إِنَّ الْحَمْدَ لِلهِ، نَحْمدُهُ ونَسْتَعينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أَنْفُسِنَا وسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وأَشْهَدُ أَنْ لَا إله إلا الله وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سيدنا وَنَبِيَّنَا وَحَبِيبَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ وَصَفْوَتُهُ مِنْ خلقهِ وأمينهُ على وحيه ونجيبهُ من عبادهِ، اللَّهمَّ صلِّ وسلِّم وبارك عَلَيْهِ وعَلَى آله الطيبين الطاهرين وصحابته المُبارَكين المُجاهِدين وأتباعهم بإحسانٍ إلى يوم الدينِ.
عباد الله:
أوصيكم ونفسي الخاطئة بتقوى الله العظيم ولزوم طاعته، كما أُحذِّركم وأُحذِّر نفسي من عصيانه ومُخالَفة أمره لقوله سُبحانه وتعالى:
مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ۗ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ ۩
ثم أما بعد:
أيها الإخوة المسلمون الأفاضل، أيتها الأخوات المسلمات الفاضلات، يقول الله – سُبحانه وتعالى – في كتابه العزيز بعد أن أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ:
فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ ۩ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ ۩ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَٰلِكَ تُخْرَجُونَ ۩ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنتُم بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ ۩ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ۩ وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ ۩
صدق الله العظيم وبلَّغ رسوله الكريم ونحن على ذلكم من الشاهدين، اللهم اجعلنا من شهداء الحق، القائمين بالقسط، آمين اللهم آمين.
أيها الإخوة الأحباب، أيتها الأخوات الكريمات:
كما وعدنا ونحن على وعدنا – إن شاء الله – وإذ نتحدَّث عن تربية الأولاد، من أين ينبغي أن تكون البداية؟ تصفحت اليوم كتاباً على جهة الاستعجال، بعنوان كيف نُربي أطفالنا؟ ووجدت المُؤلِّف قد عمد بطريق المُباشَرة إلى موضوعه، فتحدَّث عن مجالات التربية المُختلِفة، البدني منها والوجداني والعقلي، إلى آخره!
وفي الواقع ينبغي أن تكون البداية من نُقطة دون هذه النُقطة، أي قبل هذه النُقطة ينبغي أن تكون البداية الصحيحة والعلمية – أيها الإخوة والأخوات -، إذ نتحدَّث عن تربية أولادنا ينبغي أن تكون البداية هي من الحديث عنا نحن معاشر الأزواج، وعذراً للذين لم يتزوَّجوا، فهذا الحديث لابد أنه نافع لهم، لأنه سيُشكِّل درساً أو خبرةً مُستسلَفةً، يستسلفونها قبل أن يدخلوا هذا الغمار الطويل المُمتَد والمُرهِق بلا شك أحياناً.
ينبغي إذن أن تكون البداية ليس من الأطفال، وإنما من الزوجين، هذه هي البداية الصحيحة، هذه هي البداية! لأن المحضن الأول والأكثر حساسيةً وحراجةً – أيها الإخوة والأخوات – للطفل هو الأسرة، والأسرة تعني بداءةً أو ابتداءً الزوجين، ثم بعد ذلك يأتي الأطفال، لنتحدَّث عن تربية الأطفال، لكن الزوجين أيضاً لهما تربية، ومن نوع خاص، ومن نوع مُعقَّد جداً وشديد التركيب.
وتربية الأطفال – أبناء وبنات – إنما تعكس طبيعة وكيفية العلاقة بين الزوجين، يقول أحد العلماء الكبار – أعني من علماء النفس – إن الأزواج الأشقياء في الأغلب هم أبناء وبنات أشقياء وشقيات، مَن عاش طفولة شقية لابد أن يكون – إلا مَن رحم الله – زوجاً شقياً، مَن عاشت طفولة شقية مُشوَّهة أو شائهة مُلتاثة لابد أن تكون زوجة فاشلة، إلا ما رحم الله – تبارك وتعالى -، وقليل ما هم.
طبعاً وهذا الحديث له ذيول وشعوب كثيرة جداً، أي حديث التربية بالذات، هنا هذه البداية التي يُمكِن أن تُشكِّل في وعينا أو في مُخيلتنا مُقدِّمة لحديث التربية، أعني تربية الأطفال، مُقدِّمة طويلة، يُمكِن أن أتحدَّث فيها في مئات الحلقات، ولن تنتهي طبعاً، وهذا ليس من قبيل المُبالَغة، هذه هي الحقيقة، في مئات الحلقات ولن تنتهي!
اليوم – مثلاً – سنُحاوِل أن نُعالِج جُزئية واحدة، وأحسب أن هذا هو الأسلوب العلمي الصحيح إذا أردنا أن نتحدَّث عن التربية، قضية التعميم أو أسلوب التعميم الذي نصطنعه للأسف ويصطنعه الكثيرون في حلقات مسجدية وحلقات علمية وسيمنارات Seminars دراسية وحلقات تلفازية، أنا أعتقد أن الجدوى والغناء منها – من هذه الطريقة – قليل جداً، لأنها تتحدَّث بشكل تعميمي وبشكل إجمالي، قد لا يُضيف إلى خبرتنا الكثير، وما يُضاف أيضاً لا يأتي بشكل دقيق، نستطيع أن نضعه في مواضعه، ولذلك في الطريقة الأجدى في تناول قضايا التربية والسلوك أن نتحدَّث عن المُفرَدات، وأن نستغرق في الحديث، وأن نُوعِب فيه الكلام، لعل بعض الفائدة تحدث – إن شاء الله تبارك وتعالى -.
أيها الإخوة:
إذا تأملنا هذه الآية الكريمة من سورة الروم: وَمِنْ آيَاتِهِ – أي الكونية وليس الشرعية – أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۩، يضح لنا أن الحياة الزوجية تقوم على دعائم ثلاث، وهي السكينة والمودة – أي الحُب – والرحمة، وهذه هي الحياة الزوجية الكاملة والمُستقِرة، ونحن سنأخذ جُزئية واحدة، إنها جُزئية المودة، الحُب! لأننا للأسف بحسب مرجعياتنا التقليدية العربية الموروثة نخجل من طرق وتناول هذا الموضوع وما يمت إليه بسبب، وللأسف هذا كلام غير مُبرَّر، لا دينياً ولا علمياً.
