“يقول الشيخ أحمد الشرباصي مذهب أخلاقي اجتماعي نفسي له منشأه وتاريخه وأسلوبه وطريقته” هذا ما استهل به الدكتور أحمد العرفج حلقته إلى جانب طرح بعض الأسئلة حول التصوف والزهد.
تحدَّث عن التصوف من حيث الاشتقاق، وقال إن كلمة التصوف مُشتَقة وإن جنح بعض العلماء كعبد الكريم بن هوازن القشيري إلى أنها لقب غير مُشتَق، لكن هناك مذاهب كثيرة في اشتقاقها.
أضاف أن منهم مَن قال التصوف مُشتَق من الصوف، وقال إن هذا هو المشهور والذي تُساعِد عليه قواعد اللُغة، لأن تصوف مثل تقمص، فتقمص تعني لبس القميص، وتصوف تعني لبس الصوف، وقد عُرِف عنهم لبس الصوف لأنه زهيد ورخيص فضلاً عن أنه لا يبلى، وهذا معروف عن الرُهبان عموماً، وهذا القول رجَّحه الكثير مثل شيخ الأزهر عبد الحليم محمود، العلّامة زكي مُبارَك، وكثيرون.
أضاف أن منهم مَن قال إنها منسوبة إلى الصفة، أي صفة مسجد رسول الله التي كانت تُؤوي زُهاء خمسمائة من فقراء الصحابة، ومنهم مَن قال إنها مُشتَقة من الصفات، لأنهم حريصون على أن يتصفوا بالصفات السنية، ومنهم مَن قال إنها من الصف، يُشيرون إلى الصف الأول، فهم يجتهدون بحيث يكونون لجهة المُحاضَرة من الله في الصف الأول، ومنهم مَن قال إنها من الصفاء، وكل هذا لا يُساعِد عليه الاشتقاق.
قال إن التاج السُبكي ذكر عن أبيه تقي الدين السبكي أنه كان يقول الصوفي مَن لزم الصدق مع الحق والخُلق مع الخَلق، وأنشد لأبي الفتح البُستي بيتين رائقين:
تنازع الناس في الصوفي واختلفوا وظنه البعض مشتقاً من الصوف.
ولست أمنح هذا الاسم غيرَ فتىً صفا فصوفي حتى سمي الصوفي.
أضاف أن البيروني قال الصوفية مأخوذة من كلمة يونانية وهي Sophos، التي منها Philosophy، أي حب الحكمة، ومنها السفسطة، فالسفسطة Sophismهي مذهب الحكمة.
علَّق على الرأي السابق قائلاً إنه غريب ولا يُساعِد عليه أشياء كثيرة، ولذا المُستشرِق الكبير تيودور نولدكه Theodor Noldeke زيَّف هذا الرأي.
تحدَّث عن تعريف الصوفية، وأثنى على قواعد التصوف للعلّامة أحمد زروق الذي قال لقد حُدَّ ورُسِم وفُسِّر التصوف بأكثر من ألفي وجه، تدور كلها على تطهير وتمتين العلاقة مع رب العزة، مُشيراً إلى وجود مئات التعاريف في حلية أبي نُعيم.
قال إن بعضهم جعل التصوف يدور على معاني خُلقية، فالكتان قال التصوف خُلق فمَن زاد عليك الخُلق زاد عليك في التصوف، ومنهم مَن قال هو الدخول في كل خلُق سني والخروج من كل خُلق ردي، لكن بعضهم قال إن مداره على الزُهد.
أوضح أن الصوفي لابد أن يكون زاهداً لكن بالمعنى الشرعي والصحيح للزُهد، فليس بالضرورة أن يكون فقيراً مُملِقاً.
ذكر أن سهل عبد الله التستري قال الصوفي مَن صفا مِن الكدر وامتلأ من الفِكر وانقطع إلى الله مِن جميع البشر، وذكر أن منهم مَن قال هو الجد في السلوك إلى حضرة ملك الملوك.
ذكر أن الروذباري قال عن الصوفي إنه مَن لبس الصوف على الصفا وأذاق الهوى طعم الجفا وكانت الدنيا منه على القفا ونهج سبيل المُصطفى، وذكر أن ذا النون المصري قال مَن إذا نطق أبان عن الحقائق ومَن إذا سكت نطقت عنه الجوارج بقطع العلائق، أي أنه مُنقطِع إلى الله ومُتوجِّه إلى الله بالكُلية، قطع كل علائق التعلق بالسوى، أي بما سوى الله.
