أمية لا يُحِبون هذا الحديث، فليصمت النبي إذن وقد صمت النبي، عندنا نحن أهل السنة ألف وأربعمائة سنة صمت النبي، فلا نسمع بهذا الحديث، وإذا سمعنا به مُباشَرةً نشتم رائحة التشيع ونقول هذا حديث الشيعة، لكن يا إخواني هذا حديث محمد – صلى الله على محمد وآل محمد – وإن رغم مَن رغم ورغب مَن رغب – اللهم اجعلنا من الراغبين – ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، هذا شيئٌ عجب!
نعود إلى مولانا الحسين فالذكرى ذكراه والمقام له، ونحن حضورٌ مُتطفِّلون في هذه الذكرى الأليمة، وجزى الله خيراً كل مَن أحياها وذكَّر المسلمين بها، والله الذي لا إله إلا هو لولا أن الله قيَّض أُناساً لأهل البيت يُظهِرون شأنهم ويتظهَّرون بمحبتهم ويعتقدونها لربما طُمِسَ ذكرهم من عند آخرهم، فنحن ندّعي بالدعوى وباللسان حُبهم لأنه لا مناص من أن نُصلي عليهم في الصلاة لكننا لا نكاد نعرف عنهم شيئاً، لا نحزن لحزنهم ولا نتذكَّر مصائبهم، المُصيبة التي قال عنها حُجة الإسلام إن الله سخط – غضب – على أهل الأرض لأجلها، يقول سعيد بن جُبير سمعتُ عبد الله بن عباس – رضى الله تعالى عنهما – يقول قال صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم أتاني جبريل فقال لي يا أخي يا محمد يقول لك الله – تبارك وتعالى – لقد قتلت بيحيى بن زكريا سبعين ألفاً، وإني قاتلٌ بابن بنتك سبعين ألفاً وسبعين ألفاً.
أيها الإخوة:
الحديث المشهور الذي نتداوله ويدور على ألسنة الوعاظ والخُطباء: لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب خرب لدخلتموه، قالوا يا رسول الله مَن؟ اليهود والنصارى؟ قال فمَن؟ أي فمَن الناس سواهم؟ طبعاً واليهود أكثر ما اشتُهِروا به ما هو؟ قتلهم الأنبياء والمُرسَلين، وهذه الأمة حاولت قتل نبيها كما في صحيح مسلم، المُنافِقون المُتظاهِرن بأنهم من أصحابه حاولوا قتله مرجعه من غزوة تبوك التي خلَّف فيها عليّاً في المدينة لحكمةٍ لأن ناصبياً مُعثَّراً تعيساً والعياذ بالله – أراد قتل النبي، يزعم بعد ذلك حريز بن عثمان الحمصي أن عليّاً هو الذي أراد أن يقتل رسول الله في العقبة التبوكية، قدَّم إليه بغلته وحل رسنها، والبغلة مركبٌ عثور والعياذ بالله، يكثر أن تقتل راكبها وصاحبها إذا وقع عنها خلافاً للفرسِ أو الحصانِ، فانظروا إلى هذا الناصبي الذي يتعبَّد الله ببغض أهل البيت فلعنة الله على مُبغِضيهم إلى يوم الدين، نحن نعبد الله ونتقرَّب إليه بكرهِ وبِغضةِ ولعنِ كل مَن أبغضهم ولعنهم وحاربهم، فلعنة الله عليه ونبرأ منه في الدنيا والآخرة، اللهم لا تجمعنا به في موردٍ لا في الدنيا ولا في الآخرة أياً كان ومَن كان لأننا لا نستثني أحداً، وكيف نستثني والنبي هو الذي يقول فيما صحَّ عنه وصحَّحه الأكابر من القدماء وصحَّحه كثيرٌ من المُحدَثين من علماء الحديث مَن سبَّ عليّاً فقد سبَّني؟ هذا صحَّحه الشيخ حتى أبو إسحاق الحويني المُعاصِر فقال هذا صحيح، أي أن إسناده صحيح، وهو صحيحٌ بلا مثنوية!
دخل أبو عبد الله الجدلي على أم سلمة فقالت يا أبا عبد الله يُشتَم فيكم رسول الله؟ قال معاذ الله أو حاشا الله أو كلمةً كهذه. يقول الراوي، كيف؟ مَن الذي يشتم رسول الله؟!
قالت يُسبّ فيكم عليّ وقد سمعتُ رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – يقول مَن سبَّ عليّاً فقد سبَّني، وعليٌّ يُسبّ ويُلعَن على المنابر وتُقتَّل شيعته وأحبابه وأولاده في كل بلد، أحدثوا لهم مقتلة ومجزرة وسجَّل بعض الأسماء الشاعر دعبل الخزاعي – رضيَ الله عنه وجزاه عن أهل بيت نبيه خير الجزاء – أسماء مقاتل – بعض مقاتل – هؤلاء الطالبين في بعض البلاد تحت كل نجم وفوق كل ثرى، يُقتَّلون ويُذبَّحون ويُذبَّح مَن أحبهم ويُطعَن في دينه ويُحارَب في رزقه ورزق عياله، ونعود لكي نقول ماذا فعلت هذه الأمة بالحسين؟ ولماذا؟ ما قصة الحسين التي أراد بعضُ العلماء والمشائخ أن يُصوِّروه لنا بمظهر الرجل خفيف الرأي – رأيه خفيف ليس رزيناً – والذي لم يستمع إلى نصائح الوصاة الألباء العقلاء كابن عباس وابن عمر وعبد الله بن مطيع وعمرة بنت عبد الرحمن وغير هؤلاء من الذين نهوه عن الخروج؟ الحسين كان في الثامنة والخمسين ولم يكن ابن عشرين أو ثلاثين سنة وإنما كان في الثامنة والخمسين وهو إمام الأمة في وقته لا يزيد الخليع المُتهتِّك لعنة الله عليه إلى يوم الدين، يزيد الشريب، منادم الفهود والقرود والكلاب والحمام، ناكح أمهات الأولاد، هاتك الحرمين، ومع ذلك إلى اليوم تُؤلَّف كتب ويُدافَع فيها عن يزيد ويكتب بعضهم أن الذي يطعن في يزيد مُصاب بالكسل العلمي ولم يعرف الحقائق، ونحن نقول له أنت المُصاب – والله – بالعمى، عمى البصر والبصيرة، أنت أعمى لا تفقهُ شيئاً، وكذَّاب لأنك تكذب على التاريخ ولازلت كبني أمية تكذب على المسلمين إلى اليوم، هذا يزيد الملعون، واسمعوا رأي الإمام الذهبي وهو من أئمة السلف وهواه أموي ومُتهَم بالنصب قليلاً، أي أنه ليس من الأحباب لأهل البيت بل بالعكس هو مائل عنهم ويُنزِّه لسانه عن لعن قتلتهم، بعد أن يُورِد في تاريخه طرفاً من نبأ مقتل أبي عبد الله – عليه السلام – وبعد أن يُترجِم للملعون الدعي ابن الدعي واللعين ابن اللعين عُبيد الله بن زياد – ابن سمية- بن أبيه الذي استلحقه مُعاوية بن أبي سفيان يقول ونحن لا نُحِبهم – عن عبد الله عُبيد الله بن زياد وأمثاله – ونبرأ إلى الله منهم ولكن لا نلعنهم وأمرهم إلى الله، أما نحن فنقول بالتصريح لا بالتلويح نحن نلعنهم ونتعبَّد – والله الذي لا إله إلا هو – الله ونتقرَّب إلى الله وإلى محمد رسول الله – صلى الله عليه وآله – وإلى آل رسول الله ببغِضة هؤلاء ولعنهم، فإذا لم ألعن مَن قتل الحسين وقطع رأسه وسبى بنات رسول الله واستاقهن من مكان إلى مكان ألعن مَن؟ وأتساءل لمَن خلق الله جهنم؟ أُحِب أن أعرف كمسلم وكمُوحِّد لمَن يا ربي خلقت جهنم؟ سيُقال للمُشرِكين وللكافرين، وأقول لهم مَن المُشرِك؟ لست خارجياً ولكنني أقرأ في كتاب ربي أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ ۩ فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ ۩ وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ ۩ فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ ۩ إلى آخر الآيات، فجوهر الشرك ما يُعادِله قسوة القلب والإجرام والوحشية وترك الصلوات واتباع الشهوات، هذا هو جوهر الشرك إذا أردنا أن نفقه فقهاً لا أموياً وإنما أن نفقه فقهاً قرآنياً، لا على طريقة مُعاوية وشيوخ ومُعاوية ومحدِّثي مُعاوية وإنما على طريقة رب مُعاوية ورب الخلق أجمعين، على طريقة كتاب الله المُضيَّع في هذه الأمة الذي ما عُدنا نفقه فيه شيئاً إلا ما رحم ربك وَقَلِيلٌ مَا هُمْ ۗ ۩، وقال الله وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ ۩ الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ ۩، فالله يقول هذه صفات المُشرِكين، فإذا كان مَن ضيَّع الصلوات وركب أكبر الكبائر المُحرَّمات وانتهك حُرم أهل بيت رسول الله وهتك الحرمين الشريفين مكة والمدينة وقصف الكعبة بالمنجانيق حتى احترقت أستارها – هذا اللعين الملعون الخليع المهتوك – لا يستحق اللعنة ولا يستحق جهنم فمَن الذي يستحق اللعن؟ أين ذهب الدين؟ العلماء الصالحون في هذه الأمة كالعلَّامة التفتازاني قالوا نحن لا نمتري في كفره، أي ليس لدينا شك في كفر يزيد، والتفتازاني قال أنا لا أشك في كفره، والآلوسي – رحمة الله عليه – في تفسير سورة القتال – سورة محمد – قطع بنفس المعنى، فالآلوسي لا يمتري في كفر يزيد بن مُعاوية، أصلاً يزيد مَن ربَّاه؟ ربَّته أمه ميسون بنت بحدل طليقة مُعاوية والتي لم تُحِب مُعاوية، قالت له أُريد أن أعود إلى أهلي هناك، هذا أفضل لي من قصرك ومن هذه الفخفخة فطلِّقني، فعاش يزيد مع أمه، وكانت عامة حياته مع أمه فلا يأتي دمشق إلا قليلاً ولمُاماً، وهناك تربَّى على أيدي النصارى المشارقة كما يذكر المُستشرِقون وهذه حقائق، وابنه خالد بن يزيد مُعلِّمه كان نصرانياً كبيراً ومُستشاره وهو الذي أشار عليه بعزل النعمان بن بشير عن الكوفة وتولية عُبيد الله بن زياد بن أبيه، وهو السيرجون المشهور – أي السير جون – كما يُسميه العرب، وأنتم تعرفون ابنه يوحنا، فهذا كان مُستشار أبيه وصار مُستشاراً له وقال له لو كان مُعاوية حياً وأمرك تأخذ بقولي؟ قال آخذ، قال فأنا أقول لك اعزل النعمان وولي الكوفة عُبيد الله بن زياد، لأن عُبيد الله هو الذي سيأتيك برأس الحسين، هو الذي سيقضي على هذه الحركة وعلى هذه الثورة، فأخذ مُباشَرةً برأيه، فإذن يزيد مَن ربَّاه؟ ربَّاه أهل أمه، وبعد أن مات أبوه – بعد أن مات مُعاوية – أتى وقد مات مُعاوية بعشرة أيام حسبما قيل لأنه لم يكن موجوداً في دمشق أصلاً فوجد أبوه قد قُبِر، فصلى على قبره أمام الناس، فكيف يُقال ربَّاه أبوه؟ ربَّاه كما ذكر ابن كثير – انظروا إلى التحريف – الذي يروي عن الإمام الطبراني – ولم يتعقَّب هذه الرواية بشيئ بل برَّرها – أن يزيداً كان فيه ما في الأحداث والعياذ بالله، فهو يميل إلى الشهوات وإلى المُخالَفات ويشرب الخمر – كان شروباً أو شريباً للخمر – لكن بماذا أوصى مُعاوية بن أبي سُفيان صاحب رسول الله ابنه؟ كيف ربَّاه؟ قال له يا بُني لا يليق بالعاقل أن يتهتَّك هذا التهتك، أي أن يفعل المعاصي أمام الناس بما يُذهِب مروءته، وليت شعري فأين مروءة مُعاوية أصلاً حتى يكون ليزيد مروءة؟ أين المروءة؟ لكن هذا الموضوع طويل وسوف نرى المروءة كيف، ونرى كيف يُربِّيه على المروءة بما يذهب بمروءته ويُشمِت به عدوه ويُسيء إلى صديقه العاقل الأريب، فيُمكِن أن يصل إلى ما يشتهي دون أن يناله شيئٌ من هذا، وقد قال له يا بُني وإن مُنشِدك شيئاً من الشعر فاحفظه وتأدب به، فاستمعوا بالله عليكم – وهذا ذكره الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية – حتى تعرفوا الحقائق التي لا تُقال لنا ولا يُراد لنا أن نسمعها بإسم الحق وبإسم الفتنة ولكن أنا أقول لكم أن هذا يحدث بإسم الكذب والتزييف، فكفى كذباً وتزييفاً علينا وعلى أمتنا، يقول مُعاوية لابنه:
انْصَبْ نَهَارًا فِي طِلَابِ الْعُلَا وَاصْبِرْ عَلَى هَجْرِ الْحَبِيبِ الْقَرِيبِ.