وسنتساءل ابتداءً إلى أي مدى يُمكِن أن تستمر الحياة جافة، خالية من الحُب والتناغم الوجداني الحقيقي بين الزوجين؟ حياة يزعم لها كل من الطرفين أنها لا تستمر إذ هي تستمر إلا لأن هناك مسئوليات على كل من الشريكين أو الزوجين أن يضطلع بالقيام بها، وإلا فإن هناك من المُنغِّصات ما ينبغي أن تنتهي معه هذه الحياة! أنا أقول نهاية هذه الحياة مُحقَّقة، إن بالتفكك الجُزئي أو بالتفكك الكُلي، وأنا أدعوه الانفكاك، التفكك الجُزئي هو الذي يحصل في أسر وبين أزواج كثيرين، الزوج في طريق والزوجة في طريق، اللقاءات قليلة جداً جداً، يلتقيان لكنهما لا يلتقيان، يلتقيان ولا يلتقيان، أو يتلاقيان ولا يلتقيان، لا تُوجَد فُرصة للحوار الشائق الذي يبدأ بنعم، الذي يبدأ بالإطراء، أبداً! حتى الحوار للأسف فكرتنا عنه خاطئة، ونحن أيضاً نستسلف هذه الفكرة، حين نتحدَّث عن الحوار نتحدَّث عن حوار لحل مشاكل، وهذه مُشكِلة أيضاً في تفكيرنا، حوار لحل مشاكل! وهذا خطأ، هناك الحوار العادي الطبيعي الذي يُنمي ويشد ويُضاعِف ويقوي ويستثمر، أي العلاقات المعنوية العالية الراقية النبيلة، إن ألطف ما فينا هو أرقى ما فينا، العواطف! حتى علاقتك بالله – تبارك وتعالى – إن لم تكن محكومة بوجدان حي نابض ندعوه الحُب الإلهي فهي علاقة خشيبة وجافة وقد لا يتحصَّل منها الكثير.
ولذلك قال شيخ الإسلام ابن القيم الجوزية أو ابن قيم الجوزية – رحمة الله تعالى عليه – ترى مَن سلك هذا الطريق – أي طريق الله، طريق العبادة، طريق التأله – بصدق وحق مِن ألطف الناس معشراً وأرقهم حاشيةً، يكون شخصاً عاطفياً جداً، حسّاساً، ورقيقاً، لا يُمكِن أن يُؤذي أحداً بكلمة، فضلاً عن أن يُؤذي أقرب المُقرَّبين إليه، إنسان رقيق جداً جداً، يزن الكلمة قبل أن يفوه بها، يزن النظرة، اللمسة، والتطلع، كل شيئ! فضلاً عن المواقف ومُختلَف السلوكات، هذه هي العلامة الحقيقية لحُب الله، كذلك لحُب الآخرين، لحُب الزوجة، ولحُب الأبناء.
على كل حال فأقول المسألة مسألة وقت، والتفكك أو الانفكاك – لا قدَّر الله – آتٍ وجاءٍ لا محالة، التفكك الجُزئي كما قلنا، نوع من الهجر، نوع من الانعزال، حتى البدني، وتستمر الحياة سنين، وبعد ذلك قد تنتهي بالانفكاك، أي بالطلاق، بالانفصال الكامل.
يُحدِّثنا علماء الاجتماع وعلماء النفس والتربية أيضاً عن فترتين حرجتين رئيستين تمر بهما كل زيجة، وهذا حق ومُجرَّب، الفترة الأولى بعد خمس سنوات، ولاحظوا هذا، كل مُتزوِّج ليسأل نفسه هذا السؤال، بعد خمس سنوات تحدث انعطافة حرجة جداً جداً، إما أن يتجاوزها الزوجان وإما أنه تدفع الأسرة الثمن باهظاً مع الطفل الأولى وربما الطفل الثاني أو حتى الثالث أحياناً، لدى العرب بالذات الذين يُحِبون الإنجاب سريعاً ودونما تخطيط مُسبَق، حتى ربما الطفل الثالث، بعد خمس سنوات! لماذا؟ ما هو العامل؟
أول شيئ عامل الملل، الناتج عن الرتابة والروتين وعدم التجديد في الحياة الزوجية في جميع مُستوياتها، والعامل الثاني عدم القدرة على التكيف مع الوضع الجديد، لأن هناك عضواً جديداً، قد دلف وجاء إلى عالم الأسرة، إنه الطفل الأول، وكما قلت لكم قد يكون حتى الثالث في بعض الأحوال التي ليست بخاصة جداً في المشرق العربي وربما في عموم البلدان الإسلامية، عدم القدرة على التكيف مع هذا الوضع الجديد الذي يُرتِّب مسئوليات جديدة.
الفترة الحرجة الثانية بعد عشرين سنة، بعد أن تمر عشرون سنة أو ما يُناهِز العشرين سنة، ليس شرطاً أن تمر عشرون سنة، من المُمكِن أن تمر بضع عشرة سنة، من المُمكِن أن تمر بضع وعشرون سنة، لكن في هذه الحدود، بعد عشرين سنة أو ما يُناهِز العشرين سنة، تتعرَّض الأسرة والحياة الزوجية لزلزال قد يكون مُدمِّراً في حالات كثيرة، وهذا يظهر في الغرب أكثر من الشرق، لاعتبارات أيضاً اجتماعية وثقافية، لا أكثر من ذلك، إذن بعد عشرين سنة أو ما يُناهِز العشرين سنة، لماذا؟ لأن الأبناء والبنات يكونون قد استقلوا بأنفسهم، وربما دخلوا الجامعة، وبعضهم يكون قد امتهن مهنة، وبعض البنات يكن قد تزوجن، إذن نبتت لهم كما يُقال ريوش الأجنحة وطاروا وغادروا المنزل، فيشعر أحد الزوجين أو كل منهما بحاجته إلى التحرر، ليقول كفى، انتهى، هذه نُقطة النهاية، لقد عشت في غُلب، وعشت على أعصابي وعلى عواطفي، على مدى عشرين سنة، هذا كافٍ، فلينته، وليكن ما يكون.
فترتان يتحدَّث عنهما كل علماء التربية والنفس والاجتماع – أيها الإخوة والأخوات -، حرجتان جداً، ما هو العلاج؟ ما هو السبب؟ قضايا كثيرة جداً جداً يُمكِن أن نخوض فيه، لكن – كما قلت لكم – أُريد أن أتحدَّث عن قضية المودة، التي يدعونها الحُب، واللفظ القرآني بلا شك أشرف وأعلى بكثير، ولا مشاحة، الحُب أو المودة.
عالم النفس الفردي بل مُؤسِّس علم النفس الفردي ألفريد أدلر Alfred Adler يُحدِّثنا لدى تشريحه وتفكيكه وتوصيفه لطبيعة العلاقة الزوجية بأن هذه العلاقة علاقة ثنائية، فيها ثنائي غريب جداً جداً، كل من الزوجين يُؤدي دوراً مُزدوَجاً، دور الأب ودور الطفل بإزاء الزوج، هو بإزاء زوجته وهي بإزاء زوجها، يُؤدي دور الأب ودور الطفل في نفس الوقت، يُضفي على الشريك – على زوجه أو على زوجته – الحنان، يُضفي عليها أو تُضفي عليه الحنان، يُضفي عليها الحنان، الرعاية، والحماية، وفي المُقابِل يُعطيها ماذا؟ يُعطيها الحُب أيضاً والمودة، ويطلب منها نفس الشيئ، والقرآن الكريم قد سبق – وقد ذكرت هذا مرة في خُطبة قديمة – إلى تقرير هذه الحقيقة النفسية، وهي مُعقَّدة، ليست بسيطة، ليست بسيطة لأنها ثنائية، ليست واحدية، حين قال لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم ۩، قال بَيْنَكُم ۩، القضية قضية ماذا؟ بين، أي هي قضية تفاعلية، يُمارِسها كل الأطراف أو كل من الطرفين، أي الزوجة والزوجة في نفس الوقت.