أوضح أن التعريفات كثيرة، وقال كلها تدور على الصفاء، التنفية، المُتابَعة السنية لصاحب الشريعة المُصطفوية، والجد في العمل، مُشيراً إلى أن هذا التصوف السُني الذي ندعمه وينقصنا كثيراً.
أضاف أن باسم التصوف دخلت عقائد زندقية وكفرية فضلاً عن سلوكات إباحية مُخيفة.
ذكر أن عبد الواحد يحيى – الفيلسوف الفرنسي ريني غينون René Guénon الذي دخل الإسلام وتصوَّف – كان يقول عن كلمة الصوفي هي تسمية رمزية، وأضاف أنها بحساب الجُمل تُساوي كلمة الحكيم الإلهي، وهذا اتفاق عجيب، فصوفي تُساوي بحساب الجُمل مائة وست وثمانين، ومائة وست وثمانون هي حساب جُمل الحكيم الإلهي.
أوضح أن الصوفي هو العارف بالله، وقال إن أكثر مَن يسمع كلمة العارف لا يفهم معناها الحقيقي، فالعارف بالله ليس مَن عرف الله فقط، بل مَن عرف الله وبالله عرف كل شيئ، وإليه الإشارة بحديث الولي: ولا يزال عبدي يتقرَّب إلىّ بالنوافل حتى أُحِبه، فإذا أحببته أصبحت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يُبصِر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يسعى بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذ بي لأعيذنه، وما ترددت عن شيئ ترددي عن قبض نفس عبدي المُؤمِن، يكره الموت وأكره مساءته، ولابد له من الموت.
قال الزهد لُغة مادة كما قال أحمد بن فارس في مُعجَمه – مُعجَم المقاييس – تدور على القلة، يُقال شيئ زهيد أي قليل، قال الله وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ ۩، ومادة زهد لم ترد في كتاب الله إلا في هذا الموضع، وهذا لا يعني أن الزهد أصله يهودي كما قال المُستشرِق اليهودي المجري جولدتسيهر Goldziher، فاليهود لم يكونوا يوماً من الزاهدين على عكس النصارى الذين عندهم رهبنة.
أوضح أن الرجل المُزهِد هو الرجل قليل المال، وقال إن هناك أحاديث مشهورة عن رسول الله في الزهد، أقلها بلفظة الزهد وأكثرها بالمعنى، فإذا كان الزهد هو التخفف من الدنيا أو استخدامها وإن كانت كبيرة في سبيل المهد للآخرة فلدينا عشرات الأحاديث وعشرات الآي القرآنية التي تنص على هذا.
ذكر قول النبي ازهد في الدنيا يُحِبك الله وازهد فيما أيدي الناس يُحِبك الناس، وقال إن هذا الحديث له نظائر.
ذكر أن بعضهم قال الزهد هو الانصراف عن الدنيا طلباً للآخرة، وقال إن الموقف الشرعي من الزهد ليس كذلك، فالإمام الغزّالي وهو من الزاهدين ورؤوس العارفين المُتصوِّفين لم يفهم الزهد على هذا النحو، فيُمكِن أن تكون من أغنى الناس وأنت من الزاهدين، وكان يقول سُليمان بن داود في مُلكه كان زاهداً.
تحدَّث عن الزهد استناداً على الآية الكريمة وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ ۩ وقال إن حقيقة الزهد لا تكون إلا بأن تملك، لذا هو ليس مع تعريف الإمام سحنون الزهد ألا تملك شيئاً وإلا يملكك شيئٌ، فالزهد الحقيقي بحسب معايير الكتاب والسُنة هو أن تملك الدنيا ولا تملكك الدنيا، تكون الدنيا في اليد ولا تكون في القلب، لكي تبتغي بها بعد ذلك وجه الله، نعم المال الصالح للرجل الصالح.
قال الإيمان شطران: صبر وشكر، فمَن ليس عنده الكثير يكون شكره منقوصاً، ومن هنا اختلافهم الكبير حول السؤال الذي يقول أيهما أفضل: الفقير الصابر أم الغني الشاكر؟ ويتضح من بعض الأحاديث أن الغني الشاكر له فضل كبير لكن هذا ليس القول الفصل.