حَتَّى إِذَا اللَّيْلُ أَتَى بِالدُّجَى وَاكْتَحَلَتْ بِالْغُمْضِ عَيْنُ الرَّقِيبْ.
فَبَاشِرِ اللَّيْلَ بِمَا تَشْتَهِي فَإِنَّمَا اللَّيْلُ نَهَارُ الْأَرِيبِ.
ما شاء الله على التربية، الإخوة والأخوات الذين يُحِبون أن يتلقَّوا دروساً في التربية ليقرأوا سيرة مُعاوية مع ابنه يزيد لكي يعرفوا كيف يُربِّيه، وفي المُقابِل انظروا إلى عليٍّ كيف ربَّى الحسن والحسين ليأتي يزيد ويقتل الحسين شر قتلة، إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ ۩.
يقول له:
فَبَاشِرِ اللَّيْلَ بِمَا تَشْتَهِي فَإِنَّمَا اللَّيْلُ نَهَارُ الْأَرِيبِ.
أي أن الذكي نهاره في الليل فيفعل ما يُريد ولا أحد يراه، فافعل ما تُريد!
كَمْ فَاسِقٍ تَحْسَبُهُ نَاسِكًا قَدْ بَاشَرَ اللَّيْلَ بِأَمْرٍ عَجِيبٍ.
غَطَّى عَلَيْهِ اللَّيْلُ أَسْتَارَهُ فَبَاتَ فِي أَمْنٍ وَعَيْشٍ خَصِيبٍ.
وَلَذَّةُ الأَحْمَقِ مَكْشُوفَةٌ يَسْعَى بِهَا كُلُّ عَدُوٍّ مَرِيبٍ.
يا سلام على الحكمة، يا سلام على التربية، فمُعاوية يقول لابنه يزيد لا تسكر أمام النالس لأن هذا سيُسيء إليك وسيُسيء إلى سُمعتك، وطبعاً مُعاوية يضع في باله أن يجعله أمير المُؤمِنين من بعده، فقال له لا تشرب أمام الناس، إذا كنت تُحِب أن تشرب وتُحِب أن تُعربِّد فليكن هذا في الليل، وهذا معنى قوله:
فَبَاشِرِ اللَّيْلَ بِمَا تَشْتَهِي فَإِنَّمَا اللَّيْلُ نَهَارُ الْأَرِيبِ.
والعجب – والله – من الحافظ ابن كثير – رحمه الله وعفا الله عنه – أنه قال وهذا كما ورد في الحديث مَن ابتُليَ بشيئٍ من هذه القذورات فليستتر، فقلت لا والله ما هذا كهذا يا ابن كثير، لا والله الذي رفع السماوات يا ابن كثير ما هذا كهذا، ووالله الذي لا إله إلا هو لا يقبل أحدٌ من أحدٍ منا أن يُؤدِّب ابنه على هذا النحو، وسيُتهَم بأنه مُنافِق ومُتهتِّك بل وربما اتهموه بالزندقة، سوف تقول له أنت زنديق لأنك تقول لابنك عربِّد في الليل وفي النهار اظهر بأزياء الصالحين، قال الله تعالى يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا ۩، فأين القرآن يا ابن كثير، يا مُفسِّر القرآن، يا إمامنا؟ هذه زلة لعالم كبير -عفا الله عنه – لكن الهوى، حُبُّكَ الشَّيْءَ يُعْمِي وَيُصِمُّ، وحبك الحق والحقيقة يكشف الغماء عن عينك فترى الأشياء بأقدارها حتى وإن كان القائل في مثل جلالة الحافظ ابن كثير وإنه لجليل، إمام وحافظ ومُحدِّث ومُؤرِّخ ورجل صالح ولكن هذه زلة، زلةٌ كبيرة يا ابن كثير، فلماذا تُريد أن تخدعنا عن الحقيقة؟ كيف تقول هذا كهذا؟ لا والله يا ابن كثير، هذا الذي أتيت به أخرجه مالك ولكن هناك ما أخرجه ابن ماجه وهو المُوافِق للقرآن ولما أطبق عليه الصلحاء في هذه الأمة فهو حديثٌ صحيح وممَن صحَّحه الشيخ الألباني أيضاً وهو حديث ابن ماجه عن ثوبان مولى رسول الله، قال صلى الله عليه وآله وسلم لأعلمن أُناساً من أمتي يأتون بحسناتٍ – بأعمال حسنة – كجبال تهامة بيضاء فلا يعبأ الله بها، يأمر بها فتصيرُ هباءً منثوراً، – قال الله وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً ۩ – فقال ثوبان فقلت يا رسول الله صفهم لنا، جلِّهم لنا ألا نكون منهم ونحن لا نعلم، قال أما إنهم منكم – الرسول يقول منكم، أي من أمتي وربما من أصحابي أو في أصحابي – ويأخذون من الليل كما تأخذون – أي أن بعضهم يقوم الليل – ولكن إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها، فمن علامات النفاق أن تُظهِر الصلاح للناس وتنتهك الحُرمات في الخلاء، أي أن تُظهِر الصلاح في الملأ وتنتهك الحُرمة في الخلأ، فالإمام الشافعي الفقيه ابن حجر الهيثمي ذكر في الزّواجر عن اقتراف الكبائر هذا الأمر على أنه من الكبائر، لا أدري أكانت الكبيرة الثلاثمائة وسبع وخمسين أم لا، لكنها بعد الثلاثمائة وخمسين وقال أنها من الكبائر، لكن مُعاوية يُربِّي ابنه على احتقاب الكبائر ويقول له لا تسكر أمام الناس، ولم يقل له لا تسكر أبداً، لم يقل له هذه فاحشة وأم الخبائث يا بُني فاتق الله، وإنما قال له في الليل افعل ما تُريد، ثم يقولون لنا مُعاوية ومُعاوية!