الزوج أحياناً يُريد من زوجته بل في كل الأحيان أن تُشعِره بأنه الطفل المُدلَّل والمحبوب والذي تُلبى رغائبه، رهن الإشارة! وفي نفس الوقت يُريد أيضاً أن تشعر هي بحمايته لها، وبأنه الأقوى، وبأنه الأعلى، مع أنها حين تُعطيه هذا الحُب على أنه طفل تُؤكِّد أنها الأعلى وأنها الأقوى، إذن قضية مودة أو حُب ورحمة، والرحمة تكون من الطرف القوي، لا يُقال إن الضعيف يرحم القوي أو إن الصغير يرحم الكبير أبداً، القوي هو الذي يرحم مَن دونه، والقرآن عبَّر عن هذا، رحمة حتى منها ورحمة حتى منك، مودة منها ومودة منك، في نفس الوقت! نُمارِس هذا الدور المُزدوَج.
بلا شك أن أكثر الزيجات تبدأ بالمودة، تبدأ بالحُب، بالعكس! كل خطيبين يفعلان هذا، ونستثني زيجات الإكراه، التي تكون بالإكراه، بإكراه البنت بالذات وأحياناً حتى الشاب لاعتبارات اجتماعية للأسف، الآن بحمد الله أنا أعتقد أننا بدأنا نتحلل من هذه الموروثات الرديئة، حتى المُجتمَع العربي بعامة بدأ يتعالى وبدأ يتحلل من هذه الموروثات الرديئة، من هذه الموروثات الرديئة المعلولة، أبداً! الآن البنت لها خيار.
بالأمس كنت في جلسة، وبنتان لسيد فاضل من إخواننا تُناقِشناه الحساب نقاشاً طويلاً في مُنتهى الروعة، وأنا كنت في مُنتهى السعادة، في مدى حدود حرية البنت المُتاحة لها في اختيار زوجها، وقد ردا على أبيهما وجهة نظره، من حيثية مُعيَّنة، واستكان الرجل، لم يجد بُداً، وكان مغلوباً أمام وجهتي نظر ابنتيه، هذا نصر ساحق، كنت سعيداً جداً، وقلت له أنا الآن أشعر بالطمأنينة، أشعر بالطمأنينة حين يكون لدينا بنات لديهن مثل هذه القدرة أن تُناقِش أباها باحترام وتجلة وإكرام لكن بمعقولية وأيضاً على خلفية علمية ودينية في نفس الوقت، إنهما يبغيان الخير لأنفسهما، ويبغيان أن يمهدا لزيجة وحياة زوجية مُستقِرة، قلت له أنا لا أخاف على مثل هؤلاء البنات.
بالمُناسَبة في دراسة نفسية اجتماعية أمريكية مشهورة – قبل أكثر من عشر سنوات تقريباً على ما أذكر – ثبت أن مُستوى أو نسبة أو مُعدَّل الانحراف السلوكي وبالذات في الناحية الجنسية بين الشباب والفتيات يتناسب عكسياً مع ماذا؟ مع مُستوى الثقافة والتعليم، حتى في المُجتمَعات المُتحلِّلة الغربية إذا كانت البنت مُتعلِّمة تعليماً راقياً وتستطيع أن تُحقِّق أهدافها التعليمية والتربوية فهذه تكون لديها ثقة أكبر بنفسها، ومن الصعب جداً أن تجود بنفسها لأي ذئب في الشارع أو في المدرسة أو في الجامعة، من الصعب جداً! والعكس يحدث كلما انخفض مُستواها التعليمي ومُستواها الثقافي، والمُستوى التعليمي والثقافي ليس معناه أن يكون لديها شهادة، كلا! أن تكون لديها القدرة على المُثاقَفة، على الأخذ والعطاء، على الحوار الإيجابي، على التجديد في أفكارها وفي مواقفها، هذه هي القضية، هذه هي! ليس مُجرَّد شهادة، أنها أنهت التعليم الجامعي، أبداً! وقد تكون جاهلة، لأن هناك أيضاً من الأساتيذ والأستاذات مَن يكون ومَن يكن جهلة وجاهلات، فالقضية ليست قضية شهادة، لا! قضية وعي، قضية إدراك، وقضية ثقافة مُنفتِحة حقيقية، بمرجعيات راسخة ومأمونة وعتيدة – إن شاء الله -، هذه هي القضية.
على كل حال نحن بدأنا نتحلل من هذا الإرث المعلول ومن هذا الإرث الرديء، وهذا شيئ حسن وجيد جداً – بحمد الله -، وحظنا وحظ أولادنا – حظ بناتنا وحظ أبناءنا – سيكون أفضل بكثير من حظ الأجيال السالفة المُتصرِّمة – إن شاء الله تعالى -.
وقد قال الإمام عليّ في كلمته المشهورة والعبقرية في آن، قال لا تحملوا أولادكم على أخلاقكم، فإنهم خُلِقوا لزمان غير زمانكم، التطور سُنة الحياة، التغير سُنة الحياة، فلا يأت رجل لكي يقول لم نعتد هذا، لم نتعلَّم هذا، ومَن قال لك إن ما اعتدت عليه هو المرجعية المُطلَقة؟ لماذا؟ إن ما اعتدت عليه ربما في سبعين في المائة لا يخرج عن كونه مُجرَّد عادات وتقاليد، وأحياناً رديئة – كما قلت – ومعلولة، أي لا تُساوي شروى نقير، والدين منها بريء، الإسلام منها بريء، وأنت لا تدري، لكن للأسف نحن نرتهن الإسلام إلى مثل هذه العادات والتقاليد الرديئة والمريضة.
أعود إلى النُقطة المُهِمة، لا شك أن كل الزيجات تبدأ بخطوبة – أي فترة خِطبة – مُوفَّقة وناجحة، باستثناء زيجات الإكراه، وكل من الطرفين يزعم أنه وجد شريك حياته الذي كان يحلم به عبر سنوات المُراهَقة، هو هذا! فلماذا يستحيل الأمر بعد ذلك – بعد فترة من السنين، بعد مُدة من السنين -؟ شيئ طبيعي، وكل الزيجات تتعرَّض لهذا الشيئ، هنا يلعب النُضج العاطفي والنفسي الدور الرئيس، النُضج العاطفي – الــ Emotional maturity – والنُضج النفسي يلعب الدور الرئيس، إذا لم يكن الزوج أو الزوجة أو كل منهما، إذا لم يكن ناضجاً عاطفياً وناضجاً نفسياً ففعلاً قد تزلزل أركان الحياة الأسرية، وبعد ذلك تكون مُهيأة للتداعي الكامل، وهذا يحدث أيضاً في حالات كثيرة.