قال الزهد هو الرغبة عن شيئ رغبةً في شيئ أعظم منه، فالرغبة عن المال لا تعني إحراقه وإنما التصدق به وإنفاقه وما إلى ذلك، فالجنة ثمينة ولابد من دفع أثمانها ومهورها.
عرض الدكتور أحمد العرفج مُداخَلة للشيخ عبد الله فدعج، قال فيها عن هذا العلم إنه علم مظلوم وعلم مجهول، ولذلك اختلط فيه الحابل بالنابل.
قال التصوف الذي أعرفه شخصياً هو التصوف السلوكي التربوي فضلاً عن التصوف الفلسفي العقلي، والتصوف منه ما هو حقيقي وصحيح ومنه ما هو غير حقيقي وغير صحيح، فالتصوف الحقيقي يختلف عن الشعوذة والدجل.
أضاف أن التصنيف في هذا الموضوع تصنيف مقيت، فلا ينبغي تقسيم الأمة إلى سلفية ومُتصوِّفة وما إلى ذلك، فهذا لن يزيد في الأمة إلا شرذمة وغثائية، وتمنى أن تُساهِم هذه الصحوة في تجلية هذه الأمور وأن تُجمِّع أكثر مما تُفرِّق، وتمنى أن يأخذ المُعارِض الأمور بهدوء وعلى مهل، مُشيراً إلى وجود أخطاء عند المُتصوِّفة مثلما تُوجَد أخطاء عند السلفية، لكن لا ينبغي أن تُجيَّر هذه الأخطاء على هذا العلم أو هذه الفرقة بشكل عام.
أثنى الدكتور عدنان إبراهيم على المُداخَلة، وقال إن الشيخ أنصف فيها وكان هادئاً، وهذه سمة عامة في رجال التصوف.
أوضح أن من ثامن المُستحيلات وليس سابعها أن يُوجَد في جماعة داعش صوفي واحد.
قال أوافق على جُملة ما جاء في المُداَخلة، لكن التصنيف بحد ذاته ليس عيباً وليس معرةً، فهو يأتي لاعتبارات مُعيَّنة.
قال يُمكِن أن تجد فقيهاً كبيراً ويكون صوفياً، وقد يجمع إلى الفقه علوماً أُخرى كالكلام وغيره، فالحافظ السيوطي كان صوفياً وهو جمّاع لعلوم الشريعة واللُغة، وكذلك الحال مع حُجة الإسلام الغزّالي.
أضاف أن العيب يكمن في التعصب والنبز بالألقاب، كأن يُشاع عن الصوفي أنه مخبول ومُشعوِذ ونصّاب ودجّال، وكذلك الحال مع السلفية والوهابية والشيعة والأشعرية وإلى آخره، فالتعميم جريمة، لا يُقبَل لا علمياً ولا شرعياً.
أوضح أنه لا مشاحة في الاصطلاحات، فمَن لا يُحِب التصوف يُمكِن أن يُسميه تزكية النفس، مُشيراً إلى أن تزكية النفوس هي جوهر الشريعة، هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ ۩، قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا ۩، قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى ۩، فيُمكِن أن نُسميه علم تزكية النفوس أو علم السير والسلوك كابن تيمية الذي كان صوفياً، لم يكن صوفياً طرقياً لكنه كان صوفياً بأكثر من معنى.
قال سيرة وكُتب العالم الجليل الخطير ابن تيمية يعلم أنه كان صوفياً بمعاني كثيرة، مُشيراً إلى أنه كان يحترم الصوفية المُشترِعين المُتسنِنين، فلم يحدث أنه ذكر عبد القادر الجيلاني إلا وقال الإمام القدوة أو القدوة الجيلاني أو قُدِّس سره أو قدَّس الله سره.
أضاف أن الإمام الغزّالي سمى التصوف الجانب العاطفي في الإسلام، وقال بعضهم سماه التربية الروحية في الإسلام، فضلاً عن عدد من التسميات، فالمُهِم ليست التسمية وإنما تحقيق ما تحت اللفظ والعنوان، كما قال ابن جني العرب إذا أحكمت المعنى تساهلت في الألفاظ.