مُعاوية كما سنُثبِت في السلسلة مُدمِن على الخمر، يشربه أمام الناس ويُتاجِر فيه، والأحاديث صحيحة فلن يُمكِنهم أن يُكذِّبوا الصحيح، فاخضعوا للحق وابخعوا للحق يا إخواني، نأتي الآن لكي نقول لماذا ثار الحسين؟ ما الذي أخرج أبا عُبيد الله؟ هل كانت نزوة؟ هل كانت فلتة؟ أبداً يا إخواني، الرجل – سلام الله عليه – بكلمة واضحة حفظها لنا الزمان قال إنى لم أَخرج أَشِراً وَلا بطَراً وَلا مُفْسِداً وَلا ظالِماً وإِنَّما خرجتُ لِطَلَبِ الإصلاحِ في أُمَّةِ جَدّي محمداً – صلى الله عليه وآله وسلم -، أُريد آمر – أي أريد أن آمر – بالمعروفِ وأنهى عن المُنكَر وأسير في أمة جدي بسيرة جدي وأبي عليّ بن أبي طالب، فمَن قبل عنا بالحق ما جئنا به فالله أولى بالحق، ومَن ردَّ علينا صبرنا حتى يحكم بيننا وبين قومنا وهو خير الحاكمين، فهذا هو الحسين وقد رأى أمر الأمة قد فسد ورأى الشرع قد انتُهِك ورأى المعروف لا يُتآمر به والمُنكَر لا يُتناهى عنه كما قال في خُطبته في ليال مقتله الشريف المُنيف، قال أما إن الدنيا قد أدبرت وتنكَّرت وتغيَّرت وانشمرت حتى لم يبق منها إلا صُبابةٌ كصُبابة الإناء وإلا خسيسُ عيشاً كالمرعى الوبيل، ألا ترون الحق لا يُتآمر به والمُنكَر لا يُتناهى عنه، أما أني لأرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برما، كأنه يقول تباً لهذه الحياة، تباً لهذه الحياة التي نخضع فيها ليزيد اللعين، يزيد اللعين الذي قال فيه الذهبي أنه كان ناصبياً، وبالمُناسَبة كل خلفاء بني أمية بدءاً من مُعاوية وانتهاءاً بالحمار – مروان بن محمد الحمار المعروف بالحمار باستثناء الراشد ابن عبد العزيز – رضوان الله عليه – كلهم نواصب، كلهم أعداء لأهل البيت وأولهم ومُؤسِّس طريقتهم مُعاوية، فهو أكبر ناصبي، هذا عاش ومات يلعن عليَاً ويأمر بلعنه كما في الأحاديث الصحيحة التي ستأتيكم في السلسلة مُخرَّجة لكنهم يسكتون عنها، فهناك أحاديث صحيحة كثيرة تدل على أنه هو وولاته نواصب.
الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية – إخواني وأخواتي – يذكر أرجوزةً عن بعضِ الأفاضل كما وصفها – قال هذه أرجوزة لبعض الأفاضل – وقد ضمَّنها أسماء الخلفاء جميعاً إلى وقته، ولما جاء إلى خلفاء بني أمية قال هذا المُرتجِز:
وكلّهم كان ناصبيّا حاشا الإمام عمر التّقيّا.
فهو يقول وكلّهم كان ناصبيّا، أي كل خلفاء بني أمية، واقرأوا البداية والنهاية لكن نحن لا نقرأ – هذه أمة لا تقرأ – فانتبهوا، فهو قال:
وكلّهم كان ناصبيّا حاشا الإمام عمر التّقيّا.
هم نواصب باستثناء ابن عبد العزيز، فخلفاء وملوك بني امية نواصب، يتديِّنون ببغض ومُعاداة ولعن أهل بيت النبوة، لكننحن نُدافِع عنهم ونُحِبهم إلى اليوم ونتفقه بفقههم ونتلقى رواياتهم وعن مَن أجازوه وعن مَن أعطوه وأشبعوه، فيا عجباً لهذه الأمة، هل تعرفون مَن الذي كان على رأس الجيش الذي سيَّره عُبيد الله بن زياد – لعنة الله عليه وعلى أبيه – لقتال الحسين وقتله وأهل بيته؟ عمر بن سعد بن أبي وقاص، الصحابي الجليل – سبحان الله – أخرج الله من صُلبه هذه اللعنة المُسماة بعمر بن سعد لعنة الله عليه، يقول الإمام العجلي عمر بن سعد بن أبي وقاص كذا كذا الزهري وهو الذي قاد الجيش الذي قتل الحسين وهو ثقةٌ، فعلَّق يحيى بن معين قائلاً يقتل الحسين وتقول ثقة؟ ما هذا التناقض؟ لكن هذا هو الجنون الأموي، فهذه الأمة جُنَّت أموياً، يُوجَد نوع من الرعُب ومن الخوف عندها، وأحد المُحدِّثين حدَّث بحديث وقال عن عمر بن سعد كذا وكذا فقال له أحد طلابه أتُحدِّث عن مَن قتل ابن بنت محمد يا شيخ؟ أما تستحي من الله؟ أما تخاف من الله؟ فجعل يبكي وقال لا أعود، لا أعود، لكن علماء الجرح والتعديل ضحكوا علينا وقالوا هو ثقة وإياك أن تقول عكس هذا، وهذا يا أخي شيئ لا يُصدَّق، هل هناك أعظم من قتل الحسين؟ يُروى بالسند عن عبد الله بن عمرو بن العاص وكان جالساً في ظل الكعبة فأقبل أبو عبد الله الحسين – عليه السلام – في سابقة أيام حياته السعيدة المجيدة العزيزة فأشار إليه وقال أرأيتم هذا؟ هذا أحبُ أهل الأرض إلى أهل السماء اليوم، أي أن النبي أفضل مَن يمشي على وجه الأرض الآن هذا هو، فالنبي هو الذي قال هذا، وهذه الأحاديث معروفة وواضحة، هو سيد شباب أهل الجنة، هو الإمام، إن قام وإن قعد إمام، لكن يقتله عمر بن سعد بماذا؟ بإمارة الري، لأنه إن لم يقتله قال له عُبيد الله – أنا تمنيت أن يقول له على الأقل لأقتلنك، فقد يكون له بعض عذر ولا عذر والله ولكنه لم يقل له لأقتنلك – لأعزلنك عن عملك ولأهدمن دارك، أي لن تكون أمير على الري وعلى همدان وسأهدم لك بيتك، هذا هو فقط، فقال أنا تفكَّرت في أمري وأُحِب الري، قال:
أَأَتْرُكُ الرّيّ والريّ مُنْيَتي أم أرجِعُ مأثوماً بقتل حسينِ.
قال نرجع مأثومين بقتل الحسين، فألا لعنة الله عليك ولك النار!
تابعي جليل رأى النبي – صلى الله عليه وآله – في المنام فقال رأيته في المنام فقال لي ائتِ البراء بن عازب صاحبي فاقرأ عليه السلام مني وقل له مَن قتل الحسين فهو في النار، فكل قتلة الحسين في النار – والعياذ بالله – دون كلام، واترك فقه أمية وحبة إيمان وحبة خردل، فهذا فقه الأمويون وفقه الإرجاء لكن الله قال وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً – ليس حسيناً ابن رسول الله وإنما قال مُؤْمِناً ۩ – مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً ۩.