ما معنى النُضج النفسي أو النُضج الذهني أو النُضج العاطفي؟ معناه أن يتحكَّم الإنسان في عواطفه ووجهات نظره ومواقفه وردود أفعاله وأفعاله بالمُستوى الذي يليق مع عمره الزماني، قد يقول بعض الناس هذا يتصف به كل الناس، بالعكس! قليل من الناس مَن يتصف بهذا، لأن بعض الأزواج يكون في الثلاثين من عمره – في الثلاثين، وهذه ليست فترة بسيطة، فترة الخامسة والثلاثين هي فترة الــ Midlife، أي مُنتصَف العمر، أليس كذلك؟ هذه الخامس والثلاثون، انتهى! انتصف العمر، كم بقيَ من العمر؟ -، وبعضهم يكون في الأربعين، وبعضهم للأسف يكون في العقد الخامس حتى من عمره، ويُمارِس ما يُعرَف بالنكوص، الــ Regression، أي النكوص! وهو حيلة نفسية دفاعية، حين لا يستطيع الإنسان – أنا هنا لا أتحدَّث عن الأزواج، عن الناس بشكل عام، عن الإنسان بشكل عام – مُواجَهة موقف ما والتكيف معه بشكل ناضج – كما قلت يعكس مُستوى يليق بعمره الزماني – فإنه يرتد، إلى ماذا؟ إلى تقمص سلوكات ودوافع وتصرفات تليق بمُستوى عمري سابق، أي ما معنى أن يأتي الزوج أحياناً أو الابن الكبير أو الزوجة ليبكي في موقف مُعيِّن؟ أتبكي؟ هل هذا لائق بك الآن؟ أأنت تبكي؟ وللأسف أحياناً يبكي أمام زوجته، ويحسب أنه يستدر عطفها، إنه يستدر وسائل تدمير الأسرة من هذه الزوجة، إنه يقضي على شخصيته أمام زوجته، أنت لا تبكي من خشية الله ولا تبكي شوقاً إلى الله ولا تبكي مصائب المُسلِمين، أنت تبكي ضعفك وعجزك وعدم قدرتك على التكيف مع هذه المُصيبة أو مع هذا الوضع أو مع هذا المُتغيِّر الجديد، وهذا Regression، أي هذا نكوص، هذا مقبول من الطفل، الطفل حين لا يستطيع أن يتكيَّف فإنه مُباشَرةً ينزع ويصطنع وسيلة ماذا؟ البكاء، فيحُقِّق رغبته، يضغط على الآخرين، هذه وسيلة ضعط، نعم هذا مقبول جداً وسائغ من الطفل وفي حدود أيضاً، مقبول في حدود، غير مُبرَّر أن يكون أسلوباً دائمياً، لكن أن يتخذه الناضج ورب الأسرة والزوج فلا، الزوجة مقبول منها نسبياً، ولكن أيضاً للأسف ليس كما تفعله – أقول بصراحة – المرأة العربية، للأسف! التي تصطنع هذا الأسلوب النكوصي بشكل تقريباً شبه دائمي، تخلد مُباشَرةً إلى البكاء والعويل، أسلوب غير ناضج، لا يُوجَد نُضج انفعالي، هذا يعني أن هناك لا يُوجَد نُضج انفعالي في التعامل مع الموقف الجديد، هذا خطأ، وهذا يتهدد الأسرة.
هذا أول شيئ، إذن درجة النُضج الانفعالي والنفسي مُهِمة جداً جداً، فليبحث كل منا عن ماذا؟ عن نُضجه، وقد يقول فات الأوان، نحن لا نُؤمِن بهذه المقولة إطلاقاً، للأسف تصوراتنا ومفاهيمنا تُقيِّدنا، تصوراتنا ومفاهيمنا وألفاظنا وتعابيرنا وتوصيفنا للأمور تقيِّدنا دائماً، وهذه قضية حسّاسة جداً جداً، أي لها بُعدها النفسي، لها بُعدها الاجتماعي، ولها بُعدها اللُغوي، لأن هذا الموضوع بالذات – كيف تُؤثِّر التصورات والكلمات والتعابير والتوصيفات اللُغوية الدلالية على شخصية وعلى مواقف الإنسان؟ – بالضبط هو موضوع علم جديد، اسمه علمه النفس اللُغوي، علم كامل يدرس هذه القضية.
أحد العلماء الكبار – من أصل جرماني – مكث سنتين وحده، انسحب من الحياة العلمية والاجتماعية بالكامل، وجلس في صومعته أو في بيته أو في مكتبته سنتين، لا يُقابِل الناس، لا يتعاطى مع الحياة مُطلَقاً، هل تعرفون لماذا؟ أراد أن يُدرِك إلى أي حد تتحكَّم فيه الكلمات والتعابير، إلى أي حد تتحكَّم في المُصطلَحات، إلى أي حد تتحكَّم فيه الدوال اللُغوية كما يُقال، وبعد سنتين خرج على العالم العلمي والأكاديمي ليزعم أنه الآن والآن فقط صار مُقتدِراً أن يستخدم اللُغة لتُعبِّر عنه وليس كذي قبل حين كانت اللُغة تستخدمه لتُعبِّر عن دلالاتها الزائفة، وضع خطير، هذه قضية فلسفية عميقة جداً جداً.
لو أردت أن أُبسِّط هذه القضية الفلسفية اللُغوية الاجتماعية النفسية بما يُدعِّم موضوع اليوم أو موضوع الحلقة اليوم لقلت الآتي، وطبعاً بعض الناس يقول هذه خُطبة أم مُحاضَرة؟ سمها كما تُريد، أنا لا يعنيني أن تكون خُطبة وأن تستكمل عناصر الخُطبة التقليدية، أنا يعنيني الفائدة، يعنيني أن يتحوَّل كلامنا ومعرفتنا إلى شيئ يُمكِن أن نُحسِّن به من أوضاعنا، من حياتنا، من علاقاتنا، ومن سلوكاتنا، هذا الذي يعنيني، القضية الأُخرى لا تعنيني كثيراً.