أشار إلى أن بعضهم يقول لو فكَّرت في التصوف لعلمت أنه الغاية الحقيقة من التدين، وقال أنا أوافِق على هذا، فنحن لدينا إسلام ثم إيمان ثم إحسان، وهذا الترتيب ورد في حديث جبريل المشهور، الإحسان هو أن تعبد الله كأنك تراه وهذا مقام المُشاهَدة فإن لم تكن تراه فإنه يراك وهذا مقام المُراقَبة، فالتصوف هو اجتهاد لكي تصل إلى مقام الإحسان، ولذا حين أتى أحدهم إلى ابن عمر ليخطب ابنته وهو يطوف بالكعبة غضب وقال له أتيتني في هذه الساعة ونحن نتراءى ربنا؟!
ذكر حديث حارثة وقال أن النبي علَّق قائلاً عبدٌ نوَّر قلبه، عرفت فالزم، وقال إن حارثة كان شاباً صغيراً – في حدود العشرين – لكنه عاش وكأنه يرى عرش ربه بارزاً، وهذه طريق التصوف.
أعطى تمثيلات وتنويعات بلُغة الموسيقى على الموضوع، وقال الإسلام شريعة، الإيمان طريقة، والإحسان حقيقة.
أضاف أننا قرآنياً لدينا: علم اليقين، عين اليقين، وحق اليقين. وضرب مثالين، الأول عن رجل سمع بالعسل لأول مرة وأخذ عنه فكرة سماعية فهذا علم اليقين، ثم رآه لأول مرة وهذا عين اليقين، ثم أخذه منه وذاقه وهذا حق اليقين، والمثال الثاني عن رجل سمع بقصر ما فهذا علم اليقين، ثم رآه وهذا عين اليقين، ثم دخله وهذا حق اليقين.
قال في الأدبيات الصوفية التركية يقولون: شريعة، طريقة، وحقيقة. فالشريعة هي ما لك لك وما لي لي، الطريقة ما لك لك وما لي لك أيضاً، والحقيقة لا لك ولا لي، كلٌ لله.
أكَّد على أن التصوف شيئ جميل، وقال هو لُغة الروح.
عرض الدكتور أحمد العرفج فيديو الحلقة وهو للشيخ الحبيب الجفري، قال فيه الإمام النووي في شرح صحيح مُسلِم إذا أرد أن يمدح أحد شيوخ السند فإنه يُلقِّبه بالصوفي، وابن القيم الجوزي ترجم في كتابه صفة الصفوة – واسمه أيضاً صفوة الصفوة – لأكابر أئمة التصوف، وكذلك الحال مع الذهبي في سير أعلام النبلاء.
أضاف أن الذي كان عليه السلف الصالح هو تعظيم هذا الاسم وجعله مدحة، وقال يُمكِن الرجوع إلى كلام ابن تيمية وابن القيم ومَن مثلهما، فلو قرأ الإنسان هذا الكلام لما قبل كلام المُتجرئ على الصوفية.
أثنى الدكتور عدنان إبراهيم على فيديو الحلقة، وقال إن صفة الصفوة لابن الجوزي هو مُختصَر لحلية الأولياء لابن نُعيم.
تحدَّث عن التصوف السُني والتصوف الفلسفي، وقال إن الذي نشأ في البداية هو حركة زُهدية وكان زُهداً إسلامياً صرفاً قوامه الكتاب والسُنة، وفي تلك الفترة لم تكن كلمة التصوف أو الصوفي معروفة، وهذا مُهِم من ناحية علمية ومن ثم يجب أن نكون حذرين جداً من نسبة بعض الأقوال إلى الإمام الشافعي والتي لا يُمكِن أن تثبت بالتحقيق العلمي، مثل:
فقيهاً وصوفياً فكن ليسَ واحداً فَإني وَحَقِّ اللَّهِ إيَّاكَ أَنْصَحُ.
فذلك قاسٍ، لم يذق قلبه تُقى وهذا جهولٌ، كيف ذو الجهل يصلحُ؟
أضاف أن كثيراً جداً مما في ديوان الشافعي لم تثبت نسبته، وكذلك الحال مع بعض الكلمات التي تُنسَب إلى الإمام مالك، مثل مَن تفقه ولم يتصوف فقد تفسق، ومَن تصوف ولم يتفقه فقد تزندق، ومَن جمع بينهما فقد تحقق.