روى الإمام أحمد في مُسنَده عن عمران بن حصين – والحديث طويل فسوف أجتزيء منه بهذا الجزء المُبارِك – أن النبي أمر بغزاة، قال فخرجنا واصطففنا وصففنا الرجال ومن خلف الرجال النساء وما إلى ذلك ثم غزونا وعُدنا فأتى أحدهم فقال يا رسول الله استغفر لي الله غفر الله لك، قال ماذا؟ أحدثت حدثاً؟ أي أن النبي قال له هل عملت مُصيبة؟ فقال نعم يا رسول الله إنه لما فرَّ القوم أدركت رجلاً بين القوم والنساء فهويت عليه بحربتي فقال إنه مسلم وقال أشهد أن لا إله إلا الله، قالها تعوذاً من الموت – أي أنه قال أنا رأيت أن هذه كانت تعوذاً – فقال النبي ماذا؟ وعلى ماذا نُقاتِل الناس؟ أي نحن لماذا أصلاً نُقتَل ونُقاتِل؟ ألا نُقاتِل الناس حتى يدخلوا في الإسلام؟ هلّا شققتَ عن قلبه فاطّلعتَ على ما فيه؟ قال قلت كلا يا رسول الله لم أفعل، قال أما إني لن أستغفر لك، فذهب ولم يستغفر له، ثم يقول عمران بن حصين فمات فدفنه أهله فأصبحوا وقد نبذته الأرض، وهذا صحابي، لكن هذه لمَن جنَّنونا وكسَّروا أدمغتنا بحكاية صحابي، فهذا صحابي أيضاً، أليس كذلك؟ وهو مُجاهِد وغزا بأمر رسول الله لكنه قتل رجلاً كافراً مُشرِكاً وقد أسلم في لحظة بلسانه لا ندري لماذا، فكان ينبغي أن تكف عنه، لا أن تقطع رأس الحسين وأن تحمله إلى قصر الدعي ابن الدعي ثم يُوضَع على رمح وفي سفط ويُخرَج كل حين ويُؤتى به إلى الشام ويضرب على ثنيتيه الملعون يزيد بقضيب من حديد، علماً بأن ابن تيمية حبيب بني أمية وعاشق بني أمية يُنكِر هذا لكن العلماء يُثبِتونه، الطبراني يُثبِته والذهبي يُثبِته والطبري يُثبِته وأبو الحجاج المزي وهو أعلى من ابن تيمية بمرات في الحديث بشهادة الذهبي – لا يُقاس ابن تيمية بالمزي، المزي رضوان الله عليخ خلقٌ عجيب من خلق الله – أثبت هذا في ترجمة حسين من تهذيب الكمال في أسماء، أثبت أن يزيداً يضرب بقضيب من حديد على ثنتي الحسين، وسُكينة بنت الحسين – من أين آتي بقلب بقدر هذا الحزن كله؟ من أين نأتي بقلب يسع هذه المرارة كلها؟ – خلف كرسي الملعون يزيد حتى لا ترى رأس أبيها، ورجل أزرق من عصابة يزيد – لعنة الله عليه وعلى حاشيته – يتطلَّع إلى فاطمة بنت الحسين ويقول يا أمير المُؤمِنين هب لي هذه، أريدها لكي أنكحها كسبية،فانتفضت زينب الكُبرى أخت الحسين – عليها السلام – وقالت كلا ما ينبغي ولا يحل هذا لك ولا له، فقال يزيد الملعون كلا لو أردنا لفعلنا، قالت كلا والله إلا أن تخرج أنت وهو من ديني ودين أبي وجدي، أي أنك ستخرج من دين محمد لأنك لست على دين محمد، ونحن نعرف أن مشروعهم هو القضاء على دين محمد، فيا أخي ما هذا الحقد كله؟ ما هذا الحقد المجنون؟ حقد أبي سفيان على الرسول ومُعاوية على عليّ ويزيد على الحسين، أُحِب أن أعرف ما هذا الحقد؟ أنا – أُقسِم بالله – أعرف والأمور واضحة عندي، إنها – أُقسِم بالله – أوضح من أصابعي الخمسة هذه، والله الذي لا إله إلا هو إن الأمور لواضحة كالشمس ليس دونها حجاب ولكن العمى، فنعوذ بالله من عمى القلوب ونعوذ بالله أن تعمى قلوبنا وأبصارنا ولا حول ولا قوة إلا بالله، يُراد أن تُؤخَذ بنت عليّ وبنت فاطمة سبية وأن تُنكَح على أنها سبية، ويتهدَّد الملعون أنه يستطيع أن يفعل هذا، فلعنة الله عليه، ما هذا؟ وبعد هذا الذي حدث نسكت، فرحمة الله على الإمام أبي عبد الله الحاكم الذي اتُهِمَ بالتشيع وهو صاحب المُستدرَك على الصحيحين، حيث يقول أبو عثمان الصابوني أنشدني شيخنا الإمام أبو عبد الله الحاكم في مجلس الإمام الحمشادي شعراً، فماذا يقول الحاكم؟ يقول:
جاؤوا برأسِك يا ابنَ بنتِ محمّدٍ متزمّلاً بدمائه تزميلا.
وكأنّما بك يا ابنَ بنت محمّدٍ قتلوا جهاراً عاقدين رسولا.
كما قلت لكم أن النبي ورد عنه هذا وثبت عنه هذا، فهو قُتِل كما قُتِل يحيى وكما قتل بنو إسرائيل الأنبياء، وهذه الأمة فشلت أن تقتل محمداً ليلة العقبة التبوكية، والنبي أخبر بأسماء هؤلاء المُنافِقين الذين أرادوا قتله، على كلِ ذكيٍ وأريب أن يبحث وأن يُنقِّر وأن يُنقِّب وأن يُفتِّش لكي يعرف على الأقل أسماء بعض هؤلاء الذين أرادوا قتل الرسول ليلة العقبة، واقرأوا صحيح مسلم واقرأوا الشروحات وكل ما كُتِبَ حتى تأخذوا فكرة عامة عن الموضوع، فالموضوع خطير، قال حذيفة أشهد أنهم حربٌ لله ورسوله في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد، وهذا في صحيح مسلم لكن هذا لا يُقال لنا ولذا لا نُعلَّم الحقائق، فهم فشلوا أن يقتلوا النبي فقتلوا أخاه وقتلوا ابنه وقتلوا ابنه، الله أكبر، قال الشاعر:
سميّةُ نسلُها أضحى كعددِ الحصى وبنتُ رسولِ الله ليس لها نسلُ.