لو أردنا أن نُدعِّم به ما نحن بصدده لقلنا الزوج حين يقف – مثلاً – من زوجته موقفاً أو هي أيضاً منه ليقول هي عنيدة، هي مُشاكِسة، هي ليس فيها خير، مُستواها التعليمي مُتدنٍ، شخصيتها غير ناضجة انفعالياً، سلبية، مُسرِفة، ولا مُبالية، إلى آخره! هل هذه الدلالات أو الدوال والكلمات والتعابير والتوصيفات تعكس حقاً شخصية المرأة؟ يُمكِن أن تعكس جُزءاً نزراً يسيراً جداً منها، في حين أنه تقوم في نفس الوقت بماذا؟ بتقزيم ومسخ شخصيتها ضمن ما تدل عليه هذه الدوال وهذه العبارات فقط، لتطمس باقي أجزاء الصورة، كل الأجزاء الإيجابية في شخصيتها تكون مطموسة، وبالتالي أنت ترى زوجتك من خلال مُعادَلتك الشخصية كما يُقال، أي الــ Personal equation، ما معنى مُعادَلة الشخصية أو المُعادَلة الشخصية؟
هذا الاصطلاح نشأ في الأول في علم الفلك، أي في الأسترونومي Astronomy، حين كان يُوجَد لدينا مُراقِبان يرصدان نفس الحدث – الــ Event – الفلكي في نفس الوقت وبنفس الوسائل، لكن تأتي النتائج والحسابات مُختلِفة، لماذا؟ لعوامل عدة، كان على رأسها ومن أهمها هذا العامل، ما هو؟ زاوية النظر ووجهة النظر التي يُرصَد منها الحدث، إذن أنت ترى في زوجتك ما تُريد، أنت تخلق منها ما ترغب، لماذا؟ لتُبرِّر سلوكك العنيف أو الإرهابي أو الإقصائي أو التجاهلي أو التحقيري الاستهزائي أو رد فعلك أيضاً على سلوكها، بأنه عنيدة، مُشاكِسة، ناشز، لا خير فيها، مُتدنية، مُسرِفة، كذا، كذا، كذا، وكذا، إلى آخر القائمة! وهي تفعل نفس الشيئ، كل منكما ينظر إلى الآخر عبر مُعادَلته الشخصية، وهذا خطأ علمياً، إذن لابد أن تُحاوِل أن تتسلَّح بنظرة موضوعية، وهذه النظرة الموضوعية لا تأتي بوعظ كالذي أعظه الآن، لا تأتي بأن أقول سأُقرِّر أن أتعامل مع زوجتي بموضوعية، لن تستطيع، الأمر يُريد مُجاهَدة، ويُريد وعياً علمياً، ويُريد مُمارَسةً، ويُريد إدراكاً، والمسألة طويلة وعملية، أي Practical، ليست فقط قراراً اللحظة والآن كما يُقال، لا! هي عملية، وتتطوَّر مع السنين، وهي التي تعكس نُضجك، هي الــ Index، هي مُؤشِّر نُضجك العقلي والذهني والانفعالي.
ما هو المُؤشِّر الأول للنُضج – لنُضج الشخصية انفعالياً ووجدانياً -؟ هل تعرفون ما هو؟ القدرة على الإحساس بالآخر، هكذا يقول كل علماء النفس، القدرة على تفهم الآخر، بلُغتي أنا أقول القدرة على فهم الآخر ضمن مشروطيته، هذا تعبيري، لأنني أعتبر أن كل شخص كالمُجتمَعات سواء بسواء لابد أن يُدرَس ضمن سياق مشروطيته، ما معنى المشروطية؟ أن الشخص ليس علىّ أن أُحاسِبه أو أن أُقوِّمه وأن أزنه، بماذا؟ بميزان ما فعل، هذا خطأ، مع أننا كلنا نُمارِس ذلك، يُقال هو فعل ذلك، هو قال ذلك، هي فعلت ذلك، هي طلبت الطلاق، هي أهانتني، هذا يحدث! يحدث يومياً هذا في كل الأسر وفي كل الزيجات، ليست هذه القضية، ليس هذا هو نهاية الدنيا أو ليست هذه هي نهاية الدنيا، لكن لابد من الدراسة ضمن المشروطية، لِمَ قالت ذلك؟ في أي حالة نفسية كانت؟ ربما تكون مريضة، وربما تكون مريضة بمرض مُزمِن، ربما تكون لم تر أهلها مُنذ سنتين أو مُنذ ثلاث سنين، والمرأة عاطفية جداً جداً، ومُرتبِطة بأهلها وبأسرتها، لأنها مُغترِبة هنا لم ترهم مُنذ ثلاث سنين، وأنت لا تشعر بهذا على أنه شيئ كبير، لأن تأثيره عليك النفسي أقل بكثير من تأثيره على المرأة، أن تغيب عن والديك وأهلك وإخوانك وأخواتك عشر سنين أقل بكثير تأثيره من أن تغيب امرأة عن أهلها ثلاث سنين، أنت لا تستطيع أن تتفهم ذلك، لا تُريد أن تتفهمه، غير داخل في الحساب، غير داخل في النقاط، أي في حساب النقاط عندك، وهذه أيضاً مُشكِلة، هذه مُشكِلة!
ضمن المشروطية حالتها النفسية – كما قلت -، حالتها البدنية المرضية، وحالتها المادية، بعض الأزواج يقول ماذا تُريد؟ كل شيئ مُوفَّر لها! للأسف بعد عشر سنين لم يستطع أن يفهم أن كل امرأة – ولا أستثني – تحتاج دائماً مصروف جيب خاص بها، بالإضافة إلى أنك تأتيها بالنفقة وبالأكل وبالشرب والتلفزيون Television والفيديو Video والستالايت Satellite والسيارة الفارهة، هي تحتاج إلى مصروف جيب خاص بها، كل شهر عليك أن تُعطيها مبلغاً من مال، أعطها مائة يورو أو خمسين يورو – مثلاً -، هذا يعتمد على دخلك وعلى مُستواك المادي، لماذا؟ حتى تحفظ لها ماء وجهها، حتى تحفظ لها كرامتها، العُنصر الأساس في كل العلاقات – ليس علاقات الزوجين وإنما كل العلاقات – ما هو؟ الاحترام، كل واحد منا يُخاطِب الآخرين باحترام، يفعل هذا حتى حين يكون مُتملِّقاً، حين يكون مُنافِقاً، وحين يكون مُزيِّفاً، بالملق يقول لهم أحتاج إلى احترامكم، أحتاج إلى انتباهكم، أحتاج إلى اعتباركم، وأحتاج إلى تقديركم، لا نشعر هذا بإزاء الزوجة – مثلاً – للأسف الشديد، يقول ماذا تُريد؟ ماذا ينقصها؟ لماذا تشكو؟ لماذا تصم الزوج بالبخل؟ هي لا تصمه بالبخل لأنه لا يُعطي ولا يُهدي، هو حتى ربما يُهدي، لكن هي تُريد المال الخاص بها، حتى إذا احتاجت إلى شراء هدية صغيرة لإحدى صديقاتها فعلت دون أن تبذل ماء وجهها لك، وتكون خجلى، لأنك قد ملأت المُجمِّد وملأت الثلاجة وملأت المطبخ بالأمس بالأغراض والمُشتريات، تكون حرجة جداً ومُحرَجة أن تقول لك أعطني اليوم، لابد من هذا، هذه أشياء صغيرة – كما يُقال – لكنها تدعم العلاقة، وتدعم الحُب والمودة، دون أن تُكلِّفنا الكثير، وهي بسيطة جداً جداً جداً، لكن نحن لا ننتبه إليها.