قال أول مرة استُخدِم فيها مُصطلَح الصوفية أو كلمة الصوفي بالطريقة المعروفة كان في كتابات الجاحظ، قال الصوفية نُساك.
أكَّد أن الزهد في البداية كان مُتشرِّعاً، واهتم به الكثير مثل الحسن البِصري وأضرابه فضلاً عن سُفيان الثوري.
قال مع نهاية القرن الثاني بدأ التصوف يتميَّز من الزهد، وفي هذه الفترة تُرجِمت علوم الأوائل، لكن هذا التصوف بدأ دينياً.
ذكر أن هناك مشابه بسيطة لاحظها الدارسون مثل العلّامة مُصطفى كامل الشيبي بين لُغة الفلسفة البدائية وخاصة عند الكندي وبين لُغة المُتصوِّفة الأوائل.
قال في التصوف السُني الأول كان لدينا مدرسة بغداد، على رأسها معروف بن الفيرزان الكرخي الذي قال عنه الذهبي قبر معروف ترياق مُجرَّب، وبعد ذلك جاء السري السقطي وابن أخته أبو القاسم بن محمد الجُنيد المُسمى بشيخ الطائفة والذي قال طريقنا هذه مُشيَّدة على الكتاب والسُنة، لا يفتح لأحد إلا بمتابعة النبي.
أشار إلى ترجمة العلوم ودخول ضروب من الزندقة، فالزندقة كانت حركة معروفة في ذلك الوقت لتفريغ الشريعة من معانيها، وأضاف أن الجُنيد لما قيل له ها هنا أُناس يقولون إنهم بالعبادة والزهادة والذكر قد وصلوا فسقطت عنهم الفرائض – إسقاط العبادة عن أهل الولايا – قال نعم وصلوا ولكن إلى سقر، هذا عظيم والذي يقوله شرٌ عندي من الذي يزني ويسرق ويشرب الخمر.
أوضح أن مَن يرتكب الكبائر هو عاصٍ ويبقى في خطر المشيئة إن لم يتب، لكن مَن يقول الصلاة غير مفروضة وشرب الخمر حلال هو كافر.
ذكر أن أحمد بن أبي الحواري كان من هذه المدرسة السُنية فضلاً عن أبي سُليمان الداراني الذي قال ربما وقعت النُكتة من كلام القوم في قلبي، أتوقَف، لا أقبلها حتى يشهد لها شاهدا عدل: الكتاب والسُنة، ولذلك الأمير هو الشرع والمأمور هو التصوف، فالشرع هو الحاكم.
قال بدأ الانكسار مع المدرسة الفارسية التي تُوصَف بوجود شيئ من الغنوص والغيبة عن الحس، من أعلامها أبو يزيد البُسطامي والحُسين بن منصور المعروف بالحلّاج والمقتول بفتوى مُعظَم علماء بغداد، فلم يُوجَد إجماع، لأن بعد التحقيق نجد أن الذين حكوا الإجماع بالغوا،
قال إن الحسين بن منصور الحلّاج كان حلولياً، فهو عنده عبارات حلولية.
ذكر الدكتور أحمد العرفج مقولة حدَّثني قلبي عن ربي لأبي يزيد البُسطامي فقال الدكتور عدنان إبراهيم إن هذه المقولة ليست عظيمة، ابن تيمية عنده كلام مثل وفي مجموع الفتاوى يُوجَد باب: القلب المعمور بالتقوى إذا رجَّح بمُجرَّد رأيه فهو ترجيح شرعي.
أضاف أن شيخ الإسلام استشهد كثيراً بعبارة شاه بن شجاع الكرماني التي تقول مَن عمَّر ظاهره باتباع السُنة المُحمَّدية وباطنه بدوام المُراقَبة وأكل الحلال وابتعد عن الشهوات والشُبهات لم تكد تُخطيء له فراسة بإذن الله.
قال أحد أكثر تعريفات التصوف جراءة قول مَن قال التصوف أوله فتون وأوسطه جنون وآخره كُن فيكون، مُشيراً إلى أن البعض يُكفِّر مَن يقول هذا الكلام، وهذا ليس شرطاً، فابن القيم وابن تيمية عندهم تحقيقات ماتعة في هذا، ويُروى عن صُهيب الرومي أنه قال ما أكرم ربنا لو أطعناه ما عصانا.