لكن لا، أين نسل سُمية اليوم؟ لا نسل، أين نسل يزيد ومُعاوية؟ لا نسل، والإمام ابن كثير في البداية والنهاية قال وبموت هذا من أبناء يزيد انتهت ذُرية يزيد وقطع الله عقبه، فلم يبق أحد على وجه الأرض اليوم من نسل مُعاوية بن أبي سُفيان، لكن أين نسل الحسن؟ وأين نسل الحسين؟ أنا أقول لكم أنه موجود في خمسة قارات العالم أو في خمس القارات العالم، في خمسة أسقاع المعمور، إي والله، في الهند والسند وفي العراق والشام وفي مصر والسودان وفي ليبيا والقدس وفي الحجازين وفي كل بلاد العالم يُوجَد نسل محمد ولا يعلم عدتهم إلا الله، قال الله إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَر ۩، هذا هو الكوثر فلا تأس أيها الشاعر المُحِب، قطع الله نسل يزيد ونسل ابن زياد، وهذا هو نسل محمد.
قال الشاعر:
وكأنّما بك يا ابنَ بنتِ محمّدٍ قتلوا جهاراً عاقدين رسولا.
قتلوك عطشاناً ولم يترقّبوا في قتلِك التنزيل والتأويلا.
الله أكبر، قبل يومين كان عنده ماء فأعطاهم ، فهذا حسين بن عليّ، وفي صفين يقف مُعاوية على الماء فلا يُعطي عليّاً وجيشه، وفي اليوم التالي يغلب عليّ على الماء فيُعطي مُعاوية وجيشه، هذا شيئٌ عجب، وإلى اليوم – قسماً بالله – الذين يُحِبون هؤلاء – أي يُحِبون بني أمية – أخلاقهم كبني أمية، لا وفاء له، فقط غدرٌ وكذب ونفاق وتدجيل وحقدٌ أسود، والذين يُحِبون محمداً وآل محمد بصدق هم الرجولة، هم الشرف، هم المجد، هم الصدق، هم الحق، هم البر، هم الطهر، وهذا شيئٌ عجيب.
رحمة الله على الإمام القاضي ابن خلكان، فالقاضي ابن خلكان في وفيات الأعيان يروي في ترجمة الشاعر الشهير حيص بيص – سعد بن محمد بن الصيفي الذي عُرِفَ بحيص بيص – قائلاً وحدَّث الشيخ ابن المُنجلي – نصر الله بن المُنجلي الذي كان شيخاً فقيهاً – قائلاً نمُت ليلةً – يبدو أنه نام في مثل هذه الليالي مكموداً محزوناً -فسنح لي الإمام عليّ – عليه السلام – في المنام، فقلت له يا أبا الحسن تفتحون مكة وتقولون مَن دخل بيت أبي سُفيان فهو آمن ثم يتم على ولدك وأهلك في الطف بكربلاء ما تم، ما هذا؟ لقد حاربوكم عشرين سنة ولما أمكن الله من مُعاوية وأبيه وأخيه وأمه آكلة الأكباد قال محمد رسول الخير والطهر والمرحمة اذهبوا فأنتم الطلقاء وقبلها قال ومَن دخل بيت أبي سفيان فهو آمن، ومع ذلك يأتينا الحمقى التائهون ليقولوا لم قالها؟ قالها لأنه قال إن أبا سُفيان رجل يُحِب الفخر، أراد أن يتألَّف هذا الرجل المعطوب الفطرة والمنكوس الشخصية، أراد أن يتألَّفه لعله يخشع قليلاً ويبخع للإسلام، فهذا كان تألّفاً أيها السائل التائه، يا مَن ضربوا بك في التيه وهم يضحكون عليك، فما كان جزاء محمد وآل محمد؟ قُتِّلوا تقتيلاً، الله أكبر، وعلى يد مَن؟ على يدِ هذه العائلة بالذات، فكل بلاء الإمام عليّ كان من مُعاوية، والبلاء الذي أصاب الحسن والحسين كان من بني أمية ومن مُعاوية وأبناء مُعاوية، والحسن يموت مسموماً بعد أن سُمَّ عدة مرات ونجا، حتى سُمَّ آخر مرة فلم ينج منها وكان يلفظ كبده لفظاً، كان يلفظه لفظاً وإلى الله المُشتكى – الله الموعد – طبعاً، وقال لأخيه الحسين ادفني عند جدي المُصطفى فأنا أولى به، وأنتم تعلمون ما حدث وقد حكيت لكم هذا، ويأتي مروان بن الحكم – لعنة الله عليه وعلى أبيه من قبله – ويمنع هذا، فيعمل الحسين بوصية الحسن لكن يُمنَع الحسن أن يُدفَن عند جده رسول الله لأن بني أمية لا يُريدون، وهذا شيئٌ لا يُصدَّق، هل هذا حرص على رسول الله وحُب لرسول الله أم بغض في أهل أبيت رسول الله وفي رسول الله نفسه؟ كانوا يُخاطِبون بعض المسلمين ويقولون محمديكم، فانتبهوا إلى قولهم محمديكم ومع ذلك يُقال مسلمون.
رحمة الله على حُذيفة بن اليمان الصحابي الجليل، أمين سر رسول الله على المُنافِقين – أي على أسمائهم – الذي تُوفيَ سنة ست وثلاثين بعد مقتل عثمان بأقل من سنة، فقد رأى التحول الخطير على يد بني أمية في آخر خلافة سيدنا عثمان – رضيَ الله عنه – ورأى كيف تعبث بنو أمية بكل شيئ وكيف قلبوا الدين وكيف جاهروا بالنفاق، ومَن يعني حُذيفة بقوله إلا هؤلاء فيما رواه عنه البخاري؟ قال حُذيفةُ إنما كان النفاق على عهد رسول الله – صلى الله عليه وآله – أما اليوم فإنما هو الكفرُ بعد الإيمان، أي قال أن اليوم لا يُوجَد فيه نفاق وإنما يُوجَد كفر، وهذا في صحيح البخاري فانتبهوا حتى تفهموا التاريخ، لا تقل لي التاريخ والطبري وابن عبد ربه ولا تقل أنني أتحدَّث عن عواطف، فهذا في صحيح البخاري، وهو عن ماذا يتكلَّم؟ يقول إنما كان النفاق على عهد رسول الله أما اليوم فإنما هو الكفرُ بعد الإيمان، علماً بأن هذه رواية للأكثرين، قال الحافظ وفي رواية الكفر أو الإيمان، أي الكفر أو الإيمان بالترديد.