قضية مُهِمة أيضاً في قضية المودة، كما قلت – الآن ذكرتها على التو – الاحترام، التقدير، الاعتبار، والانتباه، هذه قضية مُهِمة جداً جداً، كثير منا أيضاً يُفرِّط فيها، الانتباه! الانتباه مُؤشِّر الاحترام، أليس كذلك؟ يستحيل أنك تُعامِل صديقك الذي تُجِله وتحترمه بدون انتباه، كأن يتكلَّم هو وأنت تُصغي إلى التلفاز – مثلاً -، كأن يتكلَّم هو وأنت تقرأ شيئاً مُعلَّقاً، مُباشَرةً هذا قد يُؤدي إلى غضب وإلى توتر وإلى شرخ في العلاقة، جرح! تجرح شعور صديقك، لكن أنت لا تفعل ذلك كثيراً مع أصدقائك، وتفعله تقريباً بشكل شبه دائم مع الزوجة، قد تترك الحديث معها للحديث مع أصغر طفل أو مع أي صديق أو للرد على أي مُكالَمة تليفونية، باستمرار! لأن هي زوجة، ما معنى زوجة؟
أيها الإخوة:
اقرأوا هذه الآية الكريمة، التي يصف الله – تبارك وتعالى – فيها الزوجة بأنها الصاحب بالجنب، فكَّرت فيها اجتماعياً ونفسياً، ما دلالة أن يصف الله الزوجة بأنها صاحب بالجنب؟ صاحب! ووصلت إلى شيئ عجيب، ووجدت علماء النفس يُقرِّرون هذه الحقيقة، لكن القرآن الكريم – سُبحان الله – زاخر وموجود، لكن نحن نقرأه بعيون فقيرة، بعيون أصابها العشى، لا نستطيع أن نستخلص الخُلاصات الحقيقية المُثمِرة، الصاحب بالجنب، دلالة هذا التعبير أن بعد فترة من الزواج – وهي فترة لن تطول أكثر من خمس سنوات، خمس سنوات وأقل – يغدو عنوان الزوجية ليس كافياً لاستمرار الحياة السعيدة الهانئة، عنوان الزوجية أنني زوج وهي زوجة غير كافٍ، كيف هو غير كافٍ؟ غير كافٍ، الوضع يقول هذا، ولن يشفع لهذه الأسرة أنكما مُجرَّد زوجان، قد يختل كل شيئ كما قلت، وتتزلزل الأركان، وينتهي الأمر إلى الانفكاك الكامل، لابد من عنوان آخر يُضَم إلى الزوجية، لتستمر الحياة هانئة وادعة فرحة مُبتسِمة مُقبِلة وحيوية، ما هو العنوان؟ الصُحبة، أن تتخذ من زوجتك ليس مُجرَّد زوجة، وإنما أن تتخذ منها صاحباً، صديقاً، وجرِّب بالله عليك أيها المُسلِم بكل تواضع، بكل رجولة، وبكل نُضج نفسي وإدراكي، جرِّب أن تُعامِل زوجتك فوق أنها زوجة كصديق، احترمها كما تحترم صديقاً مُحترَماً، كيف ستكون الحياة؟ والله – أنا أحلف – ستختلف بالكامل، والله ستختلف بالكامل، هناك الاهتمام، أول ما تتقضاه هذه الصداقة – العنوان الثاني للزوجية – ما هو؟ الاهتمام، الاهتمام الحقيقي الصادق، وليس الزائف، اهتمام حقيقي، كاهتمامك بصديقك.
ثورنتون وايلدر Thornton Wilder في مسرحيته الشهيرة Our Town – أي مدينتنا – استطاع أن يُبلوِر مشهداً في مُنتهى الروعة، الفتاة الصغيرة إميلي Emily حين تُوفيت – توفاها الله أو تُوفيت – ووُضِعت في قبرها جاءها الملك، لكي يُخبِرها أن أمامها فُرصة أن تعود يوماً واحداً فقط إلى الحياة الدنيا وتُمارِس مُتعتها كفتاة صغيرة بارئة طاهرة، فاختارت أن تعود في يوم عيد ميلادها الثاني عشر، ومكَّنها الملك الرحيم – هذه مسرحية أمريكية مشهورة تُعرَض إلى الآن – أن تفعل ذلك، وهبطت بجناحين علويين من سقف البيت الجميل، حيث يسكن الأبوان وأخٌ، وهي في رداء عيد الميلاد الأبيض الجميل، وشعرها يتمايس حيويةً وحياةً، ولكنها حين نزلت وجدت أمها مشغولة جداً بتحضير كعكة عيد الميلاد، ألقت عليها التحية، فلم تأبه بها، طبعاً أنت تفهمون كيف هي القضية، أنها من عالم آخر، والدلالة لشيئ آخر، وهو الاهتمام والانصراف، لم تأبه بها، لأنها مشغولة، وأما أبوها فحين تعرَّضت له كان يحمل ملفاته وحساباته المالية الكثيرة، وهو مُستغرَق بالكامل، أيضاً فلم يشعر بها، أما الأخ الصغير فقد كان يعيش في عالمه الخاص بالكُلية، ولم يخطر على باله أن يُلقي نظرة على ما حوله، يمشي هكذا في عالمه الخاص، فشعرت بالمهانة، وشعرت بالحُزن والكآبة يعتصران فؤادها الصغير الغض الطري، حاولت مرة أُخرى يائسة، فأقبلت إلى أمها وقالت يا أماه، انتبهي لي، الحظيني ولو لدقيقة واحدة، لكن الأمة لا زالت تُحضِّر الكعكة، وتضع عليها الرتوش واللمسات الأخيرة، وحملقت البنت حين وقفت في المسرح – هكذا هي المسرحة – إلى السماء العُليا، في مُنتصَف خشبة المسرح حملقت بعينيها الوادعتين الحزينتين إلى السماء العُليا، وقالت خذوني من هنا، خذوني! بعد أن نادت انظر إلىّ أيها الشخص، يا أي شخص انظر إلى، ولو للحظة واحدة، ولم ينظر إليها أحد، قالت خذوني، آسفة، قد نسيت، كم صعباً أن يكون الإنسان إنساناً! أن يعيش في الأرض إنساناً مع الذين لا يفهمونه، لا ينهمون به، لا يهتمون به، لا يُعطونه اعتباره.
