وأنا أقرأ بعض ردود الأفعال على قرار هيئة كبار العلماء بالسعودية بالتحذير من الدكتور عدنان ابراهيم أصبت بالذهول ـ وهذه ليست المرة الأولى التي أصيب فيها بالذهول طبعا – من الدوغمائية والغوغائية والتحجر الفكري والمعرفي الذي وصل بالبعض الى رمي الدكتور بالزندقة والعمالة وغيرها، وما أسرعنا نحن العرب والمسلمين برمي كل من لا يعجبنا رأيه بالزندقة والكفر والنفاق والعمالة، عوض طرح اجتهادات الدكتور ـ أو غيره ـ للنقاش الحر الذي يحتكم الى الحجة واحترام الإختلاف والاستفادة من الآخر.
أنا هنا لست بصدد الدفاع عنه رغم أنني من متتبعيه، على أن معظم الاتهامات في حقه مجحفة وشخصية لا تدحض أي اجتهاد قدمه بطريقة علمية تناقش الأفكار لا الأشخاص.
للإنصاف، وهذا رأيي، هو باحث مجتهد ومفكر اصلاحي له فكر موسوعي في التراث الاسلامي، الفلسفة الغربية والاسلامية، والعلوم الغربية كالفيزياء والبيولوجي، وأنا شخصيا استفدت منه كثيرا. بعض اجتهاداته صادمة، ولكن الرجل أتى بحججه بطريقة علمية، قد يصيب ويخطئ أو ربما يقع في التناقض فهو إنسان.
أما عن دعوة الدكتور للمناظرة فهي في نظري أسلوب حضاري بعيد عن نهج الاتهامات ورمي الآخر بالجهل والضلال، من أجل تبيان صحة الاجتهادات التي أتى بها من عدمها. هناك من يزندقه ويتهمه بالضلال، وهناك من يرى فيه مفكرا بارعا قل نظيره، وهذا الانقسام حوله هوما يدعو للموضوعية في مناقشة أفكاره من غير تحجر فكري وسب وشتم وقذف.
نحن نقفز إلى أحكام واستنتاجات مسبقة دون أي بحث أو تنقيب فكري منبعه البحث عن الحقيقة ـ التي تبقى نسبية ما دمنا بشرا ـ والصدق، خاصة إذا تعلق الأمر بأفكار تخالف السائد. أنا لم أجد التجسيد الفعلي لمفهومي الوسطية والاعتدال الذي لطالما سمعناه على أفواه رجال الدين. الوسطية، الاختلاف، التنوع، الحوار البناء، احترام الآخر، التواضع (الفكري) وغيرها من القيم الانسانية النبيلة، كلها كلمات تردد دائما، وقليلون من يترجمونها فعليا.
أود أيضا أن أقول أن الخطاب الاسلامي، في معظمه، فشل في هذه العقود الأخيرة فشلا ذريعا في ارساء المفاهيم الآنف ذكرها، بسبب الحصرية والانغلاق والدوغمائية، اضافة الى اختزال الدين في الشكليات بعيدا عن جوهر الدين الأخلاقي والروحي والانساني، والا كيف نفسر ما يحدث في مجتمعاتنا من غش وزور وكذب وافتراء على الآخر ونفاق اجتماعي وازدواجية رهيبة في معالجة الأمور لا تجد معظمها في المجتمعات الغربية، على الرغم من انتشار رجال الدين في هذه العقود الأخيرة في مجتمعاتنا كالنار في الهشيم. المشكل اذن في الخطاب الديني السائد والتدين الطقوسي وليس في الدين. وهذا موضوع آخر.
فأعلم أنه إن تعرض للأذية بالكلام لأنه..
“شخص متميز مثمر ناجح ”
حفظه الله ورعاه وجزاه وإيكم خير الجزأء ،