نعود إلى القصة العجيبة التي تحدَّثنا عنها ولم نُكمِله، فبماذا أجاب الإمام عليّ – عليه السلام – على الرجل في المنام؟ قال له الجواب عند ابن الصيفي ، أما سمعت ماذا قال ابن الصيفي؟ قال فقلت كلا يا أبا الحسن ما سمعت، قال فاسمع منه، قال فاستيقظت وهُرِعت إلى دار حيص بيص – حيص بيص هو سعد بن محمد المعروف بابن الصيفي، وهو الشاعر العباسي الشهير المُتوفى سنة أربع وسبعين وخمسمائة للهجرة والمشهور بحيص بيص – فطرقت عليه الباب فخرج مذعوراً، فقلت الأمر كذا وكذا فماذا قلت؟ فلما سمع ما قلت شهق وأجهش في البكاء – أي جعل يبكي – وقال والله إن عرف بها أحد – أي بهذه الأبيات – وإن قلتها قبل الليلة فما نظمتها إلا قبل قليل، أي أنه قال أنا قلت في هذا المعنى بالذات وهذا أمر عجيب، أنا كنت أُفكِّر في قضية مظلومية أهل بيت النبي وكيف قابل بنو أمية وآل أبي سُفيان وآل مروان وآل الحكم بن أبي العاصي عفو النبي، وحسبك من شرٍ سماعه كيف قابلوا عفو رسول الله وكرم رسول الله بتذبيح أهل البيت، قال فقلتُ – وهو يبكي – الآتي:
مَلكنا فَكانَ العَفو مِنّا سَجيَّةً فَلَمّا مَلَكتُمْ سالَ بالدَّمِ أبطُحُ.
وحَلَلتُمْ قَتلَ الأسارى وطالما غَدَونا عَن الأسرى نَعفُ ونَصفَحُ.
فَحسبُكُم هذا التفاوتُ بَينَنا وكُلُّ إِناءٍ بالذي فِيهِ يَنضَحُ.
هذه الأبيات أنتم تسمعونها وتعرفون قوله وكُلُّ إِناءٍ بالذي فِيهِ يَنضَحُ، فهذه قصتها لكنها لا تُقال لنا كاملة، فانتبهوا إلى النصب الذي يُمارَس من تحت إلى تحت، فلا يُحَب ولا يُراد أن تُقال لنا حتى القصص كاملة، فأنتم تحفظون الأبيات دون أن تعرفوا القصة لأن القصة تنتصر لأهل البيت وفيها كرامة للإمام عليّ – عليه السلام – لأن رؤياه حق هنا، فهذا حق لأنه قال له اذهب إلى ابن الصيفي وستسمع الجواب منه -الله أكبر – وقد قال:
مَلكنا فَكانَ العَفو مِنّا سَجيَّةً فَلَمّا مَلَكتُمْ سالَ بالدَّمِ أبطُحُ.
وحَلَلتُمْ قَتلَ الأسارى وطالما غَدَونا عَن الأسرى نَعفُ ونَصفَحُ.
فَحسبُكُم هذا التفاوتُ بَينَنا وكُلُّ إِناءٍ بالذي فِيهِ يَنضَحُ.
نحن بنو هاشم وأنتم بنو عبد شمس، أنتم أبناء الحكم وأبناء أبي سُفيان – صخر بن حرب – وما إلى ذلك، وهذا هو الفرق، فإذن لماذا خرج الحسين؟ خرج الحسين لأنه رأى الدين يُهتَك ويذوب والحُرمات تُنتهَك، فالحسين خرج لهذا المعنى، لكن هل تعلمون أن في صحيح البخاري دخل الإمام الزهري على أنس بن مالك صاحب رسول الله فوجده يبكي، فقال قلت له لم تبكي؟ فقال أبكي، لا شيئ مما كنتُ أعرفه، أي لا أعرف الآن شيئاً مما كنتُ أعرفه، وعند أحمد أضافة “على عهد رسول الله”، فهو قال أن الدين انتُسِخ؟ لكن أين هذا؟ بدمشق، فهو دخل عليه بدمشق، وقال الحافظ بن حجر جاء من البصرة – أنس كان في البصرة – إلى دمشق لكي يشكو الحجاج إلى الوليد بن عبد الملك، وقال ضاع كل شيئ، ولذا قال أبكي، لأن أين الدين؟ إلا هذه الصلاة، وهذه الصلاة قد ضُيّعَت، أي أن الصلاة أيضاً هى الأُخرى ضُيّعَت، أتعلمون ماذا فعل بنو أمية بالصلاة؟ فعلوا الأفاعيل، اقرأوا شرح الحافظ فتح الباري وشرح الحافظ ابن رجب فتح الباري أيضاً على البخاري، هناك أعاجيب لا تُصدَّق، وقد روى عبد الرزاق عن عطاء أنه قال جئت أُصلي الجمعة كاليوم خلف الوليد بن عبد الملك وأنه رأى ما حدث للصلاة، وطبعاً هم يُؤخِّرون الصلاة، ويُصلون الجمعة عند المغرب، فلا يُوجَد لا ظهر ولا عصر بل ويدخل المغرب أحياناً، وهذا شيئ لا يُصدَّق، وهكذا كان يفعل الحجاج وهذا ثابت أيضاً لكن نحن لا نعرفه ولا يُقال لنا، لكن هذا ثابت وقد ذكره كل الشراح وكان معمولاً به، فهم أضاعوا الصلاة وتعمَّدوا أن يُضيعوها بسبب الحقد الدفين على الدين، وفعلوا هذا بالقوة وقالوا لابد أن تُصلوا معنا في غير الوقت، حتى أضاعوا الصلاة عن أوقاتها بالكُلية، قال الله فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ۩، هذا فقط حتى تعرفوت ما الذي حمل الحسين على أن يخرج، فأمثال هذه الأمور التي آلت إلى تضييع الصلوات بالكُلية هى التي دفعته، ومُعاوية كم عبث وعبث بالصلاة، مُعاوية كما قال سعيد بن المُسيب وكما قال الزهري أول مَن أحدث الأذان للعيدين، لماذا؟ يقول العلَّامة الأزهري موسى شاهين لاشين في فتح المُنعِم أمراً هاماً في هذا الصدد، ولكن أدركنا الوقت فأكتفي بهذا ولعلنا نُكمِل – إن شاء الله – بعد صلاة العصر.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(الخُطبة الثانية)
الحمد لله، الحمد لله الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون، ويستجيب للذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله والكافرون لهم عذابٌ شديد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله تعالى عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً.
اللهم اهدِنا فيمَن هَديْت وعافِنا فيمَن عافيْت وتَوَلَّنا فيمَن تَوَلَّيْت، اللهم أصلِح أمر هذه الأمة المرحومة يا رب العالمين وأبرِم لها أمر رشدٍ تُعِز فيه أولياءك وتُذِل فيه أنوف أعدائك ويُعمَل فيه بكتابك وبسُنة نبيك – صلى الله عليه وآله وسلم – ويُؤمَر فيه بالمعروف ويُتناهى فيه عن المُنكَر ويأمن فيه المُؤمِنون والمُؤمِنات.
عباد الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ۩، وأقِم الصلاة.