هل تعلم أيها الزوج وأيتها الزوجة أيضاً أن من اللمسات العبقرية والتي لا تُكلِّف شيئاً لمسة الاعتراف والإطراء والثناء؟ الزوجة التي تطبخ لك وتصنع الحلويات وتغسل الملابس وتُجيد كيها وتُرتِّب البيت وتُعنى بالأطفال و… و… و… والقائمة طويلة جداً، أتظن أنها لا تحتاج ويومياً إلى كلمة إطراء؟ سلَّم الله يديكِ، ما أحسن هذا الطعام! ما أروع هذه الحلوى! ما أحسن هذا الكوب من الشاي! بارك الله فيكِ، لا حرمني الله منكِ، مُهِم جداً هذا الشيئ، وأيضاً لا تكتف بالثناء والاعتراف بشكل Verbal، أي لا تكتف به صوتياً وكلامياً، عليك أن تُمارِس ذلك عملياً، كيف؟
للأسف نحن أيضاً كعرب نحسب أن المرأة – وهذا أيضاً من الخطأ في فهم مُعادَلة الآخر النفسية كما يقول علماء النفس – بحُكم تكوينها النفسي الذي نُسقِط عليه تكويننا نحن النفسي الرجولي الذكوري تحسب النقاط بطريقتنا نحن في حساب النقاط، وهذا خطأ كبير، خطأ كبير! نحن نحسب النقاط تفضيلياً، نحسب النقاط تفضيلياً، ما معنى ذلك؟ أي حين يُهديني صديقي – مثلاً – شيئاً بقيمة خمسة آلاف يورو لا أنسى له هذه القضية، وحين يُعطيني محرمة كهذه أنسى بمرور الوقت، هذا يُنسى مع مرور الوقت، يأخذ كلمة الشكر كما هي العادة، ومع السلامة، أليس كذلك؟ هكذا يفعل الرجل، المرأة تختلف، ولذلك أنا سأقول لكم حاولوا أن تكتشفوا المرأة، فيها جوانب أكثر من رائعة، وأروع بكثير من بعض جوانب الرجل، رائعة جداً جداً جداً، لكن تجاهل أو جهل هذه الجوانب – وكلاهما مُصيبة، التجاهل أكثر مُصيبةً طبعاً، إذن جهل أو تجاهل هذه الجوانب – هو الذي يزرع الديناميت Dynamite في أُسس الحياة الزوجية، ليُفجِّرها بعد حين، دون أن تفهم أنت أيها الجاهل أو المُتجاهِل لماذا تم ذلك، لأنك لا تعرف، وأنت تظن أن الحياة الزوجية كالتربية أيضاً، تسير تلقائياً وميكانيكياً، لا! غير صحيح، كل شيئ يحتاج إلى علم وإلى دراسة وإلى إفادة من خبرات الآخرين ومن تجاريب العلماء ومن دراساتهم ومن أبحاثهم، لماذا إذن العلم؟ لماذا المعرفة؟ لماذا المُجتمَع؟ لماذا التعاطي مع الآخر؟ للأسف هذه مُنطلَقات خاطئة في التعامل.
على كل حال فمثلاً هذه الطريقة في إسقاط تكويننا النفسي بكيفياته على تكوين المرأة النفسي تجعلنا نظن أن علينا أن نُوفِّر أموالنا وجهدنا وبحثنا في المحال التجارية وغيرها لمرة وحيدة أو مرتين في السنة على أقل تقدير لكي نأتي المرأة بهدية فارهة عظيمة، بألفي يورو – مثلاً -، سوار كبير من ذهب، مُعلَّقة بهدية كبيرة، أو شيئ من هذا القبيل، ما الذي سيحصل؟ المرأة ستعد ذلك لك نُقطة، فقط! هكذا يقول كل علماء النفس، نُقطة، إنها نُقطة واحدة، المراة تحسب النقاط لا تفضيلياً، هكذا! تحسبها حسابياً، نُقطة! أتيتها بسيارة فتعتبر هذه نُقطة، أتيتها بسوار ذهبي فتعتبر هذه نُقطة، أتيتها بقالب صغير من الشيكولاتة بمُناسَبة مُعيَّنة أو بغير مُناسَبة لأنك فضَّلت لها هذا الشيئ وأحببت لها هذا الشيئ فتعتبر هذه نُقطة، إذن عليك أن تُدرِك أن من واجبك ومن حذاقتك الزوجية أن تُكثِر عدد النقاط، مخزون الحُب كما يقول أحد خبراء علم النفس العائلي وهو أمريكي، مخزون الحُب أنت ستُسرِّع بملئه بهذه النقاط، أليس كذلك؟ لكن حين تُعطيها نُقطة أو نُقطتين في السنة سيحتاج الأمر إلى خمسين – إن شاء الله -، حتى تكون الحياة انتهت، أرأيت؟ وهكذا!
إذن عليك أن تُمارِس دائماً لا أقول واجب – هذا ليس واجباً – وإنما مُتعة الاستثمار عاطفياً مع شريك الحياة، مع الزوجة، مُتعة الاستثمار! أنا أعلم طبعاً أن هناك أشياء كثيرة – كما قلت لكم -، هناك ألف موضوع يُمكِن أن يُطرَح، ألف موضوع! وكل موضوع يُدلِف إلى موضوعات كثيرة، سيقول أحدهم فاقد الشيئ لا يُعطيه، أنا لا أشعر بهذا الحُب أصلاً تُجاهها بعد الذي فعلته وبعد تجربة عشرين سنة، ما شاء الله هو كان الكامل وهو كان المثالي! أنا أخشى فكرة الكمال، أخاف من فكرة الكمال، إنها فكرة مُروِّعة مُخيفة، فكرة الكمال مُخيفة جداً، فكرة الكمال تقود إلى النقص، فكرة الكمال تعني العجز، تعني السلبية، وتعني التكبيل، إذا ظللت تنشد الكمال فستكون الناقص، ولن ترى في الطرف الآخر إلا النقص، كمال ماذا؟ الكمال للكاملين، في الحياة الزوجية لا يُطلَب الكمال، يُطلَب الانسجام، يُطلَب التناغم، حتى تناغم النقائص مُمتاز جداً، هو يُشكِّل كمالاً في الأخير، تناغم هذه النقائص يُشكِّل كمالاً، يُشكِّل سيمفونية Symphony أو معزوفة من أروع ما يكون! لكن فكرة الكمال تدّعي أنك خبرتها عبر عشرين سنة، وفي الحقيقة أنت لم تخبرها، أنت قزَّمتها لُغوياً، تصورياً، ومخيالياً، حين كنت ولا تزال تُصِر على أن تصفها بهذه الكلمات، بأنها كذا وكذا وكذا وكذا وكذا، وفي الحقيقة أنت قزَّمت صورتها، مسخت شخصيتها، وأنت مُعتقَل للُغة الزائفة، هذه لُغة زائفة، أن تحكم على إنسان بأنه أناني أو جاهل أو مُتدني المُستوى أو مُسرِف أو كذا أو كذا أو كذا، أبداً! هذا نوع من وقوعك في عقال وفي شرك اللُغة، الأمر يختلف عن ذلك تماماً، وخبرة شخص آخر تحتاج إلى وسائل أكثر رهافةً وأكثر تعقيداً في نفس الوقت حتى تخبره، وأكثر انفتاحاً على الآخر، كما قلنا لكم مُؤشِّر النُضج النفسي الحقيقي هو مدى الشعور بالآخر، هل تعلمون أن كلاً من الزوجين -المرأة والزوج كذلك أيضاً بلا خلاف، هما سيان في هذا الأمر – قد يغتفر للآخر أنه لم يحتمل ولم يستطع أن يمتص ثورة غضبه في لحظة نزق أو في لحظة طيش – قد يحتمل له ذلك، نعم! ثارت الزوجة فثار الزوجة، وحدثت مُصيبة، ضرب أو عدوان أو سب أو طلاق، قد تغفر له ذلك، لكنها أو هو أيضاً لكنه لن يغفر الآتي – في حين أن كلاً منهما لن يغفر للآخر تجاهله لسعادته؟ حين يكون سعيداً بإنجاز مُعيَّن، حين يكون سعيداً بعمل مُعيَّن، وأنت تتجاهل هذا، كأن تقول فكان ماذا؟ جيد – مثلاً – أنكِ عملتِ هذا، لن تغفر لك ذلك، وأنت أيضاً لن تغفر لها، انظروا! على عكس أيضاً ما نتوقَّع من الفروق، أبداً! لابد من مُشارَكة الآخر في فرحته وفي إنجازه، لماذا؟ لأن الفرحة بالإنجاز تعني ماذا؟ تعني بطريقة أُخرى طلب الاعتبار والتقدير والاعتراف، أنني نجحت في هذا الشيئ، تعترف لي، اعترف! ما الذي يمنعك أن تعترف؟ عدم النُضج النفسي، فقط هذه هي القضية، عدم النُضج النفسي يمنعك أن تعترف للأسف، الموروثات والخلفية السيئة التي نتسلَّح بها وتُقوِّض كل أركان الاستقرار والسعادة والحُب والزوجية.
إذن هذه هي المسألة، أشياء كثيرة يُمكِن أن نُواصِل فيها الحديث في حلقات أُخرى – إن شاء الله تبارك وتعالى -، لكن أنا في نيتي ألا أُواصِل هذه الخُطب التربوية بشكل مُتسلسِل، لا! سأفصل دائماً بين كل خُطبتين بخُطبة من نوع آخر، حتى لا نقع أيضاً في شرك الملل أو الرتابة بطرح نفس الموضوعات.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(الخُطبة الثانية)
الحمد لله، الحمد لله الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون، ويستجيب للذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله والكافرون لهم عذابٌ شديدٌ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، صَلَىَ الله – تعالى – عليه وعلى آله الطيبين وصحابته المُبارَكين وأتباعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين وسلَّم تسليماً كثيراً.
أما بعد، أيها الإخوة:
يُؤسِفني أن أكون أنا المُعلِن لكم أو لبعضكم عن هذا الخبر الأسيف، لوفاة فضيلة الشيخ الداعية والمُجاهِد – إن شاء الله – في سبيل رفعة الإسلام في الجزائر الجريحة النازفة، فضيلة الشيخ الداعي محفوظ نحناح، الذي نرغب إلى الله وندعوه – سُبحانه وتعالى – أن يُوسِع له في رحمته، وأن يُنزِل على قبره وثراه شآبيب المغفرة والرضوان، وأن يتقبَّل منه أحسن ما عمل، ويتجاوز عن سيئاته في أصحاب الجنة، وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ ۩، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
أيها الإخوة:
فيما يتعلَّق بموضوعنا هذا – كما قلنا في الخُطبة السابقة – أنا آمل أملاً كبيراً في مُحاوَلة أن نتبادل الأفكار والخبرات والتجاريب، لأن كلاً منا له خبرته وله تجربته أيضاً بسلبياتها وإيجابياتها، وهذا الهاجس – هاجس التربية، سواء تربية أنفسنا أو تربية مَن نعول ومَن جعلنا الله تبارك وتعالى في موقع المسئولية عنهم، هذا الهاجس كبير كما قلت وكما تعلمون – لا يُمكِن أن يُتعاطى معه وأن يُتفاعَل معه في شكل حلقة أو حلقتين أو خُطبة أو خُطبتين أو مُؤتمَر دعاية أبداً، هذا الهاجس مُمتَد ودائم ولا ينتهي إلا بنهاية الإنسان، أي إلا بنهاية حياة الإنسان.
ونحن مُحاوَلتنا – إن شاء الله – إنما هي مُجرَّد مُحاوَلة للتأسيس العلمي للتعاطي مع هذه القضية الحسّاسة والحرجة جداً، قضية التربية، السلوك، والتعامل، بكيفياتها المُتعدِّدة، فلذلك على كل منا ألا يبخل بأي تجربة، بأي حتى دراسة، بأي وعي، وبأي استخلاص وصل إليه، ألا يبخل علينا وعلى إخوانه به، ولذلك نحن – إن شاء الله – ربما في الأسابيع المُقبِلة سنُحاوِل أن نُرتِّب حلقات مُوسَّعة يوم السبت – بإذن الله -، تمتد ساعتين وثلاث وأربع ساعات، لكي نتبادل هذه الخبرات والاستخلاصات وعبرة التجاريب التي مارسها كل منا.
أسأل الله – تبارك وتعالى – أن يُعيننا على ذلك، وأن ينفعنا وينفع بنا، ويُصلِحنا ويُصلِح بنا.
اللهم اهدِنا واهدِ بنا، اجعلنا مفاتيح للخير، مغاليق للشر، يا رب العالمين.
اللهم إنا نسألك ونبتهل إليك بالدعاء والضراعة أن تفتح علينا بالحق وأنت خير الفاتحين، اجعلنا هُداةً مُهتدين، غير ضالين ولا مُضِلين.
اللهم انصر الإسلام وأعِز المُسلِمين، وأعل بفضلك كلمتي الحق والدين، اللهم مَن أراد بالإسلام وبالمُسلِمين خيراً فكُن له خير مُعين ونصير، ومَن أراد به وبهم شراً فخُذه أخذ عزيز مُقتدِر، وعاجله بعقوبة من عندك، تجعله عبرةً للمُعتبِرين وشماتةً للشامتين، فإنهم لا يُعجِزونك، إلهنا ومولانا رب العالمين.
عباد الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ۩، اذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه يزِدكم، وسلوه من أنعامه يُعطِكم، وقوموا إلى صلاتكم يرحمني ويرحمكم الله.
(20/6/2003)
أضف تعليق