قال إن ابن القيم ذكر قصة عن موسى حين كان يرعى للشيخ الصالح – شُعيب في المشهور – الغنم مُلخَّصها أنه استيقظ فزعاً من نومه بعد أن غفل عن شائه وإذا بالذئب يرعاها، فقال يا رب ذئبٌ يرعى الغنم! قال يا موسى كُن لي كما أُريد أكن لك كما تُريد.
أكَّد على أن اللُغة جسورة، وقال التشوهات بدأت مع هذه الأفكار الإباحية والحلولية التي تعني أن الله يحل – والعياذ بالله – في العبد وهذه فكرة نصرانية.
قال هناك أفكار تُؤدي إلى استباحة المُحرَّمات ووضع الطاعات من المفروضات وهذه زندقة، مُشيراً إلى أن بعض الناس يُمارِس هذه المُعتقَدات إلى اليوم لكنهم قلة، ولذا قال لمَن يغتر بهم احذروا احذروا احذروا مليون مرة – والله العظيم – لأنكم قد تخرجون من الدين دون أن تدروا وتُخلَّدوا في جهنم دون أن تعلموا.
تحدَّث عن التصوف الفلسفي وقال إنه ظهر في مُنتصَف القرن الثالث الهجري مع ذي النون المصري “ثوبان بن إبراهيم” الذي تأثَّر بالأفلاطونية المُحدَثة Neoplatonism، نسبة إلى أفلوطين Plotinus، واشتد هذا التأثر في القرنين السادس والسابع الهجري مع كتابات مُحي الدين بن عربي الحاتمي الطائي في الفتوحات وفي فصوص الحكم بالذات ومع عبد الحق بن سبعين.
قال الحلّاج عنده اعتقاد بالوحدة Pantheism، أي وحدة الوجود، وهذا ظاهر في كُتبه، مُشيراً إلى أن هذه فكرة هندية تأثَّر بها البعض مثل شهاب الدين السهروردي وعبد الحق بن سبعين.
أوضح أن أخطر ثلاثة مزالق في الصوفية على الإطلاق هي الوحدوية، الحلولية، والإباحية، وقال هذه الملاحظ الخطيرة موجودة في كُتبهم بشكل واضح، ولا نستطيع أن نُكابِر على هذا.
طلب الدكتور أحمد العرفج تغريدة الحلقة لأن الوقت تضيّق والموضوع طويل وكُتِب فيه أكثر من مائتي كتاب، مُشيراً إلى أن الغرب اهتموا بفكرة الصوفية، فقال الدكتور عدنان إبراهيم إن الغرب اهتم كثيراً بالصوفية لأنه مادي وهذه الفكرة تنقصه، ثم ذكر التغريدة وهي حلِّقوا إلى الله بجناحين: الشريعة والحقيقة.
أوضح أنه أراد بالشريعة الإسلام والإيمان، وأراد بالحقيقة الإحسان.
لا أعلم و لا أعرف ما الذاكرة، لكني أتذكرها بآستمرار، و أتسائل بآستمرار بلا آنقطاع لما نتكلم؟ في عمق كل جواب عمر مديد من الأسئلة، و في صدر كل عالم أوجه من الذاكرة … المختلطة بالأزمنة الحاملة لمعان الزمان و المكان، لا فائدة من البحث عن الذاكرة لأنها في كل مكان، و لا فائدة من الكلام لأن الألم لن يخلق (لغة )أخرى رغم أنه نجح في أن يصنع الإنسان. هذا يأس مبرر يختصر عمر الإنسان رغم أن آبتكار اللغة ليس بالشيء المعجز … لكن النطق هو الإشكال … لا نتألم بعقولنا لكن بقلوبنا و من القلب يتكلم الإنسان لا من اللسان …. و ما الذاكرة إلا خدعة حار فيها الإنسان …. إنه الألم …الطريق الطويل، اللغة الحية، الصوت الواضح الجلي، النائب عن الزمان …..
عذرا …. وقع خطأ … هذا ليس تعليقا …. إنها كلمات لم يكن من المفترض كتابتها هنا..أردت حذفها و لا توجد إمكانية حذف التعليقات.