(انتهت الخُطبة بحمد الله)
فيينا (2/12/2011)
جزاك الله ياشريف النسب
بارك الله بيك احسنت
نحن الحسينيون ما بقينا
جزاك الله خير الجزاء
استاذ عدنان…انت لعنت زيد ..وغيرك لعن سيدنا علي والحسين عليهما السلام ..وغيركم لعن ابو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم ..وكل سلاسلة تلعن الاخر
وجميعكم لاتزيد اعماركم عن 100 سنة وتلعونون اشخاصا فناهم الموت قبل 1400 عام
الى ماذا استندتم من روايات وقصص حتى لعنتم اولائك الأشخاص
انت وانا وكلنا نعلم ان التاريخ والروات تكتب عن طريق البشر منهم صادقون و كثير منهم منافقون من جميع الطوائف والمذاهب
فكيف استطعت تصدقيع ماقرأت انت وغيرك …استحلفك بالله ان تدلني على تاريخ صادق استطيع التعلم منه ؟؟؟؟!!!!!!!
ياسيدي انا بشر لاينفعني لا أبو بكر ولاعمر ولاعثمان ولاعلي ولا اي من الصحابة
ماينفعني فقط هو ان اصلي واصوم واتذكى ولا اسرق ولا أزنى ولا اغتب ولا اسخر ولا اغش ولا اخمر
اظن آن الآوان الخروج من قوقة الماضي وأصحابه وان نتلعم اسلاما يوافق هذا الحاضر الذي نعيش فيه .
ونحرق جميع كتب التاريخ لانها مزيفة …
جميييعها
شاكر لكم جهودكم أن كانت لتوحيد أمتنا الاسلامية المنسية
وإن كان هناك من مراجع علمية موثوقة لتلك الحقائق سواء ما نقلها الدكتور وغيره مما هو أقرب للواقع والعقل أو اثباتات لما هو عكسه فوالله يا أخي أنك صدقت وهذا رأيي دائما ولا أدري لم قد نتعصب ونشغل أنفسنا ونتقاذف ونتناحر وهناك من يدمي نفسه ويجلدها فداء للحسين ولو قام الحسين لبرأ إلى الله من هذا وهناك من يعادي الكل ويحكم ويسب ويكفر من أجل دفاعه عن صحابي أمره بالنهاية لله قد يكون في نعيم أو في غيره ونحن الذين نعيش حقبة بسيطة قد لا تتجاوز السبعين سنة بعد مئات السنين من تلك الحوادث ما زلنا مشغولون بمن قتل من ومن أخطأ بحق من ووالله لن يغني هذا كله عن حسابنا شيئا فلا تزر وازرة وزر أخرى والعاقل من اشتغل بنفسه فقومها بالدين وترك عنه كل هذا الهذر
كم نحن بحاجة لامثالك .
[…] معاوية في الميزان ـ معترضا به على بعض ما ورد في خطبة بين الحسين ويزيد ـ سلام الله على الحسين ورضوانه وبركاته، وثبر يزيد ومن […]
نورالله وجهك يا شيخي الحبيب. علمتني منزلة أل البيت لم اكن اعرف قدرهم من قبل.
احبهم لاني منهم واحبهم حتى وان لم اكن منهم شتان بين من يقبله رسول الله ويوصي به خيرا وبين من يحدث بعده ويشتري الهمم ويبيع الدمم ويسبي الحرائر ويسن سنة سيئة تتوارثها الاجيال في النصب والايقاع بال بيت محمد مالكم كيف تحكمون سنة الحبيب المصطفى لا يزيغ عنها الا هالك ادهب الله عنا الرجس ولا دنس مجالسنا بدكر المعاندين الحاقدين على النبي ومنهجه قبل بعثته وحين تبليغ دعوته والانتقام من دريته بعدان توفاه الله فاي حقد هدا انتبهوا هدا كلامابن الحسين سيد شباب اهل الجنة اللهم لافخر ولا ازكي على الله احد لكن ليكون فيعلم النواصب الدين لا يحتملون دكر ال بيت محمد ويكون وقعها عليهم شديد لما حكمنا كان العفو شيمتنا وقبل ان تحكموا كان المكر وسيلتكم وبعد حكمكم جعلتم من الدم الشريف انهارا ستلقون به الله يوم القيامة معلقا في رقابكم وسيلقى ال بيت محمد ربهم شهداء في سبيل ما تركهم عليه خاتم المرسلين اللهم شفعه فينا
احبهم لاني منهم واحبهم حتى وان لم اكن منهم شتان بين من يقبله رسول الله ويوصي به خيرا وبين من يحدث بعده ويشتري الهمم ويبيع الدمم ويسبي الحرائر ويسن سنة سيئة تتوارثها الاجيال في النصب والايقاع بال بيت محمد مالكم كيف تحكمون سنة الحبيب المصطفى لا يزيغ عنها الا هالك ادهب الله عنا الرجس ولا دنس مجالسنا بدكر المعاندين الحاقدين على النبي ومنهجه قبل بعثته وحين تبليغ دعوته والانتقام من دريته بعدان توفاه الله فاي حقد هدا انتبهوا هدا كلامابن الحسين سيد شباب اهل الجنة اللهم لافخر ولا ازكي على الله احد لكن ليكن في علم النواصب الدين لا يحتملون دكر ال بيت محمد ويكون وقعها عليهم شديد لما حكمنا كان العفو شيمتنا وقبل ان تحكموا كان المكر وسيلتكم وبعد حكمكم جعلتم من الدم الشريف انهارا ستلقون به الله يوم القيامة معلقا في رقابكم وسيلقى ال بيت محمد ربهم شهداء في سبيل ما تركهم عليه خاتم المرسلين اللهم شفعه فينا وحتى يعلم من يهمه الامر انني سني محمدي لامدهبي اشائع اهل بيت محمد فاطمة الزهرء امي ريحانة ابيها صلى الله على ابيها واشائع من بايع وشايع علي ابن ابي طالب ابيواحب حبا شديدا ابابكر الصديق واحب عمر حامي الحمى وعزة الدار المهاجر علنا وعثمان الدي بنى بالنورين بيته الطاهر واشكو الى الله من تعدى حدوده واعتدى في سبيل الجاه والمال اولاائك الدين اشتروا الحياة الدنيا بالاخرة هدا ليتضح الحق فقط لكن اقول وبالله التوفيق ان امتنا ممزقة كل ممزق وحبيبنا بعث ليزرع المودة والالفة في قلوب المؤمنين وليس من المعقول ولا المقبول ان يحرفنا ضالم بضلمه عن الهدف الاسمى وجوهر رسالتنا وانزال الناس منازلهم الطيب طيب والخبيث خبيث شاء من شاء وغضب من عليه غضبه هكدا كان رسول الله والله على ما اقول رقيب هدى الله غير المنصفين